، التي كانت تصدر بالفرنسية، وقبل توقفها، ان كان بامكاني إجراء مقابلة مع الروائي عبد الرحمن منيف، وذلك بعد صد" /> عبدالرحمن منيف: أزمتنا مثلثة: الاسلام السياسي والنفط والديكتاتورية عبدالرحمن منيف: أزمتنا مثلثة: الاسلام السياسي والنفط والديكتاتورية

عبدالرحمن منيف: أزمتنا مثلثة: الاسلام السياسي والنفط والديكتاتورية

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-12-2024, 12:53 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة الشاعر اسامة الخواض(osama elkhawad)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-31-2004, 08:03 AM

osama elkhawad
<aosama elkhawad
تاريخ التسجيل: 12-31-2002
مجموع المشاركات: 20885

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عبدالرحمن منيف: أزمتنا مثلثة: الاسلام السياسي والنفط والديكتاتورية

    هذه المقابلة غير المنشورة بالعربية كانت مقابلتي الصحافية الثانية مع الروائي عبد الرحمن منيف. حدث ذلك في نهاية العام 1999. يومها سألتني مجلة <<الأورينت إكسبرس>>، التي كانت تصدر بالفرنسية، وقبل توقفها، ان كان بامكاني إجراء مقابلة مع الروائي عبد الرحمن منيف، وذلك بعد صدور الترجمة الفرنسية لكتابه <<سيرة مدينة>> (ترجم بعنوان <<مدينة في الذاكرة>> وكانت هذه الترجمة من بين سبع ترجمات أخرى، ضمن مشروع ذاكرة المتوسط). اتصلت يومها بالكاتب الذي قال انه سيكون في بيروت بعد أيام ولا مانع لديه من ذلك. حديثي الصحافي الأول مع منيف جاء في العام 1991، يومها لم أكن أعرفه شخصيا، كنت في دمشق، وكانت روايته <<الآن هنا أو شرق المتوسط مرة أخرى>> صادرة حديثا. اتصلت به وعرفته على نفسي، كما عن رغبتي في اجراء حوار معه ل<<السفير>> انطلاقا من الرواية. نشر حديثنا هذا يومي 18 و19 ايلول 1991، وأعيد نشره في كتاب لمنيف حمل عنوان <<الكاتب والمنفى>>، وكان فاتحة لعلاقة صداقة استمرت حتى اليوم.
    أجريت المقابلة إذاً (وكنت برفقة الصحافية الفرنسية كارولين دوناتي)، ولم تنشرها المجلة بأسرها نظرا لعدد الصفحات المحدد لها. حين عدنا والتقينا، سألت منيف ان كان يرى مناسبا ان نعيد نشرها بالعربية كاملة، وبخاصة ان النص بالفرنسية أخلص لروح اللغة الفرنسية ولم يقف كثيرا عند جملة منيف العربية. فأجاب: لننتظر فرصة مناسبة. ربما كانت هذه الفرصة سانحة بعد فوزه بجائزة الرواية العربية في القاهرة. يومها قررنا اجراء حديث معه ل<<السفير الثقافي>>، وكانت المقابلة الثالثة التي أجريتها مع الكاتب وكانت برفقة الزميل عباس بيضون. قلت يومها لمنيف: قد نستطيع ادخال بعض الأسئلة (من هذه المقابلة) في الحوار الجديد، الا أن سياق الحديث، منعنا من ذلك، اذ دار حول موضوعات أخرى، وارتأينا أن ندعها جانبا.
    وتمر الأيام، حتى نسيناها. وليفاجئنا رحيل الكاتب. من هنا في استعادتها، ليس فقط تحية للكاتب الراحل، وانما هي محاولة لنعيد النص المنشور كاملا، الى لغته الأصلية، ومثلما جاء على لسانه، من دون أي صياغة أو تعديل.
    › لا بد للذي يتبع مسار حياتك أن يلاحظ أنك بدأت بدراسة الاقتصاد، حيث حصلت على الدكتوراه في اقتصاديات النفط، قبل أن تتحول الى الأدب. كيف جئت الى الرواية من <<النفط>>؟
     جئت الى الكتابة عن طريق الصدفة أو عن طريق الضرورة. كان رهاني الأكبر في الحقل السياسي، وبعدما امتحنت هذه الامكانية، تبين لي أن الصيغ السياسية الموجودة غير كافية وغير مرضية وبالتالي كان هناك بداية البحث عن صيغة للتواصل مع الآخرين وللتعبير عن الهموم، هموم المرحلة والجيل. وباعتبار أنني كنت هاوي قراءة وبخاصة في مجال الرواية، افترضت انه من خلال هذه الوسيلة، وبما أنني كنت أستطيع التعبير، وبالتالي من الممكن أن أعوض أداة بأداة أخرى. فبدلا من الحزب السياسي او العمل السياسي المباشر، من الممكن أن تكون الرواية وسيلة تعبير. وهكذا جئت، ربما بالمصادفة الى الرواية. أما في ما يتعلق بالاقتصاد وبخاصة النفط، فكان عاملا مساعدا في قراءة المجتمع والعوامل المؤثرة خاصة في المرحلة الحالية. فلذلك، ان الاقتصاد والعلوم الأخرى، من شأنها أن تساعد الروائي في قراءة المجتمع وفهم عوامل التأثير. وهذا يجعله في موقع أفضل في ما يتعلق بأدواته الروائية.
    بين الأدب والسياسة
    › لماذا كنت تجد أن الصيغ السياسية كانت غير ديموقراطية؟ ألا تخشى أيضا أن تتحول الرواية الى خطاب سياسي أكثر من خطاب أدبي؟
     في ما يتعلق بالسؤال الأول، نحن كجيل، من الممكن أن نطلق عليه اسم جيل انتقالي، كنا محملين بكم كبير من الأحلام ومن الرغبة في التغيير، وكانت هناك مجموعة من الأحزاب السياسية، قدمت نفسها كصيغة من أجل هذا التغيير. لكن في الحقيقة، كانت أحلامنا أكبر من امكانياتنا. والأحزاب السياسية التي كانت قائمة ولا زالت بقاياها موجودة، كانت أضعف وأقل قدرة من عملية التغيير. كانت بدائية في أفكارها وأساليبها، كانت غير متصلة مع حركة المجتمع الداخلية، وبالتالي، كان المطروح عبارة عن شعارات أكثر منه برامج سياسية. وعندما واجهت الامتحان الحقيقي، بان قصورها وعجزها، وهذا يفسر التآكل والتراجع في هذه الأحزاب وكذلك الانسان. كان عنده نوع من الحلم لأن يكون جزءا من حركة التاريخ، فيكتشف أن هذه الأحزاب ليست البيئة المؤاتية لهذه المهمة.
    أما بالنسبة الى الشق الثاني، فطبيعي، أنه بدلاً من أن يكون خائبا خارج الحزب السياسي، فسيتوجه نحو المجتمع من خلال رؤية سياسية. لكن وبمرور الوقت وبتزايد التجارب، يكتشف أن المجتمع أكثر غنى وتنوعا من الخطاب السياسي. ولذلك تتحول الرواية الى قراءة للمجتمع والتعبير عن همومه وأحلامه، وتصبح أكثر من مجرد خطاب سياسي. وكما أشرت في السؤال السابق، أن العلوم الأخرى، قراءة التاريخ والاقتصاد وعلم الاجتماع، تسهِّل امكانية قراءة حركة المجتمع واحتكاكاته، كصيغة جماعية أو كأفراد، وهذا ما تحاول الرواية أن تعبر عنه من خلال طيف عريض ومتنوع باستمرار.
    › من يقرأ رواياتك، فلا بد أن يكتشف كأن هناك دائما، صورة عن المثقف المعذب. لماذا؟ ماذا تفترض أن يكون عليه دور المثقف في العالم الثالث اليوم؟
     في مطلع القرن، وقبل تشكل الأحزاب السياسية، كان هناك دور مفترض للمثقف، سواء كان من المجتمع أو انتدب نفسه المثقف له. لذلك، من الممكن اعتبار أن حركة النهوض العربي في نهاية القرن الماضي ومطلع القرن الحالي كانت حركة مثقفين بالدرجة الأولى، ويمكن أن يرد في هذا السياق كم كبير من الأسماء التي تعبر عن هذه الظاهرة.
    في وقت متأخر نسبيا، ظهرت الحركة السياسية متمثلة بأحزاب وقوى اجتماعية وأصبح هناك نوع من الحاجة لأن تكون لهذه القوى أصوات ثقافية تعبر عنها كما كان الأمر بالنسبة للقبيلة وشاعرها. في فترة أخرى، عندما أصبحت هناك أحزاب عقائدية إذا صح التعبير، أصبحت هذه الأحزاب تطلب من مثقفيها أن يكونوا دعاة سياسيين من أجل التعبئة والتحريض. وعندما فشلت الأحزاب السياسية أو تراجعت، عللت سبب الفشل أو التراجع بعجز المثقفين وعدم القيام بالدور التنويري اللازم. وفي الوقت عينه، افترض المثقفون أن من الممكن أن يكونوا بديل الحزب السياسي، لذلك انوجد منذ وقت مبكر الالتباس والتداخل في موقع المثقف ودوره وعلاقته بالحزب السياسي. في رواياتي الأولى، حاولت أن أصور الانكسار وخيبة الأمل بالنسبة الى هذا المثقف. في فترة لاحقة اكتشفت أن المثقف ليس هو كل شيء في الرواية والحياة. ان الحياة أغنى وأوسع في هذه الشريحة، وبالتالي، اذا غاب دور المثقف أو تراجع دوره لحساب قطاعات أخرى في المجتمع، ولذلك، مثّل مرآة متعددة الجوانب، ومن خلالها يرى المرء هموم المرحلة واحتمالاتها.
    أما بالنسبة الى دور المثقف الآن في العالم الثالث، فهذه دون شك قضية كبيرة ومهمة ويجب أن تناقش بعناية، وأنا على قناعة بأن المثقف عبارة عن شريك أساسي في عملية الوعي والتغيير ويجب أن يكون موقفه نقديا وأن يتخلى عن موضع التحريض والدعاية المباشرة ليخوض حوارا واسعا سواء كان مع فكره هو نفسه أو فكر الآخر من أجل الوصول الى تحديد الصيغ المناسبة. بمعنى آخر، لا يمكن أن يكون المثقف بديلا من الحزب السياسي كما أنه يجب أن يكون المثقف مجرد صدى للحزب السياسي. من هنا، عليه أن يكون لديه موقف نقدي، ومختلف، وهذا يتطلب صيغة ديموقراطية وتعدد وجهات النظر والآراء.
    الخيبات الكثيرة
    › تقول في مطلع رواية <<حين تركنا الجسر>>، في الاهداء، <<ذكرى خيبات كثيرة مضت وأخرى على الطريق ستأتي>>، كان ذلك في مطلع العام 1976. اليوم وبعد ما يزيد عن العشرين سنة، هل لا تزال عند موقفك هذا؟ ماذا تغير؟
     قلت، لا تزال <<السبع العجاف>> مستمرة لغاية نهاية القرن أو ما بعده، ومن الممكن أن تتخللها هزات كبيرة، وبخاصة في المجتمعات الراكدة، كالعربية السعودية وما يشابهها من دول. كما أن الحروب الأهلية تكون احدى سمات المرحلة القادمة. سوف يزداد الفقر أكثر وقد تقوم ثورات الجياع كما حصل في نهاية السبعينيات ونهاية الثمانينيات. وسوف يستمر الصراع السياسي وان كان بتقديري ان الموجة الأصولية وصلت الى ذروتها في الفترة الأخيرة ولا بد من أن تتراجع. لكن الإشكال الكبير انه لغاية اليوم، ليس هناك بدائل، ليس هناك قوى أو صيغ تستطيع أن تستوعب الحالة الجديدة وتعقلنها وتعطيها أفقا ايجابيا وهذا معناه استمرار الحيرة والبحث عن اشكال العلاقات في المجتمع لتمهد لقيام المجتمع المدني وبداية الدخول في مرحلة التعدد والديموقراطية.
    › كتبت <<شرق المتوسط>> في السبعينيات، وعالجت فيها جملة من الموضوعات التي عدت وتطرقت اليها مع بداية التسعينيات في رواية <<الآن هنا، أو شرق المتوسط مرة أخرى>>. لماذا هذه العودة؟ هل تعتقد أنك ستقوم بهذا الأمر مرة أخرى مع رواية جديدة؟
     حين كتبت <<شرق المتوسط>>، لم تكن قد نشرت أي رواية أخرى، لذلك كنت رقيبا على نفسي ولم اقل كل شيء في الرواية الأولى، مما دعاني لكتابة <<الآن هنا...>> حتى أصفي حسابي مع السجن السياسي. رواية <<مدن الملح>> مثلا، تغطي فترة من تاريخ المنطقة والتغييرات التي حصلت فيها الى حد تغير اسعار النفط وبالتالي بدأت مرحلة جديدة، ربما يأتي غيري ويغطيها. لكن بوجه الاجمال، هناك كم من القضايا، سواء أكانت سياسية أم اجتماعية أم انسانية، تشكل مادة روائية مهمة للمعالجة. وأنا الآن بصدد همّ روائي آخر، أتعامل معه في الوقت الحاضر، ولا استبعد مستقبلا اذا اقتضى الأمر أن يعود المرء الى <<مدن الملح>> مرة أخرى، رغم اشفاقي على الناس الذين لا تحتمل ظروفهم وأوقاتهم أجزاء جديدة من رواية واحدة. انما من الممكن أن تكون المقاربة بشكل آخر، وربما ينتقل المرء الى الخلاصات، الى توترات معينة هي افرازات للنفط، ويتعامل معها، لكن من الصعب العودة الى مدن الملح مرة أخرى.
    › الا تزال تعتقد أن مشكلتنا الحقيقية هي في النفط؟
     أزمتنا مثلثة الأضلاع: النفط والاسلام السياسي والدكتاتورية. وهذا الثالوث هو الذي أدى الى حالة الانهيار والتخبط وبالتالي العذابات التي تعيشها المجتمعات العربية في بحثها عن الطريق للوصول الى العصر. فالنفط التقى مع الاسلام السياسي وكان الحاضنة التي أعطته الكثير من عناصر القوة ولعل أبرز مثال على ذلك ما شهدناه في أفغانستان. في الوقت نفسه سهل للأنظمة الدكتاتورية أن تستمر وتمارس أقسى أنواع الاضطهاد. فقد تزامن تزايد النفط والثروة والأفكار مع تفاقم الرجعية والدكتاتورية التي عمت المنطقة وخصوصا لأن القوى الساسية الأخرى لم تثبت جدارتها في مواجهة التحديات الراهنة.
    › ليس للمكان، في رواياتك، أي تحديد دقيق، بل يبقى مبهما في أغلب الأحيان... لماذا هذا الابهام؟
     في ما يتعلق بموضوع التحديد الدقيق للأماكن، لا يعني ذلك شيئا مهما بالنسبة الي، لسبب رئيسي هو ان الفرق بين مكان وآخر، فرق نسبي وجزئي. فلو تحدثت مثلا عن السجن السياسي وخصصت الرواية في مكان معين كالعراق مثلا أو السعودية، فكأني أعفي الأمكنة الأخرى أو كأن السجن السياسي غير موجود فيها، علما بأن السجن السياسي من المحيط الى الخليج واحد بالمعنى الدقيق للكلمة، من حيث المناخ والأساليب والهموم، فلذلك اعتبر ان التعميم في هذا الموضوع هو في منتهى التخصيص فالجميع مسؤولون ويعانون المشكلة نفسها. وهذا نوع من القراءة الخاصة للمجتمع بحيث ان طبيعة حياتي وتنقلاتي أعطتني فكرة دقيقة وعلى الأرض عن طبيعة هذه المجتمعات والقواسم المشتركة التي توحد بينها ولم أكتشف فروقا جوهرية بين مكان وآخر، بخاصة في الجانب السلبي منها.
    › وبيروت، ألا تشكل، بمعنى ما، فرقا مع هذا المجتمع السائد؟
     ربما كانت قراءة الحرب الأهلية التي امتدت من العام 1975 الى مطلع التسعينيات، تعطي التسمية الحقيقية لمدى حداثة هذا المجتمع وعلاقته مع العصر. بمعنى آخر، فما عدا القشرة الخارجية، ظل لبنان أيضا مرتعا للتخلف والانقسامات التي لها علاقة بالمجتمعات البدائية والقديمة. ربما كان هناك فرق بالشكل أو المظهر بين مكان وآخر، لكن نعمة النفط البدوية التي كانت محصورة في وقت معين بالصحراء انتقلت الى جميع الحواضر العربية وأصبحت هي التي تحدد ليس فقط السياسة بل الثقافة وأسلوب العيش واهتمامات البشر في هذه المنطقة.
    المدن وملامح الحياة
    › تنحو في كتابك عن عمان، الى كتابة <<سيرة مدينة>>، لكن هذه السيرة تتحدد ضمن تاريخ معين، منذ الأربعينيات ولغاية الهجرة الفلسطينية اليها. لماذا هذه السيرة، أولا. وثانيا، لماذا أطرت الحديث ضمن هذا التاريخ. هل تجد أن الهجرة الفلسطينية اليها، كانت سببا في نهوضها الاقتصادي والعمراني...؟
     انه سؤال متعدد الجوانب، أولا، أحس ان الكتابة عن المدن في أدبنا المعاصر قليلة، وكثير من ملامح الحياة التي رافقت هذه المدن بدأت تغيب، إذ لم تسجل بوسائل يمكن أن تبقيها في الذاكرة. وكتابتي لسيرة مدينة تهدف الى التحريض على ان يتصدى كتّاب كثيرون للكتابة عن شيئين مهمين: عن المدن وعن الطفولة. صدف ان كنت في عمان خلال الأربعينيات، وبرؤية طفل ثم شاب حاولت أن أسجل حياة هذه المدينة وناسها وملامحها المدينية اذا صح التعبير، ولذلك توقفت عند فترة معينة هي الفترة التي غادرت فيها عمان الى مكان آخر، وبالتالي لم يكن من المطلوب مني او بامكاني أن اواصل تسجيل وقائع المدينة بعدما غادرتها. ربما هناك كتاب آخرون أقدر مني على القيام بهذه المهمة.
    الأمر الآخر هو ان عمان كانت عبارة عن بلدة صغيرة واذا صح التعبير، هادئة الى ان بدأت القضية الفلسطينية تتفاعل وتطغى بعد الحرب العالمية الثانية. من هنا كانت هذه القضية بمثابة زلزال كبير غير من طبيعة المدينة وحياة الناس وأدى الى انتقال كبير غير حجم المدينة الذي استمر خلال أكثر من عشرين أو ثلاثين سنة، بمعدل نمو متوسط. بعد انفجار القضية الفلسطينية، أصبحت عمان مدينة تتسع وتكبر كل يوم، ويتضاعف سكانها سنة بعد سنة. وإذا كان عدد سكانها سنة 1948 ،35 ألف نسمة، فإن عدد سكانها الآن أكثر من مليون ونصف مليون نسمة. وهذا يفسر من أحد الجوانب تأثير القضية الفلسطينية على هذه المدينة. تغيرت مدننا العربية خلال فترة زمنية قصيرة وهذه السرعة غيبت الكثير من الملامح والعلاقات التي كانت سائدة. ويفترض في الأدب أن يرصد هذه التغيرات وأن يعيد قراءتها لمعرفة مدى انعكاسها على المجتمع والبشر.
    السيرة الذاتية
    › الى أي حد تلعب السيرة الذاتية دورا في كتابتك الروائية؟
     من الممكن التمييز بين شيئين، الرواية وكتابات أخرى. في الرواية، هناك مقدار، لكنه قليل، أما في ما يتعلق بموضوع الرواية وشخصياتها والسيرة الذاتية، فأنا على قناعة أن عند كل كاتب مقدارا من السيرة الذاتية في ما يكتب، وهذا المقدار موزع بنسب وأشكال مختلفة على الشخصيات. شخصية المثقف الموجودة في بعض الروايات، مثلا لا تعني بالضرورة، السيرة الذاتية للكاتب، بل على العكس، هناك جوانب معينة من الممكن أن تكون هدفا لنقد الكاتب. وهناك شخصيات غير مثقفة بالمعنى السائد، يمكن أن تحمل في جوانب منها، جزءا من السيرة الذاتية للراوي. مقدار التخيل في الرواية كبير، ومقدار الرغبات والأحلام كبير أيضا. أعتقد أن السيرة الذاتية في أحيان معنية يمكن أن تكون عائقا أساسيا في كتابة الرواية. أما بخصوص الكتابات الأخرى، وتحديدا <<سيرة مدينة>> و<<عروة الزمان الباهي>> والى حد أقل <<رحلة الحياة والفن>> لمروان قصاب باشي، فكانت تسجيلا لوقائع مرحلة معينة محددة بالأماكن والاسماء بدقة وبالتالي تؤشر على قضايا لها علاقة بمسيرة الكاتب وعلاقته الانسانية وتوجهه السياسي أيضا، في ما يراه مضيئا في حياة الذين كتبت عنهم. قلت مرة، اذا أراد روائي أن يعتمد السيرة الذاتية في كتابته، فمن الممكن أن يكتب رواية واحدة فقط، وقد تكون رواية مهمة ومثيرة نظرا للحميمية التي تتمتع بها السيرة الذاتية ولكون ضمير المتكلم يولد لها تأثيرا مباشرا على المتلقي لأن هاجس القارئ في أحيان كثيرة هو التلصص على حياة الآخرين ومحاولة اكتشافهم.
    › ومن أي منطلق كتبت سيرة الباهي محمد في كتابك الأخير؟
     بالنسبة الى الباهي، هناك جملة دوافع، أولها أن حياته كانت غنية، حافلة الى درجة انها تستحق التسجيل بغض النظر عن أي اعتبار آخر. فمن فتى على نهار السنغال عار تقريبا حتى سن ال14 ابتدأت رحلته هناك وتوقفت في محطات عديدة، أطولها في باريس، ثم كانت عودته الى المغرب في الأيام الأخيرة لكي يموت هناك.
    وفي أي محطة، هناك حياة حافلة، قضايا سياسية ساخنة، مساهمات متعددة في قضايا لها تأثير، سواء كان في مجال الثقافة أو في مجالات أخرى. وأنا ذكرت في <<عروة الزمان...>> أن هناك شبها بين الباهي وزوربا، وهناك ميزة فيه، انه بالاضافة الى شهوة الحياة وفلسفته تجاهها، كان عنده، بشكل مميز، البعد السياسي والثقافي.
    الدافع الثاني هو أن الباهي مرآة لجيل ولخيبات كثيرة، وأيضا لقراءة خاطئة للمرحلة وكل ما تخللها. وكما ذكرت في الاجابة عن السؤال الأول، كانت أوهام وأحلام هذا الجيل، أكبر من طاقته ولذلك كانت فجيعته كبيرة وسقوطه مدوياً. والدافع الأخير لكتابة هذه السيرة، ان هناك شخصيات مهمة في الحياة لا تبرز قيمتها أو دورها الا بعد غيابها. واذا كان هناك ميزة للعرب أن يتفاخروا بها وهي ميزة الوفاء، فانها لا تظهر الا بعد الموت. وبالتالي تكون عديمة الجدوى وترتبط بالتاريخ أكثر مما ترتبط بالعلاقات العامة الانسانية. وربما الباهي بقي مغبونا الى أن أعلنت وفاته وبالتالي بدأ اكتشافه من جديد.
    الكتابة عنه محاولة تذكير بأن هناك أشياء كثيرة قريبة منا، لا نراها بوضوح في الوقت المناسب.
    › وكتابك عن مروان؟
     أيضا هناك أكثر من سبب، الأول أنني أحب الفن التشكيلي ولذلك فهذا أمر طبيعي أن أعمم هذه المتعة. الشيء الثاني هو انه توجد سوابق عديدة لكتاب أو شعراء <<قرأوا>> أعمال فنانين تشكيليين وكتبوا عنها. وهذه الكتابة، وان لم تكن اكاديمية، الا انها قراءة موازية للعمل الفني، يمكن أن تضيء جوانب وأن تكشف جوانب فيه قد لا يراها الناقد التقني.
    الأمر الثالث، هناك عزلة وانقطاع بين الفنون وبخاصة في المنطقة العربية، وكل فن ينمو بمعزل عن الفنون الأخرى وهذا يؤدي الى ضعف الفنون بشكل عام، في الوقت الذي يمكن فيه بالرواية أن تبنى الجسور بين هذه الفنون وأن تضيء بعضها، مما يتطلب أن تكون للروائي علاقة بالرواية والمسرح والسينما. هذا عدا عن كون مروان فناناً كبيراً ومهماً وأيضا غير معروف بالمقدار الكافي في المنطقة العربية، علما بأن الألمان والأوروبيين يعرفونه أكثر منا، فلا أقل من محاولة تقديمه الى القارئ العربي.
    › تحدثت طوال هذه المقابلة، عن قضية الأجيال، عن جيلك، الذي وقع في الخيبة. على كل، كيف تنظر الى الأجيال الشابة، الحالية، اللاحقة؟
     لا شك في ان الأجيال الجديدة تواجه تحديات وظروفا مختلفة عن الأجيال السابقة ولديها هموم وطموحات قد لا نستطيع تقديرها بدقة، لكن أنا واحد من الناس الحريصين على لمس هذا النبض الجديد. أحاول التفاعل معه والاقتراب منه وأحس ايضا بنوع من الرضى عندما أكتشف أن قسما كبيرا من قرائي من هذا الجيل.
    أما مسألة التعبير عن هذا الجيل، فلست الشخص المؤهل للتعبير عن أحلامه، عما يحركه داخليا. ومن المفترض أن يعبر الجيل الجديد عن نفسه. كل مهمتنا كجيل أكبر سنا هي أن نكون قريبين وأن نتفهم وأن نتعاطف معه وأيضا أن نحاول تقديم تجربتنا وخيباتنا بصيغة صادقة حتى يحاول هو تجنبها
    = اجرى الحوار اسكندر حبش -
                  

02-13-2004, 05:23 AM

rani
<arani
تاريخ التسجيل: 06-06-2002
مجموع المشاركات: 4637

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالرحمن منيف: أزمتنا مثلثة: الاسلام السياسي والنفط والديكتاتورية (Re: osama elkhawad)

    up
    لحدى ما افتش نظارتي واجي اقعد بمزاج لي عوده
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de