|
رؤية نقدية حول مشاركة المبدع في العمل العام .. مقدمة (خطاب المشاء) للأستاذ/ أسامه الخواض نموذجا
|
لم أكن أرغب في افتراع بوست منفصل لهذا الموضوع لأن هناك بوست للأخ الزميل حاتم الياس يلامس ما أنا بصدد الحديث عنه هنا، وهو ما يدور حول العلاقة بين المبدع والمجتمع، ولعل المشاركون في ذلك البوست الذي استمتع بمتابعته ومداخلات رواده (ذات النفس الجميل) الذين ساهموا في اعتقادي بشكل جميل وأضاءوا زوايا وأبعاد مفيدة في البحث والتقصي حيال حراك المبدع سلباً وايجاباً نحو المجتمع، قلت لم أكن أخطط لفتح بوست منفصل، لكن ما دعاني لذلك هو في المقام الأول الاحتفاء بكتاب زميل البوست الأستاذ/ أسامه الخواض (خطاب المشاء) (نصوص النسيان) ... ثم ما يضيفه النص الأول في القسم الأول من الكتاب تحت عنوان (دفاتر الأعرج) الذي سأنشره أدناه، ما يضيفه لموضوع البوست من مساحة للنقاش والتأمل.
وما نحن بصدده الآن هو (رؤية نقدية حول مشاركة المبدع في العمل العام) ... ففي كتابه (خطاب المشاء) (نصوص النسيان) ذكر الأستاذ/ أسامه الخواض ما يلي:- ((ولقد كان العامل الحاسم في انصرافي عن الكتابة، انشغالي بالعمل النقابي والسياسي، فقد كنت أتوهم – باختياري ورغبتي الشخصية – أن العمل العام يطور التزام الكاتب ودوره في التغيير الاجتماعي. غير أن الأمر - بالنسبة لي – بدا منهكاً ومملاً ومليئاً بالاجتماعات المطوّلة والشجار والمهاترات والمؤامرات، والعنف والدم. وهذه قصة أخرى لا تهمنا في هذا المقام، لكنني قصدت من ذلك الإشارة إلى الخسائر الكبيرة التي تصيب الكاتب جراء الانسياق إلى وهم أهمية "العمل العام" في تطور قدرات الكاتب الإبداعية)) انتهى كلام الأستاذ/ أسامه الخواض ... إذن .. هل نعتبر المبدع superhuman ونضعه في برج عاجي لينتج إبداعاً؟ وماذا نتوقع منه في هذه الحالة؟ وهل حينها سيروقنا إبداعه وسيعبّر عنا؟؟ أم هل ينطلق يقتحم العمل العام وغيره، وفي هذه الحالة أيضاً، ماذا نتوقع منه؟ وهل حينها سيروقنا إبداعه وسيعبّر عنا؟؟ ثم كما أسلفت أعجبتني مقدمة الدفاتر في كتاب الأستاذ/ أسامه الخواض (خطاب المشاء) (نصوص النسيان) عن مركز الدراسات السودانية، وسأشرككم متعة المقدمة هنا، أستمتع كل مساء، هذه الأيام، بهذا الكتاب الشيق ...
فضاء لا يتسع إلا لضمير الصامت أواخر العام 1992م دخلت هذا فضاء الجديد، قرية نموذجية تقع في ضواحي مدينة الزاوية بالجماهيرية، استبدلت (بئر الأعوج) اسمها بقرية (ناصر)، لكن هندسة الفضاء النفسية بقيت قائمة، والإحساس بالبئر القديمة ظل ملاصقاً لذاكرة سكانها البدو الطيبين، كنتُ قادماً من (صوفيا) التي كنس فيها إعصار التغيير معاقل الشيوعيين، عدتُ وأنا شاهد الانهيار الكبير، لأحشر في هذا الفضاء الجديد. عدتُ أحمل حلم الكتابة وأنا أتمنطق أحلاماً كبيرة، وحقيبتين تئنان من حمولة الكتب بلغات عديدة. أول ما صادفني في الطريق المؤدية إلى البيت الجديد، كان (الصمت) صمت صامت! في هذا الفضاء الجديد سمعت خطاب (المغتربين) وخطاب (الحصار) وخطاب (الصمت) . فكيف للكتابة أن تتحدث؟ صمت عن الكتابة والفرح! فهذا الفضاء لا يتسع إلا لضمير الصامت .. مجموعة من الصامتين حُشرنا في هذا الفضاء! وحدها: الأحلام المجهضة تحدث نسها! وحدها الكوابيس سيدة المكان! في هذا الفضاء الصامت المثرثر بأحزانه، يسقط عنك حق الكتابة .. في هذه الغرفة الضيقة، الواسعة بأحلام صغيرة حُشرت – في صمت – في رؤوس ساكني هذا الفضاء، تهرب منك أسراب الحروف. يسقط عنك حق المطالبة بطاولة صغيرة، وصمت خصب، وأوراق وكتب مبعثرة لا تلامس حرية كائن آخر. ذات مساء هادئ في الخرطوم، كان جيلنا يحلم بغرفة منفصلة، وكُتب مبعثرة، وامرأة غجرية كي نعيد كتابة حساسية العالم .. كم كُنا حالمين! كيف تصبح الكتابة ممكنة في فضاء نمشي فيه على أصابعنا حتى لا نخدش حق الآخرين في النوم على طريقة السردين المعلب؟ كيف يمكن الدخول في فضاء الكتابة بين صيحات لاعبي الورق؟ هنا تطغى شخصيات أوراق اللعب على البشر ... (الجوكر) هو سيد هذه اللحظات الصاخبة ... يطغى الصوت الأجوف على التأمل العميق ... التشنج في لعب الورق – أكتشف لأول مرة – هو تعبير عن قلق عنيف، ورغبة خفية في الانتصار على الآخر الوهمي ... المكان هو الآخر الوهمي، هو النستلوجيا المقموعة، والحنين الصائت المدفون ... يطغى الصوت الورقي الطنان على (شاعرية أحلام اليقظة). الموت؟!! لأول مرة أكتشف الموت في هذا الفضاء المتكلم بأحزانه! ما العلاقة بين الفضاء والموت؟ ما العلاقة بين الموت والنوافذ الواطئة التي لا تطلُ على شيءٍ ؟ ما العلاقة بين الموت والرحيل العبثي؟ الرحيل! الرحيل! الرحيل! وحده الموت هو الذي أحيا – فيّ – الكتابة بعد موتها ... وماذا تكون وظيفة الكتابة إن لم يكن من بينها مواجهة الموت؟ للموت هواجس عدة تعبق بها مسام الفضاء وغبار وغبار الذكريات. الموت هنا شخصي وبطيء ونفسي ... الخوف من الشيخوخة؟ ماذا تكون الشيخوخة إن لم تكن الوقوع في هاجس الموت؟ حين يصيح الموت ملاصقاً لك كذكرى العشق الأول، حين يوقظك كما ألم الأسنان، تنهض الكتابة من ركامها .. وتنهض "دفاتر الأعوج". وإذا كان (غرامشي) قد كتب (دفاتر السجن) والسجّان يحصي عليه أنفاسه، فإن هذه الدفاتر عاشت أنفاس (الحصار). نعيش حصارين: حصار القوى الغاشمة، وحصار الفضاء للكتابة! هذه الدفاتر هي صرخة ضد سيكلوجيا الحصار، وضد حصار الفضاء للمعنى! وإذا كان (درويش) في (ذاكرة للنسيان) قد صور حصار (بيروت)، فإن هذه الدفاتر تصوّر الحصار المضاد (حصار الكتابة للفضاء) ... الكتابة هنا وسيلة لامتلاك الفضاء والسيطرة عليه ... الحس الذي كتبت به هذه (الدفاتر) يتجذر في (الشخصي) و(الثقافي) و(الجنون) ... وهل هنالك من جنون داعر مثل جنون الرزق والحاجة!؟ تبتعد هذه (الدفاتر) عن ذلك التنظيم والتأسيس المنهجي والأكاديمي الذي يميز ما أسميه (الكتابة المطمئنة) ... الإطمئنان لا يعني – هنا – الركون إلى بديهيات الأشياء، والرضى بالظاهر والعابر واستخلاصات العقل الكسول، لكنه يعني التوفر على (طقس الكتابة) ... وهل يمكن أن توجد الكتابة بلا طقس؟ هذه (الدفاتر) نوع من النوستالجيا الصامتة، نوع من النبش الخفي في باطن تلك الميثولوجيا المسماة (الوطن)، ذلك التذكير المجهد للتفاصيل الكبرى والصغرى، هو ما تنضح به الدفاتر. هذه الدفاتر نتاج حوار مرهق مع الكتب، والعالم، نتاج تعرف على (الثقافة الليبية) ورموزها الهامة (مصطفى التير، أحمد إبراهيم الفقيه، إبراهيم الكوني، الكدى – العماري) وأسماء أخرى ... إنها نوع من الوفاء لهذا الفضاء الذي أنتج هذه الكتابة! نوع من الاعتراف بالتناقض في موقفي تجاه المكان! وهي أيضاً نتاج سيرى اليومي من البيت إلى المدرسة، نتاج حوار طويل مع طلابي، نتاج وحدة دامية تشكو قلة الأصدقاء والرسائل والفئران! صمتاً!! فلندعو الدفاتر هذه تتحدث بضمير الصامت!
سأعود لاحقاً ببعض الإضاءات من وحي نصوص الكتاب في بوست مخصص لذلك، وقد أوردت هنا المقدمة على سبيل المقاربة بموضوع البوست.
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: رؤية نقدية حول مشاركة المبدع في العمل العام .. مقدمة (خطاب المشاء) للأستاذ/ أسامه الخواض نم (Re: نادر)
|
Quote: ولقد كان العامل الحاسم في انصرافي عن الكتابة، انشغالي بالعمل النقابي والسياسي، فقد كنت أتوهم – باختياري ورغبتي الشخصية – أن العمل العام يطور التزام الكاتب ودوره في التغيير الاجتماعي. غير أن الأمر - بالنسبة لي – بدا منهكاً ومملاً ومليئاً بالاجتماعات المطوّلة والشجار والمهاترات والمؤامرات، والعنف والدم. وهذه قصة أخرى لا تهمنا في هذا المقام، لكنني قصدت من ذلك الإشارة إلى الخسائر الكبيرة التي تصيب الكاتب جراء الانسياق إلى وهم أهمية "العمل العام" في تطور قدرات الكاتب الإبداعية |
نعم العمل العام يأتي خصماً على انصراف المبدع لإبداعه العمل العام سواء كان سياسياً أم نقابياً وخاصة في السودان حيث (غير معروف كيف يبدأ اليوم و كيف ينتهي)وحيث الإنهماك حتى الغرق سيد موقف كل مشتغل بعمل عام، يبدو وضع الإبداع مأساوياً لن يكون هنالك وقت لكتابة أو لتأليف هذا الكلام بإطلاقه مخل و لكن الأغلب الأعم يعاني من هذا الأمر سأعود محبتي و شكري نادر لهذا الموضوع
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رؤية نقدية حول مشاركة المبدع في العمل العام .. مقدمة (خطاب المشاء) للأستاذ/ أسامه الخواض نم (Re: lana mahdi)
|
الأخ نادر
من الأشياء الخاصة جداً فى مقام الخواض أسامة هى أننى واحد من معجبيه نثره وشعره ..وأعتقد بأن شعر أسامة الخواض يتمدد على مجال خاص وحميم بنكهة سودانية خالصه ممتلئة بروح المفارقه والدعابه العميقه والغير مجانية على الأطلاق (أسامة دائماً يكتب مشهد أسامة) مثلما قررت ببساطة قارئ طيب بعد أن فرغت من قراءة درويش فى (كزهر اللوز أو أبعد) عن درويش الذى تفرغ كلياً لمشهد درويش.. يسرنى جداً أن نكون معاً على ذات الخيط بأمل أن تذهب الى أبعد ماوصلت وأظنك فاعل لكن كما قال لى عصام جبرالله فى نفس البوست أن الموضوع أكبر بكثير..وشخصياً أدركت الداء الأسفيرى العظيم فى أن تكتب قبل أن تنجض فكرتك على نار جدال ذهنى متين ولاأكذب عليك بأننى هناك وأن فتحت الباب أمام بعض الأسئلة راحت منى أسئلة أخرى
لذا أتمنى أن (تقعد النظر والفهم) هنا من خلال نموذج المبدع أسامة الخواض
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رؤية نقدية حول مشاركة المبدع في العمل العام .. مقدمة (خطاب المشاء) للأستاذ/ أسامه الخواض نم (Re: نادر)
|
تحية للجميع تسرني في هذا المقام مرور ومساهمة كل من الأخت العزيزة لنا مهدي والأخ حاتم الياس ... بالنسبة لما ذهبت إليه الأخت الأستاذة/ لنا مهدي فالأمر يتطلب المزيد من النقاش والتحديد، والأمر ينسحب إلى ما ذهب إليه الأستاذ/ عبد الحميد البرنس بقوله:Quote: أكاد أقول بداهة أن معنى الحياة المعطى لدينا في السودان هنا وهناك يتأسس على مفهوم "الجماعة". وهذا ربما يتعارض من وجوه عدة مع مفهوم "الإبداع" كنشاط يحتاج إلى قدر من العزلة النسبية بما تتيحه من تأمل وإستقلالية. من هنا سيكون جوهر مساهمتي فيما هو مطروح للنقاش أو الحوار ها هنا: |
أجزم أن أجمل ما كتبه مثلاً أسامة الخواض ومحجوب شريف وغيرهم ممن إلتحمت لديهم سكك الإبداع بالعمل العام كان مخاض وعصارة ذلك التآلف، العزلة قد تُنتج عملاً إبداعياً، لكني أحسه منقوصاً ومصنوعاً وبعيداً عن واقع وهموم وحراك "الجماعة" (طالماً ذهبنا في اتجاه هذا المصطلح) ... ولا أنسى هنا العودة لكلام الأستاذ/ أسامة الخواض Quote: أن العمل العام يطور التزام الكاتب ودوره في التغيير الاجتماعي |
يقيني من هنا ومن هذا المفهوم تطورت تجربة محجوب شريف مثلاً، ولا أعتقد أنا أينا لم تقنعه تلك التجربة المليئة بالانجازات والتصميم والمسئولية والوعي ... هذا طبعاً لا يعني بكل حال إغفال خصوصية المبدع كمبدع وهو ما تعنيه الأستاذة لنا مهدي من خلال وجهة نظرها ثم استدراكها بالقول: Quote: هذا الكلام بإطلاقه مخل و لكن الأغلب الأعم يعاني من هذا الأمر |
الأستاذ/ حاتم الياس ... لقد التقت سككنا في محطة الدهشة اللذيذة لإبداعات الأستاذ أسامة الخواض، وأجزم أن هذا البوست لم يكن – كما أسلفت لاحقاً – إلا احتفاءً به ومنه افترعت موضوع النقاش فيما نحن بصدده الآن من خلال مقدمة الكتاب المشار إليه أعلاه ... أعلم كذلك أن الموضوع كبير كما عبّر الأستاذ/ عصام جبر الله عن ذلك من خلال مساهمته في ذلك البوست الجميل، لكني قصدت استدعاء قدر كبير من المبدعين وأكاد أجزم أنني توقعت مشاركة كل الذين اسهموا حتى الآن بالكتابة في هذا البوست ولك أن تتصور كيف أني توقعت (بدرجة كبيرة جداً وبشكل حتمي) مشاركة الأستاذ/ محمد الحاج والأستاذ/ عبد الحميد البرنس وأنا أهم بإنزال البوست، وها هو ذا البرنس لا يخيب ظني ومحمد الحاج مشغولاً هذه الأيام حتى أخمص قدميه كما أعرف وفوق ذلك يحمل عبء بوست كبير بحجم (العقل العربي) وأعتقد أن كتابة الأسافير تخلو على نحو ما من التحدي الذي تفرضه الكتابة التقليدية في هذا المنحى تحديداً فيما أشرت إليه بقولك الذي أعجبنيQuote: وشخصياً أدركت الداء الأسفيرى العظيم فى أن تكتب قبل أن تنجض فكرتك على نار جدال ذهنى متين ولاأكذب عليك بأننى هناك وأن فتحت الباب أمام بعض الأسئلة راحت منى أسئلة أخرى |
إذن دعنا سوياً نقعد للفكرة طالماً قصدنا ضبط العمل بهذه القسوة الجميلة ... سعيد جداً بمشاركتك أعدك في بحر هذا الأسبوع وبنهايته تحديداً أن تجهز ورقتي التي بانت ملامحها ... وكبداية آمل أن تستمتعوا بهذا النص الذي ستأتي الإشارة إليه لاحقاً ...
هكذا كان قلقاً علي مستقبل العشب في رثاء عبدالخالق محجوب ************************* كان مسموعاُ ومرئياُ لدي الزهرةِِ, مقروءً كصفحاتِ الرياضةْْ واسمه السري "راشدْ" (1) واسمه القومي مكتوب باحلام الشبابيكِِ، ورعشات الايادي العاشقةْ يقرا "الميدانَ" (2) لا يطربه من صوتها الا رنين الكلماتْ كان مشغولا بتنسيق الصراع الطبقيْ لابسا بدلته الحمراء، حلاها باقوال الغمامْ ملحداً بالفقر والقهر، صديقا لدي عمال "بحري" (3) ونساء الريف، والزراع، والطلاب، والوردة والكسرة، والحلم و اولاد الحرامْ كان شبّاكا من اللذة، والغبطة مفتوحا علي ابهج وقت، وفضاء الاغنياتْ يدعم العشبَ، ويعطيه " دعاشا" ضد نسيان السماءْ كان عنوانا لمن لا شغل لهْْ وصديقا للحمامات، رفيق النيل في نزهته الكبري وبستان حماسْ كان عاما من نكات ذهبت تطفئ احزان الطبيعةْ ايقظ الثورة من نومتها الاولي، واعطاها مفاتيح الجدلْ وتغشاه ذبولٌ فضحكْْ ومضي فيه انقلابٌ وكتبْ .............. .................. ..................... كان لا يخطب الا عن جموح القمحِ، والاحلام، والمراة ذات الخبز، والسطوة، والافق الرخيمْ وعدائيا اذا قلصت الارض اغانيها، حنونا حينما يكتحل الشارع بالعنف الوسيم وزميلا للعصافير، يماما من تقدّمْ يعشق الشدو صباحا ومساء، يعجن الخضرة، يهديها "اتحادات الشباب" ويري الواعظ منفىً, ويرانا شجرا يمشي ولا يمشي, يري البسمة في احراش حزن عائليٍ، ويناديها، "يفلِّي" شعرها النيليَ، يعطيها وصاياه، لكي تذهب من عزلتها نحو " اتحادات النساءْ" كان نعناعا علي الشاي الذي اخفي شجوني، ومضي بي في النساء الحالماتْ كان في برنامج الصدمة وردا , واقتراحات العصافير علي حزب الشجرْ كان اهلا ثم سهلا في شمال الياسمينْ واحتمالاتٍ سكاري في جنوب السيسبانْ قيل "ما قدمت ؟" قال " الوعيَ" والحلمََِ, واسرار ابتهاجات الشعوبِ, اندهشت فاروزةٌ، ضجّت نباتاتٌ، ونامت في البنايات احاديث الفراع المرِّ، اهدته النساء الروح /ايقاعا من السكرِ، وينبوع قرنفلْْ .............. ................. ...................... خطفته الزنبقةْ وسري في المشنقةْ وراي صورة قلبهْ في مقامات التقدمْ وتقدمْ وتقدمْ وتقدمْ
.... والنساء- الان- يطلبن مناديل، مناديل، مناديل، مناديل من الدمِّ، مناديل من الوردِ، مناديل من الشهوةِ, يطلبنَ، ويذهبن الي رغبتة النيلية الاولي، ويخضعن الي غبطته، لم ينكسرْ غيمٌ، ولم يجبن نهارٌ، لم ير الجندي ايقاع التلاميذ نشازا، لم يرَ التلميذ وقتا مثل "عبدالخالق" المحجوب عن اسطورة الموت، ولم ياسف نبيذ لذهاب الحلم عنه، انهمرت فيه اناشيد، اناشيد، ونادتنا فراشات, فراشات, الي ما يشبه المراة في شهوتها، قامت قيامات، واشجتنا مقامات، مضت عصفورةٌ في مسرح الموتِ، زهت ارجوزةٌ بالشنقِ، "عبدالخالق المحجوب" اغرته البناتُ - الان- بالموتِ، واغراه الكلام الحلوُ، ناداه الي نوم عميق قزحيْ
********* الخرطوم 1985- صوفيا 1987 هوامش: (1) الاسم الحركي لعبدالخالق محجوب (2) الصحيفة الناطقة باسم الحزب الشيوعي السوداني (3) الاسم المختصر لمدينة الخرطوم بحري احدي مدن العاصمة السودانية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رؤية نقدية حول مشاركة المبدع في العمل العام .. مقدمة (خطاب المشاء) للأستاذ/ أسامه الخواض نم (Re: نادر)
|
سلامات (ابو محمود) و الجميع
(و انت بتكتب في مداخلتك الأخيرة تقريبا انا كنت فاتح الـeditor و بكتب في مداخلة)
من جانبي حاولت انتظار أن تكتمل جوانب الموضوع سيما و -للأسف- أنني لم اطلع على الكتاب محل الموضوع و ان كنت من المتابعين لما يكتب الخواض في "الأسافير"، من جانب، و من آخر اوقفتني الجدلية التي يتميز بها الموضوع محل النقاش، فالنظرة التي تفترض عزلة ما ينتبذها "المثقف" كيما ينتج /يكتب / يؤلف، قول يحمل تناقضاً بداخله مع الأخذ في الاعتبار بالطبع لزوم ما يلزم من العزلة أوان اختمار الكتابة و نضوجها - فعل الكتابة ان صح التعبير، لماذا يكتب المبدع/ المثقف/ الشاعر ... الخ، بالضرورة وفق ما أرى هو يكتب نتاج انفعاله بما حوله/ داخله فهو من خلال "تميزه" بشكل مختلف من الوعي و هذا بالطبع يؤسس لمقولة صفوية المثقف كمسألة ترتيب أدوار داخل /خارج المجتمع و في الخاطر رؤيه "اللامنتمي" outsider التي تفترض وجود مساحة كبيرة من اختلاف الرؤى بين المثقف/اللامنتمي و المجتمع عصية على الرتق و رغم ذلك تتصل هذه الرؤية بحوادث عديدة توافقها في التاريخ البشري كنوذج لجدلية و (صراع) المثقف/المجتمع هذه الجدلية بالضرورة لن تقذف بالمثقف/اللامنتمي بالكامل تجاه العزلة / كخارج على المجتمع بل تدفع باستمرار تجاه انتاج وجهة نظر بديلة لما يوجد بداخله – المجتمع. اتوقف هنا و ارجو ألا أكون قد حدت "كثيراً" عن خط الحوار في البوست. في انتظار اكتمال رؤية البوست.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رؤية نقدية حول مشاركة المبدع في العمل العام .. مقدمة (خطاب المشاء) للأستاذ/ أسامه الخواض نم (Re: عبد الحميد البرنس)
|
على الرغم من أنني لم أقرأ كتاب المشاء المشار إليه أعلاه, إلا إنني أكاد أتفق مع الروح العامة لهذا المقتطف:
Quote: ولقد كان العامل الحاسم في انصرافي عن الكتابة، انشغالي بالعمل النقابي والسياسي، فقد كنت أتوهم – باختياري ورغبتي الشخصية – أن العمل العام يطور التزام الكاتب ودوره في التغيير الاجتماعي. غير أن الأمر - بالنسبة لي – بدا منهكاً ومملاً ومليئاً بالاجتماعات المطوّلة والشجار والمهاترات والمؤامرات، والعنف والدم. وهذه قصة أخرى لا تهمنا في هذا المقام، لكنني قصدت من ذلك الإشارة إلى الخسائر الكبيرة التي تصيب الكاتب جراء الانسياق إلى وهم أهمية "العمل العام" في تطور قدرات الكاتب الإبداعية |
ولعل الدعوة إلى "الأدب الملتزم" تشكل أحد المفاهيم الأساسية المشكلة للخطاب الموجه من قبل اليسار التقليدي فيما يخص المسألة الإبداعية على وجه عام, وهو ما احتزته لاحقا حتى بعض قوى يمنية ذات منحى سياسي أوآخر, مما جعل "المبدع" في كثير من الأحيان موضوعا لإستقطاب عقائدي أوآيديولوجي بائس. وهذا مأزق في زعمي يمكن أن يثير على مستوى التأمل أكثر من مسألة, منها:
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رؤية نقدية حول مشاركة المبدع في العمل العام .. مقدمة (خطاب المشاء) للأستاذ/ أسامه الخواض نم (Re: نادر)
|
Quote: بالنسبة لما ذهبت إليه الأخت الأستاذة/ لنا مهدي فالأمر يتطلب المزيد من النقاش والتحديد، والأمر ينسحب إلى ما ذهب إليه الأستاذ/ عبد الحميد البرنس بقوله:
Quote: Quote: أكاد أقول بداهة أن معنى الحياة المعطى لدينا في السودان هنا وهناك يتأسس على مفهوم "الجماعة". وهذا ربما يتعارض من وجوه عدة مع مفهوم "الإبداع" كنشاط يحتاج إلى قدر من العزلة النسبية بما تتيحه من تأمل وإستقلالية. من هنا سيكون جوهر مساهمتي فيما هو مطروح للنقاش أو الحوار ها هنا: |
أجزم أن أجمل ما كتبه مثلاً أسامة الخواض ومحجوب شريف وغيرهم ممن إلتحمت لديهم سكك الإبداع بالعمل العام كان مخاض وعصارة ذلك التآلف، العزلة قد تُنتج عملاً إبداعياً، لكني أحسه منقوصاً ومصنوعاً وبعيداً عن واقع وهموم وحراك "الجماعة" (طالماً ذهبنا في اتجاه هذا المصطلح) |
أخي الحبيب نادر عندما قلت أن العمل العام يكون احياناً خصماً على إنتاج المبدع لم أقصد أن المبدع عليه أن يكف عن العمل العام و يتمترس في برج عاجي و لكن قصدت أن العمل العام في السودان غالباً غير مؤسس بشكل يكفل توزيع الأدوار إذ تستهلك الإجتماعات-كما تفضل أخي الحبيب الخواض-تستهلك جل اليوم و تكاد تبتلعه قصدت أن الإنغماس في العمل العام يأكل وقت المبدع و لم أشأ الإيحاء بأن المبدع عليه أن يتقوقع فأي مبدع إبداعه بعيد عن نبض و عرق الجمهور يكون إبداعه منقوصاً الكتابة تحتاج لتركيز و ترتيب أفكار و هذا يتضارب أحياناً مع متطلبات العمل العام السوداني و أزمة الوقت عندنا كسودانيين. لنا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رؤية نقدية حول مشاركة المبدع في العمل العام .. مقدمة (خطاب المشاء) للأستاذ/ أسامه الخواض نم (Re: نادر)
|
الاعزاء ... من هو "المبدع "؟ سالت السؤال في مكان غير هذا ولم اجد اجابة ... هل الابداع " صفووي’ مرتبط بانتاج معين ام بكل منتج مفيد من فعل البشر ؟؟ هل التمكن من عملك اداء وكفاءة - مهما كان العمل- يقع في خانة الابداع ؟ مثال اذا ادي الجراح الطبيب عمله بكفاءة واقتدار كما يفعل الكاتب حين يكتب بكفاءة واقتدار فهل جراحنا مبدع ام الكاتب فقط هو المبدع ؟؟؟ متي يرقي اي عمل الي رتبة الابداع ؟ الابداع هل هو وصيف الخلق Creativityام ان الخلق لا يرقي الي ابداع ؟؟
- وجهة نظر شخصية : تحجيم الابداع باطلاقه علي نتاج معين يخنقه ويخلق غيتو واحد في المدينة المنتجة الواحدة ... الابداع هو لكل متنج وعمل مفيد صنع/اؤدي بكفاءة واتقان في كل مناح الحياة وليس صفويا ..الحاكم القادر علي تفعييل رفاهية وازدهار بلده مبدع ..المزارع الدؤوب المنتج مبدع ..الخ .......
هل من مساهم ينير الطريق ببعض مما عنده ودمتم ابوبكر سيداحمد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رؤية نقدية حول مشاركة المبدع في العمل العام .. مقدمة (خطاب المشاء) للأستاذ/ أسامه الخواض نم (Re: abubakr)
|
- في بحث فريد في سياق رؤية تحليلية متكاملة, وصف لويس ألتوسير كل من ماركس وفرويد ب"اليتم", وذلك في إشارة إلى ما أحدثاه من إنقلاب هنا وهناك في مجال المعرفة مستكشفين آفاق جديدة أمام العقل البشري تماما كما يفعل "الرواد" بالمعنى الحقيقي للكلمة عادة. ولعل في مثل هكذا نشاط يكمن جوهر الإبداع كفعل يحدث تغيرا أوتحولا جذريا على مستوى المفاهيم والمقولات السائدة. وهو فعل تتحدد في زعمي درجة أصالته بدرجة المقاومة التي يلقاها عند بدايته وما بعدها كتصور بديل يتحرك من هامش من قبل تصورات مركزية قديمة تسعى إلى تأبيد وضعيتها القائمة ك"سلطة" بالمعنى العام للكلمة.
- لعل الفرضية أعلاه هي ما دفعت تشيخوف قبل ذلك إلى أن يعلن في "بستان الكرز" على لسان إحدى شخصياته أن "الموهبة" كقاعدة في زعمي لإنطلاق ما هو إبداعي هي "الجرأة والعقل الحر وسعة الإطلاع", وفي هذا دلالة يمكن إستنباطها على أن الإبداع ذو طابع فردي في المقام الأول, إذ أن الجرأة نقيض السكون إلى قواعد الجماعة والعقل الحر نقيض الركون إلى المرجعيات وتقديسها وسعة الإطلاع دلالة على القدرة على النظر بشمولية ومن أكثر من زاوية على النحو الذي يتيح لنا قراءة ظاهرة ما في مختلف تعقيداتها وتجلياتها.
- "الإبداع" على هذا النحو ينطوي على مفهوم "الوعي الشقي" كفعل بديل أومفارق لما هو سائد, لكن ماهو سائد من وضعيات معرفية ومجتمعية على درجة عالية من الخبث والمراوغة, للسائد أسلحة مقاومة للفناء ناعمة وخشنة على حد سواء, وهي أسلحة ذات طابع جماعي تتفاوت درجة مقاومتها أوإمكانية تخطيها كعقبات من مبدع إلى آخر, فمثلا هناك سلاح الألقاب الذي يمكن أن تروجه سلطة حزبية بعد أن خلعته على كاتب أوشاعر أوآخر, إذ نجد "شاعر البسطاء" مثلا كنسخة حديثة معادلة أومعدلة ل"شاعر البلاط.. القصر.. الأمير", هنا يتحول النص الشعري إلى صيغة تمجد سلطة قائمة بوعي أولا وعي أوحتى يتحول النص الشعري إلى ترجمة جمالية لشعار سياسي سائد أوآخر.
- ويبدو لي هنا أن الإندراج فيما أشار إليه البعض هنا ب"العمل العام" لا يعني في جانب منه سوى ضرورة أن يكون المبدع مندرجا في سياق حزبي أوآخر, والإشكالية هنا تكمن في أن معظم الخطاب السياسي في السودان ظل متمركزا حول كيفية الإستيلاء أوالوصول إلى السلطة أوالمحافظة عليها, بينما جوهر الإبداع في تصوري ظل على الدوام على النقيض تماما لما هو سلطوي أوثابت أوفوقي حتى, إن الإبداع يسعى في تصوري إلى إحداث تلك التغيرات في بنية كل سلطة محركة أوموجهة لبنيات الوعي الفردي والجماعي ومعوقة أومستلبة لها.
- ومرة أخرى, أشير إلى المعنى المعكوس لفكرة "اليتم" أعلاه فيما يلي من تأملات أرجو أن يتسع لها الوقت ما أمكن:
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رؤية نقدية حول مشاركة المبدع في العمل العام .. مقدمة (خطاب المشاء) للأستاذ/ أسامه الخواض نم (Re: عبد الحميد البرنس)
|
عزيزي الاستاذ: أبو بكر سيد احمد تحيات نضرات قلت عزيزي:
Quote: تحجيم الابداع باطلاقه علي نتاج معين يخنقه ويخلق غيتو واحد في المدينة المنتجة الواحدة ... الابداع هو لكل متنج وعمل مفيد صنع/اؤدي بكفاءة واتقان في كل مناح الحياة وليس صفويا ..الحاكم القادر علي تفعييل رفاهية وازدهار بلده مبدع ..المزارع الدؤوب المنتج مبدع ..الخ ....... |
الابداع حقل واسع،مثلما ان الشعرية والدراما و غيرها من المفاهيم حقول واسعة، لكن دعنا نركز نقاشنا،كماهو جر الآن، على الكتاب والمبدعين في الخطابات الابداعية الأخرى شكرا لاشارتك المهمة محبتي المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رؤية نقدية حول مشاركة المبدع في العمل العام .. مقدمة (خطاب المشاء) للأستاذ/ أسامه الخواض نم (Re: osama elkhawad)
|
مواصلة للكلام حول العمل العام ما أورده الصديق نادر هو عبارة عن شهادتي الشخصية في ذلك الامر المشكل حقا. وساورد شهادتين ،عبر البحث في الانترنت ،عن العمل العام. الشهادة الاولي للدكتور عبد الله بولا ، والشهادة الثانية للدكتور عبد الله علي ابراهيم.
*بولا والعمل العام:قال بولا في بوست الترحيب به الآتي:
Quote: ولعل من المناسب أن أضيف هنا، إن أحد العوامل الرئيسية أيضاً، التي تساهم في شح وقتي المخصص للكتابة، (والتشكيل، والموسيقى، والفسحة، والزيارات، بل ضيقه أحياناً حتى عن الأكل والشُرب)، هو العمل السياسي والثقافي والإنساني العام. ولعله من الأوفق في هذا المقام أن أعترف بأن هذا كان خطأً كبيراً من جانبي كرستُ له وقتاً عزيزاً، بأكثر من وقته المستحق . لاسيما وأنني خضت تجربة العمل السياسي المعارض، والعمل الإنساني تلك، هنا في فرنسا، وفي باريس على وجه الخصوص، مع أشخاصٍ، يبدو لي أنهم كانوا في غالبيتهم على غير حرص "حقيقي"، أو على اهتمامٍ ضعيفٍ جداً بمقاومة وتفكيك بنية مؤسسة سلطة "الغول الإسلاموي" الجاثم على صدر بلادنا. وما أزال، حتى يوم الناس هذا، أو ("لي هذا يوم الليلة دا"، كما تعبر معلمتي الراوية والموثقة "الشفاهية" العارفة الدقيقة العتيدة الباسلة زينب بت بشير)، أحد العاملين القلائل بالمنظمة السودانية لحقوق الإنسان بفرنسا على الرغم مما سمعتم من شكواي من شُحِّ الوقت.
|
Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا ثم قال عن تجربته مع الحزب الشيوعي السوداني::
Quote: ولم أكن بالفعل عضواً في الحزب الشيوعي في ذلك الوقت)، ولا أعرف أين موقعي منه الآن، بعد تجربةٍ أقول لأصدقائي وأحبابي من "الشيوعيين الحقيقيين" في الحزب، على حد تعبير صديقتي الباسقة الباسلة، الأستاذة سعاد إبراهيم احمد، إنها كانت مريرةً جداً، مع فرع الحزب بباريس،
وبعد أن عاودني وابل الأفكار العنيدة "المزالْفة"، "المعتزلية الحداثية الإشكالية"، التي كانت، وما تزال، تغشى مكامن الدعة والإطمئنان في وعيي وفي خاطري، منذ أيام "سهومي" وحيرتي اللتين شهد عليهما النور على أيام حنتوب الباكرة، من أن أمر مشروع التحرر الإنساني الكبير الصعب الجبار، الذي نسميه (اصطلاحاً في اعتقادي) ب"الشيوعية"، أنما هو على قدرٍ من التعقيد والاستعصاء والبعد والوعورة، لا يقاس بالمفاهيم التبسيطية التي تبنيناها وتمنيناها، في ريعان شبابنا وفي ريعان شباب الحركات والمذاهب "الشيوعية" المختلفة من لينينية، وستالينية، وماوية، وجيفارية، وكاستروية، وساندنستية إلخ. أقول لم يبق من عقيدةٍ يقينية من كل ذلك، سوى احترامي الجليل لمن فيه من النساء والرجال الذين أفنوا زهرة شبابهم في مناهضة مؤسسات صناعة الفقر والتغريب في بلادنا، إلى جانب نفر جليلٍ آخر من قادة الحركة الديمقراطية السودانية يساراً، وقد لا أتردد طويلاً في أن أقول "وسطاً" ويميناً أحياناً، ولعلني أعني على وجه الخصوص "وسط" ويمين الليلة اللذان "تعلما"، أو تبنيا، مبادئ احترام الآخر المخالف بعد أن ناء عليهما الغول الإسلاموي بكلكلٍ ثقيل الوطء. ولو أنهم فعلوا هذا قبل ذلك، كما فعلت طلائع منهم من الرجال والنساء الميامين الأشداء أذكر منهم هنا الشيخ الجليل عبد الله نقد الله، والمرحوم حين بابكر، لوفروا علينا وعلى أنفسهم رهقاً، ونالو مجداً وسنرة حال. وأتمنى أن نكون نحن في اليسار، قد وعينا هذا الدرس الباهظ المرير بحق. ولا أعفي من هذا النقد، شخصي، ولا صحاب الدرب الآخرين من فصائل اليسار المتعددة، الذين أتمنى أن يكونوا قد تعلموا هم أيضاً، حقاً، لا طق حنك، مبادئَ توقير الآخر المختلف الحقيقية (والمختلف، غير الشاتم، والقامع القاتل)، بعد أن ذاقوا مرارة ثمرات "مبادئ" ومفاهيم "الديمقراطية المجوبكة" (الديمقراطية الجديدة، والثورية، والمرشَّدة، والموجهة... إلخ)، مع تجربة تأييد انقلاب مايو، حتى وإن كان تأييداً مشروطاً ومتحفظاً، كما كان بالفعل، واحتمال " تأييد" انقلاب يوليو ما لو قُدِّرَ له النجاح. وأنا لا أعفي نفسي من كل هذه المغبات والعترات الكبيرة، مع إنني كنت محتاراً ومتحفظاً وخجلاً ومرتبكاً في موقفي من ذلك الانقلاب "التقدمي"، مما جعل النور ينسى أنني كنت برفقتهم في جولات قوافل طلائع الهدهد الثقافية، (التي نشأت وترعرعت، على خلاف أبادماك، في مطلع العهد المايوي، وماتت بموت "فترة مايو" اليسارية بعد عام 1971). كنت معهم من جولة الجزيرة "المرْوية"، إلى جولة كوستي، والجزيرة أبا، وتندلتي إلخ. ولم أتخلف عنهم إلا في منتصف عام 1970، حين نُقلت إلى القضارف لأساهم في تكوين طلائع القندول. وحتى أفرغ ما في نفسي من حيل حظها البارعة في تبرير "تأييدي" الملتبس لمايو اليسارية، أقول ليس "على الرغم من أنني كنت محتاراً ومتحفظاً وخجلاً ومرتبكاً في موقفي من ذلك الانقلاب "التقدمي"، بل لأنني كنت محتاراً ومتحفظاً وخجلاً ومرتبكاً في موقفي من ذلك الانقلاب "التقدمي" على وجه التحديد، بينما كان ينبغي على داعيةٍ من دعاة حرية وكرامة الإنسان مثلي أن لا يتردد لحظةً في إدانة ورفض المنهج الانقلابي. لكن ياجماعة الخير إذا كان لي من عذرٍ ممكن، فهو إنني كنت حَدَثاّ يافعاً (26 سنة |
) Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا
*شهادة عبد الله علي ابراهيم:
ويقول عبد الله على ابراهيم عن علاقته بالعمل العام الآتي:
Quote: لذلك لا تجد في السودان شكوى اساسية من العنت الذي نسمع عنه بالنسبة للكاتب والحزب وان كان هناك امثال المرحوم صلاح احمد ابراهيم صاحب غابة الابنوس وغضبة الهباي وتصويره لهذه العلاقة كمثلها في بقية انحاء العالم وان الحزب له الصولة والجولة ولكن هذه ليست تجربتي على اية حال واذا اسفت على اي شيء من اقتحامي للعملية السياسية انني ربما هجرت اجناساً ادبية بدأت بها مثل القصة القصيرة ،
وربما احمد لهذه التجربة انها جعلتني كاتبا مسرحياً في سياق توثيق الحركات الشعبية والجهات الاجتماعية واكسبتني مرونة وسيطرة على اجناس كتابة متعددة مثل المقال الصحفي والعمود الصحفي والتحليل السياسي والبيان السياسي وهذه اعتقد ثروة ونبهتني الى البحث عن الحقيقة اكاديميا حتى اصبح عملي الاساسي الذي ارتزق منه.
يداخلني شيء من «حتى» الابداع لهجري كتابة القصة والرواية وآمل ان يمتد العمر الى ان اعود الى شيء من هذا حاملا الى الكتابة الابداعية كل هذه الخبرات والمهارات التي حصلت عليها من مغامراتي السياسية والاكاديمية حتى كتاباتي الاكاديمية تجدها مكتوبة من زاوية الدراما بوجود شخوص وافكار حركية، وانا حامد لهذه التجربة السياسية ومازلت اعتقد انها شاغل لا مهرب منه للكاتب وهناك ثمن يدفع من الحياة تجاه ذلك. |
| |
|
|
|
|
|
|
|