دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
الثقافة الشفاهية في حياتنا أو نظرتنا لأهمية التوثيق
|
نشأ جيلنا تحت تأثير القالة التي جرت مجرى الحكمة بأن " القاهرة تؤلف وبيروت تطبع والخرطوم تقرأ " . هي قالة جيدة إن نظرنا إليها من ناحيتها الإيجابية بأن الشعب السوداني شعب قارئ . لكنها أيضاً قالة تدين سلوكنا إن نظرنا إليها من زاوية أننا شعب متلقي لإنتاج الآخرين . الأصل في العملية الثقافية كما هو الأصل في الحياة كلها هو التفاعل الإيجابي أخذاَ وعطاءً. أود في هذا البوست بمعاونة الجميع أعضاء وقراء تسليط الضوء على نظرتنا لأهمية التوثيق في حياتنا . فأحداث كثيرة في عددها، مؤثرة في تداعياتها ، كبيرة في نتائجها لا تزال معلومات الكثيرين منا عنها شفاهية المصدر . كثيرون ممن تقلدوا العمل العام خرجوا منه وربما غادروا دنيانا الفانية قبل أن يسطروا لنا شهادتهم عما جرى في زمانهم . شهادتهم هذه ليست ترفاً فكرياً إنما هي ضرورة أخلاقية لكى تفهم الأجيال اللاحقة حقيقة ما جرى ، ذلك أن المرجع الحقيقي لفهم أى مشكل مستجد هو دراسة التاريخ واستنباط العبر والحكمة من ثنايا أحداثه فالتاريخ كما يقولون حلقات متصلة . دعوتي في هذا البوست لمن يملك معلومة موثقة ألا يبخل بها علينا ، يصوبنا في ماأخطأنا ، يحيلنا للمرجع الصحيح إن كنا به جاهلين .
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الثقافة الشفاهية في حياتنا أو نظرتنا لأهمية التوثيق (Re: عاطف عمر)
|
لا شك أن الثورة المهدية في جانبها السياسي هي مفخرة للشعب السوداني الذي توحد تحت قيادة سودانية معتمدة على إيمانها بربها وعدالة قضيتها وبإمكانيات مادية شحيحة قد طردت المستعمر وأقامت دولة سودانية بحكم وطني كامل السيادة . صاحب هذه المسيرة روايات كثيرة عن المثالب ( المحكية شفاهة ) أو في نذر كتابي قليل أورده نعوم شقير في مؤلفه ( تاريخ السودان ) أو الدكتور منصور خالد في مؤلفه ( السودان أهوال الحرب وطموحات السلام – قصة بلدين ) أو القصص القصيرة التي أوردها عصمت زلفو في مؤلفه ( الخليفة – السنوات الأولى 1846-1885 ) . المواقف من الصوفية والعلماء المواقف من رافضي فكرة المهدية مذبحة أو ( كتلة المتمة ) وغيرها وما نتج من هذه المثالب من تذمر أوصل البعض لطلب الاستنجاد بـ ( الكافر الغريب ) ليخلصهم من الحكم الوطني المسلم .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الثقافة الشفاهية في حياتنا أو نظرتنا لأهمية التوثيق (Re: عاطف عمر)
|
ثورة مايو ، إنقلاب مايو ، طغمة مايو أياً كانت التسمية ، وأياً كان الموقف منه . فهو نظام سوداني حكم البلاد لمدة ستة عشرة عاماً ، أفرز واقعاً جديداً ، أبرز ساسة جدد شهدتهم الساحة السياسية لأول مرة . لا يزال بعضهم في الساحة السياسية بعد أن بدل قميصه . نظام إتفق معه من إتفق من أحزابنا السياسية و تحالف معه من تحالف من أحزابنا السياسية وعارضه من عارضه من أحزابنا السياسية وصادمه من صادمه خلال مراحل عمره المتقلبة من اليسار إلى اليمين. أظهر ساسة جدد وأعدم ساسة كبار ، إغتنى في ظله من إغتنى وتشرد بسببه من تشرد . معلومات جيلنا عنه هو ما عايشناه ، ومعلومات الأجيال اللاحقة لنا هي الروايات الشفاهية الكثيرة أو نذراً من بعض المؤلفات القليلة هنا وهناك . ماقلته عن مايو يصح تجييره أيضاً بكل تساؤلاه عن نظام نوفمبر أو نظام عبود . كيف ولماذا كان الإنقلاب أصلاً ؟؟ ولماذا وكيف استمر ؟؟ وما هى العبر والدروس المستفادة ؟؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الثقافة الشفاهية في حياتنا أو نظرتنا لأهمية التوثيق (Re: عاطف عمر)
|
الأستاذ محمد أحمد محجوب كان من العارفين بأهمية توثيق تجربته لهداية الأجيال اللاحقة .أصدر كتابه " الديمقراطية في الميزان " . هو كتاب بالغ الأهمية ، سعى من خلاله لتقويم تجربة الديمقراطية اللبرالية في فترتيها الأولى والثانية . نقلنا الكتاب لنعيش تجربة تلك السنين من وجهة نظر الكاتب . بدأ الأستاذ المحجوب في ( وقت التأمل ) بقوله " ليس هذا عرضاً تاريخياً للحوادث التي سادت حياة أحد رجال السياسة ، بل محاولة للتأمل في بعض الحوادث التي أثرت في مصير بلدي أو كان لها أثر بعيد المدى في القارة الإفريقية والشرق الأوسط . إن ما جعلني أقرر كتابة هذه التأملات في الدرجة الأولى هو إنني في الرابعة والستين ، في خريف العمر ، منفي عن وطني باختياري ." ومضى يقول " يحاول السياسيون جميعاً الوصول إلى ذروة السلطة ، فيكون بعضهم أسرع في الوصول من بعض . منهم من يتمسك بالحكم فترة طويلة ، ومنهم من يسقط بسرعة . وحين يذهبون تظل منجزاتهم وأخطاؤهم رهناً بحكم التاريخ ، وقد لا يأتي حكم التاريخ أحياناً في أثناء حياتهم . " مع التأكيد لأهمية الكتاب من الناحية التوثيقية ، إلا أن أكثر إنتقاد وجه للكتاب أنه أغفل أهم حدث وقع في الفترة التي أراد الكاتب تقويمها . أغفل الكاتب الإشارة لقضية حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه المنتخبين من الجمعية التأسيسية . وما ترتب على ذلك من رفض المحكمة العليا لقرار الجمعية التأسيسية للحكم وهو الأمر الذي قاد الشيوعيون للعمل في الظلام بعد أن طردوا من العمل تحت ضوء الشمس . لذلك لم يكن مستغرباً ظهورهم في ( أواخر شهر مايو) حيث ( مايو إتولد )
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الثقافة الشفاهية في حياتنا أو نظرتنا لأهمية التوثيق (Re: عاطف عمر)
|
Quote: نشأ جيلنا تحت تأثير القالة التي جرت مجرى الحكمة بأن " القاهرة تؤلف وبيروت تطبع والخرطوم تقرأ " . هي قالة جيدة إن نظرنا إليها من ناحيتها الإيجابية بأن الشعب السوداني شعب قارئ . لكنها أيضاً قالة تدين سلوكنا إن نظرنا إليها من زاوية أننا شعب متلقي لإنتاج الآخرين . الأصل في العملية الثقافية كما هو الأصل في الحياة كلها هو التفاعل الإيجابي أخذاَ وعطاءً. أود في هذا البوست بمعاونة الجميع أعضاء وقراء تسليط الضوء على نظرتنا لأهمية التوثيق في حياتنا . فأحداث كثيرة في عددها، مؤثرة في تداعياتها ، كبيرة في نتائجها لا تزال معلومات الكثيرين منا عنها شفاهية المصدر . كثيرون ممن تقلدوا العمل العام خرجوا منه وربما غادروا دنيانا الفانية قبل أن يسطروا لنا شهادتهم عما جرى في زمانهم . شهادتهم هذه ليست ترفاً فكرياً إنما هي ضرورة أخلاقية لكى تفهم الأجيال اللاحقة حقيقة ما جرى ، ذلك أن المرجع الحقيقي لفهم أى مشكل مستجد هو دراسة التاريخ واستنباط العبر والحكمة من ثنايا أحداثه فالتاريخ كما يقولون حلقات متصلة . دعوتي في هذا البوست لمن يملك معلومة موثقة ألا يبخل بها علينا ، يصوبنا في ماأخطأنا ، يحيلنا للمرجع الصحيح إن كنا به جاهلين . |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الثقافة الشفاهية في حياتنا أو نظرتنا لأهمية التوثيق (Re: عاطف عمر)
|
أعجبتني هذه الجزئية من مداخلة الأخت العزيزة ماجدة عوض خوجلي في بوست آخر Quote: انا غايتو ياعاطف اخوى لابحزن ولامع يحزنون انزل وحياتك التالت والرابع عادى وبكل احساس وجلد تخين اجيبو واجى .اساسا انا بيكون عندى كلام عايزه اقولو المهم انى اقولو صفحه اولى ولا خمسين مافرقت لمن اكون عايزه اجبيه الاولى بجيبو |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الثقافة الشفاهية في حياتنا أو نظرتنا لأهمية التوثيق (Re: عاطف عمر)
|
الفاضل عاطف..
سلام وتقدير..
وجدت نفسي أتذكر شخصيات قابلتها تصلح لإعطاء المعلومة وتوثيق الأحداث.
الأستاذ السر قدور.. هو رجل موسوعة الأستاذ محمد صالح.. مدير إذاعة نيالا.. يعرف كل الحكايات الشعبية والتاريخية عن دارفور.. وهو (راوية) بحق.
تعود البعض منا الجلوس إلى حبوباتنا لسماع بعض الحكايات عن أهلنا القدام أو الحياة قديما.. لم نفكر للحظة في كتابة هذه الحكايات..
سأرجع تاني..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الثقافة الشفاهية في حياتنا أو نظرتنا لأهمية التوثيق (Re: Raja)
|
Quote: لم نفكر للحظة في كتابة هذه الحكايات.. |
رجاء الغالية كالعهد بك وضعت يدك مكان الوجع تماماً الأستاذ السر قدور ، وتوأمه الأستاذ عمر قدور والأستاذ محمد صالح الذي تفضلت بذكره وكثيرون غيرهم يصح إعتبارهم شهوداً على عصرهم . تختزن ذاكرتهم ذكريات ومواقف . إن كان الحاضر ملك لنا فالمستقبل هو ملك للأجيال القادمة ومن حق هذه الأجيال علينا أن نملكها ( تاريخها ) موثقاً بدلاً أن نتركه ( للمشافهة ) فيتغير تمدداً واختزالاً . لفت نظري كثرة ( الضباط الأحرار ) الذين كتبوا مذكراتهم عن دورهم في ثورة 23 يوليو بمصر .يكاد يكون كل الذين شاركوا في التنفيذ كتبوا ذكرياتهم مبينين فيها كل الخطوات التي أدت إلى والكيفية التي تم بها التنفيذ . صحيح ساد معظم الكتابات ( الشخصنة وتفخيم الذات ) لكن القارئ الحصيف سيتعرف على المعلومات الأساسية المهمة .فكم من أحداث مرت علينا في السودان أبطالها لا يزالون أحياء لكن قلمهم ضنين . قد يقول قائل أن معظم من نطلب شهادتهم أو مذكراتهم لا يملكون أدوات الكتابة ( الفنية ) . ذلك صحيح لكن الصحيح أيضاً أنه توجد دور نشر وكتاب للمذكرات يؤدون هذه المهمة وأنت خير من يفتينا .
وبرضو في إنتظارك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الثقافة الشفاهية في حياتنا أو نظرتنا لأهمية التوثيق (Re: Raja)
|
الاخ عاطف عمر شكرا لك على طرق هذا الموضوع الهام..خاصة وان تاريخنا يحتاج المكتوب يحتاج الى اعادة مراجعة، وتاريخنا الشفاهي يحتاج الى خطوات حثيثة لجمعه.. اذكر انني قابلت في بداية التسعينات احدي زوجات ابناء الخليفة على ود حلو.. بمنطقة كوستي ، واوشكت ان تكون احدى ضحايا خروج الناس من مدينة امدرمان قبل خروج الخليفة منها صوب ام دبكيرات، وقد ادلت الى بمعلومات هامة عن تلك الحقبة.. واذكر من الشخصيات الهامة د. فيفيان امينة ياجي الفرنسية الاصل ، زوجة الاستاذ محمد احمد ياجي وزير السلام السابق في الحكومة الانتقالية السابقة.. وثقت مدام ياجي كثيرا لتاريخ الثقافة الشعبية السودانية والخليفة عبد الله والخلفاء من بعده. قادت دراسات د. ياجي لتاريخ السودان، وعدم حيدة المصادر التي اضطلعت بهذه المهمة، الى اعداد رسالة الدكتوراة خاصتها، بعد تجاوزها سن الستين في الخليفة عبد الله، وقد كانت الدكتوراة باللغة الفرنسية وذلك حتى توصل للعالم الغربي رسالة بان تاريخ ذلك الرجل قد تلاعب به المؤخرون كثيراَ، كما تدعي.
الى جانب ذلك ،الفت كتبا عن الاحاجي السودانية، اذكر ان احدهم عنوانه: الفارس الافريفي او الفارس الاسود، حسب الترجمة الحرفية: Le Chevalier Noir وغيره من الكتب والدراسات والسنمارات الدولية التي شاركت فيها .. فضلا عن الاسهامات الاخرى للمرأة في تدريس علم الحديث بجامعة امدرمان الاسلامية واللغة الفرنسية بشعبة اللغة الفرنسية بكلية الاداب. كل هذه المؤلفات مكتوبة بطريقة الترانسليتراشن.. المراة كنز لا ينضب معينه..معرفتها بالثقافة السودانية تفوق معرفة الكثيرون والكثيرات من العاملين في هذا المجال.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الثقافة الشفاهية في حياتنا أو نظرتنا لأهمية التوثيق (Re: حليمة محمد عبد الرحمن)
|
الأخت الكريمة حليمة عبدالرحمن
تحياتي والإحترام
جزيل شكري وامتناني على هذه المداخلة الثرة العميقة .Quote: خاصة وان تاريخنا يحتاج المكتوب يحتاج الى اعادة مراجعة، وتاريخنا الشفاهي يحتاج الى خطوات حثيثة لجمعه.. اذكر انني قابلت في بداية التسعينات احدي زوجات ابناء الخليفة على ود حلو.. بمنطقة كوستي ، واوشكت ان تكون احدى ضحايا خروج الناس من مدينة امدرمان قبل خروج الخليفة منها صوب ام دبكيرات، وقد ادلت الى بمعلومات هامة عن تلك الحقبة.. |
نعم يا حليمة ولكم أرجو ممن تتوفر لديهم الوسائل أن يدونوا من أفواه أبطال الأحداث أو شهودها إفاداتهم . ولكم يشرفني كذلك أن يكون هذا البوست محرضاً لك لتسطير المعلومات التي أدلت لك بها زوجة الأمير علي ود حلو .Quote: قادت دراسات د. ياجي لتاريخ السودان، وعدم حيدة المصادر التي اضطلعت بهذه المهمة، الى اعداد رسالة الدكتوراة خاصتها، بعد تجاوزها سن الستين في الخليفة عبد الله، وقد كانت الدكتوراة باللغة الفرنسية وذلك حتى توصل للعالم الغربي رسالة بان تاريخ ذلك الرجل قد تلاعب به المؤخرون كثيراَ، كما تدعي. |
مع التحية والتجلة للسيدة فيفيان امينة ياجي إلا أن هذا الدكتوراة المستحقة التي حازتها لهي أنصع دليل على ثراء وعظمة تراثنا ( المشتت ) في ذاكرة الأفراد .بحاجة فقط لذلك ( الغواص/ة ) الماهر لأعماق ذاكرة الشهود ليجلب لنا دراً نفيساً . لا حد لسعادتي بمداخلتك وأتعشم في المزيد .
كوني بألف خير
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الثقافة الشفاهية في حياتنا أو نظرتنا لأهمية التوثيق (Re: عاطف عمر)
|
تعالوا نسمع قصة السيد المرحوم ميرغني حمزة مع ( المهدية ) يرويها الدكتور منصور خالد .
" نستذكر قصة مع ميرغني حمزة رحمه الله . كان ميرغني بين أبناء جيله رجلاً شامخاً . لا يلحق شأوه في النظرة العقلانية للأمور العامة ، إلا أن تلك العقلانية لم تسعفه في حالة واحدة : نظرته للمهدية . سألته : لماذا- مع عقلانيته- يبغض المهدية بغضاً غريزياً ؟؟ لم يرق له السؤال ، بل تجهم وجهه وأخذ يحملق فىً وكأنه يقول : ما أغباك !!! ثم أخذ الكلام يتلكأ في لسانه ( وتلك حالة كانت تعتريه دوماً عند الغضب ) قبل أن ينطلق : إنت... إنت ... إنت ما عارف أنا إتولدت وين ؟؟؟ ولدتني أمي في الصحراء ، تحت ظل شجرة تنضب أثناء هروبها من المتمة حماية لشرفها مما لحق بغيرها من بنات الجعليين . "
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الثقافة الشفاهية في حياتنا أو نظرتنا لأهمية التوثيق (Re: عاطف عمر)
|
العزيز عاطف..
سلام ومحبة..
إتعودت أستنطاق "أمي" بحكايات أهلنا وحبوباتنا خاصة.. وبالمناسبة المرأة في بلدنا ليها من القوة والجلد في مواجهة الحياة ما يعطينا الأمل في مقابلة أي محن..
روت لي أمي من أيام حكاية حبوبتنا "فاطمة بت اللمين" والدة جدي محمد علي جد والدي وأمي.. كانت قد ترملت وهي بعد شابة لم تتعد العشرين، ترك ليها جدنا الأكبر "موحمد سعد" بنتا "حسنة" وجنينا في بطنها "محمد علي" رأى الدنيا بعد رحيل والده بشهور قليلة.. تعودت حبوبة فاطمة على الذهاب إلى سوق "المكنية" وهو سوق يبعد من المحمية غرب مسافة محطة قطار.. وكان ذلك مرتين في الاسبوع، كانت تشتري الدهن "الودك" وتضعه في قفة كبيرة نحملها على كتفها، وتشتري بلحا تأكله في الطريق.. فقد كانت تسير كل المسافة على أقدامها. عند حضورها للبيت تقوم بتسخين ذلك "الودك" وتعبئته في صفائح حديد تأخذها للسمكري ليلحمها لها وتخزنها. وفي الأيام التي لا يكون فيها سوقا.. تقوم بغزل القطن وتخزين "السدايات".. .. إستمرت بذلك العمل لسنوات.. ولم تتزوج بعد جدي، حتى كبر إبنها "محمد علي" فأعطت كل الصفائح والغزل لأخوانها وطلبت منهم أن يقبلوه كرأس مال لبداية تجارة إبنها، وأرسلته معهم إلى الحبشة.. فقام ببيع كل بضاعته وعاد ببضاعة وهكذا دخل سوق التجارة..
..
مثل "فاطمة بت اللمين" هناك مئات النساء اللائي وقفن كالصخر أمام رياح الحياة..
أحييهن أجمعين.. فمنهن نتعلم، ومنهن نكتسب مزيدا من القوة..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الثقافة الشفاهية في حياتنا أو نظرتنا لأهمية التوثيق (Re: Raja)
|
Quote: إستمرت بذلك العمل لسنوات.. ولم تتزوج بعد جدي، حتى كبر إبنها "محمد علي" فأعطت كل الصفائح والغزل لأخوانها وطلبت منهم أن يقبلوه كرأس مال لبداية تجارة إبنها، وأرسلته معهم إلى الحبشة.. فقام ببيع كل بضاعته وعاد ببضاعة وهكذا دخل سوق التجارة..
مثل "فاطمة بت اللمين" هناك مئات النساء اللائي وقفن كالصخر أمام رياح الحياة.. أحييهن أجمعين.. فمنهن نتعلم، ومنهن نكتسب مزيدا من القوة.. |
ياااااااه يا رجاء يا لهن من جيل ويا لهن من نساء شامخات يرضعن ( الرجالة ) لأبنائهن ويرضعن ( العفاف والشموخ ) لبناتهن
نساء من بلدي
عنوان كتاب أهديه لك ، بهمتك وهمة الهميمات مثلك يمكن أن يخرج لنا قصصاً ملهمة لأمثال "فاطمة بت اللمين" .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الثقافة الشفاهية في حياتنا أو نظرتنا لأهمية التوثيق (Re: عاطف عمر)
|
لا يذكر التوثيق إلا ويذكر الأستاذ محمد إبراهيم أبو سليم أول مدير سوداني لدار الوثائق المركزية . تنقصني المعلومة الصحيحة عن سيرته الذاتية ليت بعض الأخوان/ت ينير طريقنا لكنني قطعاً أكن له كثير من الإحترام كيف لا وهو المسهم الأكبر في حفظ تاريخنا بل وهو المحقق لكثير من الكتب القيمة وهو المؤرخ الأمين .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الثقافة الشفاهية في حياتنا أو نظرتنا لأهمية التوثيق (Re: عاطف عمر)
|
الدكتور منصور خالد ، أعطى التوثيق معنى ، نتفق أو نختلف مع رؤاه أو مواقفه . لكننا لا نملك إلا أن نحترم إحترامه لعقل قارئ كتبه . وثق لفترة مايو ، ووثق لفترة الإنتفاضة ، ووثق لفترة الديمقرطية الثالثة . رفد الكتبة السياسية بكتب لا يستطيع سياسي أو متابع جاد للشأن السوداني أن يتجاوزها . حوار مع الصفوة لا خير فينا إن لم نقلها السودان والنفق المظلم الفجر الكاذب نميرى وتحريف الشريعة النخبة السودانية وإدمان الفشل جنوب السودان في المخلية العربية السودان أهوال الحرب وطموحات السلام ( قصة بلدين ).
يقولون إن أصدق التاريخ ماكان شهوده أحياء . في كتبه المذكورة أعلاه تعرض الدكتور منصور خالد لتشريح مواقف الساسة وجلهم أحياء . الأمر الذي يدعو للتأمل أن لم يتصدى أحد منهم بصورة جادة ( وجلهم ممن يملكون اليراعة والبراعة ) لتنفنيد ما ذكر عن / الدفاع عن مواقفهم .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الثقافة الشفاهية في حياتنا أو نظرتنا لأهمية التوثيق (Re: عاطف عمر)
|
العزيز عاطف..
سلامات..
مواصلة للتوثيق.. من شوية إستلمت رسالة من الصديقة الحبيبة أمال كنة، وفيها رسالة قالت عايزانا نشاركها فيها لما بها من جمال حكى..
كاتب الرسالة هو الأستاذ عمر القراي.. وهو يأبًن العم الجليل الأستاذ يونس الدسوقي.. له الرحمة
______
في العالمين!! رجل فقير، نزيه، عف اللسان، مستقيم الخلق، ينضح إباءً وشمما، مثقف يدمن الإطلاع، ويطرب للحوار، في عينيه حزن دفين، تراه فلا تخطئ في ملامحه هموم الوطن ومعاناته، إذا حدثك وددت لو انه لا يصمت، وإذا انصت إليك تمنيت لو انه ينطق بكلمة!! كان جلَّ وقته مقسماً بين الجلوس، في كرسي قديم، داخل كشك ملئ بالكتب والمجلات، في وسط سوق مدينة كوستي في الستينيات، وقد كتب عليه بطلاء باهت «مكتبة الفكر».. وبين المعتقل الذي ما يكاد يخرج منه، حتى يدخله من جديد، باعتباره من أهم قادة الحزب الشيوعي السوداني، في المدينة، بل وعلى نطاق السودان.. ثم الوقت الذي يقضيه في المحاضرات، والندوات، وجلسات الحوار، بمنزل صديقه الاستاذ محمود محمد طه بحي المرابيع.. تلك باختصار كانت الحياة الثرة، التي عاشها العم يونس الدسوقي، والتي لم يمل تكرار الحديث عنها، حتى آخر أيامه.. لقد كان يونس الدسوقي مثقفاً عتيداً، تخرّج من مدرسة الكادر، يناقش في الديالكتيك، والمادية التاريخية، ويقرأ بنهم لكافة المدارس الفكرية والأدبية، ويحفظ نهج البلاغة، والمتنبي، وابوتمام والبحتري، ومقاطع من الأدب العالمي، عن ظهر قلب!! ويحاور زبائن مكتبته في ما يشترون من كتب ومجلات.. أول مرة سمعت عن عم يونس الدسوقي، كانت من الاستاذ محمود.. قال: «لما كنا في كوستي كان من ضمن الناس البزورونا، شيخ فلان (ذكر الاستاذ الاسم ولكني لا اذكره الآن).. وكان القاضي الشرعي، وإمام الجامع الكبير، وبرضو اظنو المأذون.. يقعد معاي مرات ساعة أو ساعتين، ما يتكلم الا عن تأخر العلاوة، وكيف انو جماعتو في الشؤون الدينية، منعوا عنو الترقية.. بعدين تلقاه يتكلم عن الغلاء، وزيادة سعر اللحم، والسكر وكدا.. بعد شوية يجي صاحبنا يونس الدسوقي، راجل اغبش، وشيوعي معروف، ودائماً يعتقل، أول ما يقعد أسالو عن حالته، طوالي يبدأ يتكلم عن وضع البلد، واخطاء سياسات حكومة ناس عبود.. وكيف الناس تعبانة والوضع في الجنوب متأزم.. وتشعر انو يتحسر على الفقراء، ويتألم لحالة المعدمين، )ثم ابتسم وقال) رجل الدين مشغول بي علاوته، والشيوعي مشغول بحال الناس!! قبل أن أقابل عم يونس في القاهرة، حيث استقر حين هجر السودان، حدثني الأخ د. صلاح الزين بأن عم يونس، قابل مجموعة من المثقفين السودانيين، فنقد لهم، موقف المثقفين من محاكمة الاستاذ محمود واغتياله.. وحدثهم كيف أن الاستاذ حين واجه المحكمة، كان يعبر عن ضمير الشعب السوداني، ولم يكن يعبر عن فكرته، التي يختلفون معه حولها.. ولهذا لم يكن يستحق منهم هذا الخزلان.. ثم أخذ يحدثهم عن سيرة الاستاذ محمود حتى بكوا جميعاً!!
عندما زرت عم يونس الدسوقي، في الفندق الصغير، الذي كان يقيم فيه بالقرب من ميدان رمسيس، في وسط القاهرة، في منتصف التسعينيات، وعرفته بنفسي بادرني قائلاً: وين جمعة حسن؟! أخبرته أنه في أمدرمان. فقال: جمعة دا كان طالب في المدرسة الصناعية، في كوستي لما دخل معانا في الحزب الشيوعي.. وكان طاقة عجيبة، يمكن يساوي عشرة من زملاهو.. قام غاب عننا زي سنة كدا، لقيتو شايل كتب الجمهوريين يبيع فيها!! قلت ليهو: يا جمعة الحكاية شنو؟ مالك خليتنا وبقيت مع الجمهوريين؟! قال لي: يا عم يونس انا والله بحترمكم.. لكن اليقين الشفتو في عيون الاستاذ محمود، ما شوفتو في غيرو.. قلت ليهو: صدقت يا ولدي.. صدقت.. دعوت العم يونس في شقتنا بحي النصر، وحضر عدد من الاصدقاء، وطلبوا منه ان يحدثهم عن حركة النضال الوطني، حين كان ناشطاً فيها، في الخمسينيات والستينيات.. فتحدث قليلاً عن نشأة مؤتمر الخريجين، وبدايات الاحزاب السياسية، ومواجهة الحزب الشيوعي لنظام عبود.. ثم آثر ان يتحدث عن الموضوع، الذي يعشقه، ولا يمل الحديث فيه، وهو سيرة الاستاذ محمود فقال: «محمود كان شغال في المشاريع، بتاعة النيل الابيض، هو مساح شاطر، لكن أشتهر أكثر، بانو برضو أمين، ودقيق، بصورة ما طبيعية.. الملاك كانوا ما بدو غيرو شغل الا ما يلقوه.. كان يقضي ثلاثة، اربعة شهور، في المشاريع، وبعدين يجي كوستي، كان يجيب معاه حصيلة عمله حوالى خمسة آلاف جنيه!! ودا كان مبلغ خرافي.. اذا كان قاضي المديرية كانت ماهيته ثلاثين جنيها.. في غرفتو بتاعة بيتو الفي المرابيع، كان عندو تربيزة، بتاعة حديد يخت فيها القروش ديك كلها.. ومن الصباح للمسا الناس داخلين وما رقين.. نسوان ورجال ما عندهم شغلة بالندوة ولا النقاش البكون داير.. كل واحد منهم، يوسوس مع محمود، فيقوم يأشر ليهو على التربيزة، يمشي يشيل المبلغ الطلبو ويمرق!! المسألة دي تستمر لغاية ما القروش تكمل.. لا عندو خزنة ولا جزلان!! الناس ديل، فيهم واحدين بكفرو محمود، ويسبوه في غيابو ولما يجي، يجوا يشيلو منو قروش!! مرة واحد كان حاضر الحكاية دي، خلى الراجل شال الفي النصيب ومرق.. قام قال لي الاستاذ محمود، الزول دا بقول عنك كلام ما كويس.. وكان داير يشرح، محمود قام وقفو طوالي، وقال ليهو: أنا ما بهمني رأيو فيني شنو.. لكن بهمني رأيي أنا فيهو شنو.. ورأيي انو بستحق المساعدةََ!!
يقولو ليك في كتب الادب، فلان كان كالريح المرسلة، عليّ الطلاق محمود محمد طه، أجود من الريح المرسلة.. والمشاكل الكان بحلها لي ناس كوستي، والقرى الحولها، يمين وزارة الشؤون الاجتماعية ما تحلها..
لقد كنا نحاول أن يستريح عم يونس من الكلام قليلاً، فنعطيه ماء او شاي، ولكنه كان يرشف رشفة، ثم يواصل حديثه.. قال: مرة محمود جاني في المكتبة، وطلب مني كتاب ما بذّكر اسمو هسع.. لكن قال وهو دايرو، عشان يعرف منو اسم الفرعون، الكان مع سيدنا موسى.. اتصلت بي سودان بوكشوب في الخرطوم، ما وجدنا الكتاب.. قمت رسلت لي مكتبة في بيروت.. بعد أيام ارسلو الكتاب، عن طريق بنك باركليز، والجماعة اتصلو بي في المكتبة، عشان استلم الكتاب واسدد ثمنه، لكن التكلفة ما كانت عندي.. مر عليّ محمود كلمتو، برضو ما كان عندو.. وهي التكلفة كانت عشرة جنيه!! قلت لمحمود طيب نعمل كيف؟! قال: خلي البنك يرجعو!! بعد ما مشى، جاني القاضي المقيم، وكان الوقت داك عبد العزيز شدّو، حكيت ليهو القصة.. طوالي اتصل بمدير البنك، وقال ليهو من المبلغ العندكم باسم القاضي المقيم، اخصم عشرة جنيه، وارسل الكتاب لمكتبة الفكر.. بكرة لما محمود جا قلت ليهو: بالله دي حالة دي.. لا انا ولا انت عندنا عشرة جنيه، والمغفلين ديل عندهم مئات الجنيهات، واشرت الى بعض التجار. فقال: ما كفاية عليهم انهم مغفلين، كمان داير يكونوا فقرا!!
مرة كنت مفلس حق قفة الملاح ما عندي، وقاعد في الكشك ما عارف اعمل شنو، قام جا محمود.. قلت ليهو: يا استاذ انا تعبت من الفقر أعمل شنو؟! قال لي: كلم الله. قلت ليهو أكلمو كيف، وأقول ليهو شنو؟ قال لي: اطلع برا الكشك وارفع بصرك للسماء وقول: «رب اني لما انزلت الى من خير فقير» وصمت عم يونس ثم أردف: يا سلام يا محمود!! وعاجل دمعة، طفرت رغماً عنه، من مؤخرة عينه، بمنديل كان يحمله في يده، ثم راح في صمت وقور. صمتنا كلنا لدقائق، حتى خرج عم يونس من حالة الحزن، التي احتلت مشاعره.. فسأله احد الحاضرين: وعملت كدا يا عم يونس؟! قال: والله يا ولدي عملتها، وكان ما محمود ما بعملها وفعلاً في نفس اليوم، جاتني بيعة كتب، وكراسات للضهاري، يمكن حصَّلت قريب الثلاثين جنيها!!
سأله أحد الحاضرين: انت يا عم يونس اكتر حاجة عجبتك في الاستاذ محمود شنو؟! صمت للحظة، وكأنه يفكر بعمق، ثم قال: الخلاني موله بحب محمود، مقدرته غير العادية على اشعار كل انسان بي قيمتو الانسانية.. بعاملك على اساس إنك حر، ويحترمك، مهما اختلفت معاه!! أنا ما كنت بفوت محاضرة، ولا ندوة، ولا حتى جلسة داخلية للجمهوريين.. وكان محمود يعرّفني، بقولو دا يونس الدسوقي صديقنا، وحتى مرة قالها في محاضرة عامة.. مع دا كلو، ما حصل محمود قال لي انت شيوعي ليه.. ولا حصل قال لي ابقى معانا جمهوري!! مرة واحد مولانا اسمو شيخ عبد الله، كان قاعد معانا، وقال لمحمود: يونس صاحبك دا ما عندو دين.. قام محمود قال لي: انت دينك شنو يا يونس؟! قلت ليهو: انا ديني حب البروليتاريا!! مولانا قال: اعوذ بالله، أعوذ بالله.. فقام محمود قال: الله دينو محبة الأحياء والأشياء.. الله خلق الوجود بالمحبة. مولانا قال: لا يا استاذ.. الله خلق الوجود بقوله كن فيكون!! محمود قال ليهو: يعني بالإرادة يا مولانا؟! شيخ عبد الله قال: ايوة. محمود قال ليهو: الشيخ العبيد ود بدر قال الارادة ريدة.. يعني محبة!! فسكت مولانا.
وواصل عم يونس: في واحد من اصحاب المشاريع، بعرف الاستاذ محمود حق المعرفة، وتعامل معاه كتير.. وكان يجي يكلمني عن اخلاقو ومعاملتو بإعجاب شديد.. مشى الحج وجا بقى من جماعة الاخوان المسلمين!! يوم جاني في المكتبة قال لي: قالو صاحبك ما بصلي!! قلت ليهو: انت رايك شنو في اخلاق محمود؟ قال لي: ما فيها كلام.. قلت ليهو: ومعاملتو للناس؟ قال لي: اصلو ما شفنا زول زيو.. قلت ليهو: طيب ياخي اذا كان الزول، ممكن يكون زي محمود دا بدون صلاة، وبدون دين، الدين لزومو شنو؟! قال لي: انت بتقول كدا عشان شيوعي. قلت ليهو خليني انا، النبي ذاتو ما قال الدين المعاملة؟ فسكت. لما نقلت النقاش دا لي محمود، قال لي: هم الناس ديل ما عندهم حاجة.. لكن انتو المثقفين، انسحبتو من ميدان الدين، وتركتوه ليهم يتحكمو فيهو.. وواصل عم يونس: انا مرة اعتقلت بواسطة البوليس السري، وختوني في سجن كوستي.. ونحنا معروف عندنا، لما واحد يعتقل، ما في زول بسأل عنو ولا يزورو، عشان ما ندي فرصة لاخذ معلومات.. يوم الشاويش قال لي عندك زيارة.. قلت يارب المغفل الزارني دا منو، يمكن يكون واحد من اهلنا الشايقية، جا من البلد، وما عارف الحاصل.. لما مشيت مكتب القمندان، لقيتو دا الاستاذ محمود!! قال لي: انا كنت في المشاريع، واول ما جيت كوستي، عرفت انك معتقل، قلت اشوفك قلت ليهو: يا استاذ نحن ما دايرين زيارات، عشان البوليس السري، ما يقوم يدخلكم في مشكلة. ابتسم وقال انت الخوف العندك دا، داير تنقلوا لي أنا؟! قلت ليهو: يا استاذ قالو من خاف سلم. ضحك وقال: هي سلم نفسها معناها شنو، غير السلامة من الخوف؟! ولما طلعت من المعتقل، بعد كم شهر، لقيت ناس البيت عاملين كرامة وضابحين، وعازمين الناس.. وانا عارف انهم ما عندهم حاجة.. قلت ليهم محمود محمد طه جاكم هنا؟! قالو: لا.. وانو القروش أداهم ليها واحد اسمو ابراهيم عبيد.. لما قابلتو بعد كم يوم في السوق، وسألتو، قال لي القروش، رسلها معاهو محمود من الرنك، وقال ليهو اديها أسرة يونس الدسوقي، ولما وصل صادف قبل يوم، من خروجي من المعتقل.. قال لي عم يونس: ان شاء الله نرجع السودان، عشان اعرفك بي ناس، معرفتهم تطرب.. وذكر اسماء منها الاستاذ عبد الكريم ميرغني.. ورجع عم يونس الى السودان قبلي، وحين رجعت كان همي، ان اعرف مكان اقامته لازوره.. ولم يقدر الله لي لقاءه، فتوفي قبل ان اقابله.. لقد كان سر اعجابنا جميعاً، بالعم يونس الدسوقي، هو مقدرته الفائقة، على تحقيق قولة اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية.. لقد كان باذلاً لنفسه من أجل الحزب، ومن اجل البلد، ولم يظفر بكلمة ثناء، او اعانة على مصائب الدهر من كليهما.. عاش حر الرأي، شجاع الكلمة، شديد الانضباط، متعلقاً بالقمم السوامق من مكارم الاخلاق.. لقد كان انموذجاً رائداً للسوداني الاصيل، الذي يملؤه الوفاء شعوراً بأقدار الرجال..
فسلام على يونس الدسوقي في العالمين.
| |
|
|
|
|
|
|
|