عن الطيب صالح أحكي لك (رسائل إلى عزة)..

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-12-2024, 04:40 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-27-2012, 01:52 PM

عبدالغني كرم الله
<aعبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عن الطيب صالح أحكي لك (رسائل إلى عزة)..

    ....

    إلى حبيبتي عزة


    عن الطيب صالح أحكي لك..(1)





    عزة الأميرة السمراء

    خميس طيب، وجمعة مباركة...

    سأحكي لك عن ابن بار، من ابنائك، حكى عنك بصدق، وأحب ترابك، وهام بك هيام العارف الصالح، هيام من يعرف قدرك، ويعرف عزتك، فمن جهل العزيز لا يعزه، فعزاك، عرف قدرك المقدود في اناسك البسطاء، وما ينطوي عليه صدرهم من سر الأصالة، وبركة الفحولة، فصورهم بقلمه الفريد، تصوير من يفهم ويتذوق حقيقتهم المخفية، حتى على الحكام والحكماء، أنه بطل التصوير للبسطاء، من يأبه لموسى الأعرج؟ والزين؟ وعشمانة الطرشاء غيره؟ من ياعزة السمراء، الأصيلة.

    عزة، سأحكي لك عن ابنك البار الطيب محمد صالح، المشهور بالطيب صالح، ود عشة، ومحمد صالح، هذا الرجل الذي جعل من الزين ومحجوب وزينب بت العريبي وعشمانة الطرشاء ابطالا في نظر العالم أجمع، لم؟ لأنه من الرجال الذين يعرفون قيمة الانسان، وكرامته في الأرض مهما كان سمته أو لونه، أو جنسه، فأحترم تلك الذوات، وفجر حكمتها وفطرتها، فأشعت كقبس في سماء الكون، فسحرت شخصياتهم الكون كله، رغم بساطتها، وتلك عبقرية ابنك الطيب صالح.

    عزة الرؤوم..

    حكى، الشاعر النحات، مايكل انجلو، عن المواطن التي يرى فيها الملائكة، وسحرهم، وأجنحتهم البديعة، وصوتهم الذي تحاكيه موسيقى بني آدم، وتخفق خجلة، ومن العجب أنه لم يرهم في تخوم السماء، بل تحت قدميه، قال: (أبصرت ملاكا في ركام الصخرة، ولم أفعل شيئا..سوى أن نحت، ونحت..إلى أن خلصته).
    كذلك فعل الطيب صالح، رأى حياة كاملة، خصبة، في بلدة بسيطة، قرية شمال الوطن، لا تعرف هل خلق الله شكسبير أم لا، ولم يتذوق أهلها مسرات الشعر الهندي، ولم تؤرق مضجعهم حجج الفلسفة اليونانية، حول العلة، والمعلول، ولا منابر جدل بين قبائل الساسة، كما لم يزعجها رنين أجراس المدارس، بل تنام القرية كلها، في أسرة خشبية صنعت من شجر حقولهم، ومع صياح آخر ديك، تلتحف السماء، وتفترش الثرى، وتتوكل على الحي القيوم، وتغرق في سر السبات، سر النوم الهنئ ، ومع هذا (ولم لا)، ظل العرس الذي خطه قلمه، بل نحته أزميله العبقري، قائما، في تلك القرية، وفي العالم أجمع لأكثر من نصف قرن، تسمع زغرودة عشمانة الطرشاء، تتسلل من رف المكتبة في نيروبي، أو من تحت مخدة ناقد بلجيكي، أو حين تتصفح الكتيب الصغير، الكبير، الذي تضعه قربك كتعويذة حب، وأنشودة فرح فطري، زغرودة يسمعها العرب، والزنج، والعجم، بكل لغات الأرض..
    جعل الطيب صالح، من الزين البسيط، الساذج، النحيف (كعود يابس، أو جلد معزة جاف)، ومن عزة بنت العمدة، (والتي انتعش جمالها كنخلة صبية حين يأتيها الماء بعد الظمأ)، ونعمة، الممتلئة كعود قصب السكر، زغرودة خالدة. كما جعل من لمة أطفال، عند البير، الذي يسقي عطش البلدة، وخرافها، وطيورها، لوحة تخلب لب العباد، في أرجاء المعمورة، تلك هي عبقرية أن ترى الكمال في كل خلية، من خلايا الكون (تشعر بأنه حي، حتى الجماد، والشجر والغروب، تنبض مثل قلوب بني آدم)، فقد رسم لوحة للكون، بأسره، من شخوص بسيطة، تمر عليهم مرور الكرام (من جهل العزيز، لا يعزه)، وهنا يكمن ثراء عبقرية تعبيرية عالية، ثراء من يرنو، ويصغى بأدب جم، لكل فجاج الحياة، وظلالها، وجذرها، في ابسط شكولها، وأعرقها، وكأنها دعوة، «منه» لرؤية الأشياء كما هي، وليست كما تبدو للحواس المغبرة بصدأ العادة، وغرور التعميم، (اللهم أرني الأشياء كم هي)، وذلك برفع غطاء العادية عن وقائع الحياة البسيطة، المتشابكة، والمبهمة، ولو جرت في جزء من ثانية، منزلقة (والله أعلم)، من الماضي، للحاضر (أو صاعدة)، من الماضي للحاضر، فمن يعرف اليد الأولى التي دفعت عجلة الزمن، مجرى الزمن، كي يمضي، ثابت الخطو، أهي دفعته كي ينزلق، أو كي يصعد، فالطفل يولد غضا، وفي المنتهى يسكن حفرة القبر، خرفا، أهو صعود، أم هبوط؟، بعد أم قرب؟، ولكن عقل الطفل الغرير، ينمو، متأملا عبر الزمن، مسرات الحياة، ووخزها، في درج حتمي، مراهقة، وشابا ورجولة، حتى يبلغ أعتى الحكمة، عند باب الشيخوخة، على مشارف لغز الموت، شعر الموت، (أهو صعود، أم نزول)، ترهل جسد، وعنفوان عقل، أيهما أحلى، وأغلى، لست أدري، نشاط الغريزة، أم هدوء التفكير، أم كلاهما، وقد يكون في مقبل الطريق وجه آخر للتطور، يترك الجسد يتجمل أكثر، كالعقل، بدلا للترهل، والضعف، من يدري؟ فآية (وخلقنا الإنسان في أحسن تقويم) تتأول أكثر من ذلك، فقد كان الإنسان، بكل غروره، ردحا من الحقب، غيبا، وعدماً، بل سبقته للوجود على مسرح الحياة، الدجاجة، والنملة، فمن يقسم بأن جعبة الحياة خلصت، وكنانتها نفدت، ورحمها عقر، في خلق جديد، يرتقى ببنى آدم، لكائن يتجمل كل يوم، ويحلو مع دفق الزمن، من يعرف ما يخبئه غيب الزمن، (الغد: الذي يخفي وجهه دوما، وهو يخلق عجبه العجاب، كي يسفر عنه برفع ستار الحاضر، في كل لحظة، وخاطرة!!...

    قرية دومة وحامد

    لو سألت أي سوداني، رجلا أو امرأة، طفلا أو عجوزا، (أين تقع قرية دومة ودحامد، أو عن بت العريبي، وناس العمدة، وعن الضيف الذي سكنها، من أهل الخرطوم، التاجر مصطفى سعيد)، لأدلك الرجل، ووصف لك موقعها بالتمام والكمال، ودلك على بيت التاجر، أو قطية موسى الأعرج، فقد صارت تلكم القرية، الحقيقية، التي خطها، ونحتها الطيب صالح، قرية حقيقية، فيها الروح، والروائح، واللغط، والحلم، والطموح، والمآثر، مثل أية قرية حقيقية، ولكنها قرية، رسمها وخطها، ونحتها في قلب كل سوداني، بل كل قارئ، ومتلقى، في عموم أهل الكرة الأرضية، وأقول الكون بأسره، إذ ان هناك عوالم من الجن، والسحر، تطلع على خفايانا، وحالنا، فلاشك الدومة الخالدة، كانت جزءا من الحال والخيال، لذا صارت كتبه بقوتها، واقعا معاشا للقارئ..
    وتلك القرية، نحتها على مثال، لاشك، هي قريته، كرمكول، بل أية قرية شمال ووسط السودان، ورسم من خلال شخوصها الحية، هموم وتطلعات، واسئلة، وحيرة أهلنا البسطاء العظام، نحتها بشاعرية عظمى، كما نحت مايكل انجلو تمثال داؤود، وقيل له (تكلم)، لصدق ومهارة التقليد، والأصالة.

    أما قرية ود حامد، فقد تكلمت، وغنت، وساهرت، وحزنت، دون أن تؤمر، وصارت مزارا، للسواح، من كل قارة، يمتطون إليها قوافل الحرف، وحصين القراءة، كي يرموا عصى الترحال في الفسحة، التي امام دكان سعيد، وكي يرقصوا في عرس الزين، وكي يشتروا من التاجر البسيط (الماكر)، مصطفى سعيد، ولم يصور الطيب الحال والأحوال، بل مست موهبته الفذة روح الشعب السوداني، وجوهره النفيس، ولغته البسيطة العذبة، وهنا مكمن التأثير البالغ، الذى غمر الناس، حين يطلعون على أعماله، وكأنهم، يعرجون لمقام معرفي، وذوقي بالقراءة، أكثر من متعة القراءة البسيطة، فقد لامست، تلك الروح، روح الشعبي الصابر، المثابر، البسيط، لامست روح القارئ، فأنعشت فيه الشاعرية، والغموض، بهم وروح وفكر، وشاعرية شعب يعيش على ضفاف نيل، بين الصحراء، والنيل، بين الشعر والواقع، يقتات النبت، ويحلق للسماء، ويتأمل الحياة، ويقري الضيف، ويعين على نوائب الدهر..قرية كاملة، صباها في خمسة كتب عظيمة، مؤثرة، أبد الدهر (عرس الزين، وموسم الهجرة، ودومة وحامد، ومريود، وبندرشاة)..

    بل أكاد أقسم، أن عشق الطيب صالح للبساطة، وغرمه العجيب بالقرية، وليلها، وحكايات أهلها، رغم تشربه بالعلم، وموهبته العجيبة في السرد، وعيشه في حياة الغرب، لقلت إنه، لو توفر له زهد بسيط، أمام رغبات نفسه، لزهد في الحياة، مثل أولياء السلطنة الزرقاء، حسن ود حسونة، ود الأرباب، ود أم مريوم، وبانقا الضرير، ولزم الخلاء، باحثا عن السر، الذي يتراءى في كل كتبه، كما جرت العادة لكبار العباد من أجداده، حين اختلوا بأنفسهم، وعثروا على كنوز معرفية، وخرق عادة، ملأت كتاب ود ضيف الله، مثل كتبه، وهي مشحونة بما لطف، من مائدة «خرافة»، وهو لم يحكها كخرق للعادة، بل هي كعادة للنفوس التي لم تخلد للتقليد، وتحن أن تخرج من أرض لها وسماء، وتأبق من رسم الماضي، إلى تحليق الغد، بما لم يخطر على قلب، أو تلحظه عين، أبدا، فهذه المدونات التي سطرها (عرس الزين، وموسم الهجرة)، هي نوق للرحيل، للسر الأحلى، والاعجب، للحياة.

    الراي العام


    ....
                  

02-27-2012, 11:04 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن الطيب صالح أحكي لك (رسائل إلى عزة).. (Re: عبدالغني كرم الله)

    إنه الحزن على وردى الذى جعل العشق لعزه يتسرب للصفحة الثانيه يا شيخى النابلسى
    إبن كرم الله فإن من سماك فقد علاك للسماك وظللت هنالك مع المثل والقيم والجمال والأرواح
    الطاهره وظللنا نحن مع الأشباح فى العوالم السفلى نأكل ونعشق ونتكاثر كغيرنا من المخلوقات
    يا أيها النابولسى.
    كتبت الطيب صالح كما لم يكتب من قبل وكتبت كرمكول وكأنك عايشت كل أشخاص الطيب صالح فلك
    الشكر والإعتذار على عدم قراءة ذلك.




    منصور
                  

02-28-2012, 03:36 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن الطيب صالح أحكي لك (رسائل إلى عزة).. (Re: munswor almophtah)


    من غيرنا ليقرر القيم الجديدة والسيّر
    =====
    عند منقلب الرعاء تسبق الشاة العرجاء


    الا أن سر جنونهم عجيب!!
    على أعتابه يسجد العقل
    وما من نبى الا وأتهم بالجنون
    كذلك الشعراء والملهمين
    "إنشاء الله أجن وأزيد فى الجن"
    غناها لهم صديق الكحلاوى
    مادا لسانا طويلا
    و"نعمة" محجوب شريف
    لما لم "يفقهوا" ما دراها
    قالوا: (جنت وما براها)

    وصنو "الجنون" "الكفر"
    الكفر بما عليه الناس من بال لا يفيد
    "كفر ابن يوسف من شقى واعتدى"
    ولكن التجانى كان يرى "شجرا يسير"
    وهم لا يرون أبعد من أرنبة أنوفهم
    ومع ذلك صعروا "خدودا" عجافا
    وقالوا:
    "أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا؟!"
    وأردفوا:
    "أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك"
    وما كانوا هم على ما كان عليه آبائهم
    ==
    هم لا شك "محتاجون" لـ "كبير" يعلمهم السحر
    و"ماهو بساحر ولا مجنون"
    هم هم - السحرة - ثم هم ليسوا بعد سحرة
    "أولئك" من يغيرون العالم
    أولئك من يعطون للحياة طعما ويعلمون الشعب
    "معنى أن يعيش وينتصر" - ود المكى -
    ويقول حفدة ساكسون
    All is well till you see the other side of IT
    وقديما قال الأستاذ محمود محمد طه
    متحدثا عن ضرورة "ثورة ثقافية" جديدة:
    نحن محتاجين لفكر:
    يغتّس الدانة ويطفّّح المسحانةّ!!
    هذا الأنقلاب فى الفكر
    سحرته وسدنته "مجانين" مثل كرم الله ومثلك يا عويس
    فـ "شدّوا المئزر"
    ولك يا عويس التحايا والشكر على هذه الدرر

    الأستاذ محمود، السيد علي، محمد وردي، فريق الهلال: بنحب من بلدنا

    يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
                  

03-02-2012, 07:36 PM

عبدالغني كرم الله
<aعبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن الطيب صالح أحكي لك (رسائل إلى عزة).. (Re: عبدالله عثمان)

    الحبيب، استاذ عبدالله/نزيهة..




    سلام من جنوب الخرطوم...


    قبيل قليل، زارنا، أحمد محمد الحسن، وأبنته آمنة، (سايقة السيارة)، وعباس الجعلي، وجرى الحديث عن وردي، وعن حملة الكتب في جوبا، وشئ من هنا، وهناك، يجمع بينها المحبة الإلهية، التي تجمع الضد بالضد، ناهيك عن كل مثلا، فيه مثلا، في ذلك العرس الطيب..

    وجرى الأمر عن التربية في حمل الكتب، في أقاصي الجنوب، في قرى لم تعرف من النور سوى نور الله، وفطرتهم السوية، ولكن نور الحروف، أن كان العلم نور، فلم يصلهم، لامن حاكم، أو سلطان، أو استعمار، وتكاد كتب الاستاد محمود هي الأولى التي غشت تلكم الأمية الخلاقة، والبركة في الكفوف وليس الحروف، وحكى عجايب ومقالب حلوة، وطيبة، تسر الخاطر، وعن حمير حملت الكتب وعن زول يشتري لغة لا يفهمها، بركة، وتيمنا..


    البركة فيكم في وردي، من يحب السودان يحب الله، ويحب قرن، ويحب النور والفن الاصيل،..

    شربنا شاي أحمر، وشاي لبن، وفي الدار لوحة لبيتنا الطيني، حين أنظر إليها، تروادني نفسي بالبكاء على أطلال بذي أرم، لم؟ لأن الفطرة ورثت من الله، ولكن طرائق التربية ومناهج العلم، والأعراف، لم ترعى الأمانة، وفي مفترق الطرق، ضلت وأضلت، فمتى ياكرام الحي، عيني تراكمو متى...

    أسطر بعص حديث عن يتيم صواردة، فدعواتكم، ومقالكم شجني، في بسطه، وحرفه، وروحه، ياواسع الكرم..


    محبتي الكبيرة، بلا حد..

    حي الأزهري
    مساء الجمعة المباركة..


    ....
                  

03-02-2012, 07:14 PM

عبدالغني كرم الله
<aعبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن الطيب صالح أحكي لك (رسائل إلى عزة).. (Re: munswor almophtah)

    استاذ منصور،


    محبتي وتقديري، للحق تفشى الحزن عن وردي كل سوداني، السودان القديم، ما قبل الانفصال المجازي، بفعل القادة الصغار، فبكته دنقلا وجوبا معا، بل أديس، وحلفا وأسمرا، وياوندي، فقد كان شمسنا السمراء، المشرقة على تلال الحبشا، وصحار تشاد، ومالي، وتمبكتو...


    ساسطر عنه بعض أحرف، فقد شعيناه في مقابر فاروق، ورأيت بعيني النساء والطالبات والرجال تبكي، فدعواتكم...



    شاكر لك قراءة المقال، في زمن قلت فيه القراءة للطويل من المقال...

    وللحق شخصيات الطيب حية، مثل أهلي وأهلك، تعرفهم وتسلم عليهم، وتحضنهم في الأعراس والاتراح...




    عميق محبتي..
                  

03-02-2012, 07:52 PM

عبدالغني كرم الله
<aعبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن الطيب صالح أحكي لك (رسائل إلى عزة).. (Re: عبدالغني كرم الله)

    ...

    إلى حبيبتي عزة..
    عن الطيب صالح أحكي لكِ (2)


    عشمانة الطرشاء ترقص قرب باريس


    عزة ، الأميرة السمراء

    تحية صباح مبارك، ومساء سعيد، ..
    كيف حالك؟.
    هل رأيتي ابنتك الفقيرة عشمانة الطرشاء ترقص قرب باريس، سأحكي لك عن ذلك..

    من إغراءات الكتابة، تلك الوحدة العضوية للاشياء، التي تبدو للعقل متنافرة، ولكن للعقل الفني، «القلب»، تبدو كائنا عضويا واحدا، جارحة لجسد، تمسك كل خلية، بأختها، في إخاء كوني، يجعل من الكون جسدا، ينبض بالفكر والشعور، وكل جبل فيه، إو وهاد، أو نهر جار، أو قرية ناعسة في سجى الليل، هم أهل، وعشيرة واحدة، وهذا المذاق، هو سر الخمر المعتقة بأحشاء الفن، أنى كان، بل أي جبل هو خد حسناء، وكل وهد، هو منزلق خصرها، وكل بركة، هي بسمتها الساحرة، في تلكم الذبذبة الخلاقة، لحال الكتابة، في حضرة مناسكها، حين تقام، وهذا هو إغراؤها العظيم، عبر الحقب، تكاثر الوحدة، ووحدة التكاثر، جذرك في الأرض، وفرعك في السماء..

    فمن الذي جعل عشمانة الطرشاء، ترقص في ليل كان، قرب باريس، ومن جعل قرية بسيطة، تحج، بأسرها، وثغائها، وبيرها، ودراويشها، إلى هناك؟.
    هي الكتابة، ببراقها العجيب، الذي يجلب، كرجل بلقيس، عروش من الاشياء البعيدة عن العين، القريبة من القلب، إلى عرش الكتابة الخلاقة (والكتابة هي: ثراء الاحشاء)، ولمها للبعيد والقريب، من حيث المسافة، ومن حيث الزمان، فلا ماضٍ، معها، ولا غد (جمع الزمان، فكان يوم لقاك)، لقاء الحلم والخيال والتذكر، في سوح الكتابة الأصيلة.

    فقد كتب الطيب صالح، حكاية «عرس الزين، في قلب كان، تلكم المدينة الشهيرة بالأفلام (الأفلام تجسيد الخيال، والأيدي الماهرة تجسد الخيال في النحت، والتصوير)، فقد هاجر الطيب صالح، في إجازته من لندن، إلى الجنوب، إلى فرنسا، هرب وهو حامل بشئ في بطن «قلبه»، ومثل النساء الحوامل، من آلام المخاض، يعشقن الطين، (أصلنا الأول كل الحوامل يعشقن أكل الطين، وقد قضم الطيب بقلبه طين البلاد وأحاله كائنا سويا.، بل كائنات سوية.

    للحق ، لا أدري، لم اربط، بين الكتابة، وبين الحلم القوي، الذي يفلت من النوم، لعالم اليقظة؟
    حلم قاهر، قوي، لم يكتف بعوالم النوم، بل فرض سلطانة على اليقظة، لذا كان الطيب صالح «يخاف الكتابة»، ويخاف الجنون، مثل همنجواي، لو دأب على الكتابة، لأن الكتابة لديهم هي حلم حقيقي، شخوص واقعيون، إضافة لحياته الحقيقية، إضافة لذكرياته، ولك أن تتصور، ثالوثا قويا، يهمين عليك، كأنك ثلاثة شخوص معا، لقوة خياله، وقوة تذكره، وقوة ملاحظته للحياة الماثلة ، أمامه نحن روحان حللنا بدنا، بل ثلاث أرواح وذلك هي العنت، ولاشك في ممارسة الكتابة، لديه جعلته يعيش هناك، أكثر من هنا (أنظر إليه، حين يتكلم، ونظرته البعيدة)، مثل جدة عبد الغني النابلسي (أن جسمي هنا، وقلبي هناك، وأنا الصب بين هذا وذاك)، وتلك هي معاناة الكتاب العظام، (هنا، وهناك)، يفر خيالكم لفردوس داخلي، يرتق فتوق الحياة، ويصقلها، ويخصبها، ولكنه وهم، مهما سرح الطرف، فيعود الجسد لحاله، وأحواله..

    ومع ذلك الثالوث (الخيال «بديل الواقع»/ التذكر»الحنين»، وقوة الملاحظة الحاضرة)، اختلى في مدينة «كان»، وببراق الكتابة، حضرت عشمانة، وعشيرتها، عن بكرة أبيهم، حقا، لا مجازا، إلى قلب مدينة كان، بل حين سطرها، وبين الحين، والحين، حين يشرب فنجان قهوة، ويتطلع بهدوئه المعتاد في الريف الفرنسي الخلاب، وخياله مسكون بشخوصه البسيطة، يتوحد الثالوث، للذات البشرية، عبر طقس الفن، والكتابة، وهنا يكمن سر الفن (تجزأ فرة، فطر عند أربعين فد مرة، (كرامة الشيخ السمان، حيث تكاثر وجوده، في أكثر من مكان، في زمن واحد)،..
    من إغراءات الكتابة الخلاقة، أيضا، ذلك الحنين للبلد، وتلك القدرة على توحيد البنية البشرية (عقل وقلب وجسد)، أي خيال وذاكرة وحياة جارية، تلكم الجذر النفسية، التي قسمت النفس البشرية أيدي سبأ، وجعلت من أحشاء الإنسان، أرخبيلا متصارعا، في شراسة الغاب، وهي حرب داخلية، في كل بنية منقمسة، على نفسها، اشرش من حروب العصى، والعكاكيز، والبنادق، والقنابل الذرية التي خاضها الإنسان، ضد أخيه الإنسان (الأب آدم، والأم حواء، وإن كان في اصلهم شئ يفاخرون به، فالطين والماء)!!، فلم الحرب أيها الإخوة إخوة التراب، تراب المنشأ، وتراب القبر، تراب الحال، والمآل، ولكن متى تنجاب الغشاوة، متى؟..

    ففي «حال الكتابة»، تتوحد الذات البشرية، في إنسايبية رائقة، تجعل من دمه خمرا حلالا، وهو يسوح في آفاق داخلية، يتيحها الفن المعتق، كمعبر، وجسر لفهم النفس، وفهم الذات، وقدراتها السحرية، مما جعل الفن، عبر التاريخ، ابن الدين، وخدين العلم، يمد جناحيه، لثمار العلم، وخفق القلب، ومخيلة السحر، والتوق الدافئ للخلود.
    فتلكم الوحدة العضوية بين العوالم، لكل الاشياء، والوقائع، التالدة، والمقبلة، في قلب الكاتب، هي أس الكتابة، بل أس شراب أكسير الكتابة، والتمرغ في سرها،وسحرها، وهي التي جعلت من عشمانة الطرشاء، أن تفارق أهلها، وترقص «بشتارتها المحببة»، في قلب كان، قرب باريس، حيث كتب الطيب صالح عرس الزين، كما فعل جده الشيخ السماني (تجزأ فرة، فطر عند أربعين فد مرة)، حين دعا اربعين مريدا الشيخ السماني للفطور معهم، وقد كان.

    ولك أن تتصور الطيب صالح، وهو يكتب، منكبا بصدق في عوالم العرس، ولمه دكان سعيد، ومكر الإمام وضحكة الزين المعهودة، لنا، وله، ثم يرنو ببصره من النافذة، لعوالم كان، والنساء الشقر، الاكثر رشاقة، ثم يحس بأنه يحتاج لفنجان قهوة، فيصنعه بمهل، تلكم هي عوالم الكتابة، أن تكون في كل الأمكنة، ولا يشغلك شأن عن شأن، بل يتسع قلبك، ليتمثل كل مسرات الكون، ويتذوق المطلق، بين حناياه، فما أوسع القلب الإنساني، (لو أن الكون وعشرة أمثاله في ركن من أركان قلب العارف، لما أحس به)، كما لمح عاشق الحق، والحقيقة، البسطامي..
    الطيب انسان نبيل، احساسه بالزين/ وعشمانة الطرشاء ومحبته لهما كخالق وإحساسه بحزنهما الداخلي ، حتى خلقهما شخوصا حقيقية بشئ بقلبه هو، أكثر منهم فهم مجرد خواطر في قلبه والكتابة تشير له، لحياة المؤلف، وليس موته، كما يقول شطح النقد، بل حياته المترعة، الواسعة، والتي يسكنها، وفي قلب واحد، مصطفى سعيد البارد، والزين الحي بالمشاعر، وعشمانة الطرشاء البسيطة، وبت مجذوب بطلة الفحش البسيط، وحيوات أخرى، تموج بها بحاره الواسعة، التي سطرها في القصص والمقالات الصحفية، والنقدية.
    ثراء تداخل عوالم ثلاثة ، فهو جالس في عذوبة حياة كان، الفرنسية، يرنو بعينه الذكية في الخضرة، والرقة الفرنسية، والريف المديني، الساحر، الهادئ، ثم هو في دومة ود حامد، قريته التي خلقها بيديه، وحروفه، ونحتها، نحت مدينة كاملة، تسمى دومة ودحامد، تمثال، من المثال، ومثله، هي أي قرية سودانية، وهو نحت القرية، وبيوتها، وشكلها، ومقابرها، وماضيها، وغدها...

    العلاقة معه ، مثل الإخوة لا تدري متى بدأت!!

    كيف أحدد علاقتي به، فأبواب الدخول إلى الطيب صالح، بالنسبة لي، مثل قبة السماء، من حيث تأتي، تدخل إليه، فالعلاقة به مبكرة، وتكاد ضبابية بدئها، تجعلك تحس وكأنها بدأت في الرحم، مثل علاقتك بإخوتك وأمك، وأبيك، متى بدأت؟ وماذا جرى بينكم من أفراح وأتراح؟ فتعجز عن تحديد، متى، وكيف، وأين بدأت العلاقة به، ، بل تحس بأنها كانت قبل الجسد الطيني، هناك في عالم الذر، حيث الجميع، إخوة لذا تحس بأنه يلامس فؤادك حين يكتب، وحين تطيعه أبجدية العرب، فيما يريد، وينشد..
    للحق مر بي وقت عصيب، في مطار دمشق، فلم أجد عزاء سوى ترديد، لمح شاعري، عظيم، بل حكمة، في لبوس آية أدبية، هي مقولته: (أنني لست ريشة في مهب الريح، ولكني مثل تلك النخلة، مخلوق له أصل، وله فصل)، وفي التو ، شعرت بأن لي جذورا في اليقين، برقت كلمح من ترتيلي الخاص لهذه الفقرة الأدبية، برقا إزليا، أضاء كياني باليقين، وبسلامة طوية الحياة، فيما تضمره من عنت، فقد كنت في هوان عجيب، بعد أن ضاقت البلاد بأهلها، بما رحبت، وأنطمس الضوء، وتسرب الظلام للفؤاد، ، ولمست يد الفقر الخشنة الكبد، فتشتت شمل الأسر، وشاء القدر أن أغامر، بلا حول ولا قوة، للسفر، بلا تخطيط ، لبلاد العرب، مثل هروب من الرمضاء للنار، لوحشة فراق الأهل، والمصير المجهول، وفي المطار، ولا أحد ينتظرني، بلا أحد يعرفني بين المسافرين، بل لا أعرف أنا نفسي إلى أين سأذهب في مدينة بحجم دمشق، وجيبي يكاد خاويا ، لا أملك، من يوصلني لقلب دمشق، ناهيك عن العيش والسكن، في تلكم اللحظات، والبرد يلفح وجهي، برد شتاء لم يتعود عليه جسمي من قبل، (هل أخطأت بالمغامرة ؟) أغرقني الهوان، وتفكرت في الوجود، كله، تفكر مضطر، لا حالم، وانبثقت تلك المقولة، ككف تربت كتفي، وتلهمني اليقين، بأن الله معي، حيثما كنت، فكان مكان، مما لست أذكره، من برق يقين، إضاء احشائي، وكأني ورثته، من تقلب أصلاب أهلي في دنيا التصوف، قرون عدة، برق خاطر (المكتوب في الجبين لابد تشوفو العين) وهذا هو الأدب الأصيل ليس فقرات تقرأ، ولكن عزاء عظيم لبنى آدم، في متقلب حياتهم، ومثواها، فلذا العلاقة بالطيب صالح، ليست علاقة كاتب ومتلقي ، بل علاقة أعظم من هذا، كما حكيت، ففيها المروءة، وفيها صلة الرحم، عبر الكتابة، وفيها إغاثة الملهوف، وفيها جلسة ندامى، في رشف رحيق الأدب العظيم.

    فأبواب الدخول إلى الطيب صالح، بالنسبة لي، مثل قبة السماء، من حيث تأتي، تدخل إليه، فالعلاقة به مبكرة، تكاد ضبابية بدئها، تجعلك تحس وكأنها بدأت في الرحم، مثل علاقتك بأخوتك، وأمك، وابيك، متى بدأت؟ وماذا جرى بينكم من أفراح وأتراح؟ هي اشياء لا تحصى، لذا هي علاقة قديمة، وكبيرة، تتذكر منها أشياء، وتغيب أشياء، كما يتذكر المرء فجأة تجربة كاملة (تطفو وتكون في راحة اليد)، أذكر أول خجل لي، من القراءة، كان بسببه، حين جاء ابن اختي، يقرأ لي، كلام بت مجذوب، خجلت فعلا، حين شعرت كأني متلبس بقولها، وكأننا قرأناها بصوت عالٍ، وليس في سرنا، حين دخلت أمي وقالت «مالكم»، لاشك قلب الأم يقرأ الأسارير، وهي قرأت خجلا ما بداخلنا، تتسرب للأسارير، كعادة الانفعالات، تتخذ من الوجه مسرحا، لعرض حزنها، أو دهشتها، ويظل الوجه اسير الانفعالات، حتى الضئيلة منها، واتقوا فراسة الأم، فإنها تنظر بعين الله، وقد تكون الأم هي الشعب، هي الأشياء والأحياء التي تحيط بنا كسوار، فكن (صادق الكتابة)..

    فكل إناء بما فيه ينضح، كانت القراءة فتحا لنا، شعرنا بغتة، بعوالم أخرى، غير عوالم القرية، وأعرافها، وتقاليدها تحج إلينا، وعبر القراءة الصامتة، كنا نطلع على الحروف الصامتة هي الأخرى، ولكنها تهمس بصورها، وشكولها، ومكرها فينا بأسرار العالم خارجنا، وحولنا، وفينا، وأدركنا سر الأبجدية، في الصمت والصراخ معا، كقبور أهلي، أحياء وأموات، يشربون خمر السماء، في صمت القبور وسكينتها الغامضة، في تلك المقابر، البعيدة عن القرية، حين يتكئ الافق على الأرض ويصير جزءا من القرية، ومعه تلك السحب التي تلعب فيه، مدى الدهر..

    علاقة كبيرة، معه، كل مرة تتذكر أشياء، وتنسى أشياء، وكما للإخوة والآباء والأعمام علاقة ترتبط بالأمكنة، بالبيت، فيما جرى بالحوش، وما جرى في التكل، أو أوضة الحبوبة، والصالون، والزريبة، والفسحة، والأعياد، كذلك يذكرني الطيب صالح بصالوننا الطيني، لا أزال اذكر شباكنا الخشبي، الأخضر، ذا الشقوق التي تعزف عليها الريح، وأنا أطلع على موسم الهجرة، وأقف بين الفقرات المشحونة بالشعر، والتصوير الرائع، كي أتمثلها، كصور، وكي أحفظها عن ظهر قلب، وهي أشياء تجري حولي، فأصغي لصوت الريح في الشباك، وأدخلها في عالم النص، فلو لا هو، لم شعرت بثراء الواقع حولي، وبأن مسيد قريتي، ومدرسها، وشخوصها، بمقدورهم أن يكونوا أبطال قصة، ومدار حكاية، فصار الشارع الذي يقود للمشروع الزراعي، والذي يمر بدارنا، هو مسرح أحلامي، وتفكراتي المراهقة، عن من يصلح ليكون بطل روايتي القادمة، خادم الله، أم سكينة الداية، بشنطتها المربعة، وهي تركب الحمار، في مطرة شديدة، كي تولد طفلا في قرية أخرى، أم الدرويش «سلك»، والذي يلف كالمترار، ولسويعات طويلة، تدوخ الجبل، ولكنه يظل ثابتا، كالمروحة، ويدور مثلها، ساعات طوال..
    وحينا اتوقف (عن القراءة) كي اشرب ماء، أو أمضي لفاتحة أقصى الحلة، فأخرج للحوش، وكأني لا أزال في عالم القراءة، فأجد أهلي، والحمير، ورائحة البلدة، كما هم في عالم القصة، نفس الملامح والشبه، وحين أعود للقراءة، بعد أن أثني المخدة، فكم أحب القراءة راقدا، كأنها حلم يقظة، أجد أهلي، والذين لا تزال كفي دافئة من مصافحتهم في الفاتحة، داخل النص، وقد كشفوا، سيرتهم، وسريرتهم، كعادة القصص العجيبة، التي لا تكتفي سوى بجوهر الإنسان، ومعاناته في الحياة، وفي البحث عن نفسه، وتعترف لكاهنة الكتابة، بكل ما يعتمل في السيرة، والسريرة، بطفولة عجيبة، تجعل من الأدب ، عاقدا أواصر بين بنى آدم، فيما خبأ في نفوسهم الخائفة، الوجلة، الخجولة، في قول ما يعتريها من هوان، وضعف، وحلم، وخطايا.
    عالم الكتابة يظهر رقة الطيب صالح، حتى تشعر بأنها رقة مباشرة، وليست خلال حجاب الكتابة، رقة سكبها في قلب أم الزين، وفي بت العريبي، وفي الحنين، تكاد تلمسها، من قوتها، وكأنه جعل من شخوصه، أواني يسكب فيها رقة المعاني التي تجيش بصدره، للحياة مطلق حياة، وللبسطاء أمثال الزين، وصحبه، وأمثال المعقدين، كمصطفى سعيد..
    حتى رسوم كتبه، وروائها، وشكلها منطبع في القلب، مثل ذكريات المطرة، وزراعة الحقول، وطعم الغرق في الترعة، جنوب القرية، أنها مجموعة علاقات، أشبه بالأبوة، أو الإخوة بل والأمومة، فقد كان قلبه مترعا بحب أسطوري، للكون بأسرة، وبالأخص الذوات المعذبة، مثل مصطفى سعيد، والزين، والحنين، وموسى الأعرج، ومنسي، النادر بطريقته. ..
    له صورة، وهو سارح في همه الذات/الكوني، تذكرني دوما، بقصيد الشاعر الحزين، على محمود طه، من ديوان «الملاح التائه»، فقد عاش بعيدا عن وطنه، ومات بعيدا، وهو أقرب الناس للبسطاء، بل الشعب بأسره.

    ***
    أيها الشاعر الكئيب مضى الليل
    ومازلت غارقا في شجونك
    مسلما رأسك الحزين إلى الفكر
    وللسهد ذابلات جفونك
    ويد تمسك اليراع وأخرى
    في ارتعاش تمر فوق جبينك
    وفم ناضب به حر أنفاسك
    يطغي على ضعيف أنينك
    ورجع روحا طاهرة، لمقابر البكري، ولسان حاله، يردد مع درويش:
    يقولون من زمان
    يقولون في شجن
    عن والدي الذي مضى
    وعاد في كفن.
    رحل إلى لغز الموت، شاعرية الموت، فطوبى له، في ملكوت جميل، بما خضب به النفوس، من ألق عظيم، وحروف صادقة، حية، عذبة، وعميقة, و«لحظات باقية»...

    عزة السمراء..
    ماذا أحكي لك الاسبوع المقبل، لو مد الله في العمر؟ عن متعة «قراءة عرس الزين»، أم عن جدلنا في الثانوي والجامعة، وعلاقتي به؟ اختاري في رسالتك لكي، وأنا اسير هواك!!..
    ابنك المخلص
    عبدالغني كرم الله


    الراي العام

    ......
                  

03-02-2012, 09:12 PM

منتصرمحمد زكى
<aمنتصرمحمد زكى
تاريخ التسجيل: 11-04-2009
مجموع المشاركات: 4045

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن الطيب صالح أحكي لك (رسائل إلى عزة).. (Re: عبدالغني كرم الله)

    Quote: وللحق شخصيات الطيب حية، مثل أهلي وأهلك، تعرفهم وتسلم عليهم، وتحضنهم في الأعراس والاتراح...

    عبد الغني
    أكرمك الله ومتعك بالصحة والعافية ...
                  

03-02-2012, 09:31 PM

مجدي عبدالرحيم فضل
<aمجدي عبدالرحيم فضل
تاريخ التسجيل: 03-11-2007
مجموع المشاركات: 8882

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن الطيب صالح أحكي لك (رسائل إلى عزة).. (Re: منتصرمحمد زكى)

    الكريم أبن كرم الله


    اكرمك الله يا حبيب


    الوطن اصبح حزين بفقد المبدعيين الطيب صالح فكر ورواية تجول بك في مساحة مليون ميل حكاية


    ،،،،أبوقصي،،،،

    وتبقي الرواية في كل مثقف شرب من معين ثقافته
                  

03-03-2012, 08:24 PM

مامون أحمد إبراهيم
<aمامون أحمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 5380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن الطيب صالح أحكي لك (رسائل إلى عزة).. (Re: مجدي عبدالرحيم فضل)

    وأجمل من الكتابة المجنونة جن دي ، إطلالتك على هذا الفضاء المنتشي بعودتك !


    بعد الغياب .. عاد الحبيب المنتظر
    عاد الحبيب .. المصططاب !
    يا للهوى .. .. يا للشباب !
    يا للدعاء المستجاب !


    مرحب مرحب يا أبو آمنة ومحمود .. ألف مرحب ومراحب


    واحشنيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي


    ياخي بإلله خت الصورة في البروفايل خلي الدنيا تنور !



    سلام لى أمنا آمنة ، ورحاب وآمنة ومحمود والجميع .
                  

03-03-2012, 09:03 PM

عبدالغني كرم الله
<aعبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن الطيب صالح أحكي لك (رسائل إلى عزة).. (Re: منتصرمحمد زكى)

    اخوي منتصر...


    مساء طيب...


    أشعر، بأن عبقرية الطيب صالح هي فهم جوهر الروح السوداني، المحلي، أي الفلكوري، في أعمق تجلياته السمراء، ووهبه الله، ملكة التعبير، عن الحياة السودانية، الظاهرة، والباطنة...


    أعمق محبتي..

    ..
                  

03-03-2012, 09:30 PM

عبدالغني كرم الله
<aعبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن الطيب صالح أحكي لك (رسائل إلى عزة).. (Re: عبدالغني كرم الله)

    المامون...

    الحبيب، القريب،النسيب،المجيد...


    من أين لي الكلمات، كي اعبر عن شوقي لكم، جمعنا الله واياك في حضرة الجمال والفرح، كيف حالكم، وكيف الدوحة والاسرة الكريمة، بلغ اجمل تحياتي للجميع، بلا فرز..

    وابلغكم سلام الجميع، هنا، رحاب، وأمونة، وسيدي محمود، وناس الازهري الكرام، وبقالاته البسيطة، وفسحاته المليئة بلعيبه الكورة المنسيين، ولكنك تشاهدهم حفاة، في ملعب حافي، ومهارات تسر النفس لو ولو..

    الخرطوم هي هي، صارت مدينة كبيرة، وأمراض كبيرة، وترهل، وطبقات حقيقية، ثراء غريب، وفقر أقرب، حتى الجوامع صارت طبقات، فتأمل؟ جوامع لينة، هنية، باردة، وأخرى يعضك الباعوض في سجودك وقيامك، هدا زمانك، .. فأمرحي..

    ولكن، ولكن
    هل تصدق الشعب هو الشعب، في وفاة المرحوم الحي وردي، رأيت أصالة الشعب، بنات وبنات، وحبش، وارترتين في مقابر فاروق، بكاء صادق ونخوة، وكدا في الفراش في المعمورة، شمل الناس والطلبة والكبار في العزاء كأي ميت وارى الناس جسمه في الارض كبدرة..

    وفي عشرات الملمات تحس ببركة الشعب، وصمودة، وبشاشته، حضرت عزاء في حي مايو، فسحة كبيرة، وأناس سمر، وكشافات، وونسة طيبة، أجمل من مليون جلسات كوادب، مصنوعة بإتقان، وتفقد الروح..

    اتجول كثيرا في الخرطوم، كي استوعبها، وهي مد البصر، يبدأ الشارع من وسط الخرطوم، ثم يتوارى في صحراء ام در، أو غابات الجزيرة، أو قرى صارت جزء من العاصمة، فترى طرقا، رأسها في الأنوار، وصدرها حي شعب، وعجزها ظلام دامس، فتأمل...

    نحضر الأفراح، والأتراح، واليوم مليييان، وتشعر بأنك مسير، ماك مخير، ولدا يحب الشعب السوداني الدين، لا برنامج شخصي أو عام ينجز، والامر لله، هسي قبل شوية زارني ابن اختي، وابنة اخي، وجلسنا وشربنا وتونسنا، وقرينا مقال عن وردي، كتبه معاوية ياسين..


    وللحديث شجون، عليك الله سلامي لوشاح، ومهاد، ومنى، واحمد وللعزيز أمين ومواهب، واخبار صالح الفنان شنو؟ لسه في امريكا..؟

    وسلامي لكل الاخوان في الدوحة، عليك بلا فرز، بلا فرز، من محمد عبدالرحمن والمكي الاب والابن وعادل التجاني، وماهيتاب، وأبوها، ونادوس وزوجته، وبدرالدين الامير، والمعتصم الطاهر، وووووو عباس، وووو، وكل الاخوان بلا فرز، واحد واحد...


    لي رجعة، لو مد الله في العمر..

    محبتي..
    اخوك كرم الله
    مساء السبت
    حي الازهري
    جنوب الخرطوم.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de