يسألونك عن الفساد .. بقلم عوض محمد الحسن

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-13-2024, 04:36 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-10-2012, 11:27 PM

الأمين عبد الرحمن عيسى
<aالأمين عبد الرحمن عيسى
تاريخ التسجيل: 10-25-2011
مجموع المشاركات: 1680

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
يسألونك عن الفساد .. بقلم عوض محمد الحسن

    كانت السرقة في السودان القديم جريمة نكراء، بل كانت عيبا شائنا. وكان اختلاس المال العام عارا يجعل أسر المختلسين تتوارى خجلا وتطأطأ الرؤؤس في المجالس.. وكانت البوسطة (مكاتب البريد بالنحوي)، و الجراد (الاسم الحركي لمصلحة وقاية النباتات) مواطن الاختلاس الأساسية في السودان، وكانت أنباء الاختلاسات تسير بها الركبان إلى أصقاع السودان المختلفة رغم محدودية وسائل الاتصال آنذاك. كنا نسمع ،ونحن بعد زغب الحواصل في الأبيض في خمسينيات القرن الماضي، أن فلاناً قد اختلس خزينة مكتب بريد بربر أو سنجة؛ او أن آخر "أكل قروش الجراد" في شمال كردفان، يتهامس بها الكبار في مجالسهم في استنكار.غنّى السودان من أقصاه إلى أقصاه ":يا أبو البدوي زورنا مرّة ، البيرة مُرّة والجن أمرّ"!، يتذكرها أبناء ذلك الجيل لا يزالون. وكان المبلغ موضوع الأغنية والصيت لا يتجاوز الخمسمائة جنيه (بالقديم خالص)، صُرفت على الإخوان حتى نضبت، فتغيّرت كلمات الأغنية إلى :" يا ابو البدوي غادي غادي، البيرة مُر!ة والجن بعادي"!
    وكانت حملات مكافحة الجراد الصحراوي التي تقوم بها مصلحة وقاية النباتات نشاطا دوريا وهاما في تلك الأيام، وعملا شاقا يستدعي جيوشا من العمال الموسميين، "ولا يُنبئك مثل خبير"، فقد اشتغلت أثناء العطلات المدرسية في خلط المبيدات الحشرية (سِم الجراد) بردّة الفول (يومية ثلاثون قرشا بالتمام والكمال). ثم يقوم جيش من العمال الموسميين بنثر هذا الخليط في أماكن توالد الجراد في فيافي السودان، بعيدا عن أعين الرقباء، مما يُشجع ضعاف النفوس بين القائمين على أمر حملات مكافحة الجراد على اختلاق قوائم مطوّلة من الأسماء الوهمية لهؤلاء العمال والاستيلاء على أجورهم. وكانت المبالغ المختلسة تخبأ في "البكما"، أو تُصرف على الإخوان في أريحية مدهشة، ولكنها نادرا ما تُصرف على غرض ظاهر يلفت النظر خوف المحاسبة وخشية الفضيحة، إذ ما زال الحياء (حتى ولو انعدمت الأمانة) سيد الأخلاق آنذاك.
    ثمّ "مرت الأيام" وانقضى عهد "أكل قروش الجراد"، وجاءنا عهد أكل الجراد للأخضر واليابس. يغتني الموظف أو المسؤول الصغير والكبير في زمن قياسي، ويبني "العمارة" ذات الطوابق المتعددة في زمن قياسي، ثم يدعو الأهل والصحاب، وكبار المسؤولين، ويذبح الثيران والخراف، وياتي بمُداح الرسول والمغنيين. ثم يُولم الجميع هنيئا مريئا، و"ينقزون" على دقات الطار والأرغن، ويعرضون على أنغام "صقيرا حام"، و"جيت لي؛ ولدي بِسِف"، و"سِف وأد أمّك التسف". يصلّون العشاء جماعة، ويذرفون الدموع عند الدعاء المطوّل، ثم يتفرقون إلى بيوتهم وألسنتهم تلهج بالثناء على جودة "التشطيب"، وأن فلان قد ضمن أن جنازته ستخرج من بيته المِلِك!! ثم يهجعون إلى أسرّتهم في سراياتهم المنيفة، وينامون ملء جفونهم والخلق تختصم وتأكل الطين في أطراف الخرطوم وفيافي السودان وتحلم بالرغيف، بالبوش وبغيره!
    حين غاض ماء الحياء، اصبح الفساد تجارة،(وقد أحلّ الله البيع)، وأضحى الكسب منه مألوفا ومقبولا، بل ومستحسنا، وعمّ المدن والأرياف، وانظر حولك وتفرس في تبدل احوال بعض من تعرف ومن لا تعرف. كما اتخذ أشكالا جديدة تختلف في طرائقها عن اختلاس خزينة البوسطة أو أكل مال الجراد، وإن لم تختلف في الرائحة. ورغم الهمهمة، ثم الزمجرة، ثم تقارير الصحف وصور "الزنكقراف"، وتقارير المراجع العام الذي هو حارس المال العام وفق الدستور، ثم الآليات الخفيفة والثقيلة، لم تهدأ وتيرة الفساد، إن لم تكن قد تسارعت كمّا وكيفا، وما زالت ردة الفعل الرسمية، تنفيذية أم سياسية، هي الإنكار الكامل: " منو؟ كيف؟ متين؟ دليلكم شنو؟ ديل شوية موظفين صغار، والوازع الديني".
    حين أصبحت قوات كابيلا الأب على مشارف كنشاسا عاصمة الكنغو البلجيكي، واتضح بما لا يدع مجالا للشك أن موبوتو سيسي سيكو أصبح في عداد المخلوعين، سُئل مراسل إحدى الصحف الأمريكية عن المدة التي يحتاجها النظام الجديد لتستعيد البلاد توازنها وعافيتها، فقال: " الفساد في الكنغو اصبح سرطانا مزمنا، وعلاج السرطان المزمن هو بتر العضو المُصاب؛ غير أن السرطان استشري في سائر أعضاء الجسد الكنغولي!"
    نسأل الله السلامة!

    إيلاف 8.2.2012

    Awad Elhassan [[email protected]]
                  

02-10-2012, 11:37 PM

معاوية عبيد الصائم
<aمعاوية عبيد الصائم
تاريخ التسجيل: 06-09-2010
مجموع المشاركات: 22458

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يسألونك عن الفساد .. بقلم عوض محمد الحسن (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)

    للاهمية تسلم يا صاحب الخيط
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de