لماذا تصر الدراما السودانية علي تنميط المراة وتصويرها علي انها سطحية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 09:49 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-04-2012, 08:35 AM

اساسي
<aاساسي
تاريخ التسجيل: 07-20-2002
مجموع المشاركات: 16468

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
لماذا تصر الدراما السودانية علي تنميط المراة وتصويرها علي انها سطحية

    كلما شاهدت عمل درامي سوداني عادي او تراجيدي او كوميدي اجد ان هناك صورة محددة للمراة السودانية يتم تنميطها به , وهي انها مراة سطحية جدا , ونقناقة جدا , وحوامة جدا , اصرار الدراميين السودانين علي تصدير هذا النمط للمراة السودانية يصيبني بالحيرة , هل هو انعكاس لواقع المراة السودانية حقيقة ام هو استيراد لصورتها في العقل اللاواعي للكتاب الدراميين " بصراحة ما عارفه شنو دا زاتو " , ام هي العقلية الذكورية التي تنمط المراة في هذا الشكل , عموما هذا الموضوع موجود بكثرة في معظم الدراما السودانية , بالنسبة للكوميدا السودانية نجد ان هذا الشكل النمطي الرئيسي للمراة .
    اتمني ان اسمع من الجميع والدراميين السودانين ان كان ما ذهبت اليه صحيحا ام هو محض توهم
                  

02-04-2012, 11:30 AM

سلمى الشيخ سلامة
<aسلمى الشيخ سلامة
تاريخ التسجيل: 12-14-2003
مجموع المشاركات: 10754

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لماذا تصر الدراما السودانية علي تنميط المراة وتصويرها علي انها سطح (Re: اساسي)

    الاخ العزيز اساسى
    تحية طيبة
    يبدو ان من يكتب الدراما السودانية يكتفى بما حوله
    فالطيب صالح اوجد للمراة السودانية مقاما عاليا
    فى كل رواياته
    انظر الى شخصياته من النساء تجدها من انبل ما تم تصويره
    كل الشخصيات عالية ال"جودة "
    حتى اصغر الشخصيات فى رواياته
    واضح انه قرا المجتمع قراءة جيدة ان لم تكن ممتازة
    تابع شخصيات كتبها شيخ الدراما السودانية حمدنا الله عبد القادر
    فى كل مسلسل تجدها من اقوى الشخصيات منذ خطوبة سهير والى اخر ما خطه للدراما السودانية
    وكذلك هاشم صديق ولاننسى صلاح حسن احمد فى روائعه التى كتبها للاذاعة
    فهو لم يكتب سوى للاذاعة
    اذن الذى يقدم شخصية المراة الان
    من كتاب الدراما
    ولحد كبير لم يتعرف الى شخصية المراة الحقيقية
    وذلك ناتج من "تدهور " يعترى الكاتب "اسوة بتدهور عام
    فمعظم الكتاب الذين استمع او اشاهد ما يكتبونه عن المراة لا يستمدون شخصياتهم من الواقع
    واعنى الواقع
    فمعظم الكتاب لم يغادر مقر اقامته منذ ان تمت ولادته ولغاية الان
    لذلك يعتمد النموذج الماثل امامه وفى محيطه فقط
    وهو كسل متعمد
    بالمقارنة بما كتبه نجيب محفوط الذى لم يخرج من القاهرة شبرا
    الا ان نجيب استطاع ان يجد فى المراة فى الحوارى والاحياء المجاورة له نماذج تتشابه والمجتمع المصرى
    عموما هى ازمة كتابة بالمعنى الحرفى للازمة
    فالكاتب الذى لا يطالع "حتى الصحف اليومية "
    ماذا ترتجى منه ؟
                  

02-04-2012, 12:27 PM

Mahmoud Mustafa Mahmoud
<aMahmoud Mustafa Mahmoud
تاريخ التسجيل: 11-26-2004
مجموع المشاركات: 4325

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لماذا تصر الدراما السودانية علي تنميط المراة وتصويرها علي انها سطح (Re: اساسي)

    Quote:
    كلما شاهدت عمل درامي سوداني عادي او تراجيدي او كوميدي اجد ان هناك صورة محددة للمراة السودانية يتم تنميطها به , وهي انها مراة سطحية جدا , ونقناقة جدا , وحوامة جدا , اصرار الدراميين السودانين علي تصدير هذا النمط للمراة السودانية يصيبني بالحيرة , هل هو انعكاس لواقع المراة السودانية حقيقة ام هو استيراد لصورتها في العقل اللاواعي للكتاب الدراميين " بصراحة ما عارفه شنو دا زاتو " , ام هي العقلية الذكورية التي تنمط المراة في هذا الشكل , عموما هذا الموضوع موجود بكثرة في معظم الدراما السودانية , بالنسبة للكوميدا السودانية نجد ان هذا الشكل النمطي الرئيسي للمراة .
    اتمني ان اسمع من الجميع والدراميين السودانين ان كان ما ذهبت اليه صحيحا ام هو محض توهم


    يا عمك..مشتاقين..

    أسمعني...كلامك دا يجعلك تستحق - بلا شك - المزيد من الاحترام

    كواحد من "مثقفي المهجر" وكدا..

    لكن تجدني في حالة دعاء بل وتضرع إنه ما يقع في يد عمر الفاروق..

    النجيضة: أستاذة سلمى الشيخ سلامة جابت ليك المفيد على الأقل

    في ما يتعلق بالدراما الإذاعية..أيام الدراما دراما..

    هسي اتفرج ساي..ريموت ما عندكم؟؟

    ؟؟

    .
                  

02-04-2012, 01:04 PM

DKEEN
<aDKEEN
تاريخ التسجيل: 11-30-2002
مجموع المشاركات: 6772

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لماذا تصر الدراما السودانية علي تنميط المراة وتصويرها علي انها سطح (Re: Mahmoud Mustafa Mahmoud)

    الدراما دي ذي الرائد..
    فكما الرائد لايكذب اهله فان الدراما لاتكذب مشاهديها..وهي رفلكشن صادق لي واقع يبدو اكثر سطحية مما تعكسه الدراما نفسها..
    ويبدو انو الدراما تحتاج الى اعادة تقييم لتعكس بصورة اوضح هذه السطحية..
    بعدين من اين عقدت مقارناتك لمسالة السطحية دي؟؟ يعني ماهي مقاييس السطحية التي يمكن على اساسها منح صفحة التسطح والارتقاء لما دون السطح؟
    في نبش اجابات السؤال اعلاه حتلقى انو الدراما ماسطحت إلا ماهو مسطح سلفا..



    للاسف يا اساسي ماتراه محض توهم..الدراما السودانية لو ليها محمدة واحدة فهي محاولة كشف سطحية المرة السودانية في محاولة للتغير..
    راي
    سوداني..
                  

02-04-2012, 01:37 PM

سلمى الشيخ سلامة
<aسلمى الشيخ سلامة
تاريخ التسجيل: 12-14-2003
مجموع المشاركات: 10754

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لماذا تصر الدراما السودانية علي تنميط المراة وتصويرها علي انها سطح (Re: DKEEN)

    Quote: للاسف يا اساسي ماتراه محض توهم..الدراما السودانية لو ليها محمدة واحدة فهي محاولة كشف سطحية المرة السودانية في محاولة للتغير..
    راي
    سوداني..


    الاخ دكين
    هل تعنى ان المراة مسطحة ؟هكذا ؟
    وكيف لك ان تجمع كل نساء السودان فى سلة واحدة ؟
    وماهو التسطيح ؟
    وماهى تجلياته ؟
    على مستوى الواقع والدراما ؟
                  

02-04-2012, 05:34 PM

راشد مصطفي بخيت

تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 105

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لماذا تصر الدراما السودانية علي تنميط المراة وتصويرها علي انها سطح (Re: سلمى الشيخ سلامة)

    سلام يا أساسي وبقية المتداخلين. هذه ورقة قدمتها في الملتقي الفكري لمهرجان أيام الخرطوم المسرحية وقدمتها الشهر الماضي إبان انعقاده. ربما تجد بها بعض الإجابات وربما مزيد من الأسئلة.
    بين (حيز المعرفة) و (حيز الفهم).
    تساؤلات مسرحية.
    راشد مصطفي بخيت.


    نبرة عالية الصوت تلك التي تكلَّمت بها التجارب المسرحية المعاصرة تجاه الحساسيات الجديدة في التفكير الفلسفي المنتمي لأفق اللسان. فبعد عصر التجارب الكبيرة التي خلفتها الموجة الفكرية العارمة لسيادة الواقعية، حتى نهاية النصف الأوَّل من القرن العشرين، بدأت التقاليد المرعية التي كرَّستها هذه السيادة علي مستوى (التأليف) المسرحي – وهي صيغة المسرحية المحكمة الصُنع - تتهاوى ببطء أمام وابل الضربات الموجعة التي وجهتها لها أيادي (العبث) الفرنسي مع بداية عرض مسرحية (صمويل بيكيت) الشهيرة (في انتظار غودو) في العام 1952.
    مشهدنا المسرحي المعاصر في السودان كما نراه، انقطع عن الأسس الفكرية والفلسفية لهذا التحول الكبير وما تمخَّض عنه من فتوحات لاحقة علي مستوي (صورة العرض المسرحي)، أو علي مستوى مفاهيمه الجديدة وفق التطورات التي حدثت في النظرية النقدية نفسها.
    ففي اقتفاءه لأثر صيغة المسرحية الواقعية راهناً، اختار النص المسرحي السوداني في الغالب صيغة (المسرحية المهلهلة الصنع). فهذه الواقعية السودانية علي سبيل المثال لا تقدم (شريحة من الحياة)، إلا بعد عطنها في مستنقع آسن من الأكليشيهات والصور النمطية التي تفرض علي الواقع صوراً هي ليست منه بالأساس، إنما تمَّ اختراعها كلياً لتطابق صورة متوهمة لإنسان الأطراف، يتم ترسيخها وإعادة إنتاجها عن طريق الترسيخ التكراري. هذه الصورة التي تقذفها تجاهنا خشبة المسرح لنمط (عربي الجزيرة) بحواراته السمجة المتكلفة، وأقدامه التي لا تكف عن القفز الأبله، هي مثال حي لتأكيد هذا (الوهم) الواقعي. أنظر مثلاً لصورة إعلان حجارة البطارية ماركة (نايل بور) أو (زيوت فوكس) (الريَّحَت المزارعين)! وستعرف مدي انتشار هذا (النمط) حتى علي مستوي تصميم الدعاية الإعلانية.
    واقعيتنا فوق هذا وذاك لا تنزل إلي مجر القاذورات لا للاستحمام به؛ ولا حتى لتنظيفه! فهي تنزل فحسب. لكن ذلك يتم بلا هدف في أغلب الأحيان. هل هذه الصورة صورة تخبر عن الواقع؟ أم تخترعه؟
    مع دخولنا عصر الصورة – والمسرح هو أحد وسائل صناعتها – انتقل تأثير وسائل الإعلام والفنون البصرية من حيز صناعة الوعي و الأفكار والتصورات، إلي حيز التأثير علي الإدراك والرؤية. فإذا كانت هذه الصور التي تصنعها وسائل الإعلام والفنون هي بالأساس صور زائفة، "هذا يعني ببساطة، انتقال آليات التزييف من الاشتغال علي (ملكة الفهم)، إلي الاشتغال علي (ملكة الحس) والإدراك الحسي" . وبهذه الكيفية المخاتلة، تصبح صورة الواقع، صورة أبعد ما تكون عنه لكنها تمهد لصناعته وفق منظور زائف، يعتمده الواقع بعد حين كصورة تمَّ افتراضها بالأصل، لكنها تشكَّلت كحقيقة واقعية يتم وفقها القياس.
    ما نود مناقشته هنا، ليس هذا القصور البائن في التأليف المسرحي المعاصر الذي لا يمكن مقارنته بالتأليف المسرحي العربي أو العالمي علي سبيل المثال. فذلك شأن علي أهميته، تجاوزته نسبياً النظرية النقدية المعاصرة بكيفيته التقليدية التي تبحث عن شروط للنص تتم مطابقتها ببساطة مع سمات الأجناس المسرحية المختلفة كما درجنا علي ذلك.
    فقد دشَّنت الدراسات المسرحية المعاصرة اتجاهات جديدة في النظرية النقدية لم تعد تولي النص المسرحي ذات العناية التي أولتها له من قبل. فمع (نظرية العرض المسرحي) وما تلاها من فتوحات في جوانب دراسة الثقافة (السمع مرئية) و ( دراسات الأداء) "لم يعد النص في حد ذاته موضع اهتمامنا، إنما كيفية توليد هذا النص وتأويله أو ترجمته، وكيفية أدائه سواء علي خشبة المسرح أو حتى في ذهن القارئ، هو الذي أصبح يشكل موضع اهتمامنا" الجديد.
    انفتح المسرح علي خبرات جديدة لدراسة (صورة العرض المسرحي) بمعزل عن الارتهان لسلطة النص الأدبي. لكن ذلك تمَّ بشروط جديدة اتسعت دوائر قراءتها و تحليلها لتتزود ببعض أدوات العلوم الإنسانية ذات الصلة المباشرة، و دراسات (التلقي المسرحي) عبر محطات (فلسفة التأويل).
    أصبح العرض المسرحي يشتمل وفق منطق الدراسات (العبر تخصصية) علي (نصوص شارحة) أخرى و (خطاب للإخراج) ليس مشروطاً بمعني واحد كما كان يُعتقد من قبل. وقد أمدَّت هذه الدراسات التأويلية المسرح بمعارف جديدة بلغ تعقيدها ما لا يحصى. و "إن أحد محاولات إمداد المسرح ببدائل جديدة نابعة من التطورات الحديثة في النظرية النقدية؛ تكمن في تحرير المؤدي من استبداد المخرج. وباستخدام إحدى مقولات التنوير الشائعة نقول: أنه آن الأوان بالنسبة للمؤدي أن يستعيد مرة أخرى شجاعته في إعمال عقله، إذ لم يعد في حاجة أو لم يعد مضطراً إلي الاعتماد علي مخرج يخبره بما يعنيه النص.
    يستدعي هذا تفهماً لمبدأ (التوازي) في الممارسة الأدائية والذي يعني استيعاب الطبيعة الدينامية المتغيرة للمعني ذاته. كما أن الوقت قد حان أيضاً للعودة إلي روح مسرح عصر النهضة ومسرح العصور الوسطي حين كان يشكل المؤدي وما يؤديه لحمة العرض وسداه" .
    وإذا كان لزاماً علينا الخضوع لسلطة النص أو الإخراج بمفهومه التقليدي، فذلك الآن، لم يعد يتم بتلك البساطة التي يكتفي عندها المخرج بمقولة (هذا ما كُنت أعنيه)! فهنالك علي الضفة الأخرى مما تعني، تقف (دراسات التلقي) و (المسافة التأويلية) و (نظرية العرض). وبجماع هذه المعارف الجديدة لم يعد من اللائق أبداً أن نتحدث عن ما هو دقيق في الأصل بعمومية بائخة.
    " إن آفاقاً جديدة فُتحت أمام المسرح في الوقت الحاضر، خاصةً فيما يتعلق بتوظيف نظريات مثل نظرية النسبية التي أطاحت بكل المفاهيم الثابتة التي كوناها عن المكان والزمان، وذلك لتطوير بناءً استعارياً يتميز عن المنطق الملازم للمسرحية الكلاسيكية كما وضعه أرسطو. وهكذا تمَّ التشكك في المفاهيم الدرامية التقليدية مثل مفهوم الحبكة التي لا بد أن تكون خطية، منطقية، وخاضعة لمبدأ السبب والنتيجة. ومفهوم الشخصية التي لا بد أن تكون ذات طبيعة أخلاقية، تعليمية، أو حتى مفهوم الرسالة الدرامية التي من المفترض فيها أن تكون حقيقة جوهرية. إلا أن التكيف مع مثل هذه الآفاق الخصبة لن يكون سهلاً وسريعاً.
    يميز فولتير بين شيئين: اكتشاف مجال جديد، والاستيعاب الكامل لهذا المجال. في حالة الاكتشاف نوجد في حيز المعرفة، أما في حالة الاستيعاب الكامل فإننا نتقدم إلي حيز الفهم " . فلنتقدم إذن خطوة تجاه حيز المعرفة، أملاً في الوصول إلي حيز الفهم الفعلي. ذلك لأن هذا الأخير علي وجه الدقة هو ما يمكننا من صناعة تجارب مسرحية يؤبه لها علي مستوى الصورة المسرحية وعلي مستوى الآفاق الفكرية التي تعالجها أيضاً.
    هل المسرح السوداني المعاصر إذن، مسرح تجارب؟
    أسفرت الخبرة التجريبية للمسرح المعاصر في مستواه العالمي منذ لحظة (آنتونين آرتو) الباحثة عن أصل للحياة، أسفرت عن تجارب عديدة في صناعة العرض المسرحي لا تقل مسئولية عن أي صناعة فنية احترافية أخرى. فمثلما تقدمت حقول الشعر والرواية والقصة مثلاً، في صناعة وتحليل اللغة لأقصي درجاتها الممكنة - وفي بعض الأحيان لما هو غير ممكن - نهض هذا التحول في حقل الدراسات المسرحية علي فقدان الثقة باللغة نفسها كما أكَّدت ذلك تجربة العبث الفرنسي علي سبيل المثال.
    "فاللغة في مسرح العبث وفي مسرحيات (بيكيت) خاصة تصبح مجرَّد أصوات جوفاء، الهدف الوحيد منها هو درء غائلة الصمت الموحش الذي يلف الإنسان في وحدته الوجودية" . يقول (آرتو) واصفاً المسرح الكلاسيكي: "علي هذا المسرح أن يتجاوز مبدئياً فكرة اللغة من أجل الاقتراب من أصل الحياة".
    يرغب آرتو إذن في الاقتراب من أصل الحياة، وأصل الحياة عنده يعني "العودة بلغة المسرح إلي المرحلة البدائية – مرحلة ما قبل اللغة – ليحقق بها رؤيته. لذلك يعتبر وظيفة المسرح الجامد التقليدي هي وظيفة ثانوية. لأن الوظائف النفسية والأخلاقية لم تحل أزمة الإنسان" كما رآها بعيونه.
    بعد (آرتو) ظهرت تجارب عديدة علي مستوى صناعة العرض الجديد، أبرزها تجارب (بيتر بروك) (جيرزي غروتو فسكي) و (أوجينيو باربا) و (أوغستو بوال).
    جميع هذه التجارب خلَّفت وراءها سيلاً من المفاهيم الجديدة التي تركت بصماتها واضحة علي صورة العرض المسرحي الجديد. لكن هل استفدنا من هذه المفاهيم في صناعة صورة العرض المسرحي السوداني علي طريقتنا الخاصة؟ وإلي أي مدى؟
    المتتبع لمسيرة المسرح السوداني علي الأقل منذ بداية الألفية الثالثة، يلحظ أن مساره التجريبي ينزع نحو اللعب بالصور والأجساد ليس بحثاً عن إجابات محددة أو استناداً علي أسئلة كبري ينتوي الإجابة عليها كما فعلت معظم هذه التجارب. فالتجريب في المسرح السوداني لا يختلف كثيراً عن طريقة اقتفاء أثر المسرحية المحكمة الصنع السابق ذكرها. حيث ينتج في أغلب الأحيان وباستثناءات قليلة تجريباً (لا صلة له بأصل لحياة). إنه يجرِّب فقط، لأجل التجريب!
    " جاء المشهد المسرحي عند (جروتوفسكي) عبارة عن لغة بدائية تعتمد علي الأصوات والإشارات بحيث يمكن التعرف علي دلالاتها من خلال القيمة الدلالية لكل مفردة من مفردات العرض" .
    استهدف (بيتر بروك) "توحيد المجتمع العالمي من خلال المسرح، و ذلك من خلال محاولاته الدائبة لاكتشاف الخبرات الإنسانية المشتركة داخل الثقافات المختلفة، ومن ثم مزج هذه الخبرات وتوحيدها بغرض التوصل إلي لغة عالمية للأداء، حتى إنه قام بتكوين فرقة من مجموعة من الممثلين الذين ينتمون لثقافات مختلفة" .
    إن الميول المعاصرة للتجريب في المسرح، لم تجد فكاكاً من الأسئلة الفكرية والفلسفية الصعبة في عصر التحولات الكبيرة. ولقد زاوجت جميع هذه التجارب بين سؤال البحث عن صورة مسرحية جديدة تقنياً وبين ضرورة البحث المنفتح علي أفق العلوم الإنسانية، وبرزت أسئلة الثقافة البشرية وأسئلة التعدد الثقافي والاختلاف الثقافي والتهميش بمفهومه الأكثر عمقاً كما تجلى ذلك في تجارب أنثربولوجيا المسرح مع (أوجينيو باربا).
    "أصبح علي المسرح الجديد أن يبدأ في بناء علاقات جديدة مع المتلقي. الأمر الذي دفع رجال المسرح المعاصر في العقود الأخيرة من القرن العشرين، ومنهم باربا إلي البحث عن مسرح أو نوع من النشاط المسرحي يلتقي من خلاله أو فيه الفرد مع الفرد الآخر، والمختلف عن المختلف الآخر. مسرح يبحث في التعبير عن تلك العلاقات الاجتماعية الجديدة التي فرضتها التغيرات العالمية المعاصرة. لذا سار باربا بحثاً عن مسرح للمهمشين وللمختلفين ممن يحلمون أو ينشدون حياة أفضل وأعمق وسط هذا العالم المتغير. ومن ثم فإن جوهر التجارب المسرحية التي قدمها باربا في المسرح الثالث لا تكمن في مجموعة من العروض فحسب، بل تكمن كما يقول هو نفسه في عَيْشَهُ كعلامة ملموسة لمجموعة من الأشخاص المعزولين المهمشين من مختلف الأديان ومختلف اللغات، وفي الواقع كمجموعة من غير المتكيفين الذين امتلكوا الشجاعة للانسحاب من الأراضي الثابتة حيث يبدوا الناس وكأنهم يقومون بحرثها من أجل فائدة ما" .
    منذ لحظة (باربا) وإلي الآن، أصبح المسرح لا يهتم فحسب بالجموع الغفيرة من المجتمع، بل تحول الاهتمام أيضاً ليشمل حتى دائرة (الأقليات) وبمفاهيم جديدة مبتكرة. حيث حدث أن أشار الفكر السياسي إلي مفهوم الأقلية السياسية التي "أشار لها فيلسوفان من فلاسفة السياسة عند دراستهما للنظام السياسي الديمقراطي، فأشارا إلي طغيان الأغلبية السياسية الديمقراطية وطمس معالم وحقوق الأقلية – وذلك من أخطر عيوب الديمقراطية – أما الفيلسوف الأول فهو المفكر الفرنسي الشهير (أليكس دي توكفيل) الذي كان أول من لفت الأذهان إلي طغيان الأغلبية، ومن ثم طمس معالم الأقلية أو علي الأقل إهمال حقوقها وذلك في كتابه الهام (الديمقراطية في أمريكا)، والثاني هو الفيلسوف الإنجليزي (جون ستيوارت ميل) . لكن مع (باربا)، اتسع مفهوم (الأقلية) ليشمل حتى تلك (الأقلية المهرِّجة) كما أحل إليها بصورة ملفتة. ولأجل تحقيق هذا "يسلك باربا درب (الكوميديا ديلارتي) التي ظهرت في القرن الخامس عشر الميلادي نتيجة لحاجة بعض الأفراد المهمشين، ممن يعيشون خارج الأعراف الاجتماعية المألوفة إلي صورة أخرى من خلال تجمعهم في مجموعة واحدة يشترك أفرادها في التطلع لهدف واحد، هو تحويل عدم اجتماعيتهم هذه إلي اجتماعية" بشكل مختلف.
    إنَّها تلك الصورة الكوميدية الصارخة التي دخل بها المسرحي الإيطالي (داريو فو) وهو يحمل رسوماً كاريكاتيرية، بهو تلك الصالة الفخيمة للأكاديمية السويدية لجائزة نوبل، وهو يظفر بها في العام 1997، "ليلقي خطبته اللاذعة التي ذكَّر فيها ملك السويد بالقانون الذي سنته بلاده من قبل، (ضد المهرجين) و(البهلوانات) في العام 1757. و ليختم (فو) خطابه القارص قائلاً: سيدي الملك؛ هل تدرك أنَّك للتو قد منحت جائزتك الكبرى لأحد البهلوانات والمهرجين؟!"
    أسئلة الحقوق المدنية و أسئلة التعدد الثقافي، بل والاختلاف الثقافي كانت هي الأسس الفكرية التي استندت عليها تجارب المسرح المعاصر كما بينا ذلك في بعض تجلياتها. وفي المسرح السوداني المعاصر رغم حالة الغياب المزمن للتجارب المنتمية لأسئلة العصر، اقتفى أثر هذه الأسئلة المخرج المسرحي الراحل (مجدي النور) وحاول مداورتها بطرق مختلفة. فقد كتب علي إحدى قصاصاته الموزعة هنا وهناك عن عرض مسرحيته (عجلة جادين الترزي) عن دوافع كتابته لها مؤكداً علي ذلك الغياب الذي سجلته بصور مختلفة صورة الواقع عن خشبات مسارحه قائلاً: " كنت دائماً أري الحياة السودانية بعيدة عن خشبات المسرح. ذلك الهامش الممتلئ بالحياة في أطراف المدينة، معاناة الإنسان في بيت من الخيش من جوالات أسمنت عطبرة أو كنانة، فبدأت الكتابة عن ترزي بسيط موجود في (كرتون كسلا) وكل أحداث المسرحية تدور هنالك" . وقد حاول الراحل في معظم مسرحياتها التي أخرجها أثناء حياته مقاربة أسئلة هذا الهامش بصور مختلفة كتبنا عنها – مع آخرين - في الكتاب المخصص لتجربته والصادر عن منشورات المسرح الوطني في العام 2007.
    كثيراً ما نتحدث عن (الجمهور) في منابرنا المسرحية وكثيراً ما يثير هذا الحديث لغطاً كثيفاً مثلما حدث في الندوة التي عقدها اتحاد الدراميين قبل أشهرٍ قليلة وقدم فيها الممثل القدير محمد عبد الرحيم قرني ورقة بعنوان (الجمهور والمسرح). ينتج هذا اللغط في تقديري من إشكاليتين أساسيتين:
    الأولي هي أن سبل دراسة الجمهور في عصرنا الراهن، توفرها نظرياً الدراسات المتصلة بفتوحات النظرية النقدية نفسها في مجال (دراسات التلقي) و (فلسفة التأويل) وبعض التطبيقات المستمدة من علوم الإحصاء وعلم وظائف الأعضاء إن أردنا الدقة أكثر. أما نحن فلم نزل بعد نعتبرها ترفاً لا لزوم له. لذا فمن الطبيعي أن لا يصبح الجمهور بالنسبة لنا عنصراً معلوم الكيف والكم نتخبط في دراسته ونكتفي فقط بتوصيفه ككتلة عامة متجانسة غير قابلة للوصف الدقيق و تحكم عملية توصيفاتنا هذه مجرد انطباعات لا (معارف)، مثلها مثل تلك التعميمات السياسية التي لا نكف عن سماعها للحظة.
    علي سبيل المثال بتنا نعلم الآن أنه " تمَّ إخضاع تصفيق الجمهور واستحسانه للقياس، هذا فضلاً عن تسجيل وتحليل ردود الأفعال الفردية للمتفرجين وذلك باستخدام العديد من طرائق البحث مثل التصوير بالأشعة تحت الحمراء واستخدام أجهزة القياس عن بعد، التي تسجل التغيرات في الوظائف البيولوجية لأفراد الجمهور مثل درجة حرارتهم، ونبضهم وتنفسهم وما إلي ذلك" . كما بتنا نعلم أيضاً أن هنالك دراسات جادة تمت لتدعيم هذا الاتجاه في " مجال تصنيف عمليات الضحك. فبعض الباحثين توصل إلي وجود سبعة عمليات أو أشكال مختلفة للضحك بينما توصل البعض الآخر منهم إلي وجود إحدى عشر نوعاً من هذه العمليات" . تؤشر كل واحدة من هذه العمليات علي نوع استجابة مُعرَّف بدقة. فهل سنتقدم تجاه هذه الطرائق أم نكتفي بما ظللنا نطلقه من عموميات فجة؟
    أما الإشكالية الثانية فهي تكنولوجية بحتة. فمعمار خشبات المسارح في السودان – علي قلتها – غير مجهز بطرق تسمح بمثل هذه الأنواع من الدراسات بكفاءتها القصوى. ذلك لأنها في الحقيقة ليست مؤهلة حتى لتنفيذ إضاءة مدروسة بإمكانيات هائلة أو أجهزة صوت؛ غير تلك التي تحيل علي الموت وهي تتدلي كحبال (المشنقة) من أعلي المسرح. لم يعد هذا الأمر مكلفاً ولا صعباً؛ فهل سنفكر في طرق أخرى – غير الدولة بالطبع – لأجل إدخال هذه التكنولوجيا؟ أم نظل نلعن الظلام إلي ما لا نهاية؟


    14 / يناير 2011.




                  

02-04-2012, 09:30 PM

DKEEN
<aDKEEN
تاريخ التسجيل: 11-30-2002
مجموع المشاركات: 6772

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لماذا تصر الدراما السودانية علي تنميط المراة وتصويرها علي انها سطح (Re: سلمى الشيخ سلامة)

    الاخت سلمى..
    Quote: ..
    هل تعنى ان المراة مسطحة ؟هكذا ؟


    بالحيل..المراة السودانية سطحية لي درجة مرعبة..تكاد تنهي الآمال..
    ؟
    Quote: ..
    وكيف لك ان تجمع كل نساء السودان فى سلة واحدة

    لايستقيم طبعا التعميم، ودي مسالة نوقشت في تعميمات كثيرة هنا، وفي اجماع يوجبه منطق الاشياء الناس دي وصلت الى انو اي تعميم في مسائل المعيار فيها شخصي هو امر مخل.. لدرجة انو لم يخطر ببالي انو ممكن زول يظن انو انا عممتا هكذا قاصدا كل نساء السودان..
    Quote: ..
    وماهو التسطيح ؟

    ماتنقله الدراما السودانية عن مجمل السلوك العام للمراة..

    Quote: ..

    وماهى تجلياته ؟

    تجليات شنو ياسلمى ..هسي جخ السودانيات وسلوكهن غير الاقتصادي but not limited to مثلا عايز ليها تجلي .. والسؤال مستغرب كون الاجابة عليه لا يحتاج الى كثير مجهود..بالذات وانتي اكثر دراية بواقع الحال من خلال العمل الصحفي..

    Quote: ..
    على مستوى الواقع والدراما ؟

    على مستوى الواقع تمت الاجابة عليه في السطر السابق..وعلى مستوى الدراما تجدنيه فيما دعى اساسي لفتح هذا البوست..



    سطحية المراة السودانية يا سلمى -مع احترامي لنظرية التعميم المخل- مسالة حاصلة لدرجة انو كتاب الدراما السودانية السُذج (والذين لا يطالعون حتى جريدة) شايفنها..








    التعديل لخطا في الكوت..

    (عدل بواسطة DKEEN on 02-04-2012, 09:32 PM)

                  

02-09-2012, 12:47 PM

DKEEN
<aDKEEN
تاريخ التسجيل: 11-30-2002
مجموع المشاركات: 6772

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لماذا تصر الدراما السودانية علي تنميط المراة وتصويرها علي انها سطح (Re: DKEEN)

    اساسي بلاي ممكن تجيب ليناامثلة لهذه الدراما عشان نثري هذا البوست بمحاولات اثبات ما تبثه الدراما
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de