|
حيدر المكاشفي يكتب...ولا تزر وازرة وزر أخرى
|
ولا تزر وازرة وزر أخرى حيدر المكاشفي
توقع كثير من المراقبين والمحللين أن تصاحب أحداث أم درمان الأخيرة وتعقبها بعض ( التفلتات) وقد كانوا في ذلك يستقرئون التاريخ، ويستدعون المشاهد المماثلة التي عادة ما تصاحب وتعقب مثل هذه الأحداث، وفي ذهنهم ما صاحب وأعقب حركة يوليو (76) التي استطاع نظام مايو أن يلصق بها اسم حركة المرتزقة الذي لازمها حتى الآن, ونتيجة لهذه القراءة الصحيحة نبّه هؤلاء المراقبون والمحللون منذ وقت مبكر ومنذ اللحظات الأولى لوقوع الهجوم على أم درمان إلى ضرورة توخي الحذر والتحلي بأعلى درجات الانضباط، والسيطرة على المشاعر والعواطف التي غالباً ما تتأجج في مثل هذه الظروف حتى لا يؤخذ بريء بجريرة مذنب، محذرين مما يمكن أن تجرّه مثل هذه الممارسات في المستقبل القريب على مستقبل الوطن كله وذلك بما تخلّفه من مرارات، وما تخلقه من أحقاد، وترسبه من غبائن، وقد أمّن على هذه المعاني وتعهد بالا يؤخذ بريء بجريرة مذنب.. وليس فوق قول الرئيس ولا بعده قول بل طاعة وتنفيذ وامتثال من كل جهة أمنية وقضائية امتثالاً واحتراماً للقاعدة الذهبية الدينية والإنسانية والأخلاقية (ولا تزر وازرة وزر أخرى). هي قاعدة إنسانية لأن كل عهود ومواثيق حقوق الإنسان التي تواضع عليها كل العالم أفردت لها مكاناً علياً وهي أخلاقية لأنها تنحدر من المروءة والرجولة أخذ إنسان بجريرة غيره لمجرد أنه يماثله في الدين أو القبيلة أو لأنه ينحدر من جهته, وهي قبل ذلك وفوق ذلك قاعدة دينية بل أمر إلهي خصّه الله سبحانه وتعالى بمكانة مميزة في كتابه الكريم حيث أورده خمس مرات في خمس سور كريمة هي سورة الإسراء الآية (15) سورة الأنعام الآية (164) سورة فاطر الآية (18) سورة الزمر الآية (7) وسورة النجم الآية (38) وما ذلك إلا تأكيد منه عز وجل على ضرورة وأهمية أن يسود العدل بين عباده بألا يعاقب أحد لمجرد الاشتباه أو يؤخذ بريء بجرم غيره، ومن يفعل ذلك ويلغ فيما حرّمه الله في الجرم والإرهاب والترويع فليس المجرم والإرهابي هو فقط من يروع الآمنين ويقتل الأبرياء ويعتدي على الناس دون ذنب، ويهجم عليهم بغتة ويزهق أرواحهم غيلة.. فمن يقارع الفكر بالسلاح .. إرهابي ومجرم.. ومن يفرض رأيه على الناس بالقوة .. إرهابي ومجرم.. ومن يحمل الدين ما ليس فيه إرهابي ومجرم.. ومن يستخدم غير قوة المنطق والحجة إرهابي ومجرم.. ومن يسعى لتزوير إرادة الناس إرهابي ومجرم.. ومن يرفع عصا سلطته الغليظة في وجه الناس العزّل لتخويفهم وإرعابهم وفرض ما يراه عليهم على طريقة فرعون (ما أريكم إلا ما أرى) إرهابي مجرم.. ومن يملك سلطة أو حظوة ويستنكف المساءلة ولا يقبل الانتقاد ويستخف بالآخر ويهينه إرهابي ومجرم.. ومن يعبث بالحوار مع مخالفيه ولا يفهم لغته إلا على أنها محض لغو ولهو يلاعبهم به إرهابي ومجرم. وأخيرا وليس آخراً, من يأخذ الناس بأوزار الآخرين ويجرجر الأبرياء بجرائر الآثمين، ويعاقب المشتبه بهم لمجرد الاشتباه إرهابي ومجرم. حمانا الله ووقانا جميعاً من الوقوع فيما حُذّرنا منه خمس مرات في كتابه الكريم.
|
|
|
|
|
|