عاطف صغيرون : - مرت أربع سنوات على رحيل القدال ومازال الجرح ناتحا

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 05:58 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-11-2012, 04:18 PM

wadalzain
<awadalzain
تاريخ التسجيل: 06-16-2002
مجموع المشاركات: 4701

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عاطف صغيرون : - مرت أربع سنوات على رحيل القدال ومازال الجرح ناتحا

    كتب عاطف صغيرون فى جريدة الصحافة اليوم


    Quote: عاطف صغيرون: أربع سنوات مرت على رحيل الصديق المفكر بروفيسور محمد سعيد القدال. ورغم أن الجميع يفترض ان الزمن كفيل بتبرئة الجروح، الا إن جرح القدال ظل ناتحاً، بل اننى أكاد أجزم أن ذكراه هذا العام قد تكون أكثر ايلاماً، فالبلاد التى أفنى عمره وفكره لأجلها تعيش أقسى سنواتها.. فالجنوب قد ذهب.. والشرق يستعر.. والشمال يلتحف أهله العراء مطالبين بحقوقهم.. والضائقة المعيشية تمسك بتلاليب الوسط، والخرطوم تجأر بشكواها .. ولا شىء مستقر.
    شرعت فى كتابة رسالة رابعة لصديقى الراحل الا إننى وجدت إن الحزن يغمرنى، فماذا سأقول له عن حال البلاد وحالنا!! لذا اقتطفت بعض كلمات سابقات كتبتها له فى السنوات التى أعقبت فقده علها تكون بمثابة رسائل قصيرة له تجعله كعادته متحدياً للغياب، فلقد ذهب الى عالمه ولكنه حاضر بيننا لايزال.
    لقد كان الحاضر الغائب المغفور له القدال استاذي فى مدرسة الخرطوم الثانوية الحكومية فى زمان كان الأساتذة هم قدوة الطلاب، وإنتاجهم الفكري محل النقاش. كنا مأخوذين بك مبهورين ، كنت حازماً جاداً ولكنك لم تكن فظاً، فلم ننفض عنك ولم نتباعد، بل اقتربنا ننهل من علمك وفكرك.
    علت الروح والجسد نام وانقضى من الدهر عام على رحيلك يا همام، يا له من يوم غابر يوم السادس من يناير 2008م. حين أعلن الحكم الصائر باقتلاع الصرح الجاسر واختطاف العلم النادر، فيا له من زمان جائر حينما تركنى القدال بعده حائراً، ولكنى على الدرب سائر.. فكلنا فى الحياة زائر.. هل للحياة غير القدر من خصال يا من عشت دوماً فى نضال.. وعم الأسى قلبى وسكن الحزن البال.. فلك كل الحب والإجلال...
    فى نهار الأحد السادس من يناير 2008م حط الموت رحاله فى قلعة العلم الخرطوم، وأخذ من بيننا علماً من أعلام الفكر والمعرفة الأستاذ المربى البروفيسور محمد سعيد القدال، فقد كان الرجل الباحث مثالاً للإنسانية بلا منازع ــ الرجل يتمتع بالعلم والتواضع والمعرفة واللين والمقدرة والسماحة والصفح.. الرجل كريم الخلق بر رحيم .
    القدال الذى ولد بمدينة سنكات عام 1935م في أسرة تجذر فيها العلم والتعلم، تخرج في جامعة الخرطوم كلية الآداب عام 1958م، وحصل على الماجستير فى التاريخ من جامعة بولاية كاليفورنيا الأمريكية عام 1964م، وكان حصوله على الدكتوراة من جامعة الخرطوم عام 1981م، وعمل خلال ذلك فى مهنة التدريس بالمدارس الثانوية والمعاهد العليا والجامعات. وكان ملتزماً صارماً بقضايا وطنه منذ وقت باكر من عمره، يناضل من أجل حقوق الإنسان وحريته. وكان الفقيد يغار على وحدة هذا الوطن العزيز، وينادى بتكاتف أبنائه لا فرق فى العقيدة والمذهب، وهذا ينعكس فى مجموعات أصدقائه ومعارفه المختلفة. وكان من أهم مميزاته ثلاثة: حبه للحق وحبه للصراحة وحبه للكرامة. وسيظل جزءاً غالياً من ذاكرة الشعب السودانى، وصفحة مضيئة فى التاريخ الإنسانى، بحياته الثرة وعبقرياته الفريدة إلتى سكب فيها عصارة خبرته وتجاربه وعلمه وفنه ورقته وخفة روحه!!. وكان من الطبيعى أن يكون القدال صاحب مشروع فكري. فقد كان صوته متميزاً بين المؤرخين المعاصرين لتاريخ السودان، صوت جعله صاحب مدرسة فى المدرسة التاريخية السودانية، وانحياز القدال لقضايا التغيير والعدل والمساواة لم يكن انحيازاً طبقياً، إذ أنه لا ينتمي طبقياً للمسحوقين والمعدمين والمهمشين. فهو فى هذا لا يختلف عن غالبية مثقفى السودان ومثقفى البلاد الأخرى الذين انحازوا لبرنامج اليسار بفعل انحياز اخلاقى، لأنهم يرفضون ظلم الإنسان لأخيه الإنسان ويسعون لبناء عالم ينتفى فيه الظلم، ولقد دفع القدال ثمن انحيازه للتغيير ولعالم أكثر انسانية سجناً وتشريداً، إلا إنة ظل ثابتاً، يقدم العطاء تلو العطاء.
    كان الفقيد شديد التعلق بتاريخ وطنه فى عصوره كلها، لدرجة إنه كتب مؤلفه المقتضب «المهدى: لوحة لثائر سوداني» نتيجة انفعال عارم انتابه فى اوراقة المكتبة الرئيسية بالجامعة ــ سقاها الطل ــ لعدم وقوفه على مؤلف عن المهدى مقابل وجود أكثر من خمسة مؤلفات عن غردون باشا بتلك المكتبة. وقام الفقيد بإسهامات مميزة بالأخص فى ما يتعلق بالثورة المهدية، فقد قام بأول تحليل اقتصادى اجتماعى للثورة المهدية، وعلى وجه الخصوص السيرة التى قدمها للإمام المهدى فى السياسة الاقتصادية للمهدية، كما قدم الفقيد كتباً تعليمية شاملة فى تاريخ السودان سواء للمبتدئين أو المختصين، وقدم الفقيد بعض إسهاماته النظرية في ما يخص فلسفة التاريخ، خاصة دراسته عن الانتماء والاغتراب.
    إن القدال هرم وعالم كبير ومناضل جسور قضى حياته ما بين الجامعات والمعتقلات، فقد زاملته كثيراً، وكان مواظباً ومعظم مؤلفاته وضعها داخل السجون، وفى ظروف عصية لا يستطيع أن ينتج فيها علمياً، وتولى كرسى الأستاذية فى التاريخ بجامعة الخرطوم، وتخرج على يديه الآلاف من طلاب الدراسات العليا، وشغل منصب نائب رئيس اتحاد الكتاب السودانيين. وكان همه أن يتحول التاريخ من مجرد حكاوى وقصص إلى مدلولات، وكان مجتهداً من أجل الديمقراطية والحرية، ومن أجل الثقافة الوطنية، وكان مجتهداً بجرأة فى قضية التنوير الدينى للتعامل بفكر مستنير مع القضايا الدينية. وظل القدال يدافع بقلمه وأفكاره عن الحريات السياسية والعدل الاجتماعى حتى آخر نفس فى حياته. وكتابات القدال ومؤلفاته اكتسبت أبعاداً مهمة ونقاط تماس عديدة مع الآم شعبنا وتطلعاته وتوقه للحياة لكى تليق بالإنسان المعاصر. وتفوق على جيله وأجيال من سبقوه إنتاجاً وفيراً وجاداً ومفيداً، ومع كل هذا كان يزينه تواضع العلماء وبساطتهم، وكأنى به درويشاً أو زاهداً متقشفاً اقرب إلى الصوفية من الأبرار.
    وكان منهجه فى الدراسة أن الإسلام مكون أساسى من ثقافتنا وتراثنا، ومن هذا المنطلق لا بد من الغوص فى دراسته دراسة عميقة تنشر الوعى والاستنارة لا التضليل باسم الدين. وكانت حصيلة دراسته مؤلفات منها: الإسلام والسياسة فى السودان والإنفاق فى القرآن الكريم، وكذلك اهتم بظاهرة الهوس الدينى وقدم عنها دراسات نشرت فى حلقات فى الصحف المختلفة، وأيضاً أهتم بدراسة ظاهرة الجذور التاريخية والاجتماعية للإرهاب وسط الجماعات الدينية.
    وكان التعليم من محاور اهتماماته الأساسية، وفى ذلك أصدر مؤلفه: التعليم فى مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية عام 1971م. وأيضاً اهتم القدال بالترجمة، مثلاً ترجم كتاب جون قول عن الطريقة الختمية في السودان وغير ذلك.. مات القدال وكان موته «موت دنيا» من منظور الدكتور عبد الحليم ومحمد أحمد المحجوب، و «موت حلم» حسب رؤية غراهام توماس و «موت مؤرخ» من وجهة نظر زملائه فى المهنة وطلابه الذين نهلوا العلم من فيض عطائه السابل.
    عاصرناه ونحن ثلة من الطلبة المشاكسين فى جامعة الخرطوم فى عقد الثمانينيات «1982-1986م» بقسم التاريخ بكلية الآداب، وكان وقتها يدرسنا مادة تاريخ السودان الحديث، وكنا نتحلق حوله ونتحاور معه حواراً ساخناً وممتعاً، لأنه كان يجرح ثوابت معرفتنا الضامرة عن تاريخ السودان، ويعتبرها متغيرات من عرف التاريخ، بحجة ان المتغيرات تتجدد تبعاً لتجدد حركة الزمان والمكان، وتتأثر سلباً وإيجاباً بجدلية التحدى والاستجابة المصاحبة لكل حدث تاريخي، وتتفاعل من العلاقة الثلاثية الجامعة بين وسائل الإنتاج والقوى المنتجة وعلاقات الإنتاج الجامعة بين كليهما، وكنا نختلف معه فى تفسير بعض القضايا التاريخية، إلا أنه كان معلماً كفؤاً، يؤمن بأدب الخلاف الذى لا يفسد للود قضية. ومن ثم توثقت العلاقة بيننا وبينه داخل قاعات الدرس وخارجها، وأضحت صلتنا به قوية، لأننا استفدنا منه كثيراً وتعلمنا منه ما لم يجنه زملائه فى الجامعات الأخرى، لأن حوارنا معه كان حواراً فكرياً بحتاً، أخرجنا من قوقعة تفكير النسق والرؤية الآحادية لتفسير مفردات التاريخ الإنسانى
    والأسرة افتقدت ذلك الاب الرحيم والعطوف، المرح بحيث يصعب التجول فى أطراف المنزل دون تحليق روحه المرحة على جنباته، يشمل الجميع برعاية نادرة، يتفقد الناس بالسؤال عن الحياة كيف تسير؟ ماداً يد العون والنصح والتوجيه فى غير غلو أو تطرف. وكان مرتب الذهن صبوراً مثابراً. حيث تندهش أمام اتقانه للعمل أمام جهاز الكمبيوتر وهو الذى تعلمه وهو فوق الستين من العمر.
    ستبقى ذكراك قيمة نضالية تجسد الصمود والصدق وحب الخير لمجمل الإنسانية، خاصة للذين عرفوا عمق ما تعرضت له من فصل تعسفي وسجون قاسية. نم هانئاً يا قدال فالكل يعلم أنك لم تسع إلى السلطة يوماً ولا بحثت عن بريقها وعنجهيتها لحظة، بل أنهم يعملون أيضاً أنك قد غلفت نضالك بمواقفك الشجاعة وبتواضعك الاسطورى.
    ولكنك ايضاً أضأت دروباً لنا بواسع الحكمة وعمق التربية السليمة، وستظل روحك تحلق دوماً فى فضائنا وتشملنا بالطمأنينة والحب والحنان، وستظل ذكراك ملهمة لنا على مدى حياتنا، فلك خالص المودة، ولتطمئن روحك ولتحفك السعادة الأبدية.
    لقد قمنا سوياً بكتابة كتاب «الشيخ مصطفى الأمين» وكتاب «سيرة الحاج بشير النفيدى»، وكانت حقاً تجارب فذة لي، وكيف لا وأنا أتشارك عملاً كبيراً مع أستاذي القدال.. وكما وعدتك صديقى فإننا لازلنا نواصل مشوارك، وسنرعى كل كتبك التي تحت النشر لترى النور لتكون بين أيدي القراء أبناء هذا الشعب الذي عشقته وعشقك، لم يبق في الخرطوم وغيرها غير الحزن الكبير، أحبة أوفياء ومنهم الطلبة في الجامعات السودانية وجامعة عدن وجامعة بيرقن بالنرويج والأصدقاء بنادي الرياض والزملاء والزميلات بجامعة الخرطوم منهم دكتورة فدوى عبد الرحمن ودكتور بابكر محمد الحسن نقيب أساتذة جامعة الخرطوم، ودكتور عدلان الحردلو وأستاذ وليم أمين قاعة الشارقة بالجامعة وغيرهم، والإخوة في فطور الجمعة بمنزل صديقك محمد نور السيد والجيران الفاتح خليل ومحمد على محسي، وغيرهم من عدلائك دكتور تاج السر والمهندس محمد الحسن وغيرهم. أما بروفيسور على فضل ودكتور ايهاب أنور والأحباب فقد تقبلوا التعازي في فقدك بدار الجالية السودانية بصنعاء، ومنهم صديقك دكتور باصرة وزير التعليم العالي باليمن، وأما مجلس العزاء فقد نظمه الأصدقاء بعدن بإشراف دكتور مبارك حسن خليفة وأبو رجب الذي كان في انتظار حضورك لليمن لمناقشته في رسالة الدكتوراة يوم 15 يناير 2008م.
    أخي محمد سعيد القدال لقد نعتك الصحف وبها صورتك الجميلة، فبت من شدة الأشجان أرتجف، ولم يبد حينئذٍ مني على جلدي إلا وجوم وإلا أدمع تكف. أرى المنتديات بعد فقدك اليوم ناقصة تعوزها كلمة منك، ولا ينفع أن تقتطف من الإنتاج الأدبي الذي تركته لنا في حوالى أكثر من عشرين كتاباً، وهنا أسأل الله أن يوفقنا لأن نعمل على إعادة طبعها لإثراء المكتبة السودانية ولفائدة الأجيال القادمة، وكذلك العمل على طباعة إنتاجك الذى لم يرَ النور بعد، حقاً أجهدت نفسك في الإصلاح مجتهداً بما كتبت في الكتب أو الصحف اليومية من أجل الإنسان السودانى. وما كنت أرجو أن يموت القدال حتى تنال حقوقها الأمة السودانية جمعاً، ويتم التحول الديمقراطي السلمي في البلاد، كان القدال قد اختار المبدأ على المصلحة، وكانت مواقفه تعبر عن ضميره، ورحل صاحب النضال في صاحبة الجلالة بمثالية بصفته إنساناً.
                  

01-11-2012, 09:26 PM

سلمى الشيخ سلامة
<aسلمى الشيخ سلامة
تاريخ التسجيل: 12-14-2003
مجموع المشاركات: 10754

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عاطف صغيرون : - مرت أربع سنوات على رحيل القدال ومازال الجرح ناتحا (Re: wadalzain)

    الاخ العزيز ود الزين
    هذه رسالة كان بعث الى بها القدال تغشاه الرحمة من النرويج
    وهى رسالة ما تزال طازجة رغم مرور الاعوام عليها

    قبل ان انشر الرسالة ساحكى لك واحدة من طرائف القدال
    كنت على تواصل مع خالى رحمة الله عليه صلاح احمد ابراهيم كنا نتبادل الرسائل
    وفى اخر رسالة لى معه من القاهرة
    عادت الرسالة من باريس
    فكلمت القدال عن تلك العودة للرسالة
    فحدثنى يومها عن مرض صلاح رحمة الله عليهما
    وبعد عدة ايام شاء الله ان يرحل الخال صلاح
    فكلمنى القدال فى التلفون وقال ساخرا
    ـ وكت بتعرفى تكتبى الرسايل البتكتل دى رسلى واحدة للريس ياخ ..

    نص الخطاب


    كتب الى ّ من النرويج يومها كنت فى القاهرة وذلك فى 21ابريل 1992 يقول
    "عزيزتى سلمى
    أكتب اليك من بلاد بعيدة ـ بعيدة جدا... وما زالت قمم جبالها مغطاة بالثلوج،ولعل المتنبى الذى اندهش لجبال لبنان وقال فيها:ـ
    بجبال لبنان وكيف بقطعتها
    من الشتاء وصيفهن شتاء
    لعله كان سيندهش أكثر لو شاهد هذه الجبال ولافرغ بعضا من عبقريته الشعرية فى وصفها .. الطقس هنا ما زال قلبا بين المطر والجليد والشمس التى تطل علينا فى استحياء بين الفينة والفينة ...
    هذه المدينة من اجمل بلاد الله ، لم ار اجمل منها سوى مدينة سا ن فرانسيسكو فى امريكا ، فكلتاهما حافظتا على نمط تراثهما المعمارى القديم ولم يستبدلاه باشكال المدينة الحديثة المتشابهة التى تكاد تبعث على السأم أحيانا ..
    يبلغ عدد سكان النرويج كلها اربعة ملا يين ، ومدينتنا هذه ثانى مدينة ويبلغ عدد سكانها بضعة الاف أى أقل من سكان الجيزة ..!
    يخيم عليها هدوء شديد وسوف احتاج الى زمن طويل حتى آلفه، والناس يتحدثون همسا "وانا مع طرشى دا " أجد مشقة فى متابعة حديثهم فانصرفت عنه واستغرقت فى تأملات "واحلام لم تكتمل "
    أسكن فى غرفة بالنسبة لمساكن حلوان جنة الله فى ارضه ، أما بالنسبة لهذه البلاد فهى غرفة "########ة " لكن بها كل مقومات الحياة الحضارية "دولاب للملابس وحمام ، ورف للكتب ، ومكتبة ، وشمعدان وشمعدان آخر للقراءة فى السرير ـ يعنى دنيا داعكة ـ وهناك مطبخ مشترك لأربعة أشخاص وبه احدث معدات الطهى ، وأعتقد ان تكاليفه تساوى ميزانية "مجلس شعبى مدينتك امبدة وربما معه العباسية ايضا "
    اثنان من سكان الشقة التى انا بها عجوزتان شمطاوان ، وأخشى ان "يشربان دمى " ولذلك كلما اراهما أقرأ آية الكرسى ،وأتذكر قصيدة الشاعر المصرى على محمود طه الذى وجد نفسه فى فندق مخصص للنساء العجائز ، وطبعا وجد "روحه انسلت " فكتب يقول :ـ
    حديثهن صياح وضحكهن هدير
    ومشيهن ارتباك وتارة تقدير
    أفى فندق أنا ؟ أم فى جهنم محشور
    اين الحسان الصبايا ان كان هذا النشور ؟
    لكنى لم اصل بعد الدرجة التى بلغها من الضجر، رغم أن الغربة والهدوء ورتابة الحياة امور شاقة ، ولكن احاول ان اقهرها بالانكباب على العمل وقد قطعت شوطا بعيدا فى الترجمة ، كما أقرأ الانتاج الاكاديمى الرفيع بهذه الجامعة حول السودان ، انتاج غزيرومتقن يبعث على الدهشة والاعجاب ، واعتقد ان جزءا عزيزا من عمرنا قد ضاع بين جريدة الانقاذ الوطنى والرائد يونس ، وقبلها تبددت انضر سنوات العمر فى عهد نميرى ...!
    أشتاق فعلا للسودان واعتقد ان الله قد ابتلانا بحب هذا الوطن ، والا كيف نفسر هذا الاشتياق ؟سوى انه بلوى او "تعذيبا للذات "
    التسلية الوحيدة ثلاثة شرائط كاسيت "للشفيع ، كابلى ، ابو داؤود "اسمعها باستمرار واعتقد انها سوف "تنسهك " عند انتهاء اقامتى ، والتسلية الاخرى السينما ، وهى تعرض افلاما جديدة وقيل لى انها ممتازة ، شاهدت فيلما واحدا منها وسوف اواظب على مشاهدة البقية فما باليد حيلة ، لكن البرد والمطر مشكلة ، فالبرد اشد قسوة من الذى قتل اخانا اباذر ، اشتريت "شمسية" فهى مهمة هنا ، بل انها بالنسبة لهم اهم من "الشرف "
    الحياة هنا غالية جدا ومستوى المعيشة مرتفع ، وتصبح الاسعار فلكية عندما أقوم بممارسة هوايتى بتحويل المبالغ الى الجنيه السودانى ، وإذا لم أقلع عن هذه العادة الرزيلة فسوف ابقى محجما عن الشراء ، فتذكرة السينما بما يعادل عشرة دولارات ـ يعنى 200 جنيه سودانى ..
    آخر مرة زرت فيها اوروبا كان العام 1980 ، والان انا فى دهشة ، اكثر ما يدهشنى الكومبيتر وما ادراك ما الكومبيتر تجده فى كل مكان حتى "تحت المخدة " ـ حاجة تجنن ـ وهو يجعل الامور فى اطراف الاصابع ويجعل البحث العلمى نزهة نيلية ، سألت من الآلة الكاتبة فاثار سؤالى سخريتهم ، أعتقد ان المسافة بيننا وبينهم اصبحت هوة مخيفة ، ولكن اشتاق للسودان..!
    عندهم حركة اخوان مسلمين قوية جدا ، وفى البرلمان ولكن بالمفهوم المسيحى ، فهم يطالبون بتخفيف كمية الكحول فى البيرة ، وحصر التدخين فى مناطق محددة ، ولكن الناس فى الصيف يستلقون فى الشاطئ عراة رجالاونساءا كما ولدتهم امهاتهم ... عجبى ..!
    كان يمكننى ان استمر فى هذا الخطاب أكثر من هذا ولكنى اخشى ان لاتسمح لك زحمة القاهرة بالقراءة أكثر من هذا ، ومعذرة للطول لانى مستعجل لا لحق البريد واذكر فى هذا المقال تعليقا للكاتب المسرحى برنارد شو ، فقد كتب رسالة طويلة لصديق ثم قال له فى النهاية " لو كان لدى وقت لكتبت رسالة اقصر "




                  

01-11-2012, 09:32 PM

سلمى الشيخ سلامة
<aسلمى الشيخ سلامة
تاريخ التسجيل: 12-14-2003
مجموع المشاركات: 10754

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عاطف صغيرون : - مرت أربع سنوات على رحيل القدال ومازال الجرح ناتحا (Re: سلمى الشيخ سلامة)

    محمد سعيد القدال عطر الذكرى
    الى صديقى عبد السلام نور الدين
    محمد سعيد القدال من أحب ّ الناس الى قلبى ، رحمة الله عليه ، كان لطيف المعشر ، ضحوكا نادرا ما تجده غاضب او مستاء من شئ حتى مرضه كان يسخر منه ،آخر محادثة بينى وبينه ايام كنت فى السودان قال لى بعد السلام
    "عارفة انى بقيت عميان بصر وبصيرة "
    قلت له أما البصر فسيعود أما البصيرة فحاشاك يا ود الباشا ،
    وذاك كان لقب محبب الى قلبه ، حيث حكى لى ان والده كان قد نال الباشوية وكان رئيس وزراء حضرموت إبان فراغ دستورى فى تلك البلاد ،
    للحقيقة أورد ذلك ايضا فى كتابه عن والده ، لكنه كان يقول لى ضاحكا
    إن بناته كن ّ يستلبنه بذاك الاسم فيقوم بما طلبن منه خير قيام ،
    أليفا هو القدال ، يمنحك من المعرفة ما أمكنه دون أن يكون ذلك تحت غطاء المن أو الاذى ،
    محبا للحياة حبا يجعلك تحب حياتك ...
    محمد سعيد القدال رحمة الله عليه ، كان يحدثنى ضاحكا عن "خيبتى فى تعلم الكومبيتروبالتالى الحداثة ...كما كان يسمى تلك المعرفة " ويتحدانى أنه بات يعرف كيف يطبع كتبه وحده ، ويضيف ضاحكا "بقيت أحرف من بيل غيتس ذات نفسه ، اتعلمتى ولا لسه ياجاهلة ؟"
                  

01-11-2012, 09:36 PM

سلمى الشيخ سلامة
<aسلمى الشيخ سلامة
تاريخ التسجيل: 12-14-2003
مجموع المشاركات: 10754

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عاطف صغيرون : - مرت أربع سنوات على رحيل القدال ومازال الجرح ناتحا (Re: سلمى الشيخ سلامة)
                  

01-11-2012, 09:36 PM

سلمى الشيخ سلامة
<aسلمى الشيخ سلامة
تاريخ التسجيل: 12-14-2003
مجموع المشاركات: 10754

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عاطف صغيرون : - مرت أربع سنوات على رحيل القدال ومازال الجرح ناتحا (Re: سلمى الشيخ سلامة)

    التقينا بعد فراق طويل ، دام عدد من الاعوام عقب حل اتحاد الكتاب السودانيين التى تشاركنا اللجنة التنفيذية فى عضويتها ،
    وذلك فى القاهرة ، كان علينا أن نحاول الى لم الشمل كأعضاء فى اللجنة التنفيذية فى القاهرة
    حيث كان هناك الدكتور على عثمان محمد صالح ، والسيد الياس فتح الرحمن ،لكن تلك المساعى لم تمشى ولا خطوة واحدة
    فى العام 1992 قرر ان يقوم بترجمة كتاب "الختمية " لكاتب بريطانى ،
    سالته لماذا يترجم كتابا عن الختمية وهو عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعى ؟
    قال لى ضاحكا "نعم أنا شيوعى ، لكن تحت تحت ختمى "
    تابعت معه ذاك الكتاب وترجمته اصحح معه ما استطعت الى ذلك سبيلا،
    كنت اقوم احيانا بمتابعة اللغة العربية حيث كان يثق فى لغتى كثيرا ،
    ويقول "انتى مش صحفية ؟ وكاتبة ؟ لو بقيتى ما بتعرفى لغة عربية سجم خشمك "
    حين اكتملت الترجمة وجاء ميقات من سيحمل الكتاب الى حيث يجب ،
    كان ذلك السيد سرالختم الميرغنى ،قبل وصوله كلمنى فى البيت وقال بعد السلام
    ــ يا بت الشيخ تعالى هسى دى ، اركبى تكسى وتعالى ...
    ــ فى شنو ، خير !
    الزول الحياخد الكتاب حيصل بعد شوية وحيدفع حق الترجمة ، ولانى بتفاءل "بى خلقتك " لازم تجى ، وعندك عشرة فى المية ...
    كانت تلك دائما طريقته معى ، دائما كان يقول لى "بتفائل بى خلقتك "
                  

01-11-2012, 09:39 PM

سلمى الشيخ سلامة
<aسلمى الشيخ سلامة
تاريخ التسجيل: 12-14-2003
مجموع المشاركات: 10754

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عاطف صغيرون : - مرت أربع سنوات على رحيل القدال ومازال الجرح ناتحا (Re: سلمى الشيخ سلامة)

    فى مرة كان مسافرا الى النرويج لتقديم بعض المحاضرات فى جامعة من جامعات النرويج ،
    وحينها كانت أحداث الخليج فى اقصى تجلياتها وحظر شديد اللهجة على السودانيين
    من السفر الى أى دولة من الدول الاوربية بسبب موقف الدولة الرسمى من تلك الحرب ،
    فى اليوم السابق للتاشيرة توجب عليه ان يستخرج صورة لذلك الغرض،
    مشيت معه الى الاستديو ،فى الاستديو سألنى صاحب الاستديو المصرى بطبيعة الحال
    ــ حتاخدى صورة مع بابا؟
    لحظتها انفجر القدال قائلا
    ــ بابا ؟ ببو يشقكم الاتنين... هسى انا قدر العجوز دى ؟
    ضحكت من موقفه ذاك ، فلقد كان لا يحب ان يذكره احد بأمر السن على وجه الدقة ..
    صباح اليوم التالى كنت انتظره أمام السفارة النرويجية ، حين رآنى انفرجت أساريره قائلا
    ــ يا بت اللذين لو أخدت التأشيرة دى أول شيك حيجى حارسل ليك منه ، الله يقرف وشك الخلانى اتفاءل بيهو ...
    كانت بيننا رسائل تحمل طابع الكوميديا من جانبه ، والسخرية المريرة من كل شئ يحيط به اينما كان ،
    يحكى لى عن كل ما يحدث له من مواقف طريفة ...
    كنت فى مرة أزروه عقب نهاية كتابته لكتابه "كوبر " فوجدت فقرات عديدة مشطوبة ، سالته عن سر شطبها فقال
    ــ دى حكايات مع كمال الجزولى لو نزلتها كمال حيطلعنى من البلد
    لكنى وقفت على بعض المواقف التى حكاها لى والتى تحمل قدرا من الطرافة
    "كان عندى ريحة ، وكمال كان كل ما يستحمى يجى يبخ من ريحتى لمن قربت تكمل ،
    كنت بقول ليهو انت ياكمال ماشى وين بتتريح كدا ؟"
                  

01-11-2012, 09:47 PM

سلمى الشيخ سلامة
<aسلمى الشيخ سلامة
تاريخ التسجيل: 12-14-2003
مجموع المشاركات: 10754

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عاطف صغيرون : - مرت أربع سنوات على رحيل القدال ومازال الجرح ناتحا (Re: سلمى الشيخ سلامة)

    كان رحمة الله عليه يحب الطبخ للغاية ،
    تعلمت منه عدد من الاصناف ، بخاصة السمك الذى كان يحبه جدا ،
    وكذا كان يحب الحلويات لكنه يخاف من ارتفاع السكر ،
    لذلك كان فى كثير من المرات يدعونى فى القاهرة لملاقاته فى جروبى
    "أول ما اصل ينادى النادل ويقول ليهو ــ أسمع جيب ليها تورتة كبيرة ، وانا جيب لى قهوة بدون سكر "
    كنت دائما احتج على تلك الفعلة "يا قدال داير تجيب خبرى ؟
    فيقول ــ عليك الله أكلى لى من دى ، ومن دى ، عشان السكر والله لو ماخايف باكلها براى "
    وعلى ذكر السكر حدثنى ان كمال الجزولى كان يضيف مقدارا من السكر فى الطبخ "فاقول له
    ــ يعنى العملو فيك كمال الجزولى عاوز تنتقمه منى ؟
    فتح لى ابوابا ما كان لها ان تنفتح لولا وجوده الى جانبى ،
    فهو من قدمنى لمستر دينيس الذى ترجم كتب الطيب صالح الى الانجليزية
    وأخذنى اليه لاجرى معه حوارا لجريدة الاتحادى،
    وكذا كان الامر مع الكاتب السودانى جمال محجوب وعرفنى الى والده الذى كان أحد العلامات فى الصحافة السودانية الناطقة باللغة الانجليزية
    قدمنى الى رفعت السعيد ومحمود امين العالم ، وحتى على مستوى الكتاب السودانيين والمفكرين السودانيين عرفنى الى الكثير منهم ...
    رحمة الله عليك يا محمد سعيد القدال ...
    كان دكتور عبد السلام نور الدين يمتلك شقة فى القاهرة
    فكان ان حثهان يتركنى اعيش فى تلك الشقة واعاننى على ترويضها حيث كانت جديدة بلا اثاث
    وساعدنى فى التعرف الى خبايا الترجمة التى كان ناصع البيان فيها
    اعاننى وكثيرا على الحياة فى القاهرة حيث كنت اول مرة ابقى بدون اهلى
    فكان اهلى واصحابى وناسى رحمة الله عليك يا قدال رحمة تتسع
                  

01-11-2012, 09:49 PM

سلمى الشيخ سلامة
<aسلمى الشيخ سلامة
تاريخ التسجيل: 12-14-2003
مجموع المشاركات: 10754

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عاطف صغيرون : - مرت أربع سنوات على رحيل القدال ومازال الجرح ناتحا (Re: سلمى الشيخ سلامة)

    ارجو قبول اعتذارى ان تطاولت على مقام ليس لى
    لكنى حفية بالقدال صديقى واخى وحبيب الروح الذى لا يدانى حبه احد
                  

01-12-2012, 11:14 AM

wadalzain
<awadalzain
تاريخ التسجيل: 06-16-2002
مجموع المشاركات: 4701

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عاطف صغيرون : - مرت أربع سنوات على رحيل القدال ومازال الجرح ناتحا (Re: سلمى الشيخ سلامة)



    تحياتى وتقديرى أستاذة سلمى

    شكرا لك على هذه الكتابة الجميلة بأسلوبك الانيق الرشيق وأأسف على اننى لم اطلع على افاداتك الا اليوم ، فقد نقلتى لنا صورة قلمية عن انسان رائع ، نحتاج الى ان نتلمس هذه الجوانب الانسانية والاجتماعية وأن نتعرف عليها من أشخاص عاصروه وزاملوه وصادقوه أو تتلمذوا على يديه ، هذه السماحة فى التعامل والادب فى التواصل شيمة من شيم ذوى الهمة العالية والبصيرة النافذة وسعة الافق والادراك .

    لم اعرفه معرفة شخصية لكننى بالطبع قرأت له كل كتبه ، وكنا نراه عندما كنا طلابا بجامعة الخرطوم يمشى فى شارع النشاط ما بين الجامعة ونادى الاساتذة حاملا كتبه بين يديه دائما ، عرفت كريمته نازك وابنه ناظم وهما بالطبع ورثا منه السماحة والندى .

    هؤلاء استاذة سلمى من حببوا فينا العلم والسودان وغرسوا فينا مبادىء حب الناس باختلاف توجهاتهم الفكرية والدينية والعرقية

    الا رحمه الله رحمة واسعة واسكنه فسيج جناته
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de