الخاتم عدلان: هل يمكن أن يكون الترابي بديلا لنظامه?

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 01:11 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-10-2012, 06:31 PM

Amjad ibrahim
<aAmjad ibrahim
تاريخ التسجيل: 12-24-2002
مجموع المشاركات: 2933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الخاتم عدلان: هل يمكن أن يكون الترابي بديلا لنظامه?

    قبل ثمانية سنوات من اليوم و بالظبط يوم ٢١ ديسمبر ٢٠٠٤ كتب الاستاذ الخاتم عدلان هذا المقال محللا ازدواجية معايير الترابي و مواقفه غير المبدأية من قضية الديمقراطية،
    Tuesday, 21 December, 2004 14:04

    هل يمكن للترابي أن يكون بديلا لنظامه؟
    الديمقراطية بالنسبة للترابي ليست طريقا " لتمكين الإسلام".
    في ديمقراطية الترابي المزعومة:
    تقدم الأحزاب السياسية الأخرى، ليس كبدائل ممكنة، بل كخراف للذبح الحلال.


    لا يمكن هزيمة الإنقاذ، هزيمة سلمية ديمقراطية، ولكنها جذرية وحاسمة، إلا وفق برنامج سياسي شامل، يطرح تصورات وحلولا يقبلها الشعب، للمشاكل المعقدة التي ظل يعاني منها السودان عبر الحقب، وتفاقمت إلى درجة الحرج المفضي إلى التهلكة على عهد الإنقاذ. وبعد سقطته من الأعالي عاد حسن عبد الله الترابي ليطرح نفسه بديلا للنظام الذي بناه وشيده بيديه. وقد كتبت في مقالات سابقة عن تصوراتي لمصائر الصراع المسلح الدائر بينه وبين السلطة، وهو بالنسبة لي صراع عدو أمقته، اراه يسمل عينيه ويجدع أنفه، إنتقاما من وجهه وتنكيلا به! ما يهمني هنا هو هل يمكن للبرنامج الجديد الذي طرحه الترابي أن يكون بديلا للإنقاذ؟ وهذا ما سأناقشه في سلسلة من المقالات.

    عندما كنت في طريقي إلى خارج السودان قبل عشر سنوات، قال لي رجل حمعتني وإياه مصادفات الأسفار، وهو يتحدث عن أهل الإنقاذ، أن " هؤلاء" لن يذهبوا إلا إذا أنشق منهم جناح. وعندما سالته كاتما غيظي من تحليله الذي لم يكن يخلو من حقيقة، ومن تصغيره وتصفيره وأزدرائه للمعارضة القائمة، قال لي ما معناه: إنهم يجيدون المعارضة وليس الحكم. وهو يعني بالطبع أنهم يجيدون الهدم وليس البناء. وهاهم مصداقا لقول ذلك الرجل الذي لم يحضر شهادة في السربون، قد هدموا السودان، بمعنى أنهم وهم الحاكمون، لم يكونوا سوى معارضة هادمة لكل آمال شعبنا، ليس في السعادة والرفاه، بل في العافية والوجود.

    إنشقت الحركة الإسلامية، الربانية، المدبرة عن مكاسب الدنيا، العفيفة التي لا تزكي نفسها، المستعلية على المنصب والجاه، الميممة وجهها شطر الدين والمزكية لأفعالها بخلو ضمائر أصحابها من الضغائن والحسد والمباهاة. والاوصاف الواردة هنا كلها من قاموس الترابي، الذي اراد في كل ما كتب أن يشيع وهما كبيرا عن حركته، لم يصدقه في النهاية إلا هو. وصدقت فرضية ذلك الرجل المجهول، جاء الترابي بعد الإنشقاق ببرنامج جديد يريد أن يكون بديلا للنظام القائم. وقد الف كتابه المسمى " السياسة والحكم: النظم السلطانية بين الاصول وسنن الواقع" ليطرح هذا البرنامج الجديد، معلنا إيمانه بالتعددية الحزبية التي أكتشف أنها ركن من أركان الإسلام، وبحق الأحزاب الكافرة في الوجود الشرعي والعمل السياسي الطليق، ومكتشفا لاول مرة أن القرآن يعطي الناس حق أن يؤمنوا وأن يكفروا وأن " السلطان" ليس من حقه أن يحاسبهم لأن شأنهم متروك لله.
    ونحن سنورد إقتطافات محددة من هذا الكتاب، حتى يقف الناس على ما جاء في نص ليس قابلا للقراءة، من فرط تنطعه، وتوغله في ابتداع لغة خاصة، متداعية داخليا، مشوبة بالغموض، وتمثل في حد ذاتها هجوما سافرا على خصائص الإبانة والمباشرة في اللغة العربية الفصحى، حتى يسهل التنصل منها عندما تتغير الظروف، وتتهيأ من جديد لاجتياح المجتمع.

    يقول الترابي:
    " حرية الخلاف مذهبا والموالاة عليها تعددا حزبيا من أصول الحكمة والحكم في دين الإسلام." ( ص 207)
    ثم يؤكد المعنى ذاته فيقول:
    " فهدي الدين أن الحياة العامة فاسحة مسامحة لشتى الأحزاب، لكل وجهة هو موليها بغير إذن أو ترخيص من أمر مرسوم من سلطان الدولة، لئلا يقوم الوالي متسلطا لا يبيح لمن يخالفه مجال خلاف ونصح." ( ص 210)

    ثم يصل إلى الدرجة القصوى في السماح ويعلن:
    " ومهما تذهب الأحزاب وراء الحق إلى ما يحرمه الشرع أو يكرهه فضلا عما يكره الأمير، فإن سنة دولة المدينة أسوة بينة لترك من يحمل كفرا كتابيا أو منافقة مفضولة أو ترددا بين الكفر والإيمان ليعمل سياسة بتعبير رأي وموالاة عليه كما يشاء." ( ص 211)
    وإذا تجاوزنا عن ركاكة العبارات الأخيرة والتواءاتها، فإننا نلاحظ أن الترابي لا يعترف بالتعددية الحزبية، الطليقة من الإذن والترخيص، فحسب، بل يسمح بالأحزاب الكافرة والمنافقة والمترددة بين الكفر والإيمان. وقد تداعت، بالمعنى الحرفي للكلمة، الأحزاب السياسية السودانية، أو أغلبها، مستقبلة الترابي بالأحضان، ومطمئنة نفسها بأنه صار من دعاة الديمقراطية الكبار ومن منظريها الذين لا يشق لهم غبار، متبعة بعض المثقفين الناشرين للأوهام، والذين نصبوه قائدا للبعث الإسلامي الجديد، قبل أن يسقط من سدة الحكم. فأين كل ذلك من الصدق؟ بل أين هو من تاريخ الرجل وفكره ودوره الممتد في الحياة السياسية السودانية، في الحكومة أو المعارضة؟ بل ما هو مكان هذه الاقوال ذاتها من بنيته الفكرية القائمة، في كتابه هذا المنشور ؟

    أول ما يلحظه المرء هنا هو أن الترابي يتحدث من مواقع الملكية الفردية المطلقة للإسلام وللقرآن. فما يدلي به من آراء هو الإسلام، وما يبيحه ويحرمه هو ما يبيحه وما يحرمه الإسلام، والقرآن. وليس غريبا أن أول جملة وردت في كتابه المذكور، هي " هذا كتاب من وحي الإسلام". ومن بين كل أنواع جنون العظمة، والذهول عن الواقع والإفتتان بالنفس، فإن هذه أقصاها مدى. والملاحظة الثانية هي أن الأحزاب الأخرى، والتي يجود عليها بحرية العمل السياسي هي إما كافرة أو منافقة أو مترددة بين الكفر والإيمان. وهو هنا يقدمها إلى الشعب المسلم ككباش جاهزة للذبح، وليس كبدائل للحزب الإسلامي الذي يمثله هو دون سواه. أما الملاحظة الثالثة والأخيرة، فإن ما يتبرع به الترابي هنا هو من وحي الهزيمة الساحقة التي مني بها على غير ما كان يتوقع من أشخاص صنعهم بيديه، كادوا يسمونه " ولي الله"، ومن وحي المرارة التي لا توصف لراس لفظه الجسد بعد أن أنبت رؤوسا جديدة على طريقة الهايدرا.

    عندما وصل إئتلاف حزب الأمة والإتحاد الديمقراطي إلى طريق مسدود عام 1988، لم يتردد الصادق المهدي، وفي سبيل الحفاظ على الحكم بأي ثمن، من مد يده إلى الجبهة الإسلامية لإشراكها في الحكم، لأنها كما كان يقول قد اختارت الديمقراطية بصورة نهائية. فكيف كانت الجبهة الإسلامية تفكر في تلك اللحظة التي لاحت فيها فرصة المشاركة في الحكم؟

    على هذا السؤال يجيبنا حسن عبد الله الترابي في كتابه الآخر والذي كتبه وهو في قمة السطة وجاء بعنوان: الحركة الإسلامية في السودان: التطور والمنهج والكسب." والذي ربما يعتقد أننا نسيناه وهو يسطر كتابه الجديد. ونلاحظ عرضا أن "المنهج" في عنوان الكتاب، يجيئ لاحقا للتطور، أي أن التطور يحدث دون منهج، وهذا واحد من أسرار فكر الترابي الذي سنلخصه بتركيز في نهاية المقالات. يقول الترابي في ذلك الكتاب وهو يعرض المناظرات التي دارت داخل الجبهة إستجابة لدعوة الإشتراك في الحكم كما يلي:
    " أولا: المناظرة بين استراتيجية التمكن أو الأخذ العام، أو استرايتجية التدرج أو الأخذ على خوف- أي بين الذين يرون أن منهج التحول الإسلامي الاسلم هو في قيام الحركة بديلا موازيا ومتميزا عن النظام الحزبي القائم ثم مجابهته وإجتثاثه جملة واحدة وتولي خلافته السياسية، والذين يرون بلوغ ذات النتيجة من خلال إدخال التحولات في السياق القائم شيئا فشيئا بما يربي الجماعة ويؤهلها تدرجا على احتمال المسؤوليات الأكبر" ( ص 222)

    والمعنى الواضح هنا هو أن الفريقين المتناظرين، وهما كل قيادة الجبهة، كانا متفقين على مجابهة "النظام الحزبي القائم ثم اجتثاثه جملة واحدة وتولي خلافته السياسية" ومختلفين فقط في الوسائل تدرجا أو أخذا على خوف!
    كانت الجبهة الإسلامية تناقش اجتثاث النظام الذي يجلس على قمته الصادق المهدي، وهو يدعوها إلى المشاركة في الحكم! وكان يتساءل وقد نقلت إليه أخبار الإنقلاب الوشيك: متى يعرف الناس أن الجبهة الإسلامية قد اختارت الديمقراطية كخيار نهائي؟ وكان علام الغيوب وصاحب المعارف الإلهامية جاهلا كليا، وما يزال، بطبيعة عدوه اللدود الذي اعتبره كل حياته صديقا حميما. وبدلا من أن تزداد الأحزاب السياسية الرجعية و" التقدمية" حكمة من كل ذلك فإنها تخف لتحتضن الترابي وتكافئه على عودته الكذوب إلى ساحة الديمقراطية الموهومة.

    هذا رجل يفخر ما يزال بحل الحزب الشيوعي، الذي يمكن أن يؤرخ به إنهيار الديمقراطية اللبرالية في السودان:
    " وشأن آخر كان محور تعبئة جليلة ولدت ضغطا حرك الإجراءات الرسمية ووعيا كيف الإتجاهات الشعبية هو حل الحزب الشيوعي- حين عبأت الحركة حملة جسدتها حجة المداولات السياسية وقوة التظاهرات الشعبية فتمخضت عن موقف سياسي غالب يدين الشيوعية وإجراء قانوني يحرمها." ( ص 201)
    هذا رجل يتحدث بتشف يكشف عن نفس مريضة مستعصية على العلاج عن إعدام الشهيد محمود محمد طه، الذي يستكثر عليه حتى إسمه بوضعه بين قوسين:
    " وقد كان صاحب الدعوى عدوا كائدا للحركة وليا لإسرائيل والغرب، ولكنه بمذاهبه ومواقفه لم يستخف الحركة لتنصرف إليه بالمجادلة والمجاهدة، بل صبرت على فتنته المحدودة، حتى لقي حتفه بحد الردة القضائي أيام النميري الذي كان الرجل نصيره قبل تطبيق الشريعة."
    هذا النص المريض يغفل أن " كيد" محمود للحركة كان مجابهة فكرية لها في المنابر، وأن موالاته لإسرائيل كانت دعوة مفتوحة لهزيمتها حضاريا وليس عسكريا، كما يغفل أن حد الردة "القضائي" كان نوعا من الإجرام الصريح من حاكم معتوه، تدفعه قوى ماكرة حاقدة كان على راسها حسن عبد الله الترابي وجبهته الإسلامية.

    هذا رجل يعلن في أكثر مواضع في كتابه ذاك أن "الديمقراطية" ليست هي طريق " الإسلام" للوصول إلى الحكم. فهو يقول عن حركته أنها بعد ثورة أكتوبر " تبينت مدى زيف الاشكال الديمقراطية في تمثيل إرادة الأمة" (ص 276) ويواصل فيقول ان الديمقراطية، حيثما كانت، خاطئة من حيث نظريتها ذاتها " فالحركة تعلم أنها في السودان أشد زيفا واسرع تلفا من جراء الخلل السياسي الداخلي والتدخل الإمبريالي الخارجي."
    على هذه النظريات المبثوثة في كل مؤلفاته قام إنقلاب الثلاثين من يونيو 1989. وعلى هذا الأساس النظري هجم هجمته البربرية تلك على المجتمع، وبقيادة مباشرة من الترابي نشأت كل مؤسسات النظام القائمة حاليا. وبقلم الترابي كتب دستوره القائم على " التوالي" أي الإذعان الكامل من قبل القوى السياسية للنظام القائم، وبمبادرة الترابي صيغت كل قوانينه التي سيحاكم بها هي ذاتها على حد قول مقدمي القرابين وفاصلي الرؤوس عن الرقاب. وعلى نفسها جنت براقش التي سعت إلى حتفها بظلفها وعادت إليها الشرور التي فتحت صناديقها البندورية النكراء.

    ما يهمنا إثباته هنا هو أن هذه النصوص ظلت هي الغذاء اليومي لحركة الترابي طوال أكثر من نصف قرن وأنه لم يتنازل عنها عن إقتناع، بل تنازل عنها مؤقتا بمقتضيات فقه الضرورة. وحتى لا يقال لنا أن الترابي يمكن أن يكون قد نادى بتلك الآراء وتنازل عنها حاليا فإننا نرجع إلى كتابه الحالي نفسه لنوضح ان التعددية الحزبية التي يدعو إليها، والحكم الديمقراطي الذي يدعيه ليست سوى أوهام محضة، أوردها الترابي وهو واثق من العودة إلى السلطة عن طريق " الأخذ العام" جملة واحدة، بعد أن يكون قد حيد القوى السياسية كلها بالوعود الفارغة. وهذا وغيره مما سنناقشه لاحقا.
                  

01-10-2012, 06:40 PM

Amjad ibrahim
<aAmjad ibrahim
تاريخ التسجيل: 12-24-2002
مجموع المشاركات: 2933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخاتم عدلان: هل يمكن أن يكون الترابي بديلا لنظامه? (Re: Amjad ibrahim)

    Turabi in the Congress

    الترابي امام الكونغرس:
    لبرالية الحركات الإسلامية وديمقراطيتها.
    تشظي المكان والزمان في عقل الترابي.

    بعد إسدال الفصل الأخير على مسرحية القصر والأسر، وبعد ضمان " ولاء" الشعب السوداني بالقمع الذي لا يعرف الحدود، أراد الترابي أن يعرض مواهبه الأسطورية على مسرح أكبر هو المسرح الأميركي. وكان يريد من خلال مسرحية يكتبها ويخرجها ويمثلها، ان يكسب، وهو العابد المتبتل في حب القوة، أكبر قوة على وجه الارض هي الولايات المتحدة الأميركية، ويحولها، وهي منبع الإستكبار العالمي، إلى نصير حادب وذلول، وإلى ضرع يروي ويفيض. فذهب الترابي إلى الولايات المتحدة في عام 1992، ليعرض مواهبه أمام اللجنة الفرعية للشئون الإفريقية المنبثقة عن لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، عدته الجرأة غير المتناهية على الحق، والإيمان المطلق بذكائه، وغباء الآخرين، وطلسمه فرضية بدائية جدا، وهي أن المشرعين الأميركيين لن يعرفوا ما فعله في السودان، وأن الشعب السوداني لن يعرف ما قاله في أميركا.

    بدأ الترابي شهادته أمام اللجنة ببعض الحقائق التي لا ريب فيها، وهي أنه أنخرط في العمل الإسلامي منذ أن كان طالبا، وأنه ذهب إلى بريطانيا وفرنسا، وحضر شهاداته هناك، وأنه عاد إلى السودان ليكون " عددا من الأحزاب والجبهات الإسلامية"، وكأنه يقول لمستمعيه أنهم لم يفعلوا غير أن أنخرطوا في حزبين قائمين، بينما كون هو وحده عددا من الأحزاب والحركات. ومنذ هذه اللحظة تفتح بندورا صندوقها!
    ويستمر ترابي ليقول أن النميري أدرك شعبية الإسلام فتحالف معه، وأنه صار وزيرا للعدل في حكومته، ولكن النميري لم يسمح له " بتطبيق أي برنامج يهدف إلى الأسلمة العقلانية والتدريجية للمؤسسات العامة والقوانين. وبعد اصطدامي به عدت إلى السجن"
    وبذلك يستطيع الترابي أن يتجاوز حقيقة أن النميري سن ابشع القوانين في تاريخ السودان، وهي قوانين سبتمبر المسماة بقوانين الشريعة، وأنه، أي الترابي، كان على راس القوة السياسية التي ايدت تلك القوانين واشتركت بنشاط هائل في تطبيقها وترويع الناس من خلالها. كما يريد أن يوحي للمشرعين الأميركيين أن اصطدامه بنميري وعودته إلى السجن كانت بسبب خلافه معه حول هذه القوانين نفسها. وهو لا يقول ذلك صراحة ولكنه يستفيد من إيحاءات السياق وارتباطات المعية، ليدخل ما يرمي إليه في وهم سامعيه.

    ثم يصل الترابي إلى واحدة من لحظات تجليه في التلاعب البارع الحريف بالكرات الملونة المصنوعة من مادة الأكاذيب المخصبة كاليورانيوم:
    "إنضممت لاحقا إلى إئتلاف حكومي في إطار النظام المتعدد الأحزاب الذي خلف النميري، حيث أعددت مشروعا لتطبيق القانون الإسلامي والقانونين المدني والجنائي، لكن الإنقلاب العسكري الذي أطاح الديمقراطية أدى إلى إنقطاع العمل في هذه الوجهة، وعاد بي إلى السجن لفترة قصيرة" ( الخطوط من عندي)
    فهو قد أعد قانونا إسلاميا، لم يذكر أنه كان قوانين سبتمبر ذاتها في ثوب جديد، ثم أعد قانونين مدنيا، وجنائيا، أي غير إسلاميين، وهو محض افتراء، وأن الإنقلاب العسكري، الذي قامت به مجموعة من الأشرار لا علاقة له بهم، وهو يوحي بذلك دون أن يقوله، قطع عليه عمله القانوني الديمقراطي، أي أن ذلك النظام العسكري الجديد، لم يطبق تلك القوانين التي سنها الترابي وبدا واضحا أنه سيفشل في فرضها في الإطار الديمقراطي، بل قطع العمل فيها، ولم يكتف بذلك بل عاد به إلى السجن، أي تعامل معه كعدو وكممثل للنظام الديمقراطي!
    وهو نص مبهر حقيقة! ويكشف خسارة السودان، في شخص الترابي، لأحد الروائيين الكبار، الذين كانوا سيجودون عليه بالمتعة الخالصة بأعمال تبز أعمال ماركيز في واقعيتها السحرية. ولكن لسوء حظ الترابي والسودان معا، فقد اختار الترابي مجالا خاطئا لمقدراته الخلاقة، يقتضي وجود صفات لا يملكها، يأتي على راسها الصدق، هو مجال التاريخ والوقائع السياسية المعروفة من قبل الجميع والمتنازع عليها من قبل الكافة.

    ويثير الترابي عدة قضايا هامة في شهادته هذه أمام لجنة الكونغرس، سنعالج من بينها ما نراه أهمها:
    لبرالية الحركات الإسلامية الأصولية:

    يقول الترابي، مخاطبا رئيس اللجنة وأعضاءها، أنه جاء هنا ليقدم شهادة حول " الأصولية الإسلامية"، التي تكتسح العالم الإسلامي، والتي تتمثل في " وعي أكثر حدة بالهوية، وبتجديد الإيمان، وبإصلاح المسلكين الشخصي والإجتماعي وبموقف فكري ليبرالي"
    سأصرف النظر حاليا عن الوعي الاكثر حدة بالهوية وإصلاح المسلكين الشخصي والإجتماعي، وأركز على الموقف الفكري اللبرالي للأصولية الإسلامية. وربما كنت سأتعامل مع مقولة الترابي حول لبرالية فكر الاصولية الإسلامية، كمجرد جملة نابية، أو زلة لسان، لو وردت مرة واحدة في هذه المرافعة، ولو لم يعتمد عليها كمقولة أساسية في تسويق هذه الحركات في واحدة من أكبر قلاع اللبرالية في العالم. ولكن الترابي يوردها بتركيز خاص وفي مواضع عدة، سواء في شهادته الأساسية أو ردوده على أسئلة أعضاء اللجنة، لينال الإعجاب والرضا من مستمعيه، ويكسب تأييدهم ويغير سياساتهم.

    ودعونا نورد بعضا مما قال في هذا الصدد:
    يقول الترابي، وهو يعلق على مصطلح الاصولية الإسلامية أن هذا مصطلح تضليلي، لأنه يطلق على " ظاهرة لبرالية جدا، وديمقراطية جدا، وتنظر إلى أمام، لا حركة ضغمائية ومحافظة، أن لم تكن رجعية." ويواصل فيقول " فمعظمها حركات تحديثية، لأن النخب هي التي تقودها وفكرها بشكل عام لبرالي" . ويواصل على نفس الطريق فيقول عن حركاته أنها حيثما سمح لها فقد " تمكنت فعلا من تطوير برنامج إقتصادي يشدد على مؤسسات العدالة الإجتماعية والتكافل، إلا أن منحاها العام يبقى لبراليا." كما أنها في مجال علاقاتها مع الأقليات " دعت إلى نظام جد لبرالي.". ثم يقول في تعميم بالغ الجرأة " ما دام النظام لبراليا ويسمح بحرية التعبير والتنظيم، فإن الحركات الإسلامية تؤمن بشكل مبدئي، أن هذه هي الطريقة الوحيدة للتقدم نحو الإسلام، لكون برنامج عملها إسلاميا، فهو لا يمكن أن يتحقق إلا عبر الإقناع والموعظة الحسنة. "

    هذا هو إذن الترابي الأميركي، فماذا عن الترابي السوداني؟ ولعلنا قد أوردنا موقفه من اللبرالية ومن الفكر الغربي على وجه العموم في مواضع متقدمة من مقالاتنا هذه، ولن نثقل على القاريئ بالتكرار، بل نكتفي بمقتطف واحد قصير عن تكفير المثقفين ذوي الثقافة الغربية من قبل نفس الرجل الذي أدلى بتلك الشهادة:
    يقول الترابي في كتابه السياسة والحكم: " أما الشرائح الغالبة من المثقفين نتاج الثقافة الغربية فقد اصبحت لا تدين بدين الإسلام الذي يوحد الحياة كلها بسياستها عبادة، بل يدين بدين الغرب الوضعي الذي طغى في مجالات التعليم ووسائل الثقافة، وأهل هذه الشرائح لوظائف الحكم وشغل دواوينه وقيادة الحياة السياسية والإقتصادية يحملون إليها المأخوذ المستمد من الغرب."

    هذه الشرائح أو النخب التي يعتمد عليها الترابي في تدعيم شهادته بأن الحركات الإسلامية لبرالية جدا، باعتبارها هي القائدة لهذه الحركات، هي نفس النخب التي يكفرها الترابي لحملها الفكر الغربي، أي اللبرالي اساسا، واهتدائها به في تسيير السياسة والإقتصاد. ويحق للقاريئ أن يحكم على رجل هذا منهجه في الفكر، وهذا موقفه من الحقيقة. ولكن المسألة تتعدى ذلك بكثير، وتكشف عن تشظي مفهومي الزمان والمكان في ذهن الترابي، وفي لاوعيه بالذات، لأنه يعتمد هنا بصورة اساسية على أن أميركا بعيدة عن السودان وان ما يحدث في السودان لا يصل إليها، أي تشظي المكان، أو أنه ربما لا يكون قد وصل إليها بعد، وأنه سيكون قد " قضى وطره" عندما يصل إليها، وهو تشظي الزمان. وأعتقد أن ثقافته التقليدية تنتقم هنا من ثقافته الحديثة، في وضع هو أحوج ما يكون فيه إلى تلك الأخيرة. ولا بد أن مستمعيه من أعضاء الكونغرس، كانوا ينظرون إليه، كمن يحمل عملة ترجع إلى القرن السابع عشر، ليشتري بها بضائع إنتجت في العقد الأخير من القرن العشرين. وهذا ما ظهر من إستجوابهم القاسي له، وفشله الذريع في إقناع أي منهم بما كان يقول. بل إن معاملة بعضهم له وصلت إلى مرحلة الإزدراء.

    هل هناك أي إحتمال عقلاني باقتناع أعضاء اللجنة الفرعية لشئون إفريقيا بما زعمه الترابي حول أن الحركات الاصولية هي في الواقع حركة " لبرالية جدا"؟ هل هناك مثل هذا الإحتمال، وهو يقول لهم في أكثر من موضع أن هذه الحركات جاءت لتطبق الشريعة، وتصوغ المجتمع وفق رؤاها الدينية، والتعديل الأول في لائحة الحقوق الأميركية الملحقة بشكل عضوي بالدستور الأميركي تقول أن الكونغرس لا علاقة له بالدين، تاسيسا أو منعا؟ وأنه لن يقبل فرض أي قيد على حرية التعبير أو الصحافة، أو حرية الناس في الإجتماع كما يشاءون، وأن يقاضوا الحكومة نفسها لرد اية مظلمة يرونها؟ هل يمكن أن يكون هناك أي إحتمال للتصديق ولائحة الحقوق قد كونت الوعي السياسي لهؤلاء النواب لأن تاريخها يرجع إلى الماغنا كارتا، 1215، ولائحة الحقوق الإنجليزية عام 1689، والتقاليد اللبرالية الأوربية وحرب التحرير الأميركية؟

    وهل يمكن ، إذا تجاوزنا عن أحكام الترابي التكفيرية، في شأن كل من يحمل فكرا لبراليا، أن نصدق أن ايا من هذه الحركات له علاقة ولو بعيدة بالتقاليد اللبرالية التي عرفتها أوروبا منذ القدم، وتبلورت بصورة خاصة في القرون الاربعة الأخيرة منذ القرن السابع عشر؟

    إن اللبرالية قد نشات أساسا في صراع دموي ضد الحكم المطلق، وأرست مبادئ علوية العقل على النقل، مهما كانت مصادره، ودعت إلى التحرر من كل الافكار المسبقة، وكل أنواع الإعتقادات التي لا يبررها العقل ولا يشهد لها، ودعت إلى الخروج على " سلطة القساوسة والملوك"، ولعل خير من عبر عن قيمها في عبارة مركزة هو باروخ سبينوزا عندما قال:
    " الإنسان الحر هو ذلك الذي يعيش وفق إملاءات العقل وحدها." والتركيز كله على هذه الكلمة الأخيرة " وحدها". والقانون اللبرالي الاساسي هو أن الإنسان حر، وإذا أردت أن تحد من حريته فعليك أن تقنعه بالضرورة المطلقة لهذا الحد، أي أن عبء البرهان، كما قال جون ستيوارت ميل، يقع على السلطة المشرعة لتثبت بما لا يدع مجالا للشك ان ما هي بصدده من تشريعات، مقيدة للحرية لا يمكن الإستغناء عنه لسلامة الإجتماع البشري، وعليها أن تقنع الناس بذلك. ويضيف ميل أن الحكومة لن تجد الكثير الذي تقنعهم به، لأن الحكومة المثالية في نظر اللبراليين هي تلك التي لا تكون لها إلا سلطات محدودة إلى اقصى مدى على مواطنيها!! وهذا كله يرجع إلى تاريخ مديد من الفكر الذي أرساه فلاسفة العقد الإجتماعي في إنجلترا وفي القارة الأوروبية، وتقفز إلى الذهن هنا أسماء توماس هوبس، وجون لوك، وجون ستيوارت ميل، من إتجلترا، واسماء رينيه ديكارت، وجان جوك روسو وإيمانويل كانط، في القارة الأوربية. والعقد الإجتماعي معناه إفتراض الحرية المطلقة للأفراد الذين قبلوا تقييدها لضرورة الإجتماع البشري، ولكن كل واحد منهم يعمل على أساس قانون التنازل عن الأقل فيما يتعلق بحريته.


    اللبرالية بمختلف مدارسها، الإنجليزية والقارية والأميركية، هي التي أرست مفاهيم الديمقراطية، والحريات الأساسية مثل حرية التعبير والصحافة والإجتماع والراي والبحث، والإعتقاد وعدم الإعتقاد. وهي القيم التي تنفيها الحركات الإسلامية الاصولية وتقاتل قتالا دمويا، بربريا متوحشا، حتى لا تغرس هذه القيم في بلداننا، بدعوى أنها معادية ومناقضة للإسلام.

    وللبرالية ابعاد أخلاقية وفلسفية، ترفضها الحركات الأصولية اكثر مما ترفض جوانبها السياسية، مما لا يتسع المجال للخوض فيه.
    وإذا كان هذا هو بعض ما يقال عن اللبرالية، وبعض ما يعرفه أعضاء تلك اللجنة في مجلس النواب الاميركي، فإن القاريئ يمكن أن يتصور مدى المفارقة الصاعقة التي كان يشعر بها أولئك النواب وهم يستمعون إلى الترابي وهو يصدم بداهاتهم كلها بأقوال لا يقبلها العقل السليم ولا تصدر إلا عن ذاهل عن المكان والزمان، جاهل وبما يقول وبمن يخاطب.
    ونواصل في حلقات مقبلة.
                  

01-10-2012, 06:46 PM

Amjad ibrahim
<aAmjad ibrahim
تاريخ التسجيل: 12-24-2002
مجموع المشاركات: 2933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخاتم عدلان: هل يمكن أن يكون الترابي بديلا لنظامه? (Re: Amjad ibrahim)

    الترابي في اللجنة الفرعية للكونغرس
    لا يوجد مجلس أربعيني أو بيوت أشباح أو تعذيب أو قتل، أو توتر ديني في السودان.
    لا أقدم نصائح للبشير لأن فرصة اللقاء به غير متاحة بالنسبة إلي.
    لا قيود على النساء من أي نوع، ولكن شرطة الأخلاق تحقق مع سيئات السمعة منهن.
    إحتجاجات الطلاب غير سياسية بل حدثت لسحب إمتيازات غير مستحقة.
    طرد من الخدمة 1000 شخص وهو أمر تقوم به كل إدارة جديدة.
    لا تطبق الشريعة على غير المسلمين وإنما هو عمل تبشيري طوعي لا دخل للدولة فيه.

    أكاد أقول أن الخراب الداخلي، الفكري والوجداني والأخلاقي والسياسي، لبنية حسن الترابي العقلية، قد كشف كله، وبصورة بالغة الجلاء، في مقابلته في الكونغرس الأميركي التي تحدثنا في حلقة سابقة عن بعض وجوهها. وأكاد أقول أيضا أن المنافحين عن الترابي من مواقع الإستخذاء، والإستسلام الفكري للوطء السياسي، قد تفادوا تحليل تلك المقابلة لهذا السبب بالذات.

    أنكر الترابي صلته بالسلطة، أنكر وجود مجلس أربعيني، وقال أنه شخصيا لا يقدم أية إستشارة للبشير، لأنه لا تتاح له الفرصة لمقابلته! أنكر وجود بيوت الاشباح، و قال ان المعتقلين يؤخذون مباشرة إلى سجن كوبر الذي يصوره كاستراحة ذات خمس نجوم، وأنكر وجود أي توتر ديني في السودان، أو قيود على حركة النساء وعملهن وسفرهن ( إلا فيما يتعلق بالنساء ذوات السمعة السيئة!). قال إن حرب الجنوب لا علاقة لها بإسلامية حكومة الإنقاذ، وأن الذين فصلوا من الخدمة لا يتعدون الفا واحدا، وأنهم قد أعيدوا جميعا، إلى الخدمة بعد ذلك، وقال أن إغلاق الجامعات ليس له مغزى سياسي بل هو إحتجاج شباب مدلل على خدمات غير مستحقة، وقال إن حالة الطوارئ أمر عادي وأن الخدمة الوطنية ليست سوى تمارين أولية للدفاع الذاتي وتعزيز الإنضباط وهي فرصة لإعطاء الموظفين دروسا حول وظائفهم. قال إن القوانين الإسلامية لا تطبق على المسيحيين، وأن لكل منطقة قانونا جنائيا خاصا بها وقانونا للأحوال الشخصية نابعا من دينها، وأن القانون العام لا يتخذ الدين اساسا للتمييز.

    أنكر أية علاقة سياسية بإيران أو وجود إيرانيين في السودان، لا كمدربين أو مستشارين، وأن إيران لم تزود السودان بقطعة سلاح واحدة. قال أنه لم يؤيد ضم صدام للكويت، وإنما كان يرمي إلى إرجاع الكويت إلى أهلها سلميا، كما أنكر اية علاقة لحركته، أو لأية حركة إسلامية أخرى بالإرهاب.

    وربما أتعرض بالتحليل لهذه النقاط في حلقات قادمة. ولكنني أكتفي في هذه الحلقة، بإيراد مقاطع من المحاورة الكاشفة بين الدكتور حسن الترابي والنائب الديمقراطي من ولاية مشيغان، هوارد ويلب، كمثل حي على تفوق العقل المنطقي، والمنطلق الإنساني، والتقليد الديمقراطي، والصرامة الأخلاقية، على بنية فكرية مشوشة ومضطربة، ووجدان بالغ الخراب، ينجح مع ذلك في إستمالة كثير من العقول السودانية، مما يشير بالفعل إلى خلل حقيقي يعاني منه الكثيرون على مستوى الفكر وعلى مستوى الوجدان.

    فإلى المحاورة:
    النائب هوارد ويلب:
    أشرت منذ لحظات إلى الإعتقال التحفظي ( ترجمت التوقيف الإحترازي واخترت المصطلح المعروف في السودان، وهكذا ايضا في بعض الحالات المشابهة)، وألمحت إلى أن هذا ببساطة نتيجة وليس سببا للمشاكل التي يعانيها السودان. دكتور ترابي: أنت معروف بأنك القوة الرئيسة التي تقف وراء الرئيس البشير في السودان، وللسودان في الواقع أحد اسوأ سجلات حقوق الإنسان في القارة الإفريقية بأسرها. واعتقد أن القانون الجنائي، الذي أعتقد أنك أشرت إليه عند مناقشة الإعتقال التحفظي، يستند إلى عمل قمت أنت شخصيا بوضعه عندما كنت مدعيا عاما للسودان عام 1988.
    وبالتالي فإنني أريد أن أسمع تفسيرك للأسباب التي تدفع منظمات حقوق الإنسان مثل منظمة افريكا ووتش، ومنظمة العفو الدولية، إلى الإشارة المتكررة إلى التعذيب الشديد في السجون السرية، التي قام بها إسلاميون متحمسون موالون لك. وقد مات عدد كبير من هؤلاء. كيف يمكنك في هذه الحال أن تدافع عن سجل حكومتك في مجال حقوق الإنسان؟

    سؤال واضح، اليس كذلك؟ ولكن إليك إجابة الترابي:
    د. الترابي:
    فيما يتعلق بموقفي الشخصي، حضرة النائب المحترم، أنا لا أعد نفسي قوة رئيسية. أنا شخصية رئيسية على المسرح الإسلامي العالمي. وهذا كل ما في الأمر.
    ولكن ويلب جاهز لإعطاء الدروس لمراوغ لا يريد أن يواجه الأسئلة:

    هوارد ويلب:
    إعذرني، لا اقصد أن أقاطعك، إلا أنني أريد أن أحدد موضوع المناقشة. لسنا هنا بصدد تواضعك، ولكننا نناقش سجل حقوق الإنسان في بلدكم.
    الترابي: هذا صحيح وسأصل إليه. بالنسبة إلى سجلنا في حقوق الإنسان، أيا كان، فكيف يمكنك أن تقارن 25 إلى 50 معتقلا، بخمسين الف معتقل في كل بلد من بلدان إفريقيا الشمالية تقريبا؟ أعني أن سجلنا لا يمكن أن يكون الاسوأ وهناك العديد من البلدان الأخرى، بالطبع، التي تحتجز أكثر من هذا الرقم. هذا أولا...

    ويلب:
    هل أنت تقول إن إنتهاكاتكم لحقوق الإنسان مبررة في السودان، لأن إنتهاكات تحدث في أماكن أخرى؟ هل هذا هو ما ترمي إليه؟
    الترابي:
    حضرة النائب المحترم، اشرت في حديثك إلى أن سجلنا هو الأسوأ، ولذا فإنني أحاول أن أجري مقابلة....

    ويلب:
    أنا مهتم أكثر بما هو ابسط من ذلك: أي تبريرك للتعذيب والقتل. لقد وصلتنا أخيرا تقارير تشير إلى أن آلاف الجنود والموظفين الحكوميين فقدوا عملهم لأنهم غير ملتزمين نمط الإسلام الذي يدعو حزبكم إليه. الآن، أنا لا أعرف، ولكن على الأقل، وبحسب فهمي لأي تصور أولي للديمقراطية وحقوق الإنسان، فإن هذه الممارسات غير مقبولة فكيف تبررها؟
    الترابي:
    حسنا، إذا وافقت على أن سجلنا ليس الأسوأ، أنتقل إلى مناقشة السجل نفسه بما هو عليه...

    ويلب:
    أنا لم أوافق على ذلك.
    الترابي:
    بعد أن ذكر أن السودان يقبل مليون لاجئ، وأن ذلك ليس حال بلد تسود فيه شوفينية دينية، متجاهلا أنه هو ورهطه وجبهته هم الذين أدخلوا هذه الشوفينية بعد إنقلابهم، يقول:
    لقد كان هناك بالفعل عمليات تطهير في الجهاز الإداري. ويتراوح عدد الموظفين السودانيين، بين 500 ألف، و750 ألف موظف. وقد شمل التطهير نحو ألف موظف. ( الخط من عندي) إلا أن هذا الأمر كان يحدث مع كل تغيير يشهده السودان. وفي الكثير من البلدان ترغب كل إدارة جديدة في وضع رجالها في مراكز قيادية "أي مثلكم بالضبط في الإدارة الأميركية المنتخبة!!". ولكن هذا التطهير توقف الآن. وعاد الموظفون والقضاة وغيرهم، يتمتعون بحصانة الوظيفة التي يكفلها القانون.

    ويلب:
    هل أنت تحاول الآن أن تقول، وأعني بصدق، أنه لا تبذل الجهود الآن لفرض مجموعة معينة من الموظفين؟ نمط معين من الإسلام على المواطنين السودانيين بشكل عام؟ هل هذا هو فعلا ما تود أن تقوله لهذه اللجنة؟
    الترابي:
    إذا كان الإسلام هو ماتقصده، فإن الإسلام في حد ذاته قيمة لا تعترف باي إيمان ينتج من إكراه.... ليس هناك مجال لفرض الإسلام، وأعني أنه إذا اعتنق أحد الإسلام بتأثير التهديد أو الترغيب، فإن هذا ليس معترفا به في الإسلام. ( قارن هذا بممارسات الإنقاذ منذ يومها الأول وحتى اليوم!)

    ويلب:
    ألم تكن هناك مساع لإتباع المواطنين أصول الشريعة؟
    الترابي:
    بالطبع، هناك عمل إسلامي تبشيري في السودان تقوم بمعظمه منظمة غير حكومية أو منظمتان. بيد أن هناك نحو 15-20 منظمة كنسية مسيحية تعمل في أنحاء السودان. وبالتالي فهو بلد مفتوح للتبشير لجيمع الأديان، بما فيها الكنائس الاميركية. ( لاحظ أن السؤال حول الشريعة، والإجابة عن التبشير، مع الإيحاء بأن التبشير عمل طوعي، لا علاقة للدولة به، وأن التبشير المسيحي أكبر على الأقل بسبع مرات من التبشير الإسلامي، حكما بعدد المنظمات، ودعنا من مقدراتها!)

    ويلب:
    هذا يعني أن كل هذه المنظمات، بما فيها حكومتنا، كانت بشكل ما مخطئة، في تقويمها سجل حقوق الإنسان في السودان. فالناس في السودان لا يخضعون للتعذيب، وليس هناك تعامل إعتباطي على قاعدة معتقدات الناس الدينية أو السياسية، وهم أحرار في التحرك دون أن يخشوا إنتقاما أو تهديدا من أعضاء حزبكم؟ هل هذا ما تحاول أن تقوله لنا اليوم؟ هل هذه التقارير من نسج الخيال ولا اساس لها على الإطلاق؟
    الترابي:
    قال لقد جاءت وفود من البرلمان الأوروبي والبريطاني وزاروا مواقع مختلفة منها سجن كوبر، واصدروا تصريحات رسمية بأن كل هذه الإشاعات لا اساس لها من الصحة. " وهذا ما قالوه لي شخصيا".

    ويلب:
    قلت أن إجراءت البشير لم تلق إحتجاجا من الشعب لأنها فرضت باسم الإسلام. فكيف تفسر حظر التجول وإغلاق الجامعات وحدوث محاولتين إنقلابيتين؟
    الترابي:
    أصدرت قوانين للتحول إلى نظام إقتصادي لبرالي، فلم يحدث أي رد فعل شعبي، لأن هذه القوانين مستمدة من قيم المجتمع، وهذا ما دفعه إلى القبول بها.

    ويلب:
    إذن لماذا اغلقت الجامعات مرات عديدة، ولم حظر التجول؟
    الترابي:
    حسنا، الجامعات في أنحاء العالم الثالث...

    ويلب:
    أنا لا أتحدث عن بقية العالم الثالث، بل عن السودان.
    الترابي:
    جوهر إجابة الترابي، وهي طويلة ومليئة باللف والدوران والأكاذيب، كما هو معهود فيه ومعلوم عنه، هو أن الطلاب حرموا من إمتيازات غير مستحقة، فلم يقبلوا ذلك، وأن إحتجاجاتهم لم تكن سياسية، ولم يذكر أن هذه الإحتجاجات غير السياسية قد جوبهت بالرصاص من قبل نطامه وسقط العديد من القتلى من الطلاب والطالبات وما زالوا يسقطون.

    وعندما سئل عن ترحيل الناس إلى الصحراء (أي قضية العشش)، قال أنهم نقلوا إلى هناك ليتمكنوا من التوسع، ولتوفر لهم خدمات الصرف الصحي والتعليم والعلاج. وأنهم حاليا يتمتعون بكل ذلك.

    وعندما سئل عن أوضاع النساء، قال أنه لا يوجد أي تمييز ضد النساء وقال " لا أعرف حالة واحدة طردت فيها من العمل بسبب جنسها"، دون أن يذكر نساء طردن لاسباب سياسية. وقال في خروج المرأة من السودان:
    (صحيح أنه عندما تغادر النساء السودان، يطلب منهن الحصول على تأشيرة خروج- تماما كالرجال-، للتأكد من سلامة وضعهن في الخارج.... والنساء يعبرن المطار ذهابا وإيابا دون مراجعة، وهو ليس هوسا أمنيا أو دينيا. فالأمر لا يعدو كون شرطة الأخلاق تقوم بعملها العادي للتأكد من أن النساء ذوات السمعة السيئة، لا يغادرن السودان للعمل في القاهرة أو غيرها. فقد كنا نتلقى في السابق شكاوى من الدول المجاورة كالسعودية حول هذه الممارسات.

    حول حظر الإتحاد النسائي، قال أنه إتحاد شيوعي تساقط من تلقاء ذاته مع سقوط الشيوعية.
    سأله ويلب عن نداء صدر من السفارة السودانية في اليوم السابق يطلب من المواطنين التبرع من أجل الجهاد.
    الترابي:
    في الحقيقة لا يوجد جهاد ضد المسيحيين، وأظن أنه سيكون من الظلم إدخال عامل التوتر الديني في بلد لم يعرف مثل هذا التوتر. فعلى الرغم من الحرب الأهلية في السودان، إختار معظم السودانيين، لأنهم يعرفون ابعاد مثل هذا الطرح، أن يناقشوا الأمر بمنأى عن الإسلام. "أعتقد أن هذه لحظة نادرة جدا في عبقرية الإلتواء: فعبارة الترابي صحيحة، من حيث أن معظم السودانيين لم يكونوا يريدون إعطاء الحرب طابعا دينيا، ولكن الترابي لا ينتمي إلى هذه الأغلبية، بل ينتمي ويقود الأقلية التي أعطت تلك الحرب طابعا دينيا وسمتها الجهاد. أي أن الترابي يريد أن يستغل رأي الأغلبية المعارضة لتوجهاته، لا ليبين خطله، بل ليتبناه على مستوى القول، ليدلل به على صحة الفعل النقيض الذي يمارسه، أو لإخفاء ذلك الفعل إن شئنا الدقة!"

    أما عن التبرعات للجهاد، فقال أنها " تبرعات طوعية للمساعدة في عقود الزواج الجماعية ومساعدة الطلاب واللاجئين والايتام وأمور أخرى كثيرة. إنها مساعدات طوعية لمساعدة قوات الدفاع الشعبي... وهذا الإعلان لا دلالة دينية له على الإطلاق."

    قال ويلبي ملخصا إستجوابه المقتدر للسيد الترابي:
    " هناك ماساة هائلة في السودان، هي إلى حد كبير، من صنع هؤلاء الناس الذين يسيطرون على الحكومة التي يمثلها هذا السيد. وأنا بصراحة أشعر بضيق وإنزعاج شديد، لأن الناس الذين لا يملكون خلفية كافية عن السودان في بلادنا قد يأخذون بالمعنى الظاهري لشهادة هذا السيد. إن هذه الحكومة متهمة بأنها متورطة بأعمال إرهابية داخل السودان وخارجه. حكومة ذات سجل بشع في مجال حقوق الإنسان. حكومة تجعل من المستحيل إيصال إمدادات المعونة إلى السكان المدنيين الذين تشن عليهم الحرب في الجزء الجنوبي من البلاد. إنها حكومة على الولايات المتحدة ألا تتعاون كثيرا معها في هذه المرحلة. شكرا جزيلا لك سيدي الرئيس"

    ولا أعتقد أن النائب هوارد ويلب قد تعامل بمثل هذا الإزدراء مع أية شخصية أخرى زارت الكونغرس الأميركي. وإن المرء ليشعر بالخجل لصفة السودانوية الجامعة بينه وبين وبين هذا " السيد". أما قبول نفر من المتعلمين لقيادته، ورفعه إلى مصاف "ولي الله"، وما يقوله ذلك عنهم فضلا عما يقوله عن الترابي، فذاك داء سنعرض له في حلقات قادمات
                  

01-10-2012, 11:37 PM

Amjad ibrahim
<aAmjad ibrahim
تاريخ التسجيل: 12-24-2002
مجموع المشاركات: 2933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخاتم عدلان: هل يمكن أن يكون الترابي بديلا لنظامه? (Re: Amjad ibrahim)

    كي لا ننسى خط حركة حق السياسي المبدأي
                  

01-11-2012, 00:50 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخاتم عدلان: هل يمكن أن يكون الترابي بديلا لنظامه? (Re: Amjad ibrahim)

    سلام امجد

    منتهى البؤس السياسي؛ ان تجمع حركة حق - قيادة الاستاذة هالة - الافعى الترابي والدجال الصادق؛ في محاولة اصلاح بائسة بين من خربوا السودان؛ وهي لا تصلح من حال نفسها


    منتهى البؤس ..
                  

01-12-2012, 01:25 AM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخاتم عدلان: هل يمكن أن يكون الترابي بديلا لنظامه? (Re: Abdel Aati)

    Quote: هل هناك أي إحتمال عقلاني باقتناع أعضاء اللجنة الفرعية لشئون إفريقيا بما زعمه الترابي حول أن الحركات الاصولية هي في الواقع حركة " لبرالية جدا"؟ هل هناك مثل هذا الإحتمال، وهو يقول لهم في أكثر من موضع أن هذه الحركات جاءت لتطبق الشريعة، وتصوغ المجتمع وفق رؤاها الدينية، والتعديل الأول في لائحة الحقوق الأميركية الملحقة بشكل عضوي بالدستور الأميركي تقول أن الكونغرس لا علاقة له بالدين، تاسيسا أو منعا؟ وأنه لن يقبل فرض أي قيد على حرية التعبير أو الصحافة، أو حرية الناس في الإجتماع كما يشاءون، وأن يقاضوا الحكومة نفسها لرد اية مظلمة يرونها؟ هل يمكن أن يكون هناك أي إحتمال للتصديق ولائحة الحقوق قد كونت الوعي السياسي لهؤلاء النواب لأن تاريخها يرجع إلى الماغنا كارتا، 1215، ولائحة الحقوق الإنجليزية عام 1689، والتقاليد اللبرالية الأوربية وحرب التحرير الأميركية؟

    وهل يمكن ، إذا تجاوزنا عن أحكام الترابي التكفيرية، في شأن كل من يحمل فكرا لبراليا، أن نصدق أن ايا من هذه الحركات له علاقة ولو بعيدة بالتقاليد اللبرالية التي عرفتها أوروبا منذ القدم، وتبلورت بصورة خاصة في القرون الاربعة الأخيرة منذ القرن السابع عشر؟

    إن اللبرالية قد نشات أساسا في صراع دموي ضد الحكم المطلق، وأرست مبادئ علوية العقل على النقل، مهما كانت مصادره، ودعت إلى التحرر من كل الافكار المسبقة، وكل أنواع الإعتقادات التي لا يبررها العقل ولا يشهد لها، ودعت إلى الخروج على " سلطة القساوسة والملوك"، ولعل خير من عبر عن قيمها في عبارة مركزة هو باروخ سبينوزا عندما قال:
    " الإنسان الحر هو ذلك الذي يعيش وفق إملاءات العقل وحدها." والتركيز كله على هذه الكلمة الأخيرة " وحدها". والقانون اللبرالي الاساسي هو أن الإنسان حر، وإذا أردت أن تحد من حريته فعليك أن تقنعه بالضرورة المطلقة لهذا الحد، أي أن عبء البرهان، كما قال جون ستيوارت ميل، يقع على السلطة المشرعة لتثبت بما لا يدع مجالا للشك ان ما هي بصدده من تشريعات، مقيدة للحرية لا يمكن الإستغناء عنه لسلامة الإجتماع البشري، وعليها أن تقنع الناس بذلك. ويضيف ميل أن الحكومة لن تجد الكثير الذي تقنعهم به، لأن الحكومة المثالية في نظر اللبراليين هي تلك التي لا تكون لها إلا سلطات محدودة إلى اقصى مدى على مواطنيها!! وهذا كله يرجع إلى تاريخ مديد من الفكر الذي أرساه فلاسفة العقد الإجتماعي في إنجلترا وفي القارة الأوروبية، وتقفز إلى الذهن هنا أسماء توماس هوبس، وجون لوك، وجون ستيوارت ميل، من إتجلترا، واسماء رينيه ديكارت، وجان جوك روسو وإيمانويل كانط، في القارة الأوربية. والعقد الإجتماعي معناه إفتراض الحرية المطلقة للأفراد الذين قبلوا تقييدها لضرورة الإجتماع البشري، ولكن كل واحد منهم يعمل على أساس قانون التنازل عن الأقل فيما يتعلق بحريته.


    شكرا يا أمجد
    ويبقى اسم الخاتم فى الخالدين بكتاباته الرفيعة
                  

01-12-2012, 10:34 PM

Amjad ibrahim
<aAmjad ibrahim
تاريخ التسجيل: 12-24-2002
مجموع المشاركات: 2933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخاتم عدلان: هل يمكن أن يكون الترابي بديلا لنظامه? (Re: طلعت الطيب)

    سلام جميعا

    الاعزاء طلعت و عادل شكرا على المرور

    لفت نظري تعليق بليغ في بوست الصلح بين الصادق و الترابي للاخ وليد

    اللي قال

    مصالحتهم عشان يعملوا شنو

    محن

    على كل حال العودة إلى الفكر الرصين و التحليل العميق تقود الناس للاستنتاجات الصائبة
    اوردت مقالات الاستاذ الخاتم عدلان هنا لانه حلل ذهنية الترابي بصورة دقيقة

    تحياتي
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de