قال تشيرشل فيما ترجمته : ( كلما تعمقنا في الماضي إستبصرنا المستقبل ). وقال جرهام تومس إثر قراءة متبصرة لتاريخ السودان .. ومتابعة لصيقة لقياداته ونخبه السياسية: ( السودان لن يحكمه إلا نبي او غبي ).. غير أن الذي شدني و أثار فضولي قبل عقد من الزمان ونيف .. قصيدة طالعتها بإحدى الدوريات الثقافية .. منسوبة للأحد اولياء الصوفية المنسوبين للدوحة الركابية فرع الدواليب .. القصيدة مطلسمة وفي مجملها قراءة لمآلات مستقبلية لاحوالنا السياسية والإقتصادية.. غير أنها لم تغفل ايضا محيطنا الإقليمي في الجوار.. وددت بصدق ادراج نصها ضمن هذا المقال لو كنت قريبا من مكتبتي ..
للاسف شفر المؤلف السنة التي ستشد تلك الأحداث و رمز لها بحروف يصعب الوصول لدلالاتها.. الأحداث الأخيرة ومآلات حال المجتمع السوداني بعد ثمانية عشر عاما جثمت خلالها الإنقاذ فوق صدره بقوة الحديد والنار.. أخرجت من محفظة الذاكرة إيحاءات تلك القصيدة الطلسم . ولأننا قبليو التوجه والتفكير والسلوك .. سواء كانت قبليتنا مبعثها إثنية ام ثقافية ام ايديولوجية .. لم نحسن بفضل عللها قراءة التاريخ وتدبر امره .. لذا غدونا أكثر شعوب الأرض قدرة علي تقبل اللدغ من جحر لآلاف المرات !!.. ووسمت الشعوب الأخرى ( الزول ) بالطيبة والرويّة .. وهي لا تعني سوي الإشارة لقدراتنا الفائقة علي إدارة الخد الأيسر كل حين ..
لقد سجلت وقائع التاريخ - لمن يرغب تدبرها كما أشار تشرشل - لخاصية مشتركة ميزت كل الأشخاص الذين وحدوا إرادة كيانات الوطن المتعدده .. قادوا الثورات وبدلوا وجه التاريخ .. تلك هي خاصية القبول والقدرة علي إكتساب إجماع الرأي إن لم يكن كله فغالبة .. وحين نلقي نظرة فاحصة لسير قادة ثوراتنا.. الذين وحدوا بين كياناتنا المتعددة منذ فجر التاريخ .. نجدهم بالفعل ممن تمتعوا بهذه الخاصية .. بدءا بكشتا وبعانخي في تاريخ وادي النيل القديم .. مرورا بالشيخ عبدالله جماع والإمام محمد احمد المهدي في تاريخنا الحديث .. اما في تاريخنا المعاصر وفي ظل نظام الدولة .. ظهرالمجتمع المدني المعرّّف بجملة من المؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية .. العاملة في ميادين مختلفة من أجل تلبية الاحتياجات الملحة للمجتمعات المحلية فى استقلال نسبي عن سلطة الدولة .. غير أن لها دور سياسي يتمثل في المساهمة في صياغة القرارات من موقعها خارج المؤسسات السياسية .. في ظل سلطة المجتمع المدني هذه .. تفتقت عبقرية الشعب فأخرج تلك الخاصية ونقلها من حيز المميزات الذاتية للقيادات الفردية.. الي خاصية جماعية القيادة .. فشهد تاريخنا المعاصر جماعية قيادة مؤتمر الخريجين .. ثم جبهة الهيئآت فالتجمع الوطني الذي قاد إنتفاضة أبريل المباركة .. لقد كشفت أحداث العاشر من مايو سوءات عديدة تلبست جسد النظام الحاكم .. ورأينا أهداف وظلامات صدح بها الهامش ردحا من الزمان .. تجاوز إستيفاؤها مرحلة التمني والمطالبة ودخل مرحلة أخذها غلابا .. ترى هل بمقدور هذا الجيل توليف جمعية قيادية تملك الخاصية المشار اليها تعبر بالبلاد لحافة الأمان ؟ ام ترانا في العام .... الذي رمز إليه ذلك الولي الصوفي ؟ حمى الله الوطن .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة