|
(البنطلون) الجينز والبلوزة (البودى) دى عليكى تجنن
|
شكرا جبرا على هذا الامتاع والسخرية الحلوة المأخوذة من واقعنا الاليم الفاتح يوسف جبرا
«الوطن» 2030 م
فى صباح أحد أيام أبريل من عام 2030 وفى إحدى الفلل المتواضعه بضاحية (قاردن سيتى الجديده) كان هذا الحوار يتم بين (ميرا) ذات الخمس عشرة ربيعا وجدتها (شيراز) :
ميرا : إنتى مالك يا (حبوبه) الليله زهجانه كده؟
الجدة: الما بزهجنى شنو؟ الواحدة ما عندها أى برنامج تعملو ولا أى حاجه تتسلى بيها
ميرا: طيب ما تفتحى (الدش) إحتمال تلاقى ليكى فيلم (آكشن) وإلا (فديو كلبات) تعجبك
الجدة: التليفزيون بقى ممل خالص مافيهو غير 8900 قناة بس!.وبعدين الريسيفرات الجديده دى أنا ما بعرف أشغلا.
«ميرا» تحاول أن تداعب جدتها وتخرجها من جو الكآبه :
- ميرا : يا سلام يا حبوبه (البنطلون) الجينز والبلوزة (البودى) دى عليكى تجنن .. يعني حاجة ظريفة وكده - مواصلة - لكن البنطلون ده مش محذق شوية ؟ هسع ما بضايقك ؟؟الجده : يضايقنى دى شنو ؟ ده هو ده اللبس المحتشم المفروض أى واحده تلبسو وتحافظ عليهو - فى تنهد - وين أيام زمان أيام (المشروع الحضارى) لما كنا نلبس فى (الحفلات) وبيوت الأعراس (البنطلون) الجينز والبلوزة (القصيرة) والواحده فينا ماشة (نانسى عجرم) كده وبطنها (كاشفه) و(صرتا ) بره ... يا سلام كنا بنات آخر إحتشام مش زيكم هسع !!
ميرا : يااى يا (تينتة) إنتو كان عندكم تقاليد وتزمت غريب
الجدة : إنتى قايله زمنك ده زمن ؟ يا حليل أيام زمان .. أيام كنا طالبات فى الجامعه ... إنتى قايلة الواحده ممكن كان تشرب ليها (سجارة) فى الكافتيريا زى إنتو هسع ؟ والله كان (قيامتا) تقوم.. إنتى قايله شنو كان فيه حاجة اسمها مثل وأخلاق (التدخين) فى الداخلية وبس!!
ميرا: يااى يا حبوبه.. معقول إنتو كنتو (محكومين) للدرجة الفظيعة دي!!؟
الجده: وبعدين لما كنا فى (الجامعة) كان فى قيود فى (الداخليات) الواحده فينا ما كان ممكن تبيت بره الداخلية غير (خمسة) أيام فى الأسبوع مش ذى هسع مافى زول يسألها لو غابت الأسبوع كلو - مواصلة - كان فى إنضباط شديد مش (تسيب) زى هسع !!
ميرا : والكليات ودخول الجامعة كان زى هسع؟
الجده : لا ذى هسع كيف؟ زمانك لو ما كانت النسبة بتاعتك 55% كلية الطب دى بى عينك ما تشوفيها مش زى دلوقتى أى واحدة مش عندها شهاده تسأليها بتقرى أيه؟ تقول ليكى (طب بشرى)!! علشان كدة (المستوصفات) ذاتا كانت مستوصفات يعنى إقل عملية (ولاده) الواحده تعملا كانو ينسو ليكى فى بطنها (قطعة شاش) أو شوية مقصات مش ذى دلوقتى (أمبارح) بقرأ فى الجرائد واحده ناسين فى بطنها (موبايل) !!
ميرا: وتانى يا «يا تيتة» كان عندكم شنو؟؟
-الجدة: أقول ليكى شنو وإلا شنو يا بتى؟؟.. زمان كنا بنسمع الغناء الراقى الجميل لى فنانين ليهم وزنهم جمال فرفور، نادر خضر، طه سليمان ، ندى القلعة -مواصلة فى تحسر- غناء يعنى غناء مش أى كلام ذى هسع الأغنية كانت تستمر أكتر من خمسة دقايق مش (نص دقيقة) ذى الغناء بتاعكم الهسع ده!! وبعدين كنا نسمع الغنا ده على حاجة اسمهاMP3 هسع إنقرضت وما موجوده لكن كان الغناء لمن تسمعيهو بيها عندو طعم خاص -مواصلة فى تحسر- يا سلام لما كانت الواحده فينا تخت الـ «MP3 » فى (حزام) البنطلون (الجينز) وتكون قاعده (مجكسة فى الكافتيريا) يا سلاااام كانت أيام
- و(الجكس) ده و(الخلط) ده فى (الكافتيريا) بس وإلا كنتو قاعدين تتفسحو وتتمشو بره؟
- (جكس) شنو يا غبيانه القاعد يطلع معانا سااكت كده؟؟ نحنا كان عندنا أى حاجه بالأصول.. مافى حاجه كان إسمها (جكيس) ساكت.. لازم أول حاجه الواحده مننا تعمل فى الأول (زواج عرفى) -مواصلة- إنتى قايلا المسائل سايبه زيكم هسع؟
ميرا: يااى إنتو كنتو (متزمتين) جدا يا حبوبه!!الجده: يا بتي يا (ميرا) نحنا كان عندنا أخلاق وتقاليد يعنى كان عندنا إذاعات إسمها الـ «إف إم FM » البنات يتصلو فيها (على الهواء) ويتونسو مع المذيعين ودى تقول لى ده (أنا معجبه بيك) وده يقول لى دى (صوتك حلو) ودى تقول لى ده (موبايلك رقمو كم؟) وده يقول للمذيعة ( الغنية دى بهديها ليكى لأنها حلوة زيك كده) -مواصلة- ده كلو كان بالتلفون (بس) والناس كلها تسمعو ..!! شفتى كيف؟؟ (بالتلفون بس)؟؟ إنتى قايله المسائل سائبه نحنا كنا محتشمين و(دوله مشروع حضارى)؟؟
ميرا: (وهى تبتسم): أها هسع مش طيرت ليكى الزهجه بتاعتك؟
الجده: (فى تحسر): إنتى يا(ميرا) رجعتينى لى أحلى السنوات أيام سنة ألفين وألفين وشويه.. يا سلاام يا (ميرا) يا بتى كانت أيام!!
ميرا: طيب حبوبه أنا إستأذن عشان ح أستعد لانى ماشة المطار؟
الجده: ح تمشى تستقبلى منو؟
ميرا: لا مسافرين أنا و(سالى) و(دودى) صاحبا (القاهرة) كم يوم كده نتفسح وجايين الجده: وكلمتى بابا؟
ميرا: ما مشكلة ح أعمل ليهو «SMS » من المطار أو لمن نوصل هناك!! - ترفع يدها وهى تبتعد- طيب تشاو .
الجده :سى يو!!
- فى ذات الوقت وفى منزل متواضع من منازل حى (ما تجى راجع) الذى يقع فى تخوم أمدرمان الشمالية والذى يبعد عن (دنقلا) حوالى خمسة كيلو متر فقط عاد (هشام) ذو العشرة أعوام من المدرسة وهو يبكى فناداه أبوه:
-مالك يا ولد بتبكى؟
-طردونى من المدرسة عشان ما جبت المصاريف
- والمصاريف كم ؟
- خمستاشر مليون وستمية بس؟
-(يأخذ نفساً عميقا ثم يزفره): خمستاشر مليون وستميه؟؟ أنا زمان لحدت ما إتخرجت من الجامعة سنت 2005 ما كلفت أبوى غير تلاتين مليون.. تقول ليا السنه الواحده بى خمستاشر مليون!! والفصل فيهو 250 طالب هسع إنتو بتفهمو كيف فى الجوطه دى؟؟ نحنا زمان الفصل لو بالغ ما يحصل ليهو 100 طالب!! والطلبه كانو بيقعدو فى (كنبات حديد مكسرة) مش ذى مدارسكم الهسه دى كل زول يجيب (الحجر) البقعد فيهو معاهو!!
- معقول يا بوى الفصل بتاعكم كان فيهو 100 طالب بس؟
- أيوه.. إنت قايل تعداد السودان كان ذى هسع؟
- كان كم يا بوى؟
- كان كلو كم وتلاتين مليون! وعشان كده الحاجات كانت (رخيصة) إتخيل يا إبنى إنو كيلو اللحمة كان بالغ كان بيكون بى عشرين ألف وكان الواحد ممكن يشترى ليهو أتخن قطعة واطه فى حى (أطلع برة) الهسع بقى فى نص (العاصمة) دى بى خمسين مليون -مواصلا - إنت قايل الدولار زمننا كان بى كم؟
- متين يعنى؟
- يعنى لمن كنا أكبر منكم شويه كده .. يعنى قول سنت 1989 كده- كان بى كم يا بوى؟
- إتخيل يا إبنى ما كان بيفوت ليهو عشرين ألف جنيه!!
- الأب ينظر إلى ساعته ثم يخاطب إبنه قائلا:
- كدى يا (هشام) أفتح ليا التلفزيون ده نشوف نشرة الأخبار ... يمسك (هشام) بالرموت كنترول ويضغط عليهالمذيعة: إنتهت الأخبار العالمية وإليكم عناوين الأخبار المحلية:
- تعقد اليوم بـمنتجع (فتاشه) جلسة (التفاوض) السابعة والتسعين بعد المأئة بين (الحكومة) و(حركة النسور الكاسرة)
- إرتفاع إنتاج البلاد من البترول إلى عشرة مليون برميل يومياً
- سقوط 120 بين قتيل وجريح بعد إقتحام أفراد من (حركة الضباع المفترسة) حى (المرطبين) والشرطه تحتوى الموقف.
- بعد إرتفاع لتر (البنزين) إلى ثلاثين ألف جنيه وزير المالية يؤكد بأن الزيادات الأخيرة فى أسعار المواد البتروليه تعود إلى إرتفاع أسعار (النفط) عالميا!!
- وزير التعليم العالى يقوم بإفتتاح 25 جامعة جديدة ليرتفع عدد الجامعات السودانية إلى 2870 جامعة
- وزير الصحة يؤكد صدور قرار بمجانية (دفن الموتى)
- موافقة (البرلمان) على خصخصة (بنك السودان)
- وفى أخبار الرياضة -فريقنا القومى ينهزم من الفريق القومى (الأمازونى) 17- صفر واللاعب (حسن شعيرية) نجماً للمبارة!!
قبل ان تنتهى (نشرة الأخبار) إنقطع (التيار الكهربائى) فطلب (ابو هشام) من إبنه إطفاء (جهاز التلفزيون) وهو يقول له:
-أها شفتا (الكهرباء) دى بتقطع مما نحنا كنا قدركم كده ولى هسع!!
(هنا فى هذه اللحظة) تدخل (أم هشام) مخاطبة زوجها:
- مالك زهجان وقاعد تطنطن ما ياهو حال (الكهرباء)؟
- إنتى فى (الكهرباء)؟ الود طردوهو من المدرسة وقالو ليهو لازم تجيب المصاريف
- والمصاريف كم؟
- خمستاشر مليون وحاجه
-مواصلا فى غضب - أنحنا نسرق بعد ده؟؟ لينا عشرين سنه ومرتباتنا دى ما زادت!!
- شيل ليك (مرابحة) من بنك (البر الإسلامى) والله قالو أرباحهم خفيفه وما بتفوت ليها 90%
- عاوزه تدخلينى السجن مش كده؟؟
- خلاص أقول ليك خلينى أنا بسوى ليا صندوق وبشيل الصرفة التلتمية!!
- يا وليه تلتميت شنو؟ ده يوم القيامة ما ينتهى .. بقول ليكى الولد أدوهو إسبوع بس عشان يسدد المصاريف
- خلى مصاريف الولد دى هسع إتكلم مع بتك القالت ما عايزة العريس الجاها ده
- ما عاوزاهو ليه ما ود تمام وشغال فى السوق (كسر) ذى الترتيب وكلها كم شهر ويخش (السجن)
- قالت (الشيله) شويه عشان جاب ليها 66 - 66- البت دى مجنونة لقت ليها زول يعرس
-مواصلا - العرس ده ما بطلوهو الناس زمانك هسع البقدر على (العرس) منو غير (الحرامية ) وبتاعين (الكسر) و(الجماعه)!!
- حليل (الجماعة) المكنكشين فيها ليهم ستين سنه ديل!!
- كدى خلى الموضوع ده هسع وأمشى جيبى ليا (فانوس) أقرأ بيهو (الجريدة) دي أصلو (الكهربا) دى تانى (إسبوعين) ما ح تجى -فى تنهد- يا حليل أيام سنت ألفين أيام بتقطع ليها يوم يومين!!
وضع (أبوهشام) الفانوس على (الطاولة) وأمسك بجريده (نحنا كده إنتو كيف) والتى جاءت عناوينها الريئسية :
- إتفاق مع حكومة ( السودان الجديد) على (ترسيم الحدود) بين البلدين
- حكومة (دارفور) تعيد 150 شخصا حاولوا التسلل لأراضيها دون جوازات سفر.
- الحكومة تدفع ديه قتلى حركة (الضباع المفترسة)
أشاح (أبوهشام) عينيه عن (العناوين الرئيسية) وقام بفتح (الصفحة الفنية) والتى إحتوت على مقابلة صحفية مع الفنانه الواعدة (حنان مس كول):
- ممكن نعرف إسم الشهرة ده جاكى من وين؟
- والله فى الحقيقة جانى من أول أغنية غنيتا وهى البتقول:
مســـكل ليا يا جبان
مســــكل لي بديك حنان
مسكل ليا أنا بجيك
وكان ما مسكلتا طظ فيك
-مواصلة- بالمناسبة أنا كنت عاوز إختار إسم (حنان طظ فيك) لكن لقيت ما فيهو (هارمونى) قمت إخترت (حنان مس كول) عشان رقيق وساهل و فيهو (هارمونى) وبالمناسبه دى أنا موبايلى رقمو (أربعتين عشرة خمستين واحد) وممكن أى زول (يمسكل) ليا .. مافى مشكله وكده!!
- طيب ممكن نعرف شاعر الأغنية دى منو والملحن بتاعا منو؟
- شاعرا هو الشاعر الكبير (عوض مطبات) ولحنتها أنا براااى - (بيكون فى إندهاش): كمان إنتى بتلحنى؟
- أيوه (بلحم) طبعا والله (ألحم) ليكا الأغنية تانى (شمشون) ما يفكها.. وكمان عندى 172 عمل كلهم (ملحمات) جاهزات!!
على ذات الصفحة الفنية أخذ (أبو هشام) فى قراءة ذلك الخبر الذى جاء بعنوان (إيقاف مسرحية من سيلغف المليون) وتقول تفاصيله أن الجهات الرسمية فى ( الدولة ) قد قررت إيقاف عرض مسرحية (من سيلغف المليون) وذلك لأنها تسيئ إلى مسئولى (الدولة) وذلك لأنهم لا يلتفتون إلى مثل هذه المبالغ المتواضعة ذات (السته أصفار) وقد إشترطت (الجهات) المسئوله على (مخرج المسرحية) بتغيير إسمها إلى (من سيربح سيلغف الترليون) حتى يسمح له بمواصلة عرضها !!
على صفحة الرياضة والتى كان نصفها عبارة عن إعلان يخص (مصانع الوالى لإنتاج السيارات) كان الخبر الرئيسي هو هزيمة (الفريق القومى) من نظيره (الأمازونى) 17 - صفر فى المباراة التى تمت بأمازونيا عاصمة جمهورية (الأمازون) وقد قام المحلل الرياضى والخبير الكروى ( عوض فاولات) بكتابه تحليل علمى للمباراة أوضح فيه أن رداءة (الطقس) و(طول الرحلة) و(حكم المباراة) هم السبب الأول الأوحد لتلك الهزيمة وقد أشاد المحلل والخبير الكروى (عوض فاولات) باللاعب (حسن شعيرية) حارس مرمى الفريق الذى لولا بسالته فى الذود عن (عرينه) لمنى الفريق بهزيمة (نكراء)
- أو كما قال -!!
تناول (أبو هشام) الصحيفة الاخرى وهو يردد فى داخلة (قال أيه نكراء) ... أمسك بالصفحة (الأخيرة) تحاشيا للعناوين السياسية المثيرة (للأعصاب).. إلا أنه تفاجأ بخبر أخرج تفكيره عن طوره إذ يقول مانشيت الخبر (فائض الميزانية هذا العام 50 مليار دولار) وقد جاء فى متن الخبر بأن (الحكومة) قد قررت أن ينفق من هذا المبلغ على مشاريع التنمية على أن يذهب بقية المبلغ لسداد (الدين العام)!!ضحك (أبو هشام) فى مرارة وهو يحدث نفسه قائلاً :
- (الدين العام)؟؟ يعنى الدوله (إتدينت) من روحا و(إتورطت) وهسع عاوزه تسدد لى نفسا... يعنى (الدوله) مديونه متلى كده؟!! والله حكاية عجيبه يعنى نحنا (نتدين) وهى كمان (تدين)!! قالها وهو يقلب (الجريده) وينظر إلى المانشيت الريئسى على الصفحة الأولى الذى يقول:
- (الشعبى) يتهم (الوطنى) بتزوير (الإنتخابا
|
|
|
|
|
|