|
النصوص الشعرية الكاملة لعادل عبد الرحمن-1- تقديم :أسامة الخواض
|
مقدمة أسامة الخواض لنصوص عادل عبد الرحمن الشعرية
عادل عبد الرحمن صديق قديم وشاعر عظيم.هو من القلائل في جيلنا الذي جعل من قصيدة النثر الشكل الرئيس والاساس لكتابته الشعرية.فنحن قد جعلنا من موسيقى التفعيلة الشكل الرئيس لكتابتنا الشعرية,ومن حين لاخرنطل لماما على قصيدة النثر. في خطاب عادل الشعري تتبدى واضحة شذرات من رؤيا جيلنا للعالم.وفي ذلك الخطاب, لثيمة الحب و المرأة هيمنة واضحة, وتبدو انها مركز ذلك الخطاب. بداياته الشعرية كانت تتميز بنفس خطابي,ولكن بمرور الزمن صقل عادل لغته الشعرية ,وحاول بقدر الامكان ان ينأى بها عن الهتاف والخطابية. لزمن طويل اشتغل عادل بالسياسة,فكان ان اخذته السياسة من الشعر,.وصمت مثل رامبو.,وبعد ذلك فاجأه وأربكه المنفى الامريكي,مما زاد من صمته وانزوائه وتوتره. بعد سنين طويلة من الغياب, التقينا ذات صيف في عام 2000 في الجنوب الامريكي الذي سبقني اليه.كنا قد هبطنا هيوستن كلاجئين ضمن الكوتة التي قدمتها الحكومة الامريكية لمنظمة الهجرة العالمية التي قامت باعادة توطيننا في هذا الفضاء الامريكي.حين اكتشفت صمته الشعري ,قمت بحثه ليجمع نصوصه الشعرية التي كادت ان تضيع بين المنافي.والتزمت بطباعتها ونشرها في الانترنت.وبعد ملاحقة حثيثة,ارسل لي نصوصه الشعرية ,وأرفق معها الرسالة التالية: أخي أسامة, هذا كل ما أملك من شعر,ولك مطلق حق التصرف فيه وبما ترتئيه,قانعين,آمين. لم أتصرف في اية كلمة كتيها الشاعر,ولكنني تصرفت قليلا في ما يخص التنسيق أي سيميولوجيا الصفحة الشعرية. لي عظيم الشرف ان أقوم بهذه المهمة الجليلة, فهذا أبسط ما يمكن ان يقدمه شاعر لشاعر. مرثية للعشرة أيام ا لمقبلة شعر: عادل عبد الرحمن
في كل يوم سأفعل هذا سأتكئ على الورق ممسكا قلمي بقوة حتى الطقطقة مدحرجا أمامي الذكريات متقافزا أمام ا لآتي ..... سأفعل ذلك في كل يوم وبلا كللِ في لحظا ت حزني ولحظات فرحي في ضحكي وبكائي سأفعله حتى أروض كل الكلمات الجامحة وأدخلها الى حظيرة ا لفعل
عندما يتهاوون أمامي واحدا, واحدا يخرجون من قبورهم أ و يدخلونها عندما يختلط ا لأسفلت بالدم يتطاير في كل جهة و صوب يبهت المارة يجلسون على ا لهواء يعرقلون مسيرته الى خياشيمي أمسك القلم بقوة أكبر أضغطه بشدة على وسطه فينزف يخرج رجلا وأمرأة لا يلتقيان....
في العشرة أعوام المقبلة كنت أ جلس وحيدا أمامي بقايا الحرب نساء ,شيوخ وأ طفا ل يحملون رؤوسهم بأيديهم ويركضون نحوي دون أن يروني
في تلك العشرة أعوام المقبلة كنت متكئا على رصيف من العظام من الدم والصديد وا لأظافر أمامي كومة من العيون وعلى امتداد الأفق تبدو مشانق علقت عليها الأيام مشانق تتدلى منها كؤوس الخمر بقايا السجائر الصور الملونة يتدلى منها طفل رضيع ألى جنب قاتله/ الحرب
في تلك ا لعشرة أعوام المقبلةْ كنت أ قف مكتوف اليدين لست بفرح لست بغاضب متكئا على بقايا الانسان
عندما كنا نتقا تل بالفؤوس و ا لحجارة, عندما كنا جماعات...., جماعا ت...., نأكل من ورق ا لشجر وظهر الأرض, عندما كان الطريق قصيراً ]من الارض الى الفم[ لم تكن الأرض قد تعرّت بعدْ كانت تخبئ عورتها السهول لم تكن تدري بأن الانسان سينبت بد ل أشجار ا لتوت وا لصنوبر لم تكن تدري بأن الانسان سينساها و يحب ثمارها فقط
من قبل يومين وأنا أجوب المدينة أحدق في واجهاتها وعيون الطلبة انظرفي المقاهي وأردية ا لشرطة وشفاه ا لنساء أعاين الشوارع وماركات ا لسجائر وأ لوان ا لنا س فأصرخ بأعلى صوتي : ما اسمك يا مدينة!
من قبل يومين وأنا بداخل غرفتي أبدو متهيئا للنوم لكن أشيائي بدأت تستفزني الملابس تخرج من أخبئتها تهبط من الحائط تنهض من الارض وتصطف طابورا الكراسي تخرج, تمرغ, تدخل, وتصفق لي دونما مناسبة المرايا تعكس أشياء ليست أمامها علب الكبريت,الراديو,ساعة اليد والنعا ل ‘ربع دول من اوروبا أربع لغات لا أ فهمها. كنت متهيئا
دمشق- يناير 1980
كيف الحا ل ايها العالم
بقبضتي أمسكني من قفاي أقذفني بعيدا عن الكرة الأرضية ولا أهوي
آمنت بالماء بالندى بالرطوبة فوق الجداروبالبرك,با لينا بيع ,بالمستنقعات الزنخة,بالسحاب,بالنبات الصحراوي ذي الوريقات الكثيفة,بالأهار ,بالبلل في الجسد المستحم, بالمحيط, بالعرق فوق الجباه النزيهة, بالبحر , بالبئر , باللعاب وبالثلج القطبي آمنت بالماء-إذ حككت عطشي. رأيت التعب, توقف القلب فجأة ,حوادث المرور السريعةوالنصل الخائن, انزلاق الجسد من سلم, رصاص الحاكم المتكبر , العقارب والثعابين, الشيخوخة,صواعق الرعد,الحماقة البشرية,حمم ا لبراكين, الحروب , السقوف المتآكلة, غضبة الأرض إذ تهتز,إنفلات التكنولوجيا من يد الإنسان رأيتني مائتا لا محالة- ما دمت حيا.
من أجل النساء إنشغلت بنفسي قليلا من أجلكِ –أيتها المرأة ذات الطعجة فوق الخد- هيّأ تُ مساءً لنا/ بما يشبه العراك-بما يشبه تحدي جسدين- تبعثرت الأشياء نحو الزوايا- إنسحب صوت المذياع- بالطبيعة الفذة تنغرز الأصابع في اللحم بلا وجع ٍ-بالخبرة الآدمية يُهصر الجسد بلا شكيّة- باليد تُرى خبايا ا لبد ن- بنهنهة ٍ يُغطي الصخب الشارعيُّ- يميد العالم تحت سرير إنما فرحي هو من شُغلكِ/أيتها المرأةُ .
أكرّس لنفسي غابةً-بساتينَ من كرومٍ- حملانَ وأرانبَ بريةً- طيوراً وكائناتِ بحرٍ-قمحاً وفاصوليا-مقانقَ ولحومَ مقددّةٍ – أطباقاً من موائدِ ملوكٍ وسلاطينَ مولعين بالطعام/ ولا أشبع.
أنظر ا لبسيطةَ, أسأل ا لجند من ربّكم, أقرأ للفقراء تاريخ ا لعزة وا لجاه, أهمس للعبيد بما لا يودّ الأسياد, أوزّع التجارب على الشعوب , أفتل ساعدي, وبحكمةٍ بليغةٍ لا تحد ث ا لثورة.
كيف الحا ل أ يتها ا لعصور ا لغابرة؟ كيف الحال يا سمندل؟ كيف حال حرب النجوم يا أمريكا؟ شكرا لكِ , مازال من شعب هيروشيما بقيةْ كيف حالكنّ أ يتها الأمهات؟ هايْ- كيف حالك يا صديقي الذي.....؟ كيف حالكمْ يا جدي الفهد ياعمتي الفراشة, يا أخي أيها ا لسنجا ب؟ كيف حالكِ أ يتها القمصانُ والشرابا تُ, أيتها السفنُ, أيتها المراكبٌ؟ كيف حالكمْ طبقةً-طبقةْ ؟ وشكرا جزيلا لك أيها ا لعالمْ فلقد أ بقيتني حتى سمعت,و رأيت وشممتْ
بقبضتي أخمش ا لكرة الأرضية أقذفها بعيدا في الفضاء, فتهو و و وي في القلبْ.
الخرطوم بحري في الرا بع من أغسطس 1986
|
|
|
|
|
|