دمعة في فنجان بنت عشرين خريف

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-15-2024, 07:08 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة ابوهريرة زين العابدين عبدالحليم(ابوهريرة زين العابدين)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-01-2006, 10:23 PM

ابوهريرة زين العابدين
<aابوهريرة زين العابدين
تاريخ التسجيل: 12-28-2005
مجموع المشاركات: 2655

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
دمعة في فنجان بنت عشرين خريف

    دمعة في فنجان بنت عشرين خريف

    أبوهريرة زين العابدين عبد الحليم
    [email protected]

    الشمس تسطع كرغيف خبز دائري في حضن طفل يلبس جلباب سماوي، تسلط الشمس اشعتها وانفاسها الحرى على الجميع، شجرة متهالكة وقفت في منتصف السوق، تقف على ساق واحدة، حيث كسرت الساق الاخرى، وامرأة متهالكة تجلس تحت الشجرة تفترش الأرض وتلتحف الشجرة، وتفرش بضاعتها وهي عبارة عن بضع فحيمات وادوات قهوة، يجلس بجانبها احد ابناءها باسط رجليه فوق قطعة قماش متهتكة كما جلبابه. اختلط الطفل بالتراب، واختلط التراب بالطفل، لا تكاد تعرف من التراب ومن الطفل، بقايا دموع واحلام موؤدة وثلاثة سنوات على خد الطفل، اختلطت الدموع بالتراب فتركت مجاري على حافة خدوده كبقايا مجاري سيل في موسم الجفاف، لقد عرفت اليوم كيف أن الإنسان خلق من تراب وهو في التراب، جلس الطفل الآخر يئن على حضن امه جراء الجوع والمرض والحر وتئن الإم لانين كبدها.
    جلست قبالتها والخوف بعيني، تسمر ناظري تجاهها، القيت عليها نظرة والسلام، انظر الى الاطيفال ويلتفت قلبي، قلت في نفسي سوف افتح معها حوار من القلب، عل قلبها الرهيف يخبرني ما بها.
    الريح تصك اذنيها، فقد قهقهت محدثة اصوات تذكرها بصوت طائر الظلم عندما يحوم حول قريتها. قلت سلام، فقالت سلاماً وتوارت خجلا، بعد ان سقط جزء من ثوبها ورفعته بسرعة الى سماء رأسها، الثوب يحمل كل الوان الهم جراء سنوات طويلة من وضعه على جسدها النحيل، قالت: "اعمل ليك ايه" قلت: قهوة، جلست على "بنبر" نصفي تحت الشجرة والنصف الآخر تحت الشمس بينما عقلي يسرح بعيدا معها.
    بدأت في صناعة القهوة، هنالك نزيف في قلبها ونزيف في اصبعها جراء جرح قديم حاولت ان تربطه بقطعة مقطوعة من ثوبها، ولكن الجرح رفض ان يندمل، واصر الدم على الهطول، تحمل الفنجان، تسقط دمعة على الفنجان، ينزف الاصبع، فتسقط قطرة دم على الفنجان، فقد اصبح فنجاني دم ودموع وقهوة، فقلت قد اصبح الامر عيش وملح، اقصد دم ودموع وقهوة، اخذت الفنجان الدم والدموع، نظرت الى الفنجان من الخارج، الفنجان خارجه ابيض به نجوم يشبه السماء في ليلة صافية من ليالي "بحر ابيض" وهو كقلبها في بياضه، بينما لون القهوة كالحة مدلهمة كقصتها، لم استطع الشرب من القهوة في تلك اللحيظة الا رشفة واحدة.
    اخبرتني ان اسقى من هذه القهوة الشيخ والعمدة والناظر والرئيس وكل من اسلم عليه او اعرفه وحتى تصبح العلاقة مع الجميع دم ودموع وقهوة ظلم، انه فنجان الحقد، من الذي يقرأه، من الذي يفك طلاسمه، من الذي يشربه، من لنا بقارئة فنجان تخبرنا بمصير هذه المرأة المكسورة ومصير اطفالها وكم مات شهيدا وشهيد من اهلها. قلت لها من اين انت؟ وماذا اتى بك الى هنا؟ يبدو عليك انك تنتمين الى دار غير هذه الدار.
    قالت والالم وعشرين خريف على جبينها انها قصة طويلة، فحاولت ان تتجنب الحديث عن قصتها، انها قصة مدينة ضربها طيران الظلم، مدينة اتاها بأس الظلم ليلا واهلها نائمون ففزعوا وهرب من استطاع وقصف الحقد الآخرون بحمم لهب الكراهية والبارود الذي يمطر من السماء، فقد عرف اهل تلك المنطقة ان السماء تمطر ماء، ولكنها في تلك الليلة امطرت حمم بارود و شظايا حقد.
    نزلت دمعة اخرى ولكن هذه المرة على خد طفلها، فزادت طين خدود ابنها طين على طين وذكرتها "الطينة"، اخذت بعض ثوبها جففت مآقيها وجفت مآقيها جراء البكاء وتحول لون كواحلها الى لون "كسرة الفتريتة" التي بخل الزمن عليها بها اما "عصيدة الدخن" فتلك قصة اخرى. وبدأت سرد المأساة.
    في تلك الليلة كان البرق قد طالع ربى ديارها وسقى "قوز" حلتها غيداقا. الذرة قد بلغ يوم حصاده، البامية اورقت اوراقها وازهرت ازهارها، البطيخ احمر لب بعضه واكلوا منه و شربوا ماءه الذي يعوضهم عن كل عصائر البرتقال والتفاح التي يشربها اهل المدينة الظالمة، الخيار والطماطم والشمام قد كست الزرع الوان زاهية. يحمل طفلها الملح ويقطف خيار وطماطم ويستخرج الملح من جيبه و "يغمز" انها "سلطة" الحياة الطبيعية التي لا تعرف القشور.
    الأم مشغولة بنظافة الزرع وتحمل ابنها الآخر على ظهرها وتعود الطفل على شم روائح الزرع والخضار، وقف حمار على مقربة مربوط على وتد الارض، يلف دورة يلتقط اخضر الحشائش، بينما تحوم عنزة حول شجيرات الزرع تلتقط الازهار والاوراق وقد امتلأ ضرعها بحليب الامل.
    تعود إلى المنزل وهو عبارة عن "قطية" نصفها جالوص ونصفها العلوي "قش" وامامها راكوبة تجلس في داخلها وترى الشمس من اخرامها تجري لمستقر لها وفي الليل ترى القمر بازغا وحتى يعود كالعرجون القديم، وعندما تبكي السماء، تنزل دموع السماء على ارض الراكوبة.
    يعود زوجها من السوق بعد ان باع جزء من المحصول واحضر الشاي والسكر وبعض الحاجيات الاخرى، تحضر الطعام لزوجها واطفالها، تحلب العنزة، تحكي للاطفال قصة الغول وفاطمة السمحة ينام الاطفال، وتبدأ في الحديث مع زوجها، الكون قد لفه الظلام كما تلف حسناء شعرها المدلهم وتطوي جبين النهار، فحيح نسيم يبتسم ابتسامة عريضة ويدخل عبر "قش" الراكوبة يدغدغ كل شيء، توقد الفحم تصنع شاي من حليب العنزة، يشرب زوجها الشاي بصوت عال محدث اصوات سمفونية تعودت على سماعها كل مساء، تسكب "الكفتيرة" مرة اخرى على كوب زوجها يشرب زوجها مثنى وثلاث، بعد ذلك يعطيها الكأس تسكب الشاي وبدون أن تغسله تشرب في نفس كأس زوجها بركة وتحنانا، وبعد أن تنتهي حصة الشاي ينام زوجها قليلا، وبعد ان يصحى، يصلي العشاء في مسجد القرية ويعود، تحضر له "قرعة" لبن، يشربها و"يكرع" وبعد ذلك يخلد الجميع للنوم بعد ان ربطوا حبل بابهم على عود امل السلامة.
    في تلك النومة الهنيئة فجأة تستيقظ على حلم مزعج، تقول بسم الله، وتحاول ان تخلد الى النوم مرة اخرى ولكن يذهب النوم من عينيها، تحاول ارجاع النوم، يشرد النوم وكأنها جلدته ب"صوت عنج" على رأسه، تسمع اصوات متقطعة، في شكل صافرة بعيدة، لم تعرف انه صوت طائر الظلم لانهم في تلك الديار لم يعرفوا غير صوت اغصان الاشجار تتعارك مع بعضها، فجأة تسمع اصوات مثل صوت رعد تعودت على سماعه في موسم الخريف وتقول "يسبح الرعد بحمده" ولكن تتذكر ان المطر قد توقف منتصف النهار ولم تعرف ما امر الصوت الظالم.
    لامست يدها كتف زوجها وحتى يخبرها ما الخطب يقوم زوجها فجأة وفي لسانه الآيات الأولى من سورة "يس"، فقد تعود ان يفعل ذلك كلما يقوم من سريره، فجأة غابت عن الوعي وهذا آخر ما تذكره في تلك الليلة وقد اخبروها في الصباح بعد ان اشرقت الشمس ان طائر الظلم قد ضرب القرية وان ابناءها بخير ولكن زوجها لم يكن من ضمن الموجودين، فقد عرفت امر الظلم وبدأت في البكاء والعويل.
    دموعها تسبقها الى حيث جنتها، تحوم حول الذي كان يسمى منزل، فقد تحول الى شيء آخر، العنزة تنام على ظهرها وارجهلا الاربعة متوجهة الى السماء بعد ان بقرت بطنها، الذباب يملأ المكان ويحوم كما هليكوبتر الظلم التي تسمع ازيزها في السماء والتي حضرت لتنظيف المكان، المرأة تحاول تنظيف المكان والهليكوبتر تحاول تنظيف المكان ايضا في تسابق حميم ولكن تختلف فلسفة النظافة وهو صراع من نوع فاحش بين من يملك القوة والسلطة ومن لا يملك غير امله، انه ظلم الإنسان لاخيه الإنسان. تبحث عن زوجها وسط الركام ولكن ازيز الطائرة يمنعها وتخاف ان تسمع الصوت الظالم مرة اخرى. ترفع بعض الاعواد ترى رجل زوجها ومجرى دم خرج من بين الركام يتلوى مثل ثعبان، تضع يدها على الدم، تنظر إلى الدم وإلى رجل زوجها تصيح باعلى صوتها وتجري.
    اخبرها بعض الناجون بانه لا وقت للعويل ولابد أن يهربوا قبل أن تهجم قوات مشاة الحقد والتي يقودها "ظابط" يحمل كل نجوم الكراهية وكل صقور الحقد ومقص الظلم على كتفه. فلملموا ما تبقى من حاجيات بسيطة وخرجت مع من تبقى من اهالي القرية. تتحرك القافلة المكسورة، صلى اهل القافلة ما تبقى لهم من صلوات، وصلوا صلاة الشكر على النجاة وحمدوا الله وكبروا وقرأوا "راتبهم" وتوكلوا على الحي الذي لا يموت إلى أن وصلوا الى اقرب معسكر.
    ومن ذلك المعسكر وبعد ان مكثوا لبضع شهور قررت ان تزور قريبتها في "دار صباح" ولكنها لا تعرف اي عنوان لها، لذلك بدأت في العمل بعد ان باعت خاتم زواجها الوحيد واشترت ادوات القهوة لكي تبدأ في تربية اكبادها وتبدأ حياتها الجديدة. لذلك فهي تحت الشجرة تبيع القهوة، وانا زبون مجنون قادم من بلاد الواغ واغ، بحثت عن العدل في كل مكان في تلك المدينة الظالم اهلها فلم اجده، فقد مات العدل، بحثت عن القهوة فوجدتها عندها، فبايعتها تحت الشجرة باني سوف اشرب قهوتها كل يوم وسوف اوزعها على كل من له قلب وسوف ازورها كل يوم إلى أن اغادر المدينة الظالمة.
                  

11-23-2006, 07:12 PM

ابوهريرة زين العابدين
<aابوهريرة زين العابدين
تاريخ التسجيل: 12-28-2005
مجموع المشاركات: 2655

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دمعة في فنجان بنت عشرين خريف (Re: ابوهريرة زين العابدين)

    up
                  

11-24-2006, 00:07 AM

يوسف الولى
<aيوسف الولى
تاريخ التسجيل: 12-28-2005
مجموع المشاركات: 1312

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دمعة في فنجان بنت عشرين خريف (Re: ابوهريرة زين العابدين)

    Quote: اخبرها بعض الناجون بانه لا وقت للعويل ولابد أن يهربوا قبل أن تهجم قوات مشاة الحقد والتي يقودها "ظابط" يحمل كل نجوم الكراهية وكل صقور الحقد ومقص الظلم على كتفه.


    الاخ ابوهريره

    زات مره سمعت احدهم يتغنى بتلك الكلمات


    فقط اعلمو ان لا حقيقه او نفاق
    وان لا وثيقه او وثاق
    تخفى عن الاطفال عوره من قتلتم من رجال
    ويا بحر قم......

    شكرا لك يا اخى فقد جعلتنا نستعيد تلك الكلمات
    وجعلت الرؤيه لدينا اكثر وضوحا وبريقا
    فواصل يا اخى ابداعك هنا
    وانثره دررا
    فقلمك يجعل للكلام طعم ونهكه
    وكل سطر يعطيك الف معنى ومغنى
                  

11-25-2006, 12:35 PM

ابوهريرة زين العابدين
<aابوهريرة زين العابدين
تاريخ التسجيل: 12-28-2005
مجموع المشاركات: 2655

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دمعة في فنجان بنت عشرين خريف (Re: يوسف الولى)

    اشكرك الاخ يوسف على كلماتك الجميلة والمشجعة
    ابوهريرة
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de