الأحزاب السودانية والتجربة السياسية في وطن متغير: حسن احمد الحسن

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-11-2024, 11:35 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة ابوهريرة زين العابدين عبدالحليم(ابوهريرة زين العابدين)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-27-2007, 05:52 PM

ابوهريرة زين العابدين
<aابوهريرة زين العابدين
تاريخ التسجيل: 12-28-2005
مجموع المشاركات: 2655

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الأحزاب السودانية والتجربة السياسية في وطن متغير: حسن احمد الحسن

    الأحزاب السودانية والتجربة السياسية في وطن متغير

    حسن احمد الحسن/واشنطن

    تتميز الأحزاب الوطنية السودانية بسجل نضالي حافل في مجال مقاومة الأنظمة القمعية طوال الحقب الانقلابية الشمولية وتحولاتها مع اختلاف درجات قهرها قبضا وبسطا . تصدت هذه الأحزاب لقضية الديمقراطية والحريات الأساسية وتطورت في تصديها للانقلابات باختلاف أشكالها وألوانها وخطابها . كما طورت مع تطور المراحل من آلياتها ووسائلها النضالية مستفيدة من صحوة العالم والمواثيق الدولية في مجال حماية الحريات المدنية ،لمجابهة التطور المماثل في آليات القهر ووسائله. وكانت مشاهد المجابهات الساخنة مع الأنظمة الانقلابية ( نوفمبر 58-مايو 69- يونيو 89 أبلغ دليل على ذلك .



    ورغم أن الديمقراطية كانت الهدف الأول الذي دافعت الأحزاب السودانية من أجله ودفعت بكوادرها المصادمة والمؤمنة من أجل تحقيقه ( منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ) إلا أنها أي هذه الأحزاب ظلت متهمة من ناقديها بعدم ممارسة الديمقراطية داخل أجهزتها بصورة حقيقية أي أن الديمقراطية أضحت بالنسبة لها السهل الممتنع تنظيميا في معظم أروقتها . ويعتبر البعض أن ذلك هو نقطة الضعف التي أصابت معظم هذه الأحزاب بالوهن والقصور بل جعلها عرضة للتصدعات والمشكلات الداخلية والاستهداف وتهميش السلطة وعدوانها بألوان مختلفة من بينها الاستقطاب أوالاختراق .

    ولعل تعثر حضور الديمقراطية التنظيمية بصورة فاعلة في داخل هذه الأحزاب واقتصارها على الخطاب النظري والنواحي الشكلية قد أعاق دورها أيضا بل حرمها من استقطاب قدرات بشرية وخبرات نوعية وإمكانات كان يمكن أن تعزز بناءها وتواصلها في مجتمعها كمنابر وطنية وقومية فاعلة .

    وأعاقها أيضا من أن تحقق مع جماهيرها قدرا من الالتفاف الموضوعي الذي يتجاوز مواسم التعبئة وقيم الانتماء الأخلاقي والعاطفي والمبدئي إلي تواصل حقيقي مع حياة الناس اليومية وهمومهم واهتماماتهم ومصالحهم ومعايشهم عبر برامج اجتماعية وخدمية قبل وبعد الولوج إلي السلطة ، باعتبار أن من أهم واجبات الحزب بعد الوصول إلي السلطة بالسبل الديمقراطية خدمة المواطنين ورفع المعاناة عن كاهلهم .

    ولأن الخيار الديمقراطي هو الخيار الإنساني والسياسي الوحيد الذي يليق بالإنسان بعد فشل كل الأنظمة القمعية والشمولية مهما بلغت من العتو والنفور أصبح لابد من إعادة إنتاج نظام ديمقراطي يسقط كل سلبيات الممارسات السابقة . ولعل هذا الإصلاح المرجو يبدأ بأهم آليات النظام الديمقراطي وهي الأحزاب السياسية ومدخلاتها من منظمات المجتمع المدني الأخرى.



    هناك تساؤلات عديدة يمكن طرحها ومناقشتها يرددها كثير من المهتمين والحريصين على دور هذه الأحزاب كبديل وطني وقومي لظاهرة التشرزم القبلي والجهوي والإقليمي التي تنتشر هذه الأيام .



    من هذه الأسئلة على سبيل المثال هل الأحزاب السودانية تمارس الديمقراطية داخليا بقدر قناعتها بالديمقراطية كنظام حكم تناضل من أجل تحقيقه وتطالب الأنظمة القمعية به بكل تبعات المطالبة ؟

    ماذا قدمت الأحزاب من مشروعات حيوية وخدمية وطوعية وبرامج ضمنتها في برامجها الانتخابية سواء كانت داخل الحكم أو خارجه ،لخدمة جماهيرها الوفية التي وقفت إلي جانبها ولم تخذلها في كل جولات القهر ؟

    هناك من يستشهد بما قدمه حزب الله لقواعده وللمواطنين اللبنانيين المتضررين من آثار حرب إسرائيل الشرسة على لبنان الماضية من تعويضات عاجلة وإعادة إعمار للمنازل والمنشئات الحيوية الخدمية وغيرها بطريقة تدلل على القدرات والتنظيم الدقيق والتواصل مع القواعد والشفافية التنظيمية ، لحزب هو في الواقع خارج السلطة بغض النظر عن مصادر الحزب التمويلية .



    ومن جانب آخر كيف تمكنت حكومة حماس رغم الحصار الذي فرض على قيادتها ومحاولات التجويع من الحفاظ على جماهيرها وتوعيتهم وتحصينهم ضد الاختراقات الداخلية والخارجية إلى آخره .



    هل استطاعت أحزابنا الوطنية تطوير مؤسساتها وقدراتها ؟ وهل دور المثقفين داخل أروقتها يتماثل مثلا مع الدور الذي لعبه جيل المثقفين في مؤتمر الخريجين منذ فجر الاستقلال داخل أحزابهم ؟

    لماذا فشلت معظم هذه الأحزاب في احترام وتكريم وتقدير دور كوادرها وعطائهم عبر المراحل النضالية المختلفة ؟ ولماذا يتهمها البعض بأن أروقتها القيادية وصدرها يضيق بالرأي الآخر في داخلها ومن ثم تعمد إلي تهميش أصحابه وتدفعهم إلي مواقف غاضبة تتناقض مع قناعاتهم وتفرض عليهم ما لا يريدونه من خيارات ؟

    هل للنظام الأبوي السائد في السودان تأثير ايجابي لصالح هيمنة القيادات الكاريزمية والطائفية في توجيه بوصلة هذه الأحزاب والتحكم في صنع القرار .؟
    أم أن الصحيح هو أن قيادات الصف الأول عاجزة عن ملء الفراغ وغير مقنعة لجماهيرها في ممارسة دورها القيادي من حيث الحضور الفكري والسياسي وحسن الأداء والجاذبية الجماهيرية في عالم تدار فيه السياسة عبر وسائل الإعلام.؟



    ونظريا هل نجحت الديمقراطية المعيارية التي مورست ولو لفترات قصيرة منذ الاستقلال في بلادنا ( 10سنوات ) في تحقيق انجازات فعلية ؟ هل ساهم هذا النمط من الديمقراطية في تطوير وتعزيز ثقافة الممارسة السياسية الديمقراطية داخل الأحزاب وبينها وبين بعضها ؟





    وجهات نظر



    هناك من يدفع بأن الأحزاب السودانية لم تمنح الوقت الكافي لتنمو في ظروف ديمقراطية وتصحح من أخطائها وتصوب من مسارها ، وأن فترة ممارسة الحكم الديمقراطي مقارنة بفترة ممارسة الأنظمة الشمولية طوال نصف قرن يبدو قصيرا جدا وظالما في المقارنة ( 10 أعوام حكم ديمقراطي مقابل 40 عاما حكم شمولي ) وهذا صحيح من الناحية الموضوعية لكنه غير كاف .



    أن دعايات النظم الدكتاتورية في السودان شوهت سمعة الأحزاب السياسية ذات الوزن الشعبي بأكثر مما يقتضيه النقد الموضوعي لأنها تصورت أن نسف الأحزاب سوف يفتح لها الطريق لفرض وصايتها. ويستشهد على ذلك بأن جميع البيانات الانقلابية عبود – نميري – البشير ( رقم واحد ) متشابهة في صياغتها وهجومها على الأحزاب الوطنية كمبرر للانقلاب وبحثا عن شرعية يحتاجها الانقلاب المعني في أيامه الأولي .



    أن الأحزاب الوطنية ظلت طوال عمر الأنظمة الشمولية ( 40 عاما ) في حالة حصار سياسي واستهداف أمني وإفقار اقتصادي رأسيا وأفقيا وبالتالي مارست وجودها في ظروف استثنائية إلا من فترات قصيرة لا تكاد تكفي لاسترداد الأنفاس .

    أن الممارسة الديمقراطية حتى داخل الأحزاب نفسها تحتاج إلي تمرينات وتراكم في الممارسة حتى تبدو أكثر شفافية وديمقراطية وهو ما لم يمنح للأحزاب بسبب الانقلابات وبقائها في السلطة ( لعقود ) بحماية الأجهزة الأمنية التي توظف لدعمها جميع موارد الدولة .



    لكن هناك رأي آخر يقول إن بعض الأحزاب السودانية التي قد تنجح في حشد جماهيرها في مناسبات سلمية تعجز عمليا في توظيف هذا الزخم الجماهيري لانجاز برامجها وخدمة قواعدها وترقية مؤسساتها والقيام بدور مجتمعي رائد في مجالات العمل المدني . وبالتالي يقتصر حضورها فقط على الشكل السياسي التقليدي وعلى انتاج الخطاب السياسي المناهض للسلطة القابضة.



    وآخرون يرون أن الإيمان بفكرة الديمقراطية متى تم توظيفه فنيا وتنظيميا كاف وحده لبناء أحزاب ديمقراطية قادرة على تحقيق برامجها إذا كانت قيادات الأحزاب جادة في البناء الديمقراطي بغض النظر عن عمر ممارستها للحكم لأن حضورها في المعارضة يعتبر أيضا نوع من ممارسة الدور وأن الاستثنائية لا تمنع ممارسة القيم الديمقراطية في صنع القرار .



    وغير هؤلاء يأخذ على الأحزاب السودانية عجزها عن خلق قيادة جماعية مقنعة في ظل وجود قيادات كاريزمية تاريخية بعضها متجدد وبعضها متجمد تحوم حولها قيادات مطيعة في أغلب الأحيان تتأثر ولا تؤثر .



    ولا يستثنى من ذلك بعض الأحزاب العقائدية يمينا أو يسارا فمثلا رغم قدرة تيار الحركة الإسلامية الحديثة على إنتاج جيل من القيادات المؤثرة والفاعلة إلا أن حق الفيتو مثلا ظل في يد قيادتها التاريخية لعقود. وحتى ما حدث من انقسام كان الصراع على مركز صنع القرار عاملا حاسما فيه . لكن قدرتها على إنتاج جيل قيادي جعلها اليوم حاضرة في كلا المقعدين حكما ومعارضا .

    وهذه حقيقة ،في نفس الوقت الذي فشلت فيه الأحزاب الكبرى مثلا في خلق قيادات جديدة مؤثرة أو الاحتفاظ بكوادرها القيادية وتطوير دورها القيادي من خلال مؤسسات قادرة ومقنعة وفاعلة .



    أما على صعيد الممارسة السياسية في النظام الديمقراطي ( تجربة الديمقراطية الثالثة نموذجا ) فهناك من يرى أن العلة كانت في الطبيعة المعيارية للنظام وما تتيحه هذه الطبيعة من ثغرات تقضي على النظام نفسه من داخله .

    ولعل أقوى نقد هو ما وجهه السيد الصادق المهدي رئيس الوزراء في النظام الديمقراطي السابق للتجربة " الديمقراطية عائدة وراجحة " معتبرا أن البديل هو في بناء ديمقراطية مستدامة فصلّ جوانبها نظريا .



    ويعتبر السيد الصادق المهدي أن هناك أربعة عوامل عامة ساهمت في إفساد العرس الديمقراطي في السودان وهي :

    1 أن النظام الديمقراطي لم يستطع تحقيق الاستقرار المنشود لأن السلطة الاستعمارية كانت حريصة على تطوير مؤسسات الأمن والنظام كالشرطة والقوات المسلحة وغيرها وكانت متربصة بمؤسسات المجتمع المدني كالأحزاب والنقابات وعاملة على إضعافها بكل الوسائل .يعني أن هذا خلف ثقافة مضادة لنمو النظام الديمقراطي .

    2 أن النظام الديمقراطي هو مرحلة متطورة من نمو المجتمعات وقد تطور في الغرب عبر مراحله المختلفة. ولكن غرسه في مجتمعات متخلفة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا يقتضي) تعاملا مدروسا) يأخذ الظروف الاجتماعية والثقافية القائمة في الحسبان. ولكن شيئا من هذا لم يحدث، مما جعل الممارسة الديمقراطية في السودان قفزا فوق الواقع الاجتماعي والثقافي، فكانت التجربة الديمقراطية معيارية، لذلك اختلت وفقدت مقومات الاستدامة. بمعنى أن التجربة الديمقراطية السودانية قصدت الحق فأخطأته.



    3 أيضا هناك الحرب الأهلية التي كانت قائمة في الجنوب وقضايا التباين الثقافي، والإثني، والديني، والاجتماعي بين سكان السودان في الشمال وفي المناطق المقفولة لاسيما الجنوب كحقيقة تاريخية مؤثرة .ثم الديكتاتورية في عهودها الثلاثة والتعدي على حقوق الإنسان والحريات العامة.

    4 وأخيرا القفز الأيديولوجي على الواقع الثقافي والاجتماعي في البلاد من منطلق يساري ويميني. كل هذه العوامل مجتمعة شلت التجربة وانعكست على الواقع في كل جوانبه . لكل هذه الاعتبارات وقياسا على ممارسات وإفرازات التجربة الديمقراطية الثالثة فإن الديمقراطية المستدامة هي الأنسب لمعالجة المشكلات والقضايا الأساسية في السودان لأنها تحقق التوازن المنشود في مجتمع يلونه التعدد والتباين من كل نوع .



    الأحزاب الشعبية والمثقف والسلطة



    يقول الفيلسوف أنطونيو غرامشي " إن كل فرد هو مفكر وبالتالي فهو مثقف " وغرامشي بهذا التعريف يجرد النخبة من الوجاهة الاجتماعية التي هي أهم أسلحتها داخل الحركة السياسية .

    والاتهام الموجه للمثقف السوداني أو الصفوة السودانية أنها في ظل الواقع الاجتماعي السوداني الماثل كثيرا ما تحاول القفز إلي أبراج الوجاهة الاجتماعية عبر التحالف مع الأنظمة الشمولية وتلعب دورا في تقنين القمع وكبت الحريات الأساسية لموقفها السلبي من لأحزاب السياسية . وتتهم الأحزاب السياسية هذه العينة من المثقفين بالتآمر على الديمقراطية وفرض الوصاية التي تتناقض مع دورهم المثالي .

    من أهم هذه الانتقادات الموجه لمثقفي السلطة :

    أن كثيرا من حملة الشهادات والمؤهلات الأكاديمية والمهنية في العالم الثالث يشعرون بنوع من التعالي نحو المجتمع المحيط بهم. انه تعال يظهر أحيانا في تعاملهم مع أسرهم الخاصة خصوصا إذا كانت تلك الأسر ريفية أو بدوية أو من الشرائح الحضرية الأمية. الأحزاب السودانية ذات الوزن الشعبي مرآة للواقع الاجتماعي السوداني بولاءاته الدينية، والقبلية، الجهوية. لا غرو أن يشعر كثير من أفراد الصفوة المثقفة بالتعالي على هذه الأحزاب. هؤلاء يشعرون بأنهم أكثر أهلية للقيادة السياسية أي طموح للوصاية لا يمر عبر الواقع الاجتماعي الماثل. العسكريون الانقلابيون أيضا عرضة لمثل تلك المشاعر وبالتالي فأن الانقلابات تمثل عمليات جراحية تختصر الطريق للسلطة قفزا على الواقع وسرعان ما يتحول الانقلاب إلي تحالف بين هذا النوع من المثقفين والسلطة ( مايو 69).

    الأحزاب العقائدية اليسارية واليمينية في السودان وإن اختلفت في أطروحاتها واحتربت فيما بينها تتفق في التعامل الجراحي مع الواقع الاجتماعي. لذلك لم يكن مستغربا أن تغلب فيها اتجاهات الهجوم على الواقع الاجتماعي لاستنهاضه ببرامجها الثورية وأن تتعامل مع الأحزاب السياسية ذات الوزن الشعبي كعقبات في طريق الإصلاح المنشود لأنها تستبطئ الطريق الانتخابي للسلطة السياسية .

    وعن طريق الجراحة السياسية تستطيع التمكن من تطبيق برامجها التي سوف تفعل فعل السحر في إعادة صياغة الإنسان السوداني حسب زعمها .إذن المطلوب هو اختصار الطريق للسلطة السياسية بوسائل ثورية سواء كانت تلك الوسائل انقلابية مدنية باستغلال النقابات والصحف أو انقلابات عسكرية بالتحالف مع العسكريين .

    وبالنظر إلي واقع الخريطة السياسية السودانية اليوم وفي ضوء التحولات التي تشهدها البلاد سلبا وإيجابا وما إذا كانت هذه الخريطة مؤهلة للتفاعل مع التطورات الأفقية والرأسية فإن أول ما يطالعك من قراءة في بطاقة هذه الأحزاب الآتي :

    الخريطة السياسية في وطن متغير



    المؤتمر الوطني وهو الحزب الحاكم فعليا : يعاني من مشكلات أساسية ووطأة ملفات شائكة ولعل أبرز الأخطاء التي ارتكبها تتمثل في سوء إدارته للأزمة على مستوى كافة الملفات الساخنة : ملف دارفور – ملف التعامل مع المجتمع الدولي والإقليمي – ملف الشراكة المتشاكسة – ملف التعامل مع القوي السياسية السودانية ومستحقات التحول الديمقراطي – ملف أبيي – ملفات الفساد الاقتصادي – الخ .

    وكان يمكن للمؤتمر الوطني ان يستفيد من أرضية التسامح السودانية للانفتاح ديمقراطيا على القوى الأخرى . والقبول باستيفاء شروط واستحقاقات التحول الديمقراطي ، ومشاركة الآخرين في إيجاد الحلول للقضايا والأزمات

    الأساسية . بعيدا عن نزعات الهيمنة والاستحواذ التي يقحمها فيه البعض ممن يسعون للحفاظ على مواقعهم ،في وطن لا يمكن أن يحكم أو يدار من خلال وجهة نظر واحدة لاسيما وأن الانفراد باتخاذ القرار حتى في إطارالشراكة الحاكمة قد أحال إدارة الحكم إلى حالة أشبه بإدارة حياة زوجية تعيسة مليئة بالتزامات مفروضة بحكم محكمة .

    الحركة الشعبية

    أصبحت في حيرة سياسية من أمرها فهي تريد الحكم ومكاسبه كشريك فاعل وتريد المعارضة وتطرح شعاراتها لإرضاء حلفاء الأمس الذين تركتهم في قارعة الطريق ،ثم تعود لتأكيد الشراكة الإستراتيجية مع المؤتمر الوطني .

    لكنها أقرب إلي المؤتمر الوطني في تشكيل دورها القادم رغم ما يبدو من خلافات ،لأن المؤتمر الوطني يلعب لها دورا أساسيا في إضعاف القوى الشمالية الأخرى التي تعتقد الحركة أنها تستكثر عليها مكاسبها من اتفاق السلام . ولاسباب أخرى تتعلق بتشكيل المستقبل السياسي في السودان في حال بقاء الجنوب ضمن الوطن الواحد .

    وهي في نفس الوقت بحاجة إلي ما تبقى من مجموعات التجمع السابق المشاركة في السلطة لاسيما الحزب الاتحادي الديمقراطي بزعامة السيد محمد عثمان الميرغني لترتيب دورها السياسي في الشمال وتوظيف هذه المجموعات بطريقة مماثلة لما حدث إبان فترة المعارضة، مثلما أن الميرغني بحاجة للحركة كمدخل مناسب ومبرر للتحالف والشراكة مع المؤتمر الوطني لاسيما في الانتخابات القادمة .

    الحركة ستواصل تركيز اهتمامها في الجنوب باعتباره القاعدة الأساسية لنفوذها ، وستعمل على الاستفادة من كافة التناقضات في الساحة الشمالية . وستعمل على توظيف الثقل والعواطف الخارجية نحوها لتأمين أكبر قدر من

    المكاسب في مواجهة المؤتمر الوطني .

    لكن يظل الخيار الأمثل هو أن تقوم الحركة بفتح حوارات جادة مع القوى السياسية السودانية لتأكيد وتثبيت اتفاق السلام والحقوق المتبادلة والمصالح المتداخلة بين المواطنين في الشمال والجنوب أيا كانت خيارات الجنوبيين في المستقبل .

    وأن تختار بوضوح الخيار الديمقراطي وجميع مدخلاته من حريات أساسية وحقوق مدنية وتعمل على مساندته في الشمال وتطبيقه في الجنوب دون تردد .

    حزب الأمة رغم ما تعرض له من استهداف واختراقات فيحمد له دوره في حمل راية المعارضة والإلحاح في المطالبة بحقوق المواطنين وحرياتهم وحقهم في المشاركة وتقديم الحلول النظرية والمساهمات الفكرية في شتى جوانب الهم السوداني .ويحمد له جنوحه للسلم ودعوته للحوار دون غيظ أو تراكمات سالبة تجاه خصومه .

    لكنه مطالب أيضا بقراءة داخلية لمجمل جوانب التجربة السابقة . والعمل على سد الفجوات التنظيمية على أسس ديمقراطية ،وإعادة بناء شاملة حتى يكون قادرا من الناحية الفنية على تنفيذ برامجه ومتابعتها سواء كان مشاركا في الحكم أو شاهدا في المعارضة .

    وهو مطالب بالوصول إلي جميع كوادره من كل الأجيال وفي كل المواقع واستنهاض جميع قدراته على أسس جديدة توائم بين متطلبات الحزب العصري والواقع الاجتماعي القائم والعمل على تأهيل قيادة جديدة مؤهلة لتبعات المستقبل ومساندة لقيادته الحالية المتمثلة في زعيم الحزب حتى لا تكون الفجوة متسعة بين القيادة والصف الأول .

    وهو مطالب بتحويل المساندة الشعبية والجماهيرية التي يكرم من خلالها إلي واقع تنظيمي وقدرة مستمرة ودائمة وبالانفتاح على منظمات المجتمع المدني والمثقفين الوطنيين .

    الحزب الاتحادي الديمقراطي هو مطالب في الواقع بإعادة تعريف نفسه وتحديد أهدافه ولملمة أطرافه على أسس ديمقراطية وليست فوقية وتحديد مساره . فحزب كالاتحادي الديمقراطي يمثل قوى الوسط في السودان لا ينبغي أن يكون هامشيا في السلطة وهامشيا في المعارضة فقط لأن قيادته الحالية قيادة زئبقية لا تريد تحديد رؤيتها ومواقفها . هو مطالب أيضا بتحديد مواقفه الإستراتيجية وطبيعة تحالفاته السياسية فقد ظل زعيمه ينتظر العودة للسودان مع زعيم الحركة الشعبية لاعتبارات شكلية ، ومرت مياه كثيرة تحت الجسر ولم يعد .

    ولعل من حق جماهير هذا الحزب العريق أن تعيد صياغة دورها على أسس تنظيمية وسياسية تتوائم مع رسالته التاريخية والوطنية .

    المؤتمر الشعبي التساؤل الذي يمكن طرحه هل سيكون د الترابي جادا في قضية التحول الديمقراطي لو لم يحدث الانقسام بين المنشية والقصر ؟ هل كل ما طرحه الدكتور الترابي من انتقادات للمؤتمر الوطني الحاكم تنطلق من مصداقية وقناعة أم تطور في التفكير ، أم أنه نوع من تصفية الحسابات ؟

    لكن ايا كانت الإجابة فالرجوع للحق فضيلة و كان على المؤتمر الشعبي أن يستخدم آلياته ودبلوماسيته في الردع الإيجابي برد المؤتمر الوطني إلي كلمة سواء على طريقة أنصر أخاك ظالما أو مظلوما قالوا ننصره مظلوما ولكن كيف ننصره ظالما قال برده عن الظلم " وذلك بدلا من المغالاة في الضرار السياسي . المؤتمر الشعبي مهما كانت مبرراته المقبولة لكنه مطالب بمصداقية عملية .

    الحزب الشيوعي استنادا على دوره التاريخي في الساحة السودانية هو أيضا مطالب بإعادة صياغة دوره في اطار تجديدي يتسع لجميع القوى الحديثة والديمقراطية وأن يكون حلقة مدنية للتفاعل بين الأحزاب الشعبية والتيارات اليسارية التي تنشط في منظمات ومؤسسات المجتمع المدني . وأن يساهم في إثراء وتطوير آليات النقد السياسي . فضلا عن دوره الاقتصادي والثقافي الإبداعي .

    وهكذا الحال بالنسبة للتيارات والأحزاب الأخرى التي تطرح نفسها للتداول الديمقراطي .

    هل يستطيع الشعب السوداني فرض الواقع الديمقراطي في السودان وان اختلفت الوسائل ؟ وهل تستطيع الأحزاب السودانية الاستفادة من تجاربها السابقة في بناء نظام ديمقراطي يتجاوز ثقافة الهامش والمركز والنبرة الجهوية والإقليمية وحالة التراجع في عملية البناء القومي . تساؤلات تظل معلقة على حائط الانت
                  

03-28-2007, 02:25 AM

ابوهريرة زين العابدين
<aابوهريرة زين العابدين
تاريخ التسجيل: 12-28-2005
مجموع المشاركات: 2655

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأحزاب السودانية والتجربة السياسية في وطن متغير: حسن احمد الحسن (Re: ابوهريرة زين العابدين)

    Quote: ورغم أن الديمقراطية كانت الهدف الأول الذي دافعت الأحزاب السودانية من أجله ودفعت بكوادرها المصادمة والمؤمنة من أجل تحقيقه ( منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ) إلا أنها أي هذه الأحزاب ظلت متهمة من ناقديها بعدم ممارسة الديمقراطية داخل أجهزتها بصورة حقيقية أي أن الديمقراطية أضحت بالنسبة لها السهل الممتنع تنظيميا في معظم أروقتها . ويعتبر البعض أن ذلك هو نقطة الضعف التي أصابت معظم هذه الأحزاب بالوهن والقصور بل جعلها عرضة للتصدعات والمشكلات الداخلية والاستهداف وتهميش السلطة وعدوانها بألوان مختلفة من بينها الاستقطاب أوالاختراق .

    ولعل تعثر حضور الديمقراطية التنظيمية بصورة فاعلة في داخل هذه الأحزاب واقتصارها على الخطاب النظري والنواحي الشكلية قد أعاق دورها أيضا بل حرمها من استقطاب قدرات بشرية وخبرات نوعية وإمكانات كان يمكن أن تعزز بناءها وتواصلها في مجتمعها كمنابر وطنية وقومية فاعلة .
                  

03-28-2007, 01:17 PM

ابوهريرة زين العابدين
<aابوهريرة زين العابدين
تاريخ التسجيل: 12-28-2005
مجموع المشاركات: 2655

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأحزاب السودانية والتجربة السياسية في وطن متغير: حسن احمد الحسن (Re: ابوهريرة زين العابدين)

    Quote: من هذه الأسئلة على سبيل المثال هل الأحزاب السودانية تمارس الديمقراطية داخليا بقدر قناعتها بالديمقراطية كنظام حكم تناضل من أجل تحقيقه وتطالب الأنظمة القمعية به بكل تبعات المطالبة ؟

    ماذا قدمت الأحزاب من مشروعات حيوية وخدمية وطوعية وبرامج ضمنتها في برامجها الانتخابية سواء كانت داخل الحكم أو خارجه ،لخدمة جماهيرها الوفية التي وقفت إلي جانبها ولم تخذلها في كل جولات القهر ؟
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de