|
عنف النهايات و حديث البدايات
|
عندما تستشرف الشعوب أمجادها و تطوي ماضيها ، تنعطف لتغير مسار سعيها و تتلفت لترى من حولها لتزن على وقعهم خطاها ، و تسلتذ مخاضها و تهون آلامها ، حينها تكون قد أكملت مراحل ما بعد الخراب ، و لكن الخراب حري بأن ننظر إليه و نسبر أغواره و نستنطق مجاهيله و ننير ما أعتم الأمن منه ، لكي لا نعود إليه بغير علم منا ، و الرائي للحالة السودانية يرى فيها كل مقومات التغيير الجذري المرتقب ، والذي تدفعه دفعا ً جملة من المسببات الرئيسية لأي إنتفاضة جماهيرية .
و التغيير سؤال ينفتح عى كثير من المفاهيم و الرؤى و التوقعات ، فهو حتمية تاريخية و ضرورة لحظية و مطلب شعبوي و لهذا تكمن الأهمية في إضاءة ما جُهل منه ، لكن السؤال الذي يجب طرحه ما هي الوسية الأقرب للتغيير في السودان؟ ، و هذا السؤال ينطلي على قدر كبير من البُشريات التي نراها تسعى و كل تريد أن ترد من الإسقاط قبل أختها فالحركات المسلحة التي تعد المهدد الأول للنظام من حيث تقدمها الظاهر و المحسوس و مما يدل عى ذلك التوقيع أو الدعم السياسي الذي أمن عليه حزبي الأمة و الإتحادي و تقدمها العسكري و إنتصاراتها مؤخرا في جنوب كردفان و يصاحبها خنادق مفتوحة في كل من النيل الأزرق و دارفور تعد العامل الأول و الأهم و هو الذي يؤدي بشكل مباشر لإضعاف حكومة الخرطوم و تأليب الرأي العام عليها لما إرتكبته من مجازر بحق المواطنين في مناطق القتال و إستقطاب الدعم الخارجي ، و كل محاولات التجييش التي تقوم بها الحكومة مؤخرا أدت لإمتعاض عام عن هذا السلوك لما كان ينطلي عليه من إغفال للعقل الجمعي و حبسه في ميثيولوجيات الجنان ، فبربكم أي أم سترضى لأبنها الذهاب للمحارق الرخيصة ، بل من لا يحاولون الوقف ضدها بما ما يملكون من قوة كما يقول مارتن لوثر و الذي أحسب قوله لن ينطبق على السودانيين ( أسوأ مكان في الجحيم محجوز لأولئك الذين يقفون عند الحياد في أوقات الحروبات الأخلاقية العظيمة) ...
و العامل الثاني و هو روح التغيير و المؤسس الحقيقي لشرعيتها هو الحراك الجماهيري الشعبي السلمي و الذي تكاثر الحديث عنه وسط رجل الشارع العام ناهيك عن المسيس منهم ، و إن كان السؤال الذي يدور في أذهان الكثير أو الإستنكار من أن الفرد السوداني غير قادر أو غير معد للخروج إلى الشارع فإن تلك العقلية الركونية ضاقت مساحاتها و ضعفت مقوماتها بأسباب منها الضائقة الإقتصادية الطاحنة و الفقر المدقع و المُحاصر للقمة عيش الغالبية و التقبل النفسي لدى قطاعات كبيرة من الجماهير لحتمية التغيير بفضل التراكم الإيجابي للوعي المجتمعي تجاه ما يمثله النظام من مهدد أساسي للحياة و إنفتاحه على التنظيمات الشبابية و السياسية التي طورت كثيرا من قدراتها التنظيمية و الإعلامية و الإستفادة من تجارب محاولات التظاهر السابق في ثلاثين يناير و الحراك الطلابي المستمر على مستوى الشارع و الجامعات و التحسس من ما يحدث في دول الجوار من إنفتاح عام على الشارع الذي أصبح السلطة الأولى يبث الغيرة في نفوس كثيرين و بروز التحركات المطلبية في نواحي كثيره منها قضية المناصير و الجزيرة و الأطباء و الطلاب ، ولكن الدافع الأكبر لهذه التحولات هو سلوك السلطة في حد ذاتها تجاه المواطنين و التعامل معه بعنف مفرط مُنفر كما حدث في حالة الشهيدة عوضية وهو بالطبع نتاج طبيعي لأمننة الدولة كما يسميها حيدر إبراهيم و الذي يفضح وبشكل سافر مقادر هلع هذا النظام ، و لكن إن كان الأمن يحمي لكان شاوشيسكو ومن بعده نميري قائدا أمميا حتى اللحظة الراهنة .
العامل الثالث و الأخير هو التآكل الداخلي للنظام و مناوشاته التي أفرزت مؤخرا مذكرات و إعتقال وسط عضويتها ، كان آخرها إعتقال القيادي بالنيل الأزرق ، و التناحر بين الولاة و الحصار الدولي لرموز النظام و المحاولات الجادة لإعتقالهم و التي توجت آخرها بمذكرة الإعتقال الصادرة في حق عبدالرحيم أحمد حسين وزير الدفاع ، و من أهم العوامل التي تساعد في التآكل هو إنتفاء أسباب الوجود للحركة الإسلامية فهي لم تعد مجدية لا تنظيميا و لا فكريا و لا سياسيا و إرتبط إسمها بأسوأ فترة مرت على تاريخ السودان الحديث فكذبة الدين أصبحت مكشوفة الأطراف و أهازيج الجنان لا تصلح لأن تؤانس طفل صغير فما باك بالتأثير على مجتمع خبر أساليبهم ، و هناك شيء لا يمكن تجاوزه أبدا في التوقعات هو المصير المرتقب لميشيات رموز النظام ما هو مصدر تمويلها ؟ ومن أين سيتم صرف مرتباتها ؟ و هل سيتم الزج بها في الحرب التي لم تنشأ هذه المليشيات لأجلها ؟ ، وهل سيرضى الجيش السوداني مع قلة العتاد و المال أن يزج به في حرب عنصرية خاسرة لا شاة له فيها و لا جمل صنعها النظام ليبرر الضائقة المعيشية و لتعبر عن مرحلة المشي على حافة الهاوية ؟
|
|
|
|
|
|
|
|
رد (Re: مازن صلاح الأمير)
|
تتواتر الأخبار عن توالي الهزائم العسكرية للنظام في ج كردفان . و هو ما يعني تقدم قوات الجبهة الثورية نحو العاصمة و هو ما يستوجب وقفة تحليلة سأعود بها قريبا....
| |
|
|
|
|
|
|
|