|
تأملات إقتصادية ...هؤلاء الوزراء العظماء وسياراتهم الفارهة ..
|
المنظمات الأجنبية الطوعية العاملة في السودان إعتادت كلما إحتاجت لبعض الكوادر المتخصصة للعمل معها أن تعلن في الصحف باللغة الإنجليزية إعلانات بلغة يصعب على العديد من أبناء السودان اليوم قراءتها، وتشترط شروطا عديدة أغلبها غير يسير على الكثير من الباحثين عن وظائف في سوق العمل. والذين يمنون أنفسهم بإيجاد وظيفة في تلك المكاتب الفاخرة كالتي لدى المنظمات الأجنبية، يجدون أنفسهم أمام عقبة كؤود ضمن الشروط المنصوص عليها في الإعلان وهي أن يكون المتقدم قد عمل من قبل في إحدى المنظمات الطوعية فيتبخر في ثواني الأمل الذي كان قد بعث في قلب الباحث عن العمل، ويتولى لا يدري ماذا يفعل بالصحيفة التي اشتراها خصيصا من أجل الإعلان. كنت دوما أعجب لماذا هذا الشرط القاسي؟ وهل ستكون هذه الوظائف إلى الأبد حكرا على الذين حظوا بالعمل من قبل في المنظمات؟ وأن لا أمل أبدا للآخرين ؟؟ ولعل القارئ وقد قرأ عنوان المقال عن الوزراء العظماء وسياراتهم الفارهة قد عجب ما علاقة وزرائنا بالمنظمات الطوعية الأجنبية ووسائلها في تعيين موظفيها، الحقيقة أن هناك رابطين أحدهما طردي والآخر عكسي، وأبدأ بالعلاقة العكسية بين موظفي المنظمات الأجنبية والوزراء وهي أن تعيين الموظفين في المنظمات تسبقه إعلانات عسيرة المنال كما أوضحنا بينما تعيين الوزراء يتم في الخفاء دون إعلان لجمهور المنتظرين لوظيفة الوزير، وهذه النقطة رغم أثرها السالب على مجموعة الذين لم يحظوا بالوظيفة إلا أن لها جانبها الإيجابي، وهو أنك تستطيع إذا إبتسم لك سعدك يوما ما، أن تصبح وزيرا دون أن تدخل في منافسة حرة مع أقرانك ممن يمتلكون مثل مواهبك أو ربما يفوقونك مهارة وكفاءة. كما أن الإعلان لوظيفة الوزير إذا أفترضنا أن نشر بالصحف فهو لا يشترط على المتقدمين أن يكونوا قد مارسوا مهنة الإستوزار من قبل، وهذه أيضا محمدة إذ تستطيع عزيزي القارئ أن تصبح وزيرا دون سابق تجربة، ويمكنك إكتساب الخبرة خلال تمرنك في الوظيفة وحينما تكتسب الخبرة ربما أبعدت عن الوزارة ، أو ربما نقلت إلى وزارة أخرى لتبدأ التعلم من جديد!! وحتى وإن لم تكتسب خبرة فلا أحد سيسائلك، هل سمعتم يوما أن وزيرا قد خصم من مرتبه أو من مخصصاته شيئا على تقصير كان منه في أداء واجبه؟؟
نواصل..
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: تأملات إقتصادية ...هؤلاء الوزراء العظماء وسياراتهم الفارهة .. (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)
|
هذا عن العلاقة العكسية ، أما العلاقة الطردية فهي أن موظفي المنظمات الطوعية هم أول من عرفوا باستخدام السيارات الفور ويل درايف الفاخرة، وهم وموظفي الأمم المتحدة أول من أدخلوا السيارات اللاندكروزر الشهيرة المسماة عندنا في السودان على أسم الممثلة المصرية الفاتنة. فلقد شهدناها أول مرة لدى هؤلاء الموظفين، كانوا يتهادون بها في المدن الكبرى وفي البوادي والنجوع يجمعون المعلومات ويحللونها ويوزعون الإستبيانات وتمتليء دفاترهم وأجهزة حواسيبهم بالداتا والمعدلات والرسوم البيانية. كان لسياراتهم الفارهة أثرها الساحر في نفوس المشاهدين فأخذ رجال الأعمال ممن تتطلب أعمالهم السفر إلى أطراف البلاد وأسواقها الإقليمية أن يتحولوا شيئا فشيئا من السيارات الأمريكية الرينجر إلى هذه اليابانية الجديدة ، وصارت دليل وجاهة ، ورغم أن وزراءنا في السودان ليسوا أهل ثروات ، ورغم أن حكومتهم التي يعملون تحت إمرتها ليست بالحكومة الغنية ورغم أن شعبهم الذي يحكمون ، والذي يدفع مرتباهم ومخصصاتهم من عرق جبينه لا يملك شيئا ، إلا أنهم لم يروا بأسا في إمتلاك سيارة الدفع الرباعي ضمن الأسطول الذي يستخدمه الوزير وأسرته. هكذا صارت هذه السيارة حقا شرعيا مثل المسكن الفاخر، والأثاث الفاخر المتجدد في المنزل والمكتب وتذاكر السفر إلى أبعد مرافئ الدنيا الجوية وغيره وغيره..
في بداية التسعينات من القرن الماضي بدأ الدولار في السودان مسلسل إرتفاع سعره في مقابل الجنيه السوداني، وكان الدولار قد صار تجارة ويتحكم فيه رجالات وإذا به يرتفع من ثلاثين قرشا حتى يدرك أربعة جنيهات كاملة في أواخر عهد النميرى ثم قرابة الإثني عشر جنيها في أوائل عهد الإنقاذ، ولما كنت من الذين لا يحبذون إلقاء المسؤولية دون تمحيص على جهاز الدولة الإداري، فقد كنت أحاول أن أجد السبب الحقيقي وراء إنهيار الجنيه، وبفضل الله سبحانه وتعالى وجدت أنني أكاد أكون قريبا جدا من معرفة السبب الأساسي وراء إنهيار الجنيه، وتأكد لي أن تقديري للأسباب وراء إرتفاع سعر الدولار هي أقرب إلى الصواب حينما قرر الجهاز الإقتصادي في الدولة المكون من صلاح الدين كرار رئيس اللجنة الإقتصادية، وعبدالرحيم حمدي وزير المالية والشيخ سيد أحمد محافظ بنك السودان عن الإعلان عن الخطة القادمة لإصلاح الإقتصاد والقاضية بتحرير الإقتصاد السوداني أو تحرير الجنيه السوداني. في يوم 2/2/1992 أعلنت الدولة سياسة التحرير الإقتصادي وقررت أن الجنيه السوداني من اليوم فصاعدا هو عملة حرة يجوز تدوالها وبيعها وشرائها والخروج بها من السودان والمعنى المفهوم هو إباحة تجارة الدولار، ها هي الدولة دون تدبر تعلن على أن ينازل الجنيه السوداني الدولار الأمريكي أو كل عملات الدنيا القوية في مصارعة حرة دون حماية و دون تأهيل، المسؤولين عن الإقتصاد قرروا دون تقدير ووعي أن يجردوا الجنيه من كل حماية كان يجدها سابقا ويتركونه مسنودا بقليل من الزاد المتمثل في صادرات القطن والصمغ والسمسم والفول السوداني وغيرها والتي لا تتعدى في مجملها عن الثلاثمائة مليون دولار في مواجهة عملات قوية تمثل كل صادرات العالم إلى السودان والتي كانت في ذلك الحين تبلغ المليارى دولار، أي أننا في مقابل كل دولار نكسبه بعرق العاملين منا من المزارعين والصابرين المنتجين لسلع الصادر كان كبار المستهلكين منا يحتاجون لسبعة دولارات لسد حاجتهم من السلع الكمالية والتي يعتبرونها حقا أصيلا.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تأملات إقتصادية ...هؤلاء الوزراء العظماء وسياراتهم الفارهة .. (Re: Shihab Karrar)
|
في اوائل التسعينات كنت في مأمورية عمل في منطقة ام جر بالنيل الابيض واستضافنا رئيس اللجنة الشعبية في منزله والسياسة كانت حاضرة كعادة ونسة السودانيين فكان حديثي مع الرجل عن سيارات الليلي علوي وانتشارها واستخدامها الاكثر من اللازم لدى الوزراء والمسؤولين الحكوميين فكان رد الرجل (السلطة هيبة ولازم الوزير والمسؤول تكون عربيتو هيبة عشن الناس تحترمو) صارت ليلي علوي عندي من يومها اسمها هيبة لوووول كم يعمل المواطن كسخرة ليركب وزير واحد هيبة ؟ لم نسال انفسنا هذا السؤال وشكرا لك لتذكيرنا
ترحيب متاخر بقلمك الجميل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تأملات إقتصادية ...هؤلاء الوزراء العظماء وسياراتهم الفارهة .. (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)
|
الاخ الامين سلام وتحية , اسعدتنى جدا هذه الكتابة انفلات الصرف الحكومى تسببت فيه وزارة المالية والنقل الميكانيكى فيما يختص بشراء السيارات الحكومية حتى على مستوى الموظفين ناهيك عن الوزراء والمسمى الجديد (الدستوريون) وذلك بتخليها عن دورها الرقابى والفنى بالنسبة للنقل الميكانيكى فاصبح الامر بيد الوزارة المعنية او الهيئة الفلانية هى التى تحدد نوعية السيارات التى يتمناها موظفيها والتكاليف بكل بساطة يتحملها المواطن التعبان الذى يورد فى خزينة ذلك المرفق الحكومى والذى لايصب فى نهاية الامر فى المالية فتجدهم يتفننون فى زيادة ايراداتهم باستنباط طرق جباية لاتنضب وكل ذلك حتى يستطيعوا من تلبية متطلبات انفسهم من سيارات فارهة وبناء منازل فخمة وسفريات على تذاكر الدرجة الاولى (وليس غيرها) , اما النقل الميكانيكى (ان ما زال موجود) فقد تخلى عن دوره فى توفير احتياجات الحكومة من السيارات وتوابعها وفق معايير فنية تراعى الظروف الاقتصادية والبيئية وبسبب هذا الغياب اصبحت الجهات الحكومية تستورد السيارات بصورة فردية بمواصفات يشيب لها شعر الصبيان , كراسى جلد بها تدفئة , فتحة سقف , دفع رباعى لاستخدامات داخل المدينة سيارات بأنظمة صورة وصوت غاية فى الترف للاستخدامات الشرطية والعسكرية !!! . اما كيف تستورد فتلك قصة مدهشة لدرجة الوجع , كثيرا ما اتانى بعض المعارف او اناس من طرفهم مستفسرين عن اسعار السيارات بحكم عملى فى احدى شركات السيارات بالسعودية وبعد محاورة اكتشف انه الطلبية لجهة حكومية , ترسل احد الافراد ليشترى لها السيارات من دولة اخرى مثلها ومثل شنطة العريس , واذا تجاوزنا الامور المالية والمحاسبية وركزنا على الخدمات التى يفقدها المستهلك كالضمان وتوفير قطع الغيار بواسطة الوكيل بسبب عدم اللجوء اليه لشراء السيارات لوجدنا ذلك يمثل خسارة فادحة لموارد الدولة الشحيحة ولكنه مصدر للعمولات والسمسرة للافراد داخل تلك الهئيات او الوزارات الحكومية دايما يستخدمون نفوذهم وصلاتهم لمقاومة اى نية تغيير لتلك الطرق البدائية المتخلفة للشراء الحكومى , هنالك غول اخر ظهر فى الصورة بقوة بعد نيفاشا الا وهو الاثاث المكتبى للمرافق الحكومية فتجد محليات ومحافظات ليس لها اى ايرادات ولكن يتربع موظفيها على الاثاث الجلدى الفاخر وطاولات الاجتماعات الفخمة والتى غالبا تستخدم كطاولات لاكل الفول والسمك فى وجبة الفطور والتى تعتبر اهم حدث اثناء ساعات الدوام الرسمى.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تأملات إقتصادية ...هؤلاء الوزراء العظماء وسياراتهم الفارهة .. (Re: احمد التجانى احمد)
|
الأخ / الأمين عبد الرحمن
سلام تعظيم
شكراً للأسطر والكتابة الثرة والتحليل الموفق ، أعقب على حديثكم والغيظ يلتف حول الحلق ويخرج منه مراً علقما من هؤلاء الوزراء والمسئولين الذين لا هم لهم إلا الجري وراء مخصصاتهم والبرستيج الذي لا يشبه دولتنا الفقيرة المتعثرة منذ إستقلالها ، وكانهم أتوا لكنز الثروات والخيرات دون أي إعتبار ولا لسؤال لأنفسهم ( من أين لنا أن نكتسب هذا) وشعبنا يعيش الفاقه ، كان بودي أن لا أشملهم جميعاً وأقول ( إلا من رحم ربي ) ولكن يبدو أنهم جميعاً سواسية .
وبهذه المناسبة أود أن أحكى لكم طرفة :
أحد اقربائي ( حلفاوي) عاش ردحاً من الزمن في الأمارات ، وحينما عاد وجد بعض أصدقاءه مسئولين كبار ولهم وزنهم في البلد ، وراي عليهم الوجاهة والسيارات كيف ومظاهر الراحة بادية عليهم ، قال ليهم قريبي ضاحكا( يا أخوانا الواحد ما يلقى فيكم أشعـث أغبـر )
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تأملات إقتصادية ...هؤلاء الوزراء العظماء وسياراتهم الفارهة .. (Re: ولياب)
|
هشام إبراهيم .. شكرا لك .. المعاشات ومستحقات نهاية الخدمة واضربها في عدد الدستوريين المتجدد مع كل تشكيلة حكومية!!
أحمد التيجاني .. طبعا مظاهر الخلل في الأداء الإقتصادي للحكومة عديدة منها كما أبنت مشكورا إختفاء النقل الميكانيكي وبالتالي التدهور المريع في الرقابة على شراء وحركة وصيانة المركبات الحكومية وما يتبع ذلك من إتلاف للمال العام ثم ما يتبعه من فساد ، والمحصلة النهائية الضغط على المواطن لتوفير الميزانية لهذه المتطلبات.
أبوطالب القرشي لك التحية والإحترام والتقدير.. شكرا لك.
ولياب.. طبعا قريبك ده لو إتلفت جاي.. يلقى شعب كامل أشعث أغبر..
شكرا لكم جميعا أيها الأعزاء.. إننا الآن نتعلم .. نتعلم كيف يكون سلوكنا الإقتصادي مستقبلا صحيحا..إخوتنا الوزراء عليهم أن يدركوا أنهم يعملون لحسابنا , وأننا من ندفع لهم مرتباتهم ومخصصاتهم وأننا حتى الآن فقراء رغم أننا أغنياء.. وأننا نرجو منهم أن يعملوا فكرهم وجهدهم ليتحقق لنا الرخاء.. حينئذ يستحقون المخصصات التي يطلبونها.. أما إن لم يقدموا لنا شيئا فلا يستحقون منا أجرا
| |
|
|
|
|
|
|
|