المؤلف في سطور · عز الدين أحمد حسن سليني · من مواليد سنة 1939 بمدينة أم درمان · نال الشهادة الثانوية من معهد أم درمان العلمي وعمل مدرسا بالمدارس الوسطي. · هجر التدريس وسافر إلي مصر لمواصلة دراساته العليا فالتحقق بكلية اصول الدين شعبة فلسفة. · نال دبلوما في الصحافة . · يزاول نشاطه الأدبي منذ أن كان طالبا بالثانوي حيث قدم باكورة إنتاجه " من روائع أدبنا الشعبي " سنة 1958م · وبعد أن جاء إلي مصر واصل نشاطه عبر الأثير بإذاعة الجمهورية العربية المتحدة فسجل دراسات قيمة وضئية اللمحات عن الفولكور السوداني في ركن السوان والبرنامج الثاني · من أعضاء رابطة الأدباء السودانيين بالقاهرة وقد كتب كثيرا عن القضايا الأدبية ولقلة الصاعد دور كبير في دراسة الأدب الشعبي علي صفحات صحافتنا السواد نية .
ولا يزال يواصل كفاحة مؤمنا بقضية الحرف الهادف والكلمة البناءة ودورها الفعال في دعم أدبنا السوداني الذي يستمد أصالته من واقعنا وتراثنا وتنبثق موضوعيته من ماضينا في بساطته وعفويتها الممتلئة المعبرة فيصدق وحرارة عن معاناه الكلمة في إطارها الشعبي.
- اهتمامه بقضية الأدب الشعبي في السودان يدفعه لدراسته المستفيضة المركزة ولا سيما وإن المكتبة السودانية تعاني نقصا ملموسا في هذا الجانب ومؤلفه هذا يسلط الأضواء علي مساير الفلولكور السوداني فيقرب الأبعاد ويعمق خيط الضوء المتجدد في حتمية صلتنا بدراسة أدبنا الشعبي ويعكس في دراسة واعية الإلمامات المهضومة واللمسات المشرفة التي أجال في لولبياتها عدسة البحث التكنيكية المجسمة اللاقطة فسطح الركامات الصدئة معربا رواء الخلفيات المنغومة وطفولتها التعبيرية العضوية المستعذبة وظلال المناخات الشائقة في أعالي ومنحدارت التراث الشعبي المتداول .
07-30-2009, 04:11 PM
AnwarKing
AnwarKing
تاريخ التسجيل: 02-04-2003
مجموع المشاركات: 11481
وجدت هذا الكتاب عام 2001، في أحدى شقق الشباب في القاهرة أيام دراستنا هناك... أعدت طباعته بمبلغ 40 جنيه مصري... ونشرته على العنوان التالي... http://www.anwarking.com/info/adab.html كم من الكتب حبيسة الشقق والرفوف؟ أنشروا يرحمكم الله...
07-30-2009, 04:12 PM
AnwarKing
AnwarKing
تاريخ التسجيل: 02-04-2003
مجموع المشاركات: 11481
لقد تحدث الكثيرون فى مفهوم الأدب الشعبى ، وصنعوا له قواعد وأساليب وحللوا دقائقه وتفاصيله ووضعوا فى ذلك المؤلفات كبيرها وصغيرها ،واهتموا ايما اهتمام بالوقوف على حقيقة قاطعة حاسمة تتعلق بمفهوم الأدب الشعبى وشحذوا جميعاً قرائحهم وشارك كل بآرائه وافكاره فى هذا المضمار . وهم وان اختلفوا فى شأن من شئون الأدب الشعبى إلا انهم اتفقوا على ان هذا الأدب الشعبى هو دون شك يعتبر اللبنة الأساسية لأدب أى مجموعة أو أمة من الأمم .. وهو فى الوقت نفسه الدعامة الصادقة التى تنم عن أصالة الشعوب فى أى زمان وفى اى مكان .. وتسع بطبيعة الحال آفاق هذه المشاركة السيكلوجية والفكرية عند الشعوب حين يشمل حديثنا الفن الشعبى الذى يعتبر الأدب الشعبى فرعاً من فروعه . إذا اننا فى هذه الحالة سنجد مجالنا يحتوى على فنون الرقص والرسم والنحت ، والغناء والموسيقى ، والحرف اليدوية ، وغيرها من الفنون التى تمارسها الجماعات البشرية فى مختلف بقاع العالم من أن أخذت تعيش على أرضيها أنى ارتعها ميداناً لنشاطها الاجتماعى . وتظهر فى حدودها وأشكالها المتنوعة بدائية كانت أم متطورة . كل هذه المعالم الفنية تصل إلينا فى تعبير تلقائى يعكس لنا أحاسيس الفنانين الشعبيين فى دفه ونقاء وفى رحابه وجدان عميق القرار فإذا بنا أمام سجل حافل بتراث الشعوب نعثر فى طياته على أدق حقيقة تتصل بالشعب فى جميع مرافقها وسماتها المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بكيان الأمم . لذلك فليس غريباً أن زاد اهتمام المعنيين بهذا الفن . وليس غريباً ان ترصد له الجهود الجهيدة لأن الامر يتعلق أولاً وأخيراً بشخصية شعوبهم المنبثقة من هذا التعبير العميق الذى تشرب التقاليد والعادات وجميع أوجه التصرفات البشرية تشرباً لا تشوبه شائبة أو يعتريه تكلف ، أو رياء أو خداع فنى يعتمد فيه الفنان على الحذقة الفنية الخلابة . ومن ثم فإن عنايتنا بشاعر كالحاردلو مثلا إنما ترجع فى جوهرها إلى أن الحاردلو شاعرنا الشعبى قد اصبح بالنسبة لشعبنا رمزاً صميماً لأصالة شخصيتنا فى أروع معانيها ، وعمق بساطنها وصفاء سجيتها وروعة مكانتها . ويدخل فى ذلك كل فرع من فروع أدبنا الشعبى كان له الفضل فى تصوير كياننا الاجتماعى فى اخلاص وصدق ، خصوصاً ما كان له السبق فى تعبيد الطريق السليم للأجيال التى تلت والأجيال القادمة ، والذى أحياء صفحات حياتنا بالمشاعل المشرقة التى دعمت معنوياتنا ، وشدت له ازر شعوبنا فى ظروف الضائقات والملمات فإذا به قوة هائلة . تهشم الظلم والطغيان ، وتعمل فى ثقة ويقين لخدمة العدالة والأسبانية وقضية الحرية والسلام . لذا فمن الواضح الجلى أننا نهتم بدراسة ادبنا الشعبى لأننا نكتشف فيه ذاتنا الأصيلة بلا مراء أو التواء ولأننا نرى فيه نقطة البدء لتاريخنا وتراثنا البشرى . فهو اذن صورة حية نابضة بكل ما يمت إلينا من قريب أو من بعيد .
وليس هذا فى الواقع أول باكورة تقدم بها مؤلفنا الكريم لقراء العربية إذ أنه كان من الرواد الذين سبرواغور أدبنا الشعبى عندما قدم لنا أول عمل له فى كتابه الأول " من روائع أدبنا الشعبى" الذى كان له أثر ملموس بين المثقفين ، وفى الدوائر الأدبية ، بل يمكننا أن نعتبره الآن واحداً من المراجع التى لابد من النظر فيها عندما نرتاد ميدان فننا الشعبى .
وإن قيل أن كتاب "الروائع" كان بمثابة دراسة تمهيدية لهذا الأدب فإن كتاب " الأدب الشعبى فى السودان" الذى وضعه المؤلف بين أيدينا هذه المرة يستطيع أن يقف كعمل ادبى يستحق منا كل تقدير وإعجاب . إذا اعتمد فيه كاتبه على الدراسة المنهجية المنسقة ، وعلى التحليل اكثر منه على العرض ، وعلى التجربة الفنية المتسعة الآفاق أكثر منه على مجرد الفهم العرضى .
فوجدناه مثلاً يقيم الحجة بالدليل القاطع ، ولا يقتصر على ذلك بل يذهب بعيداً فيعيد المقارنات بين جوانب هذا الفن فى داخل السودان وفى خارجة من بلاد العالم العربى فى حصافه ودقه ورجاحه ولباقه ، وعمل ذوق فنى ملموس .
فهو بعد ما ناقش مفهوم الأدب الشعبى ، وتحدث فى أهمية دراسته وعلاقته الوثيقة بتقاليدنا وعادتنا سوداننا العربى ، واخذ المؤلف فى تصنيف لهذا الأدب الرائع فإذا به يتناول لنا خاصية الدوبيت عندنا وبين سماته العربية الصميمة ، ويناقش فى وعى شكله الفنى ودقائق تكنيته المرتبطة باضراب هذا النسق الشعرى فى بلاد العروبة ، وهو وإن لم يطل الحديث فى هذا الأمر إلا أن الومضات التى أشرقت بها سطوره قد فتحت معالم هامة بالنسبة " للدوبيت " خصوصاً إذا أضفناها إلى بقية ما اتحفنا به من الفوا فى أدبنا الشعبى إذ فسروا ما يقترن به من حقائق من أعضاء الندوة الأدبية بام درمان وكما فعل الدكتور عبد المجيد عابدين الأستاذ المبارك إبراهيم عندما تناولا شعر الحاردلو بالتفسير والتوضيح . وتطرق مؤلفنا فى هذا الكتاب القيم إلى أغانينا وأهازيجنا الشعبية ووضع يده على نبضات فنية قيمة تنبثق من حنايا شكلها ومضمونها . فعشنا معه فى متعة ذهنية ونفسية ونحن نقرأ له هذا الباب القيم .
إلى جانب رائع هام فى ادبنا الشعبى حين اماط اللثام عن اساطيرنا الشعبية التى تعدها من أهم ذخائرنا ، ونفائس تراثنا المتدفق من أعماق اصالتنا الضاربة فى إغوار الماضى ، والممتدة عبر الزمن حتى حاضرنا الذى نعيشه . ومن المعروف لدينا أهمية هذه الأساطير ، وعلاقاتها المتينة بحياة أى شعب من الشعوب ، وقد تأكدت اصالتها منذ زمان بعيد حيث كان لها أخطر الأثر فى بلاد اليونان ، ومنذ ذلك الحين اخذت تلعب دورها كعامل رئيسى فى الأدب والفنون وحياة المجتمعات ، وتذكى قرائح الكتاب والشعراء ، فإذا بها رموز لها دلالتها بالخير والشر والحب والعدالة والسلام والحكمة ، وغير ذلك من الصفات التى تهيمن على كياننا البشرى "كمارز" إله الحرب " ونبتيور" إله البحر " ديانا " إلهة العزارى " وفينوس " إلهة الجمال " وسيريف " رمز الصراع والعذاب وزيوس كبير الآلهة وغيرهم كثير . وهاهى معالم هذه الآلهة تؤثر فينا نحن الذين لم نعيش فى بلاد اليونان لأنها تمثل مفاهيم ومضامين عن الحياة البشرية فى كل جانب من جوانبها فى دقة وفلسفة ودراية . ونحاول من خلالها أن نكشف مغاليق المجهول ، وشأننا فى ذلك بطبيعة الحال هو الشأن نفسه عندما نمعن النظر فى أساطيرنا الشعبية التى كان لها المجال الصميم فى تكوين حياتنا الاجتماعية السودانية . بل تزيد اهميتنا أكثر وأكثر عندما نعلم ان هذه الأساطير إنما هى نواة جديرة بكل رعاية وجهد منا لأنها واحدة من دعائمنا الصميمة .
وللأمثال فى كتاب " الأدب الشعبى فى السودان " مجال لا يستهان به إذ بين المؤلف أهميتها فى واقع حياتنا وما تترى به من حكمة تولد مع الصراع الدائم بين الأفراد فى مجتمعنا ، وبين الظروف المختلفة التى اكتنفت حياتهم ، هذا إلى ما أوضحه مؤلف الكتاب من أصالة عربية فى هذه الأمثال ، أكان ذلك فى موضوعاتها أو طابعها العام عندما عقد بعض ملامح من المقارنة . وبين الأمثال فى بلاد العروبة أثناء تحليله لجوهرها .
ويشاء طموح الكاتب أن يدفعه إلى فتح باب الدراسة فى ملامحنا الشعبية ، وكان أملنا أن يتوسع أكثر من ذلك فى هذا الجانب ، ولا يكتفى بمجرد ذكر الأمثلة على ضوء المثال . لأن ملامحنا الشعبية تحتاج إلى مدى فسيح من البحث والتنقيب فملحمه تاجوج ، وودالنمير ،" واللبخ" وفاطمة السمحة ، كلها بوتقات حافلة بعالم درامى يتفجر بالصدق والفن ، ونستطيع أن نقرأ فيه وقائع ممتازة تصور لنا انفعالات مجتمعنا فى أفراحه واتراحه ، فى جموده وانطلاقاته ، وفى أعمق معانى التضحية والشهامة العربية . وفى نهاية المطاف يحدثك كتاب " الأدب الشعبى فى السودان " ، عن ضرورة العناية بأدبنا الشعبى ، ويخطط المؤلف الاقتراحات التى يراها مجدية للنهوض بهذا التراث السودانى الرائع .. ونحن من جانبنا نؤيد المؤلف فى هذه النزعة البناءة المتوثبة ، بل نعتقد أن الرعاية والعناية بهذا التراث الاصيل يجب أن تتعمق جذورها ، وينبغى أن تقوى شكيمتها وتتدعم إمكانياتها وطاقاتها وملكاتها الثقافية والفنية والمالية ، بل لا نكون مغالين إن وجهنا الاهتمام إلى إنشاء إدارة بعينها لترعى وتحرس هذا الفن الشعبى من الضياع ، وتسعى فى أدب متواصل لجمعه ودراسته على نهج علمى يتسم باتساع الثقافة والتجربة وأصالة البحث ، وواجبنا الثقافى بل الوطنى الكبير يحتم علينا أن نقدم على هذا العمل الجبار بإحساس عظيم بالمسئولية التى تحدونا لاكتشاف كوامن حقيقتنا ، وتعريف العالم الخارجى بهذه الشخصية من خلال تعاوننا الصادق فى دنيا الفنون الشعبية . ونحن واثقون بأن جهودنا المتواصلة ستصل بنا إلى الهدف المنشود ، وتحقق لنا نجاحات رائعة طال الطريق أم قصر .
07-30-2009, 04:14 PM
AnwarKing
AnwarKing
تاريخ التسجيل: 02-04-2003
مجموع المشاركات: 11481
أضع بين يديك أيها القارئ العزيز كتابى الثانى " الأدب الشعبى فى السودان " وآمل أن يحظى بإعجابك ، فهو محاولة متواضعة اردت بها احياء تراثنا الشعبى ولقد نزعت إلى الناحية التحليلية حتى اعطى القارئ فكرة عامة عن اصالة تراثنا الشعبى ، وتحريت الدقة فى اختيار النماذج الشعبية التى تعبر عن واقعنا تعبيراً صادقاً . هذا وسيكون الجزء الثانى من لكتاب " روائع أدبنا الشعبى " حافلاً بالنماذج الشعبية من أشعار وحكاوى وملاحم بطولية تعكس حياة الشعب السودانى وأمانيه .
وقد حاولت بقدر الإمكان ان أبرز الطابع القومى السودانى ، فقد حان الوقت الذى نتحسس فيه أنفسنا ، وننبش تراث الأجداد . على أننا لا نتخذ من تراثنا فكرة عنصرية ؛ فالدعوة إلى القويمة السوادنية انما هى تدعيم للعروبة ، بل أن دراسة تراثنا الشعبى تكشف لنا العناصر المشتركة كالتاريخ واللهجات والمعتقدات التى تربطنا بالبلاد العربية الشقيقة . وإذا وضعنا فى اعتبارنا نزوع الإنسانية إلى العالمية ، فاذن كان من واجبنا ان نمهد لهذا المبدأ الإنسانى السامى بنشر الآداب الشعبية العالمية ، وترجمة حكايات الشعوب وقصصهم الشعبية ، وامثالهم وفنونهم الشعبية فالثقافة ملك للجميع ، ومن حق كل إنسان ان يتمتع بما أنتجته القرائح الإنسانية .
ولا يسعنى فى هذا المجال إلا أن أشكر السيد محمد الحسن عثمان عبد الكريم الكاملابى الذى حمل على عاتقة إحياء التراث فقد قام بتسهيلات جمة فى طبع هذا الكتاب .
كما اشكر السيد الزميل طه خالد حاكم على موقفه الإنسانى المشرف بشأن المساعدات التى بذلها فى سخاء والتى عجلت فى نشر هذا الكتاب .
لماذا ندرس تراثنا الشعبى ؟ Back to Top إن مجتمعنا السودانى يعد مخزنا للعادات والقيم الأصيلة، فموقعه فى نصف القارة الأفريقية أكسبه عناصر حضارية لها خطرها فى تكوينه السياسى والاجتماعى والفنى، فالسودان بلد أفريقى عريق يتمتع بالسمات الأفريقية الصميمة، والسودان بلد عربى فى ثقافته وفى تكوينه الجغرافى والتاريخى.
ولا شك فى تراثنا الشعبى يقوى القومية السودانية، فهو تعبير صادق عن أحاسيسنا ومشاعرنا، فما أصدق الشاعر الشعبى فى وصف بيئتنا..! هذا ما دفع الناقد السودانى حمزة الملك طمبل أن يثور فى وجه الشعراء الذين يلوكون ألفاظا محنطة لا تعبر عن الطبيعة فى السودان- يقول الناقد " نريد أن يكون لنا كيان أدبى عظيم، نريد أن يقال عندما يقرأ شعرنا من هم فى خارج السودان أن ناحية التفكير فى هذه القصيدة تدل على أنها لشاعر سودانى، هذا المنظر الطبيعى الجليل موجود فى السودان، هذا الجمال هو جمال نساء السودان، نبات هذه الروضة أو هذه الغابة ينمو فى السودان".
أو عندما يدعو الأديب السودانى الأستاذ محمد أحمد محجوب إلى بعث القومية السودانية " لنحى أدبنا القومى ونثير شعورنا بوطنيتنا لنصل إلى حركة سياسية تحقق استقلالنا سياسيا واجتماعيا وفكريا".
فالتراث الشعبى إذن يحث على الترابط القومى بتوحيد المشاعر الوطنية ، فنحن إذا أردنا أن نحى الأدب السودانى أول شئ نلجأ إليه تراثنا الشعبى، ثم إن تقدم العلوم الاجتماعية فى بلادنا جعلنا ننقب عن تراث الأجداد دراسة الشعب أصبحت مادة هامة للباحث الاجتماعى.
فنحن نمجد تراثنا الشعبى لأنه يدعم قوميتنا السودانية ولأنه يعمل على حل المشاكل اللغوية، ويعمل أيضا على تخليد المقاييس الجمالية والخلقية الأصلية.
أن العلماء الذين كان لهم الفضل فى وضع أسس علم الفولكلور أمثال يعقوب وويلهيلم جريم كان الدافع لهم حب الوطن، وأنهما يؤديان واجبا وطنيا إذ يجمعان مأثورات الشعب الألمانى، ويظهر أن عراقة ذلك الشعب وجمال أقواله.
أذن أن هذا العلم نشأ نتيجة الشعور الوطنى وتمجيد القومية كما أسلفنا من قبل، كما أن دراسة التراث الشعبى تمكننا من كشف العناصر المشتركة فى حياة الأمم كاللغة والدين والعادات والتقاليد التى تكمن فى حياة الشعوب كمون النار فى الصخرة الصماء.
وفى الواقع أن عدم الالتفات إلى التراث الشعبى فى الماضى بصفة عامة يرجع إلى عاملين أساسيين، عامل نفسى، وعامل تاريخى. العامل النفسى: درج معظم علماء اللغة والآداب العربية منذ قديم الزمان على الاعتناء بالادب العربى الرسمى، واهملوا أن عمد التراث الشعبى العربى، فالكتاب يفنى عمره فى تحقيق قصيده، أو خطبة بينما لا يلتفت إلى دراسة التراث الشعبى، وذلك ربما لأن الأدب الشعبى يقوم بتلقينه غالبا العوام فى المقاهى وليالى السمر والعجايز فى القرى والمدن، بينما الأدب الفصيح يدرس فى المدارس الرسمية والجامعات وله اساتذه متخصصون يتمتعون بالوقار والاحترام، فالادب الشعبى إذن كان ينظر إليه نظرة استجهان لأنه يلتصق بحياة العوام، فهو مشوب بالخيال والخرافات والأوهام فاتجهوا إلى دراسة الأدب الرسمى دراسة تحليلية علمية.
العامل التاريخى: لقد وجدنا أن معظم الكتب التى عينت بالدراسات العربية فى الماضى كانت تنظر على دراسة الأدب الشعبى نظرة استهجان.
وفى الواقع أن دراسة الأدب الشعبى فى هذا العصر بالذات ارتبطت بظواهر اجتماعية حتمية ربما لم توجد فى الماضى، فالاهتمام بعلم الفولكلور يرجع إلى تقدم العلوم الاجتماعية حيث أصبحت دراسة الشعب لازمة.
لقد كان علم الفولكلور يتعلق بحياة الانسان البدائى، عرف الفريونت" الفولكلور بأنه "انثروبولجى" يتعلق بالانسان البدائى أما "هارت لاند" فقد رأى أن الفولكلور انثروبولوجى يتعلق بالظواهر النفسية للانسان غير المتحضرى وفى سنة 1890 م ظهر أول مختصر للفولكلور وفى مقدمته تحدد الفولكلور بانه دراسة بقايا أو متخلفات الماضى الذى لم يدون" وقال رايت فى خطابه الافتتاحى فى جمعية الفولكلور الانجليزية: ليست الحكايات الشعبية فقط هى الأشياء التى انتقلت الينا عن طريق التراث الشعبى ، فمن واجبنا أيضا أن ندرس التقاليد والألعاب، والرقص، وانماط المنازل، والقرى، وندرس أيضا الأدوات المنزلية. وأنا لا استطيع أن أتصور نهضة لأدبنا السودانى ما لم ترتكز أولا على تراثنا الشعبى لأن الكاتب غالبا ما يستمد اصالة انتاجه من تاريخ قومه، كما أن المنطق يدعونا لدراسة الجذور قبل الفروع. فالتراث الشعبى هو الأصل للاتجاهات الأدبية المعاصرة، والظواهر الاجتماعية التى تؤثر فى سلوك الفرد.
والمعروف أن أدبنا السودانى أول ما بدأ بالاساطير، والملاحم، والأمثال والحكم الشعبية، ثم تطور إلى أدب مدائح وتصوف، فالاتجاه التقليدى "الكلاسيكى" ثم الاتجاه الرومانس ، فالاتجاه الواقعى.
07-30-2009, 04:16 PM
AnwarKing
AnwarKing
تاريخ التسجيل: 02-04-2003
مجموع المشاركات: 11481
مفهوم الأدب الشعبى Back to Top الأدب الشعبى هو الأدب الذى يصدره الشعب، فيعبر عن وجدانه ويعكس اتجاهاته ومستوياته الحضارية. وقد اقر مجمع اللغة بالقاهرة " المأثورات الشعبية لكلمة فولكلور" وأول من استعمل كلمة فولكلور للدلالة على الآثار الشعبية القديمة هو العالم الانجليزى تومذ، وقد صاغ تومذ كلمة فولكلور من كلمتين هما فولك بمعنى الشعب أو الصف من الناس ، ولور بمعنى الحكمة. إلا أن اللغات العالمية بوجه عام تعبر عنها بالفنون الشعبية.
خصائص الفنون الشعبية: هذه المأثورات يجب أن تتصف بالمراقة حتى تكشف لنا عن حياة الأجداد سواء كانت هذه الأصالة تتصل بالموسيقى، أو بأعمال الفخار، أو بأغانى المناسبات، أو نحوها من الفنون الشعبية الأصلية. ثانيا أن تتصف بصفة الحيوية بأن تكون جارية فى الا ستعمال اليومى، فالمأثورات الشعبية الجامدة لا تعد من التراث الشعبى، ثالثا يجب أن تؤخذ الأقوال من افواه قائليها، فينبغى إذن على الذى يريد أن يجمع هذه المأثورات أن يذهب إليهم فى القرى وفى الصحارى والوديان، ويسجل منهم ما يريده، وعندنا فى السودان مجال واسع للباحث فى هذا اللون الشعبى، إذن فالنتجه إلى الحقول لندون أغانى الفلاحين والرعاه، ولنصغى إلى أغانى الآبار وحكاوى السمار فى الليالى المقمرة، والخاصية الرابعة أن تكون دراجة الأسلوب، فالشعر الفصيح لا يعد أدبا اللهم إلا إذا انطبقت عليه خصائص الأدب الشعبى كالتحريف والرواية الشفوية والعراقة " كحكاية ألف ليلة وليلة" مثلا وهنالك من يذهب إلى أن ليست الدراجة أو الفصحى هى المعول عليها فى الأدب الشعبى إنما المعول عليه هو بيان روح الشعب وترجمة حياته، ذكر الدكتور عبد الحميد يونس فى صدر كتابه عن "الظاهر بيبرس فى القصص الشعبى"
ليس بالضرورة أدب لهجات دراجة فان فى الآثار الفصيحة ما يمكن أن يكون شعبيا كما أن فى الآثار المكتوبة باللهجات الدراجة ما لا يستطيع باحث أن يضمه إلى نطاق الأدب الشعبى، وإنما المعول عليه بيان روح الشعب والترجمة عن حياته وأفكاره وآماله وأحلامه بالاسلوب الذى يعطى لكل هذه الأشياء حقها من التعبير".
ليس بالضرورة أدب لهجات دراجة فان فى الآثار الفصيحة ما يمكن أن يكون شعبيا كما أن فى الآثار المكتوبة باللهجات الدارجة ما لا يستطيع باحث أن يضمه إلى نطاق الأدب الشعبى، وإنما المعول عليه بيان روح الشعب والترجمة عن حياته وأفكاره وآماله وأحلامه بالأسلوب الذى يعطى لكل هذه الأشياء حقها فى العبير".
إذن أن دراسة اللهجات الدارجة ليست تعنى التقليد والاتجاه نحو العامية، إنما المقصود من دراستنا لأدب العامة هو استنباط قيم وقوانين تساعدنا على إدراك سيكلوجية المجتمع، ومدى ما يتمتع به من مميزات.
أقوال مما لا شك فيه أن التراث الشعبى من فنون وآداب شعبية يعبر عن الحياة بما فيها من أفراح وأحزان دون كذب أو رياء، فهو تراث فكرى لحياة الشعوب لما يتضمنه من قيم روحية، وفنون أدبية شعبية، وموسيقى ورقص، ومما يجدر ذكره أن التراث الشعبى فى الاصطلاح العلمى الحديث يشمل القصص الشعبية التى تنتقل من جيل إلى جيل، وهو تارة على هيئة أغاريد أو قصص موسيقية راقصة، هذا الانتاج الفنى الشعبى نسمعه فى الأغانى الشعبية، والأغانى الدينية، وقصص شعراء الربابة، والمداحين نسمعه فى أدب المناحة، وأدب الآبار، والمثل السائر. و الاحاجى وحكاوى الأطفال.
فالادب الشعبى إذن يؤدى إلى وظائف اجتماعية أهمها تكوين وخلق قوالب انفعالية وسلوكية تعين المجتمع على الاحتفاظ بتماسكه، ويقوم بوظيفة التربية، كما أنه يساعد على حل كثير من مشاكلنا الأدبية والفنية.
ونحن لا يمكن أن ننهض بآدابنا ما لم ننقب عن تراثنا الشعبى ، وننتفع بتاريخ الأجداد، أن تراثنا الشعبى جواهر ثمينة تغطيها الرماد فهو فى حاجة ماسة إلى الجمع والتبويب، وأنه بلا شك ثروة مليئة بامكانيات التطور.
إن التاريخ الحقيقى للسودان يكمن فى تراثنا الشعبى، وأن دراسة الشعب أصبحت مادة هامة للكشف عن نفسيته والتوصل إلى معرفة عقليته حتى ندرك المعانى والأهداف والأمانى والآمال التى يتوق إليها الشعب من أجل ذلك أصبحت دراسة الفولكلور مادة هامة تدرس فى الجامعات بل وجدنا من نال درجة الدكتوراه فى هذا اللون الشعبى فى العالم العربى ففى سنة 1957م صدر فى الخرطوم كتاب "الحاردلو شاعر البطانة" للدكتور عبد المجيد عابدين والأستاذ مبارك إبراهيم تناولا فيه حياة الشاعر وأعطيا فكرة ضافية عن الحياة فى البطانة حيث نشأ الشاعر، وقاما أيضا بشرح النماذج الشعرية، والكلمات الأقليمية العويصة.
وأصدرت الندوة الأدبية بأم درمان الجزء الأول " من روائع الشعر الشعبى" تضمن دراستين للدكتور عبد المجيد عابدين، والأستاذ محمد نور سيد أحمد.
كما قام مؤلف هذا الكتاب بوضع الجزء الأول من روائع أدبنا الشعبى فى سنة 1958م وقد تضمن الكتاب نماذج شعرية شعبية.
وفى سنة 1958م صدر كتاب " الأدب الشعبى فى جزيرة العرب" للاستاذ عبد الله أمين خميس تحدث فيه الكاتب عن الفنون الدارجة فى شبه الجزيرة.
وفى نجد صدر كتاب " الأمثال العامية فى نجد" وقد ضم ألف مثل فى شبه الجزيرة.
وفى مصر كتبت الدكتورة سهير القلماوى رسالة ضافية عن " ألف ليلة وليلة" وقدم الدكتور عبد الحميد يونس رسالته عن " الهلالية فى التاريخ والأدب الشعبى" كما أن الأستاذ رشدى صالح قام بتأليف كتاب " الأدب الشعبى" "وفنون الأدب الشعبى والشعر" "وفنون الأدب الشعبى والنثر".
ما يشترط فى الأدب الشعبى: أولا أن تكون الأصل فيه الراوية الشفوية فالاداب التى دونت ونسبت إلى قائل معين بحيث لا تختلف فيها الأفكار لا تعد أدبا شعبيا، ثانيا أن يعبر عن شخصية الجماعة لا الفرد فالتعبير النابع من فرد معين إنما هو تعبير ذاتى، وعلى هذا الاساس نستطيع أن نطلق على الشعراء الشعبيين الذين تناقلت الأجيال نتاجهم، وأضافت إليه شيئا من أفكارها على مدى الزمن نستطيع أن نطلق عليه أدبا شعبيا كملحمة هو ميروس، وحكايات ألف ليلة وليلة، وكأشعار الحاردلو عندنا فى السودان. وستناول فى هذه الدراسة الفنون القولية لأن الفنون الشعبية تشمل فنونا عديدة كالأغانى الراقصة والاساطير ، والرسومات القديمة والنقش وما إلى ذلك.
والفنون الشعبية كما حددها خبراء اليونسكو أربعة (1) النحت والتصوير (2) الفنون التطبيقية الشعبية (3) الموسيقى والرقص والتمثيل (4) الأدب والفنون اللفظية الشعبية.
الأدب الشعبى أداة تثقيفية وصور جمالية
فوائده: وتشمل الفنون القولية: فنون الشعر الشعبى، المواليا، الزجل، التواشيح، الدوبيت، الأغنية الشعبية، الأهازيج، أغانى الآبار، أغانى ترقيص الصبية، أغانى الفلاحين.
أن المجتمع السودانى عاش فترة من فترات حياته لا يملك زمام نفسه نتيجة للضغط الاستعمارى، فكانت له أمانى وآمال يتوق إلى تحقيقها نحسها فى أغانى الطفولة، والأهازيج، والزجل، واغانى الفلاحين والرعاه.
والآن تقلد الشعب السودانى زمام نفسه، فقد حان الوقت الذى يحقق فيه آماله وامانيه حتى يساهم بتراثه فى الحضارة الانسانية.
فالأدب الشعبى هو التاريخ للحياة المجتمعية أى التصوير الوجدانى لحياة الشعوب كما فى السيرة الشعبية ودراستنا للاساطير تمكننا من معرفة تطوير التفكير الانسانى، وإن العقلية السودانية وصلت إلى مستوى فكرى معين.
كما أن دراسة القصص الخرافية كالاحاجى مثلا تعتبر أداة تثقيفية هامة إذا أغضينا النظر عن النواحى التاريخية، فما لا شك فيه أن القصص الخرافية تتضمن معانى خلقية، ومثل وقيم اجتماعية بالاضافة إلى المعلومات الجغرافية كاسماء البلدان والنباتات والبحار والحيوانات والجبال والصحارى زيادة على ذلك أنها تزود الاجيال بمعرفة اصولها وقبائلهم التى انحدروا منها ودراسة الملاحم تبث الحماس وتذكى النفوس بالشعور القومى، فهى ربط الماضى بالحاضر كما أن أدب المدائح يكشف لنا عما يعتمل فى نفوس الشعب من أوهام ومخاوف حيث تتجسد تلك المخاوف فى الأمراض النفسية والجسمية والأزمات التى يتصدى لمجابهتها الدراويش والأولياء، فهم أبطال يدافعون الشرور فى نظر العامة. ودراسة الأمثال والحكم تفيدنا فى اكتساب تجارب الأجداد وخبراتهم. فهى بمثابة الشعارات التى توجه سلوك الأفراد، كما أن دراسة النوادر والألغاز تقوم بدور الترفيه عن النفس والتسلية. وإذا تركنا النواحى الموضوعية فدراسة الأدب الشعبى أيضا تفيدنا فى النواحى الجمالية كالصور الحية التى نلمسها فى الدوبيت والأزجال والتواشيح، والاهازيج ، وأغانى الفلاحين و الرعاه.
07-30-2009, 04:19 PM
AnwarKing
AnwarKing
تاريخ التسجيل: 02-04-2003
مجموع المشاركات: 11481
العادات والتقاليد الشعبية إن دراسة عادات الشعب وتقاليده تكشف لنا النقاب عن سيكلوجية الأفراد، وتعين الباحث التاريخى على التغلغل فى حياة الشعب حتى تكون افتراضاته مطابقة للواقع.
فالوقائع التاريخية ليست غاية الباحث إنما هى بداية، فان أى مجموعة من الوقائع لا يمكن أن تكون وحدها علما لأن القاعدة التى اتفق عليها جهابذة علم الاجتماع "بعد جمع الوقائع ابحث بعد ذلك عن العلة" والبحث عن العلة بالطبع يقتضى الاحاطة بعادات وتقاليد الشعب الذى هو موضوع الدراسة، ولقد شبه المؤرخ الكبير نيبور الشخص الذى يتصدى إلى كتابة التاريخ، شبهه بالرجل الذى يقبع فى حجرة مظلمة، اعتادت عيناه تدريجيا على الظلام، فهو بالطبع يرى ما بداخل الحجرة لأنه تكيف بالجو العام فى الحجرة، ولكن الشخص الذى دخل فجاة فانه لا يستطيع أن يدرك ما بداخل الحجرة.
ارجع فاقول إذا كان عالم الاجتماع ينظر إلى العادات والتقاليد الشعبية على أنها ظواهر برزت نتيجة لظروف اجتماعية، فان عالم الفولكلور ينظر إليها من زاوية أخرى، وهى أن دراسة العادات والتقاليد الشعبية تحفزنا إلى التكهن بما يعتمل فى نفوس الشعب من آمال وآلام وأوهام.
ربما تعجب ايها القارئ إذا علمت أن بعض العادات التى نتمسك بها إلى يومنا هذا تحمل فى ثناياها أوهاما وأساطير وعقائد وثنية توارثناها من قديم الزمان، ولكن سلطان العادة جعلنا نختلق لها مبررات حتى تلائم معتقداتنا الحالية، فمعظم العادات السودانية يرجع تاريخها إلى العهد الفرعونى حيث كان الفراعنة يقدسون النيل، ويعبدون الشمس، ويعتقدون فى طقوس ومعتقدات تلائم العصر الذى كانوا يعيشون فيه. فعادة الختان الفرعونية خير برهان نستشف منه خضوعنا لسلطان العادة، فتمعن فى هذه العادة التى مازالت موضع الاعتبار فى بيئتنا السودانية التى تقول أن مة اجتاز البحر- ويقصدون به نهر النيل- يجب أن لا يدخل على المرأة النفساء حتى لا يجلب لها الشر، فتخرج هى أولا من الحجرة لتفسح لها المجال ليدخل هو، تسمى هذه العادة "بالكبسة" ولا يزال يوجد فى مجتمعنا السودانى من يعتقد فى شفاء ماء البحر ، نرى النسوة يذهبن فى أوقات الافراح والختان والنفاس وفى المرض إلى النيل، قارن بين هذه العادة وبين الطقوس الفرعونية القديمة حيث أنهم يعبدون النيل قارن بين هذه العادة وبين الطقوس الفرعونية القديمة حيث أنهم يعبدون النيل لأنه جالب الخير، بل انظر الى ذلك الطفل الذى يقذف باسنانه التالفة الى الشمس فيقول عند قذفها "هاك سن الحمار وادينى سن الغزال" ويشفع السن بقليل من حب العيش والفحم، أنه يعتقد فى رحمة الشمس حيث أنها تهب الخير.
وحبوب العيش والفحم رمز الى الخير وهذا اعتقاد وثنى لا محالة، كثيرا ما نشاهد بعض زوار المقابر وخاصة مقابر الأولياء عندنا فى السودان يدفنون النقود داخل قبر الميت، وقد يضعون بعض الخبز فوق القبر، قارن بينها وبين عادات الفراعنة حيث انهم كانوا يضعون الأكل والشرب والذهب داخل قبر الميت اعتقادا منهم بأن الميت سيبعث في قبره، وينتفع بهذه الأشياء، ونجد أيضا النسوة يشاهدون القمر في أول كل شهر عربي ويتفاء ابن برؤيته خيرا، قارن بين هذا الاعتقاد وبين اعتقاد القدماء في عبادة الكواكب.
ونسبة لآن مجال هذا الكتاب الفنون القولية فانني سأقتصر علي سرد بعض عاداتنا السودانية ممهدا للدارسين فيما بعد لعلهم يهتمون بهذا اللون . الشعبي الهام . وهاك بعض عاداتنا السوادنية:-
· تضع المرأة السودانية فتلة خيط حمراء بين ضفائر شعرها حتي تكف العين . هنا لك اعتقادا شائع " أن من ارتدي معطفا أحمر سيشفي من الأمراض . إذا رفت عيني أحد فانه لا محالة سيرى شخصا غريبا. من يستحم في وقت الغروب فانه معرض للأمراض. من ينام في مدخل المنزل أو علي الكراب- مؤخرة السرير – معرض للشر. ان مات سالت القهوة فجأة علي ملابسه فانه سيصيب مالا. ان من استقرت في ملابسه حشرة تشبه الذبابة في شكلها فإنه سيرتدى ملابس جديدة . من شعر بتنميل في سيصيب مالا . من ارتدى معطفا أحمر فانه سيشفي من الأمراض. نجد المرأة السودانية كثيرة التشبث بالأولياء والدراويش تنقرب اليهم بالذبائح وتخيط لهم الرايات البيض . شرب اللبن في الظلام يجلب الشر .
07-30-2009, 04:21 PM
AnwarKing
AnwarKing
تاريخ التسجيل: 02-04-2003
مجموع المشاركات: 11481
الشعر الشعبي نوعان الدوبيت الفارسي المعرب وهو فن حضرى نقله العرب المشارقة في العصر العباس من الفارسية إلي العربية ، وقالوا أن دوبيت كلمة فارسية معناها البيتان.
الدوبيت الرجزى وهو قد نشأ في البادية ولا يزال أشهر أنواع الدوبيت بين السودانيين، وقد علل المؤرخون أن الرجز نشأ مقترنا بنغمات سير الجمل إذ يخفف عن الجمل وراكبه مشقة السير الطويل ، ذكر الأستاذ محمد نور سيد أحمد من القاب الشعراء الشعبيين، والراوي هو الذي يقول الشعر من وجدانه ومن يحفظ شعر غيره أيضا يطلقون عليه " راوي"
اللبيب هو الذي يقول الشعر ويغيبه بنفسه ويرويه غيره. المادح هو الذي يقول المديح أو يرويه عن غيره في الشئون الدينية، كمدح النبي والأولياء ومشايخ الطرق في أذكارهم . النميم هو الذي يترنم بالدوبيت. وعلل المؤرخون منهم الدكتور عبد المجيد عابدين في كتابه " تاريخ الثقافة العربية في السودان" عللوا أن دخول الدوبيت في السودان تم بواسطة رجال القوافل بين مصر والسودان عن طريق د نقلا غربا وأخري عن طريق اسيوط الفاشر " درب الأربعين " .
الحاردلـــو حينما تتحدث عن الشعر الشعبى في السودان أول شعار يتراءى لنا الشاعر السوداني الشعبي محمد أحمد ابوسن الملقب بالحاردلو ولقب محمد أحمد ابوسن بالحاردلو في سن الأربعين نسبة لانه كان حاد المزاج يثور لانفه الامور فاشتهر بين قومه بالحار ولما تولي منصبا اداريا فقد ثار عليه الأهالي وطالبوا بانزاله من هذا المنصب الحار دلو أي الحار طباعه أنزلوه، ولد الحار دلو سنة 1820 م وتوفي في سنة 1917 وقد كان والده أول مدير لمديرية الخرطوم.
والحاردلو من قبيلة الشكريه، وهي قبيلة عربية عريقة ، قدم الشكريه إلي السودان في أوائل القرن الخامس عشر وسكنوا حول جبل قيلي . وقد عاصر الحاردلو الخليفة عبد الله التعايش وقضي فترة من حياته في ام درمان وشاعرنا الحاردلو وصف في شعره جمال البادية، وتغني بالشجاعة والكرم، أما في الكرم فإنه مثله الأعلى ينصب في هذا الشخص الذى يقول فيه . ما أكل حلو بيتو والمعاه جيعان وما لبس الرفيع والمعاه عريان مامون السجايا اليستودع النسوان ضباح الخلايا عشا الضيفان
وأما في الشجاعة فقصيدته الشبل المستضعف خير نموذج لقوة الوصف، يعلل الاستاذ حسن عباس صبحي أن الشبل المستضعف هو رمز إلي الشعب السوداني في تلك الفترة العصبية التي عاشها تحت ذل الاستبعاد، وهو بلا شك تعليل مقبول، فالحاردلو شاعر سوادني عريق، انفعل بالحوادث التي المت بقومه، فكان شعره مرآة تعكس البيئة السودانية. يقول الحاردلو واصفا الشبل المستضعف. جابوك للسوق ساكت درادر ضيعه وامك في الحريم ماها المره السميعة نثرة ناس أبوك اللي رجال لويعة وإت كان كبر جنبا تقلب البيعة *** جابوك في السوق ساكت وللفراجة وأمك في الحريم مرة بتقضي الحاجة كفتت ناس بوك للعافية ما بتتعاجة وإت كان كبر ما بتنجلب لخواجة .
أما في الوجدانيات فشاعرنا الحاردلو له جولات وصولات في التغزل في الحسان، وشعره يعتبر تخليدا للمقاييس السودانية في النواحي الجمالية للمرأة السودانية، ولكي لا نطيل علي القارئ الكريم نكتفي بهذه اللوحة الفنية التي يصور لنا فيها الشاعر جفلة معيز البطانة في وقت الأصيل، يصور لنا الشاعر احاسيسه ومشاعره والحسرة تملأ نفسه، والحرقة تلهب عواطفه المشبوبه عن مدى تشوقه إلي منظر المعيز، تلك الظباء التي تعود الشاعر أن يلتقي بها في وقت الأصيل يستأنس بجمالها الخلاب.
الليلة المعيز ماظنى أنا ملاقيهن ناطحات البطين أدن قليلة قفيهن سمعن طنت الشادى وكتر صنفيهن وعند اللاصفرار جلفن بشوف لصفيهن.
الأغنية الشعبية
لقد جبل الانسان منذ بداية الخليقة علي التعبير والوصف ، فأخذ يعبر عن أحاسيسه ومشاعره تجاه الحياة بوسائل من النغم و الايقاع .
والأغاني الشعبية تمتد الي فجر الحضارات القديمة لدى الاغريق والمصريين والرومان، ويرى الباحثون في هذا الفن أن الأغنية الشعبية ما هي إلا وسيلة للفكرة القومية، والتعبير الذاتي الصادق عن النفس الانسانية.
إذن لا غرابة إذا وجدنا أن الدوائر الأدبية في هذا العصر توجه عنايتها نحو التراث الغنائي الشعبي.
ومما يجدر ذكره أن المقصود بالأغاني الشعبية تلك الاغاني الجماعية التي تتناقلها الأجيال كأغاني السيرة وأغاني الأعراس.
والغريبة أن كثيرا من الباحثين ما يخلطون بين الشعر الشعبي، وبين شاعر الشعب، في الواقع أن هنا لك فرقا كبيرا بين المعنيين، فالشعر الشعبي هو شبه الاسطورى الذي تناقلت الاجبال نتاجه، وأضافت إليه ما يلائم عصرها، بينما شاعر الشعب هو الذى يعبر عن أفكاره تعبيرا ذاتيا، وربما يكون هذا التعبير باللغة الدراجة، فليس كل من قال شعرا عاميا هو شاعر شعبي في الاصطلاح العلمي.
الفن الشعبي اذن هو فن الجماعة ينفذ إلي القاع فيعبر عن الخواطر والخلجات النفسية المترسبه في اعماق الحضارات البشرية، فهو تعبير تلقائي يتسم بالعفوية، وليس له قواعد أو أجرومية تضبطه، فكلما صب النتاج الشعبي فى قوالب فنية معينة كلما ابتعد عن الطابع الجماعي الذى يميزه عن الفن المثقف .
لقد فرق علماء الفولكلور بين الفن الشعبي، والفن المثقف، فضربوا مثلا بالسمفونية التي تعزفها الأوركستر فهي تخضع لأجرومية الموسيقي، بينما المقطوعات الموسيقية الشعبية تكاد تكون تلقائية لا يراعي فيها الناحية التكنيكية التي تصبغ الموسيقي المثقفة.
لقد تناولت الأغنية الشعبية السودانية معان متنوعة، تنازلت الغزل كما في الأغاني الراقصة، وتناولت التغني بالكرم البرمكي. والشجاعة كما في أغاني السيرة.
انظر إلي هذه الأغنية الشعبية التي تمجد فيها المغنية العريس؛ وتصفه بالكرم والشجاعة، انطلق صوتها الحنون يتموج مع ضربات الدلوكة تردد: يالحييت سنن البرامكة عاجبني طول أيدو سامكة ياليله هوى النعيم دراج للمتابكه النعيم ودليلة القدر دوكت بتقح مرحا كته بتكر وقدحه للسرحان يجر . وهذا النعيم لا يبخل بالعيش حتي في أوقات الشدة. ولا يخشى نفاذ الرزق لانه يتمتع بالكرم الأصيل لا الكرم المزيف الذي يقصد به استغلال الغير. واكبر دليل علي ذلك أنه فتح ديوانه للجميع في احرج الأوقات : وقت العيش طلبه حر لوريه بالسكه كرة وقت العيش بقي معدوم فتح ديوانه ستة خشوم وقت العيش بقي بالقبض النعيم حاشاه ما جحد فتح ديوانه وقعد.
وانت استحققت يالنعيم درجة سير وهي كلمة انجليزية معناها سيد فأنت ايها السيد ركزه للضعيف تستحق هذا اللقب دون نزاع .
تموليك سير ياركزه ماك توتيل سموك السما دربك زلق حدير سموك القرش قلب السفينة أم دير مبروك عليك يالضو صباح الخير.
فأمثال هذه الأغاني الشعبية التي تتضمن معاني الكرم والشجاعة في بلادنا. هي بلا شك تدفع الشباب نحو الشجاعة وعزة النفس. والعفة والكرم. حتي أنهم يندفعون في حلبة الرقص. ولا يحسون بضرب السياط علي ظهورهم في ما يسمي " بالبطان "
والبطان يرمز إلي الشجاعة والاعتزاز بالنفس. وهو من العادات التي في طريقها إلي الانقراض.
07-30-2009, 04:22 PM
AnwarKing
AnwarKing
تاريخ التسجيل: 02-04-2003
مجموع المشاركات: 11481
قال ارسطو" كأن الأمثال متخلفات حكم قديمة ادركها الخراب، فسلمت هي من بين تلك الحكم لمتانتها وجزالة الفاظها" .
وقال سرفنتيس " المثل زبدة اختبار طويل مفرغة في قالب صغير" ويحضرنا في هذا المقام أن نذكر جهابذة العلماء العرب الذين دونوا الأمثال العربية الفصحي، والعامية، أمثال ابن عبد ربه في كتابه العقد الفريد ، وأبو هلال العسكرى في كتابة " جمهرة الأمثال " والميداني في كتابة المسمي " مجمع الأمثال" حيث أنه جمع فيه مايربو علي ستة آلاف مثل، كما لا يفوتنا أن نتعرف علي كتاب المؤرخ الكبير نعوم شقير" أمثال العوام في مصر والسودان والشام " طبع في القاهرة سنة 1894 م.
هذا السفر القيم ضم باقة من الأمثال في السودان ومصر وبلاد الشام مرتبة علي حروف المعجم، وفهرسها بمعجم ضمنه الغريب من الألفاظ كما قام بشرحها. كان نعوم شقير يدون الأمثال كما يسمعها من أهلها، فجعل بابا للأمثال الشامية، وبابا للأمثال السودانية ، وآخر للأمثال المصرية، وقد لا حظ إن الأمثال عند العوام كثيرا ما ترجع الي حكاية ثم تصير مثلا سائرا " قالوا في حكاية المثل المعروف وهو" ابوك خلف لك ايه يا جحا قال جدى ومات " إن جحا اجتمع برجل علي مائدة، فاراد الرجل أن يشغله عن الطعام ليصيب الحصة الكبرى فقال له " أبوك خلف لك ايه يا جحا" فادرك جحا قصده واقتصر القصة، وقال " جدى ومات "
اقوال إن كتاب " أمثال العوام في مصر والسودان والشام " يعتبر ذخيرة أدبية قيمة ، فمؤلفه كان علي دراية تامة بعادات ولهجات البلاد التي كتب عنها، يقول نعوم شقير في مقدمة كتابة " كان الغرض من هذا الكتاب الاحاطة بكل ما تجب معرفته عن هذه البلدان الثلاثة، وفي التاريخ والجغرافية ، والأخلاق، والعادات ، والخرافات . واللغة والآداب،ونحو ذلك.
وكانت الأمثال من أهم ما تجب معرفته من آداب القوم، اذهي مراه تنعكس منها اخلاقهم، وعاداتهم ،وشاهد عدل علي حالة اختلاف طبقاتهم، ونحلهم، فجمعت من أمثالهم اكثر من عشرة الاف مثل انتقيت منها هذه المجموعة، وهي تشتمل علي 4494 مثلا ، منها 1425 مثلا شاميا و 1526 مثلا مصريا و 533 مثلا سودانيا، فجاءت اكبر مجموعة ألفت في الأمثال العامية الي هذا اليوم – يقصد في سنة 1894 م – وسميتها " أمثال العوام في مصر والسودان والشام " ولاحظ أيضا نعوم شقير تشابه الأمثال في البلاد العربية، وقد علل التشابه " بأن العادات التي نشأت منها الأمثال في جميع العصور والبلدان هي عادات واحدة ، وهي عادات عربية، كما أن الاتصال التجاري، والكتب والجرائد العربية، التي لم تزال متداولة في البلاد العربية، قد تأثر بها العامة وحرفوها علي اختلاف بيئاتهم الجغرافية والثقافية.
والشئ الذي نأخذه علي نعوم شقير هو ترفعه عن الأمثال الدائرة علي السنة الرعاع، وذلك لمسماجتها، وانحطاط الفاظها كما يعتقد، وإغفاله لهذا الجانب الشعبي الهام الذي يعكس تجارب الشعب وأمانيه في تلك الفترة ذلك لأن المثل الشعبي الذي ينبع من البيئة هو الذي يفيدنا في مجال دراستنا الفولكلوريه، ثم إن ترك هذا الجانب الشعبي من الأمثال لا يسلب الكتاب قيمته، فهو محاولة جادة ومفيدة للباحثين، بل انني لأعجب كيف لا يتعرض له علماء الفولكلور في مؤلفاتهم العصرية .
فالمثل الشعبي اذن هو خلاصة تجارب، وخبرات صبت في كلمات موجزة تؤدي في مناسبات تفتقر إلي مثل هذه الشعارات الحكيمة. والأمثال من صميم الأدب الشعبي، لأنها تتضمن معاني خلقية ، واجتماعية تكشف لنا عن سلوك الفرد في المجموعة التي ينتمي اليها، فنحن عندما نفشل في اقناع شخص اقناعا عاطفيا، فاننا غالبا ما نلجأ إلي المثل الشعبي حتي يعبر عن التجربة السابقة في الحال، وطالما تعارف الناس علي أوضاع اجتماعية، وسمات خلقية معينة، فإن المثل يؤثر فيهم تأثيرا بالغا.
والمثل الشعبي قد يستعمل لأغراض تعليمية، فتارة يكون علي شكل نصيحة، وتارة يكون نقدا لازعا، واداه للتشهير والسخرية تماما كما تعالج النكتة المصرية الأوضاع التي لا تتفق مع رغبة الجماعة ، وبعض الأمثال تتسم بروح الفكاهة فهي عبارة عن صورة كاريكاتورية.
ولدينا الآن نماذج من الأمثال الشعبية السودانية تمثل الأغراض التعليمية كمثل" راكوبة الكضب هديمة وبيت الصح يقيف لا ديمة "
درب السلامة للحول قريب " صنعة في اليد أمانا من الفقر"
والأمثال النقدية اللازعة كمثل " عينك في الفيل وتطعن في ضله ؟ ! " يضرب للشخص الذي يجبن عن مجابهة الواقع ، فيتعلق باسباب واهية لائمت إلي الأصل بصلة، ومثل " غلفه وشايله موسي تطهر" يضرب للشخص الذي يحث الناس علي فعل شئ، بينما هو نفسه لا يقدم علي فعله. أما المثل الكاريكاتورى كمثل " الضايق عض الديب بخاف من مجر الحبل " يضرب للشخص الذي يلوذ بالفزع والفرار كلما ألمت به حادئة طفيفة .
من هذا نتبين أن المثل الشعبي أداة تعليمية لها خطرها في المجتمعات البشرية بقي لنا أن نتساءل كيف نفسر تشابه الأمثال، واتحادها في المعني في معظم البلاد العربية، بل اننا قد نجد أمثال ، من الهند والصين أو من البلاد الأوربية تتشابه في المعني؟ وللجواب علي ذلك نقول أن علماء الفلولكلور أرجعوا هذا التشابه أو الاتحاد في المعني؟ وللجواب على ذلك نقول أن علماء الفولكلور أرجعوا هذا التشابه أو الاتحاد فى المعنى إلي ناحيتين(1) الهجرات (2) وحدة التجربة.
الهجرات: مما لاشك فيه أن السودان دخلته هجرات عربية وغير عربية، من الجزيرة العربية ومصر، وبلاد المغرب، فلا يستبعد أن تكون تلك الهجرات قد حملت معها تراثها الشعبي الذي ضمنته المثل الشعبي، ولذلك تجد تشابها قويا بين المثل السوداني والمصري والسوري ، والعراقي .
وحدة التجربة: فسر علماء الفلولكلور ايضا هذا الاتحاد في الأمثال، أو التشابه بأن أي مجموعة من البشر لها تجاربها الخاصة، وخبراتها في الحياة فقد يحدث أن تتفق الشعوب في المعاني التي تضمنها الأمثال الشعبية . والسبب في ذلك هو وحدة التجربة الانسانية، وهذا لعمري أوضح تفسير يمكن أن نستفيد منه ليس في مجال الأدب الشعبي فحسب ، بل في المجال التاريخي أيضا، لأن فكرة التأثر غالبا ما تفقد عاداتنا وتقاليدنا الأصالة ، وتطبع تفكيرنا بالسطيحة والجمود.
فمثلا نجد الانسان العادي في الجزيرة العربية أكتوى بنار هذه التجربة التي تقول " من حفر حفرة لأخيه سقط فيها " والسوداني العادي أيضا عاش هذه التجربة في بيئته الخاصة، فعبر عنها بأسلوبه الخاص قائلا " التسوى كريت في القرض تلق في جلدها " وهكذا نجد أن المثل الشعبي السوداني عبارة عن سجل خالد للعادات والتقاليد والتجارب التي عاشها الانسان العادى في سالف عهده. الأحاجى الشعبية والألغاز
يقول الشيخ عبد الله عد الرحمن " ويسمون الأحاجي في السودان الحجا جمع حجوة في كردفان والحجا قسمان طوال وقصار . أما الطوال فعبارة عن حكايات خيالية تؤثر في نفوس الصبيان كثيرا. فتراهم عندما يستمعون يضحكون. وأونة يبكون. وأخرى تكلح وجوهم. ومرة تنطلق أسرتهم. وهي بمثابة الروايات والقصص" فقد كانت الأحاجي اذن تلعب دورا خطيرا في المجال التربوي. فهي بمثابة السينما والاذاعة والمسرح في زماننا هذا. وهذه الأبيات للشاعر الشيخ عبد الله عبد الرحمن تحكي لنا في إيجاز أهمية الأحاجي في الازمان الغابرة يقول الشاعر.
وسامر الحي من عبد وفتيان بين البيوت وفي أعطاف وديان في كل ليل تحاجيهم عجائزهم بابن النمير وسوبا وابن سلطان وتارة يرهف الفتيان سمعهم إلي نوادر أجواد وفرسان وابن الملحق لم تبرح حكايته في الحي يسردها أشياخ حمران يا قبر تاجوج حياك الحياومشي بصفحتيك شذا ورد وريحان
الاحاجي أداة تثقيفية هامة : يعتبر خالد عبد الرحمن أبو الروس من الرواد الأوائل الذين حاولوا أن يستلهموا روح المسرحية من تراثنا الشعبي كالأحاجي والأساطير الشعبية وخالد ابو الروس من مواليد أم درمان ولد سنة 1919 وتخرج من معهد أم درمان العلمي. وقد شغف بكتابة الروايات والأغاني الشعبية.
كما أنه يمتاز يروح فكاهية. وذكاء ملحوظ تأثر خالد أبو الروس بالقصص والملاحم الشعبية السودانية. كبطولة ود النمير. وقصة تاجوج التي تمثل الحب الانساني في اسمي صوره. ومما يحدد ذكره أن قصة تاجوج تعتبر من روائع القصص العالمية كرواية مجنون ليلي. ورواية رميو وجوليت مثلا وتاجوج عشيقة المحلق تنتمي إلي قبيلة تدعي " حمران"
ومن المسرحيات التي استلهمها خالد ابو الروس من الأحاجي الشعبية مسرحية سوبا والسبعة الحرقو البندر. وأمات طه . وقد مثلث معظم هذه المسرحيات علي خشبة المسرح في العواصم والآقاليم السودانية. ولا تزال هذه المسرحيات الشعبية التي أقتبسها ابو الروس من تراثنا الشعبي لا تزال أداة تثقيفية هامة تبث في النشئ الروح الوطنية والحماس . ولا يفوتنا أن أنحي تلك الأقلام التي أخذت تنبش هذه القصص الشعبية . وتعرضها في قالب تحليلي متين .
وهذه بعض الألغاز السودانية : دخل القش ما قال كش – الظل . عمي قصير وبصير – القدوم. عمي طويل ما يلحق الكعكول – الدرب . سبعة صقور من زمن الرسول لا ولدا زادا. ولا كبراً شاباً – أيام الأسبوع. حبوبتى فى دكانه وتأكل فى مصرانه – اللبة. كان شالوه ما بنشال وكان خاوه سكن الدار – الرماد هى فيك لو عرفتها بكريك – الصرة. شدرة فوق القيف لا برم ولا عليف – السن. فيها فت سنينه وفيها فت عوينه وبسم الله علينا – الإبرة. مطمورة أبو زيد ملانه – النجم. شاتى بيوص عندها صخلة وعتوت – المرحاكه. ملكين فى ككر إن غاب واحد الثانى حضر – الشمس والقمر. مطارق الهوج والشرق اتخبطن – رشرش العين:
07-30-2009, 04:25 PM
AnwarKing
AnwarKing
تاريخ التسجيل: 02-04-2003
مجموع المشاركات: 11481
الشيخ فرح ودتكتوك عاش فى سنار فى زمن مملكة الفونج فى النصف الثانى من القرن السابع عشر، وهو من قبيلة البطاحين، يحب العلم والعلماء، وقد اشتهر بين قومه بالحكمة، فكان الناس يتناقلون كلماته، ويشعفون بكل ما يأتى به من أقوال وحركات، يحكى أنه نزل فى مرة فى حلبة الرقص حيث كان يوجد بعض السكارى والصعاليك الذين لعبت الخمرة بعقولهم ، فاخذوا يتصاحون ويرقصون فى صخب جامح، فتمنطق الشيخ فرح بعمامته، وأخذ يرقص معهم ، فاقبل عليه بعض محبيه، يستفسرون عن السبب الذى جعله ينخرط فى سلك هذه الشلة الفاسدة وهو الشيخ المتصوف الورع. فاشار الشيخ فرح بأسلوبه الحكيم، اصغوا أيها الناس إلى موسيقاهم، وضربات نوباتهم كأنها تقول " كم كبت وكم تكب ، وكم كبت وكم تكب." وهكذا أخذ الشيخ فرح يردد هذه الالفاظ، ويرقص على نغماتها، ولعل من هنا أتى المثل الشعبى الذى يردده "يغنى المغنى وكل حد على هواه" وبمرور الزمن صار الشيخ فرح كأنه شخصية اسطورية، تنسب إليه كل كلمة صائبة وكل كلمة طريفة حتى ملأ صيته الآفاق، ولهجت الالسن فى كل بقعة من بقاع السودان بنوادره الطريفة ومما لا شك فيه أن سبب شهرة الشيخ فرح هو نظراته الواقعية الى الحياة، وفهمهه العميقلنفسية الناس الناس كان يحيطون به فى تلك الفترة، فكان بمثابة فيلسوف القرية، يعالج مشاكل الناس يروح واقعية ويستمد براهينه من الظروف والملابسات الملموسة لدى فومه، يحكى أن جماعة من التجار. العيش أتو إلى الشيخ فرح يطلبون منه أن يبيعهم كمية من محصول السنة فأحسن الشيخ فرح استقبالهم ولكنه استشارهم فى أن يهلوه حتى يأخذ برأى العيش، فذهب إلى مطمورة العيش، وانحنى كمن يخاطب العيش " يقول الخمرى الداخرك لعمرى، اتعشى بيك واصبح مشتهيك" يشير الدكتور عبد المجيد عابدين بأن هذه النادرة تدل عام المجاعة، لأنه لم يعرف عن الشيخ أنه كان بخيلا، ولكن قلة المحصول جعلته شديد الحرص، فالشيخ فرح يقول مثلا. بيتك لاتجيه من ليالى الحر. جاهد الأرض لأجل الملود تنكر. ليالى تفاه يا خوى لا تنفر. سيد العيش عزيز الرحال تنجر. *** الحارت يريده ربنا القدوس. قدحة فى المواجب تجده متردع مدروس. فى الدنيا جابو ليه الفى الغيب مدسوس. فى الآخرة ساقه الرسول على الفردوس.
ولعل فهم الشيخ فرح العميق للحو ادث، ونضج تجارية الذاتية، ونظرته الصوفية إلى ظواهر الكون لعل هذه الشياء خلقت منه مفكراً يسبق الحوادث بعقليته الفذة، ويرى ما لا يراه قومه حتى أنه أتى بتنبؤات لم تلبث أن تحقق بعضها، كما أنه يجب أن ندخل فى اعتبارنا ما نسجه العوام فى فترات متفاوتة، ومما ينسب إلى الشيخ فرح وتكنوك أنه قال فى زمن لم يس تعمل فيه التليفون أو السكة الحديد، "قال آخر الزمن السفر يبق بالبيوت والكلام يبقى بالخيوط وبيل نظرة فى النيل، وكأنه يصعب عليه أن يحول هذا النهر عن مجراه الطبيعى مما يترتب عليه من مشارع ومشاق، كغمر النيل للأرض الخصبة، كالجروف التى كانت مصدراً للرزق، فتنبأ الشيخ "بكرة يجوك مقطوعين الطارى، ييسكونوك الضهارى.
ويقول الشيخ فرح ودتكتوك "آخر الزمن شوف البقت. والنوق من الشيل دبرت. المحنة راحت ما قبلت. الجنى للوالدين جفت. العافى ليده ما تلفت. الحرة كالخادم مشت. مرقت برة انكشفت. راحوا لرجال تلت الجتت. والصح دروبه انسدت. كيف يلحقوك فقرا البخت. أغانى الصبية مما لا شك فيه أن اللعب وسيلة الطفل الطبيعية فى تفهم مشاكل الحياة التى تحيط به، فمن طريقة يكتشف الطفل البيئة التى يعيش فيها، ويوسع من ثقافته ومعلوماته ومهارته، ويعبر عن أفكاره فى أسلوب طلق، بل أنه عامل من عوامل التكيف الضرورى بين الطفل والبيئة التى يعيش فيها. فوظيفة اللعب أذن تتركز فى الفهم والتعبير والتكيف، وإذا كان عالم النفس ينظر إلى اللعب من الناحية السيكولوجية أى أنه يفلسف اسليب لعب الأطفال من حيث هى وسيلة تساعدهم على تفهم الأطفال المرضى بأمراض نفسية، ومن حيث هى طريقة من طرائق العلاج النفسى، فان عالم الفولكلور يمثل جانبا من التراث الشعبى، إذ أن معظم العادات والتقاليد والطقوس الدينية، والملاحم البطولية تكمن فى تلك اللعب الساذجة التى يزاولها الصغار فى البدو والحضر.
ولعب الأطفال عندنا فى السودان يمثل جانبا هاما من أسلوب حياتنا وتريخنا كلعبة شليل وينو، ولعبة كركعوت، ولعبة حرينا، وكألعاب الفروسية، فألعاب الفروسية مثلا تبرز مدى هضم الطفل لتاريخ بلاده، وتأثره بالاحاجى والحكاوى البطولية التى تجعل من الأبطال أناساً يتمتعون بقوة خارقة، فهذا طفل مثلا يمتطى عصاه فى زهو وكبرياء، كأنها فرس عنيد فيتخيل نفسه فارساً مغواراً يشن الغارات تماما كما تروى الأساطير والأحاجى.
وما دمنا نتحدث عن لعب الأطفال، فهناك جانبا هاما يتعلق بالاقوال التى تقال أثناء ترقيص الأطفال ، فغالبا ما نجد الأم تنسج ابياتا تلقائية من الشعر الشعبى التى تضمنها الآمال والأمانى التى تعقدها على فلذة كبدها، كأن تتمنى له أن يصبح رجلا يتحلى بالحصال الحميدة، كالكروم والشجاعة والمروءة.
والأغنيات التى تقال أثناء ترقيص الصبية تعكس لنا نفسية الأم تجاه الأجيال الصاعدة، انظر الى هذه الأم التى تمرجح طفلها بين يديها فى بهجة وحنان وتغنى له: سرح وجانى. وحلب عشانى. وضرع كسانى.
بينما نجد هذه الأم لنبتها الصغير أن ينمو فيأخذ باسباب المدنية، فيغتنى العربات، ويترحل بالطائرة، ويجالس الأعيان الكبار حيث تقول: ما بسرح بى تك وما جانى غلبان يتحك يركب عربية ما حمار وبشيل بندقية ما فراز وبتسوح بالطيار وبجالس الأعيان الكبار
وتمعن أيها القارئ فى هذه الكلمات البسيطة المعبرة التى تعكس أمانى الأخت تجاه أخيها الصغير محط آمالها فى المستقبل:
دايراك يا على تكبر تشيل حملى الجار العشير الكان أبوك بيدى والغنى والفقير الكان أبوك حامى السولب من العلج الحرير أكسى
بينما هذا الأب يحمل ابنته الصغيرة بين يديه ويمرجها وهو يدندن بهذه الكلمات: ما حميرة بتتطنقره وما بتعرط القنقر كل صباح تتمنضر وبتتسوك بالصندل وعادة ترقيص الصبيان انت موجودة عند العرب منذ قديم الزمان، فانظر إلى هذا العربى يرقص ابنته فيصف شعوره نحوها، أنه يأمل أن تنمو ، فتصير جارية فاتنه كريمة الخلق عذبة الفم : كريمة يحبها أبوها. مليحة العينين عذبا فوها. لا تحسم السب وإن سبوها.
____________ أدب الملحمـة
فى كتاب المصباح المنير " التحم القتال اشتبك واختلط ، والملحمة القتال" يقول الدكتور عبد الحميد يونس معرفاً الملحمة " إن الملحمة هى بعينها التاريخ يصدر من عاطفة جماعية معينة ووظيفتها الأولى هى المحافظة على مقومات الجماعة ، وخصائصها بين سائر الجماعات "وتذكر الأستاذة نبيلة إبراهيم " أن الملحمة قصيدة غنائية ذات طول معين ، ونختص بحوادث تتسم بطابع الأهمية والعظمة " ونستنتج من هذين التعريفين أن الملحمة تختص بالمعارك الحربية ، فهى سجل خالد للبطولات التاريخية وأنها يجب أن تصدر عن الوجدان الجماعى حتى تبرز الطابع القومى فى صدق ووفاء ، وأنها سجل خالد للقيم والمثل ، والعادات والتقاليد ، تتمتع بهذه المثل شخصية لها القيادة الفكرية والبطولة الخارقة لتعبر عن نفسية الشعب تعبيراً صادقاً ، وتخلد تاريخه فى أسلوب جماعى .
ويرى الدكتور عبد الحميد يونس وهو من كبار مؤرخى هذا اللون الشعبى أن الملحمة تمر باطوار حتمية لابد ان تتصف بها كل جماعة من الجماعات يقول " أن الجماعات مهما اختلفت مدارجها وحظوظها من النمو والتطور تمر كالأفراد بمراحل متشابهة ، بالمرحلة الأسطورية التى تفسر بوساطتها ظواهر الحياة والكون ، وترد إليها ما خفى من أسباب وعلل وتؤثر فى وعيها لنفسها " ثم يبرهن عن هذا القانون الحتمى الذى استنبطة من دراستة الفولكلورية فيقول " آثار هذا التطور لا تزال تهدد حتى فى الجماعات المتحضرة كالعضو الأثرى فى جسم الكائن الحى .. تبدو فى بعض العادات التى فقدت وظائفها القديمة المتوغلة فى القدم .. " ثم يعلل أن كل جماعة مرت بهذا الطور كالقبائل الجرمانية ، والرومان واليونان وبابل ومصر . وتسلم هذه المرحلة إلى مرحلة أخرى لا تنسخها تماماً وإنما تأخذ منها وتضيف إليها وتعدل في صورة الفكر ووظيفتة وهذه المرحلة هى التى نستطيع أن نسميها بالعصر الملحمى او عصر البطولة وذلك لأن الجماعة العادلة ومكانها فى الجماعات الأخرى المتحالفة معها أو المحاربة لها وتتسم هذه المرحلة بغلبة الوجدان الجماعى .
فالملحمة إذن عصارة تجارب وتاريخ لحياة الشعوب وتحكى نفسية الجماعة وتعبر عن وحدانهم القومى . ففى السودان مثلاً تحسس الشعب تراثه التاريخى فتقمص شخصية إبى زيد الهلالى وعنترة بين شداد حتى يستمد القوة من تراث الاجداد فكانت الأحاجى والألغاز والحكاوى والأساطير بمثابة تعبئة روحية تبث روح البطولة ، وتحث الأجيال على الدفاع عن عادتهم ومقوماتهم الأصيلة . لقد نكب الشعب السودانى بالغزو التركى ، جاء الأتراك بلادنا فبثوا فيها الفوضى ، واستبعدوا رجالها ، وهنا نجد الشاعر الشعبى خير معبر عن تلك الفترة لانة الصق بالبيئة من غيره ، فقد كان له دور خطير لا يقل عن دور الشاعرة مهيره عبود شاعرة الشايقية تمتطى ناقتها وتتقدم الركب تتغنى بمفاخر قومها ، وتدفعهم إلى محاربة الأتراك الغزاة ولقد كان لها شأن عظيم فى ذلك ، وتقول الشاعرة مهيرة بت عبود : عجبونى الجنيات راكبين خيول الكر قدامن عقيدن بالأغر دفر يالباشا الغشيم قولى لى جدادك كر . وفى عهد المهدية اشتهرت الشاعرة " بنت المكاوى " بالتغنى ببطولة المهدى فكان لها دور خطير فى محاربة الأتراك الغزاة تدعو المهدى إلى الحرب لأنها ترى فى الحرب العز لقومها حيث تقول طبل العز ضرب هوينة فى البرزة غير طبل ام كبان أنابشوف عزه إن طال الوبر واسيه بالجزة وإن ماعم نيل ما فرخت وزه " البرزه " العراء " ام كبان " الحرب
بينما نجد الشعراء التقليديين فى تلك الفترة كانوا يعيشون فى بطون الكتب ويترفعون عن حياة العامة يجارون أمثال جرير والفرزدق بل ينزع البعض إلى مدح الأشخاص فرأينا مدح الخديوى ومن تقرب إلى الاولياء والدراويش ومما يجدر ذكره أن المدرسة التقليدية فى السودان بالرغم من موقفها السلبى وترفعها عن حياة العامة فإنها خدمت الثقافة العربية فى السودان اجل خدمة ، فلوتر كنا الجانب الموضوعى واتجهنا إلى الشكل لوجدنا تقدماً فنياً ملحوظاً فى بناء القصيدة على أننا يجب أن نشيد بشعرائنا التقليديين فهم على الأقل وضعوا لنا اللبنة الأولى فى بناء نهضتنا الأدبية .
07-30-2009, 04:27 PM
AnwarKing
AnwarKing
تاريخ التسجيل: 02-04-2003
مجموع المشاركات: 11481
يعتبر أدب المدائح من صميم الأدب الشعبى لأنه يعكس لنا المعتقدات الدينية والأوهام والمخاوف الغيبية التى سيطرت على العقلية السودانية فى فترة معينة فنستطيع أن نتعرف على المعانى الخلقية التى عملت على توجيه سلوك الفرد . وأدب المدائح مادة غزيرة تمكن الباحث من التوصل إلى معرفة نفسية الشعب من آمال وآلام وأمانى . ولا شك أن البيئة الزراعية وما يصحبها من تخلف فكرى لها أثر فى دفع الفرد إلى الإيمان بالغيبيات لان الفرد فى المجتمعات البدائية غالباً ما يعجز عن تفسير ظواهر الكون يخفيه قصف الرعود والعواصف فهو فى صراع دائم مع الشر ، حياته مليئة بالمخاوف والأوهام ولذلك يلجأ على الإيمان بالغيبيات فيجد لذه روحية وطمأنينة فى حياته . والمدائح التى يفيض بهال كتاب " الطبقات فى خصوص الأولياء والصالحين والعلماء والشعراء فى السودان لمؤلفه الشيخ محمد ضيف الله بن محمد الجعلى الفضلى المتوفى سنة 1224 هجرية ، خير برهان على ذلك . أن تلك المدائح تكشف لنا عن نفسية الشعب السودانى فى الأزمان الغابرة من خلال المعتقدات الدينية وتقديس الأولياء والدراويش . ولدينا الآن نموذج حى لأدب المدائح فى السودان وهى قصيدة للسيد محمود الفاضل شيخ حلة المعدلاب مجلس ريفى سنار شرق الكواهله وهو من محبى الشيخ المكاشفى ، والشيخ المكاشفى من كبار الأولياء فى السودان وقد توفى منذ عهد قريب اشتهر بالعلم والزهد وملأصيته الآفاق وقد عالج اناساً كثيرين من الذين يعتقدون فى كراماتة وله " حيران " يتمتعون بكرمة الفياض . نذكر هذه القصيدة هنا لأنها تناقلتها الألسن فهى تكاد تكون ملحمة دينية تصور بطولات الشيخ من علم وزهد وورع وكرم فياض . فالمادح يشكو آلماً ممضاً فى رجله ، وبعد أن عجز فى علاجها اتجه إلى الشيخ المكاشفى حتى يزيل منه الألم ويناجيه من بعيد فى حسرة قاتلة . يا سماع بعيد بلد الواحيه خيل الشيخ سراع لصيحة الهوية ما كشفت الكراع سوت الحكية . وهنا يتوسل له المادح ويشكو له فقره المدقع . الزمن طويل والسنة قوية الحمل تقيل والكسب شويه والمادح كأنه يحاول ان يقنع نفسه بأن ذلك الشيخ الجليل الذى يهلل فى الثلث الأخير من الليل والذى سبق ان عالج القوب والبرص تلك الأمراض التى عجز الأطباء عن علاجها لابد ان يجد عنده العلاج لأنه ولى يخلص لله ، فلماذا لا تستجاب دعوته .. ؟؟ فى التلت الأخير اسمعوا تهليله القوب و البرص داوتن حفيره يمشي بي كرعية و يسبق البطيرو . و ينتقل المادح يعبر عي اعجابه بالشيخ فهو قد اقتنع بان الشيخ لن يطالبه باجرة العلاج لانه يعين الفقراء ، ويضمد جروح المعوزين . عاجبانى طبيعته السمحة وظريفة . ما دار الملك ما تتاوق للوظيفة ما كلف حور داير القطيفة وجسمه بضوى غير صابون وليفة . البزور بجنيه والبلدى عند النادر واحد ما فرز واحدين . والشيخ الذى يستفرع فيه المادح كل معايير المدح والإعجاب ويصفه أيضاً بانه يكف عينه عن الهدايا ومع ذلك يحل المشكلات العويصة ، فهذا ما لفت إليه الأنظار ، وجعل الأقوام تهاجر إليه من كل فوج عميق . عينه ما بتلا حظ لى قرش الهدية وما بتنفك غيره الشبكة القوية جالب القيمان من بلود أم بادر مجمع الأرواح فى مسيد النادر .
___________ أدب النواح
النواح هو بكاء الموتى . وتعداد ماثرهم وفضائلهم والتعبير عما يحس به الرائى من حزن تجاه الفقيد . ولقد كان النواح معروفاً عند العرب فى الجاهلية والإسلام. ويقال ان بعض المغنين كانوا فى مبدأ أمرهم نائحين كابن سريج والغريض والنواح هو غرض له أهميته فى المآثر الشعبية إذ أنه سجل لحياة الاموات فهو يصف الفضائل الحميدة كالكرم والشجاعة والمروءه وبالتالى له أثره فى المجال الخلقى والتربوى لأنه يرفع من الروح المعنوية والرائى كأنما يخض غيره على التمسك بالفضائل التى يرددها فى مصابة الأليم .
وأدب المناحة فى السودان يجب أن تكون موضع اعتبار الباحثين بصفة خاصة فنحن إذا تعمقنا فى المعانى التى تلهج بها النائحه نجد انها تعدد المآثر الحميدة والعادات الأصيلة التى عاشها الشعب السودانى فى فترة من فترات حياته فى السودان جماعية أكثر منها ذاتية أى أننا قلما نعثر على المؤلف الحقيقى للمرثية فغالباً ما تصل إلينا قد علمت فيها عقول الأخرين وتناقلتها الأجيال واضافت عليها مما يلائم حياتها فاستمع إلى هذه الماحة وهى من غرب السودان تذكر النائحة الصفات الكريمة التى كان يتحلى بها موسى ذلك الرجل الذى كان مفحرة القبيلة والذى فاحت ذكراه العطرة من غرب السودان حتى تناقلتها بنات بربر فى الشمالية لقد اشتهر بالشجاعة والعفة وسمو الخلق .
حليل موسى يا حليل موسى حليل موسى اللى رجال خوصة حليل موسى يوم ركب دفر طلع ظيته شال بنات بربر حليل موسى مابيا كل الملاح أخضر حليل موسى ما بشرب الخمر ويسكر وهنا تصل النائحة إلى القمة فى وصفها للشعور بالحرفة والفراق عبرت عن مندى قلقها ومخاوفها النفسية فى اسلوب يذيب المهج ويستدر العطف . الليل امس ما بشوف بل يوم فوقنا الحرب تنقلى الليل أمس ما بشوف زينه ويوم فوقنا الحرب بالزينا يوم جانا الحصان مجنوب وفوق ضهرو السليب مقلوب ابكن يا بنات حى وب حليل موسى ياحليله اليوم حوشة القرقرو البعشوم. قال الشريف عبد الله ود الفاضل : زايله وهل هل يالدالى الماك شقير العد الروى الماقطط النشال وحملك كان تقيال يا اب آمنة ما بنشال زايله وهل هل يالدالى الماك شقير يبكنك بناتا جدول دموعن سيل وهمد ضوهن جضن هوية ليل زايلة وهل هل .. يبكنك بناتا ملصن التيلة حكم السيد رضا لا قدره لا حيله زايلة وهل هل .. ومما يجدر ذكره أن ادب المناحة فى السودان على صله وثيقة بالأدب العربى وخاصة الأدب الشعبى العربى القديم فنجد هذه الشاعرة التى ترثى خالها تذكر انه خير من اكرم الضيف وأنه كان يخوض غمار الحروب لا يخشى بأس العدو تقول يامر ياخير أخ نازعت در الحلمه ياخير من اوقد للأضياف نارا جحمة ياجلب الخيل إلى الخيل تعادى إضمه يا قائد الخيل ومجناب الدلاص الدرمه سيفك لا يشقى به إلا العسير السمة جاد على قبرك غيث من سماء رزمه
_______________ أدب الأسطــورة
الأساطير هى أثر من اثار الخيال الخصب يضفى على الإنسان متعه ذهنية وقد ترفع الأسطورة الملوك وذوى البطولة الخارقة إلى مرتبة تفوق البشر كأساطير اليونان والفرس والعرب فى تفسيرها لظواهر الحياة وما يكتنفها من غموض فى هذا الكون الفسيح .
ومما يجدر ذكره ان أساس الأساطير فى بدايتها أنما هو عجز الإنسان عن تفسير ظواهر الكون فالإنسان قديماً كان يقف أمام ظواهر هذا الكون العجيب مكتوف الإيدى تذهله أسرار الطبيعة فيفكر فى معنى الوجود ويعمل تفكيره فى حل رموزه وطلاسمه ورسلاً العنان لخياله لخصب ينسج القصص البطولية والملامح التاريخية .
يصف لنا العالم الإنجليزى سيرج .ك جوم الأساطير بانها " تحول لنا علوم ما قبل العلوم " كأن تحدثنا عن علة الخلق ، والأسر الخافية وراء الحيوان . وقد يرى الإنسان العصرى أن الأساطير والخرافات هى غاية فى السذاجة ولكن علماء المأثورات او لوها عناية كبيرة لأنها فى نظرهم " محاولة قديمة بذلها الإنسان الأول ليعرف أسرار الكون" ولا يخفى علينا أن الإنسان العصرى بالرغم من تقدمه فى العلوم والفنون يلجأ إلى تلك المحاولات القديمة فى حبك الأساطير بل أن أساس العلوم هو خيال خصب يغوص فى الأعماق ويتطلع إلى الفضاء ليهتدى إلى الحقيقة . والأسطورة تنقسم إلى قسمين أسطورة خرافية تستند إلى الخيال فى تفسير ظاهرة الكون والطبيعة ( اسطورة تعتمد على شعور البشر ، وتصور احساس الجماعة متخذه منها أسوه وعبره فى اسلوب تحليلى يبرز لنا نفسية النماذج البشرية وهذا النوع من الأساطير بدراستنا اتصالاً وثيقاً إذ أنه مادة فولكلورية من صميم الادب الشعبى ومن هنا نتبين صلة الأسطورة بالتراث الشعبى فهى تصوير للنشاط والسلوك الإنسانى الجماعى هذا النوع من الأسطورة يعكس لنا تاريخ الأمة وآمالها وأمانيها يقول الدكتور عبد الحميد يونس معبراً عن اساس التفريق بين الأسطورة الكونية والأسطورة التى تحلل السلوك الجماعى " أن الأساس فى التفريق هو الأساس الوظيفى فإذا تجاوزت الأسطورة وظيفتها الأولى وعدتها إلى وظيفة أخرى وانفرطت عقدتها وتداخلت عناصرها فيما يصدر عن العاديين من ضروب النشاط والسلوك لم تعد مادة أسطورية بالمعنى الصحيح إنما أصبحت مادة فولكلورية " ____________
الاسطورة فى أفريقيا
الأسطورة كما سبق أن أوضحنا هى عبار عن نظام تعليمى دقيق ففى أفريقيا مثلاً نجد الاسطورة أداة تثقيفية تقوم مقام المحاضرات التى تلقى فى الجامعات الحديثة فالجلوس حول مواقد النيران والأسمار فى الليالى المقمرة هى فى الواقع أعظم بيئة مدرسية.
يسرد الرجل المسن أو المرأة المسنة تراث الأجداد فى قالب تمثيلى بطريقة مشوقة فمثلاً الراوى " الباليوت" كما يطلق عليه القرويون فى وسعة أن يعود بتاريخ القرية إلى قرنين أو ثلاثة قرون مضت يقص الأحداث التاريخية ، ويشرح العادات القديمة فيتنبأ بمستقبل القرية ومدى التغيرات التى تطرأ عليها فهو حكيم القرية وفيلسوفها ، كما يتوارث الأبناء عن الآباء بطريق التقليد المهارة الفنية كالحدادة والبناء ويعرفوا شيئا عن الوحوش.
يقول و . ف برتون مؤلف كتاب من الفولكلور الإفريقى " والحق الحكايات التى تروى حول مواقد النيران لتعد بداية صالحة ودقيقة لحياة الغابة بالإضافة إلى هذا النوع من التعليم الذى وصفته هناك أساليب متناهية للاندماج الاجتماعى مثل الأساليب التى يتعلمها الرجل الأبيض سواء من الوازع الدينى أو من خبرة الحياة القاسية " ويقول فى موضوع آخر " أن الإفريقى هو أمير الحكاية الخرافية بلا منازع ، وأن الذين قاموابدراسة اللغات الإفريقية التى تعد اداة تثقيفية وتحلل النفسية الإفريقية منذ أقدم العصور فأسطورة الأبيض والأسود هى قصة خيالية مازال يرددها سكان الكونغو دمغ المؤلف بهذه الحكاية الذين ينكرون التراث الأفريقى حيث قال ممهداً لدراسته " سوف تكون هذه الحكاية مبعث دهشة للقارئ الذى يعتقد أن من لم يؤت حظا من التعليم الأوربى غير متحضر او " بربرى " ذلك لأنه يفترض أن مستوى التعليم الاوربى هو وحده الذى يدل على مدى تقدم الأمة " لكى لا نطيل على القارئ نعرض عليه أسطورة الأبيض والاسود ، وندعه يقارن ويحكم بنفسه مع ملاحظة " ان هذه الحكايات السيقة بروايتها " البامفومى " العجوز وهو نصف عريان وسط اعمدة الدخان المتصاعدة من النيران " حيث تمثل أشجار الغابة المظلمة خلفية الصور وحيث صرير الحشرات ونقيق الضفادع فى الجداول وصرخات ابن آوى تأتى من بعيد " .
_____________ أسطورة الأبيض والأسود
" عندما كان الروح العظيم بصدد ان يخصص لكل مخلوق عمله فى الحياة استدعى إليه الرجل الأسود والرجل الأبيض ووضع أمامها صندوقين ولما كان الروح العظيم يحب الرجل الأسود فقد اعطاه أولوية الأختيار . فرأى الرجل الأسود أن أحد الصندوقين كبير وثقيل وأن الصندوق الآخر صغير وخفيف .. لذا اختار الثقيل وجاهد حتى حمله على كتفه وذهب به إلى بيته فوجدبه المعول وجرة الماء والعصا فخرج إلى الحديقة ليزرعها إلى النهر ليحمل ماءه وإلى الغابة يجمع الأشجار وما تجود به من ثمار وسخط الرجل الأبيض فى بداية الأمر لان الروح العظيم قد منح الرجل الأسود فرصة الاختيار .. وفتح الرجل الأبيض صندوقه فوجد به قلماً وورقة .. فوضع القلم هلف أذنه والورقة فى جيبه وكان كلما تعلم شيئا جدياً دونه على الورق .. ومات الرجل الأسود الأول .. وضاعت تجاربه معه ومات الرجل الأبيض الأول فبقيت تجاربه مدونه محفوظة . إن الرجل الأبيض يحقد علينا لأن الروح العظيم اعطانا فرصة الاختيار قبله .. فحرمنا من العلم والمعرفة .. وصار علينا ان نحصل على القلم والورق إلى جانب الفأس والعصا .. ".
والأدب الشعبى السودانى ملئ بالأقاصيص الشعبية والملاحم التاريخية والأساطير والأحاجى ولكن للأسف لم يعنى بها الباحثون فهى لا تزال تكتمها الصدور فى المدن والقرى ما عدا بعض المحاولات البسيطة التى يبذلها بعض كتابنا فى داخل البلاد وخارجها لنشر التراث الشعبى .
فنحن إذا ما اتجهنا إلى المسنين فى القرى لوجدنا عندهم اساطير وقصص شعبية من صميم بيئتنا السودانية تعكس لنا تاريخ بلادنا فى ثوب نظيف وتمد الأجيال القادمة بطاقة معنوية من تراث الاجداد المقدس. ان الأحاجي والحكاوي الشعبية التي تنقشها المرأة المسنة في ذاكرة الطفل، انما هي تاريخ الأجيال، وعصارة التجارب الانسانية التي اكتسبها اسلافنا في الماضي، وبلادنا غنية بالمواد الفلولكورية، والفنون الشعبية الأصلية، ذلك لأن بلادنا بطبيعتها قطر زراعي له قيمة ومثله التي تحافظ علي كيانة، وتحميه من الانقراض والفناء.
وقديما تشبعت العقلية السودانية بافكار وأديان، وحضارات. عبدنا آلهة المصريين، وانتجنا الحضارة النوبية العريقة بقيادة الفرعون النوبي السوداني بعانخي، تقلبنا الديانة المسيحية، واخيرا ارتضينا الاسلام دينا. لا شك ان هذا التراث الذي توار ثناه من الاسلاف كفيل بأن ينير الطريق للأجيال اللاحقة. والباحث في هذا للون الشعبي يمكنه أن يعثر علي ضالته في النقشات الأثرية، والصناعات الشعبية التي لم تتأثر بالآلة، يمكنه ايضا أن يدرس الاغاني الشعبية والمدائح الصوفية، وسيجد ما يغنيه في الأساطير والقصص الشعبية ، كأسطورة تاجوج مثلا ، كما أنه يمكن للباحث أن يستقصي حكم الشيخ فرح ودتكتوك، ونوادر البصيرة ام حمد ، وبطولة ود النمير ، وشعر الحا دلو، ونوادر العجب أمه.
وتوجد ظاهرة هامه في ادبنا الشعبي ، وهي تأثر الأدب الشعبي السوداني شخصيات وحوادث الشعوب العربية الأخري. وذلك ناتج عن الهجرات العربية الكثيرة التي قامت بها بعض القبائل العربية الي السودان من طريق البحر الأحمر والبعض الآخر من طريق صحراء مصر الشرقية أو وادى النيل، فيحكم موقعه الجغرافي ، وبحكم مواقفة التاريخية من جاراته البلاد العربية ، تأثر بأقاصيص عربية شعبية أصلية، كمقصص أبي زيد الهلالي، وحكاية يونس في تونس وبطولات عنترة بن شداد فهذه الحكاوي لازالت تنتقل من ثغور الشيوخ الي الشباب في السودان، وهي أثر مادى لا متزاج تراثنا الشعبي السوداني بالتراث الشعبي منذ قديم الزمان .
07-30-2009, 04:28 PM
AnwarKing
AnwarKing
تاريخ التسجيل: 02-04-2003
مجموع المشاركات: 11481
هذا سؤال ينبغي أن يوجه أولا الي الباحثين في هذا اللون الشعبي عندنا في السودان،لأن هذا الفن يعد من الفنون الحديثة، ليس في السودان فحسب بل في معظم الدول النامية. أن مسئولية الباحثين في الفنون الشعبية يجب أن تتركز في الناحية الدعائية لهذا الفن، حتي ينتقل من التلقائية الي المنهج العلمي التجريبي الحديث، فنستفيد من تجارب الذين سبقونا في هذا الضمار، أن فكرة النهوض بالفنون الشعبية لا تزال الي الآن عبارة عن مجهودات فردية يقوم بها بعض المتخصصين والهواء، لا تجمعهم رابطة، أو مركز علمي يقوم بتنظيم هذه المجهودات الفردية، ويبرزها في طابع قومي منسق.
فنحن بلا شك نملك الماده الخام من التراث الشعبي الأصيل،كالرقصات، والأغاني، والموسيقي الشعبية، واكبر دليل علي ذلك نجاح برامج فرق الفنون الشعبية التي تقوم بعرضها في المسرح القومي بام درمان في المناسبات الوطنية وغيرها ولكن الشئ الذي ينقصنا هو صهر هذه الفرق في بوتقه واحدة وتنظيم البحوث التي تعكس اصالة تراثنا الشعبي، وبالطبع هذا لايتم الا بعد أن نجتاز مراحل طويلة حتي نصل إليغايتنا المنشوده، وهنا توجد بعض المقترحات التي آمل أن تجد اذنا صاغية من جانب المسؤلين ، وقصدي من هذه المقترحات هو الاهتمام بتراثنا الشعبي اذلي يعبر عن حياتنا، أصدق تعبير.
1- انشاء كرسي للأدب الشعبي في جامعة الخرطوم. 2- انشاء مركز للفنون الشعبية تتبناه الدوله. 3- انصهار فرق الفنون الشعبية في بوتقه واحدة حتي تتمكن من ابراز نشاطها في قالب جماعي يتسم بالدقة والعمق. 4- إقامة المتاحف والمعارض للفنون الشعبية. 5- إرسال البعوث الي الخارج للتخصص في علم الفو لكلور. 6- تشجيع الباحثين علي تقديم رسالات جامعية ودراسات في تراثنا الشعبي. ___________________
وطريقة المجتمع
لقد تبين لنا مما سبق أهمية الأدب الشعبي، وأن بلادنا غنية بالمأثورات الشعبية، من شعر ، ورسم؛ وموسيقي ورقص.
كل هذه الفنون الخام في حاجة إلي جمع وتبويب، في صدق وأمانة وطريقة الجمع والتبويب يمكن أن تتم بوسلتين، أولا الجامع المدرب الذي يكون له إلمام تام بتاريخ السودان وجغرافيته، ويكون علي قدر كبير من فهم العادات والتقاليد، واللجهات العامية السودانية ، فيأخذ النماذج من أفواه قائليها ، ويستحسن أن يأخذها أثناء مناسبتها.
ثانيا ينبغي لجامع الفنون الشعبية أن يكون نشطا، ويتمتع بحاسة فنية حتي يتذوق الفنون الشعبية الأصلية، فالباحث في هذا اللون يحتاج إلي لباقة حتي يستطيع أن يتجاوب مع الذين يحملون هذه الذخائر في صدورهم ، فيحمل معه آلات التصوير ، والتسجيل اللازمة.
وأحدث طريقة لجمع النماذج الشعبية هي طريقة البطاقات، وأهم البيانات اللازمة هي اسم الرواية، أو الفنان ، وعمره ، ومكان ميلاده، وهل هو من أبناء القرية، وهل هو فنان محترف ، ثم طريقة الآداء، والحركات، ونبرات الصوت إليغير ذلك من الأسئلة التي تعطي فكرة عامة للباحثين . وحبذا لو كونت جمعيات من المتهمين بالفنون الشعبية لجمع المأثورات وتبويبها حتىيكون العمل جماعيا، فمثلا يمكن أن يتخصص الأعضاء الملاحم البطولية، وشعبة الأغاني والرقصات الشعبية، إلي غير ذلك من الألوان الشعبية الأخري ، ثم بعد ذلك تأتي مرحلة دراسة هذه المواد الخام، واستنباط الاتجاهات التاريخية، والظواهر النفسية ، والأفكار والمثل التي تعكس نفسية الشعب السوداني في صدق وأمان
ختاما أ كرر إن تاريخنا الحقيقي يمكن في تراثنا الشعبي، وإن التراث الشعبي هو الخيط الذهبي الذي يربط ماضينا بحاضرنا وإن تراثنا الشعبي لا يزال كنوزا تغطيها الرماد، فالقبل إذن علي جمعه وتويبه ، لأن الأمم تقاس بتاريخها، وتراثها الفكري، وتاريخنا بلا شك يمكن في فنونا الشعبية .
07-30-2009, 04:30 PM
AnwarKing
AnwarKing
تاريخ التسجيل: 02-04-2003
مجموع المشاركات: 11481
لعل من الصدف،والسعادة في اوان واحد،ان يتاتي نشركم واستعراضكم لهذا الكتاب المتعدد الفوائد. والصدفة في بوستكم وتوقيته،وبلادنا تشهد التشرزم،والنعرات القبليه في هذا العهد الردي،في كافة مناحيه،فصارت القبيله مدخلا للوظيفة والحظوة في بلاط السلطان،والسلطان ينعق كطائر البؤم.ويضرب وينفخ في تلك النعرات السمجه يعلم ولا يعلم،ليس هذا يهم. والسعادة تكمن في طيات الكتاب،والعفويه في تناول مادته،وسلاسة الاسلوب وشخوصه وجزالة الموقف وحكمته.وذاك هو السودان،بكل اطيافه والوانه. اليس بيننا حكيم يستوعب كل ذلك،ام صرنا قوما نتمشدق بالماضي دونما استشراف لمستقبل الاجيال،بلا شك سوف نعذرهم اذا بصقوا في قبورنا،لاننا لم نترك لهم وطنا.
مودتي اليك انور
07-30-2009, 10:35 PM
عبد الناصر الخطيب
عبد الناصر الخطيب
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 5180
التراث السوداني في خاطري دائما أستاذنا الكبير الله يرحمو الطيب محمد الطيب صاحب برنامج صور شعبية ورحلتو في تراث متنوع وغني قدمو من خلال برنامجوا الشهير وبحوثوا في مجال التراث والفلكلور الشعبي السوداني
Quote:
النواح هو بكاء الموتى . وتعداد ماثرهم وفضائلهم والتعبير عما يحس به الرائى من حزن تجاه الفقيد . ولقد كان النواح معروفاً عند العرب فى الجاهلية والإسلام. ويقال ان بعض المغنين كانوا فى مبدأ أمرهم نائحين كابن سريج والغريض والنواح هو غرض له أهميته فى المآثر الشعبية إذ أنه سجل لحياة الاموات فهو يصف الفضائل الحميدة كالكرم والشجاعة والمروءه وبالتالى له أثره فى المجال الخلقى والتربوى لأنه يرفع من الروح المعنوية والرائى كأنما يخض غيره على التمسك بالفضائل التى يرددها فى مصابة الأليم .
حارجع وبمهلة نعلق على الكتاب ونتكلم في تراثنا الشعبي الغني
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة