|
فاطموباترا ( قبل ان يكتمل البوح )
|
(فطموباترا) (1)
يمسني الجنون .. كإمرأة من مسامها تتكاثف الشهوة لرجل ما ،، حولها يقبع رجل وآخر يتربص .. وفوق مسكنها يقطن رجل .. وبجوارها رجل .. هناك رجال كثيرون ، وهناك رجال ما زالت لا تعرفهم ولا تنتظرهم .. انها تنتظر رجل ما .. !!
قالت لي العجوز التي تبيع الخردوات في نهاية الزقاق المؤدي لشقتي : خذ لك هدية من هذه الاواني ..!! قلت لها : ليس لدي من اهديه .. همست لي بذكاء : خذها قد تجد يوما ما .. (احد ما ) يستحقها !! وكما تدق الاجراس في صباح كل احد في الكنيسة جوار مكتبي .. دقت الكلمة اعصابي .. وترا بعد وتر. أحد ما ...؟؟؟؟!!!
حينها تذكرت .. ( فاطمة ) تلك الفتاة ذات القوام السمهري التي كلما رأيتها شعرت انني رجل .. رجل بسبعة وسبعين ( فوضى ) .. لها قمر مضيء .. ينفرج دوما عن نجوم صغيرة تصطف في بهاء طاغي فوق شفتيها الكرزيتين، والرمان يتقشر عن لؤلؤ طاعم يتقطر فوق قوارير سحرها .. فيأخذني الى فضاء حالم .. قلت لها كما احببت دوما ان اناديها : فطموباترا.. كيف ابقيك لي وحدي .. ؟؟ ردت كما كانت تفعل كل اشتهاء مني : لست لك !! قلت لها : ماذا يمنع لو اصبحتي لي ؟؟ قالت في كبرياء : لانك تعلم انني انتظر ( رجل ما )!! قلت لها : لما لا اكون ذاك الرجل .. همست بابتسامة صفراء : لانك ببساطة لا تشبهه!! شهقت سرا .. وقلت جهرا .. : هكذا اذا ؟!!!! ومضت فاطمة .. واجراس الكنسية تدق من جديد .. رجل ما .. يوما ما .. إمراة ما ؟؟!!
وهذه العجوز ... تمسك الجرس بكلتا يديها لتدق على مسامي .. (أحد ما )!!
كم هو مهين الانتظار ..؟؟ عرفت من فلسفة فاطمة الكثير ... ولكني لم استطيع ان افهم الدروس التي كانت تحاضرني بها كلما هممت بتقبيلها الا الآن .. فاطمة كانت كائن خرافي .. عذبة كمياه الانهار .. نضرة كالحدائق في الربيع ، زاهية .. كما كيلوباترا.. ادخلني فضولي يوما في فلسفة فطموباترا .. وايقنت انني لن استطيع ان ابدل غرور هذه الانثى الا باغتيال عقلها اليقظ .. فكرت ان ادعوها يوما الى العشاء وان ادس لها قليل من الخمر ليغيب عقلها اللئيم عن سماءها .. كنت اشتهي انا ابادل فاطمة القبلات بدون حضور عقلها .. كنت اشتاق لاتجاذب معها اطراف العناق دون سيطرة عقلها .. كنت اريد فاطمة يوما كاملة من كل شيء .. ناقصة العقل .. لذا فكرت ان ادس لها الخمر في عصير التفاح الذي تحبه .. وستكون فاطمة لي .. وفخرت بسلامة تفكيري .. وبدأت ارتب للحدث .. والجنون يتعاظم في خطتي .. كما تمس النار الواح ( شجرالزان ).. ويرتعش بداخلي مساء ذلك اليوم المنتظر ..!!!
(2)
سابقت ذلك اليوم بخيالاتي ، ستكون فاطمة مرتدية فستانها الازرق التي يشبه لون حلمي آنذاك، سيكون شعرها منسدلا على جانبي القمر يتلألا الحنين من اناملها حين تصافحني برقة ، كم هي حذقة حينما تريد ان تلفت انتباهي اليها ،، الى الانثى التي تقطن في خلاياها وتتكاثر ، لم اكن محتاجا منها لكل ذاك المجهود ، فهي تعرف ان كيميائيتها تمزجني قبل ان تضع يديها على قارورتي الفارغة ، تديرني فاطمة الى حيت تريد ، ولا تريد .. تحاورني بلغتها هي ... وتكشف لي عن اوراقها التي لم افهمها بعد ، ثم تهمس لي : ايه كم هذه الامسية جميلة ؟؟ واسخر منها : لا احد يدري !!
على المنضدة المجاروة ، شمعة تتمايل في وهن لتعلن احتضارها وتخور قواها على الشمعدان الفضي الذي يقف مزهوا في تربص ليحتويها بعدما اضاءت السكون حوله ثم افترشت الموت . ابتسمت فاطمة وهي تتابع الشمعدان يصطاد في مياهها المحتضرة العكرة : ايقظني حين تنتهي !! فزعت من نفسي .. حين سمعت ما قالت .. راودني شك مخيف لماذا تعاملني فاطمة بهذه القسوة .. ؟؟ لماذا تستفز الرجل بداخلي وهو يلهث خلف .. ارضائها !! فاطمة .. الانوثة الطاغية .. الحضور النابض .. لم استطيع برغم محاولاتي الباسلة ان اهيمن على دفقها .. حتى وهي ثملة .. ترفضني .. كل القبلات التي سكبتها على جسدها ... لم تشدها الي.. آواه تراجعت .. وانكمشت بداخلي .. وسألتها .. لماذا ترفعيني الى كل هذا الارتقاع .. ثم تلقين بي قبل ان اصل القمة ؟؟!! ترد علي في تحفز غريب .. لأنني اريد ان اكتشف الرجل الذي تظنه !! يا فاطمة ... ارحميني مني ... واشفيني منك .. اصرخ باعلي صوتي .. وارفع يدي لاصفعها ثم ... تصطدم يدي بالحائط جوار سريري ... لاجد حولي غرفتي تغرق في شتاء موحش واطباق العشاء تنتظر في قلق افواه جائعة تفتك بها ، وفاطمة ليست هنا .. غادرت الحلم الذي انتظرته .. ليتحول في هذا الصباح الباكر الى كابوس .. سخيف .. !!
رفعت سماعة الهاتف : لتجيب فاطمة من الطرف الآخر !! -هل نمت جيدا ؟ - كنتِ معي - هل صفعتني هذه المرة ؟ - لم استطيع .. !! - المشكلة في الحائط وليس في يدي .. - اقترح عليك ان تبعد سريرك عن الحائط .. ربما تستطيع ان تفعلها في المرة القادمة . - فاطمة .. لا اريد ان اصفعك ... اريد ان اصفع عقلك وحسب -اذاً ابعدني خارجا عني .. لتجد عقلي بين يديك - لم افهم .. !! .... فاطمة .. اجيبي علي .. !!
يتبع ..
* ( انزلت جزء من هذه القصة قبل فترة طويلة ، ولكن لم استطيع ان اكملها لظروف تتعلق بشيء لا اعرفه ، عموما ربما استطيع مع مشاركتكم لي وتشجعيكم ان اجد الفرصة لاكملها )
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: فاطموباترا ( قبل ان يكتمل البوح ) (Re: سمرية)
|
فاطموباترا (3)
انتابتني حالة من الحنين الجارف وكنت حينها في مكتبي تشربني القهوة بفنجانها الفارغ الممتلئ بالحنق ، تلسعني بخبث ظاهر بلا شفقة وتلك النكهة افقدها اليوم ، فلما أصبحت الأشياء تقف ضدي ،ولما أصبح من المستحيل إعادة كل صورة إلى مكانها ؟ وفي فضاء ذكرياتي الصور مرتبة، والأشياء تسير وفق نظام متتالي ،الليل يعقبه النهار والنهار يرتجي مساءه، الشمس في ذكرياتي عروس تنظر للمهنئين في حياء تخرج من خدرها في رداء مرجاني والفجر يصفق في غرور وفخر ، أضع الفنجان جانبا وصحف الصباح تقرأني تتصفحني وجها تلو آخر فلا خبر سيعيد له توازن حياتي المهتزة ، فكرت أن اتصل بها وادعوها لتناول الغداء ولكني عدلت فلا أستطيع أن أتلقى طعنات عقلها الحاد مرتين في نهار واحد .
مددت ذاكرتي فوق خيط طويل من أحداث حياتي البالية لم تكن فاطمة المرأة الوحيدة التي شكلت تلك الأهمية في تكويني كرجل يحتاج لأنثى فارعة ، فارغة من غطرسة حواء ، ممتلئة بقانون الحدائق العادل . كانت للأخرى كيان صاخب ، أحبتي بكل ما تملك في روحها من نبض .. حركت كل حواسي نحوها إلا ( حاسة ) والتي لم تقفز من تابوتها الا نحو فاطمة ، في مقارنة بلهاء تتمثل أمامي فطموباترا كائن خرافي ليس بمقدوري إلا الولاء له ، أغرقتني فتاتي السابقة بكل تفاصيل العشق الحميمة ، كان الغناء يخرج من حنجرة يومنا بترنيمة واحدة ، والعصافير تصطف على همساتنا ثم تحلق في حبور ، تداخلات مع الأحداث وفاة والدي فانشغلت بي عنها .. وعن عصافيرها وانشغلت بأنانيتي، أصبح لزاما علي أن أقود المركب من بعد أن ترك لي الوالد الدفة التي لم اقترب منها يوما. تضاءلت في اهتماماتي حيئذ ( صفاء ) وقد كانت تتصل بي لتجدني مشغولا بمرتبات عمال المصنع وبالمكنات الجديدة التي وصلت وبالمهندسين .. فتركتها على الرف حتى أعيد ترتيب حياتي ، حبها الكبير لي جعلها تصبر علي طيلة غيابي عنها ، ثم حدث ما لم يكن بالحسبان ..
(4)
ظللت على غطرستي تلك ، وصفاء تطاردني بدفئها وانوثتها العاشقة ، تعاظم الغرور في أنفي ، فهكذا حال جميع الرجال .. تعجبهم الأنثى النافرة ، كفطموباترا . وصفاء الطائعة كانت بالنسبة لي ، رهان على غرور أجوف.
أفتقدتُكَ وبمنتهى الخبثِ حين سألتني: "هل طالَ غيابي..؟" أجبت:لا ما دمت لا زلتِ على قيدِ الحياة (1)
هكذا كنت اصدها كلما غابت عني .. ثم ظهرت في محاولة منها لتقييم افتقادي لها .
حتى جاء مساء يوم وكنت خارجا من مكتبي، تذكرت فجأة إن صفاء لم تتصل بي منذ ..؟؟ لم اتذكر التاريخ تحديدا وفربما أسبوع ، ربما أكثر .. وربما شهرا حتى !! اختفت صفاء ؟؟!! يا لي من رجل بائس !! أي قلب صخري يملكني واي عقل يرفض ذلك الولاء ؟؟ انعطفت وانا اقود سيارتي الى حيث تعمل صفاء بالمعهد ، اوقفت سيارتي اراقب الباب الاسود الكبير ، ستكون مفأجاة لصفاء حين تجدني انتظرها بهذا الشوق الجنوني الى همساتها ، عذوبتها ، وهدؤوها المعتاد . لم احاول ان افسر هذا الطوفان ولم اسعى لأعرف أسبابه ولكن في قرارة نفسي كان هناك تفشى شوق غريب وكثيف خفي لفتاتي الغائبة .
ثم طال الانتظار وهواجس بلهاء تغيم على مخيلتي حتى سمعت صوت صفاء العذب يأتيني من وادي سحيق :
كيفَ, بعدما أتممتُ مراسيمَ نفيِكَ عُدْتَ: كالطائر ِ المبللِ على نافذتي تئِنّ كالطفلِ المدلل لحضني تحِنّ (2)
***
((1) و (2) كلمات الشاعرة / ريتا عودة) يتبع ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فاطموباترا ( قبل ان يكتمل البوح ) (Re: سمرية)
|
فاطموباترا (5)
كانت الاضاءة خافتة في المكان ، والزمان ربيع مبكر، وصفاء تشف مشاعرها عن تحدي غريب وهي ترى في هزيمتي امامها انتصارا لها ولأول مرة ، وهي تسمع من بعيد كلمات رامي ، من الزواية اليسرى للمكان : اي حب هذا الذي كان يرعاه للفلاحة التي تحمل سنابل القمح في باطن حنجرتها ؟؟ اهتف لها . تبرق بتحد عيناها وترد علي : ليس حبا في ( اغنية هجرتك ) انما هو العشق، والعشق كما يقول الجاحظ حالة تفضل الحب. تتسع عيني كقط وحشي ، في النور الخافت منذ عقد من الزمان وهذه المرأة تدهشني وانا لا احب المفاجآت واكره وبالاخص ان يكون مصدرها امراه محضة . -- لم تقولي لي حتى الآن لما الغياب ؟!! -- لانه ليس هناك جدوى من البقاء -- استسلمتِ لليأس اذن ؟؟ -- ليس لليأس ولكن لصوت عقلي ، ليست ثمة جديد في علاقاتنا معا -- قررت ان تهجريني يا صفا ء ؟؟ -- ليس قرارا فحسب انما قناعة تمثلت في فتور مشاعرك .
تقرأ صفاء عين القط الوحشي ، و تنشغل بالطبق الموضوع امامها ، ثم تقول لي في نبرات حادة : كم هي مثل محيط نرجستيك ؟؟ او مازلت تأبى على نفسك الدهشة من محض امراة ؟ او ما زلت تخشى كطفل مفاجآتي التي تهز واجهتك او تقيم الزلازل في اعماق ارضيك ؟؟
صفاء اليوم تعلن لقلبي انها كنت سيدته ، ولمشاعري انها كانت طفلتها المدللة ، وكنت كأي رجل والغرور يتلاعب به وتلك المرأة كانت تعرف كيف تملأ له آواني غطرسته الفارغة . شعرت بالهزيمة والانكسار . وحينما اخبرتني صفاء ان خطوبتها كانت قبل اسابيع مضت ، شعرت بغصة تتسلل الى قلبي ، حلقي ، وغضبي . شعرت بصفاء تنظر الي كفارسِِ يهزأ من منازله المهزوم ، قلت لها : اضعتك يا صفاء !! صمتت ثم قالت ، الضائع كان الحب بيينا !!
مازلت لا اعرف كيف .. اضاعتني صفاء .. واضعتها .. ؟؟
كل ذلك الوقت وانا مستغرق في دهشتي .. مستغرق فيني .. ومبحر نحو تفاصيلنا معا .. لما بعد ان تركتني صفاء .. اتاني الحب من كل الابواب ؟؟ لما كانت صفاء لي بلا حب ... ثم قابلني الحب وحيدا بلا صفاء ؟؟
يتبع
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فاطموباترا ( قبل ان يكتمل البوح ) (Re: سمرية)
|
فاطموباترا (7)
ازحت المستندات المتراكمة على طاولة مكتبي ، وتجولت ببصري في المكتب الفخم وكل ما حولي يشير الى وجود ( رجل سعيد ) .. والتحف المتناثرة هنا وهناك .. تنم عن ذوق كلاسيكي ، راقً . لا ادري عدد الموانيء التي رست عليها مراكبي وانا اتجول بحثا عن امراة تشبه فاطمة ، رغم التباين بين ميناء وآخر الا انني كنت اجدهن متشابهات .. نفس الملامح ، الخبث الانثوي ، التحفز ، وردة الفعل !! حتى صفاء .. رغم حبي (السلحفائي ) لها والذي اينع بعد انتهاء موسم الحصاد ، كانت برغم شخصيتها المطاوعة لا ترتقي لتصل المرتبة التي كنت انشدها من التناغم . ربما كنت واهما في القمم التي افترضتها واردت الصعود لها ، ولكن ثمة احساس خفي، بعيد كان يؤكد لي .. انبلاج فجرٍ .. كفاطموباترا يوما ما . - هل ادخل ..؟؟ - خالد !! .. تفضل.. : رددت بصوت باهت، - امممم .. هل جئت في وقت غير مناسب ؟ - اطلاقا ، ولكني مستاء هذا الصباح !! - فاطمة ايضا !! - لا ادري هي .. ام انا ؟؟!! - قلت لك مرارا .. انس أمر هذه الفتاة !! - حاولت ولم افلح .. حبها يجري مجرى الدم في شراييني. - ولكن الى متى يا صديقي تسجن قلبك في قبضة هذه .. المعتوهة ؟؟ - ارجوك يا خالد .. دعني وشأني الآن . - انت تعلم انه لا جدوى مما تفعل .. فاطمة لن تكون لك طالما انت بهذا الانكسار وانت خير من يدري كيف تفكر فتاتك ؟ - تريدني ان ايقظ الرجل الذي بداخلي .!! - وماذا يمنعك ؟؟!! - لا اعلم من اين ابدأ ؟؟ من الماضي الذي يشدني الى الخلف ، او من الحاضر الذي يحاصرني بنصله الحاد ، او من الرجل المرتبك الذي يسكنني ولا ادري كيف اسيطر عليه؟؟!!. - ..................!!! ظللت وقتا طويلا .. افكر فيما آلت اليه حياتي من دمار خاصة بعد فقدان صفاء ، وكيف ان هزيمتي كانت هي الزلزال التي ضرب اتزاني وجعلني انظر للحياة على انها فرصة يجب اغتنامها مهما كلف الامر . منذ ذلك الحين ازددت انانية وغرور ، فلم يكن يهمني سواي .. ولا تقدير لاي مشاعر اخرى غير مشاعري. ومنذ ذاك الوقت اتسعت في بحر غضبي ، دوامة انتقامية هائلة ولم اكن ادري حينها انني في البدء انتقم من نفسي ، واحيل يقيني الى رماد متطاير !! كان الاسف فادحا ، وصفاء تدعوني لحضور زفافها .. وكنت كسجين يخبروه عن ساعة اعدامه .. وهو الوحيد الذي لا يمكنه ان يخلف الموعد .. ابداً !! اندسست وسط المدعوين ، لأخبيء بين همساتهم تلك القشعريرة التي ظلت تلازمني منذ أن اعلنت صفاء انهزامي . رأيتها ترفل في رداء الفرح ، يانعة ، متقدة وسعيدة .. هاهي كنوزي اقدمها بكل ارادتي الى مكتشف آخر .. الى غريم آخر !! بيدي قدمت له ،، ( الجنة ) في إمرأة واحدة .. !! ويلي من هذا الحنق الذي يسيطر علي الآن !!
دخلت شقتي تلك الليلة ثملا ،، اترنح من الالم ولاول مرة اشعر بأنني سكرانا ، قبلها كنت اشعر ان الخمر ترفعني من اخمص الالم الى قمة النشوة ،، ولكني اليوم اكتشف انها تشدني الى الاسفل ،، وترسلني الى حضيض الغضب ، واليأس !!
صفاء .. ها انتِ اليوم على بعد عُمر .. بعد ان كنتي قريبة على مرمي دمعة !!
انتحبت وحدي واذكر انها كانت اول مرة وآخرها ، فالدموع التي تساقطت على جرحي ، وهبتني مصلآ مضادآ طيلة الوقت .
يتبع
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فاطموباترا ( قبل ان يكتمل البوح ) (Re: سمرية)
|
فاطموباترا (8)
كانت ليلة ،، بلا نجوم والسحب تتشابك في حميمية يكشف البرق عن لحظات عناقها .. وهي تحمل بين كفيها غيم ازرق وتغرق في نشوة اللقاء .. والليل يخرج عن مساره ليعلن لي في صمت مدوي .. عن .. قدوم حب آخر .. ،، عن احتياج جديد .. عن ميلاد كنت انتظره منذ عهد بعيد !!
كنت حينها اجلس في المقهي المجاور لمكتبي حيث تعودت ان ألجا اليه كلما عركتني ضغوط العمل هناك ، في المصنع ، الشركة والبضائع في الميناء !! كنت وحدي اجلس في الطاولة وامامي مفكرة صغيرة احاول فيها ان اعيد ترتيب ملفاتي وبرامجي حتى سمعت صوتها .. عبر الهاتف الجوال : - انا ما زلت انتظرك !! وهاهو ناقوس آخر يدق اعصابي .. ويترنح قلبي بين ضلوعي منذ الوهلة الاولى التي رأيتها فيها .. وكان لصوتها فعل السحر.. فتغلغل الى اعماق صبري وتعطشي .. !! انهت اتصالها سريعا ثم رفعت رأسها لتجد نظراتي تحاصرها من كل صوب وفجأة سقط الجوال التي تحمله من يدها وتناثر على الارض قطع صغيرة ، وكانت فرصتي .. ألم اقل لكم انني صرت ماهر في اتنهاز الفرص ؟؟ اخذت اجمع القطع المبعثرة وهي تنظر الي في ذهول وحيرة .. ربما كانت دهشتها بسقوط جوالها .. او ربما كانت بسرعة مبادرتي او ربما .. لتسارع الاحداث بعد نظراتي التي رشقتها بها ، في لحظة كان جوالها كاملا معافا .. كأن لمساتي اعادت اليه الحياة وكانت يدي تعمل بسرية ماكرة في ( اول عملية اجرامية اقوم بها تجاه هذه الفتاة ) وكان الحوار دائرا بيننا : - الحمدلله ان جوالك من نوع جيد !! - لا اظنه سيعمل بعد الآن ؟؟ - لا سيدتي انه يعمل الآن - لابد وانك متخصص في هذا المجال ؟؟ - انا رجل اعمال وحسب !!
في تلك اللحظة كنت قد طلبت رقمي وانا ممسك بجوالها ولحسن حظي كنت قد وضعت جوالي في الحالة الصامتة منذ ان خرجت من المكتب حتى لا يطلبني أحد وانا هاربا من ذاك الجو الطارد !!
رن جوالي في صمت ،، وكان رقم جوالها في اللحظة .. يسكن في طيات دفتره .. بحنو .. استشعرته حين اهتز جوالي في جيبي .. فسرت قشعريرة في جسدي من نشوة الانتصار !!
اقترب من طاولتها رجل في الخمسين من عمره .. وكنت حينها قد اعدت اليها جوالها واقفا اودعها وهي تشكرني بفتور غريب لم اتوقعه !!
- لم اعرف اسمك ؟؟ - فاطمة - .. ,, - اهلا أبي .. الاستاذ اصلح لي جوالي الذي سقط بعد اتصالك بي !! - تشرفنا وشكرا لهمتك !! - هذا واجبي .. اسمحوا لي سأنصرف الآن - تفضل - الى اللقاء
رحلت عنها وفي جيبي .. يسكن حلمي ولسان حالي يقول : كل شيء قد يضيع الا وجهها .. وهاتفي الذي يسمعني صوتها. وغادرت المقهي والغرور يغزو قلبي .. من جديد !!
يتبع
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فاطموباترا ( قبل ان يكتمل البوح ) (Re: سمرية)
|
فاطموباترا (9)
جلست ذلك اليوم داخل غرفتي وانا اقلب طيفها بين كفي .. وادير ملامحها كما اشاء ،، ففي عينيها اللوزيتين تسكن الاهرامات بشموخها وحضارتها وتصطف على ساحل البحيرة رموشها التي تتهادى كالنخيل حينما تلامسه نسمات نديات ،، ومن بين شفتيها ينبع النيل صافيا ..جذلا .. ويافعا .. ليحتضتن الضفتين بلهفة سجين يتوق للحرية .
غفوت لبرهة فماانفك طيفها يطاردني وصوتها الحلزوني يفاجأني كل غفوة .. ويتقصى .. تشاغلي عنه .. ( انا ما زلت انتظرك )!! تفحصت كلماتها .. بمجهر عالم .. وتدبير حكيم .. وسخرت في البداية ولكن فيما بعد .. ترائت امامي رويدا .. رويدا .. فتاة كاملة الدسم .. من نبرات صوتها .. استشعرت رحيق انوثتها .. ومن تلك النظرة الفاترة .. التي رمقتني بها وهي تودعني .. عرفت أنني هلكت لا محالة!! لها هدوء مثير للغرائز الراكدة .. والمتحفزة ايضا.. فحينما كنت اعالج جوالها .. كنت ارقب اناملها التي كانت تداعب بهم كتفيها .. تمنيت لحظتها ان تصدح موسيقى جسدها بعزفي الصاخب .. وان اضبط ايقاعي على نوتته الموسيقية المستفزة وكم وثقت بانني يوما .. سأحظى بهذا .. وساحصل بعدها على اجازة في العزف على جميع الالات الموسيقية .. !!
(انا مازلت انتظرك )!! .. كيف يا ترى يكون الانتظار .. لدى فاطموباترا .. ََّ؟؟ ََّهكذا احببت ان اناديها .. فمنذ الوهلة الاولى عرفت انها لن تكون .. فاطمة وحسب .. ولن تكون محض امرأة ..منذ الوهلة الاولى عرفت بانها .. ستكون سيدة العمر .. والانثى التي ضاجعتها أحلامي منذ أمد بعيد!! أؤمن دوما حسب فلسفتي التي اكتسبتها حين لطمني الحزن سابقا بان الانتظار في عرف اي امرأة هو قنبلة موقوتة محددة بزمن معين .. مرتبطة به ارتباط وثيق متى ما حانت ساعة الصفر انفجرت لتعلن احتضار كل شيء طالما انقضت مدة صلاحيته .. فاالانتظار لدى المرأة .. ضيق الصدر .. نافذ الصبر . وكما ليس بمقدور اي امراة التكهن بميعاد مخاضها فليس بمقدورها ايضا تحديد ساعة نفاذ صبرها .. وعجيب امر النساء !!
وجدت نفسي ولاول مرة .. مسجونا في هذه الفاطمة .. محاصرا من كل صوب .. فقدت حريتي التي اعشقها وصرت أراها حلما مستحيلا بعد أن اقتحمت حياتي .. هكذاََََ ََََ!! لما جاءت فاطمة في مثل هذا الوقت .. لما اعدمت فرحي وحزني بطلقة واحدة ؟؟ فمنذ ذلك اليوم .. لم اعد شخص واحد .. فقد أتت فاطمة وسكنت بداخلي .. جاءت بحاشيتها وعرشها واستوطنتني .. وفتحت كل الابواب الموصدة .. والنوافذ ،، فدخل الحب .. ذلك المارد !!
وصرت ابحث عن حقيقة مايحدث معي .. عن هذا الطوفان التي اجتاح مدن جنوني .. فلما يا ترى يسيطر علي كيانها بهذا النحو ؟؟.. وأنا على ثقة بان هذا الانعطاف الخطير في مشاعري ليس له ثمة علاقة بكونها جميلة ... او مثيرة أو فاتنة .. ، فصفاء كانت اكثر جمالا بقامتها الفارعة وملمسها الحريري .. صفاء كانت النهر العذب الذي سقاني من الحب اعذبه ومن العشق اثمله فهل ساجد عند ( فاطمة بعض ما وجدته عند صفاء .. وعجبا !! لا يرضيني ( العطاء المطلق ) عند صفاء واحلم بالقليل منه عند ( فاطمة ) والتي لا اعرف الآن كيف ابحث عنها وهي تسبح في دمي .. ؟؟ وكيف الج اليها .. وغواصتها محمية لا اقوى على اقتحامها؟؟
فاطمة .. أيتها .. الملاك .. الآثم .. و الحرف الشرس ، والشمس النضرة ، المغامِرة الخائنة والمتاهة الوفية . الأنوثة الثملة بأكواب الغرور المعتق من صلف النبيذ الحاد!! فاطمة اللبوة الطائعة ، والقطة المشاكسة ،القابعة في تابوت الارض بعد ان دفنت في كهف القمر ، المنشورة من رميم دموعها .. الرابضة في عرين آدم !!
الخائرة التي تداعب الضوء .. وتعلم المطر .. الرماية.
فاطمة .. الفاسقة .. والقديسة ، المبالية بالحدائق المهملة . و العابثة ، بالمهاجرين ، بالمتطوعين ، بالنمر المتغرطس ، وبالاشارة الخضراء الهزيلة!!
فاطمة المقيمة ، في قواقع الظلم ، وتحلم ببحر اليقين العادل والاقامة الجبرية في مهد الرعونة . فاطمةالفارة من شجر الليمون المتعجرف ، الي الازهار اليابسة في الحلق.
فاطمة ، صولجان الحارس الملكي ، تاج الاميرة المسروق ، والايقونة!! فاطمة، المتكاثرة في خلية النوار ، البؤبؤ المثير للنظرات المريبة ، المحفزة للعصافير الشبقة . . فاطمة ، المثيرة للشفقة ، الجديرة بالاعجاب ، اللزجة . انها فاطموباترا .. الالهة !!
يتبع
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فاطموباترا ( قبل ان يكتمل البوح ) (Re: طلال عفيفي)
|
وقد جاءت فاطموباترا من جديد !!
وهاهي تدلف اليكم بعد غياب .. !!
كانت فاطموباترا كل ذلك الوقت تكابد شوقها .. حتى تضع بين حروفكم حملها .. الذي يناضح .. ملح القلق .. وقسوة المخاَض !!
فاطموباترا .. يا سادتي .. ذلك الحرف الشرس .. والالفة المحببة .. تعود الي حفاوة استقبالكم .. وترحابكم ..
***
رندا حاتم ، طلال عفيفي
فاطموباترا .. هي الوليد الشرعي لحبي لكم !!
| |
|
|
|
|
|
|
|