محمد علي جادين: التغيير قادم في السودان قريباً أو بعد حين..!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-12-2024, 06:56 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-23-2012, 12:21 PM

أحمد يونس مكنات

تاريخ التسجيل: 12-04-2004
مجموع المشاركات: 193

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
محمد علي جادين: التغيير قادم في السودان قريباً أو بعد حين..!

    * التيارات الإسلامية مضطرة لقبول الدولة المدنية والديموقراطية
    * الربيع العربي انتقل بالفكر القومى من المثالية للعملية..!
    *"الأيديولوجيا" كحلم لن تنتهي.. لكنها لم تعد مفيدة كمرشد ودليل عمل



    قال المفكر القومي وأمين سر "حزب البعث السوداني" محمد علي جادين إن حدوثت "ثورات الربيع العربي" في وقت واحد أو بالتتالي، وبنفس الشعارات يعكس وحدة توجهاتها، وإنها لا تعد تراجعا في حركة التحرر العربي، بل أنها انتقلت بها من مستوى الشعار القومي التقليدي إلى مستوى الحرية والديموقراطية.
    ودعا جادين لإعتماد "الدولة القطرية" كأساس للوحدة العربية، وإنها لا يمكن القفز من فوقها، وأن "الحركات القومية" التي كانت تقوم على الحزب الواحد، أعطت أولوية القضية الإجتماعية "الإشتراكية" على حساب الحرية، ما حولها لأنظمة استبدادية وعشائرية وطائفية، فشلت في تحقيق الوحدة العربية الإشتراكية ولم تحرر فلسطين.
    سودانياً رأي أن الإنتفاضة الشعبية محتملة الحدوث، لكنه لا يستطيع تحديد متى تحدث، وأن حدوثها ليس رهيناً بتمزق الأحزاب أو ضعفها، بل بالحركة الجماهيرية، وأنها حين تصل مرحلة معينة قد تصنع انتفاضتها، وتضطر الأحزاب والقوى السياسية اللحاق بها في الطريق.
    حوار: أحمد يونس

    * بـ"الربيع العربي" تغيرت أنظمة، وأخرى في الطريق، ورفع الثوار شعارات الحرية والديموقراطية، لكنهم لم يرفعوا شعارات "الأمة العربية"، هل يعني هذا أن الفكرة "القومية" تراجعت وانتهت ومعها الأيديولوجيا المعبرة عنها، وماتت مع بقية الأيديولوجيات..؟!
    ـ هذا ملاحظة شديدة الوضوح، عموماً فإن قيام هذه الثورات متتالية أو في وقت واحد تقريباً، وبنفس الشعارات، وضد أنظمة متشابهة، يعكس وحدة توجهها. ما حدث ليس تراجعاً بل تطور في حركة التحرر العربي عموماً، أي إنها انتقلت من مستوى لمستوى آخر، من مستوى الشعارت القومية المتعلقة بالوحدة العربية والإشتراكية، التي سادت إبان الحرب الباردة، بين الأربعينات والتسعينات، إلى شعارات جديدة تتعلق بالحرية والديموقراطية. هذا مستوى جديد لأن هذه الشعارات أهملت وهمشت في تلك المرحلة، وكان التركيز على الوحدة العربية والإشتراكية وقضية فلسطين والتحرر من الإستعمار، وسط تجاهل للديموقراطية وتحرير الإنسان العربي. فالدولة القطرية يجب أن تكون أساساً للوحدة العربية، ولا يمكن القفز من فوقها.
    فالأنظمة التي قامت على "الحركات القومية" كان أساسها الحزب الواحد، لأنها تعطي أولوية القضية الإجتماعية "الإشتراكية" على حساب الحرية، ما جعلها تتحول بعد ثلاثين أو أربعين سنة إلى أنظمة استبدادية وعشائرية وطائفية، فشلت في تحقيق الوحدة العربية الإشتراكية ولم تحرر فلسطين، بل أن تبعية بعضها للإستعمار الغربي كانت أكبر. لذا من الطبيعي أن تركز حركات الرفض والإحتجاج عليها على شعارات الحرية والديموقراطية باعتبارها البديل الذي يستحق التركيز عليه، لأنه كان غائباً، ما يؤكد أن تحرير الوطن يبدأ بتحرير الإنسان بالديموقراطية.
    * انطلقت هذه الحركات من الدولة القطرية، وقصرت عليها شعاراتها، هل تعد رفضاً كاملاً للفكرة القومية..؟!
    ـ ليس رفضاً لفكرة القومية بشكل كامل، لكنه رفض لشكلها الأيديولوجي المثالي الذي كان سائداً، الذي يرفض الدولة القطرية رغم أنها واقع معاش له ركائزة الإجتماعية والسياسية والثقافية.
    في مرحلة ما بعد الإستعمار تركزت الدولة القطرية أكثر وأصبحت حقيقة أساسية في الواقع العربي، وحتى الأنظمة التي أدعت القومية لم تستطع تجاوز دولتها القطرية، في العراق أو سوريا أو ليبيا أو حتى مصر. فمنذ السبعينات دعا كتاب ومفكرون عرب لإعادة الإعتبار للدولة القطرية كحقيقة ماثلة وواقع موضوعي، وليس شيئاً غريباً. في بعض الأقطار العربية الدولة القطرية هي حقيقة لها جذور، فمصر مثلاً دولة لها تاريخ يمتد لآلاف السنين، وكذلك دول المغرب العربي، والسودان دولة قديمة وليست دولة.
    ارتبطت فكرة رفض الدولة القطرية بالفكر اقومي في المشرق، الذي كان جزءً من الخلافة العثمانية، وعندما استقل عن الخلافة العثمانية، أتت اتفاقية "سايكس بيكو" وقسمت المنطقة فحدثت فيها تجزئة، وهي المنطقة الوحيدة التي حدثت فيها تجزئة قطرية، أما في بقية أنحاء الوطن العربي فلم تحدث فيه تجزئة، ما جعل الفكر ترتبط بالمشرق العربي، وهذا ما جعل الدعوة لإعادة الإعتبار للدولة القطرية تأتي من المغرب، وليس من المشرق، على لسان "محمد عابد الجابري" وآخرين.
    * هل لهذا علاقة بالقول أن "الأيدولوجيا" بشكل عام أصبحت عاجزة عن تقديم إجابات لأسئلة لإنسان القرن الواحد وعشرين..؟
    ـ الأيديولوجيا كحلم لن تنتهي، سيظل الإنسان يحلم بمستقبل مشرق، لكنها كمرشد ودليل عمل لم تعد مفيدة، بل يمكن أن تكون معرقلاً لفهم الواقع، وهذا حدث بسبب تطور العلوم الإنسانية، ففي الخمسين سنة الماضية، تطورت العلوم الإجتماعية، "الإقتصاد، الإجتماع"، وتطورت المعرفة الإنسانية باضطراد، وأصبح من الممكن إيجاد معالجات لقضايا المجتمع لم تكن الإيديولوجيات تحلم بها، بسبب هذه العلوم، فقد وجدت الأيديولوجيا الإشتراكية حلولاً في العلوم الإقتصادية مثلاً..
    * كيف تجد الإيدويولوجيا الإشتراكية حلولاً في العلوم الإقتصادية..؟
    ـ أسهم علمي الإقتصاد والإجتماع إسهامات كبيرة في الدول المتقدمة والدول المتخلفة معاً، وناقشتا قضايا كثيرة، وبدأت يقترح حلولاً للمشاكل الإقتصادية والإجتماعية، بما حقق ما كانت تحلم به الإشتراكية من عدالة إجتماعية، كانت مطروحة في الأيديولوجيا بشكل مبهم وعام، وفي العلوم الإجتماعية يمكن أن تحققه بشكل علمي معرفي، فعلم الإقتصاد وعلم الإجتماع يقترحان حلولاً معينة للوصول للعدالة الإجتماعية، ما قلل من مساحة الإعتماد على الأيدولوجيا.
    وفي مجال العلوم السياسية فقد حدث تطوراً كبيراً، ورغم أنه علم جديد، فقد قدم حلولاً كانت غير موجودة في الأيدويولوجيات القديمة "الماركسية، النظريات القومية، الإسلامية القديمة" قدم نظريات حول معنى الديموقراطية، ومعنى المشاركة في السلطة وممارساتها، والفصل بين السلطات، هذه العموميات فصلت في علوم السياسة.
    لقد صار بامكان الإنسان الإعتماد على العلم أكثر من اعتماده على الأيدويولجيا لأنها هروب من الواقع، وفيها غيب أكثر وحلم أكثر، وعلوم الإجتماع رغم أنها لم تكتمل لكنها تتطور يومياً، وما هو متوفر من علوم يكفي حاجة الحركة السياسية السودانية لعمل برنامج ومنهج تستفيد لمواجهة مشاكل الواقع، دون أن يلغي حلم الإنسان بالأمثل.
    * بعد الثورات أصبح الإسلاميون أصحاب الصوت الأعلى، وصاروا يتحكمون في واقع ما بعد الثورات، إلى أين يسوقون الناس، وفي البال تجارب الدولة الدينية في السودان وإيران وغيرها، فقد تجارب "محبطة" جدا..؟
    ـ سيطر الإسلاميون بسبب ظروف تسلط الأنظمة الإستبدادية طوال الخمسين سنة الأخيرة، وهو واقع أفرزته ظروف هذا التسلط، الأحزاب الإسلامية واللبرالية والقومية قمعت وضربت، وحسب اعتقادي فإن الحراك السائد هو حراك شعبي، وفي معظمه تقوم به فئة الشباب غير المنتمي، وتشارك فيه كل التيارات الأساسية في المنطقة، الإسلامية الإشتراكية، القومية اللبرالية.
    يتميز الإسلاميون بأنهم أكثر تنظيماً، وهذا يفسر لماذا فازوا في تونس وفي مصر، وربما يفوزون في مناطق أخرى لأنهم أكثر تنظيماً وتمويلاً، وتأتيهم أموال كثيرة من دول الخليج والسعودية ولديهم استثماراتهم الخاصة، ولأنهم كانوا متحركون في الفترات السابقة، ولأنهم مرتبطون بالعقيدة الدينية للشعب وهي عامل جذب يمكنهم من الكسب السياسي.
    المهم أن تكون هنالك ديموقراطية ودولة دستورية مدنية، تكفل الحريات، قد يفوزون في دورة انتخابية وثانية، لكن النظام الديموقراطي يتطور باضطراد ما يفتح الباب أمام التداول السلمي الديموقراطي للسلطة.
    إذا سارت الأمور في هذا الإتجاه فليس هناك مدعاة للخوف، وفوز الإسلاميين مبرراً إذا حدث في المرحلة الحالية والمرحلة المقبلة، ما قد يؤدي لتطوير أقسام كبيرة من الحركات الإسلامية في أتجاه قبول النظام الديموقراطي والتعددية السياسية والدولة الحديثة، والتراجع عن مقولات الدولة الدينية، والسيطرة باسم الدين، وسيكون لتجربتهم حكمهم في تونس ومصر تأثير إيجابي، لأن المطلوب منهم تقديم برنامج وليس شعارات.
    كما يساهم في ذلك، المجهود الفكري الذي بدأ يقوم به "الأزهر الشريف" في الفترة الأخيرة، والمذكرات التي قدمها، مذكرته الأولى حول مسألة الدولة، ورفضه وجود دولة دينية في الإسلام، بل دولة ديموقراطية ودستورية، وفي الأسبوع الفائت قدم مذكرة جديدة حول الحريات: حرية الدين، التعبير، العمل، والتنظيم وغيرها، يبدو أن الأزهر يسير في هذا الإتجاه مستهدفاً عدم ترك تفسير الإسلام لحركات الإسلام السياسي، ليكون له دور في لتحديد الوجهة العامة لدور الأسلا م في السياسية.
    * هل يملك الأزهر القدرة على القيام بهذا الدور..؟
    ـ للأزهر ثقل معنوي كبير وسط معظم المسلمين وله احترامه، رغمظل لفترات طويلة خاضعاً للسلطة المصرية، لكنه بدأ يتحرر عنها في الفترة الأخيرة، ويبرز كمركز مستقل، وصار له "شيخ أزهر" متعلم ومستنير، ذو تعليم غربي، "درس في فرنسا"، وتعكس المذكرات التي أخرجها هذا التفكير المستقل والمستنير.
    * من المرجح أن يسيطر الإسلاميين على سلطة ما بعد ثورات الربيع العربي في مصر وتونس، هل هم مؤهلون فكرياً وسياسياً للتعاطي مع العملية الديموقراطية، أم أن شعاراتهم الحالية مجرد إنحناءه للريح، يعودون بعدها لمفاهيمهم القديمة المناقضة للديموقراطية، يقبلون بها كيما ينقضوا عليها من جديد..؟
    ـ هذا سؤال تصعب الإجابة عليه لأنه يستدعي معرفة بهذه القوى، لكن من المتابعة العامة، فهناك عوامل تكبح أي محاولة للإنقلاب على النظام الديموقراطي، تتمثل في وجود أحزاب أخرى لبرالية وعلمانية ويسارية لها تأثيرها، وفي مصر فإن الأحزاب غير الإسلامية لها ما لا يقل عن (30 ـ 35%) من الأصوات، وهي ستكون عاملاً مرجحاً عند اتخاذ أي قرار.
    الإسلاميون في مصر منقسمون إلى قسمين، "أخوان، وسلفيين"، ولا أظنهم سيتفقون.
    في تونس هناك تحالف بين حركة النهضة الإسلامية وأحزاب يسارية وليبرالية، هذا شئ جديد، وستلعب هذه الأحزاب دور الكابح لأي أنقلاب على الديموقراطية، إضافة إلى دور منظمات المجتمع المدني التي بدأ دورها يتزايد بعد هذه الثورات، ودور منظمات المجتمع الدولية، والدوائر الحكومية التي لها مصلحة في الديموقراطية، وهي ستكون مفتوحة العينين لأي إنقلاب، واستبعد حدوث ردة على الديموقراطية كما حدث في السودان عام 1989م، أو في الجزائر 19991م.
    * كيف يمكن فهم طريقة الغرب وتعاطيه مع المتغيرات التي تحدث في المنطقة، ففي بعض البلدان وصل حد التدخل العسكري، وفي بعضها متردد، وفي بعضها يكاد يكون ضد ما يجري فيها من حراك مطالب بالتغيير..
    ـ تقصد قضية البحرين التي لم يهتم بها المجتمعة الدولي..
    * وقضية اليمن أيضاً..
    ـ الغرب ترك اليمن لدول الخليج والسعودية، لم يهتم بالبحرين وتركهما لدول الخليج أيضاً، واهتم بليبيا وسوريا، وهو عموماً تتحدد مواقفه حسب مصالحة، ليس إنطلاقاً من إيمانه بالديموقراطية أو الإنفتاح الديموقراطي، طوال عمرها لم تكن الدول الغربية مع الديموقراطية في المنطقة، بل كانت تقف مع الأنظمة العسكرية، وتدبر الإنقلابات، وتقف مع الأنظمة الإستبدادية كما حدث في تونس ومصر بشكل خاص، وظلت تقف مع دول الخليج والسعودية، وهي دول "ملكية تقليدية"، وليست دكتاتورية حديثة.
    هناك فرق في مواقفه، في ليبيا كان الموقف الحاسم فرنسي، لأنها تريد التكفير عن موقفها الداعم لـ"بن علي"، وتريد حصة في البترول الليبي، فتحمست لدعم الإنتفاضة الليبيبة عبر "الناتو".
    هناك تردد من الدول الغربية بشأن سوريا بسبب موقعها الإستراتيجي، وقربها من إسرائيل، إضافة لتحالفاتها الإقليمية مع حزب الله وإيران بسلاحهما المعروف.
    وهناك أسباب أضافية، تتمثل في الكلفة الكبيرة للتدخل العسكري، وبلدان الغرب تعيش أزمة إقتصادية لا تمكنها من خوض حرب، سيما وأن سوريا لا تملك بترولاً يسدد هذه الكلفة ويستحق التدخل. إصافة إلى الموقف الروسي والصيني، ووجود البوارج الروسية على الساحل السوري، وهو عامل مهم، لذا هناك تردد، رغم رغبة بعض دوائر المعارضة السورية في التدخل، وعملياً هو غير ممكن بسبب وجود عوامل الكبح تلك، إضافة إلى أن الدول الغربية ليست لديها رغبة حاسمة للتدخل في سوريا..
    * هل بمقدور الجامعة العربية ولجنة المراقبين التي كونتها التأثير على الأوضاع في سوريا ودفعها باتجاه التغيير..؟
    ـ خطة عمل الجامعة العربية هي الطريق الوحيد المتاج لخروج سوريا من أزمتها الراهنة، وليس هناك مخرجاً آخر، ويجب إعطائها الوقت الكافي لتحقق أهدافها رغم السلبيات التي تشوب مهمتها، وجود المراقبين على ألأرض وزيادة عددهم، يوضح الصورة من ناحية واقعية، وليس من ناحية إعلامية، فالنظام السوري له رواية وللمعارضة روايتها، المراقبون على الأرض يعطون رواية أقرب للحقيقة والواقع ما يساعد في حل المشكلة.
    المبادرة تذهب أكثر، وهي الوصول إلى مصالحة بين المعارضة والحكومة السورية، تنتج عنها تسوية سياسية ومصالحة وطنية، تؤدي لقيام حكومة وحدة وطنية لإجراء إنتخابات للإنتقال لنظام ديموقراطي.
    * أيمكن أن يستجيب نظام "وراثي" مثل النظام السوري ويقبل بمثل هذه الترتيبات..؟
    ـ يجبر على القبول بها، فقبوله بالمبادرة وبالمراقبين لم يكن متوقعاً لولا الضغوط، وبممارسة المزيد من الضغوط الإقليمية والدولية وضغط المعارضة يمكن أن يقبل لأنه لا حل له إلاّ بالقبول.
    * ما حدث من تغيير في المنطقة ـ ذهاب نظام حسني مبارك والقذافي وبن علي ـ كيف يمكن أن يؤثر على الإقليم حسب تقديرك..؟
    ـ سواء في مصر أو ليبيا سيكون مركز القرار ديموقراطي، وليس مركزاً واحداً ممثلاً في مبارك أو القذافي، مركز تشارك فيه قوى عديدة من بينها قوى ضغط كبيرة، ما يمكن من التأثير على القرار الليبي أو المصري من عدة قنوات.
    بالنسبة للسودان يتأثر القرار في البلدين بالعلاقة بين الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، القرارات بين البلدين كانت تتخذها الأجهزة الأمنية والرئيس، وهي جهات لا يمكن الإلتقاء ونقاشها، الآن هناك مشتركات وقنوات حوار من خلالها تبحث القرارات المتعلقة بالبلدين.
    * سودانياً، هل الأوضاع مهيئة لحدوث انتفاضة شعبية..؟
    ـ على غرار الربيع العربي..
    * ليس الربيع العربي وحده، بل تراث السودان وتجربته في الإنتفاضات، ما يجعله مؤهلاً أكثر من غيره لحدوث انتفاضة، إلى أي مدى يمكن أن يصدق هذا الكلام..؟
    ـ كل المؤشرات تدل على أن التغيير قادم، قريباً أو بعد حين، للسودان تجربته في الإنتفاضات الشعبية وإسقاط الأنظمة العسكرية، فقد أسقط نظاميين عسكريين خلال عشرين عاماً تقريباً، ويعيش النظام السوداني أسوأ ظروفه، والسودان نفسه يعيش مأزقاً كبيراً، ما يفتح الباب أمام إحتجاجات وانتفاضات، وتفكر جماعات كثيرة في الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني بطرق إسقاط هذا النظام.
    الأزمة الإقتصادية واسعة ومتزايدة وليس هناك حل منظور. وهنالك حرب في أربعة جبهات تقريباً، وقضية انفضال الجنوب، مسؤولية كبيرة يتحملها النظام القائم، ولم تتوقف بعدها الأمور، بل حدث توتر بين الدولة الوليدة والدولة الأم، ومازالت الأمور تشهد شدّاً وجذباً. وتتقلص المشاركة في السلطة يومياً، تستبعد الأحزاب والنقابات، وهذه كلها ظروف تفرض التغيير، كما يشاع أن هناك تململ وسط "المؤتمر الوطني" بضرور تغيير السياسات في عدد من المجالات، ما يعكس هذه الحقيقة، وهي يعني أن الإحساس بضرورة التغيير وصل حتى الحزب الحاكم، وبالتالي يمكن أن يحدث التغيير..
    * قلت أن الظروف الموضوعية لحدوث انتفاضة ناضجة فما الذي يحول دون حدوث التغيير..؟
    ـ الإنتفاضات لها ظروف تجعلها تتفجر، ولا تأتي لرغبة، وتحتاج لتراكم طويل نسبياً، وأن تكون هناك رؤية واضحة لمرحلة ما بعد إسقاط هذا النظام، "شكل الحكم، الديموقراطية". الإعداد للإنتفاضة صعب وحدوثها لا يتم بين ليلة وضحاها، وصعب توقع متى تحدث، ولا يمكن القول أن هناك جهة معينة تخطط لإنتفاضة فتحدث. التخطيط يأتي بعد حدوث الإنتفاضة، لكن قبلها لا يمكن التخطيط لها، فانتفاضات 1964م، و1985م انفجرت من خلف ظهر الأحزاب، ثم لحقت بها بعد ذلك، وفي الحالتين كانت الأحزاب "منقسمة"، وليست في جبهة واحدة، هذا وضع غريب، يقلب "زعم" بعض المسؤولين الحكوميين أن الأحزاب متفرقة وضعيفة، وبالتالي لن تقوم انتفاضة، يمكن أن تقوم الإنتفاضة رغم ضعف الأحزاب البين، الإنتفاضات لا تصنعها الأحزاب، بل الجماهير المكتوية بنيران الأزمة ، وبالرغم من ذلك فهناك ضرورة لوحدة قوى المعارضة على أساس الحد الأدني، للعمل بما هو ممكن.
    * قوى المعارضة المسلحة، حركات دارفور أو اللجنة الثورية، هل تملك القدرة على إحداث تغيير مسلح، أو إنقلاب مناوئ..؟
    ـ لا أظنها تملك القدرة، فمن وجهة نظري هي حركات "جهوية" ترتبط بمناطق ومطالب معينة، وهي أقرب للوصول إلى تسويات مع المركز وليس تغييره هذا خلاصة تاريخ هذه الحركات منذ الإستقلال، أقواها كانت الحركة الشعبية لتحرير السودان، لكنها وصلت لهذه النقطة، كانت تعمل مع التجمع الوطني، وحين وجدت فرصة للتسوية الثنائية، تركت التجمع الوطني، وتوصلت لتسوية مباشرة مع المركز.
    لذا فما يحدث في دارفور أو جبال النوبة أو النيل الأزرق، أقرب للوصول لتسويات من إسقاط النظام، لكنه يساعد في اتساع أزمة النظام الحاكم وتوفير ظروف التغيير.
    * البعض يظن أن الخوف من انهيار الدولة السودانية أحد العوامل التي تؤخر حدوث الثورة أو الإنتفاضة.
    ـ هذا تحليل وارد، ما يجري في سوريا وما يجرى في اليمن وما جرى في ليبيا درس للسودان، لأن النظام السوداني لا يختلف عن الأنظمة الثلاثة، هناك فئات معينة مسيطرة على السلطة والثروة والأجهزة الأمنية مستعدة للدفاع عن نفسها إلى آخر لحظة، ويمكن أن تقاتل كما يقاتل النظام السوري.
    عدد كبير من الناس يفكر فيما إذا حدثت انتفاضة في السودان، هل ستكون مثل الإنتفاضات العربية التي تستمر سبعة وثمانية أشهر، انتفاضاتنا كانت ثمانية أيام أو أسبوع، ينحاز بعدها الجيش للشعب، هذه المرة الوضع مختلف وغير متوقع حدوث انحياز في وقت قصير..
    * لكن الحكومة السودانية معزولة دولياً ومحاصرة، ويمكن أن يسهل هذا في حدوث الإنتفاضة..!
    ـ هذا عامل مساعد، لكنه لا يقلل من قدرتها على القمع والإستمرار لفترة كما حادث في اليمن وفي سوريا..
    * تشهد الحدود بين الدولتين الشمال والجنوب وصل مراحل مرحلة متقدمة، هل يمكن أن تصل الأمور لمرحلة الإحتراب المباشر..؟
    ـ هي متوترة وتتصاعد باستمرار، وهناك وساطات تتدخل لتهدئة التوتر، ليعود الطرفان للتفاوض، "مصر، إثيوبيا، أمريكا"، وقوى إقليمية ودولية لا تريد الوصول لحرب مفتوحة بين الدولتين، بل الوصول لحل للمشاكل العالقة بينهما. ويلعب عامل البترول دورا مهماً بالنسبة للطرفين، كل لديه أمل في أن يسهم في حل مشاكله، لذا لن تصل التوترات مهما تصاعدت لمرحلة الحرب المفتوحة.
    * الصين دولة صديقة لحكومة الشمال، والآن ستجد نفسها مضطرة لتطوير علاقتها مع دولة الجنوب، مصلحتها أصبحت أكبر مع الجنوب، هل يمكن لها أن تصبح حائط إسناد لحكومة الخرطوم لتبقى، أم ستكون لها خيارات أخرى..؟
    ـ للصين مصلحة في تعاون الدولتين والوصول لحلول للقضايا العالقة بينهما، ولفترة قادمة لا تقل عن سنين سيظل بترول الجنوب بلا مخرج إلاّ عبر أنابيب النفط الشمالية، والصين تضع هذا في الإعتبار لأنها من بنى خط الأنابيب ويعرف كلفته والوقت الذي يستغرقه إنشاء خط جديد، لذا ستهتم بوصول الدولتين لإتفاق في الوقت الراهن، أو لحين توصل الجنوب لتصدير بتروله بطريق آخر غير الشمال.
    * أين التيار القومي العربي من هذه الأحداث..
    ـ اعتقد أنه موجود في الثورات في ليبيا وسوريا ومصر واليمن، ولو كان ضعيفاً، بحكم ظروف الثلاثين أو أربعين سنة الماضية، فهو منقسم لثلاثة أقسام، قسم ضد هذه الثورات، مع بشار الأسد، مع علي عبدالله صالح، بحكم ارتباطه بالسلطة، وبمفاهيم مرحلة الحرب الباردة، "نظرية المؤامرة التحرير، مواجهة الإستعمار". وتيار متردد بين الطرفين، غير قادر على حسم موقفه، مع الربيع العربي، لكنه غير قادر على السير معه للنهاية، والثالث مع الربيع العربي بشكل كامل، وأرى أنه التيار الديموقراطي في التيار القومي العربي، وموجود داخل كل التيارات القومية.
    * هل هذه مواقف سياسية معلنة، أم أنها مواقف تيارات داخله..؟
    ـ بعض المواقف معلنة، حزب البعث السوري حزب قومي، هناك بعثيين في اليمن مع علي عبدالله صالح، في قوميين في مصر مع النظام السابق..
    * كيف يؤثر ما يحدث في المنطقة على قضية العرب المركزية، القضية الفلسطينية..؟
    ـ هذا الحراك مفيد من زاوية اعتماد القضية على الحركة الحماهيرية، أكثر منه على الأنظمة، وهي القوى الحية التي يمكن أن تحدث الفعل، أما الأنظمة فتناور حسب مصالحها، تتقدم ووتأخر وفقاً لها، ومع تطور الثورات العربية يظهر البعد القومي وتظهر شعاراته أكثر.
    ففي مصر بعد سقوط مبارك بشهر أو شهرين ظهرت مشكلة العلاقة مع كامب ديفيد والعلاقة مع إسرائيل، وسوريا لديها قضية وطنية "الجولان المحتلة"، وأي قوة تأتي للحكم في سوريا لن تكون دون بعد قومي، وهذه هي الفائدة الرئيسية للثورات العربية، ستجد جماهير كثيرة تتضمن منظمات مجتمع مدني وأحزاب وقوى تعد أكثر تأثيراً من الأنظمة نفسها، لأن الأنظمة والجامعة العربية يمكن أن تقف معها يضاف إليها التحالف الجماهيري هذا، بما يحقق للقضية دعماً أكبر.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de