بدات تباشير الفجر تظهر في هذا اليوم الصيفي الحار .. عقارب الساعة تقترب من الرابعة والنصف صباحاً .. الهدؤ يلف القرية الوادعة المستكينة على ضفاف النيل الا من اصوات مختلطة يتردد صداها من بعيد فلا تميز منها الا صياح ديك عجول او ازيز حشرات بدات نشاطها في الحقول المتناثرة على اطراف القرية ... صوت تكسر المياه الكسول على الضفة يتناغم بصورة مبهمة مع رائحة الطين ويخلق عطراً مميزاً للمكان ... تعالى صوت الآذان من المسجد الوحيد بالقرية مبدداً الصمت وناشراً الطمانينة .. بدات الاضواء تلمع في اماكن متفرقة من البيوت المتناثرة هنا وهناك وفي الدروب الضيقة بدات خطوات مسرعة تتسابق وتحايا متبادلة بين المتجهين الى المسجد ...نفس الوجوه المالوفة التي تترافق يومياً بكل ود وسماحة نفس .. في منزل الاستاذ محمد زين كانت الاسرة كلها مستيقظة الا الصغير احمد الذي قاوم كل محاولات شقيقته صفاء لايقاظه من نومه العميق .. الانوار مضاءة اكثر من المعتاد .. ونشاط محموم يعم المنزل الصغير ... " يا ست البنات ناوليني الجلابية سريع عشان ما اتاخر على الصلاة " بصوته الجهوري العميق نادى محمد زين على زوجته التي اتت مسرعة وهي تحمل الجلابية البيضاء بحرص بعد ان رشتها بعطر المسك ..." معليش يا محمد بس كنت بافتش في فتيل المسك الولد احمد دة معذبني فيه عذاب شديد خلاص ... وكل ما ادسه منه يفتشه ويشيله الا صحيته عشان اساله " نظر محمد زين الى زوجته باعزاز كبير وحبس انفاسه وهو يتطلع الى مفاتنها التي ما زالت تثير احساسه برغم مرور خمسة وعشرين عاماً على زواجهما وانجاب اربعة اطفال .. في كل مرة كأنه يراها لاول مرة امراة فاتنة بكل ما تحمل الكلمة من معنى ... جمالها الموروث من اصول اجداها الاتراك كان واضحا في العيون الواسعة بلون العسل الصافي والانف الحاد والبشرة المخملية وشلالات الشعر البني الداكن التي تتدلى من راسها حتى خصرها .. كانت تملك قواماً بديعاً قاوم علامات الزمن وظل كما هو منذ ان تزوجها ... فقال لها بحنو الاب المشفق على صغيره " ليه صحيتيه يا ست البنات ما كان ضروري المسك " .. لحظتها اطلت ابنته فضيلة من الباب وهي تحمل العصا والطاقية " لا يا ابوي خلي يصحوه عشان تاني ما يدس الفتيل "
11-26-2006, 04:51 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
كانت فضيلة نسخة مصغرة من والدتها وتميزت عنها بالطول الفارع الذي ورثته عن ابيها .. كانت تسير برشاقة وخفة الغزال تملك وجهاً على شكل القلب بحاجبين مقوسين وعيون لوزية شهلاء يتضارب لونها البني الفاتح مع الخط الاسود الذي يحدد انسان العين ليعطي عمقاً تتوه فيه النظرات .. هذا البحر العميق احيط برموش كثيفة طويلة ومتراصة بنظام بديع .. اسفل العينان انتصب انفها بكبرياء شامخ ثم تلاه فم مغري ممتلئ ينفرج عن اسنان منظومة كحبات اللولؤ... من خلال قميص نومها الطفولي الفضفاض بدت تفاصيل انوثة متمردة اعلن عنها صدر نافر وحشا ضامر ... خصر منحوت وارداف ممتلئة باستدارة جميلة بينما اظهر قميصها القصير جمال ساقيها الطويلتين بامتلاء ونعومة...كان شعرها الطويل الاسود يتماوج بدلال وراء ظهرها وهي تتجه الى ابيها وتلبسه الطاقية وتضع في يده العصا .. “ ابوي عليك الله ما تنسى تدعي لي الليلة اكتر من كل يوم .. انت عارف وراي سفر ودنيا جديدة ومحتاجة لدعاك " ..
11-26-2006, 04:57 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
نظر الاستاذ محمد زين الى ابنته بفخر واشفاق وغامت عيناه من الحنو والحزن فاليوم ولاول مرة خلال سنوات عمرها البالغة ثمانية عشر عاماً سوف تغادر فضيلة المنزل وتسافر الى العاصمة لدخول الجامعة .. فابنته الجميلة سوف تلتحق بكلية القانون حسب رغبتها وامنيتها .. انها اول فرد من اسرته الصغيرة يلتحق بالجامعة .. وتذكّر بحسرة ابنه البكر عبد الرحمن الذي فضل العمل على الدراسة ليعينه على تحمل اعباء الحياة وتربية اخوته الصغار فقرر ان يجرب حظه في الاغتراب بعد حصوله على الشهادة الثانوية .. وبمعونة شقيقه المقيم في السعودية منذ فترة طويلة حصل على عمل براتب جيد كمدير اعمال احدى الاميرات التي وثقت في حسن اخلاقه فكانت تاخذه معها في حلها وترحالها المتواصل عبر العالم مما حرمه من الحصول على اجازة والعودة الى السودان لمدة ثلاث سنوات متواصلة ..اعادته الى الواقع هزة ناعمة من يد زوجته " يلا يا محمد حتتاخر على الصلاة " فنظر الى ابنته بعيون مليئة بدموع حبيسة امسكها حياء " انشاء الله حادعي ليك يا فضيلة الليلة اكتر من اي يوم تاني .. يلا انتي بعد ما تصلي اجهزي عشان ميعاد القطر ورسلي احمد يشوف اماني جهزت ولا لسة.. وانت يا ست البنات حضري ليهم الزوادة للطريق انا جبت البيض والطحنية والمربة " فتنهدت ست البنات شفقة على زوجها الحبيب " طيب يا محمد انت امشي لانو اقامة الصلاة بدت" وخرج محمد زين مسرعاً تلاحقه نظرات ست البنات الملهوفة .. لقد احبت هذا الرجل منذ اول لقاء لاعينهما .. كان استاذ الرياضيات الجديد المنقول الى مدرستهم حيث تعمل هي مدرسة لغة عربية .. بدا شاباً خجولاً وسيماً ... اكثر ما لفت انتباهها اليه كان تفاديه النظر اليها .. وتعامله معها كبقية زميلاتها دون ان ينبهر بجمالها الذي يدير الرؤس ويجعل معظم الرجال يتصرفون بطريقة غريبة في حضورها .. تصارعت المدرسات العازبات للفوز بهذا القادم من العاصمة .. اما هي فقد كانت موقنة بانه لها دون غيرها .. وخلال سنة كانت زوجته وام طفله عبد الرحمن ... سالته بعد فترة من زواجهما لماذا كان يتفادى النظر اليها ؟ ... فاجابها ان جمالها اذهله.. وحبها شغفه من اول نظرة فتفادى النظر حتى لا تفضحه عيناه ...
11-26-2006, 05:02 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
أتاها صوت احمد آخر العنقود في اسرتها وهو يصيح محتجاً " يا امي شوفي فضيلة دي عاوزاني امشي لاماني هسة .. أنا باخاف الحوش مضلم " فردت ست البنات بحنان دافق " معليش يا احمد اجري بالنفاج سريع وتعال انا باقيف ليك في باب الحوش انت مش عارف فضيلة مسافرة الليلة ؟ .. اسمع كلامها وما تتعبها زي كل يوم " " طيب بس انا جعان وعاوز آكل " من الغرفة الاخرى اتى صوت صفاء الابنة المشاكسة التي يحلو لها مناكفة اخيها الاصغر طوال الوقت " بسم الله الرحمن الرحيم في زول من الفجر يقول جعان ؟ انت يا ولد بطنك دي فيها شنو ؟ " وبدا احمد ردا سريعا ولكن ست البنات انتهرته بقسوة مفتعلة " بس يا عيال خلاص عاوزين تبدوا النقة من هسة " انتي يا صفاء ما ليك دعوة باخوك .. وانت يا احمد امشي شوف اماني سريع " ونادت فضيلة شقيقها الصغير الذي تحس بالامومة تجاهه بصوتها الحنون " حمودي لو مشيت شفت اماني حتجي تلقاني عملت ليك البسكويت باللبن البتحبه " تهللت اسارير احمد بفرح طفولي وقفز مسرعاً الى الخارج وهو يتمتم " يا سلام عليك يا فضيلة انا ما عارف انتي عاوزة تسافري ليه ؟ مش كنتي تقعدي هنا وتخلي صفاء الفقر دي تمشي بدلك ؟" وركض بسرعة قبل ان يتسنى لصفاء الرد عليه ... التفتت ست البنات لابنتيها " يلا يا بنـات الصـلاة .. اتوضوا سريع وتعالوا نصلي قبل ما ابوكم يجي” ومضى الوقت مسرعاً بعد حضور الاستاذ محمد زين من المسجد وتعالى صوت اماني الحاد من الحوش " أنا جيت يا خالتي ست البنات عاوزة شاي باللقيمات " نشات اماني في بيت الاستاذ منذ نعومة اظفارها .. كانت كابنة ثالثة لهم ترافقت مع فضيلة منذ الروضة دخلا نفس المدارس وجلسا في نفس الكنبة توطدت العلاقة منذ ان انتقل اهلها للسكني في البيت الملاصق لبيت الاستاذ وبحكم تشابه السن تصادقتا منذ اول يوم ولم تكونا تفترقان الا وقت النوم وعندما بلغت الفتاتان مبلغ النساء قرر الاهل فتح نفاج بين البيتين تفاديا لخروج البنات الى الشارع .. فصارت اماني تقضي جل وقتها مع فضيلة ... اضافة لتعلقها المفرط بفضيلة .. كانت اماني تحمل سراً دفيناً في صدرها .. فقد تعلق قلبها بعبد الرحمن منذ ان عرفت معنى الاحساس وكتمت سرها خوفا وخجلا حتى عن صديقتها الحميمة .. لكن قرار سفر عبد الرحمن كشف سترها .. وفضحتها دموعها وحزنها ولوعتها على الفراق الوشيك .. وعرف الجميع ما تكنه اماني من حب وكانت مباركة صامتة من طرفي الاهل حتى يتمكن عبد الرحمن من جمع ما يؤهله للزواج ...
11-26-2006, 05:09 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
وبرغم الصداقة المتينة التي ربطت بين الفتاتين .. الا ان اماني لم تكن تملك دفع الغيرة التي تشعر بها احيانا من جمال فضيلة الفتان .. خصوصاً عندما تتم المقارنة بينهما من قبل الاخرين .. فقد كانت تبدو كالظل الباهت الذي يسير وراء الاصل ويكون دوماً متاخراً عنه بخطوات ... بصورة عامة كانت اماني حلوة التقاطيع مقبولة الشكل ... خفيفة الروح .. قوامها جميل لكنه يفتقد تلك الهالة الانثوية الطاغية التي تميز فضيلة عن غيرها من البنات .. لم تكن من المتفوقات شانها شان صديقتها لكنها كانت تجتهد وتثابر حتى تستطيع مجاراة فضيلة التي لم تبخل عليها بوقتها او مجهودها وكانت تجلس معها بالساعات الطوال لتشرح لها معضلات الرياضيات او قواعد النحو والبلاغة .. وعند اعلان نتيجة الشهادة الثانوية تجلت جهود فضيلة في مجموع اماني الذي اهلها لدخول نفس كلية صديقتها في الجامعة العريقة بالعاصمة .. احضرت ست البنات الشاي باللبن وصحون اللقيمات الحار وجلس الجميع يتسامرون لحين موعد القطار .. بعدها استقل الجميع السيارة البوكس الخاصة بالاستاذ محمد زين وتوجهوا الى المحطة .. ساد الصمت الا من صوت القرآن الصادر من مذياع السيارة .. وسالت دموع ست البنات غزيرة وهي تتامل ابنتها المغادرة الى مكان لا تامنه وعالم لا تعرفه ... فبادلتها فضيلة النظرات وبدات بالبكاء ... وانتقلت العدوى الى الجميع ... وفي لحظات تعالت اصوات البكاء حتى نهرهم الاستاذ من مقعده وهو بالكاد يحبس دموعه ...لفت الموكب الحزين انظار رواد المحطة في هذا الوقت المبكر .. ولكن اكثر النظرات توجهت نحو ست البنات ومن ثم نحو فضيلة بجمالها المثير الذي زادته دموعها فتنة .. وتبعت اماني النظرات بتامل وحسرة وهمست الى نفسها ... " يا الله حتى وهي بتبكي سمحة شديد والناس بتعاين ليها يا حليلك يا اماني مهما عملتي ما بتحصليها تعالت صافرة القطار لتعلن الرحيل وكانت فضيلة تنتقل من حضن الى آخر حتى استكانت بين ذراعي والدها الذي همس في اذنها بصوت مبحوح " ودعتك الله يا بتي ... خلي بالك من نفسك ومن صاحبتك .. انا عارفك عاقلة ورزينة .. ما تخلي اي شئ يشغلك من الدراسة عاوز اكون فخور بيك وترفعي راسي لمن تجيني شايلة الشهادة ويقولوا بتي بقت محامية .. حافظي على صلاتك لانه انتي هناك براكي بس ربنا هو البيحميك ويحافظ عليك ولو في اي شئ وفي اي وقت بس اضربي تلفون تلقيني عندك مسافة السكة ولو احتجتي قروش في اي وقت اتصلي وما تشيلي هم انتي عارفة اخوك ما مقصّر معانا " كانت فضيلة تومئ براسها للرد على وصايا ابيها فقد احتبس صوتها في حلقها من شدة المها وحزنها على فراق اسرتها .. وانطلق القطار وبدات رحلة فضيلة الى المجهول ...
11-26-2006, 11:09 PM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
رن الهاتف النقال بإلحاح متواصل مبدداً سكون الغرفة الشاسعة المفروشة باللونين الزهري والأبيض ... كل ما فيها يدل على الترف والأنوثة ابتداء من الفرش الحرير مروراً بالستائر المزركشة وانتهاء بالإضاءة الهادئة التي انعكست بنعومة على وجه الفتاة المستلقية في السرير العريض وهي تحمل بين أصابعها النحيلة ذات الأظافر الطويلة المطلية باللون الأحمر القاني سيجارة رفيعة ... كانت تتأمل حلقات الدخان التي تنفثها من فمها الصغير الباهت .. بالقرب منها امتلأت الطفاية بالأعقاب ... رمقت الهاتف بنظرة لا مبالية .. داست عقب السيجارة ومدت يدها لتخرج أخرى من العلبة الغالية الثمن الموضوعة على الكمودينو بجانب السرير .. تنهدت براحة عندما صمتت النغمة الراقصة لإحدى الأغنيات المشهورة .. وما هي الا برهة وجيزة حتى تعالى الرنين مرة أخرى هذه المرة من نقالها الآخر.. قطبت حاجبيها الرفيعين على شكل الرقم ثمانية رفعت رأسها إلى ساعة الحائط المواجهة لسريرها .. نظرت إلى الاسم على الشاشة العريضة لهاتفها وضغطت على الزر بغضب " عاوز شنو يا فتاح ؟؟ يا اخي انا مش ابيت ارد عليك في الرقم الاول ؟؟ بتتصل تاني ليه ؟؟ وبعدين انا مش حذرتك قبل كدة انك ما تستخدم الرقم دة خالص ؟؟ وقلت ليك الرقم دة للشغل وبس ؟؟ لكن انت ما غلطان ... غلطانة انا الاديتك ليه " فوجئ عبد الفتاح باللهجة الغاضبة لكنه التزم ببروده المشهور ورد عليها بصوت عابث " اهلاً يا ساريا .. كيفك ؟؟ شنو يعني دة جزاي عشان متصل اسال عليك ؟؟ ردت عليه ساريا بعصبية " تسال علي الساعة اتنين ونص صباحاً ؟؟ ليه الدنيا حصل فيها شنو ؟؟" يا اخي جيتي على بالي واشتقت ليك .. شنو يا زولة كفرنا يعني ؟؟ تنهدت سارية بغيظ فقد استطاع اسلوب صديقها عبد الفتاح البارد ان يطفئ نار غضبها فتغيرت لهجتها " طيب يا مشتاق وش الفجر .. اخبارك شنو ؟؟ وعلى الفور اندفع فتاح كما يحلو لساريا مناداته في الحديث عن مواضيع يعلم انها سوف تثير اهتمام صديقته الملولة .. " اها وبعد ما اديتك الشمارات كلها عاوز اسالك الجامعة فتحت ليها اسبوعين وانتي مسجلة غياب شنو ما ناوية تجي ولا شنو ؟؟ ""
11-26-2006, 11:11 PM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
أها " كلمة اعتادت ساريا استخدامها لتظهر عدم اهتمامها باي موضوع لا ترغب في الحديث فيه " ما عندي مزاج أجي ... وبعدين انت عارف اول ايام دي كلام فارغ ... يمكن اجي الاسبوع الجاي كيف الجماعة كلهم ؟؟" رد فتاح بحبور " بيسالوا عليك سؤال الضهبان ... ضحكت سارية بصوت رفيع حاد " غايتو انت عمرك ما حتخلي طريقتك البلدي دي في الكلام ؟؟ شنو الضهبان دي ؟؟ " يا زولة هي بلا بلدي بلا افرنجي .. مش بلدي ؟؟بعد دة كله البنات كلهن مكسرات فيني " وهنا تعالت ضحكات سارية ... عبد الفتاح عبد العزيز تعرفه منذ نعومة اظفارها .. فقد ربطت شراكة عمل بين والده ووالدها وامتدت العلاقة بين الاسر حتى صاروا كعائلة واحدة ... منذ البداية انجذب عبد الفتاح نحو ساريا واختار صداقتها عوضاً عن صداقة اخوانها الاولاد ... فقد وجد فيها روحاً متمردة وشقاوة قلما تتواجد في البنات .. اعتادت ان تشاركهم العابهم الصبيانية وتتجنب الاختلاط باخواته البنت على عكس شقيقتها الصغرى (سهى) التي كانت تتجه فوراً الى غـرفة البنات ...بمرور الايام تنامت علاقتهما ولكن في اطار الصداقة .. لم تراود عبد الفتاح اية خيالات عاطفية تتعلق بها وكان ينظر اليها وكانها احد اصدقائه الاولاد .. تعود ان يحكي لها كل اسراره ويناقشها في ادق تفاصيله بلا حرج ... وفي مرحلة المراهقة قرر ان يجرب اول قبلة معها ... ولم يحاول اعادة الكرة .. تركيب ساريا الجسدي الشبيه بالاولاد جعلها ابعد ما تكون عن فتاة احلام عبد الفتاح برغم تقاربهما الملحوظ خلال سنوات الدراسة الممتدة وحتى دخولهما الجامعة سوياً " أها اخبار الدفعات الجديدة شنو يا فتاح ؟؟ ما لقيت فيها فتاة الاحلام ؟؟ وكأن عبد الفتاح كان ينتظر هذا السؤال " وووب علي يا سروية .. ما شفتي الدفعة الجديدة بتاعت حقوق فيها شئ ما بتوصف .. قنبلة .. صاروخ ... لغم .." ضحكت ساريا التي اعتادت وصف صديقها للفتيات الجميلات ... " يعني اسمح من بت الطب بتاعت السنة الفاتت ؟؟"ما انت قلت عليها نفس الاوصاف ؟؟ رد فتاح باندفاع " لا لا لا دي شئ عجيب حاجة غريبة جمال ما طبيعي عندها وش لوحة بس ... جسم سبحان من خلق وتجلى يا زولة هيي دي بت ما فيها حاجة غلط زي ما بيقولوا ( شعر وقعر )
11-26-2006, 11:13 PM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
انكمشت ساريا قليلاً عند سماع الوصف .. وارتفعت يدها لا شعورياً الى شعرها القصير المقصوص باتقان حتى حدود اذنيها .. ونظرت الى نفسها في المرآة المقابلة لسريرها وهي تعكس صورتها الكاملة في قميصها الحريري القصير الذي يلتصق بجسدها مظهراً غياب اية تضاريس انثوية وكاشفاً عن ذراعين نحيلتين وصدر صغير كحبات الليمون .. وكل ما يليه ضامراً ونحيلاً ... كان صوت فتاح الملئ بالحماس ياتيها بصخب من السماعة المتدلية من اذنها ... دي يا سروية ما حصلت قبل كدة في الجامعة .. احنا هسة لينا كم سنة ؟؟ مش ثلاثة سنين ؟؟ لغاية الان الشارع الريئسي دة ما مشت فيه حاجة بتشبهها ... انا سالت عليها واتطقست بطريقتي الخاصة وعرفت انو اسمها فضيلة محمد زين عمرها 18 سنة جاية من الاقاليم قرية كدة ما عارف اسمها شنو في النيل الابيض ... دخلت بنسبة كبيرة شديد وباين عليها شاطرة شديد .. دايما معاها واحدة عرفت انها صحبتها الروح بالروح وجوا مع بعض اسمها اماني وهم عاملين زي تيمان برقوا اصلهم ما بيتفرقوا ... اماني ما سمحة زي فضيلة لكن يعني ما بطالة ... وظل سيل كلمات الاطراء مندفعاً من فم فتاح مما اثار غيرة ساريا فقاطعته بصوت يموج بالغضـب " يعني الجامعة كلها مكسرة ولا شنو ؟؟!" رد فتاح بنفس الحماس "مكسرة ساكت ؟؟ والله احلف ليك في ناس بقوا يعسكروا في الشارع مخصوص عشان يشوفوها ... لكن يا ساريا هي رزينة وتقيلة وما شغالة باي زول .. تخيلي انها ما حاسة بالعالم دة كله وماخدة الموضوع جد خالص من المحاضرة للداخلية وبالعكس .. ما بتتكلم الا مع زميلاتها في المدرج والبنات بس مختصرة الاولاد شديد" سالت ساريا بفضول " ودي أمجد ما شافها ؟؟ فلتت منه كيف لغاية هسة ؟؟" فصمت عبد الفتاح فترة ثم رد بصوت جاد " ما عشان كدة انا اتصلت بيك يا ساريا ... أمجد عمل المستحيل عشان يلفت نظرها ورسل ليها البنات البعرفهم كلهم عشان يتكلم معاها .. لكن هي رفضت سارية انا صاحبك وزي اخوك صح ؟؟ كان سؤاله مؤلماً كطعنة في القلب لكنها ردت بخفة " طبعا احنا اصحاب واخوان " ساريا البت دي عجبتني شديد وعشان انا عارفك لو اتدخلتي في الموضوع دة بتقدري تعملي حاجات كتيرة .. ارجوك يا ساريا ما تتدخلي لصالح امجد .. ما تخلي امجد يوصل ليها قبلي .. انتي عارفة امجد لو وصل ليها حيعمل فيها شنو .. انا امبارح سمعته بيتكلم مع مها وسالها منك وقال حيتصل بيك الليلة عشان تتصرفي .. عليك الله يا ساريا لو بتعزيني جد حاولي تبعديه منها باي طريقة " أحست سارية بالم حارق في حلقها من لهجة فتاح المتوسلة .. اعتادت اهتمامه السطحي بالبنات وكانت احيانا تدبر له المواعيد وتهيئ له المكان وعلى خلاف الاخرين كانت تقدم له خدماتها بلا مقابل ليقينها بانه سوف ينساهن بعد ان ينال غرضه منهن ولحرصها على ان تكون كل علاقاته عن طريقها ... كانت تختار له البنات حسب ذوقها ممن تضمن ولاءهم لها وكانت تشتري هذا الولاء اما بالمال او التهديد بالفضيحة .. هذه اول مرة يختار فيها فتاح فتاة بدون وساطتها ... اول مرة يبدي اهتماماً شديداً لدرجة ان يطلب منها ابعاد أمجد عن الطريق .. امجد البصيري ..صديقه اللدود جمعتهم الجامعة .. وربطت بينهم الظروف المشتركة .. فكلاهما من اسر ثرية وذات نفوذ .. وكلاهما يتمتعان بقدر كاف من الوسامة .. كان التنافس بينهما محتدماً ومستمراً ... ومستتراً ... كان منصب والد امجد الحكومي الرفيع يعطيه ميزة اضافية عن صديقه عبد الفتاح الذي اثرى والده بصورة مفاجئة مع بدايات عهد الانقاذ في السودان وسرت اشاعات كثيرة عن المصدر المفاجئ لامواله ... لكن لا احد توصل الى الحقيقة الكاملة وتضاربت التكهنات بين غسيل امول الى تجارة سلاح ومخدرات..
11-26-2006, 11:15 PM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
اها يا ساريا قلتي شنو ؟؟" اعاد سؤال فتاح المتلهف ساريا الى ارض الواقع ... حاولت ان تخفي جمودها باصطناع الحماس " ما عندك مشكلة يا فردة ... انا بكرة .. ولا هو الليلة .. حاجي الجامعة عشان اشوف معبودة الجماهير دي ونلقى ليها مدخل ... ما تخاف الزمن دة كل زول عنده مدخل ... وكل زول عنده تمن و لو ناوي تدخل في منافسة مع امجد تقّل جيبك انت عارفو بيدفع كيف بالذات لمن البت تدخل راسه وتعصلج معاه" "رد فتاح بصوت مصدوم " لا يا ساريا انا فضيلة دي بالذات ما عاوزها بالطريقة دي .. قلت ليك البت عجبتني جد ولو لقيت طريقة اتكلم معاها بعيد عن الجامعة يمكن افكر جادي ارتبط بيها " احست ساريا بما يشبه الاغماء من وقع كلمات فتاح لكنها تمالكت نفسها وردت ببرود لم تستطع اخفاؤه " خلاص يا فتاح ما تنق كتير هسة خليني انوم عشان بكرة اقدر اجي الجامعة واشوف الموضوع .. يلا باي " واغلقت الخط قبل ان تسمع رده ... اشعلت سيجارة .. وضغطت على الهاتف وانتظرت الرد ...اتاها صوت مها النائم "أيـوة منو ؟؟" ردت عليها ساريا بحدة " شنو المنو يا مرض انتي ؟؟ بكرة الصباح مري علي بدري انا حامشي الجامعة " ردت مها بدهشة "ساريـا ؟؟!! بسم الله مالك ؟ في شنو ؟؟ صرخت ساريا بصوت هستيري " ما عاوزة كلام كتير بكرة مريني بدري فاهمة ؟ " واغلقت الهاتف ... وتاهت افكارها في التدبير ليوم غد ...
11-26-2006, 11:53 PM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
كان الهرج يسود مبنى القسم الداخلي التابع للجامعة كما هو معتاد في هذا الوقت من الصباح .. ابواب الغرف تفتح وتغلق .. ضحكات ومشاحنات .. وقد تسمع صوت بكاء آت من مكان بعيد .. الكل يتعجل في طقوس الاستعداد اليومي لمغادرة السكن إلى الكليات المختلفة .. كان الجو صحواً وتيار هواء خفيف يقطع الممرات محملاً بشتى انواع الروائح .. في نهاية الممر الطويل وداخل غرفة تحتوي على اربعة اسرة من الحديد المقشر ودولاب وطاولة قديمة تمت تغطيتها بورق جرائد وقفت أماني امام قطعة مرآة معلقة في الحائط وهي تتامل وجهها باعجاب .. فقد تجرأت اخيرا ووضعت قليلاً من اللون الوردي علي شفتيها ورسمت عينيها بالكحل الاسود ... ارتسمت ابتسامة رضا على وجهها ... تنهدت فضيلة الجالسة بصبر على طرف السرير وهي تراقب صديقتها التي ادمنت النظر إلى المرآة وخاطبتها بصوت حنون : يلا يا أماني خلصينا .. المحاضرة باقي ليها نص ساعة وما عاوزين نتاخر : التفتت أماني ناحية فضيلة وفي الحال اختفت ابتسامة الرضا ونظرة الإعجاب التي تبنتها منذ برهة قصيرة وهمست لنفسها :" آه يا فضيلة أعمل شنو عشان أبقى في ربع جمالك ؟؟ " وغامت عيناها وهي تتذكر تأثير صديقتها الطاغي على كل من التقوه منذ أن وطأت أقدامهم ارض المحطة .. رد فعل زملائهم وانجذابهم نحوها تملق البنات ومحاولتهم نيل صداقتها ... تنافس الجميع لارضائها .. وشعرت برعشة غيرة باردة تخترق عظامها وتحبس أنفاسها في حلقها .. في قريتهم الصغيرة لم يكن الأمر يهمها فعالمهم المحدود والعلاقة المميزة التي كانت تربطهم منعت الجميع من إجراء المقارنة الحتمية بينهما ... أما هنا فقد اختلف الوضع .. أحست بالبعد الشاسع بينها وبين صديقتها .. وجعلها هذا الإحساس تبذل ما في وسعها لتقريب مسافة الملامح والتمرد على شكلها والسعي إلى الانعتاق من قيد نمط فتاة القرية المتحفظة ... " يلا يا أماني خلينا نمشي كفاك الجلبطة البتسوي فيها دي " ردت أماني بنزق " انا ما عارفة انتي مستعجلة لشنو ؟؟ يعني ماشيين الجنة ؟؟ ما ياها المحاضرة المملة دي ولا شئ تاني ؟؟ .. يا زولة اقول ليك اقتراح حلو ؟؟ ايه رايك ندك يوم الليلة دة ونمشي حفلة التعارف العاملينها للطلبة الجدد عليك الله خلينا نفرّق شوية وعلى الاقل نتعرف على ناس كتار ونشوف الدنيا دي حاصل فيها شنو .. قالوا حتكون رابة وجايبين فنان ما عارفة اسمه منو ؟؟ عليك الله يا فضيلة ما تقولي لا .. يا بت انتي ما زهجتي من مشي الكلية كل يوم ؟؟ وبعدين حتى في الجامعة ما قاعدين نقعد بعد المحاضرات طوالي نجي للسكن التعيس دة
11-27-2006, 04:56 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
كانت فضيلة تستمع لصديقتها بدهشة حقيقية .. منذ وصولهما إلى العاصمة اظهرت أماني انبهاراً شديداً بكل ما حولها .. وتفانت في محاولة الاندماج والذوبان في مجتمع الجامعة ونمط الحياة السائد فيها حتى بدت لفضيلة وكانها قد انسلخت تدريجيا من شخصيتها الحقيقية وتبنت شخصية اخرى مختلفة تماما عنها خلال الاربعة اسابيع التي انقضت منذ بدء الدراسة .. تملكها الخوف من هذا التبدل السريع واستبدت بها الحيرة في كيفية التعامل مع صديقتها التي تحبها وكانها اختها الشقيقة .. كانت تتاملها وهي تضع مستحضرات التجميل التي ابتاعتها من احدى فتيات الداخلية بالتقسيط وتفكر هل تمنعها .. وهل تستطيع منعها ؟؟؟ ظلت الافكار تتضارب داخل عقلها وهي تستمتع إلى سيل الجمل المندفع من فم أماني وكانها تخرج من بعد سحيق ومغلفة بالصدى .. اعادها إلى الواقع صوت زميلتها في الغرفة المجاورة وهي تطل براسها من الباب "فضيلة عليك الله اديني طرحتك البنية لو ما محتاجة ليها .. المكوة اتحرقت وطرحتي مكرفسة شديد ما باقدر امشي بيها كدة " ردت فضيلة بابتسامة عريضة .. ما محتاجة ليها شيليها من الشنطة تحت السرير " ثم رمقت أماني بنظرة عاتبة " يلا يا أماني بطلي الكلام الفارغ البتقولي فيه دة وخلينا نحصل المحاضرة , وتمتمت أماني بصوت خفيض "عارفة راسك الزي الحجر دة يلا طيب خلينا نمشي وتضيع علينا الحفلة "
11-27-2006, 05:01 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
" طلباتك يا امجد " كان سؤال ساريا مباشراً وقصيراً وهي تتامل امجد الجالس باسترخاء ويبدو متلائماً مع جو الترف الذي يحيط بهم في احد اركان الكوفي شوب الفخم ... رد عليها بنفس الطريقة وهو يدير كاس العصير بيد بينما الاخرى ممسكة بالسيجارة " فضيلة ... عاوز فضيلة .. باي طريقة .. باي تمن ما بيهمني .. اتصرفي جيبيها لي وكل طلباتك مجابة " .. ردت ساريا بصوت بطئ ملئ بالتحدي " مهما كانت "" واجابها امجد بهدؤه المستفز " مهما كانت " ابتسمت ساريا بسخرية " غايتو انتوا الرجال زي الشفع الصغار لمن تعجبكم لعبة الا تشيلوها حتى لو ما حقتكم .. ولمن تشوفوا ليكم بت سمحة بتبقوا زي الكلاب مستعدين تتذللوا لو ما لقيتو ا طريقة تعضوا .. المهم .. تقل جيبك البت باين عليها صعبة وزي دي جرّها لناحيتنا بيحتاج مصاريف كتيرة شرب أمجد جرعة من العصير ودس يده في جيبه اخرج المحفظة المنتفخة تناول منها رزمة ووضعها امام ساريا.. " دي 500 الف ورق كبير عربون عشان تعرفي اني مستعد ادفع أي شئ .. لكن على شرط لغاية نهاية الشهر دة فضيلة تكون بقت حقتي ".. ورمقها بنظرة غريبة .." يعني يا ساريا بالواضح كدة طلعي فتاح من اللعبة دي عشان مصلحته ومصلحتك انتي كمان " رفعت راسها بحدة عندما سمعت جملته الاخيرة " مصلحتي انا ؟؟ قصدك شنو بالكلام دة ؟؟ وانا مصلحتي شنو في الموضوع ؟؟ رد امجد بتهكم واضح " ساريا انا عارف وانتي عارفة .. ما في داعي نلف وندور على بعض خلينا نرمي ورقنا ونلعب على المكشوف .. انتي عاوزة عبد الفتاح وانا عاوز فضيلة .. ركزي على كدة وكل شئ حيمشي تمام " ظلت جملة امجد الاخيرة تدور في راسها وهي تقود سيارتها في طريق العودة إلى الجامعة كانت تفكر هل تبدو مشاعرها نحو فتاح واضحة ؟؟ لقد اخفتها بحرص شديد وظنت انها نجحت .. ثم هزت راسها لتنفض عنها افكارها الحالية وبدات ترسم الخطط التي ستبعد فضيلة عن طريق فتاح إلى الابد .. لن تدع هذه القروية الساذجة تسلبه منها .. انه ملكها هي .. وسوف تحارب من اجله بكل ما تملك من اسلحة .. صبت حقدها على فضيلة في طريقة قيادتها فتعالت اصوات المنبهات من حولها ونظر اليها سائقي السيارات الاخرى باستهجان وصاح احدهم " صحي سواقة نسوان .. انتي ادوكي الرخصة دي كيف بالواسطة ولا شنو ؟؟ انتبهت ساريا ورفعت قدمها عن دواسة الوقود وتطلعت إلى المرآة لتفاجا بتعابيرها الغاضبة فاطالت النظر وهي تهمس " الدنيا دي خالص ما فيها عدل .. ليه واحدة زي دي جاية من مكان حتى ما موجود في الخريطة يكون عندها كل الحاجات الانا فاقداها ؟؟؟ جميلة وجسمها رهيب وكمان عندها اخلاق ؟؟ ابتسمت لخيالها في المرآة بسخرية مريرة.. وضعت سماعة الهاتف على اذنها وادارت رقم مها ... "مها انتي وين ؟؟ واتى صوت مها محملاً بالانزعاج " ساريا ؟؟ انا الوين ولا انتي الوين ؟؟ احنا قاعدين في كافتيريا حقوق منتظرينكم ... ليه اتاخرتوا كدة ؟؟ عليكم الله تعالوا سريع عشان عبد الفتاح قرب يعمل لي انهيار عصبي من كترت ما بيسال عنكم ..هو في شنو ؟؟ انا ما فاهمة حاجة "لمن اجي باشرح ليك .. هسة خلي فتاح وامشي عندي ليك مهمة وخليه هو ينتظرني في مكانه انا قربت شديد ... ولمن اجي عاوزة القى معلومات كاملة عن البت الاسمها فضيلة دي ... أي شئ حتى لون ملابسها الداخلية .. فهمتي ؟؟ وما تقولي أي شئ قدام فتاح يلا اتحركي ... ردت مها بانصياع " اوكيه يا ساريا ..بس حقي محفوظ ؟؟ انا خلاص فهمت الموضوع .. ما عندك مشكلة اديني لغاية نهاية اليوم واي شئ انتي دايراه حتعرفيه ... بادق التفاصيل ...
11-27-2006, 11:12 PM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
دخلت مها الى مبنى الداخلية بخبرة من تعرف الدروب .. وبخطوات وئيدة اتجهت الى الطابق الثاني ووقفت امام غرفة في منتصف الممر الطويل دفعت الباب برفق لكنه كان موصداً فطرقت بهدوء وسمعت صوت سقوط شئ ما في الداخل ثم ساد الصمت ... فاعادت الطرق بقوة اكبر لياتيها صوت مرتبك وقلق " منو ؟؟ منو في الباب ؟؟" ردت مها بفراغ صبر ملحوظ " يا بت ما تفتحي .. مالك قافلة الباب بالمفتاح .. بتسوي في شنو ؟؟ " ظهرت نبرة الارتياح جلية في الصوت القادم من وراء الباب المغلق " مها ؟؟ الله يجازيك وقعتي قلبي .. دقيقة جاياك " وسمعت صرير المفتاح في القفل ثم اشرع الباب بزاوية ضيقة وامتدت يد ناعمة وجرّت مها الى داخل الغرفة ثم اغلقت الباب بالمفتاح مرة اخرى .. كانت صاحبة اليد فتاة ذات قوام ممتلئ بتناسق وتبدو تفاصيله ظاهرة للعيان من خلال القميص القصير الشفاف الذي تناقض سواده الداكن مع لون بشرتها الفاتح ، تمتلك ملامح رقيقة وان لم تكن جميلة بالمعنى المتعارف عليه .. كانت تبدو كمن خرج من معركة حامية بشعرها المبعثر بفوضى على كتفيها ولون احمر الشفاه المنتشر في مساحة كبيرة من وجهها والعلامات الحمراء التي تغطي ذراعيها ... اتسعت ابتسامة مها ولمعت عيناها ببريق غريب حينما تخطت نظراتها الفتاة الواقفة امامها الى السرير الموجود في ركن الغرقة وتطلعت بفضول الى الفتاة الضخمة التي كانت تتكئ على الحائط خلف السرير بتحفز وحذر ... همست مها " معليش ما كنت عارفة عندك جو ..كان مفروض ارن ليك اول قبل ما اجي بس كنت مستعجلة شديد ثم مالت على اذنها وخفضت همسها الى اقصى درجة " عاد لكن ما سويتيه أشتر عديل .. في عز الضهر ؟؟ ودي لقيتيها وين ؟؟ تمتمت الفتاة بحرج " بعدين يا مها .. بعدين باحكي ليكي .. انتي قول لي مالك الجابك شنو هسة ؟؟ وامسكت بيدها وهي تقودها حتى اجلستها على كرسي بثلاثة ارجل خشبية .. والرجل الرابعة عبارة عن كومة من الكتب المتراصة ... " قاصداك في خدمة .. بعد ما تخلصي فلمك دة عاوزاك تطلعي ومن السما للارض تجيبي لي معلومات عن بت معاكم هنا .. كل حاجة عنها مهما كانت صغيرة او تافهة .. عاوزة معلومات دقيقة حتى الوان ملابسها الداخلية .. وكمان عن صحبتها العاملة زي ضلها دي .. اسالي لكن بدون ما تحسسي أي زول انك بتسالي فهمتي ؟؟ المهم عندك لغاية مواعيد نهاية المحاضرات ..
11-27-2006, 11:14 PM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
" ردت الفتاة وهي تنقل نظراتها بين مها وذلك الكائن المتحفز بصمت " اوكيه اوكيه .. مالك المرة دي مستعجلة كدة ؟؟ " انتصبت مها واقفة واتجهت نحو الباب وهي ترد.. " عشان يا حلوة ساريا هي الطالبة المعلومات دي .. وانتي عارفاها صبرها قليل وزعلها صعب ما بنقدر عليه .. بالمناسبة نسيت اقول ليك نهاية الاسبوع عندنا حفلة رابة في مزرعة واحد صاحبنا في كافوري اعملي حسابك تجي .. فمالت عليها الفتاة وهمست " ممكن اجيب زولة معاي ؟؟ " ضحكت مها بصوت عال " زولة ولا زول انتي عارفة ما بتفرق معانا .. لكن اسالك انتي ما لقيتي غير الشينة دي ؟؟ وبعدين يا بت انتي خلاص كبرتي بطلي البتسوي فيه دة وشوفي ليكي راجل اتلمي عليه وخلصينا .. ورد عليها الصوت الرقيق الهامس " هي صحي شينة لكن فنانة ولو ما كنتي مستعجلة كنت قلت ليك اقعدي معانا شوية وانا متاكدة انك حتنبسطتي .. وبعدين هم وينهم الرجال ديل ؟؟ وحتى الفي ما عاوزين يعرسوا عاوزين حاجات تانية انتي عارفاها .. طيب احنا نعمل شنو ؟؟ نموت يعني ؟؟ وبعدين ما تنقي في راسي ساكت .. انتي عارفة انو ربع بنات الداخلية بيعملوا زينا وفي النهاية كلنا بنعرس .. مش المهم اني اليوم داك اكون بختمي ؟؟ خلاص دي اضمن طريقة ولا عاوزانا بعدين نبقى في بهدلة العمليات ودة اتصلح ودة ما اتصلح ؟؟ وامتلات نبرتها بالسخرية وواصلت "يا زولة هي خلينا كدة أحسن .. منها برنامج متنونسين بيه ومنها محافظين على نفسنا زي ما اهلنا وصونا...يلا ..يلا امشي عشان انا اخلص واطلع اجيب الانتي عاوزاه .. واختبات خلف الباب ريثما تخرج مها وهي تمازحها " متاكدة ما عاوزة تقعدي ..حتندمي ". ردت مها باستخفاف "يا حبيبتي انا زي دة انا ما بندم عليه .. لكن اكون طالباك يلا باي " وبادرت بالخروج من الفتحة الضيقة وفجاة التفتت " بالمناسبة قبل ما انسى في جماعة قالوا عاوزين شرايط بس تكون محلية ... فضل عندك شئ ولا اتصرفتي في المجموعة كلها ؟؟ وردت الفتاة بعجلة وهي تدفع مها نحو الخارج " ايوة فضلوا اتنين ولا ثلاثة ما عارفة كدي بعدين لمن نتلاقى في الجامعة بنتفاهم يلا اتخارجي حرقتي روحي .. ودفعتها خارجاً واغلقت الباب واتجهت الى السرير بخطوات ملهوفة ...
11-28-2006, 02:42 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
الفصل الخامس كانت عينا مها المقرفصة في منتصف السرير العريض تتابعان خطوات ساريا القلقة التي تزرع الغرفة جيئة وذهابا .. وبحكم معرفتها بطباع صديقتها أيقنت أنها تضع الخطة المناسبة للإيقاع بفضيلة بعد أن زودتها هي بكافة المعلومات التي حصلت عليها من مصادر مختلفة .. في لحظة شرد ذهنها وأحست بتأنيب الضمير فهي تساهم في تدمير حياة انسانة بريئة كل ذنبها أن القدر وضعها في طريق ساريا وحقدها الأعمى .. امتلأ صدرها بكآبة مفاجئة حتى شارفت على البكاء وأحست بالغضب من نفسها ومن الجميع .. فهي قد اختارت طريقها برغبتها وارادتها الحرة بلا إكراه أو تحت ضغط ظرف معين .. كانت تملك كل شئ فأحست بالملل وارادت أن تخوض تجربة جديدة تنعش حياتها الراكدة برغم نشاطها ، كانت في سنتها الجامعية الاولى عندما تعرفت بساريا .. انجذبت اليها بطريقة غامضة .. ربما شكلها الصبياني كان السبب او غموضها المثير او تشابه الوضع الاجتماعي أو حتى تشابه الميول والطباع فنمت علاقتهما وتصادقتا ومن ثم جمعهما هذا العالم الغريب .. كانت ما تزال تتابع حركات ساريا ودخان سجائرها يملا فضاء الغرفة بسحابة بيضاء بدت وهي تقف وسطها وكأنها شبح حبيس هائم يتوق للخلاص .. وتابع ذهنها شروده وهي تفكر في صديقتها التي تاهت خطاها بعد انفصال والديها وزواج امها برجل آخر ... وبرغم رفض ابوها الزواج بحجة التفرغ لرعاية اولاده , الا ان ثراؤه الفاحش كان يجذب اليه النساء كما الفراش نحو الضوء حتى باتت علاقاته المتعددة حديث المجتمع . كان حريصا على قطع كل الجسور التي تربط زوجته بأولادها انتقاما منها لرفضها الحياة معه .. فكبرت ساريا بلا توجيه الام ولا حزم الاب ورعايته .. وفكرت مها بان ساريا ربما سلكت هذا الطريق عمداً كرد فعل انتقامي شرس تجاه كل ما حولها ومن حولها .. وهذا ما جعلها تتفنن في اصطياد الفتيات البريئات واغراءهن بشتى الوسائل حتى يتمرغوا في نفس الوحل الذي تعيش فيه وأصبحت في النهاية تدير شبكة منظمة تدر عليها الكثير من المال الذي لا تحتاجه .. وفي فترة وجيزة صارت اسما مشهورا وسط محيط معين وطبقة خاصة يلجاؤن اليها بكل طلباتهم الشاذة والغريبة الناتجة عن خيالهم المريض .. وكان لديها الاستعداد والرغبة لتنفيذها مهما كانت . كان عالمها سريا ومغلقا عليها وعلى قلة قليلة اختارتها بعناية لتساعدها في ادارة عملها ، امام الجميع هي الفتاة الجامعية الثرية التي تنحدر من اسرة معروفة ، من وقت لآخر تتناثر عنها الاقاويل والغمزات لكن مع عدم وجود دليل يؤكدها ظلت في خانة الاشاعات التي انصبت في مصلحتها وزادت من حجم اعمالها ، فبرغم صغر سنها الا انها برعت في ادارة شبكتها بعقل ذكي ودون ان يكون لها وجود فعلي في حياة معظم زبائنها فقد حرصت على عدم الظهور في الصورة وكانت اتفاقاتها تتم تليفونيا او عن طريق الانترنيت والدفع عن طريق تحويل الاموال الى رقم حساب في بنك صغير خارج العاصمة ... وعندما اكتشفت مدى الربح الذي تحققه تجارة الافلام الزرقاء قررت ان تدخل هذا العالم ولكن بطريقتها الخاصة وسافرت الى الخارج خصيصا والتحقت بدورة مكثفة في التصوير الذي برعت فيه وكانت افلامها التي تصورها بعلم زبائنها وموافقتهم او سرا حينما يتوجب عليها تجهير المكان مجال آخر تمارس فيه متعتها الغريبة في مشاهدة سقوط الاخلاق مع كل قطعة ثوب تنتزع .
11-28-2006, 02:43 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
فجاة توقفت ساريا عن الدوران ونظرت الى مها بعيون بدا لمعانها مخيفا وسط دخان السجائر الذي ملا الغرفة" خلاص انا عرفت حنعمل شنو ... عندي تخطيط ( ما يخرّش المية ) .. وانتي ليكي فيه دور اساسي ... ردت اماني بصوت مثقل من وطاة الافكار التي كانت تدور براسها " اها قولي " كانت ساريا تتكلم بحماس واندفاع " شوفي الاسمها فضيلة دي في حد ذاتها من العرفته عنها ما في طريقة ندخل ليها لكن اماني صحبتها دي باين عليها زولة راسها خفيف وعندها صدمة حضارية وبراحة ممكن نجرّ رجلها عشان كدة عاوزاك من بكرة تبدي معاها ... حاولي تصاحبيها باي طريقة وباسرع وقت وهي ذاتها ما حتصدق انك عاوزة تصاحبيها ... خليها تثق فيك وتحبك وهي من شكلها وطريقة لبسها انسانة بسيطة وما عندها شئ .. هسة حاديك قروش وبكرة ولا بعده سوقيها معاك أي صيدلية كبيرة سوي نفسك عاوزة تشتري مكياج وريحة واشتري ليها معاكي اغلى حاجة موجودة وقولي ليها دي عربون صداقة ... اعزميها كم مرة في مطاعم بس تكون فخمة ابهريها بطريقة الحياة الانتي عايشاها خليها تتمنى تبقى جزء منها ... ولما تحسي بيها خلاص رجلها جات عرفيني بيها وانا علي الباقي .
11-28-2006, 04:56 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
الفصل السادس كانت الساعة قد تجاوزت العاشرة مساء بقليل في مبنى الداخلية وقد خلت الغرفة الا من فضيلة التي كانت توزع نظراتها بقلق بين الكتاب القابع في حجرها والمنبه الصغير بقرب سريرها اماني لم تعد بعد .. فمنذ ان تصادقت مع مها تبدلت احوالها بصورة غريبة ..لم تعد تلتزم بالمحاضرات ... تكثر من الخروج وتتاخر ليلاً ... كان قلقها على صديقة عمرها يتزايد يوما بعد يوم وتزداد معه حيرتها في كيفية التصرف معها ... وتذكرت بمرارة شجارهما بالامس عندما تغيبت اماني طوال اليوم عن المحاضرات ولم تعد الى الغرفة الا قبل دقائق قليلة من مواعيد اغلاق ابواب السكن وعندما عاتبتها فضيلة انفجرت فيها بغضب عارم " اسمعي يا فضيلة ما عاوزاك تعملي وصّي علي .. انتي لا ابوي ولا امي .. وبعدين أنا ما باعمل حاجة غلط شنو يعني لو دكيت كم محاضرة ؟؟ الدنيا حتخرب ؟؟ بكرة بعوضهم .. ولا انتي عشان عاملة فيها الطالبة المثالية عاوزة العالم كلوا يكون زيك ؟؟ هلعت فضيلة من اسلوب اماني العنيف فهذه اول مرة تجادلها صديقتها بهذه الحدة .. كانت الكلمات تندفع من فمها كالرصاص لتصيبها في قلبها بجرح دامي لكنها تمالكت نفسها وتذكرت وصية والدها وهو يودعها " خلي بالك من نفسك ومن صاحبتك " امدتها هذه الذكرى بقوة كي تواصل الكلام وخرجت كلماتها خفيضة حزينة " يا اماني انا خايفة عليك ... اول شئ مها دي انتي بتعرفيها من وين ومتين عشان تطلعي وتنزلي معاها قدر دة ؟؟ الشئ التاني ما تنسي احنا جينا من وين وهي من وين ... البت دي لا زينا ولا بتشبهنا كل حاجة فيها مختلفة عننا " ردت اماني بتحدي " شنو يعني مختلفة عننا ؟؟ مالها ؟؟ ناقصة رجل ولا زايدة يد ؟؟ مها بت كويسة ومحترمة انتي بس قولي غيرانة مني لانها اختارتني انا ابقى صاحبتها وما اختارتك انتي ؟؟ وصدمت فضيلة من جواب اماني لدرجة ان صوتها اختفى وانحدرت دموعها على وجنتيها بغزارة مما زاد ثورة اماني " انتي يا فضيلة لا بترحمي ولا بتخلي رحمة الله تنزل ؟؟ انا ما صدقت زول سعى لصداقتي انا بدون ما يستعملني كوبري عشان يوصل ليك انتي ... اول مرة احس اني اماني وبس مش اماني صاحبة فضيلة ... انتي عاوزة شنو ؟؟ عاوزاني طول عمري امشي وراك زي ضلك ؟؟؟ يا زولة ما كفاية عليك العندك خليني شوية احس انو الدنيا بدت تضحك لي .. وبعدين الايده في الموية ما زي الايده في النار ... انتي مرتاحة واهلك لو قلتي ليهم عاوزة لبن الطير بيجبوه ليكي ... قلتي جاية الجامعة اخوك رسل ليك الهدوم بالشنط من السعودية وانا بعد تعب جهزت نفسي من الاسواق الرخيصة وجزء من الهدوم اشتريتها مستعملة كمان ... انتي كل اول شهر بيوصلك ظرف من ابوك فيه البيكفيك ويزيد .. وانا يادوبك القروش البيرسلوها لي اهلي بتكفي لغاية يوم عشرة في الشهر ... على الاقل من يوم ما عرفت مها بقت تجيب لي لبس حلو اقدر امشي بيه بدون خجل وسط البنات ... عرفت طعم الاكل الحلو .. شميت الريحة الحلوة .. ردت فضيلة بحسرة " اماني انا عمري ما عملت فرق بيني وبينك ... عمري ما فكرت انو دي هدومي ودي هدومك ولا دي قروشي ودي قروشك ... طول عمري باقول اننا واحد اخوات بالجد مش صحبات وبس .. ليه بتقولي كدة ؟؟ انا حصل يوم حميتك من شئ ولا منعت عنك شئ ؟؟ ردت اماني بانكسار " انا ما عاوزة حاجاتك يا فضيلة لا هدومك ولا قروشك ... انا عاوزة تكون عندي حاجاتي الخاصة ... ومها وفرت لي الشئ دة وما تخافي بدون مقابل وعمرها ما طلبت مني أي شئ غير صداقتي " .. ثم اعطتها ظهرها وغابت خلف الباب المؤدي للمر .
11-28-2006, 05:00 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
في تلك الليلة ظلت اماني فترة طويلة داخل الحمام حتى تضمن نوم فضيلة خوفا من مواجهة نظراتها المليئة بالعتاب ... في داخلها كانت موقنة بصحة جزء كبير من كلامها .. على الاقل فيما يختص بمها فهي فعلا من عالم مختلف عنها وكثيرا ما تساءلت بينها وبين نفسها عن سبب سعيها الغريب لصداقتها وكرمها الحاتمي معها .. احيانا تقنع نفسها بانها فعلا احبتها ورغبت بصداقتها بلا هدف لكن غالبا ما تواجهها حقيقة ان مها لها اهداف اخرى غير الصداقة البرئية التي تدعيّها وبرغم اشارات التحذير التي اطلقها عقلها قررت ان تتجاهل الامر فعلاقتها بمها اتاحت لها فرصة الدخول الى عالم لم تكن تحلم به وهي لم تكن مستعدة للتخلي عنه ... ليس الان ... اثناء استحمامها ظلت تفكر في الدعوة التي وجهتها لها مها لمرافقتها الى بيت ساريا وابتسمت بخيلاء فهي سوف تتعرف الى ساريا زعيمة شلة المرطبين الغامضة .. الفتاة التي تملك سطوة على جميع من حولها ويسعى الجميع لنيل رضاها ... واتسعت ابتسامتها حتى قاربت حد الضحكة ...هي اماني القروية المتواضعة سوف تدخل الى ذلك المنزل الفخم الذي سمعت عنه كثيرا .. سوف تجلس مع ساريا وتتحدث اليها ... وفجاة اختفت ابتسامتها وقطبت حاجبيها بحيرة " يا ربي البس شنو ؟؟" ثم انشرحت اساريرها " البس لبسة فضيلة البنية .. حتكون حلوة فيني واتريح بالريحة الجابتها لي مها آخر مرة " وشردت وهي تفكر بالعطر الذي يقارب سعره ربع مرتب والدها في الشهر "احي ياابوي تعال شوف الناس هنا عايشين كيف مش احنا المدفونين بالحياة " ... وامتلات عروقها باللهفة للزيارة المرتقبة وتمنت ان تطير الدقائق والساعات حتى ياتي الغد ويحين الموعد .
11-29-2006, 01:54 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
كانت ساريا منهمكة في وضع اللمسات الاخيرة في غرفتها عندما اتاها صوت مها من الاسفل وهي تعلن وصولهم .. ارتسمت ابتسامة صفراء على اطراف شفتيها .. القت نظرة اخيرة فاحصة على الغرفة ثم خرجت لاستقبالهم ..وبينما كانت تنزل درجات السلم الرخامي الضخم تبدلت ملامحها بشكل مذهل وارتسمت عليها سمات الطيبة والبشاشة فبدت كأنها شخص آخر .. وعندما وصلت الى الطابق الارضي وجدت اماني تتبع مها كالجرو الصغير التائه وقد عكست عيناها مدى انبهارها بما تراه من فخامة وثراء .. غمزت لها مها بعينها مع ابتسامة ماكرة وهي تمسك اماني من كتفيها " اماني تعالي سلّمي على ساريا " والتفتت اماني بخجل من ضبط متلبساً ليتلاشى حرجها عند رؤية ملامح ساريا البشوشة ونظراتها الودودة وابتسامتها العريضة ويدها الممدودة وهي تصافحها " اهلا يا اماني نورتينا .. في الحقيقة مها كلمتني عنك كتير لغاية ما اتشوقت اشوفك واصريت عليها تجيبك معاها الليلة .. وردت اماني بكلمات متلعثمة " البيت منور باصحابه وانا كمان سمعت عنك كتير وكان نفسي اتعرف عليك " واشارت ساريا الى طقم الجلوس الفخم بالوانه القرمزية الداكنة " اتفضلوا ... اتفضلوا اقعدوا وجلست الفتيات وهن يتبادلن النظرات لتضغط ساريا جرس صغير مثبت في الطاولة قربها فاتت الخادمة مهرولة " اعملي لينا عصير كوكتيل وبعد كدة جهزي شاي ومعاه كيك ، ولا عاوزين ايسكريم بسلطة الفواكه يا بنات ؟؟ انتظرت الخادمة بصبر حتى حددت ساريا كل ما تريد ثم اختفت وراء باب كبير في طرف الصالة ... تجاذبوا اطراف الحديث وفجاة نهضت ساريا ووجهت الى مها نظرة متواطئة " مها قومي فرجي اماني على البيت انا عاوزة اتصل بابوي في التلفون وارجع ليكم ... خلي الطابق الفوق بعدين هسة فرجيها تحت بس "
11-29-2006, 01:57 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
اتجهت ساريا الى المطبخ ووجدت العصير جاهزا بينما انهمكت الخادمة في تجهيز اواني الشاي فاخرجت زجاجة صغيرة من صدرها وصبت منها كمية قليلة في احد الكوؤس وقامت بتحريكه ثم وضعته بطريقة معينة وحملت الصينية وخرجت الى الصالة ، ومن بعيد تناهت الى اذنيها تعابير الاعجاب الصادرة من اماني رشفت من كاسها جرعة كبيرة وامسكت الآخر بيها ثم نادت بصوت عذب " يلا يا بنات تعالوا العصير ما يسخن .. اتفضلي يا اماني .. مها شيلي كبايتك من الصينية ... اشربوا سريع عشان نطلع فوق وتتفرجي على باقي البيت " ومن لهفتها ارتشفت اماني محتويات الكاس بسرعة فائقة اخجلتها ووضعته في الطاولة وهو خال تماماً .. فنهضت ساريا ومدت يدها لاماني " اتفضلي يا اماني وبخطى متأنية تسلقوا الدرجات الى الطابق الثاني وفي الدرجة الاخيرة تعثرت اماني وفقدت توازنها فامسكت بها ايادي ساريا ومها " وتبادلتا نظرة سريعة وقالت مها وهي تتصنع الاهتمام " بسم الله مالك " ردت اماني بحرج " ما عارفة حسيت زي الراسي لفّ لكن هسة كويسة " قادتها يد ساريا تجاه غرفة في بداية الصالة الواسعة وكانت قد بدات تترنح واتاها شعور يراودها عادة عندما تكون بين النوم واليقظة .. " تعالي اول شئ افرجك على اوضتي وبعدين باقي البيت " اتاها الصوت متضخماً وبعيدا .. وبدت الوجوه امامها وكانها تسبح في غلالة من الضوء وتاخد اشكال مضحكة وما ان وطات قدماها باب الغرفة حتى انهارت وسقطت على الارض وبدت وكانها في حالة نوم حالم او صحو مثقل بالنوم . افاقت اماني بصعوبة .. كانت الرؤية امامها مغلفة بالضباب ... في البدء لم تحس بشئ وتدريجيا ايقظتها لمسة الحرير الباردة على جسدها العاري فمدت يدها تتحسس ملابسها كانت تفكر ربما ارتفعت اثناء نومها ... ولكن اين هي ؟؟ ما هذا المكان ؟؟ انه ليس بيتهم في القرية .. ولا بيت صديقتها فضيلة ... هل هو السكن الداخلي ؟؟ ظلت الاسئلة الحائرة تدور في عقلها المشوش " اين قميصها ؟؟ لماذا لا ينزل ويغطيها فهي تشعر بالبرد ؟؟ وفجاة احست بالصدمة عندما بدات يد غريبة تتسلل الى منطقة حساسة من جسدها وتستكشف مفاتنها بالحاح وحرارة ... انتابتها مشاعر لم تستطع تفسيرها وصدرت عنها آهة طويلة " ما هذا الذي يحدث لها ؟؟ " كانت تاتيها جمل مبتورة وكلمات عجز عقلها المغيّب ان يستوعب معناها ... " يلا صوريها كدة دي حتكون صورة رهيبة بس خليها كاملة ... لازم وشها يكون ظاهر " كانت مها تحس بنشوة غريبة وهي تستكشف جسد اماني المسجى امامها بلا حول ولا قوة تسارعت انفاسها وصمّت ضربات قلبها اذنيها ... حركاتها المحمومة اعطت ساريا اكثر مما تحتاج اليه ... كانت تتحرك بحرفية واضحة لتصور كل الزوايا وفي لحظات معينة كانت تضع كاميرا الفيديو على الحامل لتلتقط بعض الصور الفوتغرافية ... وعندما انتهت من التصوير امرت مها بصرامة " يلا رشي في وشها شوية موية خليها تفوق وتشوف نفسها كدة " تثاقلت مها عن النهوض ونظرت الى ساريا باستعطاف " خليني شوية بس يا ساريا " صاحت فيها ساريا بحدة " قومي انا ما فاضية لامورك دي هسة فوقيّها سريع قبل ما يرجعوا ناس سهي من برة وتصرخ وتعمل لينا فضيحة فنهضت مها بغيظ واحضرت كوب ماء بارد وصبته بعنف على وجه اماني المحتقن مما جعلها تشرق وهي تفتح عينيها بوهن ... تجولت نظراتها ما بين ساريا التي تحمل الكاميرا وبين جسدها العاري .. ومها المتحفزة بهيئتها الغريبة شبه العارية ... طرفت برموشها لتنفض الماء الذي اغرق وجهها .. سعلت بشدة .. ثم نهضت ببطء ... نظرت الى ساقيها المتباعدتين وبهلع ضمتهما وبدات تبحث عن شئ يغطيها واستماتت وهي ترفع طرف الملاءة لتستر به نفسها .. طفرت دموعها حارة وهي تستمتع الى صوت مها اللاهث " تغطي شنو ؟؟ احنا الدايرين نشوفه شفناه ... وصورناه كمان ... خلاص الموضوع انتهى " عندما ادركت ما حدث لها بدات تبكي بحرقة شديدة وانعقد لسانها وهي تتذوق دموعها المالحة وهي تترك طعماً مريراً في روحها.
11-29-2006, 05:07 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
الفصل الثامن خرجت فضيلة من المحاضرة على عجل وهي تسرع الخطى تجاه الشارع الرئيسي بالجامعة حيث تجلس اماني مع اصدقائها الجدد ... كانت قد عقدت العزم منذ يوم امس على مواجهة اماني خصوصا بعد ان صار تغيبها عن المحاضرات والعودة المتاخرة للسكن مثار تعليق بين زميلاتهم ولابد من ان تضع حدا لهذا العبث سوف تهددها بابلاغ اسرتها في القرية وابلاغ عبد الرحمن في السعودية .. ثم تذكرت بالم ان صديقتها لم تعد تذكر شقيقها خصوصا بعد توطد علاقتها بمها ... لكنها سوف تحاول ان تذكرها بحبها الذي كان امل حياتها في يوم من الايام ... لن تستسلم ولن تدع صديقتها تسقط بين براثن هذه الشلة الفاسدة فقد سالت عنهم وتطوع الكثيرون باخبارها عن الشائعات التي تحيط بهم ومع كل معلومة تصلها يزداد خوفها ويتضاعف قلقها . كانت تسير بخطوات حازمة غير آبهة لنظرات الاعجاب التي تلاحقها ولا بكلمات الغزل المكشوفة التي تعترضها ... من بعيد رات الشلة في مكانها المعهود تتعالى ضحكاتهم و سمعت صوت اماني وهو يعلو بلا حياء واتسعت عيناها دهشة وهي تراها تضرب كفها بالفة مع احد الشابين الجالسين باسترخاء في الكنبة المقابلة ... كان عبد الفتاح اول من راي تقدم فضيلة نحوهم وتضارب احساسه ما بين الفرح والقلق ... لقد اصبحت فضيلة حلما يراود صحوه ومنامه ... وعجزه عن الوصول الي قلبها اصابه بحزن كبير ... لقد اعتمد على مساعدة ساريا التي تبين له انها تسعى بكل قواها للايقاع بها في احضان امجد .. كان ينظر الى قامتها الفارعة وهي تقترب منهم وتمنى لو باستطاعته ان يخفي جميع من حوله ليبقى هو وهي فقط ... ربما يستطيع حينها ان يتخلى عن سلبيته وخوفه من مواجهة احتمال رفضها له.. ربما يستطيع ان يقنعها بحبه العميق لها .. ربما يستطيع ان يحذرها من حقد ساريا ونوايا امجد ...لفتت ملامح وجهه السارح المضطرب انتباه ساريا فلاحقت نظراته لتصطدم مباشرة بوجه فضيلة الفتّان ومع نظراتها التفت الجميع دفعة واحدة وهبت اماني بخوف لتجلسها قبضة مها العنيفة وهي تخاطبها بسخرية " شنو مالك زي الضربك سلك كهرباء ؟؟ خليك قاعدة مكانك هي العاوزاك يبقى تجيك لغاية عندك " جلست اماني بخضوع وذلة وهي تتجنب النظر الى عيني صديقتها .. ورفعت ساريا راسها بتحدي ووضعت ساق فوق الاخرى وهي تراقب عبد الفتاح عن قرب وضاقت عيناها وهي ترى التعبير الهائم الرقيق في وجهه .. بينما ارتسمت نظرة غريبة غامضة في عيني امجد . " السلام عليكم " قالتها فضيلة بحزم ودون ان تنتظر الاجابة مدت يدها وسحبت اماني من مجلسها " اماني تعالي انا عاوزاك ضروري "
11-29-2006, 05:10 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
كانت اماني بالكاد تستطيع ملاحقة خطوات فضيلة وهي تجرها وراءها كانها دمية قماش .. لم تجرؤ على الرفض او حتى الكلام ولم تهتم للنظرات الفضولية التي كانت تتابع الموقف بدهشة ... فقد كانت الافكار تتضارب في راسها وبدات بتحضير دفاعها امام هجوم فضيلة المتوقع كانت قطرات العرق البارد تتصبب على وجهها وانقبض قلبها من الخوف وهي تتطلع الى وجه صديقتها الذي اختلط فيه الاصرار مع الحزن ... كيف ستواجهها ؟؟ ماذا ستخبرها ؟؟ هل تستطيع رواية حقيقة ما حدث الاسبوع الماضي في بيت ساريا ؟؟ كيف يكون وقع الكلام عليها ؟؟ هل ستصدق انها كانت ضحية مؤامرة حبكتها مها ونفذتها ساريا ؟؟ ولا شعوريا هزت راسها وهي توقن بانها ستكون الملومة في نظر فضيلة خصوصا بعد التحذيرات التي وجهتها لها اكثر من مرة بضرورة قطع علاقتها بمها وتخوفها منها .. هل سيصدقها أي انسان آخر ؟؟ فالصور التي التقطتها لها ساريا .. والفلم الذي اجبرتها على مشاهدته بعد تصويره بيومين كان دليل ادانتها وتذكرت بمرارة اللقطات الساخنة التي جمعت بينها وبين مها ... ملامح وجهها الغريبة والاصوات التي كانت تصدرها ... اما الصور فهي الكارثة الكبري فقد تجلّت فيها براعة ساريا في التصوير لتظهر اللقطات المهرجانية وكانها تشارك في الامر بكامل رغبتها وارادتها ولكنها غائبة عن الوجود في عالم المتعة التي تعيشها .. اوضاع لم تخطر على بالها وما زالت تحس بالخجل والعار عندما تتذكرها .. لن تصدقها فضيلة ولا غيرها مهما اقسمت ببراءتها وتذكرت التهديد الصريح الذي تلقته من ساريا بعد العرض الفاضح : " شوفي يا اماني انا ما عاوزة اضرك ولا افضحك .. ولا حاطلب منك تعملي شئ انتي ما عاوزاه مع أي زول ... انا اصلا ما محتاجة ليك من الناحية دي لانو عندي البنات بالكوم اجمل وارقى منك بكتير وواحدة زيك ما بتفرق معاي .. لحظتها احست اماني بالفرح لان ساريا لن تجبرها على ممارسة أي شئ لا ترغبه ... لكن كلمات ساريا اللاحقة جعلت قبلها يغوص داخل صدرها : " الحاجات دي حتفضل عندي لغاية ما تنفذي لي الانا حاطلبه منك بحذافيره وبعد ما يحصل حاسلمك الصور بالنيجاتيف ومعاها الشريط انتي اصلا ما بتهمينا كتير .. وبالواضح كدة انا عاوزة فضيلة وانتي الحتجيبيها لينا وتجاهلت ساريا الشهقة القوية التي صدرت من اماني وواصلت بكلمات قوية ومهددة " انا حاوضح ليك تعملي شنو ولازم تسمعي كلامي وتنفذيه والا حتلقي صورك معلقة في كل شجرة في الجامعة وشريطك بيتباع في محلات الفيديو ... ثم اضافت بصوت شامت ساخر " دة طبعا بعد ما ارسل منهم نسخ كفاية لكل بيت في قريتكم .. الابالمناسبة هي قريتكم دي اسمها شنو وموجودة في ياتو خريطة ؟؟
11-29-2006, 05:14 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
لحظتها فقط شعرت اماني بالندم وتمنت ان تعيد عقارب الساعة الى الوراء ... تمنت لو استمعت الى نصائح فضيلة وتدافعت الدموع من عينيها وهي تهمس باستعطاف " لا يا ساريا .. عليك الله فضيلة لا .. دي بت مسكينة وما عملت ليكم حاجة ... لو مضايقاك انا باخليها ترجع البلد ... وانفجرت في نوبة بكاء هستيري ..فضيلة دي زي اختي .. عليك الله خليها في حالها " كانت نبرات صوتها مليئة بالانكسار والرجاء ردت عليها مها بغيظ " اختك ولا امك ما بيهمنا يعني هي احسن منك في شنو ؟؟ وبعدين يا عويرة هي هسة عاملة ليك رعب ولمن تشوفيها كانوا ملك موتك جاك عارفة ليه ؟؟ لانها لسة نضيفة لكن لو جريتيها معاكي بتبقوا زي بعض مش انتي طول عمرك عاوزة تبقي زيها ؟؟ خليها هي المرة دي زيك .. وبعدين انتي لمتين حتفضلي هبلة وماشة وراها زي ظلها ؟؟ اسمعيني يا اماني لو ما نفذتي الكلام البنقوله ليك حتكون فضيلة اول زول يشوف صورك وبس خلاص ما في نقاش في الموضوع دة .. ويكون في علمك من هنا وجاي ما تمشي معاها نهائي وتقعدي معانا طول الوقت عشان تتعود تجيك عندنا فهمتي ولا لسة محتاجة شرح ؟؟". ونفذت الاوامر برغم صعوبتها فهي قد اعتادت على صحبة فضيلة منذ طفولتهما حتى اصبح تواجدهم سوياً كتواجد الروح والجسد ... لكن لم يكن بيدها حيلة وبات تجنب فضيلة هو هاجسها الاكبر .. لكن يبدو ان سياسة التهرّب لن تجديها اليوم وعليها ان تواجه الموقف بذكاء حتى لا يفتضح امرها . كانوا قد وصلوا الى الجزء المنعزل من الجامعة واختارت فضيلة ركنا مظللا بشجرة كبيرة واتجهت اليه وهي ما زالت تمسك بيد اماني باحكام وحالما جلست واجلستها في مواجهتها ثبتت عينيها في وجه صديقتها وسالتها :" اماني انتي عارفة بتعملي في شنو ؟؟ انتي عارفة ليك كم ما دخلتي محاضرة ولا فتحتي كتاب ؟؟ انتي جنيتي ولا شنو ؟؟ وبعدين الناس الانتي ماشة معاهم ديل سمعتهم ما كويسة ... معروفين لا بيدخلوا محاضرات ولا عندهم كبير غرض في القراية السنة بتلاتة سنين وما بيهمهم سواء اتخرجوا ولا لا .. عارفة ليه ؟؟ لانهم ماخدين الجامعة ونسة ومكان لعرض الازياء والعربات " وشاب الحزن صوت فضيلة وشارفت على البكاء وهي تندفع في الكلام :" يا اماني احنا هنا لهدف معين اهلنا لمن وثقوا فينا ورسلونا برانا كانوا عارفين هم ربونا كيف .. اتخيلي لو ابوك عرف بالانتي بتسوي فيه دة حيكون موقفك شنو ؟؟ كانت كلمات فضيلة كطعنات خنجر تقطع جسدها واصابها الفزع ما التلميح الاخير وقفزت من الحجر وهي تلهث : " انتي بتهدديني انك تكلمي ابوي ؟؟ اياكي يا فضيلة خليك في حالك وما تتدخلي في شئوني ومن هسة باقول ليك لو فتحتي خشمك وقلتي أي شئ لابوي انا كمان حاقول الفيك والما فيك " ردت فضيلة بذهول : " اماني انتي بالجد جنيتي .. شنو اهددك وشنو اقول وتقولي ؟؟ يا بت فوقي انتي الناس ديل عملوا ليك شنو ؟؟ غسلوا مخك ؟؟ عموا عيونك ؟؟ اماني انا خايفة عليك منهم وعاوزة مصلحتك " ردت اماني بعنف حتى تخفي ضعفها عن عيون فضيلة :" مصلحتي انا عارفاها كويس وقبل كدة قلت ليك ما تعملي وصّي علي ..وبترت كلامها عندما تعالى رنين هاتف وتلفتت فضيلة بدهشة تبحث عن مصدر الصوت فلم يكن في المكان غيرهما لتفاجا باماني وهي تدس يدها في حقيبتها وتخرج منها هاتف نقال صغير وانيق : " موبايل يا أماني ؟؟ دة جبتيه من وين ومتين ؟؟ لم ترد عليها فرؤية اسم ساريا على الشاشة ملاها خوفا وردت بسرعة واضطراب :" الو .. ايوة يا ساريا انا لسة مع فضيلة لكن خلاص خلصنا كلام وراجعة ... لا ما حاتاخر بس مسافة السكة .. اوكيه يلا باي " كان واضحاً انها ترد على تساؤلات ساريا عن اسباب تاخرها ونظرت الى فضيلة بحرج وهي تقول : " دة جابته لي ساريا هدية " كانت فضيلة ترتعش من الغضب والالم :" بمناسبة شنو تجيب ليك هدية زي دي ؟؟ وانتي اصلاً محتاجة ليه في شنو ؟؟ ردت اماني بلامبالاة : " بدون مناسبة يلا انا ماشة اتاخرت على الشلة واحنا ماشيين نتغدى برة ... ايه رايك تجي معانا ؟؟ تعالي اتعرفي عليهم الناس ديل ظريفين وانتي ماخدة عنهم فكرة غلط " بدات اماني بالمسير عندما اتاها صوت فضيلة المتعب من كثرة الجدال : " اماني نسيتي عبد الرحمن ؟؟ وقع عليها السؤال كضربة برق احرقت روحها ولم تلتفت حتى لا ترى فضيلة لمعة الدموع في عينيها وردت بصوت مبحوح :" خلاص يا فضيلة عبد الرحمن لا بقى ينفعني ولا انا بانفعه " واسرعت تغادر المكان قبل ان تخونها خطواتها ...
11-30-2006, 02:38 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
الفصل التاسع كان الظلام والهدؤ يلف مبنى الداخلية الا من اضواء خافتة متباعدة واصوات هامسة متفرقة لا يمكن تمييزها ، وفي الغرفة التي تضم فضيلة وزميلاتها كان احد الاسرة الاربعة خاليا كما هو شانه دائماً فصاحبته لم تكن تتواجد كثيرا في الداخلية تاتي لحظات قليلة لتاخذ اغراض ثم تختفي فاعتاد الجميع عدم وجودها ولم يجرؤ احد على سؤالها اين تذهب ولما تكثر التغيب خارج السكن .. فقد تعمدت منذ البدء على وضع حواجز بينها وبين الاخريات حتى باتت كالشبح بالنسبة لهن .. في السرير الاخر تكورت كتلة غير واضحة المعالم تحت الغطاء ولا يظهر منها غير اصابع قدم تمردت على الاختباء ... على الطاولة المتهالكة جلست فضيلة وهي منهمكة في قراءة كتاب ضخم امامها .. كانت تشعر بالسعادة لان اماني ولاول مرة منذ فترة طويلة اتت الى السكن في وقت مبكر وحيتها بطريقة ذكرتها بصديقتها القديمة لكنها سرعان ما تباعدت عنها وغابت في عالمها الخاص التزمت سريرها وتظاهرت بالنوم .. لم يهمها تباعدها .. المهم انها موجودة ولن تموت قلقاً عليها عندما تتاخر... انقطع استغراقها في القراءة والتفكير عندما سمعت صوت المغنية المشهورة يصدح بدلال ممزقا سكون الغرفة .. تململت الكتلة الساكنة تحت الغطاء وقفزت اماني وهي تلعن سهوها عن اغلاق هاتفها الجوال قبل ان تدخل السكن كما تفعل دائماً وتطلعت الى الشاشة لتنتابها الدهشة وهي ترى اسم عبد الفتاح .. توقعت اتصال مها او ساريا او حتى امجد .. لكن عبد الفتاح ؟؟ ضغطت زر الاستقبال وردت بصوت هامس : " الو .. اهلاً فتاح خير في شنو ؟؟ " تنهد عبد الفتاح براحة شديدة فقد كان يحاول الاتصال باماني يوميا في وقت متاخر حتى يضمن وجودها بمفردها لياتيه صوت الكمبيوتر بان هذا الرقم لا يمكن الوصول اليه ... كانت لهفته تملا صوته وهو يرد : " اماني ؟؟ الحمد لله اني اخيرا لميت فيك ... معليش انا عارف انو الوقت متاخر لكن كنت عاوزك ضروري في موضوع مهم وما عاوز باقي الجماعة يعرفوه لكن الكلام عنه ما حينفع في التلفون ... بكرة برنامجك شنو ؟؟ ردت اماني باضطراب وهي تفكر فيما يمكن ان يطلبه منها فتاح وتضاربت الهواجس في راسها : " البرنامج المعتاد ما في شئ مختلف " " طيب يا اماني بكرة باي طريقة لازم تلاقيني برة الجامعة في أي مكان تحدديه بس على شرط ما في أي زول من الشلة يعرف انتي ماشة وين .. قولي ليهم داخلة محاضرات مهمة ما بتقدري تفوتيها لانو فيها تسجيل حضور وغياب وانا اوعدك اني ما حأخرك كتير اوكيه ؟؟ " ترددت اماني في الموافقة على طلبه ... كان عبد الفتاح بالنسبة اليها اكثر افراد الشلة انسانية فهو الوحيد الذي يسالها عن احوالها وعن اهلها .. وكثيرا ما يدس لها النقود خلسة في حقيبتها عندما يتاكد من عدم انتباه البقية ويهمس في اذنها " كل ما اشتغل شغلانة مع الحاج و يجيني منها رزق ليكي فيه نصيب يا اماني .. عشان ما تحتاجي حاجة من زول ... ولو عاوزة زيادة كلميني ما تشيلي من مها وساريا واياكي تغلطي وتطلبي من امجد " جعلها تصرفه الشهم الحنون تحترمه وتميزه عن الباقيين .. اذن ماذا يريد الان ؟؟ هل يعقل ان يطالب بمقابل لما اعطاها .. وهزت راسها لا شعوريا في محاولة لنفض الفكرة المؤلمة ... " طيب بس اديني طرف الموضوع يا فتاح " احس فتاح بالقلق والخوف في صوتها فاجابها مطمئنا " ما تخافي يا اماني انشاء الله خير ... حاستناك بكرة الساعة عشرة في موقف المواصلات جوة السوق اديني رنة لمن توصلي وانا حاشوفك وين ومن هناك نحدد نمشي أي مكان .. يلا ما تتاخري علي ومعليش على الاتصال المتاخر ... تصبحي على خير " اغلقت اماني التلفون والتفتت لترى تعابير فضيلة المصدومة .. فاعطتها ظهرها واندست في سريرها بايماءة متحدية .. والتزمت فضيلة الصمت لانها لا تريد الدخول في جدال مع اماني الان .. ربما غدا ستكلمها ...
11-30-2006, 02:42 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
هبطت اماني من الحافلة وهي تجول بنظراتها في ارجاء المحطة المكتظة بالبشر والسيارات .. وعلى البعد لمحت سيارة عبد الفتاح المميزة بلونها الفضي اللامع الذي يعكس التظليل الداكن في الشبابيك والخلفية .. وبخطوات سريعة اتجهت اليها وفتحت الباب لترى نظرة التحذير في عيون عبد الفتاح وهو يومئ باشارة تامرها بالصمت بينما يواصل حديثه في الهاتف :" ايوة يا ساريا لا ما حاتاخر قلت ليك شغلانة صغيرة لابوي اقضيها وارجع اوكيه ؟؟ يلا باي نتلاقى بعدين " انهى المكالمة والتفت الى اماني التي بدت مذعورة من مجرد سماع اسم ساريا حتى انها لم تسمع اعتذار عبد الفتاح الا بعد ان كرره مرة اخرى " معليش تعبتك يا شيخة " فردت بخفوت " اهلا يا فتاح لا ما في تعب ولا حاجة خير في شنو ؟؟" ابتسم فتاح لقلقها الواضح " يا بت الناس ما تخافي والله عاوزك لخير بس خلينا نقعد عشان نعرف نتكلم " اختار عبد الفتاح كافتيريا صغيرة منعزلة حتى يأمن ان لا يراه احد من معارفه او اصدقاؤه وجلس في مواجهة وجه اماني الخائف ودخل في صلب الموضوع مباشرة " اسمعي يا اماني انا عارف انو حيكون عندك راي فيني بحكم اصحابي الانا ماشي معاهم وما باقدر الومك مهما كان رايك " حاولت اماني الكلام فقاطعها بحزم " اسمعيني للنهاية بدون ما تقاطعيني وعلقي بعدين .. اهم شئ عاوزك تعرفيه انو عمري ما اذيت لي بت ناس .. ايوة باعترف اني عرفت بنات بعدد شعر راسي لكن كلهم جوني بارادتهم وبدون أي اكراه .. وبالعكس في منهم الكانوا بيجروا وراي .. عمري ما اجبرت واحدة على شئ هي ما عاوزاه ولا ظلمت واحدة في تقدير مقابل الشئ الادتني ليه " انفرجت اسارير اماني قليلا وهي تفكر " الحمد لله معنى كلامه انو ما عاوز مني شئ من الخطر في بالي .. اراحها هذا الاحساس وبدات تسترخي وهي تستمع اليه ... " اماني ما تفتكري اني ما عارف البيحصل حواليني شنو .. أنا عارف انو امجد بيخطط مع ساريا ومها عشان يوصولوا لفضيلة وللاسف عاوزينك انتي تكوني الكوبري الحيوصلهم ليها .. وللاسف برضه انتي مجارياهم في خططهم وانجرفتي معاهم تماما ونسيتي فضيلة كانت شنو بالنسبة ليك " كان لكلماته وقع مؤلم وطعم مرير .. لكنها تعكس الواقع بلا تزيين ... امتلات عيناها بالدموع ولم تستطع الرد فواصل فتاح حديته " معليش عارف كلامي بيالمك لكن دي الحقيقة الانتي متعمدة تغمضي عيونك عنها .. انا عارف انو ساريا عندها طرقها البتخليها تقنع الحجر يسوي ليها أي شئ هي عاوزاه .. عارف اساليبها كلها لاني اتربيت معاها ... اماني انا عاوزك تعتبريني اخوك وبيطلب مساعدتك ... وتغيرت لهجته وامتلات حنانا " انا بالجد حبيت فضيلة يا اماني ومن اول مرة شفتها فيها .. صحي بالاول عجبني شكلها جمالها وجسمها .. لكن بعد كدة لمن شفت ادبها واخلاقها وطريقتها في التعامل مع الناس حسيت انو هي دي المخلوقة الطول عمري بافتش عليها وحاعمل المستحيل عشان ارتبط بيها .. لكن فعلا محتاج مساعدتك لاني بدونك ما حاقدر اعمل أي شئ" اطرقت اماني وهي تنظر الى مفرش الطاولة بانكسار " وانا باقدر اعمل ليك شنو يا فتاح ؟؟ خلاص ساريا ختت فضيلة في راسها وما ناويه تخليها .. انا كنت مستغربة هي ليه بتكرهها للدرجة دي ويادوبك عرفت السبب .. دة كله عشانك انت يا فتاح ... لانها بتحبك حست بحبك لفضيلة عشان كدة عاوزة تنتهي منها " رد عبد الفتاح بصوت حاد كصرير الاظافر على سطح زجاجي :" ساريا بتحبني انا ؟؟ منو القال ليك الكلام الفارغ دة ؟؟ ساريا دي ما بتعرف تحب .. على الاقل أي زول تاني غير نفسها .. وانا عمري ما اديتها ايحاء باني ممكن احبها او ادخل معاها في علاقة من النوع دة .. أي نعم احنا اصحاب شديد لكن حب ؟؟ لا مستحيل افكر فيها " ضحكت اماني بسخرية " يا فتاح حتى العميان بيشوف حب ساريا ليك وغيرتها المجنونة عليك .. الغيرة الخلتها عاوزة تدمر فضيلة باي طريقة .. ودمرتني انا كمان بسببها "
11-30-2006, 02:47 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
رفع فتاح راسه ونظر الي عيني اماني برعب " لا يا اماني اوعي تقول ي لي انو ساريا خلاص جرتك لعالمها .. انا كنت عارف انها عاوزة توصل لفضيلة عن طريقك بس ما اتخيلت انك حتجاريها في الشئ دة "" همست اماني بضعف وخجل " فتاح انت قلت لي اعتبرك اخوي عشان كدة انا حاقول ليك الحصل كله ويمكن نقدر نساعد بعض " وباختصار حكت له احداث ذلك اليوم المشئوم ...كان فتاح يستمع بذهول وعندما انتهت اماني من الكلام بدت ملامحه وكانها صخرة صماء لا توحي بشئ ... وظلا صامتين فترة طويلة ثم بدا فتاح الكلام بصوت جامد :" ما كنت متخيل ساريا ممكن توصل للدرجة دي من الحقد والغيرة والرغبة في تدمير انسان تاني ... ما حاكذب عليك وادعي اني ما عارف ساريا بتعمل في شنو ... ويمكن انا كمان كنت جزء من عالمها القبيح دة لفترة طويلة .. بس زي ما قلت ليك ما اذيت انسان ابداً ... يمكن تستغربي انا ليه هسة اتغيرت .. حاقول ليك عشان فضيلة ... حبي لفضيلة فوقني من الغيبوبة الكنت عايش فيها ... نقاء فضيلة حسسني قدر شنو انا انسان وسخان من جوة ... استقامتها وضحت لي قدر شنو انا انسان معووج ... بقيت عاوز اتعدل وانضف عشان اكون جدير بيها لاني متاكد بطريقتي دي مستحيل تفكر فيني حتى لو باملك مال قارون ... انا عرفت من البداية انها نوع مختلف من البنات ما بتغريها المظاهر ولا بتهمها القروش ... وعشان اوصل لمستواها لازم اتغير عرفتي السبب يا اماني ؟؟ كانت اماني تستمع الى كلماته الحارة بحسرة اختفت منها غيرتها المعهودة من صديقتها ... وطفرت دموعها غزيرة لتصنع خطوط بمختلف الوان مستحضرات التجميل التي وضعتها على وجهها ذلك الصباح فاصبحت ملامحها لوحة مشوهة وكانها تعكس اعماقها في تلك اللحظة ... وعندما لاحظت النظرات الفضولية التي توجهت اليها بدات تمسح دموعها بيديها فاخرج فتاح منديل من جيبه واعطاه لها لتنظف الفوضى التي احدثتها ... وعندما رفعت راسها كانت نظراتها خليط من الحزن والتصميم " خلاص يا فتاح انا حاساعدك بس على شرط .. لو قدرت تخلصني من تهديد ساريا لي ... لو قدرت تجيب لي الصور والنيجاتيف والشريط ما حاخلي أي زول منهم يوصل لفضيلة ... تعرف يا فتاح لو جبتهم لي انا بالم عزالي وارجع البلد ... القراية الجابت لي المصايب دي زاتها ما دايراها " بدا تردد عبد الفتاح واضحا في صوته المهتز " اوكيه انا حاعمل المستحيل عشان اجيب ليك الحاجات دي .. ما عارف كيف لكن ما باغلب .. وانتي كمان لازم تخليني جوة الصورة واول باول اعرف خططهم شنو عشان اقدر اتصرف ... اليومين دي خليكي لاصقة فيهم اكسبي ثقتهم للاخر .. وريهم انك معاهم عشان يقولوا ليك كل حاجة وتعرفي هم ناويين على شنو ... بس يا اماني برضه باحذرك اعملي حسابك منهم وحافظي على نفسك كويس ما تخلي ساريا تضغط عليك عشان تعملي حاجة انتي ما عاوزاها ... انا عارف انك بت كويسة .. يمكن تكوني شوية اتغيرتي لمن جيتي الجامعة لكن معدنك نضيف وانتي لسة على البر وما غرقتي يعني ممكن تطلعي من الجو الفاسد دة وترجعي زي اول ويمكن احسن لانو التجربة دي اكيد علمتك كتير " احست اماني وكان عبئا ثقيلا انزاح عن صدرها بعد ان وجدت من تشركه سرها المخزي ... وعد عبد الفتاح لها بمساعدتها اشعرها بانها كائن حي بعد ان احست بالموت لفترة طويلة ارتسمت ابتسامة حقيقية على شفتيها بعد ان خاصمتها لاسابيع مضت ... كانت تسير بخطوات خفيفة فقد قررت ان تمشي حتى الجامعة ورفضت عرض فتاح لتوصيلها كانت تحتاج ان تبقى مع نفسها لبعض الوقت لتراجع حساباتها و تجد الكيفية للخروج من عالم ساريا المخيف الذي دخلته برغبتها واصبحت سجينة فيه .
11-30-2006, 02:54 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
جلس عبد الفتاح بملل علي الكرسي الوثير امام جهاز التلفزيون في غرفته وهو ينظر بذهن شارد الى القناة التي تعرض اغاني غربية هي اقرب للافلام الاباحية منها الى الغناء والرقص حيث يتمايل المغني بحركات هستيرية على خشبة المسرح وحوله مجموعة من الفتيات الجميلات شبه العاريات يرقصن بحركات مثيرة وموحية ... رفع فتاح راسه وتامل السقف .. منذ فترة قصير كانت هذه القنوات ادمانه المفضل عندما يكون بالمنزل وقد دفع في بطاقة فك التشفير مبلغا طائلا ... واعتاد الجلوس لساعات مسمرا عينيه حتى لا تفوته حركة او مقطع من الاغنية .. اما الان فلم تعد تثير اهتمامه .. هناك ما هو اهم ... كان يسترجع احداث اللقاء الذي تم بينه وبين اماني صباح هذا اليوم واعتراه الندم على وعده لها باسترجاع الصور وشريط الفيديو من ساريا لانه ادرك منذ لحظتها صعوبة تنفيذ هذا الوعد فهو لا يتخيل طريقه يمكنه بها اقناع ساريا ان تسلمه لها .. لكن لا بد ان يفعل ... لابد ان يجد طريقة فاماني هي سبيله الوحيد للحفاظ على فضيلة هي امله في الوصول اليها واقناعها بمدى حبه لها ... وهي لن تساعده الا اذا اخرجها من مازق الفضيحة الذي يهددها. ظل جالسا لفترة طويلة وكانه تمثال حجري فقط صوت انفاسه المضطربة يدل على وجود الحياة فيه قطع تفكيره صوت الهاتف فاخرجه من جيبه ورفعه بشرود الى اذنه ليسمع صوت ساريا الملئ بالتساؤل " فتاح ؟؟ انت وين من امبارح لا حس ولا خبر ؟؟ قلت ماشي مشوار صغير لابوك وما جيت تاني ... شنو يا زول اوعى تكون عملت ليك دروب من ورانا ؟؟ رد فتاح بسام لم يحاول اخفاؤه " اهلا سروية ... كيفك وكيف الشلة كلها ؟؟ المشوار اخد مني وقت اكتر مما كنت متوقع ولمن لقيت نفسي اتاخرت قلت خلاص ما في داعي ارجع الجامعة وجيت البيت طوالي وبعدين انا اليومين دي زهجان شديد عشان كدة قلت اقعد براي وما في داعي ازهجكم معاي " ردت ساريا بدلال مصطنع " زهجان وساريا موجودة ؟؟ لا يا فتاح دي كتيرة منك ؟؟ قول لي المزهجك شنو ؟؟ عاوز شنو ؟؟ طلباتك يا سيد الناس ؟؟ كلمني وانا اوفرها ليك في لمح البصر واخليك مبسوط شديد " فهم فتاح المعنى المبطن لكلماتها واحس بالاشمئزاز .. أي حب مريض تحمله له ساريا ؟؟ كيف تتطوع باحضار الفتيات اليه وهى تدعي حبه ؟؟ هذا ليس حبا انه شئ آخر قبيح لا يستطيع فهمه او التعامل معه ... لقد اصبح الآن يعرف معنى الحب ... الحب هو ما يحسه تجاه فضيلة ... نهر من المشاعر يسري في عروقه ويملاها نقاء وصفاء ... احساس غامض بالبهجة يهزه بعنف ويشيع الدفء في اوصاله .. يغمره بالحنان والامان والثقة... كانت ساريا تلح " قول لي طلبك شنو ولو داير هسة اجيبه ليك وفي المكان البيريحك ... هو انا عندي كم فتاح ؟؟ كان يستمع الى كلماتها وعقله يعمل بسرعة كبيرة وفجاة لمعت الفكرة في راسه وكان رده مفاجاة لهما معاً " أماني "
11-30-2006, 02:57 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
وساد الصمت بين الطرفين وهما يحاولان استيعاب الاسم الذي انطلق كالقذيفة من فم فتاح " اماني منو ؟؟ المعانا في الشلة ؟؟" كان سؤال ساريا محملا بكل الدهشة التي ساورتها .. فاجاب فتاح بنغمة بذل اقصى جهده لتخرج لامبالية وعادية " ايوة ياها .. يعني احنا بنعرف كم اماني ؟؟ .. ردت ساريا بلهجة مليئة بالشك " دي صاحبة فضيلة يا فتاح " .. " عارف يا ساريا وانا خلاص موضوع فضيلة دة صرفت عنه نظر لاني زهجت وما عندي طولة بال اقعد استنى لمن تتكرم علي بنظرة .. وبعدين انا فكرت في الموضوع من زاوية تانية ... يا اخي امجد دة زول صاحبي وقلت ما في داعي اخسره عشان واحدة ممكن الاقي زيها بالكوم ... انا عارف امجد عاوزها .. ويا ستي رحم الله امرء عرف قدر نفسه .. انا ما باقدر انافسه .. خلاص خليها ليه ..وبعدين اماني ما بطالة بالذات المرة دي الزهجة قوية وعشان تفك عاوزة ليها كرت جديد ما اتحرق قبل كدة .. السكند هاند ما حينفع .. اها قلتي شنو مش هي كرت جديد برضه ولا خلاص موضوعها انتهى ؟؟ كانت لهجة ساريا تتارحج بين الشك واليقين وهي ترد عليه " لا لسة وكالة ما دخلت مجال المستعمل لكن .. قاطعها فتاح بنفس اللهجة اللامبالية " انا غايتو فكرت فيها لكن ما عارف شايف لبسها كله واسع كدة والواحد ما قادر يحدد تحته شنو .. يبدو لي جسمها ما حلو ولا فيه حاجة غلط بتغطيها باللبس الفضفاض " زال الشك من صوت ساريا الملهوف وهي ترد عليه " لا من الناحية دي ما تخاف .. جسمها حلو وما فيه حاجة غلط انا متاكدة من الشئ دة " وتمالك نفسه كي يجاريها " يا زولة هي متاكدة شنو ؟؟ زهجتي دي عشان تفك عاوزة ليها حاجة كدة ما أي كلام " كان صوت ساريا يعبر عن فرحة حاولت كبتها ولم تستطع " قلت ليك متاكدة لاني شفت بعيني " وتصنع فتاح الدهشة "شفتي بعينك ؟؟ انتي يا ساريا بتغشي علي ولا شنو ؟؟مش هسة قلتي البت كرت جديد وما اتحرق يبقى شفتي كيف ؟؟ " انت بس اصبر شوية وخلي التسرع بتاعك دة ... البت فعلا لسة جديدة وانت حتكون الاول .. لكن انا بطريقتي الخاصة عملت ليها صور وشريط وما تسالني كيف وليه المهم في الموضوع انو دة طلبك زاتو قلت شنو؟؟ لو عاوز هسة باركب عربيتي وانت استناني تحت بيتكم اديك ليهم عشان تتاكد بنفسك " وحتى لا يثير شكوكها بموافقته السريعة تمنّع عبد الفتاح قائلاً " لا يا ساريا الدنيا ما حتطير من هنا لبكرة ... جيبيهم معاك الجامعة ولما ارجع البيت واشوفهم حاوريك لو دخلت راسي باخليك تدبري الباقي وبرضه حقك محفوظ " احس بامعاؤه وقد وصلت الى حلقه وهو يقول الكلمات التي كانت عادية في يوم من الايام ولكنها الان اصبحت مقرفة وكريهة المذاق ... " لا يا فتاح دي حتكون هدية مني ليك وما عاوزة منك أي شئ ..اوكيه يا عسل .. واقول ليك كلام اديني فرصة بس لغاية حفلة امجد ما تخلص وشوف بعد كدة لو ما جبت ليك فضيلة زاتها لغاية عندك ما ابقى انا سروية " قفز قلب عبد الفتاح قفزات متتالية لمجرد سماعه اسم فضيلة من فم ساريا وبصعوبة اخفى لهفته وخوفه واصطنع الغضب " حفلة ؟؟؟ حفلة شنو ؟؟ والله انتو بقيتوا اصحاب أي كلام ... امجد عامل حفلة وما كلمني ؟؟ طيب شوفوا البيحضرها منو وسارعت ساريا بالرد " دقيقة بس قبل ما تحرّد .. والله الموضوع دة اتطرح امبارح لمن كنت في مشوار ابوك ... قلنا كلنا زهجانين وعاوزين نفرفش شوية ... امجد اقترح نعمل حفلة صغيرة في مزرعة ابوه نهاية الشهر لكن والله ما ناقشنا أي تفاصيل وخليناها لمن انت تجي " " طيب اشمعنى يعني تجيبي لي فضيلة بعد الحفلة ؟؟ هسة ما بنفع ؟؟ حتى عشان تفكي زهجة صاحبك ؟؟ كان يحاول بياس ان يعرف ما يدور براسها ... " لا يا فتاح هسة ما بنفع.. الحقوق محفوظة وانت عارفني في الشغل ما بجامل ... امجد دفع دم قلبه في البت دي وانا وعدته اجيبها ليه يوم الحفلة باي طريقة ... وامتلا صوتها بالصقيع وهي تواصل " حتى لو جنازة " ظلت كلمات ساريا ترن في اذن عبد الفتاح لفترة طويلة بعد انهاء المكالمة ... احس ببرد الخوف يعتصر قلبه ويتسلل الى عظامه ... خوفه على فضيلة احال عقله الى بركان يوشك على الانفجار ورغبته في حمايتها ملاته تصميما على خوض الحرب ضد اصدقاءه .. وظل يفكر ويسترجع في راسه اساليب ساريا للايقاع بضحاياها ... أي وسيلة سوف تستخدم للوصول الى فضيلة ؟؟ كيف يتصرف ؟؟ هل يحذرها ؟؟ لن تصدقه فهي تراه معهم وتعتبره مثلهم ... وتحتقره مثل ما تحتقر الباقيين ... فقط لو تدري مدى حبه لها وخوفه عليها ... هذا الحب الذي خلق منه انساناً آخر وطهّر روحه وكانه ولد من جديد ... نظر الى ساعة يده ووجدها تخطت الثالثة صباحاً ببضع دقائق فنهض الى سريره وارتمى عليه بكامل ملابسه وحاول ان يريح جسده المتعب.
كانت ترتيبات الحفل تجري على قدم وساق .. وقد اثارت حماسة ساريا دهشة الجميع لانها عادة لا تهتم سوى بالحضور في آخر وقت حتى تضمن لفت انتباه الجميع .. لقد تطوعت باحضار متعهدي الطعام والاتصال بالفنانين .. اوصت بالزينة والاضاءة ... وجهزت الكاميرات الخاصة بها فهناك الكثير مما يستحق التصوير ويصنع مادة دسمة لافلامها ... هي الوحيدة التي كانت تعرف سر حماسها الزائد ... هذه الحفلة سوف تكون نقطة نهاية وبداية لصفحة مهمة من حياتها ... سوف ينتهي كابوس فضيلة الذي جثم على صدرها منذ شهور .. وقد وصلت الى قرار بان تصارح عبد الفتاح بما تكنه له بعد ان تقدم له اماني كآخر قربان في علاقتهما كاصدقاء ..لقد رأي الصور والشريط وابدى اعجابه الشديد بها وطلب منها الاحتفاظ بهم فلم تمانع خصوصا انه لم يلح في السؤال عن السبب أو الكيفية التي تم بها التصوير ... وزال شكها في انه ما زال يكّن أي احساس تجاه فضيلة لان انبهاره الواضح بجسد اماني ورغبته المفرطة فيها اقنعتها بانه قد تخطى التفكير فيها كزوجة محتملة .. اضافة الى تقبله لفكرة حصول امجد عليها وعدم اعتراضه لخططها التي اصبحت تناقشها معه بحذر وبدون تفاصيل وكل هذا لهدف واحد وهو ان تجعله يرى فضيلة في وضع يكون من المستحيل عليه بعده ان يفكر فيها الا كما يفكر في الاخريات ... اما وعدها بتقديمها له بعد الحفل فلن تفي به .. لانها لا تضمن عدم وقوعه في حبائلها مرة اخرى كان فتاح يجاريها في كل ما تقول وتفعل حتى يستعيد ثقتها وتخبره بافكارها ... واتفق معها على عدم مفاتحة اماني برغبته حتى يوم الحفل .. ومن جانبه وكخطوة لاثبات حسن نيته لاماني سلمها الصور والفلم في نفس المكان الذي شهد لقاؤهما الاول ... كانت اماني منكسرة وذليلة وهي تاخد من فتاح الصور لظنها بانه قد راي ما فيها .. لم تستطع مواجهة نظراته وكانت تكلمه وهي منكسة الراس " اماني ما تخجلي مني .. احلف ليك اني لا فتحت الصور ولا اتفرجت على الشريط ... انا بس قلت لساريا اني شفتهم عشان تقتنع بكلامي ... المهم هي ما قالت ليك خطتها شنو بخصوص فضيلة ؟؟ الحفلة باقي ليها اقل من اسبوع ولازم اعرف التفاصيل عشان اقدر اتصرف .. انا بتقول لي قشور كلام وما عاوزة تديني تفاصيل" لم تكن كلمات فتاح كافية كي تشعرها بالراحة .. يكفي انه يعلم محتوى الشريط لتحس بالخزي امامه " هي اتصلت بي امبارح بالليل وطلبت مني اجي بيتهم الليلة المسا مع مها عشان توريني مفروض اعمل شنو ... اول ما ارجع الداخلية وقبل ما اخش الاوضة حاسوي ليك مسكول وانت اتصل بي عشان احكي ليك الكلام الدار بينا .. وبعد كدة يا فتاح طلعني برة الموضوع دة خالص والباقي عليك براك ... ما تنسى انو نيجاتيف الصور لسة عند ساريا ولو حست انو لي يد في أي شئ انت عارف حيحصل شنو .. هي وعدتني بعد الحفلة تديني ليه .. انا صحي عاوزة انقذ فضيلة .. لكن كمان عاوزة انقذ نفسي عشان كدة ما عاوزة حاجة تربطني بالموضوع لا من قريب ولا من بعيد لازم ساريا تقتنع اني ساعدتها وجبت ليها فضيلة عشان ترضى تديني الحاجات العندها وبعد كدة وشي ما حتشوفوه " " ما تخافي يا اماني ساريا مستحيل تربط بينك وبين الشئ الحيحصل .. انتي بس امشي واسمعي كويس وخلي بالك من كل التفاصيل حانتظر رنتك قبل ما تصلي الداخلية ما تتاخرى علي يا اماني انتي عارفة الموضوع دة بيعني شنو بالنسبة لي "
12-04-2006, 04:13 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
تقع مزرعة البصيري في منطقة سوبا المتاخمة للبحر .. لها طريق خاص ومنعزل لا تعرفه الا القلة القليلة من خاصة حسن البصيري او اصدقاء ابنه امجد ... في وسط المزرعة المحاطة بسور عال بنيت فيلا على احدث طراز مكونة من طابقين طليت باللون الابيض الذي تضارب مع القرميد الاحمر في السقوف المنحنية على الطراز الانجليزي القديم ... صنع الاثاث خصيصاً في اسبانيا مما جعلها تحفة تسر النظر من الداخل والخارج ... امام الفيلا مباشرة بني حوض السباحة الكبير على شكل دوائر متصلة ببعضها البعض ويصب فيها الماء من شلال ينحدر من اعلى جبل صناعي تم بناءوه بدقة ليبدو كالحقيقي .. انتشرت في الجو رائحة الازهار والفواكه الناضجة فقد توزعت اشجار المانجو والبرتقال والجوافة بنظام هندسي بديع على تلال الحشيش الاخضر ... الاضاءة المبتكرة احالت الليل الى نهار ... صوت الموسيقى الناعمة يتردد مختلطا باصوات الضحكات المتعالية .. في بوابة المزرعة التي تفتح آلياً جلس رجل الامن في غرفة زجاجية صغيرة يراقب رتل السيارات الفخمة القادمة في الطريق الضيق كان عليه ان يدقق مع قائد كل سيارة حتى يتاكد من وجود بطاقة الدعوة الصغيرة منعا لتسلل المتطفلين كان شابا قوي البنية شديد السمار تشع عيناه ذكاء تخرج من الجامعة وجلس فترة طويلة وهو يبحث عن وظيفة ملائمة لتخصصه .. وعندما اعيته الحيلة والحاجة الى المال وافق على عرض قدمه له احد اصدقاء والده بالعمل كحارس في بوابة مزرعة حسن البصيري .. وبرغم رفضه لنوع الوظيفة الا انه اضطر لقبولها بعد ان تيقّن من استحالة الحصول على عمل آخر و بعد ان عرف مميزاتها .. كان الراتب مجزياً واكثر بكثير راتب أي وظيفة حكومية سعى لها .. تم اعطاؤه هاتف نقال وسيارة وكثيراً ما اتته الاوامر بالبقاء في الفيلا التي تجعله يشعر بانه انتقل الى عالم آخر لا يمت لواقعه بصلة .. وعند توقيع العقد وجد انهم قد وضعوا شروطاً غريبة جعلته يتخوف من قبول العمل ... كان فحواها ان يغمض عينيه ويصم اذنيه عن كل ما يسمع ويرى داخل المزرعة وان يكون مستعدا للعمل لفترات طويلة قد تمتد الى يومين متواصلين في حال وجود ضيوف .. الشرط الاغرب كان تعهده بعدم ابلاغ أي كان عن مكان وطبيعة عمله ... في النهاية وتحت وطأة الحاجة الى الوظيفة قبل العمل واقنع نفسه بان منصب صاحب المزرعة الحكومي الرفيع ربما يتطلب تطبيق اجراءات استثنائية لموظفيه ... والتزم بالشروط حرفياً فاعتاد على الحفلات التي تقام حتى الصباح واحيانا لمدة ايام متتالية وتعلم كيفية ان يغمض عينيه عن كل ما يجري امامه من اشياء لو تجرا وحكى عنها لوصف بالجنون .. عزل نفسه في القفص الزجاجي قرب البوابة وتظاهر بالجهل والغباء فكسب ثقة صاحب المزرعة وارتفع راتبه الضعف في فترة قصيرة ..
12-04-2006, 04:15 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
كان يتامل المدعوات اللاتي تتراوح اعمارهن ما بين السادسة عشرة ومنتصف العشرين وكن يحمن كالفراشات في ممرات المزرعة وحول حوض السباحة .. ويبدو المنظر وكانه عرض فخم للازياء الراقية والغالية الثمن وتجلت المنافسة فيمن تكشف اكبر مساحة من جسدها او ترتدي اقصر فستان ...رائحة العطور الفرنسية تتمازج بتناغم ناعم وتملا الجو بعبير غامض ... خلف الحوض بنيت تعريشة طويلة باعواد الخيزران المنسوج باتقان وتسلقت عليها اشجار العنب واللبلاب ...من بين الفتحات تدلت العناقيد الناضجة وهي تعكس ضوء المصابيح الصغيرة التي اندست وسط الفروع ... على طول التعريشة وضعت طاولات مفروشة بالحرير الابيض وصفت عليها الاواني المغطاة وهي ترتكز على قاعدة مفتوحة اوقدت تحتها نار هادئة لتسخين الطعام ... كان هناك بار صغير في آخر الممر ملئ بالمشروبات الروحية المستوردة وكؤوس الكريستال الصغيرة التي ينعكس عليها الضؤ بالاف الالوان .. داخل احدى غرف الفيلا جلست ساريا وبين يديها مجموعة من الكاميرات تديرها بحرص وهي تتفقد الافلام وتعمل على ضبط العدسات ... ومن لحظة لاخرى كانت ترفع عينيها وتنظر الى مها الجالسة في طرف السرير العريض ويبدو عليها الضيق والضجر ... نظرت بحسد الى الفستان الذي ترتديه وعليه توقيع مصمم عالمي مشهور ... كان من الحرير الناعم بلون العاج يلتصق بجسدها الممشوق ويظهر ثنياته كانه جلد آخر .. مطرز في الاعلى بفصوص من الكريستال اللامع على شكل سيور رقيقة على الكتفين ... شعرها المرفوع الى الاعلى اضفى عليها مسحة من الارستقراطية .. كانت تبدو في غاية الجمال ... سالتها بصوت ناعم " مالك يا مها ؟؟ شكلك كدة ما مبسوطة الليلة ؟؟ مع انك كنتي متحمسة للحفلة دي لكن هسة قاعدة كانك مجبورة ..في شنو ؟؟ رفعت مها راسها ونظرت الى ساريا بغموض " ما عارفة يا ساريا فجاة جاتني زهجة غريبة من كل شئ وحاسة قلبي مقبوض وما عندي مزاج احضر الحفلة دي " ردت ساريا بسخرية " غريبة ؟؟!! مع انو الليلة دي بالذات مفروض تكوني مبسوطة ... واضافت بلهجة ذات مغزى .. ناسك كلهم جايين وعندك من هنا للصباح تعملي العاوزاه " جالت مها بنظراتها في الغرفة الفخمة ثم ركزت نظرتها على ساريا " تفتكري يا ساريا البنسوي فيه دة صح ولا غلط ؟؟
12-04-2006, 04:20 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
فؤجئت ساريا بالسؤال وصممت برهة وكانها تفكر في رد مناسب ثم ردت بصوت ينذر بالخطر " دي شنو دي ؟؟ صحوة ضمير مفاجاة ولا شنو ؟؟ يا حلوة خلاص فات الاوان على اننا نسال السؤال دة .. بدا صوتها يعلو بعصبية ... وبعدين اسالك سؤال منو البيحدد الصح والغلط ؟؟ احنا ؟؟ احنا مبسوطين كدة واي شئ بيبسطنا يبقى صح .. تاني منو ؟؟ أهلنا ؟؟ ابوي الما عنده شغلة غير الجري ورا النسوان وصرف قروشه عليهم ولا امي الخلتنا من احنا اطفال ومشت عرست ليها راجل تاني وولدت ونستنا خالص ؟؟ ابوكي الما جايب خبرك ولا امك العايشة في عالمها الخاص ؟؟ كانت لهجتها تزداد حدة بمرور الوقت " قولي لي تاني منو ؟؟ المجتمع والناس الحوالينا ؟؟ المجتمع عارف وشايف وساكت ما تساليني ساكت ليه لاني ما عارفة .. اهو ساكت وخلاص .. الناس الحوالينا ؟؟ ياتو ناس ؟؟ الاحنا منهم ولا الباقيين ؟؟ الاحنا منهم ما بيقدروا يقولوا علينا غلط عشان ما يشوفوا نفسهم غلط بالعكس هم محتاجين لينا اكتر مما احنا محتاجين ليهم والفرق بينا وبينهم انه هم متدسيين ورا اوهام الطهر والنقاء وهم اوسخ خلق الله .. لكن احنا معترفين وعارفين روحنا شنو ... باقي الناس ؟؟؟ ديل احنا بالنسبة ليهم صور باهتة وعالم غريب ما عاوزين يعرفوه ولا يصدقوا انو موجود .. وحتى العارفين والمصدقين بينكروا ويقولوا لا .. احنا ما عندنا كلام زي دة ... احنا مجتمع محافظ ... نضيف .. دي كلها اشاعات مغرضة ..ضحكت بمرارة ..ههة.. بيدسوا راسهم في الرمل زي النعام عشان ما يشوفونا .. وبما انهم ناكرين وجودنا احنا كمان ما بيهمنا رايهم ولا تفكيرهم . كان صوتها قد اصبح مبحوحاً من شدة الانفعال .. وفي عينيها بدت لمعة غريبة كانها دمعة حبيسة وصمتت فجاة بعد ان استنفذت طاقتها في الكلام ثم تمتمت " الله يلعنك يا مها انا كنت مبسوطة لغاية ما رميتي كلامك الزي السم دة وعكرتي مزاجي .. يا ريتك لو ما جيتي انتي لمن حاسة كدة الجابك شنو ما كنتي تقعدي في بيتكم ؟؟ هزت مها كتفيها وواجهت نظرات ساريا بتحدي " انا بس شايفة انو الحتعملوه في فضيلة دة كتير شديد يا ساريا وحرام ... قاطعتها ساريا بغضب جارف " تحرم عيشتك .. انتي يا مها جاية توريني الحلال والحرام ؟؟ انتي نسيتي دورك كان شنو في الموضوع دة ؟؟ هسة عاوزة تعملي لي فيها واعظ ؟؟ هوي يا مها .. فوقي وشوفي انتي بتتكلمي مع منو .. الحركات دي تعمليها على الناس التانيين الما عارفينك انتي شنو .. ما تعمليها على انا .. وبعدين تعالي شنو ماسكاني فضيلة فضيلة ؟؟ هي دي اول مرة نسويها ؟؟ ما جرّينا غيرها كتار .. اشمعنى دي يعني البقت ليك حارة ؟؟ شنو السر الفيها ؟؟ ولدهشة ساريا الشديدة اجابت مها بصوت باك ودموعها تسيل على خديها " يمكن لاني كنت باتمنى اكون زيها .. بنفس اخلاقها ومبادئها .. نفس نضافتها وطهرها .. بافكر انا هسة شنو وكيف وليه بقيت كدة ؟؟ انعقد لسان ساريا من وقع الكلمات الحارة ثم انفجرت بصوت كالرعد " غوري من وشي يا مها قبل ما ارتكب فيك جريمة .. اطلعي برة ... ما عاوزة اشوفك قدامي" وهبت واقفة حتى خيل لمها انها قد تضربها فهرولت خارجة من الغرفة واغلقت الباب وراءها واستندت عليه بضعف وهي تجيل النظر فيما يدور حولها وازداد احساسها بالضياع مما تراه .. فتيات في عمر الزهور بملابس تكشف اكثر مما تغطي في اوضاع مخجلة .. شباب يحملون كؤوس الخمر وقد لعبت برؤوسهم فيتكلمون ويتصرفون بلا وعي .. مخدرات توزع بسخاء ... ابواب الغرف تفتح وتغلق في حركة دائبة .. ضحكات خليعة وهمسات مريبة .. احست براسها يدور وانفاسها تنحبس داخل حلقها وكان مرضا ألّم بها .. غمرها الخوف فتحاملت على نفسها وبخطوات متثاقلة جرت قدميها وخرجت وهي تجاهد لالتقاط انفاسها .. اتجهت الى سيارتها وبهدؤ قادتها الى خارج المزرعة .
12-05-2006, 03:06 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
كانت الساعة قد شارفت الحادية عشرة مساء ومبنى الداخلية ينعم بالجو المعتاد في هذا الوقت ... خطوات اماني القلقة تزرع ارضية الحمام الضيقة جيئة وذهاباً وهي تحمل بيدها زجاجة مليئة بسائل يميل لونه الى الاخضر ... كانت ترفعها وتنظر اليها ثم تواصل حركاتها الرتيبة فقد كان عقلها يستعيد تعليمات ساريا في آخر لقاء بينهما . " الطريقة الوحيدة عشان تقنعي فضيلة انها تطلع معاك في وقت متاخر انك تكوني عيانة بالجد مش تمثيل ومافي مفر من انك تمشي المستشفى ... صاحبتك بتاعت المبادئ دي ما حيهون عليها تخليكي براكي في وقت وظرف زي دة .. انا حاديك شراب تشيليه معاكي ولمن تجي الساعة حداشر بالضبط اشربيه حيعمل ليك مغص شديد ما تخافي واصرخي على قدر ما تقدري خليها تحس انك فعلا بتتالمي واكيد هي الحتعرض عليك تمشوا المستشفى .. مفعول الشراب بيظهر بعد نص ساعة او اقل .. يعني لغاية 11:30 تقريباً وبما انو الوقت متاخر حيكون صعب تلاقوا تاكسي .. اقنعيها انك حتتصلي بواحدة من البنات البتعرفيهم عندها عربية عشان تجي وتوديكم وهي لمن تقولي ليها بت اكيد ما حترفض ... انا حارسل ليكم عربية والزولة السايقاها عارفة تتصرف كيف .. انتي بس خليها تركب وهي مقتنعة انها ماشة معاكي المستشفى والباقي ما ليكي دعوة بيه " كانت اماني متخوفة من عدم امكانية تطبيق الخطة حسب ما تريد ساريا فيقع اللوم عليها " طيب يا ساريا لو انتبهت انو الطريق مختلف ؟؟ انتو قلتوا المزرعة بعيدة وهي اكيد حتحس اننا ما ماشيين لدكتور اذا الطريق طال شديد .. يمكن تصرخ وحتى تفتح الباب وتنط ... انتي ما بتعرفي فضيلة هي زكية وحتفهم الحاصل شنو ويمكن تفضل الموت على انها تجي مكان ما عاوزاه " ردت ساريا باستهزاء " ما تخافي احنا عاملين حسابنا على كل حاجة ... العربية احدث موديل ومظللة شديد يعني ما أي شئ بيظهر من برة .. القفل بتاعها مركزي ولو كسرت رقبتها لا تقدر تفتح القزاز ولا الباب ولو ملت الدنيا صراخ ما في زول بيجيب خبرها .. المهم انتي اشغليها بيك وبحالتك لغاية ما تطلعوا برة شوية وبعد كدة في الخلا داك خليها تسوى البتقدر عليه " " يا ساريا حتى لو وصلنا المزرعة ممكن تصرخ وتجري وما تقدروا تمسكوهها " كانت ساريا قد بدات تشعر بالسام من مجادلة اماني فردت عليها بحدة " اماني بطلي النقة الكتيرة ... المزرعة دي عالمنا احنا وزي ما بيقولوا الداخل فيها مفقود والطالع منها مولود .. هي لو وصلت هنا خلاص ما عندها مفر ... مهما جرت حتمشي وين ؟؟ الا اذا كانت عاوزة تبقى وليمة لكل من هب ودب في المزرعة ... صدقيني هي لمن تشوف الوضع براها حتمشي مع امجد بدل ما اخلي كل الكلاب الهنا تنهشها . واضافت ساريا بحنق " بس لو ما امجد رفض فكرة اننا نخدرها لغاية ما توصل هنا كنا ارتحنا من مشاكل وتعقيدات كتيرة .. قال شنو .. عاوزها واعية وفايقة عاوز يحس بكل حركاتها وما بيهمه لو صرخت لانو عارف ما في زول بيتجرا ويدخل الاوضة .. وهو زاتو الوقت داك منو الفاضي ولا واعي عشان يسمعها " وصمتت اماني وهي لا تجروء على مجرد التفكير فيما يمكن ان يحدث لو لم يلتزم عبد الفتاح بوعده في اخراجهم من هذه الورطة قبل وصولهم الى المزرعة .. وما ان خرجت من بيت ساريا واستقلت سيارة الاجرة حتى اتصلت به واخبرته بكل التفاصيل ... لقد شلّ الخوف تفكيرها من قتامة الصورة التي رسمتها ساريا لفضيلة .. استمع لها فتاح بكل انتباه ثم اخبرها ان تتبع خطة ساريا بحذافيرها ولكن عليها ان تتصل به قبل ان تشرب الشراب فاجابته بخوف حقيقي " فتاح انت عارف لو ركبنا العربية دي معناها شنو ؟؟ معناها خلاص ما في أي شئ تاني ممكن يخلصنا .. انت متاكد انك بتقدر تتصرف قبل ما نوصل المزرعة ؟؟ كانت لهجة فتاح حازمة " اماني انتي لسة ما عرفتيني كويس ... ويمكن ما قادرة تتخيلي انا ممكن اعمل شنو عشان احافظ على فضيلة مستحيل اخلي أي انسان يلمس شعرة من راسها عشان كدة امشي في الموضوع وتاكدي انو ما في شئ حيحصل ليكم " لحظتها احست بالحزن لانه لم يخفي دافعه فهو يفعل كل هذا من اجل فضيلة فقط ولم يذكرها .. لكنها ابتلعت حسرتها وذكرّت نفسها بانها تستحق كل ما يحدث لها .. ليس مهما ان يراعي عبد الفتاح مشاعرها ... المهم ان ينقذهم من هذا الوضع .
12-05-2006, 03:09 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
مع دقات الساعة الحادية عشر توقفت خطواتها .. وبتردد هزّت الزجاجة وفتحتها وعلى الفور تصاعدت منها رائحة كريهة كانها اعشاب متعفنة ... اغمضت عينيها وسدت انفها بيد وبالاخرى تجرعت السائل دفعة واحدة .. احست برغبة في التقيؤ لكنها تماسكت واغلقت فمها باحكام حتى ابتلعت كل الشراب وضمنت وصوله الى معدتها ... وبخطوات مترنحة اتجهت نحو الغرفة . عندما فتحت الباب كانت شاحبة كالاموات وجسدها يرتعش بقوة مما جعل فضيلة تقفز على قدميها وتتقدم نحوها وهي تسالها بانزعاج واضح " مالك يا اماني ؟؟ ليه شكلك كدة ؟؟ انتي عيانة ؟؟ حاسة بشنو ؟؟واحاطتها بذراعيها بحنان جعل الدموع تطفر من عيني اماني وتزايد خوف فضيلة وعلى صوتها القلق استيقظت الفتاة الاخرى ورمقتهم باستغراب " في شنو يا جماعة مالكم ؟؟ ردت فضيلة " معليش ازعجناك لكن اماني عيانة شديد تعالي ساعديني نختها في السرير " وخلال فترة قصير بدا الالم يقطع احشاء اماني وغمرها العرق وانتفض جسدها بشدة وتعالت اناتها .. كانت فضيلة تشعر بالعجز امام حالة اماني المتدهورة فجلست قربها تحتضنها وتمسح العرق بيديها وهي تخاطبها " الليلة انتي اكلتي وين واكلتي شنو ؟؟ يكون تسمم ؟؟ لازم نمشي المستشفى حالاً انا حاقوم البس واجي البسك يا اماني " وتطوعت الفتاة الاخرى بالذهاب ايضاّ وهي تردد " الله اعلم نلاقي لينا تاكسي زي المواعيد دي " ومن بين انقباضات الالم تكلمت اماني بصوت ضعيف " هاتي تلفوني من الشنطة يا فضيلة " التفتت الفتاتان بدهشة لطلبها " اماني !! تلفون شنو هسة كدي خليني البسك عشان نمشي سريع قبل ما تتعبي اكتر من كدة " صرخت اماني من فرط الالم ومدت يدها تسحب حقيبتها وبعناء استطاعت ان تخرج جملة مترابطة " هاتي التلفون حاتصل بواحدة صاحبتي عندها عربية تجي تودينا .. ما حنلقى تكسي في الوقت دة " رمقتها فضيلة بقلق فهي لا ترتاح لركوب سيارة غريبة حتى لو كان السائق فتاة .. ولكنها امام حالة اماني الحرجة لم تكن تملك الا الموافقة فاعطتها الهاتف وباصابع مرتجفة ضغت اماني على الرقم الذي اعطته لها ساريا لياتيها الرد فوراً .. وطلبت منها اماني الحضور بسرعة فقد كان الالم اقوى مما تخيلت وفاق قدرتها على التحمل .. احست وكان الحياة تتسرب من جسدها رويداً رويداً .. وبدات تفكر بان هذه قد تكون آخر لحظاتها في الدنيا .. وبدات تنتحب بصوت عال لفت انتباه جميع الغرف القريبة فاتت البنات وهن يتدافعن لمعرفة ما يدور ... كانت فضيلة تبكي لالم صديقتها وهي تواسيها .. اصبري يا اماني هسة نمشي المستشفى ويعالجوك وتبقي كويسة .. كانت تتطلع الى الساعة بقلق فقد مضت ربع ساعة منذ الاتصال اين هذه الفتاة ؟؟ وكأن الهاتف تجاوب مع تفكيرها فارتفع رنينه وردت زميلة الغرفة لتعلن وصول صاحبة السيارة ... نظرت اماني من بين دموعها وهالها العدد المتجمع من البنات امام باب الغرفة وعلى راسهم المشرفة على السكن وقد تطوع الجميع لمرافقتهم مما اشعرها بالياس فهمست في اذن فضيلة " فضيلة انا ما عاوزة أي زول يمشي معاي المستشفى غيرك .. ما تخلي زوي تاني يمشي معانا بس انتي يا فضيلة " واندهشت فضيلة من طلب اماني الغريب فقد ارادت ان تحظى برفقة زميلاتها والطمانينة التي توفرها في هذا الوقت المتاخر من الليل لكنها لم تجادل اماني خوفا عليها واعتذرت من الجميع برقة مؤكدة لهم بان صديقة اماني سوف توصلهم الى المستشفى وتعيدهم منها .. وساعدت اماني على النهوض وامسكتها باحكام وبخطوات وئيدة سار الجميع حتى الباب الخارجى حيث توقفت سيارة حديثة الطراز باللون السماوي الفاتح ونزلت من امام عجلة القيادة فتاة جميلة وانيقة .. فتحت الباب الخلفي فدخلت فضيلة واجلست اماني ووضعت راسها على حجرها لتهدئة ارتعاش جسدها وتحركت السيارة تحت نظر المجموعة القلقة التي رافقتهم حتى الباب.
12-05-2006, 03:35 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
الفصل الرابع عشر كانت عروق ساريا تنتفض غضباً اثر نقاشها الحامي مع مها ... احست بتزايد حقدها تجاه فضيلة التي تسببت في وقوف صديقتها بوجهها لاول مرة خلال علاقتهما الطويلة .. كانت تحمل سيجارة بيد وكاس بالاخرى .. وبلا انذار فتح باب الغرفة والتفتت لترى امجد واقفا ويبدو عليه التوتر والانتشاء فقد شرب عدة كؤوس منذ وصوله وفقدت عيناه برودهما المعتاد ولمعتا ببريق حاد تعرفه ساريا حق المعرفة وراته في عدة مناسبات .. كان جسده متوترا كنمر يستعد للانقضاض على فريسته ومن خلال قميصه المفتوح حتى منتصف صدره رات ساريا تقلصات عضلاته القوية ... كانت تمسحه بعيون متفحصة وركزت نظراتها على منطقة معينة من جسده ثم ابتسمت بخبث وهي تخاطبه " امجد اهدا شوية .. كدة ما حينفع ... الجماعة ديل يادوبك اتحركوا من الداخلية ومحتاجين اقل شئ نص ساعة عشان يوصلوا هنا .. وبعد كدة احنا ما عارفين حنتعامل كيف مع الاسمها فضيلة دي ... قالوا عنيدة شديد وممكن تفضل الموت ولا تديك أي شئ برضاها ... رد امجد بلامبالاته البغيضة " موت ؟! موت شنو ؟! كلهم بيقولوا كدة في البداية .. وبعد شوية بيكونوا ميتين في حاجة تانية ...بس انتو وصلوها لي هنا وخلوا الباقي عليّ ... والتفت بحركة عصبية " هم اتاخروا ليه يا ساريا ؟! انا تعبان وحاسي روحي حانفجر .. اضربي ليهم تلفون وقولي للزولة السايقة الشوراع فاضية زي المواعيد دي خليها تسوق سريع " كانت حركاته القلقة وكلماته الموحية تنشر جوا غريبا في فضاء الغرفة جعل ساريا تتحرك تجاهه بنعومة وتشده الى الداخل وتغلق الباب ... تعلقت بيده وهي تتامل ملامحه الوسيمة " امجد .. تعال اقعد وروّق شوية انت بحالتك دي ما حتقدر تعمل أي حاجة ..ما تنسى انو البت ورقة جديدة ومحتاجة معاملة معينة وانت كدة ممكن تقتلها تحت ايدك .. خليني اهديك شوية .. وبدات تفك البقية الباقية من ازرار قميصه ويديها تتحرك بخبرة .. نظر اليها امجد بدهشة ... فساريا لا تعطي نفسها الا في حالات نادرة .. اضافة الى انها لا تجذبه من هذه الناحية لان ذوقه مختلف تماما عن تكوينها الصبياني النحيل .. لكنه لم يكن في حال يسمح له بالاختيار فتقبل تصرفها بامتنان لانه كان بحاجة فعلية للاسترخاء حتى يستطيع ان يتعامل مع فضيلة بهدؤ ... وسرعان ما تجاوب مع حركاتها الخبيرة لتدخله الى عالم يحفظان دروبه عن ظهر قلب ...
12-05-2006, 03:38 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
كانا منغمسين كلية لدرجة انهما لم يعيرا انتباهاً للصرخات الخائفة التي تعالت في الخارج .. ولا دبيب الاقدام الثقيلة وهي تقترب من باب الغرفة حتى انفتح الباب بعنف وضرب الحائط بصوت كانفجار قنبلة ... وقفز الاثنان برعب وهمّ أمجد باطلاق الشتيمة على من تجرا واقتحم عزلته لتواجهه نظرات صارمة لرجل يحيط به جو من السلطة فابتلع كلماته وتجمد في مكانه بينما انكمشت ساريا في طرف السرير وهي تتمسك بالغطاء وتحاول تغطية جسدها العاري .. تكلم الرجل بصوت عميق " مباحث أمن الدولة" والتفت الى آخر يرافقه " شيلوهم وختوهم مع الباقيين في العربات " يلا قوموا " وهنا فقط تشجع امجد وحاول ان يبدو بمظهر القوي المتماسك ووجد صوته ليخاطب الرجلين " انتو منو الاداكم الاذن تدخلوا هنا ؟؟ انتو عارفين انا منو وابوي منو ؟؟ احسن ليكم تنسحبوا من سكات والا بتلفون واحد بكرة كلكم بتلقوا نفسكم في السجن ... وانحشرت بقية الكلمات في حلقه عندما راي النظرة الغريبة للرجل الذي كان يتقدم نحوه بخطوات ثابتة ومتحفزة "انعل ابوك وابو اليوم الخلى واحد زيه يقعد في مكان زي دة .. هو احنا الرجعنا ورا شنو غير نوعية ابوك دي ؟؟! ورفع يده الخشنة وهوى بها على وجه امجد بقوة جعلته يشهق وطعم الدم يملا فمه .. ووجه كلماته الى ساريا التي شارفت على الاغماء " قومي يا بت البسي هدومك ولا عاوزة تمشي كدة ؟؟ احست ساريا بخوف لم يرادوها طيلة حياتها ... اصبح جسدها كالهلام ... ولاول مرة منذ فترة طويلة يعود اليها ذلك الاحساس البغيض بعدم الامان وفقدان الثقة في نفسها وفي الظروف التي تحيط بها .. احساس كانت تظن انها قد تجاوزته منذ سنوات طويلة .. تحديدا منذ انفصال والديها وزواج امها برجل آخر ... كانت تنظر الى رجل المباحث بذعر واصابعها تقبض باحكام على الملاءة التي تلف بها جسدها .. رمى لها احد الرجلين ملابسها التي كانت مبعثرة في الارض وعقد ذراعيه ووقف يراقبها .. كانت تتعثر كطفلة صغيرة لا تعي ما يدور حولها فخاطبها الرجل ساخراً " مالك ؟؟ خجلانة ؟؟ هو نوعكم دة بيعرف الخجل ؟؟ يلا يا بت خلصينا ولا اجّرك من شعرك واوديك كدة ؟؟ وكان الآخر يعطي امجد ملابسه فامره الذي يبدو اعلى سلطة ... خليه يلبس الملابس الداخلية بس ويطلع البوكس كدة عشان نشوف ود منو حيعمل لينا شنو ؟؟ عندما خرجوا من الغرفة كانت ممرات الفيلا وطرقات المزرعة تعجّ بالرجال الصارمين وهم يقودون الفتيات المنهارات والرجال المذهولين الى سيارت الشرطة التي اصطفت في شريط طويل ... كانت علامات الصدمة مرسومة على كل الوجوه لم يكن احد يدري ماذا يجري أو لماذا اتت الشرطة ؟؟ بعض الفتيات اغمى عليهن من الخوف مما جعل وضعهن في السيارات اكثر صعوبة ..حتى حارس البوابة كان مذعوراً فعندما راي السيارات القادمة ظنها مزيدا من الضيوف وخرج من قفصه الزجاجي ليتحقق من الدعوات ليفاجا بسيارات الشرطة وهي تتبع بعضها بصمت وهدؤ ... امروه بفتح البوابة ولم يكن امامه خيار سوى الامتثال لاوامرهم وظل يراقبهم باستسلام وهم يداهمون الغرف والبقع المظلمة في المزرعة فجلس على الارض وهو يرى كل شئ حوله يتهاوى ولم تاته الجراة للاتصال بمالك المزرعة ليخبره ما يحدث ... وفي لحظات تم ضبط كل ما وجد من مشروبات روحية ، محدرات ، اجهزة الفيديو والافلام .. وخلال ساعة واحدة كانت المزرعة قد غرقت في ظلام دامس وصمت مميت ..
12-05-2006, 05:13 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
كان قسم الحوادث في مستشفى الخرطوم يعج بالحركة اثر وقوع حادث تصادم بين حافلة تحمل اسرة كاملة كانت في طريق عودتها من حفل عرس وسيارة صغيرة فقد قائدها السيطرة عليها نتيجة السرعة الزائدة مما ادى لمقتله هو وزوجته التي كانت تجلس في الكرسي المجاور على الفور في مكان الحادث كما اصيب معظم ركاب الحافلة اصابات بعد ان انقلبت الحافلة الصغيرة من شدة الصدمة .. انتشرت الدماء في كل مكان وتعالى أنين الجرحى وحشرجات المحتضرين ... كان الجو مشبعاً برائحة الموت . أحست فضيلة بالضياع وسط هذه الفوضى .. كانت تسند اماني التي اصبحت كالخرقة البالية بكلتا يديها وهي تنادي طلباً للمساعدة .. لم يعرها احد انتباهاً فقد كان الجميع منهمكين في انقاذ مصابي الحادث .. لم تدري الى اين تتجه وبمن تستغيث بعد ان هجرتهم صديقة اماني عند بوابة المستشفى وولت الادبار كانها تهرب من عدو يلاحقها .. احست فضيلة بغرابة الموقف لكن وضع اماني المتدهور لم يترك لها مجالاً للتفكير .. فمنذ ان استقلوا السيارة لم تنطق الفتاة كلمة واحدة كانت تقود ببراعة وسرعة فظنت فضيلة انها تركّز على الطريق أمامها .. ثم بدات اماني تتقيأ باندفاع شديد اغرق كل شئ حولها ووصل رزازه الى عجلة القيادة مما جعل الفتاة تسب وتلعن بصوت مسموع وهي تخاطب اماني الفاقدة الوعي " يا الله وسختى لي العربية ... دة جلد اصلي الانتي استفرغتي فيه دة ... ما كان تستفرغي برة ولا تنتظري لمن نوصل ... هسة الريحة دي البيطلعها شنو ؟؟ الا اغيّر فرش العربية كلو " احست فضيلة بالحرج وتمتمت معتذرة ... معليش هي ما حاسة بروحها وانا حانضف ليك العربية اول ما نوصل المستشفى ... حدجتها الفتاة بنظرة غاضبة خلال المرآة ولم تكلف نفسها عناء الرد وظلت تهمس بعبارات الاستياء التي جعلت فضيلة تفكر " سبحان الله ... العربية ولا البني آدم ؟؟ دي صاحبة شنو دي يا اماني ؟؟ انتي عاوزة تموتي وهي بتفكر في الفرش الاتوسخ " وفجاة بدات اماني تنتفض بقوة وصرخت فضيلة عندما رات لونها يتحول الى الازرق الداكن ولم يعد بمقدورها السيطرة على حركاتها .. اوقفت الفتاة السيارة ونظرت الى الخلف وهالها منظر الفتاتين الغارقتين في سائل اخضر كريه الرائحة وجسد اماني الذي فقد لونه وينتفض بقوة .. احست بالرعب فما رأته امامها لا يبشر بالخير وبدات تفكر ماذا سيحدث لو ماتت اماني الآن في سيارتها ؟؟ لقد وافقت على طلب ساريا باحضارهما الى المزرعة لكن الوضع الحالي اصبح شديد التعقيد وهى تجزم بعدم امكانية الوصول الي هناك مع حالة اماني التي تسؤ اكثر فاكثر في كل لحظة تمر .. هي تدين لساريا بالكثير ولكن ليس لدرجة تحمّل وجود جثة فتاة لا تعرفها في سيارتها ... وهي لا ترغب بالتورط في مثل هذا النوع من المشاكل .. كانت لا تزال في وسط الخرطوم فكرت قليلاً ثم ادارت السيارة وعادت بها الى الاتجاه المعاكس نظرت اليها فضيلة بخوف " انتي راجعة ليه ؟؟ احنا لازم نوصل المستشفى سريع .. اماني تعبانة شديد " ردت الفتاة بحنق " ما احنا راجعيين المستشفى .. ولم تكن فضيلة في حال يسمح بالجدال فصبت اهتمامها على صديقتها التي اصبح جسدها باردا كالثلج .. وخلال بضع دقائق اوقفت الفتاة السيارة امام مبنى الحوادث وامرت فضيلة " يلا شيلي صاحبتك وانزلي سريع كفاية البلاوي الشفتها منكم " لم ترد عليها فضيلة وفتحت الباب وبدات في سحب جسد اماني وهي تفكر " ياتو نوع من الصحبات انتي الله يلعنك " وما ان انزلت قدمي اماني وهي تدور بعينيها بحثاً عن شخص يساعدها حتى قادت الفتاة سيارتها بسرعة كبيرة ودون ان تغلق الباب الخلفي .
12-05-2006, 05:16 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
اخيراً تطوع شاب لمساعدة فضيلة في ادخال اماني الى مبنى الحوادث وعندما راي ضحايا الحادث انتابه الشك في ان يهتم احد بحالتهما ... احس بالشفقة تجاه الفتاتين فاجلسهما واخبر فضيلة انه سوف يغيب بحثا عن احد اقربائه الذي يعمل طبيبا بالمستشفى ليعاين اماني ... وفي غيابه حاولت فضيلة ان تنادي احدى الممرضات لتشرح لها حالة صديقتها وتطلب عونها .. فرمقتها الممرضة بغيظ وردت عليها باستهزاء " الناس بتموت من حادث حركة وانتي بتقولي لي المعاك عندها مغص ؟؟ وديها الحمام احنا ما فاضيين لدلع البنات الفارغ دة " وغادرت بدون ان تعطي فضيلة فرصة لتوضيح وضع اماني الحرج احست فضيلة بالعجز وقلة الحيلة وسالت دموعها بغزارة .. من بعيد ظهر الشاب برفقة طبيب لا يكبره كثيرا في السن ... ونقلوا اماني الى احدى الحجرات الضيقة المتسخة .. وطلب الدكتور من ممرضة تنظيف الفوضى الناتجة عن التقيؤ حتى يستطيع معاينة اماني " الزولة دي شكلها متسممة ولازم نعمل ليها غسيل معدة حالاً ... كل الاعراض بتقول تسمم حاد .. انشاء الله نقدر نلحقها " اتت الممرضة مهرولة وهي تلهث " يا دكتور ما في أي غرفة عمليات فاضية بسبب الحادث الا ننتظر شوية " رد الدكتور بقلق " ما في طريقة ننتظر لو السم اتمكن منها اكتر من كدة حيفوت الاوان على انقاذها ... اقعدي معاها وانا حاتصرف " ركض خارج الغرفة وفضيلة تتبعه بعيون غائمة ..كانت تمسك بيد اماني وتحاول افاقتها " اماني قومي .. وريني مالك .. فيك شنو ؟؟ اصحي يا اماني ... اتكلمي معاي .. كانت تنظر الى عيني صديقتها المغمضتين بامل ولهفة .. وعندما جاوبها الصمت انهارت قواها وانخرطت في البكاء .. نظرت اليها الممرضة بفضول وهي تتامل خصلات شعرها التي انتشرت بفوضى آسرة على وجهها الجميل وسالتها " اختك ؟؟ " اومات فضيلة ايجاباً بعد ان اختفى صوتها من شدة البكاء... وهمست الممرضة لنفسها " سبحان الخالق الاداك الجمال دة كله .. الله يحفظك من العين الحاسدة يا بتي " .. رجع الطبيب وبانفاس مقطوعة قال للمرضة " يلا اسحبي معاي النقالة لقيت ليها غرفة عمليات فاضية " وتدافع الجميع لجَر النقالة في الممرات الطويلة القذرة حتى وصلوا الى غرفة بدت وكانها مهجورة .. ودخل الطبيب والممرضة بعد ان امر فضيلة بالانتظار خارجاً .
صدرت صحف الصباح التالي ونبأ ضبط الشبكة التي تدير اعمالاً منافية للآداب يتصدر عناوين الصفحات الاولى .. كان الباعة المتجولون يحملون الصحف وهم يهتفون " تعالوا اقروا .. شبكة اولاد العزّ ... التفاصيل الكاملة " سجلت مبيعات الصحف في ذلك اليوم اعلى مستوى لها .. حتى الذين اعتادوا على تاجير الصحيفة او قراءتها وقوفا امام الباعة لم يستطيعوا مقاومة اغراء العناوين المثيرة فقاموا بشرائها ( مداهمة مزرعة مسئول حكومي كبير بعد بلاغ من مجهول ) ( تورط ابناء شخصيات بارزة في الشبكة التي تم القبض عليها ) (احراز وضبط كميات كبيرة من الممنوعات داخل مبنى المزرعة ) غطت هذه الاخبار على كل ما عداها من احداث محلية وعالمية فلم يهتم احد لخبر حادث التصادم الاليم الذي نتج عنه وفاة عشرة اشخاص كما مر مرور الكرام نبا وفاة طالبة جامعية بحالة تسمم غذائي حيث استبعدت الشرطة احتمال الشبهة الجنائية وقررت تسليم الحثة الى ذويها . خرجت القرية الصغيرة عن بكرة ابيها لاستقبال جثمان اماني وقد هزت صدمة وفاتها المفاجئة الجميع بلا استثناء .. لم يستطع والدها المنهار ان يذهب لاستلام جثة ابنته الشابة التي كان يعقد عليها امالا عريضة بعد تخرجها من الجامعة .. فتطوع الكثيرون من اهل القرية للذهاب .. تراصت النساء عند مدخل القرية وارتفعت اصوات العويل .. حتى الرجال والاطفال سالت دموعهم عند سماع كلمات اخواتها المنغمة وهن يخاطبن شقيقتهن التى خطفها الموت في غفلة من الجميع.. وانهارت معظم النساء لحظة انزال الجثمان من السيارة تمهيدا لغسله ودفنه ... ومع الحزن الغامر اطلت الشفقة من عيون الجميع عند رؤية فضيلة المذهولة .. لم تكن تبكي بصوت مسموع ولكن على خديها الشاحبين انحفر اخدود من الدموع .. بدت وكانها تقدمت بالعمر عشر سنوات دفعة واحدة ... كانت تتحرك بصعوبة وهدؤ مخيف ... ارتمت بين ذراعي امها التي ضمتها طويلا وهي تحاول حملها على البكاء فقد اخافها صمت ابنتها الغريب .. وظلت فضيلة تتنقل بين الاذرع المواسية لفترة طويلة وهي لا تعي ما حولها فمنذ اللحظة التي خرج فيها الطبيب من غرفة العمليات منكساً راسه احست بان شيئا ما قد حدث لاماني .. حاول ان ينقل لها الخبر برقة ولكن كيف يكون خبر فقد الاحباب رقيقا ؟؟ " أنا آسف والله بذلت كل مجهودي لكن قضاء رب العالمين سبقنا .. السم كان خلاص اتمكن منها والغسيل ما جاب نتيجة ... اصبري واحتسبي .. الله يرحمها ويغفر ليها ... احنا حنتفظ بالجثة لغاية الصباح ولازم نبلغ البوليس .. بعد ما تخلص الاجراءات هم حيوضحوا ليك متين ممكن تجوا تستلموها .. انا حاكتب في تقريري انو تسمم غذائي .. واضح انها اكلت شئ لانو السائل الطلع كان تقريبا اعشاب وبقايا اكل عشان كدة انا شايف ما في داعي للتشريح الا اذا كان للبوليس وجهة نظر تانية " وصمت الطبيب عندما احس بانه يكلم الفراغ فقد تجمدت فضيلة تماماً ولم تعد تسمعه منذ ان اخبرها بوفاة اماني .. صديقة عمرها .. رفيقة طفولتها وصباها .. مستودع اسرارها .. في تلك اللحظة كان شريط ذكرياتهما معا يمر في عقلها ويحجب عنه استيعاب حقيقة موتها والالم الناجم عنه ... كانت ملامحها صورة مجسدة للحزن والصدمة مما اخاف الطبيب من احتمال تعرضها لانهيار عصبي .. فامسكها من ذراعها واجلسها على كنبة خارج باب الغرفة واسند ظهرها على الحائط ثم التفت الى الممرضة " جيبي لي حقنة مهدئة سريع وشوفي سرير فاضي حتى لو في عنبر وخلينا ننقلها لغاية ما يظهر زول بيعرفهم .. انا ماشي اكتب التقرير وابلغ البوليس بالحالة ...
12-06-2006, 00:10 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
عندما استيقظت فضيلة وجدت الشمس تغمر وجهها من نافذة عريضة خلف السرير ومن حولها رات مجموعة من العيون القلقة الباكية .. كانت نظرات زميلات السكن والمشرفة تدل على علمهم بما حدث لاماني .. فقد اهمهم تاخر الفتاتين حتى الصباح فاتين في وقت مبكر لاستكشاف الامر .. وكان وقع الصدمة قاسيا على الجميع .. تمكنوا من نقل فضيلة الى السكن وتولت المشرفة امر الاتصال بالقرية لارسال من يستلم الجثمان ومعه فضيلة الغائبة في عالم آخر . احتاج اعادة فضيلة الى حالتها الطبيعية الكثير من الوقت والجهد .. فبعد ان تفرق الناس كل لحياته واصلت فضيلة صمتها المخيف ورفضت العودة الى الجامعة .. اعتزلت الجميع حتى شقيقها الحبيب محمد لم يستطع ان يخرجها من عزلتها وصمتها .. كان قلب والدها ينفطر حزناً كلما مر بالغرفة حيث تجلس متقوقعة في طرف السرير تحتضن المخدة وتنظر الى الفراغ.. واحست ست البنات بالقلق والحزن على فلذة كبدها وقتلها الخوف من فقدانها هي الاخرى .. كانت تتناوب مع زوجها للجلوس بالقرب من فضيلة وقراءة القرآن في راسها والتحدث معها لساعات طويلة وعندما يحل بهما الارهاق تاتي صفاء ومحمد ليحلوا مكانهم .. وعندما ظلت فضيلة على حالها استمع ابوها لمشورة كبار اهل القرية واقام عدة ليال لختم القرآن .. و رجع عبد الرحمن من السعودية مبتلعاً صدمته بفقدان اماني كي يواسي اخته المكلومة ... بعد مرور شهر على وفاة اماني استيقظت صفاء على صوت آذان الفجر مختلطاً بصوت آخر غريب لم تستطيع ان تتبينه في البداية .. كانت الغرفة مظلمة الا من ضؤ خفيف ياتي عبر شق الباب من الممر الخارجي .. احست بالخوف فقد كان الصوت مكتوما .. متألماً كانه حيوان جريح يعاني سكرة الموت ... ثم تعالى ليصبح نشيجاً عميقاً متواصلاً ..قفزت صفاء بفزع واضاءت النور لتجد فضيلة جالسة في منتصف سريرها وهي تحتضن المخدة و تنتحب بحرقة ولوعة .. كان جسدها الذي صار نحيلاً من شدة الحزن يتحرك الى الامام والخلف بعنف رتيب بينما انهمرت دموعها كالسيل ... تضاربت داخل صفاء مشاعر الفرح والالم والخوف على شقيقتها الحبيبة التي لم تسمع صوتها ولو همسا منذ فترة طويلة .. وصرخت تنادي " امي الحقي فضيلة بتبكي .. ابوي تعال فضيلة بكت .. وفي لحظة تدافع الجميع الى داخل الغرفة وتسمروا في اماكنهم وهم يرقبونها .. كان الاستاذ اول من تحرك فرفع راسه وتمتم بدعاء شكر مع نهاية الآذان ثم هرول الى سرير ابنته واحتضنها بحنان وهو يغالب الدموع التي ابت الا ان تسيل لتبلل لحيته تبعته ست البنات وصفاء وعبد الرحمن ومحمد ليجتمع منزل الاستاذ كله في سرير صغير ... تدريجيا بدات فضيلة تستعيد عافيتها وان ظلت شهيتها للاكل ضعيفة .. وبرغم قلة حديثها الا ان الجميع كان يحس بالسعادة عندما تنطق كلمة واحدة ... واجهشت ست البنات بالبكاء عندما رات شبح ابتسامة مرتسما على شفتي ابنتها وهي تستجيب لمداعبات شقيقها الصغير ... وبعد مرور شهرين على الوفاة ااصبحت فضيلة شبه طبيعية لكنها رفضت باصرار العودة الى الجامعة برغم محاولات اسرتها المستميتة لاقناعها بمواصلة دراستها ... وفي عصر احد الايام اتى والد اماني وطلب الانفراد بفضيلة وجلس معها وقتا طويلاً وعندما خرجت من الغرفة كانت عيونها منتفخة من البكاء لكنها اعلنت بانها سوف ترجع الى الجامعة في بداية الاسبوع القادم وتحاول ان تعوّض ما فاتها ... لم يسال أي منهم عن فحوى الحديث او كيف اقنعها هذا العجوز بما عجز عنه الجميع لمدة شهر كامل
12-06-2006, 00:13 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
الفصل السابع عشر عندما ظهرت فضيلة في مدخل الجامعة تجمع حولها الكثير من الزملاء والزميلات وهم يقدمون واجب العزاء ... ومن بعيد كان هناك شبح هائم بين الاشجار يرقب دخولها الذي انتظره منذ شهرين ... عبد الفتاح الذي جعله حبه لفضيلة ورغبته المفرطة في حمايتها يبلغ الشرطة عن من كانوا صحبه ... وحتى يضمن اخذ بلاغه بجدية سعى للحصول على رقم احد اقرباء والدته العقيد في مباحث امن الدولة .. واتصل به في هاتفه المتحرك من هاتف عمومي .. ودون ان يعّرف عن نفسه اعطاه معلومات كاملة عن مكان المزرعة وصاحبها والممارسات التي تحدث فيها ... وحتى يضمن وصول قوات الشرطة قبل السيارة التي تقل فضيلة واماني بفترة طويلة .. تطوع بتمرير معلومة كاذبة عن صفقة مخدرات ضخمة سوف يتم تسليمها في المزرعة عند الساعة الحادية عشرة مساء .. استغل اللغط الذي يدور عن استغلال حسن البصيري لنفوذه والسلطة الممنوحة له في تحقيق مكاسب خاصة اضافة الى تورطه في العديد من الصفقات المشبوهة .. وادرك ان المعلومة التي ادلي بها سوف توافق هوى الكثيرين الذين يرغبون في الحصول على دليل يدعم الشائعات مما يسمح برفع الحصانة عنه واخضاعه للتحقيق... لم يحس بتانيب الضمير لكذبته لانه في قرارة نفسه كان مقتنعا بانهم يستحقون ما سوف يصيبهم .. وعندما قرا الاخبار في صحف اليوم التالي احس بالارتياح واستطاع ان يغفو قليلاً بعد ليلة طويلة امضاها ارقاً وهو يفكر في كل الاحتمالات .. خصوصا بعد ان حاول الاتصال بهاتف اماني عدة مرات بلا فائدة .. ايقظه رنين الهاتف من نومه المتقطع لياتيه صوت مها المنزعج .. اصيب بدهشة حقيقية فقد تخيل انها ضمن المجموعة التي تم القبض عليها ورد عليها بصوت مذهول " مها ؟؟!ّ " وكانت لهفة مها للحديث اكبر من قدرتها على تمييز نبرة فتاح الغريبة " فتاح ؟؟ سمعت بالحصل ؟؟ انا ما قادرة اصدق .. حاسة اني باحلم .. احلم شنو ؟؟ دة كابوس .. مستحيل يكونوا قبضوا على ساريا وامجد وبقية اصحابنا .. وبدات تبكي بصوت هستيري فسالها عبد الفتاح بحذر " انتي مش كنتي هناك ؟؟ كيف قدرتي تهربي ؟؟ ومن بين شهقاتها شرحت له تفاصيل مشاجرتها مع ساريا والتي تركت بعدها الحفل وغادرت عائدة الى منزلها .. صمت عبد الفتاح فترة ثم رد عليها بصوت هادئ " تعرفي يا مها برغم كل شئ لكن انتي ربنا بيحبك لانو مرقك من هناك قبل ما يحصل الحصل دة " سكتت مها عن البكاء وتنهدت بعمق واجابته " والله يا فتاح انا ما بتذكر متين وقفت في مصلاية ولا صليت .. لكن الليلة الصباح لمن البت الشغالة جابت لي الجرايد وقريت الحصل اول شئ عملته مشيت اتوضيت وصليت .. قلت يمكن ربنا ما يقبل صلاتي لاني غلطت كتير في حياتي .. لكن برضه صليت وشكرته لانه طلّعني من الفضيحة دي وسالته يغفر لي .. واضافت بنبرة مستعطفة .. مش ممكن يغفر لي يا فتاح ولا خلاص ذنوبي بقت اكبر من الغفران ؟؟ ... لحظتها احس عبد الفتاح بسلام يغمر روحه من كلمات مها البسيطة المترجية واجابها بهدؤ " يا مها ان الله غفور رحيم وهو عالم بالجواك .. ولو انتي ولا انا ولا أي مخلوق رجع ليه بنية صافية اكيد حيغفر ويسامح " وكانما اراحتها كلمات عبد الفتاح وفتحت امامها بابا من الامل " يبقى انت برضه الله بيحبك يا فتاح عشان ما جيت من اصله .. الا انت ما مشيت ليه ؟؟.. رد فتاح بسرعة " أنا مشيت بس متاخر شوية ولمن وصلت هناك لقيت الموضوع خلاص انتهى " " طيب يا فتاح هسة حنعمل شنو ؟؟ حنتخلى عن ساريا وامجد ؟؟ مش لازم نقيف معاهم ؟؟ ديل برضوا اصحابنا .. " لا طبعا اكيد ما حنخليهم .. اول ما الامور تستقر ونعرف مكانهم بالتحديد نمشي نزورهم ونشوف الوضع كيف ..
12-06-2006, 00:16 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
كان عبد الفتاح يتابع تقدم ساريا البطئ وهو يسترجه وقائع زيارة ساريا وامجد كل في سجنه بعد اسبوع من القبض عليهم .. كان امجد حانقاً ولا مباليا وهو يتشدق .. " انا ما شايل هم .. بكرة ابوي يطلعني من هنا والكلاب العملوا كدة حيندموا على اللحظة الختوا فيها رجلهم جوة المزرعة " اما ساريا فقد كانت منهارة وضعيفة وفقدت هالة القوة التي كانت تحيط بها ... قابلتهم بعيون دامعة وكلمات منكسرة " تخيلي يا مها لا ابوي ولا واحد من اخواني جا زارني لغاية الان .. جاتني سهى مع امي بالدس منهم .. واضافت بسخرية ذكرت مها بصديقتها القديمة " اخيرا امي اتذكرت انو عندها بت وجات تشوفها .. بس يا خسارة بعد فوات الاوان " بعد الزيارة علموا بان حسن البصيري قد اوكل اكبر المحامين للدفاع عن امجد بينما اقنع عبد الفتاح والده بتوكيل محام عن ساريا بعد ان رفض والدها التدخل في الموضوع وكان يقول امام الجميع " دي لا بتي ولا باعرفها .. دي ختت راسي في التراب وكسرت ظهري .. انا ضحيت بكل شئ عشانها هي واخوانها ... رفضت اتزوج عشان ما اجيب ليهم مرت ابو تعذبهم .. نسيت نفسي عشان خاطرهم .. وفرت ليها شئ ...كان ناقصها شنو عشان تعمل كدة ؟؟ خلوها تدخل السجن عشان تتادب ... انا متبري منها ليوم القيامة " كانت القضية قد اصبحت قضية راي عام مما جعل اجراءتها تسير بسرعة وحددت لها جلسة قبل انقضاء الشهر ...قبل مواعيد الجلسة بيومين اختفى امجد البصيري من سجنه بطريقة غامضة ... وكثرت الاشاعات عن تورط عدد من رجال الشرطة في تدبير عملية هروبه خصوصا بعد تناثر الهمس عن المبالغ الطائلة التي دفعها والده لضمان تهريبه خارج البلاد قبل بدء المحاكمة ... كان ينتظر انفضاض الجمع من حوال فضيلة بصبر وهو يتذكر تلك الايام عندما فشل المحامي في تخفيف الحكم عن ساريا خصوصا بعد هروب امجد فنالت حكما بالسجن لمدة اربعة سنوات بينما تراوحت بقية الاحكام ما بين ستة اشهر وسنة لبقية المجموعة .. تذكر انهيار ساريا في القفص وبكاء سهى التي عصت اوامر والدها وحضرت المحاكمة .. بعدها باسبوع اتصلت به مها لتودعه فقد قررت السفر مع خالها المقيم بالمدينة المنورة والبقاء هناك لفترة " طيب والجامعة يا مها ؟؟ انتي باقي ليك سنة واحدة حرام تضيعيها وتمشي .. ردت عليه بحزن غريب عن طبيعتها " جامعة شنو يا فتاح ؟؟ هو احنا لينا وش تاني نخت رجلنا في الجامعة ؟؟ احنا محسوبين على بعض وقضية ساريا وامجد انتهت مننا كلنا .. يمكن دة يكون عقابنا في الدنيا خليك من عقاب الاخرة .. انا قررت امشي مع خالي عشان اقعد في مسجد الرسول واتشفع بيه لربي يمكن يغفر لي ذنوبي العملتها ..انت بس ادعي لي يا فتاح وانا كمان حادعي ليك احتمال ربنا يقبل دعانا .. يلا مع السلامة وخلي بالك من نفسك ولو يوم قررت تجي السعودية اكتب عندك دة تلفون بيت خالي .. اتصل بي وحاكون سعيدة اسمع صوتك واعرف اخبارك .. اعطته الرقم واغلقت السماعة .
12-06-2006, 00:18 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
كانت فضيلة قد وصلت الى منتصف الممر عندما انسل عبد الفتاح من وراء الاشجار وقطع المسافة الباقية بسرعة قبل ان تخونه شجاعته .. فمنذ ان سمع بوفاة اماني وهو يشعر بالذنب لانه حثها على المضي في الخطة التي تسببت بموتها .. كثيرا ما سكنت احلامه خلال الفترة الماضية واحس بانه لن يستطيع التخلص من هذا الاحساس الا بعد مصارحة فضيلة بكل ما حدث وطلب الصفح منها ان لم يستطع طلبه من اماني .. كما كان بداخله امل ضئيل ان تحس بمدى حبه لها بعد ان تدرك ما فعله من اجلها ... وبهذا الامل فقط استطاع ان يتحمل نظرات زملاؤه المستهجنة وغمزاتهم كل ما مرّ بهم وتجنبهم له كانه وباء معد .. لم يبال بالعزلة التي فرضت عليه فقد اعتادها ... لم يكترث بكل ما حوله واستمر في الحضور يوميا وكان يهيم في الممرات وبين القاعات بانتظار اليوم الذي تعود فيه فضيلة .. لقد طال انتظاره .. لكنها هاهي امامه .. لقد تغيرت كثيراً .. فقدت الكثير من وزنها واحاط بها جو ثقيل من الحزن انعكس في عينيها الجميلتين فبدتا اغمق لونا .. اكثر عمقا واشد لمعانا .. وكأن هناك دموع حبيسة تنتظر بلهفة كي تنهمر .. وبرغم هذا ما زالت رائعة الجمال .. اوجع حزنها قلبه وتمنى لو يستطيع ان يضمها الى صدره ويربت على شعرها .. تمنى ان يمتص المها ويخفف عنها ما تحس به .. فؤجئت فضيلة بجسد عبد الفتاح يسد عليها الطريق فرفعت راسها ونظرت اليه بشرود .. في البدء لم تتعرف عليه فهو ايضا تغير كثيرا خلال الشهرين الماضيين ...اصبح نحيلاً.. وتوارت ملامحه خلف لحية كثيفة تغطي معظم وجهه .. اختفت النظرات العابثة وحلت مكانها نظرة هادئة متاملة متضرعة .. مد يده وهو يخاطبها " ازيك يا فضيلة .. البركة فيكم .. وفاة اماني كانت صدمة لينا كلنا ... الله يرحمها ويغفر ليها .. ويصبرك على فراقها " بعد تردد مدت فضيلة يدها وبادلته التحية بصوت خفيض اذاب قلبه وسرت في جسده رعشة قوية عندما احس بملمس كفها الناعم وهو يغوص في عمق يده .. فاغمض عينيه حتى لا ترى مدى تاثيرها فيه .. وفتحهما عندما سمع صوتها القلق وهي تسحب يدها " انت من شلة ساريا مش كدة ؟؟ رد فتاح بسرعة " كنت ... هسة خلاص ما بقت في شلة زي ما اكيد عرفتي " نظرت اليه فضيلة بوجوم " عرفت ؟؟ عرفت شنو ؟؟ كان واضحا انها لم تسمع بالاحداث التي اعقبت موت اماني فاحس فتاح بالحرج واجابها وهو يتفادى النظر في عينيها " حصلت حاجات كتيرة يا فضيلة واتمنى لو تديني الفرصة عشان احكي ليك " هزت فضيلة راسها عدة مرات وردت عليه بحزم " معليش بس انا ما عاوزة اسمع أي شئ عنكم ... احنا الرابط الوحيد بينا كان اماني .. وتهدج صوتها وهي تضيف ...خلاص اماني راحت .. يبقى ما في داعي تحكي لي .. أي حاجة حتقولها ما بتهمني .. عن اذنك وراي محاضرة .. اعطته ظهرها وبدات المسير عندما سمعت كلمات فتاح التي جمدتها مكانها " حتى لو كان الحاقوله ليك عن اماني وسبب موتها ؟؟ ببطء شديد التفتت اليه وفي عينيها تعبير مصدوم وسالته بهمس متحشرج " سبب موت اماني ؟؟ اماني ماتت بتسمم من حاجة اكلتها برة الجامعة .. في سبب تاني غير كدة ؟؟ انت عارف حاجة تانية ؟؟ اتكلم .. قول لي في شنو ؟؟ وبدا صوتها يعلو مما اخاف عبد الفتاح من احتمال انهيارها ان هو اخبرها بما لديه من معلومات .. حاول تهدئتها " اسمعي يا فضيلة انا عارف حاجات كتيرة متاكد انو بيهمك تعرفيها .. بس دة لا الوقت ولا المكان المناسب عشان نتكلم فيها .. امشي خلصي محاضرتك وارجعي تلقيني منتظرك " كانت علامات الشك والتردد تملا وجهها " لو عندك حاجة زي ما بتقول كلمني بيها هسة وهنا .. انا ما عندي استعداد اقعد معاك في أي مكان .. واشك انو اصلا عندك كلام عاوز تقوله .. شنو ؟؟ خلاص اماني ماتت عاوزين تقبلوا عليّ انا ؟؟ قاطعها فتاح بصرامة " لو سمحتي يا فضيلة .. انا جاد جدا وعندي فعلا معلومات عن سبب موت اماني بدليل صاحبتها الجات ساقتكم من الداخلية عشان توديكم المستشفى " وعلى الفور صمتت فضيلة فلهجة عبد الفتاح والمعلومة التي ادلى بها تدل على انه فعلا يعلم الكثير عن الموضوع .. التقت نظراتهما لفترة طويلة واحس فتاح كانها تحاول اختراق عقله وروحه لتعرف مدى صدقه واخيرا ردت عليه بكلمات مختصرة " قعدة برة الجامعة لا .. انتظرني في الكافتيريا بعد نهاية المحاضرات " وواصلت مسيرها بخطوات ثابتة تجاه قاعة المحاضرات .
12-06-2006, 00:19 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
اختار عبد الفتاح طاولة بعيدة في ركن منعزل وجلس بانتظار فضيلة .. كان يحاول ان يرتب افكاره ليحدد ما يجب قوله وما لا يجب .. في النهاية قرر ان يصارحها بكل شئ .. ربما يستطيع ان يكسب احترامها وثقتها ان لم يكن حبها .. أي احساس من فضيلة سوف يشعره بالرضا والسعادة ... كانت جلسة طويلة ومؤلمة لكليهما .. لم تتوقف فيها دموع فضيلة من الجريان وكأن نهراً سكّن عينيها .. لكنه نهر مالح يصب مباشرة في قلب عبد الفتاح المثخن بالجراح .. كانت ملامحها تتبدل من الصدمة والحزن الى الخوف والذهول ثم الاشمئزاز والالم وهي تستمع لكلمات عبد الفتاح الذي حكى كل شئ بصراحة ووضوح .. عندما انتهى خبات فضيلة راسها في ذراعيها المضمومتين امامها على الطاولة وبكت كما لم تبك من قبل .. توزعت نظرات عبد الفتاح القلقة بينها وبين من حوله... شعر بالراحة لعدم وجود كثير من الطلاب في المكان ... بعد فترة طويلة بدت لعبد الفتاح دهرا رفعت فضيلة راسها وهاله منظرها .. واحس فورا بالندم لاخبارها كل التفاصيل .. وايقن بانه قد خسرها للابد .. ومن نظراتها تاكد من استحالة الحصول على أي احساس منها غير الاحتقار والغضب .. وهل يستطيع ان يلومها ؟؟ كان لصوتها برودة الثلج وهي تخاطبه دون ان تنظر اليه " عمري ما كنت متخيلة انو في شر بالصورة دي .. ولا انو البني آدم ممكن ينقلب لشيطان .. انتو قايلين نفسكم شنو ؟؟ عشان الله اداكم القرش ممكن تشتروا أي شئ حتى الناس ؟؟ وحتى لو ما عارضين نفسهم للبيع ؟؟ .. انتو ما عندكم اخوات ؟؟ بترضوا العملتوه في بنات الناس دة يحصل ليهم ؟؟ ولا خلاص ضميركم مات لدرجة ما في شئ بقى يهمكم ؟؟ حاول ان يوقف سيل الحمم المنهمر من فمها فقد اوجعه الى حد كبير " فضيلة ارجوك اسمعيني " قاطعته بحدة وهي ترفع كفها الرقيق امام وجهه " ما عاوزة اسمع اكتر من كدة كفاية السمعته ... بس الحاجة العاوزة اقولها ليك انو ذنب موت اماني معلق في رقبتكم كلكم لغاية ما تخشوا التراب .. وانا لولا عاوزة استر صاحبتي بعد موتها عشان خاطرها وخاطر اهلها كنت مشيت البوليس وبلغت عن الانتوا عملتوه فيها وبالذات المخلوقة الاسمها ساريا دي .. دي مستحيل تكون انسان من لحم ودم .. دي الشيطان ذاته يخاف منها .. واضافت بلهجة تقطر مرارة " هي موجودة في ياتو سجن ؟؟" نظر لها فتاح باستغراب " في سجن امدرمان بتسالي ليه ؟؟ احتضنت دفاترها وحملت حقيبتها وغادرت دون ان ترد عليه ...
12-07-2006, 01:42 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
عندما دخلت ساريا غرفة الزيارات في السجن جالت بنظراتها تبحث عن وجه مالوف .. لقد شعرت بالدهشة عندما اخبروها بان هناك من اتى لزيارتها .. فمنذ صدور الحكم النهائي في قضيتها لم يزرها احد .. حتى سهى لم ترها مرة اخرى بعد الجلسة الاخيرة .. يبدو انها انصاعت لاوامر والدهما القاضية بنسيان اختها .. اما اصدقاء الامس الذين كانوا يستميتون في لقاءها ووصالها فقد اختفوا بكل هدؤ ... حتى عبد الفتاح زارها مرة واحدة فقط وبدا مرتبكاً وكان يتفادى النظر اليها مباشرة .. جلس معها فترة قصيرة لدرجة لم تتح لها فرصة شكره على وقوف والده بجانبها .. بدا وكانه يؤدي واجبا ثقيلا وسرعان ما تمتم بكلمات عن انشغاله ومضى لا يلوي على شئ ... احزنها موقفه دوناً عن الباقيين ..فقد توقعت وقفته بجانبها وتفهمه لوضعها .. هو الوحيد الذي رافقها منذ الصبا وعايش معها كل ما مرّت به في حياتها .. هو الوحيد الذي اعطته قلبها وفعلت كل ما فعلت من اجل الاحتفاظ به في حياتها .. لحظة مغادرته بعد الزيارة السريعة ادركت انها لن تراه مرة اخرى ..وفي هذه اللحظة فقط أحست انها فقدت كل شئ .. توقفت عيناها فجأة عندما اصطدمتا بوجه فضيلة الساحر .. تجمدت في مكانها ولم تنتبه الى ان فمها ما زال فاغراً الا بعد ان احست بلفحة هواء تتغلغل داخل حلقها وتحرقه .. احست بامواج من الحقد والغيرة تتلاطم بداخلها ولم تجتهد لاخفائها فظهرت في عينيها وفي حركات جسدها .. تحركت بتثاقل تجاه فضيلة التي كانت تجلس بهدؤ مثير وعيناها مركزتان على ساريا التي بدت بملابس السجن المتواضعة وبدون مساحيق التجميل الباهظة الثمن كانها فتاة مشردة .. ضائعة .. ازداد جسدها نحولاً فاصبحت كصبي تنكَر في زي فتاة .. فقدت ملامحها الشاحبة كل مظاهر الغرور والتعالي .. وبدت عليها معاناة حياة السجن الشاقة .. تقدمت وجلست بتحدي على الكرسي المواجه لفضيلة وتاملتها بوقاحة ونطقت بصوت يقطّر كرهاً ومرارة " انتي ؟؟ الجابك هنا شنو ؟؟ جاية تشمتي فيني ؟؟ متخيلة انك انتصرتي عليّ ؟؟ اصحح ليك معلومة يا شاطرة .. لازم تعرفي انو انا ساريا .. ومهما حصل حافضل ساريا .. بكرة الايام تمر وحاطلع من هنا يا فضيلة .. وصدقيني ما حانساك ووين ما تكوني حاوصلك .. ووقتها ما حارحمك .. انتي السبب في كل الحصل لي وحاعرف كيف انتقم منك ..
12-07-2006, 01:45 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
كانت فضيلة تنظر اليها بتركيز شديد وهي تستمع الى كلماتها الحاقدة .. واخيراً ردت عليها بصوت ثابت واضح النبرات .. " تعرفي يا ساريا انا جيت هنا وفي راسي كلام كتير عاوزة اقوله ليك .. بس بعد ما شفتك وسمعت كلامك حسيت اني ما عاوزة اقول ليك غير حاجة واحدة .. انتي انسانة مريضة ومحتاجة علاج ..قفزت ساريا من كرسيها لدى سماعها هذه الجملة وصرخت " انتي بتقولي علي أنا مجنونة ؟؟ الجن اليجننك .. انتي جاية عشان تشتميني .. بتستغلي اني هنا وما حاقدر ارد عليك ؟؟ اصبري علي يا بتاعت الاقاليم انتي .. وشوفي ... قاطعتها فضيلة بلهجة صارمة ونظرات حازمة .. " اسكتي واقعدي اسمعيني للنهاية .. تعرفي انا أول مرة في حياتي اكره لي انسان .. ايوة انا باكرهك يا ساريا وباتمنى تقعدي في السجن دة لغاية ما تموتي وتمشي للعقاب الحقيقي الحيخليك تتمني ترجعي الدنيا تاني وتقدري تصلحي العملتيه ... الزيك ما مفروض تعيش وسط الناس العاديين .. انتي شيطان ما انسان .. وواصلت بنفس القوة التي جعلت ساريا ترتمي على كرسيها وبعيون متسعة تنظر الى فضيلة التي منحها غضبها قوة وصلابة وزادها جمالاً .. كان صدرها يعلو ويهبط من فرط الانفعال .. تناثرت خصلات شعرها على وجهها في حلقات ناعمة .. ارتفع انفها الذي زاده نحول خديها شموخاً .. بدات الاعين الفضولية تنتبه للنقاش الحاد وساد صمت غريب الغرفة وكأن الجميع اصاخ السمع .. كانت الكلمات تندفع من فم فضيلة بحرارة والم .." انا عرفت كل حاجة انتي عملتيها عشان تجريني للوحل الكنتي عايشة فيه .. لكن للاسف في طريقك اتسببتي في موت انسانة بريئة ما ليها ذنب " ردت ساريا بسخرية " برئية ؟؟ دي منو البرئية دي ؟؟ ههة الظاهر عليك انك كنتي مغشوشة في صاحبتك .. قاطعتها فضيلة ببرود " اياك تقولي كلمة واحدة عن اماني .. على الاقل هي عاشت وماتت شريفة .. حتى لو غلطت انا مسامحاها وربنا حيغفر ليها لانه عالم بنيتها " الدور والباقي عليك انتي شوفي بعدين حتمشي وين من حسابه .. دة لو كنتي اصلا بتعرفي الله .. هبت فضيلة من كرسيها ونظرت من علوها الى ساريا الجالسة وهي تكاد تنفجر غيظاً " كلمة اخيرة باقولها ليك يا ساريا ... احتمال انتي قدرتي تغتالي فضيلة بنات كتار وتخليهم يمشوا معاك في دربك المعووج .. لكن فضيلة محمد زين لا .. وتاكدي برضو انو في بنات كتار زيي وعمرك ما حتقدري توصلي ليهم مهما عملتي" عارفة ليه ؟؟ لانه عندهم حاجة انتي ما بتفهميها ولا بتعرفيها .. حاجة اسمها الشرف والاخلاق والدين والتربية .. ما تتخيلي انو اي واحدة ممكن تتنازل عن الحاجات دي عشان خاطر التوافه الانتو شايفنها مهمة .. وحاستناك يا ساريا لمن تطلعي واشوفك حتعملي شنو .. انا ما خايفة منك ومستعدة اقيف قصادك وصدقيني حتندمي لو فكرتي يوم تتعرضي لي .. بخطوات واثقة فخورة غادرت فضيلة الغرفة تتبعها نظرات الموجودين المبهورة ...
12-07-2006, 03:45 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
الفصل الاخير كان صوت الرعد يصم الاذان .. ولمعات البرق تخترق النوافذ والابواب المغلقة ... تنهد محمد زين بضيق .. فالمطر المنهمر منذ بداية الليلة قد يمنعه من الوصول الى المسجد لاداء صلاة الفجر الذي صار وشيكاً ... كان يجلس في كرسيه المعتاد في وسط الصالة الدافئة وبيده المصحف وهو يتلو القرآن بصوت رخيم .. ومن خلال الباب المفتوح اتته رائحة اللبن المقنن واللقيمات مختلطة بعبق بخور التيمان الذي اعتادت ست البنات وضعه في المطبخ يوميا قبل الصلاة .. كانت همسات زوجته وابنته صفاء تاتيه متباعدة وهن يتجاذبن اطراف الحديث في المطبخ وبين الحين والآخر تعلو ضحكة تكتمها صاحبتها كي لا توقظ النائمين ... رفع محمد زين راسه على صوت عميق هادئ يحييه بود واحترام " صباح الخير يا حاج محمد " نظر باعزاز كبير الى زوج ابنته فضيلة .. كان شاباً طويلاً وسيماً اسمر البشرة يشع الذكاء من عينيه وتوحي ابتسامته العريضة بالطيبة .. " صباح النور يا محمد ... احنا مش قلنا بلاش حاج محمد دي وتقول لي يا ابوي ؟؟ انت من يوم ما اتزوجت فضيلة خلاص بقيت زي عبد الرحمن ومحمد الصغير " اقترب الشاب بخطوات سريعة وجلس بالقرب من والد زوجته الذي يكن له محبة كبيرة " طبعاً يا ابوي .. معليش مرات باسهو لكن انا حاسي انك فعلا في مقام الوالد ومعزتك ما بتقل عن معزتي ليه .. وكمان انا برضه من يوم ما اتزوجت فضيلة حسيت انو انت والحاجة امي وابوي .. وعبد الرحمن وصفاء ومحمد اخواني " واتسعت ابتسامة محمد عندما تدافعت الى راسه ذكرى اول لقاء بينه وبين فضيلة قبل عامين .. كان قد تعيّن كمعيد في الجامعة بعد حصوله على شهادة الماجستير في القانون الجنائي من جامعة اكسفورد العريقة ... اتته الفرصة لتدريس طلبة السنة الاخيرة بالكلية كبديل بعد ان تغيب دكتور المادة الاصلي لظروف صحية طارئة ... كان مرتبكاً من مواجهة طلاب لا يكبرونه في العمر كثيراً .. وتخوّف من امكانية عدم ايصال المعلومات اليهم بصورة مرضية ... دخل القاعة وهو منكّس الراس والقى السلام بصوت حاول ان يجعله واثقاً ومتمكناً .. تجنب رفع عينيه عن اوراقه حتى لا يرى العيون الشاخصة .. وبايجاز اوضح انه بديل مؤقت لحين عودة المحاضر الاصلي وجلس في كرسيه وبدا الشرح ... تدريجيا استعاد ثقته بنفسه وعاوده ذكاؤه الحاد الذي اهله للحصول على الماجستير في فترة وجيزة .. بسلاسة وطلاقة واصل المحاضرة حتى نهايتها .. صمت الطلاب كان يدل على استيعابهم لما يقوله برغم صعوبته .. وعندما شارف وقت المحاضرة على الانتهاء سمح لنفسه بتامل طلابه .. ووقعت عيناه عليها .. كانت لحظة لا توصف .. انحبست بقية الكلمات في حلقه .. احس بموجة حارة تعبر جسده من راسه وحتى اخمص قدميه .. ارتعشت حواسه بشكل غريب .. امتلا قلبه باحساس غامض وكأن طاقة سحرية فتحت امامه وادخلته الى عالم مضئ ملئ بالبهجة والامان .. لم يكن يدري ما اصابه .. فقد عاش فترة طويلة من حياته بالخارج وتنقل كثيرا .. وراي شتى انواع الجمال .. العربي والغربي لكنها المرة الاولى التي يهتز فيها لرؤية جمال امراة ... كان يفكر فيما دهاه .. وتساءل هل هذا ما يطلق عليه الحب من اول نظرة ؟؟ .. استفاق من شروده على اصوات الطلاب الهامسة المتغامزة وهم يتابعون اتجاه نظراته نحو فضيلة التي ارتفعت دماء الخجل الى وجهها فزادته جمالاً .. لقد احست بالحرج ورغم انها قد اعتادت على تاثير جمالها الطاغي على الرجال .. لكن نظرات المحاضر المركزّة اشعرتها بالخجل الشديد ... لكزتها زميلتها وهمست بابتسامة ماكرة شيئا ما في اذنها .. لكن فضيلة لم ترفع راسها وظلت تنظر الى كتابها بارتباك ... واخيرا استعاد المحاضر الشاب سيطرته على نفسه فانهى المحاضرة بلهجة معتذرة ولملم اوراقه على عجل وغادر القاعة .. كان يسير وكانه يطير هائماً في افكاره " سبحان الله مش الجمال وبس الانسانة دي فيها شئ غريب بياسر الروح .. انا لازم اعرف عنها كل حاجة " وتذكّر سعيه الحثيث لجمع المعلومات عنها وفرحته الغامرة عندما اتفق الجميع على ادبها الجمّ وسلوكها المميز .. تفوقها في دراستها .. والاهم من كل هذا عدم ارتباطها باي كان طوال فترة دراستها .. أخافه احتمال وجود ارتباط في موطنها فمن كانت مثلها لا يمكن ان تكون حرة ...واصبح التفكير في الامر هاجس سرق نومه وشغل صحوه
12-07-2006, 03:48 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
في عطلة نهاية الاسبوع كان يقرع باب منزل الاستاذ محمد زين في القرية بعد ان اهتدى اليها بصعوبة .. فتح الباب شقيقها فملامح الشبه واضحة .. قابله بترحاب وتساؤل فطلب مقابلة والده .. كان لقاء طويلاً تكلم فيه محمد كثيراً .. تطوع باعطاء كل المعلومات التي تدعَم طلبه عن اسرته ودراسته وطلب يد فضيلة للزواج ... اندهش الاستاذ محمد زين عندما علم بانه قد اتاه مباشرة ودون ان يفاتح فضيلة في الموضوع فرد الشاب " انا عاوز ادخل البيت من بابه عشان كدة جيتك اول .. شاور فضيلة ولو وافقتوا انا مستعد اعمل الزواج بعد الامتحانات مباشرة ... كانت فرحة محمد زين مصحوبة بدهشة الاب الذي اكتشف لتوه ان ابنته قد كبرت واصبحت مطلوبة للزواج ... " ادينا فرصة نشاور اخوها الكبير في السعودية ونكلم اعمامها ونرد عليك " كان قد احس بالارتياح للشاب الوسيم وبدا ذلك واضحا في ابتسامته ونبرات صوته الودودة وهو يرافقه حتى باب سيارته امام المنزل ... في مساء ذلك اليوم تلقت فضيلة اتصالاً من والدها يطلب منها العودة الى القرية في عطلة الاسبوع المقبل ... اصابها القلق فورا .. وكان صوتها ملئ بالخوف وهي تسال والدها عن والدتها وبقية اخوانها ... فطمانها بان الجميع بخير فقط في شوق لرؤيتها ... لم يهدا لها بال حتى وصلت الى المنزل ليستقبلها الجميع بابتسامة متواطئة ونظرات متبادلة .. وفرحة خفية ... واخيرا جلست بين والديها بينما وقف محمد وصفاء خلفها وبهدؤ اخبرها والدها عن الزيارة التي قام بها استاذها الشاب ورغبته في الزواج بها .. احست بالدهشة والاحترام لهذا الانسان الذي لم يحاول ان يفاتحها او يعترض طريقها واتى الى والدها مباشرة .. كان صمتها دليل قبول اشاع الفرح في البيت الصغير ... وتواردت المعلومات عن اسرة المحاضر الشاب وكانت مطمئنة فهو ولد وحيد وسط اربعة بنات لاسرة ميسورة الحال الام ربة منزل جامعية تفرغت لتربية اولادها والاب رجل اعمال كبير يؤمن باهمية التعليم فوفر لاولاده ارقى مستوى منه .. ثلاث بنات من الاربعة متزوجات من اسر محترمة ومعروفة .. صغيرة البيت ما زالت في سنتها قبل الاخيرة بكلية الطب ... كانت اسرة تتمتع بسمعة طيبة جعلت فضيلة توافق على الزواج شريطة ان يتم بعد التخرج وفي قريتها الصغيرة وسط اهلها وجيرانها ..
12-07-2006, 03:54 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
كان زواجاً تحدثت عنه القرية لفترة طويلة .. وحضره علية القوم من اقارب واصدقاء اهل العريس الذين انبهروا من كرم وطيبة اهل القرية البسطاء .. ترافق الزواج مع تخرج فضيلة بتقدير امتياز من كلية الحقوق .. وانتقلت لتعيش مع زوجها واهله في العاصمة لتترك فراغا كبيرا في بيت محمد زين وقلبه . اتى صوت محمد الصغير خشناً وهو يخطو على اعتاب الرجولة ليخرج الرجلين من دوامة الذكريات " ابوي المطرة وقفت وممكن نمشي المسجد للصلاة " من خلفه اتت صفاء وهي تحمل صينية الشاي وبدت نسخة اخرى عن ست البنات وفضيلة ويميزها حجاب جميل يغطيها بالكامل .. فقد قررت الالتزام به بعد ان اخذهم عبد الرحمن الى الحج السنة الماضية .. ومن خلفها اتت ست البنات وهي تحمل صحون اللقيمات الحار " صباح الخير يا محمد " رد ابنها بصوته المشاكس " يا امي لو سمحتي حددي كلامك .. انتي قاصدة منو فينا ؟؟ هنا في ثلاثة محمد .. ابوي وراجل فضيلة وانا " فضحك الاستاذ محمد زين وهو يخاطبه " يا ولد ما تجنن امك من الصباح " ونظرت اليه صفاء بحنان انتقل اليها تلقائياً من امها وفضيلة تجاه صغير العائلة خصوصا بعد كبرا في السن وتركا التناكف المستمر بينهما " انت يا ولد ما ناوي تكبر وتخلي مكاواتك دي ؟؟" وبتر محمد جملة اخرى عندما ظهرت فضيلة على الباب وهي تحمل ابنتيها بكلتا يديها .. وعلى الفور هب زوجها من مكانه وهرع اليها " فضيلة .. ليه ما ناديتيني اشيل معاك البنات ؟؟ وبلهفة وحنان تناول احدى صغيراته واحتضنها بيد بينما امسكت الاخرى بذراع فضيلة وهو يقودها داخل الغرفة ... وركضت صفاء لتحمل الاخرى من بين يدي شقيقتها .." اديني ليها يا فضيلة قبل ما امي تستلمها وما ترضى تخليني اشيلها .. هي دي منو فيهم أمل ولا أماني ؟؟ تصدقي لغاية الان ما قادرة افرز بناتك ديل من بعض ؟؟
12-07-2006, 03:56 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
كانت فضيلة قد انجبت التوام بعد زواجها بسنة واصبحوا قرة عين الاسرتين وعندما اختارت اسم اماني تذكّر الجميع الفقيدة التي رحلت منذ اربع سنوات وما زالت مقيمة في قلب فضيلة ... تزور قبرها لقراءة الفاتحة كلما اتت القرية .. تذهب الى والديها وتجلس معهم بالساعات الطوال .. وكثيراً ما تنسى وتنادي شقيقتها باسمها .. عندما تكون وحيدة تتذكر بحسرة ومرارة كيف فقدت حياتها .. احيانا كانت تستحضر صوراً باهتة لمن تسببوا في موتها فهي لم تسمع عنهم منذ فترة طويلة خصوصا عبد الفتاح وساريا .. اما مها فقد فوجئت بعد عودة اسرتها من الحج بصفاء تخبرها ان فتاة قابلتهم في مسجد الرسول (ص) في المدينة وترسل لها السلام وتطلب عفوها ... وعندما سالتها من التفاصيل ذكرت لها صفاء ان الفتاة تقاربها في العمر كانت موجودة بصورة شبه دائمة في كل الاوقات التي ذهبوا فيها للصلاة في المسجد وكانت تطيل النظر اليهم وفي يوم تقدمت بخطوات مترددة وسالت صفاء وست البنات " بتعرفوا واحدة اسمها فضيلة محمد زين ؟؟ بتشبهكم شديد ؟؟ وعندما ردت صفاء بانها شقيقتها وهذه والدتهما طفرت الدموع من عيون الفتاة وطلبت منهم ابلاغها السلام " قولوا ليها مها الامين .. الكانت صاحبة اماني الله يرحمها .. وخلوها تسامحنى .. يمكن الله يغفر لي لو هي سامحتني " وانسحبت بسرعة بعد هذه الكلمات ولم يصادفوها مرة اخرى حتى مغادرتهم .. عندما سالتها ست البنات لما تطلب منها هذه الفتاة السماح والعفو اجابت فضيلة بانها لاتذكر .. ربما اخطات في حقها ايام الجامعة واغلقت باب النقاش في الموضوع .. لقد قطعت وعداً على نفسها ان تظل سيرة اماني عطرة امام الجميع وان ما حدث سوف يظل حبيس صدرها الى الابد أما امجد فقد رات صورته تتصدر نعي يحتل صفحة كاملة في احدى الجرائد منذ شهرين وكتب فيه انه توفى اثر علة لم تمهله طويلاً وسمعت زوجها وهو يناقش والده في الخبر عندما جلس الجميع مساء كما اعتادوا " شفت خبر وفاة ولد الوزير السابق في الجريدة يا حاج ؟؟ .. واجاب والده بصوته الجهوري " ايوة شفته وفي ناس باعرفهم اكدوا لي انه جاه ايدز .. يا محمد ان الله يمهل ولا يهمل .. الولد دة ابوه هربّه برة البلد بعد القضية بتاعت الشبكة اياها .. متذكرها ولا انت كنت برة الوقت داك ؟؟ المهم قعد في اوربا حايم من بلد للتاني وابوه يصرف عليه من قروش البلد بدون حساب لغاية ما اخيرا الناس الفوق ديل صحوا وعرفوا انو الزول دة بينهب في اموال الدولة بدون حساب .. ولمن نزلوه من الوزارة هو زاته سافر برة بباقي اسرته لكن بعد ما شال مليارات وحولها في بنوك سويسرا وقال شنو طلب لجؤ لانه بقى معارض للنظام ؟؟ والله حاجة تضحك .. أي واحد بعد ما يشبع يطلع ويقول معارض للنظام .. " كانت فضيلة تستمع بصمت للنقاش الدائر وذكرى اماني تتقافز امام عينيها .. بينا واصل والد زوجها كلامه بحكمة .. " ما في شماتة في الموت .. لكن يمكن دة يكون عقاب رب العالمين ليه .. شال منه ولده الكبير وهو في عز شبابه عشان يعرف ان الله حق وما في شئ بيمر بدون حساب " يومها انسحبت فضيلة الى غرفتها واحتضنت ابنتيها وغرقت في بكاء طويل احست بعده براحة وسلام
12-07-2006, 04:00 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
تعالى صوت الاذان معلناً عن صلاة الفجر ... تمتم الجميع " صدق الحق " وهبّ الاستاذ محمد زين واقفاً تبعه الجميع " يلا يا اولاد الحمد لله المطرة وقفت عشان نمشي الجامع " اخذت فضيلة صغيرتها من بين ذراعي زوجها ووضعتها بين زراعي الجدة المتلهفة " امسكي امل يا امي انا حاجيب لابوي الطاقية والعصاية " كان زوجها ينظر اليها بوله شديد لم يحاول اخفاؤه .. كان جمالها قد ازداد نضجاً وجعلتها سعادتها مع زوجها وفرحتها ببناتها اكثر اشراقاً وتابع الاستاذ محمد زين نظرات زوج فضيلة واغمض عينيه وهو يشكر ربه بصمت فقد ذكّره بنفسه عندما تزوج ست البنات واطمان على ابنته الحبيبة وايقن في اعماق قلبه ان زوجها سوف يحبها ويدللها كما فعل هو مع زوجته .. في طريقها الى خارج الغرفة وقفت فضيلة امام شقيقها الصغير وعدّلت من وضع الطاقية في راسه ثم قبلته بحرارة على خده مما جعله يحتج بشدة وحرج " يا فضيلة ما تبوسيني تاني انا خلاص بقيت راجل .. وهمس بخجل .. هسة راجلك يقول علي شنو ؟؟ لسة ولد صغير اخواته بيبوسوه ؟؟ ردت عليه فضيلة بمرح " والله يا محمد لو بقى عندك عشرة عيال حتفضل في نظري محمد الصغير البيحب البسكويت باللبن" وانسلت من امامه بسرعة قبل ان تاتيها احدى اجاباته السريعة .. وكتم الجميع ضحكاتهم وهم ينظرون الى وجه محمد الوسيم وهو يتضرج خجلاً ... تنهد الاستاذ محمد زين بخفوت وهو ينظر الى اسرته الصغيرة باعزاز كبير وبرغم الحزن الذي شاب قلبه لغياب عبد الرحمن الطويل عن الوطن الا انه بات مطمئنا اكثر بعد ان تزوج بفتاة جميلة ورزق منها بطفلين ويعيش معهم سعيدا في غربته .. وشعر بنغزة الم في قلبه عندما تذكّر ان هذه آخر زيارة لفضيلة سوف تسافر بعدها مع زوجها لبريطانيا بعد ان حصل على منحة دكتوراه من اعرق الجامعات هناك .. لكنها وعدتهم بالعودة في اقرب وقت فهي لا تتحمل فراقهم لفترة طويلة .. صفاء ايضا سوف تغادر مع بداية السنة الدراسية لتلتحق بكلية الطب .. ولن يبقى معهم سوى محمد .. كان يصبّر نفسه بانها سنة الحياة .. وغمره شعور بالفخر فقد غرس شجرة صغيرة ورعاها بكل كيانه فاينعت واشتدت فروعها واثمرت بعنفوان .. خرج الاب وابنه وصهره الى شوارع القرية المليئة بمياه الامطار ... كان الهواء نقياً ومحملاً برائحة الدعاش .. الاشجار تتمايل بخفة مع هبات النسيم وقد لمعت اوراقها بخضرة زاهية .. من الحقول القريبة ارتفع نقيق الضفادع بايقاع رتيب يجاوبه رفيف اجنحة حشرات الخريف .. صياح الديكة يتردد من سطح بيت لآخر ... في الدروب الضيقة لمعت الاضواء وفتحت الابواب .. تزايد وقع الخطوات المتعجلة للوصول الى المسجد .. تحايا ودودة يتبادلها السائرون وهم يترافقون الدرب ويملاؤون صدورهم بالهواء البارد ... كما هو الحال دائماً ... ياتي المطر محملاً بالخير .. يسقي الارض العطشى .. ويغسل النفوس المتعبة
تمت بحمد الله تعالى
12-18-2006, 10:40 AM
mamkouna
mamkouna
تاريخ التسجيل: 12-05-2004
مجموع المشاركات: 2246
الأخت سناء شجعتني (قصاصات التلصص) على البحث على "إغتيال فضيلة" عندما ذكرتيها في معرض حديثك، وأخيراً وجدتها .. والتهمتها دونما توقف و ...... لا أملك الأدوات لأعبر عما أحسسته وأحسه .... هنيئاً لنا بك.
12-19-2006, 06:31 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
الاخ محمود ابو العزائم .. يبهجني دوماً ان احصل على قارئ دقيق ومتابع لما اكتب ... فضيلة كانت اول تجربة واعتقد انها تحمل كل اخطاء التجربة الاولى ... لكنني اعتز بها كثيراً ... لانها فتحت لي قلوب الناس وشجعتهم على متابعتي ... لك التحية والتقدير ...
لم أكن أقراء رواية وانما كان فلم تم أخراجه في هوليود ... تصورت كل الشخصيات بلحمها وشحمها ودمها وكل التفاصيل الدقيقة ... حتى الكاتبه كانت تبدوء لي كفراشة ترفرف فوق حوص السباحة في لتلك المزرعة اللعينة لتصور لنا ما تعجز الكميرات الرقمية عن القيام به ...
السؤال الذي يفرض نفسه ... هل يوجد لينا من يقوم بعمل سيناريو وأخراج وتمثيل مثل هذا الاعمال لنشاهدها كما شاهدنا في خيالنا ... ؟؟؟
12-20-2006, 04:58 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
الاخ بابكر حامد احمد .. تحياتي اعشق التفاصيل الصغيرة واحاول رسمها بدقة حتى يحس القارئ كانه يعيش داخل القصة ويتحاور مع ابطالها ... التفاصيل الصغيرة هي التي تكون الصورة الكبيرة وتحدد ملامحها ... سالني احدهم يوما ان كنت افكر في تحويل فضيلة الى مسلسل تلفزيوني ؟؟؟ فاجبته بان الاحتمال صعب وبعيد ... ما زال البعض يرى في القصة شطحات خيال جامح وبعيد عن التصديق .. ما زال البعض يرفض فض ورق السوليفان المبهر ليرى ما تحته من جروح متقيحة ...لذلك من الصعوبة ان يتقبلوا رؤية عمل يعري واقع مرفوض وان كان موجودا ... مودتي ..
12-19-2006, 02:34 PM
معتصم دفع الله
معتصم دفع الله
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 12684
قصة مدهشة فعلاً .. لك مقدرة كبيرة في التعامل مع الحروف وتحويلها لقطعة أدبية رائعة .. في حوارك مع أبطال القصة خرجنا بأشياء جميلة .. أهمية الأسرة وترابطها ورعايتها لأبنائها .. الاستشعار بالخطر القادم أو الموجود حولينا وتداركه .. الحوار مع النفس ومحاسبتها .. صحيان الضمير الإنساني الغائب في لحظة متعة .. نهاية القصة وإنتصار الخير على الشر ..
كامل المحبة ..
12-20-2006, 05:10 AM
sanaa gaffer
sanaa gaffer
تاريخ التسجيل: 11-16-2006
مجموع المشاركات: 1238
الاخ معتصم دفع الله ... لماذا اكتب ؟؟!! سؤال يردده خاطري كلما شرعت في رفع القلم وخط الحروف ... هل اكتب لهدف ؟؟ ام لمجرد تفريغ شحنات من المشاعر التي ملات دواخلي بفيضان من الكلمات ؟؟.. وبعد نقاش قصير مع عقلي المتعب قررت انني اكتب لهدف ... اود ان احكي على لسان من لا تستطن الكلام .. اود ان اعبر عن مشاكلهن واحباطاتهن ... اود ان اتوغل في عوالم مسورة باوهام الممنوع والممكن والمرغوب ... اود ان اغوص داخل الاوجاع واتحاور معها ...اود .. واود ... واود ... شكرا لكلماتك الرقيقة ... مودتي ..
الأخت سناء تحياتي .. لله درك يا مبدعة .. شكراً لك وأنت تغوصي داخل أوجاعنا ومشاكلنا .. حقيقي كل حرف وكل كلمة عندك لها معانٍ كثيرة .. قرأت لك القصتان وخرجت بحكم كثيرة ومواعظ .. وأتمنى أن أراهما في المكتبة السودانية قريباً ..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة