دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
حكاية من وادي عبقر: د. معتصم عبدالله محمود
|
نواصل في مسيرة التوثيق ونعيد ما ضاع من سيرة أستاذنا د. معتصم عبدالله محمود سمير حتى لا ننسي وحتى تظل الذاكرة حية وممتلئة بمن أعطوا بلا من ولم يجدوا منا سوى الجحود و ربما بعض وريقات للذكرى نداري بها سوءة الصمت والتقصير.
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية من وادي عبقر: د. معتصم عبدالله محمود (Re: طارق أحمد خالد)
|
د. معتصم (1) ماقبل البداية: تقاطعات الذاتي والموضوعي يصعب علي أن أوثق ل د. معتصم أو أن أسرد قصته دون أن أنزلق في مطب السرد الذاتي لحياتي الشخصية.. أثره عظيم على فهو بالنسبة لي الاستاذ والاخ الاكبر والصديق الصدوق.. وفوق هذا.... تأثرت مجريات حياتي بصورة درامية بما حدث له فيما بعد...
خروجه المفجع من الكلية قطع علي مسيرة الدراسات العليا.. بل غير مساري المهني حيث تركت الpower systems إلى غير رجعة ميمما صوب تقنية المعلومات. تقنية المعلومات نفسها لم ألجها إلا لأنني أحببت البرمجة على يديه أثنا فترة الماجستير.. وتطوير برنامج ال load flow .. وهو لمن لا يعرفونه مبرمج لا يشق له غبار.. ولو إحترف هذه المهنة لالتحق بمايكروسوفت نفسها.. ولكن...
سيرته عندي: نوستالجيا.... حلو..مر.. أحلام يقظة شاردة تنتهي بكلمة "لو".. فتفتح أبواب شيطاني المتربص.. ثم .... قدر الله وماشاء الله فعل.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية من وادي عبقر: د. معتصم عبدالله محمود (Re: طارق أحمد خالد)
|
د. معتصم (2) البداية: الثلاثاء 16 نوفمبر 1982.. يوم شتوي لطيف.. أول أيام الجامعة استيقظت باكرا... قال لي عقلي القاصر أن لبس القديم والرث من الثياب سيحميك من شرور البرلمة. دخلت عرين الاسد من الباب الشمالي الغربي مدعيا الثقة وثبات الخطوة. فجأة... وكأنما كان في انتظاري...... "دريسة" ناشتني سياط دريسة الملتهبة: "دا شنو يا برلوم يا صعلوك اللابسو دا؟ .. انت داخل سينما حلفايا؟"..... ارتعدت فرائص البرلوم مدعي الثقة. تحفزت للمواجهة ثم .. انسحبت تكتيكيا لاحقاً بصف معاينة البرالمة أمام لاب الباور (لم أدرى وقتها ان لي مستقبلا مخبأ في هذا المعمل).
وقفت في الصف و للمرة الثانية ناشتني السياط.. لكن سياط من هذه المرة؟ .. صاح في وجهنا (أنا ووليد) رجل صارم القسمات: "أقيف كويس في الصف.. الهندسة نظام... الهندسة انضباط". ارتعدت فرائص البرلوم التعيس مرة أخرى..... يا لليوم الأغبر... (علمت فيما بعد أنه د. عصام عبدالماجد).
تحرك الصف "وسط تعليقات السناير اللاذعة" ووصل منتهاه. وجدت منضدة بها ثلاثة دكاترة تعلوهم الهيبة.. أحدهم من ذجرني ... في المنتصف رجل أبنوسي بادي الذكاء (كان د. لام أكول).. وفي الطرف الأيسر رجل ذو ملامح مريحة وهادئة و نظارة سميكة تغطي أعين مشعة بالذكاء..... توكلت على الحي الدائم وذهبت مسرعا إليه خشية أن يسبقنى أحد البرالمة الأشقياء ...... يا لغرابة المصادفة والاقدار الالهية.... كان هو .. وكانت بداية رحلة مثيرة مع أستاذي العظيم: د. معتصم عبدالله محمود.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية من وادي عبقر: د. معتصم عبدالله محمود (Re: طارق أحمد خالد)
|
د. معتصم (3) مفاجأة الظهور قضينا سنة العلوم ثم أتينا للكلية ولم يكن موجودا.. أختفى د. معتصم منذ أن رأيته في المعاينة..... انتقلنا للسنة الثالثة... غير موجود.. أنا نفسي لم أكن أدري أنه غير موجود. فجأة علمنا ونحن في بداية الصف الرابع أن مادة الباور سيدرسها د.معتصم... من معتصم هذا؟؟ قالوا قضى ردحا من الزمن في المعتقل .. فقد كان جمهورياً (آآآهااا... إذا سنواجه تركيبة مختلفة من البشر)... حضر الدكتور بسمته الفارع... النظارات السميكة... العيون الذكية.... ياللهول... صعقتني المفاجأة : "ياهو ذاااااااتو زول المعاينة .. ود بحري الحكومية".
بدأت المحاضرات.... رجل مرتب... منظم ودقيق كالساعة.... تحس أنه يتعامل مع مهمة توصيل المعلومة وتفهيم الاخرين بأعتبارها مهمة مقدسة.... لا فرق بين كونه يدرس أو يصلي... كنت أحيانا أصاب بالسأم عندما يبدأ في الاعادة والتفصيل... حينها أخاطب نفسي "خلاص قمنا نشرح جلد الناموسة". ثم..... يتصاعد ايقاع المحاضرة لدرجة الغليان عندما يبدأ في طرح الأسئلة المزلزلة لثوابت المعرفة.. لا غرو.. فهو من مدرسة فكرية متجذرة في التصوف ترتبط بباطن الأشياء وتنفر من قشور الظاهر.. أعود للفورمة .. أستعيد الحيوية ويتحرك الأدرينالين مرة أخرى. عند نهاية المحاضرة ... الجميع يخرج وقد فهم السطور وما بينها... معه .... أحببنا الباور حين ملها الاخرون
أما الإمتحانات.. حدث ولا حرج... جهنم الحمراء مصبوبة في ورقة أسئلة يجب أن ترتقوا لمستوى الامتحان.. لا أن ينزل الامتحان لمستواكم... هكذا يلقمنا حجرا عندما تبدأ همهمات الاحتجاج... كثيرون حاولوا الاستفادة من الامتحانات السابقة لاصطياد المكررمن المسائل... هيهات ثم هيهات لا عاصم اليوم... كل امتحان من بلد.... لا توجد قواسم مشتركة..... الفهم ثم التعمق هما الوسائل لنيل المبتغى.... الفهلوة لا تجدي معه فتيلا.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية من وادي عبقر: د. معتصم عبدالله محمود (Re: طارق أحمد خالد)
|
د. معتصم (4) السنة الخامسة: دفعتنا... كان عددها في الصف الثالث ستة وستون ثلثهم التحق بنا عقب مجزرة أكاديمية شهيرة... وصل للصف الخامس بسلام ثلاثة وثلاثون فقط.. النصف سقط في الطريق بين قتيل وجريح. كلية الهندسة لا ترحم ولا تؤمن بأنصاف الحلول.
لأول وآخر مرة... كان عدد طلاب الباور أكثر من طلاب الاتصالات (19 مقابل 14). مغنطيس معتصم قوي المجال جذبنا: كمال رمضان، أنا، وليد مصطفى، حجاج وآخرون... عبدالرحمن كرار كان مثلاً وقدوة لنا في هذا الطريق....
البعد الإجتماعي لهندسة الطاقة جذبني.... قرأت وقتها عن أحد علماء الطاقة الهنود.. قال: "كنت أريد أن أدرس الرياضيات.. نظرت لبلدي فوجدتها غارقة في الظلام فاخترت الهندسة الكهربائية" ... زلزلت كياني هذه المقولة.. كانت بوصلة الإنتماء الاجتماعي عالية الحساسية في تلك الايام...
تخرجنا.. عملنا سويا أنا وكمال رمضان كمساعدي تدريس في لاب الباور (مهد المعاينة الاولى)... كنت ولازلت متعاونا .. وكان كمال متفرغا... كان استاذ المادة د. معتصم وكان الطلاب (مهندسو اليوم) بمختلف دفعاتهم المتلاحقة: حمد حماد، أشرف عبدالحافظ، تهاني، ابراهيم، هالة كزن، سارة والضب، ابوبكر عثمان، بهارات، أنور تاج السر، عبدالرحمن بابكر .... إلى آخر حبيبات العقد الفريد.
ثم بدات رحلة الماجستير......
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية من وادي عبقر: د. معتصم عبدالله محمود (Re: طارق أحمد خالد)
|
د. معتصم (5) رحلة العمر:
تمثلت فلسفة د. معتصم في توطين البحوث فكان محور أبحاثه شبكة النيل الازرق أي الشبكة القومية للطاقة. كان يهدف لخلق مهندسين وباحثين قادرين على تحمل عبء تطوير الشبكة القومية.
كان ماجستيراً في الصبر على مكاره البحث العلمي.. وتصاريف الزمن الهائج.... المشرف دقيق ... مولع بتشريح الناموسة... كالساعة لا يحيد عن جدول العمل.. منضبط تجده في مكتبه ساعة تريد ..... وساعة لا تريد... كان مشرفا بارعا يجيد قيادة دفة البحث العلمي صوب النجوم.. ما تراه من رابع المستحيلات يصبح بفضل توجيهه... رويدا.. رويدا: محتملا... بل ممكنا... ثم: وجدتها وجدتها.
في بداية البحث طلب منى أن أحل معادلة معينة في ال frequency domain على ان آتيه بالحل خلال ثلاثة اسابيع.. حاولت ثم حاولت.. نحت طوب الأرض.. لا فائدة.. عدت لجذور ال Numerical Analysis فمدت لي لسانها.. إنقضت المهلة.. جئته منهكا ولكن متحفزاً: "يا دكتور ما بتتحلى فى frequency domain". أجاب بهدؤ: "أكيد.. طبعا"... كظمت غيظي.. طيب مادام ما بتتحلى بالطريقة دى ليه قعدنا شهر كامل في الموضوع دا... أجاب: "عشان نقفل الباب دا للأبد وتصفي ذهنك منو أثناء البحث"...
العمل شاق... أحاول الزوغان... مرة لم أحضر في المواعيد المحددة لتسليم عمل ما... بعد الظهر... سمعت طرقات في باب المنزل.. فتحت الباب.. إنه هو... يا للهول ... د. معتصم يسألني: "مالك ماجيت إنشا الله خير؟" هل سمعتم بمشرف في زمننا هذا يتابع طلبته بمثل هذه المتابعة اللصيقة؟.... الفرق بين الأمس واليوم ... أن التدريس كان رسالة مقدسة (ألم أقل لكم أننا سنواجه تركيبة مختلفة من البشر )..
مع د. معتصم تكسرت حواجز الرهبة شيئأ فشيئأ.. تجاوزنا فاقد الطاقة في الشبكة القومية ونماذج ال simulation... للولوج في دهاليز الفكر والسياسة: غزو الكويت.. الوضع الراهن للبلاد في ذاك الزمان.. الفكر الجمهوري.... ذهنه وقلبه مفتوحان لتقبل النقاش والأجابة على الأسئلة بأريحية وبساطة متناهية. أستطيع أن أتجرأ فأقول: صرنا أصدقاء.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية من وادي عبقر: د. معتصم عبدالله محمود (Re: طارق أحمد خالد)
|
د. معتصم (6) ما قبل المجزرة:
تكهرب الجو.. تلبد بالغيوم... د. معتصم بما عرف عنه من جسارة كان في طليعة المعارضين... ما أخشاه واقع لا محالة... الماجستير في كف عفريت.. الدكتوراه أمست حلام ظلوط... أخبرته بمخاوفي التي يعلمها أكثر مني... و بدأ السباق مع الزمن. من منكم سيتخيل ما هو آت....
آواخر 1991.... في ذلك الزمان... كان البنزين في أوج دلاله.. لتطلب يده عليك أن تمكث الساعات الطوال في صف يتحدى الصبر. تخيلوا............ كان د. معتصم يأخذني معه لصف البنزين حتى نستغل الزمن في مراجعة مسودة البحث...
تعلمت منه كيفية الكتابة العلمية.. قال لي:" مسودة البحث كالمبنى... لها قواعد وأعمدة"... عرفت كيف أركب الجملة ثم الفقرة.. كيف أصل الفقرة مع الأخرى.. ليتكون الباب (chapter).. ثم ربط الباب مع الباب ليتكون البحث.. تعلمت منه سر المهنة.. قال لي: "الممتحنون عادة يقرأوون الباب الأول (المقدمة) والباب الأخير (الخاتمة)... أن تكاملا وتماسكا منطقياً فقد فزت وإلا.. خسرت تعاطف الممتحن الذي يزهد تلقائيا في قراءة بقية أبواب البحث" ..... كان درسا من ذهب.
تعلمت منه انتقاء الكلمات.. أذكر أنني في مقدمة البحث كتبت أن اهتمام العالم بدراسة فاقد الطاقة قد بدأ مع حرب النفط سنة 1973.. وتعرف أزمة النفط في الادبيات الغربية بال Oil Shock... ضحك وقال لي: "انت مهندس ما صحفي.. المصطلح العلمي هو Oil Crisis".
عمل مضنى أسفر عن إكتمال الرسالة.. المراجعة... الطباعة... ثم التسليم قبيل وقوع الكارثة... نجوت بجلدي ولو إلى حين.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية من وادي عبقر: د. معتصم عبدالله محمود (Re: طارق أحمد خالد)
|
د. معتصم (7) المجزرة:
كما قلنا من قبل: في يوم بئيس فقدت الجامعة بإمضاء واحد وفي قائمة واحدة ثلة من خيرة أعلامها منهم البروف سمير و تلميذه الدكتور معتصم الذي أحيل إلى..... الصالح العام.
قيل لهم إبان أزمة الإمتحانات الشهيرة: أما أن تسلموا الامتحانات أو تخلوا الشقق... أغلب الأساتذة آثروا درب السلامة فسلموا الإمتحانات... إلا سليل الفراديس فقد آثر المواجهة التي تعني تسليم مفتاح الشقة.. علماً بأنه في ذلك الزمان لم يملك درهما ولا دينارا... ولا مسكنا بديلاً.
كنا ضحايا المجزرة: كمال رمضان و عصمت عدلان: ذاقوا الأمرين... أتت الرياح قبل إكتمال البناء فأتت عليه... إنهدم المبني... كان إختبارا عصياً على التحمل..... لملمة أطراف المعنويات والقدرة المتبقية.. ثم الانطلاق من جديد.....
أما أنا .... فقد قضيت زمنا في إنتظار الإمتحان.. المشرف محال للصالح العام.. الممتحن الداخلي تقدم بإستقالته احتجاجا على ما حدث ثم حزم أمتعته وترك البلاد (د. مدحت عبدالسلام).. قبعت أنتظر ما سيقرره مجلس الجامعة (السنت). جلست للإمتحان وأجيزت النتيجة في نوفمبر 1992 .. بعد حوالي عام من الإنتهاء من البحث. كنا بحق ضحايا المجزرة ........................
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية من وادي عبقر: د. معتصم عبدالله محمود (Re: طارق أحمد خالد)
|
د. معتصم (8) الرمضاء والنار:
الطريف والمؤلم معاً..... أن د. معتصم يحمل لقب "ملازم أول" بدبورتين عن جدارة يحسد عليها. أستعان به المرحوم د. محمود شريف ليعمل مستشارا بالهيئة القومية للكهرباء ولتأسيس مركز لأبحاث الطاقة الكهربائية .. وبعد فترة قصيرة نال الدبورة الثانية.... إحالة جديدة للصالح العام.. مع الإحالة الثانية تبدد ضوء آخر لي للمارسة البحث العلمي في مجال هندسة الطاقة والقدرة... حيث كان من المفترض أن التحق بالمركز المقترح.
بين الدبورتين... أيام صعبة واجهها الدكتور.. نار على نار ليزداد الذهب لمعاناً... من يتخيل أن الدكتور بجلالة قدره قد أضطر ليحول عربته الى "نقل طارئ".
تحول العالم الباحث في غيبوبة زمان إلى............ سائق تاكسي سائق تاكسي... لكن بدرجة دكتوراه.
بعد الدبورة الثانية عاد لجذور أهله الشمباته.. إحترف الزراعة.. المزارع معتصم استصلح اراضي أهله.. ينام تحت الشجر.. يتوسد العنقريب أب حبل قال لي: أصبحت لي علاقة حميمة مع كل أشجار المزرعة.. أحفظها واحدة واحدة.. أكلت من كل واحدة منها ثمرة.
كان يمكن أن يهاجر ليلتحق بأعظم الجامعات ولكنه مسكون بحب الأرض... الفراق مستحيل .... حب عميق يمنعه من البعاد وله الحبيب..... و جور المحبوب..
لا أدرى لو استقبل من أمره ما استدبر: أيهما يفضل الخروج أم البقاء؟ ... سؤال سيجيب عليه عند زيارتي له.
دكتور .. باحث.. ثم تكاسي.. فمزارع.. لم أقلها لكم من قبل؟؟؟ كيف ينفصل البحر الهادر عن المحيط... ليصب في فنجان!!!!!!!!!!!! عجبي من هدر الموارد... وإهدار المارد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية من وادي عبقر: د. معتصم عبدالله محمود (Re: طارق أحمد خالد)
|
رسالة شيقة من د. عبدالرحمن كرار تحكي قصته مع أستاذه د. معتصم
Quote: كان العام 1982، وقد بدأنا لتونا العام الدراسى الثالث بالهندسة، وقد مضى معظم رفقاء العام الماضى الى الجانب الجنوبى للكلية لدراسة السيخ والأسمنت. كنا قلة من الراغبين فى اقتحام هذا العالم الغامض الذى يحفل بالأجهزة السحرية كالترانسسترالذى كنا نعرف انه يستعمل فى الراديو ولكن كنا نجهل كنه، وقد سمعنا انه فى هذا العام سيقوم د. الرشيد العائد من post-doctorate بانجلترا بتدريس جهاز أكثر غموضاً يسمى الـmicroprocessor كما ايضا تم استبدال مادة الرياضيات الميكانيكا المتقدمة (ود المكى) بمادة سلسة خصصت للكهربجية اسمها Boolean algebra يقوم بتدريسها واحد مجنون من العلوم اسمه بروفسر عبدالغفار. كان هناك عبق تغيير واضح فى القسم – كان كل شىء جديد – كنا فى حالة اندهاش تام – سمير غبريال يدرس الكهرومغناطيسية فاطربنا واسكرنا حتى الثمالة، صليب يسا (هذا الألمعى السريع التفكير الذى يعتقد مسكينا ان الطلاب يستطيعون مجاراة شرحه المتقدم الذى يبدو بديهيا من وجه نظره) فى الأكترونيات – زوجته نجاة بنامين التى كادت تصيب ايدينا بالشلل من كثافة المحتوى بمادة الكترونيات الحالة الجامدة (بدأت بنا كأول دفعة) – الرشيد عثمان الذى بدأ مزهواً بطفله الذى يحمله معه دائما وهو الشريحة MC 8600 والذى لا يفهم محتواه احد فى السودان غيره. وسط هذا الزخم من العلم الكهربائى كان محور تفكيرنا هو الألكترونيات والأتصالات ولم نكن تحفل كثيرا بالجانب الآخر المظلم القديم الراكد الذى لا يبدو انه به شيئاً جديدا وهو جانب الماكينات والقدرة! ولكن ...... جاءنا شاب نحيل طويل القامة يضع نظارات طبية سميكة قيل لنا أن اسمه د. معتصم وهو من مواطنى شمبات عائد من الدراسة بجامعة مانشسستر وسيبدأ معنا بكورس الماكينات. وكنا قد هيئنا نفسنا للسرد الممل الذى عهدناه من اساتذه مثل هذه المواد. ولكن مهلا – ما هذا – لماذا لا يقوم هذا الأستاذ باستقبال السبورة وملئها بمعادلات الماكينات؟ لماذا يوجه الينا اسئلة استفزازبة تجبرنا على التفكيربطريقة غير نمطية؟ لماذا يجبرنا على أن نعيد فهمنا لمفاهيم اساسية عن القدرة الحقيقية والتخيلية ونكتشف اننا لم نكن نفهمها أصلاً؟ ما هذا الشخص الذى بدأ يشكننا فى مسلماتنا ويحرجنا؟ ثم ما سر هذا اللمعان الذى يتراقص فى عيونه خلف عدسات النظارة السميكة؟ بدأت حينها اشعر بأن هذه المادة فيها تحديات أكثر مما كنت أعتقد. كان د. المعتصم قد تخصص فى توجيه اسئلة تفقدك توازنك بعد أن تكون قد حللت المسألة وأطمأنت للحل، يقول لك مثلا ما قيمة القدرة الضائعة؟ فترد بسلسلسة طويلة من المعادلات للوصول للإجابة. فيقول حسنا اجابتك صحيحة ولكن ببساطة لو فعلت هذا لوصلت للأجابة بعملية ضرب واحدة. الله الله ، بدأ الطرب يدب مع هذا الشخص الغير تقليدى. وصل الطرب قمته مع السسمستر الثانى فى مادة القدرة 1 التى قام بتدريسها د. المعتصم ايضاً فأمتع واسهب. تخلى عن التدريس بالكتاب المقرر Stevenson النمطى "البايخ" واعتمد على كتاب Weedy و كتاب Olgerd وهما من اتباع اجراء حوارمع القارىء واستفزازه وامتاعه. بدأنا ندرك مع د. المعتصم ان عالم القدرة الكهربائية بستوعب علوم الكمبيوتر وعلوم الأحتمالات والعلوم الأقتصادية وتغيرت نظرتنا لهذا المجال وقد بدأت حينها أفكر جديا فى اننى أرغب فى اقتحام هذا العالم. كنا مندهشين من نمط سلوكى آخر تفرّد به د. المعتصم مقارنة ببقية الأساتذة وهو أنك تستتطيع أن توقفه وتستفسره فى أى مكان وفى أى زمان. لا يغادر مكانه ولا يتملل ولا يستأذن الا بعد أن تكون قد أكتفيت واقتنعت. لم نعهد سعة الصدر هذه فى السودانيين الضيقو الخلق بطبعهم. كان د. المعتصم مدرسة أخلاقية قائمة بذاتها. اثرت قيمه الأخلاقية وتواضعه وجل أدبه على الفنيين ومساعدى المعامل بصورة خاصة حيث كان يحمل احترام للضعفاء ولا يحسسهم بذرة من السلوك الفوقى. لو اراد احدكم التأكد من هذا فما عليه الا ذكر اسم د. معتصم لاى من مساعدى المعامل أو الفراشين الذى عهدوه وسيفاجأ بسيل العواطف وعبارات الثناء والتحسر على زمنه ورئاسته للقسم 1986 - 1990! النمط الثالث المدهش هو قوه مواقفه السياسية وعدم تزحزحه قيد انملة عن معتقداته. قد تتوهم ان شخص بهذا التواضع وهذا اللين غير قوى فى مواجهة سلطات الأمن وحكومات العسكر. ولكن صلابته أمام الحق أكاد أجزم اننى لم ولن اشاهد بشر له قوة المراس هذه. كانت النتيجة الطبيعية أن اودع فى السجن من العام 1883 الى ما قبل الانتفاضة بقليل 1985. وقد وضع لنا امتحان مادة القدرة وصححها وهو بالمعتقل. أذكر انه عندما طلب منه وضع الأمتحان رفض الا ان يكون بمكتبه بالجامعة. وفعلا تم نقله بعربة السجن ووقف عليه حارس ببندقية!! أى زمان تعس!! اللصوص يتولون المقاليد والعلماء الأجلاء تصوب تجاههم البنادق! كدت ايئس من التفكير فى الألتحاق بتخصص الباور بعد اعتقال د. المعتصم وبعد بداية غير موفقة فى السنة الرابعة مع النمط التقليدى من الاساتذة واستاذ آخر كارثة تمت الاستعانة به من جامعة السودان! ولكن هئى الله لنا المنقذ فى شكل البروفسر Eric Bolton من مانشستر والذى جاء زائرا استاذا للـ power systemsلمدة عامين. مضت السنة الرابعة على احسن وجه والسسمستر الأول فى العام الخامس مع هذا البروفسرالضليع والممتع والذى له ذكريات مع البحرية فى الحرب العالمية الثانية. احسست مع بروفسر Bolton أن مادة الباور علم له تطبيقات حقيفية ومؤثرة على حياه البشر وزاد تصميمى لى الالتحاق بالباور (رغم ان د. سمير – الذى نال درجة البروفسر عندما كنا فى الصف الخامس – حاول اثنائى عن هذا) اخذت مشروع التخرج مع البرفسر Bolton ومضي العام حتى منتصفه وجاءتنا فجأة زفة البشريّات باطلاق سراح د. المعتصم! أذكر أن صديقى عبدالإله بكلية القانون صاح منفعلا وهو يهنينى "ألف مفكوك!!" (يريد "الف مبروك" طبعا). اذا كنا على موعد مع المتعة فى السسمسر الثانى. ولم يخييب د. المعتصم ظننا فكان امتع سممستر قضيته بالكلية مع د. المعتصم ونظم الhigh voltage ونظم الprotection و Kelvins Law الخ..... وكنا نتوجس من الأمتحان فلن يتركننا د. المعتصم دون مسائل السهل الممتنع التى لا تنفع معها كتب أو مذكرات، وفعلا اطلق علينا مسائل من العيار الثقيل ولكن لحسن حظى كنت مستعدا وكنت فى احسن حالاتى فأبليت بلاء حسن ..... أذكر ان امتحانه وامتحان بروف سمير (كهرومغنطيسية) هما الامتحانين الذين تصببت فيهما عرقا. |
انتهى الجزء الأول
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية من وادي عبقر: د. معتصم عبدالله محمود (Re: طارق أحمد خالد)
|
يواصل د. عبدالرحمن سرده:
Quote: لم اضيع وقت كثير بعد التخرج، وسجلت لدرجة الماجستير مع د. المعتصم يناير 1986(أعتقد اننى اول طلاب الماجستير له). اقترح موضوع التحكم فى جهد الشبكة القومية عن طريق اجراء دراسات Load Flows. اصبت بالرهبة من جرأة مقترح د. معتصم، حيث لم يكن احد قد قام باجراء دراسة تدفق حمولة ناجحة فى السودان على حسب علمى. كنت اعرف محاولة مبسطة Gauss-Siedel من طلاب السنة الماضية باءت بالفشل، فكيف وانا مطلوب منى تدفق الحمولة فى شكلها الموسع Newton-Raphson؟ ولكن د. معتصم لا يعرف المستحيل وتوكلت على الله واصبحت مقيم يومى فى مركز كمبيوتر الجامعة (برمجت بلغة البيسك على نظام شركة Wang الامريكية).
للذين لم يعايشوا تلك الايام اقول ان الكمبيوتر كان شىء غريب. لم نكون نعرف الحاسب الشخصى. كانت الكلية لها كمبيوتر واحد اسمه Apple II سعته 64 كيلوبايت وكان فخر القسم خصصت له غرفة مكيفة وكان تحت اشراف سامى شريف. الذى كان يعرف لغة الـ BASIC مثلنا ويبرمج به كان جديرا باحترام من حوله. فقط كان يتفوق علينا وينظر الينا باحتقار من كان يبرمج بلغة الـFortran IV . لغة الـ C لم نسمع بها اطلاقا واول من اخبرنا عنها هو شريف فضل بعد أن عاد من دراسة الماجستير بجامعة Essex اواخرعام 1987.
ما أن بشّرت د. معتصم بأن تدفق الحمولة قد عمل بنجاح حتى لمعت عيناه واعطانى مسألة اكثر صعوبة وهى محاولة ايجاد نسبة التحويل tap-ratio كاحدى نتائج الـ Loadflow وليس كمعطى! يا دكتور لكن لا يوجد فى المراجع شىء كهذا ولم أقرأ عن من قام بهكذا دراسة. قال ببساطة ما يمنع ان تكون ممكنة؟
توكلت على الله وعدت اليه بعد شهرين وانا اطير فرحا بعد نجاح اول تجربة لأيجاد الـ tap-ratio. بهدوء وبنفس لمعان العيون قال لى عليك أن تطبقه الآن على المحولات الثلاثية – three-winding transformers! نفس الشىء – لا توجد مرجعية لهذا النموذج – وبعد ان قدمت النموذج راجعه وقال لي انه صحيح ولم يرى هذا التمثيل من قبل وكان المتبع وحتى الآن تمثيل محول ثلاثى بثلاث محولات منفصلة. (وللحق اقول اننى بعد ذلك اثناء مراجعتى للدوريات بانجلترا وجدت ان باحثين قد توصلو لنفس النموذج تقريباً فى الستينات – اذا لم اكن اول من توصل لهذا للاسف)
وكان ان انضم الى رفيقا كثانى طالب ماجستير لدكتور المعتصم المهندس على محمد عوض (أخ المهندس مكاوى ومدير ادارة التشغيل والنقل واخدمات الفنية حاليا بالهيئة القومية للكهرباء) وكنا نجرى تدفقات الحمولة على الشبكة ونتسلى بالتحدث حتى يفرغ البرنامج ويعطينا النتيجة – كان يأخذ فى المتوسط 6 الى 7 دقائق. كان معظم حديثنا يدور حول شطحات د. المعتصم وعناده فى انه يطلب منا احيانا ما نراه المستحيل بعينه، ثم رويدا رويدا يبدو لنا هذا الشىء ممكنا. الشىء الوحيد الذى لم نستطيع الوصول له هى المحافظة على الجهد والقدرة التفاعلية للمولد كمعطيين فى نفس الوقت. "يا دكتور هذان المطلبان متناقضان ومن المستحيل التوفيق بينهما". بهدوء وبنظرة ثاقبة " لا تقول مستحيل الا بعد ان تجرب وتقتلها تجريبا او تأتى ببرهان مبين!" وبعد ان قتلناها بحثا عدنا اليه خائبين فقال لن اقتنع – ثم حاولنا برهان الاستحالة بالتمثيل على شبكة مبسطة فتخلى اخيرا عن المطالبة ولكننى اجزم انه لم يقتنع ولكن فقط رأف بنا فهو رجل لا يعرف المستحيل! |
انتهى الجزء الثانى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية من وادي عبقر: د. معتصم عبدالله محمود (Re: طارق أحمد خالد)
|
Quote: فى هذا الجزء اسرد بقية قصتى مع د. المعتصم وغنى عن القول انه بعد انتهاء دراسة الماجستير تحولت الصلة من طالب/استاذ الى صديق مقرب. ذهبت الى انجلترا للدكتوراه 1988 وفى ذهنى فكرة واحدة استلهمت فلسفتها من تجربتى مع د. المعتصم: ان لا اتناول أى بحث لا يمت بصلة لمشاكل الشبكة السودانية (هذا محور فلسفة وتفكير د. المعتصم : للخواجات مشاكلهم ولنا مشاكلنا فلماذا نعمل على حل مشاكلهم ونتجاهل ما يلينا؟) وفعلا رفضت الدراسة بجامعة مانشستر (يا لغبائى!) مع بروفسر Cooper المشهور لأن الموضوع غير ذات صلة فى رأيى واخترت جامعة لفبرا شبه الريفية لأن المشرف وافق على ان اقوم باجراء دراسات على استقرار الشبكة السودانية. عدت للسودان لجمع معلومات وكان قد بدأ عهد الإنقاذ وكان الجو متوترا وكانت الايام حبلى واحسست ان د. معتصم فى حالة عدم تفاؤل بالمستقبل وكم كان مصيبا.... رجعت لانجلترا ولم تلبث ان اشتعلت حرب الخليج وازداد الجو توترا وانقطعت العلاقات بين السودان وانجلترا فاوقفت الـBritish Council مساعدتها للسودان ومن الضمن منحتى ولكنى تمكنت من الأكمال بمساعدة مجموعة غريبة اسمها Gordon Memorial College Trust Fund وهى مجموعة لا هدف لها الا مساعدة كل من يمت بصلة لجامعة الخرطوم احياءاً لذكرى من سميت عليه وهو الجنرال غوردون!! المهم عدت فى مارس 1992 لأجد الوضع منفجراً فى الجامعة – اساتذة رفضوا وضع الإمتحانات بحجة ان العام الدراسى لم يكتمل وطلاب اجبرو على الجلوس تحت تهديد قوات الأمن وبقية القصة المعروفة ....... كان د. المعتصم قد حير ادارة الجامعة ولم يدروا ماذا يفعلوا به بالذات فهو الوحيد الذى بعث بمذكرة من ثلاث صفحات الى المدير (مامون حميدة) يتحدث بموضوعية وصراحة عن ظروف رفضهم لاقامة الامتحانات. وبدا لهم اول الأمر ان يحاسبوه اداريا فبعثوا اليه باستدعاء ثم عدلوا عن رأيهم بعد أن احسوا انه استعد للدفاع عن نفسه متسلحا بقوانين المحاسبة الإدارية للجامعة (اود ان اشكر هنا الأخوة عبدالاله محمد عثمان من النائب العام وايمان بن عوف مستشارة الجامعة فى ذلك الوقت – الذين وقفوا معنا ضد الدولة رغم مناصبهم) ورأوا اختيار الحل السهل وهو الاحالة للصالح العام ممهورا بامضاء رئيس الجمهورية! إذا احيل د. معتصم ومعه باقة من العلماء الأجلاء – بروف سمير – د. التاج – د. عادل خضر واشخاص كثر من الكليات الأخرى اذكر منهم العالم الجليل د. عبدالجليل كرار طيب الله ثراه. اليس غريب ان يكون كل المحالين من خيرة الأساتذة؟ اليس غريب ان تقوم باخراج التفاحات الطيبة من السلة؟ والأغرب ان الاستاذ المنفذ للسياسات (*****) انشأ جامعة عكس فيها السياسات التى فرضها على جامعة الخرطوم ثم استعان ببعض الأساتذة الذين تولى شخصيا مسئولية طردهم من الجامعة! بقية الاساتذة اصيبوا بالاحباط. د. مدحت عبدالسلام هذا الشفاف قدم استقالته قرفاً، د. صليب ود. نجاة هربوا بجلدهم الى استراليا، د. عاصم صغيرون إختفى فجأة فسمعنا انه هرب الى أريزونا – ما هذا ! القسم يتهاوى كقطع الدومينو .... كنت فى هذه الأثناء اشعر بغضب وعدم رغبة فى التدريس، رفضت التدريس فى السمستر الأول وازدادت الضغوط علىّ من رئيس القسم ومن العميد الجديد (لا اسماء!) فتعللت بأننى لا زلت فى وظيفة مساعد تدريس (ارجو ان لا يُفهم اننى ادعى بطولة فانا كنت من الذين يهربون جريا الى بحرى مع زميلى من العلوم مجدى سليمان عند سماع أول أطلاق رصاص فى الجامعة – وكانت كثيرة ونحن طلاب). أقنعنى د. المعتصم بأن اواصل رسالة التدريس بعد أن تم تعيينى رسمياً، وبدأت فترة مشوبة بالمرارة احسست فيها أننى فقدت القدوة والأخ الأكبر الناصح. المضحك والمبكى أن د. المعتصم احيل للصاح العام مرتين!! فما أن سمع الشهيد د. محمود شريف أن د. المعتصم قد أحيل للصالح العام قام باقناعه للأنضمام الى الهيئة القومية للكهرباء مستشاراً وفعلا بدأ د. المعتصم فى العمل وبدأ أن الهيئة القومية ستستفيد اخيرا من هذا العالم الفذ ولكن هيهات!! أبت الدولة الأ أن تلاحق الدكتور مطالبة محمود شريف باقالته فلما رفض بإباء تمت إقالته هو شخصياً وجميع مستشاريه! ونال د. معتصم شرف الاحالة للصالح العام -هذا الوسام الحقيقى الذى يمنح فقط لأبن السودان البار حقيقةً – مرتين. بدأت مع د. المعتصم تجربة العمل الخاص وهذه الفترة عاشها معانا فى البداية طارق أحمد خالد ثم تفرغ للتخصص فى علوم تقانة المعلومات وواصلت مع د. المعتصم فى شركة C-Power وكانت فترة جيدة رغم أنها جاءت فى الزمن الردىء وكافحت الشركة للبقاء ونفذنا بعض المشاريع الجيدة أمنت لنا دخلا محدودا حتى العام 2001 تقريبا حيث سافرت للسعودية فى انتداب قصير ويواصل د. المعتصم النضال المهنى والفكرى الى يومنا هذا. يقول مازحاً اذا قلنا له أنك تشرف بنفسك على عمال التمديدات الكهربائية التابعين لك فى أعمالك! "أنا ارفع مستواهم وأنزل بمستواى!" هل خبئت تلك الومضة المشتعلة خلف النظارات الطبية؟ لا اخال ان السجن أو الظلم أو جور الزمان لهم هذه المقدرة فجزورها نابعة من الوجدان وزيتها ينبع من نقاء السريرة ونكران الذات والاستعداد لبذل التضحيات العظام من أجل الأنسانية. بعض البشر يأخذ ولا يعطى – بعضهم بعيش ليتنفس – أما البعض تقبل عليه الدنيا بزخرفها فيضحى بها ويأبى الا أن يعيش كريما جواداً مصراً على العطاء. |
انتهى الجزء الثالث
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية من وادي عبقر: د. معتصم عبدالله محمود (Re: طارق أحمد خالد)
|
Quote: قد تتوهم ان شخص بهذا التواضع وهذا اللين غير قوى فى مواجهة سلطات الأمن وحكومات العسكر. ولكن صلابته أمام الحق أكاد أجزم اننى لم ولن اشاهد بشر له قوة المراس هذه. كانت النتيجة الطبيعية أن اودع فى السجن من العام 1883 الى ما قبل الانتفاضة بقليل 1985. وقد وضع لنا امتحان مادة القدرة وصححها وهو بالمعتقل. أذكر انه عندما طلب منه وضع الأمتحان رفض الا ان يكون بمكتبه بالجامعة. وفعلا تم نقله بعربة السجن ووقف عليه حارس ببندقية. |
صدقت يا عبد الرحمن.
Quote: حكى لي د. معتصم هذه الواقعة بالتفصيل: طلب منه ضابط السجن أن يضع الإمتحان بناء على طلب الجامعة. أجاب الدكتور أن الإمتحانات لا توضع من داخل الزنازين. أنا عندي مكتب في الجامعة.. أريد أن أراجع المقررات وأعمال السنة. أما أن تخرجوني لأذهب لمكتبي أو أن تحضروا مكتبي للسجن.. أو لا إمتحان !!! بعد التداول.. تقرر أن يتم ترتيب أمر تربيزة وكرسي للدكتور في مكاتب الضباط.. كما تم نقله تحت الحراسة لمكتبه بالكلية ليأخذ ما يريده من مراجع... ما لفت إنتباه د. معتصم وقتها أنه وجد الجامعة خاوية على عروشها ولم يدر السبب .. هل من قبيل المصادفة أم بفعل فاعل. في تلك الأيام كان يستيقظ في الصباح ليذهب لل"مكتب" المزعوم.. وكان زملاؤه يتندرون بالواقعة حيث أسموا د. معتصم ب"عبدالله طه" مأمور السجن وقتها.. |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية من وادي عبقر: د. معتصم عبدالله محمود (Re: طارق أحمد خالد)
|
ثم تتوالى الرسائل
Quote: أخي طارق لا شك أن د. معتصم يعتبر من الأساتذة البارزين الذين لا يمكن أن ينساهم وينسى فضلهم أي طالب درس على يديهم . فبالنسبة لي فهو قد أعطى مادة نظم القدرة التي درسها لنا في السنتين الثالثة والرابعة نكهة خاصة تختلف عن ما نعلمه عن تلك المادة من جفاف . ورغم صعوبة امتحاناته الشهيرة والتي كان يحذرنا منها "السناير" فقد كانت ممتعة وفيها تحدي وأفكار جديدة وممتعة . أرجو أن يعود د. معتصم وكذلك الرائع بروف سمير قبريال إلى الكلية حنى يستفيد الجيل الجديد من علمهما وألا تكون السياسة عائقا بين الطالب وأستاذه ، فالسياسة لها ميادينها وسوحها . د. مؤتمن ميرغني جامعة كرري |
Quote: طارق الأخوه و الأخوات رواد اليوم الحار لكم التحية منتصف نهار الثامن من رمضان و انا مدفوس فى زحمة عربات لاتستطيح حراكا فى شارع الجمهورية و افكر فى طلابى من جامعة افريقيا الذين قد ( اشرهم ) لا استطيع الوصول اليهم فى الزمن المحدد للمحاضرة عندها ضرب لى الأخ طارق يلومنى فى عدم المشاركة فى يوم البروف سمير (متعة الله بالصحة و العافية) و يزكرنى بيوم تكريم استاذى د. معتصم محمود فكان ذلك كافى لتحريك شريط ذكريات من الزمن الجميل التى كدنا ان ننساها فى ظروف و كيمياء السودان . سردت المقدمة السابقة لأوضح للأخوة فى اليوم الحار خارج الوطن بصعوبة المتابعة و المشاركة فى مثل هذه المنتديات الا فى ماندر او كما يقول طارق فى حالات الصفاء و ما زلت احسد الأخت تهانى و هاله و بالطبع طارق بالمقدرة على المشاركة باستمرار على كل: • فى البداية اعتذر بشدة للأخ طارق بأنى و مجموعة كبيرة من طلاب البروف سمير لم نكن نعلم بذلك التكرم الأليكترونى • ثانيا من الصعب الكتابة عن استاذنا د. معتصم محمود فهو رجل امة وذلك لأنك لا تعرف عن ماذا تكتب و ان كتبت ترى ما كتبت لايعبر حقيقة عن ما بداخلك لذلك تتوارى خجلا عن الكتابة عنة و انا الأن اتوارى خجلا عن ما اكتب. • لقد كان استاذى فى البكلاريوس و المشرف لمشروع تخرجنا انا و زميلى عبد الرحمن حجاج (الهيئه القومية للكهرباء) بالمناسبة هل هو على علم بهذا التكريم. • كان مشرفى فى الماجستير ايضا • بعد المجزرة الشهيره للأساتذة و التى كان من ابرز ضحاياها و لم يدخل بعدها الجامعة قط استمر فى الأشراف على رسالة الماجستير حتى النهاية و كان راية ان العلم ليس له علاقة بالتصفيات السياسية • لم اقابل فى حياتى انسان اكثر تواضعا منه حتى الأن كان دائما مبتسما و هاشا و يستقبلك فى اى وقت تذوره فيه بالمناسبة كنت اظن انه اكتسب ادبه الجم و تواضعة من الجمهوريين لذلك بدات ايام الجامعة ان اقراء للجمهوريين لارى ذلك الفكر الذى يجعل الأنسان كمعتصم. • حبب الينا تخصص انظمة القدرة لذلك كنا اكثر عددا من طلاب تخصص التصالات فى ذلك الوقت الأخ طارق كما قلت سابقا لا استطيع ان اكتب عن استاذى د. معتصم ، لذلك سوف انتظر بلهفة ما يكتب عنة الأخرون. د. كمال رمضان كلية الهندسة - جامعة الخرطوم |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية من وادي عبقر: د. معتصم عبدالله محمود (Re: طارق أحمد خالد)
|
د. معتصم (9) حياة جديدة..
شرعت في المراسلة للسفر لتحضير الدكتوراه... ظهرت تباشير القبول.... ثم حدثت ظروف خاصة حولت حلم السفر إلى سراب بعيييييييييييد.. تبددت آخر الأضواء.. وكان الطلاق الأبدي مع الباور.
مرة أخرى...... ألتقينا سوياً عملنا معاً... أسسنا شركة هندسية تضم د. معتصم، د. عبدالرحمن كرار و شخصي... عاد د. معتصم للهندسة... هذه المرة من البوابة المهنية.. نجح د. عبدالرحمن في جرجرته للحلبة مرة أخرى.
حاولنا نحت صخر السوق الأصم.... انكسرت الأظافر وتشققت الايادي.. نجحت الشركة في البداية.. ثم مقصلة الضرائب.. التعب.. الإنهاك.. في هذه الفترة إتخذت قرار التغيير النهائي للمسار المهني... وتفرقت بنا سبل العيش... لكن.... ظل الود وعاشت الصداقة التي تطورت لتشمل الأسر. د. معتصم و د. عبدالرحمن رافقاني وشدا من أذري يوم ذهبت للخطوبة د. معتصم هو أول من يستقبل أخباري... السعيدة منها والحزينة..
لازالت الونسة مع د. معتصم طازجة بطعم الدهشة الأولى.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية من وادي عبقر: د. معتصم عبدالله محمود (Re: طارق أحمد خالد)
|
د. معتصم (10) وحياة متجددة..
د. معتصم متزوج من عطيات سليلة آل البوشي.. العائلة الأشهر بمدني.. َشقيقة عالم الرياضيات المعروف د. عصام عبدالرحمن البوشي أب لمحمود ومحمد وأحمد.. تخرج محمود هذا العام من الهندسة الكهربائية بجامعة الخرطوم على ذات الدرب... كما يدرس محمد الأقتصاد بجامعة الخرطوم. ........................ بعد التجارب... هو اليوم مهندس لا يشق له غبار.. فقدته الجامعة وكسبه سوق المهنة وأسواق أخرى ... ولكن.. أتذكروا ما قلناه سابقا؟؟؟ كيف ينفصل البحر الهادر عن المحيط... ليصب في فنجان!!!!!!!!!!!!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية من وادي عبقر: د. معتصم عبدالله محمود (Re: طارق أحمد خالد)
|
د. معتصم (11) يوم الزيارة: بالطبع لم تكن لزيارته تلكم الرهبة التي لازمتني عند زيارة بروف سمير.. زيارة منزل د. معتصم طبيعية... كما قلت أصبحت صداقة.. هذا المنزل دخلته أنا كما دخلته والدتي وزوجتي... لاغرابة... مع ذلك أن تزوره لتوثق له؟؟... الطعم مختلف... أجتررت مرارات السنين الغابرة... لكن تعلمنا دوما أن الغد أجمل.
الميلاد بمدينة الأبيض التي لم يرها النشأة: شمبات - بحري المرحلة الأولية: مدرسة شمبات الغربية الوسطة: الأميرية 2 الدراسة الثانوية: بحري الثانوية الحكومية (مدرستي التي خرجت كما معتبرا من الأفذاذ) بكالريوس هندسة كهربائية – جامعة الخرطوم (1974) دكتوراة جامعة مانشستر (1981) محاضرا بكلية الهندسة حتى 1992.
طلاب الماجستير حسب الترتيب الزمني: د. عبدالرحمن كرار على محمد عوض (درجة قيادية بالهيئة القومية للكهرباء) طارق احمد خالد د. كمال رمضان (الاستاذ بالكلية) عصمت عدلان (واسع التجربة.. حاد الذكاء...ناري الطباع.. لا ادري اين هو الان... افتقده كثيرا) عاصم سيد (قطع الدراسة وأغترب في الأمارات) أحمد عيسى (صديقي المهندس النشيط.. الشهم الخدوم.. ساعدني كثيرا في انجاز التجارب العملية اثناء الماجستير .... قطع الدراسة وأغترب بسلطنة عمان) ......................................
كنت أتمنى أن أكون ضمن قائمة طلاب الدكتوراه لولا أن.................................
ثم بدأت رحلة الذكريات من 9:30 م وحتى 12:45 بعد منتصف الليل.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية من وادي عبقر: د. معتصم عبدالله محمود (Re: طارق أحمد خالد)
|
د. معتصم (12) الذكريات: شمبات
تحدث عن أهله بشمبات وعن أنهم في الأصل مزارعين.. وهب ميزة جعلت شمبات رغم تقدم أهلها في العلم متميزة بطابع القرية من حيث البساطة والصلات الإجتماعية المترابطة ..... كما تحدث عن واقعة تاريخية ذات دلالة: أول من دخل مدرسة نظامية في شمبات.. إثنان هما: عبدالرحمن العاقب وعبدالله محمود. أنجب الأول: "بروفيسور أحمد عبدالرحمن العاقب" وأنجب الثاني: "دكتور معتصم عبدالله محمود" علما بأن الإثنان أبناء عمومة...
كما تحدث عن التحول الكبير من حيث ظهور عدد كبير من الشخصيات العلمية الفذة على مستوى الأسر... على سبيل المثال: أولاد العاقب: بروف احمد عبدالرحمن العاقب (هندسة ميكانيكية) ابناء عمومته: بروف عبدالرحمن أحمد العاقب (هندسة مدنية) و بروف الطاهر أحمد العاقب (رياضيات) و بروف الطاهر فضل (طب)
أولاد كرار مضوى: الدكاترة: المرحوم د. عبدالجليل كرار (فيزياء) ___ أحيل للصالح العام في ذات القائمة الشهيرة د. عبدالقادر كرار (رياضيات) د. عبدالباقي كرار (الطبيب المشهور)
أولاد الطيب: د. كمال الطيب (عميد كلية الصيدلة) د. يحي الطيب (كلية طب الأسنان)
كما ذكر من النساء الرائدات: د. محاسن عبدالقادر حاج الصافي ونايلة بابكر حجازي و نفيسة عبدالرحمن (زوجة صادق عبدالله عبدالماجد) كما ذكر الكثير من الأسماء ... يضيق المقام بذكرها....
هذا المناخ ولد لدى د. معتصم الاحساس والدافع نحو التوجه الاكاديمي والتفوق فيه.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية من وادي عبقر: د. معتصم عبدالله محمود (Re: طارق أحمد خالد)
|
د. معتصم (13) الذكريات: الثانوى والجامعة
من زملاء الثانوى: د. أحمد عبدالهادي و د. عبدالرحمن حسبو وسليمان محمد سليمان (مجلس قيادة الانقاذ) و عبدالله سعد. من دفعة الجامعة: د.نجاة بنيامين، منى ابوالفتوح، سعاد قرشي، د. إدريس أحمد علي (رئيس قسم الهندسة الكهربائية الحالي)... ابراهيم جبريل (شقيق طلحة جبريل الصحفي المشهور). د. يس محيسي (اول الشهادة السودانية) و د. عبدالعال عبدالله (هندسة كيميائية) من دفعة الرياضيات: احمد المصطفى دالي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية من وادي عبقر: د. معتصم عبدالله محمود (Re: طارق أحمد خالد)
|
د. معتصم (14) الذكريات: مانشستر
قضى عامي 75 و76 كمساعد تدريس بمعمل الباور (إياه) إلتحق بجامعة مانشستر للماجستير والدكتوراة كان بمانشستر عدد كبير من طلبة الدراسات العليا في تلك الفترة: د. بشير عمر (وزير المالية الأسبق) د. عصام صديق (صاحب البكور).. سكن مع د. معتصم في شقة واحدة د. عبدالله خوجلي (عميد الهندسة الحالي) د. نجاة بنيامين د. ابو النور/ صالحين/ عبدالله محمد الحسن من اقتصاد د. مكي الشبلي (المصرف العربي) المهندس الشيخ عبدالقادر (المهندس بسوداتل) المهندس محمد الحسن علوب (الهيئة القومية للكهرباء)
كان د. معتصم رئيس رابطة الطلبة السودانيين بالجامعة وكان عصام صديق سكرتير الرابطة.
صور قديمة من البوم الذكريات
يظهر في الصورة في أقصى اليسار (بجانب د. معتصم) د. بشير عمر وزير المالية الأسبق
.. ذكر من الفنيين بإعزاز كل من عبدالوهاب، جميل القرشي، دريج، محمد سليمان
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية من وادي عبقر: د. معتصم عبدالله محمود (Re: طارق أحمد خالد)
|
د. معتصم (17 )
أجابة على السؤال المهم: لو إستقبلت من أمرك ما استدبرت هل ستسير في ذات الطريق؟ هل ستختار البقاء بالسودان؟؟ أجلب بطمأنينه... نعم.. ما حدث لي أضاف لي أبعاد جديدة.. كنت أكاديميا في برج عاجي.. أنا الآن إنسان فتحت له أبواب جديدة من المعرفة أتعامل مع المهندس الإستشاري والعامل البسيط.. أصادق قرنق و محمد أحمد.. رغم ما حدث لازلت هلى قناعة بأن القادم أفضل.
>>>>> مضى عام على هذا اللقاء وجرى من تحت الجسر ماجرى.. هل يا ترى لا زلت تحتفظ بذات التفاؤل؟؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية من وادي عبقر: د. معتصم عبدالله محمود (Re: طارق أحمد خالد)
|
الاخ طارق سردت فأحسنتَ .. ووصفت فأجدت .. ووافيت لاهل الوفاء
الدكتور معتصم وان لم نحتك به .. وان خذلنا حظنا في الحياة معه ولو لوقفات ..
فاني منذ الان اعرفه تمام المعرفة .. كشخص مكمل .. وليس كامل فالكمال لله ..
احيي هذا الصرح الشامخ وهذه القمة من قمم الوطن
فله التحية .. ولك خالص الشكر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية من وادي عبقر: د. معتصم عبدالله محمود (Re: الخطاب مساعد الماحي)
|
مشاركة من الأخ طارق حاج التوم ، من أستراليا:
Quote: علاء تحيةً من عند الله مباركةً طيبة و رمضان كريم حاولت الإتصال بك لكن هل غيرت رقمك؟ أرجو ان تنقل عني هذه المداخلة في البوست المرفوع عن د. معتصم نفعنا الله بعلمه
الاعزاء طارق احمد خالد, عبد الرحمن كرار, كمال رمضان, مؤتمن ميرغني وبقية العقد الفريد احييكم واحي عبركم اساتذتنا برفسير سمير ود. معتصم الذين علمانا مع علوم الهندسة كيف أن العالم الحق يشمخ زهداً وكيف يكون العلم وسيلة للتعبد فقد كان بروفسير سمير شماساً لا في كنيسته فحسب بل في الفصل أيضاً طوبى له بما غرس فينا من غرس وما افادنا من درس. أما عن أستاذي معتصم فقد سعيه هو نحو المعرفة بمطلقها باعثاً شخصياً لي للتأمل والتدبرفي كثيرٍ من الأمورالتي يسلّم الناس بها دون تفكيرٍ بل ويعتبرونها من الثوابت. وقد بدأت معرفتي الحقيقية بالأستاذ الشهيد المهندس محمود محمد طه بعد جلوسي في الفصل طالباً بين يديه وقد كان هذا بعد استشهاد الأستاذ فتعلمت منه المصالحة بين العلم والدين وبين القول والعمل. ثمَّ جاء علينا زمن أصبح فيه القابض على فكره كالقابض على الجمر.زمن يضيق شذَّاذ أفاقه بالآخرين قتلاً وتعذيباً وتشريداً حتى أنّهم نسوا أو تناسوا كيف دخلت النارَ امرأةٌ في هِرة. عزاؤنا أن ما أسموه الصالح العام ما كان ألا تاجاً وضعه واضعوه بجهلهم على رؤوس الكثيرين ممن اعترف شعب السودان بفضلهم وحفظ لهم مكانتهم فتحيةً لكم أساتذتي. طارق حاج التوم ... سدني استراليا
|
-------------------------------------------------------------------------------- Get more done like never before with Yahoo!7 Mail. Learn more.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية من وادي عبقر: د. معتصم عبدالله محمود (Re: علاء الدين محمد بابكر)
|
عزيزي طارق،
تحيتي ووافر معزتي وتقديري، تكريمكم لأخي وصديقي د.معتصم يدل على نبلكم وسموكم بقيمة الوفاء. وهي قيمة تكاد تندثر في أزمنة وأمكنة السودان الراهن. فبدلاً من أن تتملقوا من بيده سلطة، وهذا أكثر شيوعاً اليوم، أنتم تكرمون من تعفف منها، بل وقاومها بعزم من حديد. وهذا، لعمري، لهو الوفاء عينه!
شهادتي في أخي مجروحة، ولكنها واجبة.
أول يوم ألتقي فيه د.معتصم، فيما أذكر، كان في جلسة صباحية باكرة في منزل الأستاذ محمود محمد طه. كان يومها قادماً من المطار مباشرة بعد أن حصل على الدكتوارة في جامعة مانشتر. وكان ذلك أول لقاء له مع الأستاذ أيضاً (حسب علمي). كنت وقتها طالباً بالصف الأول بكلية الاقتصاد، جامعة الخرطوم (يعنى قدامكم بسنتين). أذكر سمته المتواضع في ذلك اليوم، رغم وسامته وبدلته الزرقاء الأنيقة، ولقبه العلمي الرفيع، ومكانته كأستاذ بالجامعة. كل ذلك، كان في كفة وتتلمذه على يد الأستاذ محمود في كفة أخرى.
وقد كان اختياره أن يزور الأستاذ، في منزل الجالوص المتواضع، في الثورة، الحارة الأولى، قبل أن يصل إلى بيته، دلالة على أنه اختار التواضع كسمة تجلل العلماء. وعن هذه القيمة السامية، قيمة التواضع، قال الأستاذ محمود
Quote: التواضع هو أصل الخلق الرصين الذي يقود إليه العلم الصحيح |
وكأنه أراد أن يقول أن أي علم لا يسوق صاحبه إلى التواضع ويسمه به فهو إدعاء للعلم وليس علماً صحيحاً. فالعالم الحقيقي هو من يدرك أن أي معلومة يعرفها، أو حقيقة من حقائق الكون تتبدى له، إنما هي دليل على جهله بها قبل أن يدركها. وبهذا يكون إدراكه لكونه كا "جاهلا" بها أكبر من إدعائه بعلمه بها. وهكذا تتفتح له الأبواب التي يغلقها الإستعلاء على أدعياء العلم، فيزداد علماً على علم، وتواضعا على تواضع. ذلك ما نجهله، سيظل، سرمداً، أكبر وأعظم بكثير مما نعلمه.
د.معتصم من أحب أصدقائي إلى أيضاً لأنه متمرد. مثله، أجد نفسي في الثورة على المألوف واستكشاق الجديد. حتى وسط إخوتنا الجمهوريين تجدنا نحاول زلزلة الركون للأمر الواقع. وتتوافق رؤانا إلى حد كبير في ما نراه متطلبات للمرحلة الحاضرة على المستويين الفردي والمجتمعي. وربما يجمعنا أيضاً أن كثيرين يستغربون فينا صفة "التمرد" هذه، إذ لا تبدو لهم في الوهلة الأولى. وقد ذكرت أنت أن معتصم، حتى في مجال التدريس، لا يركن للمألوف، وإن بدى هادئاً أليفاً، مؤآلفاً ومألوفاً. وأزعم أنني مثله في هذه الناحية.
أنوي زيارة الخرطوم بعد نهاية هذا الفصل الدراسي، الذي سيتنهي في بدايات ديسمبر. أرجو أن ألتقيك عنده في شمبات أثناء زيارتي. جمعنا معتصم في رحاب "الفنون الفنون" دون أن يدري أنه فعل. فهو لم يكن موجود حساً. وهكذا تفعل القيم النبيلة حين تتجسد في اللحم والدم. فهي تسير في اتجاهات وفضاءات تغرس غرسها وتعلى أصلها وفرعها، لا يحدها نموها وتكاثراها زمان ولا مكان.
اللحظات التي التقينا فيها في "حوش بكري،" "بيت الفنون" حالياً، ارتسمت في خلدي بصورة عجيبة. فقد كنت تتحدث عن د.معتصم كالمسحور. وكان حديثك يملؤني إيماناً بالله وبمعتصم وبرسوخ قدمه في الفكرة الجمهورية، وبعظمة الأستاذ محمود محمد طه، التي تذوقتها طيلة ثمانية سنوات (منذ 77 حتى1985) في الحس، ثم ظللت أتذوقها في المعنى، مستحضراً الحس، منذ استشهاده النبيل. ود.معتصم ممن يشعرونك أن الأستاذ محمود محمد طه موجود في كل شهقة وزفرة من شهقات وزفرات تلاميذه. ولذلك فإنني لا أفوت أي فرصة للقائه والتمتع بمعيته حين أكون في الخرطوم.
ألم أقل لك أن شهادتي فيه مجروحة؟ فأ نا أيضاً به مسحور، وله محب.
طوبى لك، يا طارق، بمحبة من تحب!
وإلى لقاء في حضريتكما، بإذن الله!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية من وادي عبقر: د. معتصم عبدالله محمود (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
عزيزي د. خيدر
لك التحية والتجلة
صحيح أن شهادتك مجروحة إلا أنها صحيحة ونحن في حاجة لها فلا يصح إلا الصحيح فجيعتنا في معتصم وإخوانه نراها يوميا في المستوى المتدني للطلاب والخريجين وفقدانهم للبوصلة العلمية والعملية بل والأخلاقية. معتصم لك يكن أستاذ فقط كان بالنسبة لنا معلما وقدوة وأخاً أكبر نستشيره في الصغيرة والكبيرة. منذ ذلك العهد وحتى الان عندما يحدث لي حادثا سعيدا كان أو تعيسا أول ما يقفز في ذهني هو مهاتفة د. معتصم وإبلاغة بالخبر. حزني أن مكانهم شاغر في بيئة أصبح علماؤها أنصاف متعلمين.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية من وادي عبقر: د. معتصم عبدالله محمود (Re: طارق أحمد خالد)
|
العزيز طارق.
دكتور معتصم من طينة الأنبياء
عرفته جيدا فهو عالم لايشق له غبار وذو راي ثاقب عند المشورة.
رفض تسليم الأمتحانات عند المقاطعة في جامعة الجزيرة وكان مشفقا على الطلاب الذين دخلوا الأختبارات في تلك الظروف.
له مني التحية والأحترام اينما حل.
ولك أنت يا طارق الشكر والعرفان على ما سطرته من تنوير وتوثيق في حق هذا المعتصم.
كثير من الود
ابوعبيدة /جده
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية من وادي عبقر: د. معتصم عبدالله محمود (Re: Abuobeida Ali Abdullah)
|
هكذا دائما د. معتصم صلب.. لا يخشى في الحق لومة لائم. تقدم د. معتصم لمفوضية الإنتخابات بطعن في أهلية المرشح عمر البشير لرئاسة الجمهورية
Quote: بسم الله الرحمن الرحيم
31/1/2010 السيد رئيس المفوضية القومية للإنتخابات تحية طيبة مباركة
طعن في ترشيح المواطن المشير معاش عمر حسن أحمد البشير لمنصب رئيس الجمهورية أنا المواطن السوداني د. معتصم عبدالله محمود، المسجل في كشوفات الناخبين بشمبات الغربية، أرفع إلى سيادتكم هذا الطعن في أهلية المواطن المذكور أعلاه للترشيح لمنصب رئيس الجمهورية في الإنتخابات التي قرر لها الإنعقاد في أبريل 2010 وذلك إستناداً على الآتي:
(1) المشير م. عمر حسن أحمد البشير كان رئيساً للمجلس العسكري لإنقلاب يونيو 1989. وقد قام بتضليل وخداع الشعب السوداني بأن الإنقلاب قد قامت به القوات المسلحة ولا يتبع لتنظيم الجبهة القومية الإسلامية آنذاك. ولكنه عاد واعترف بعد الإنشقاق الذي حدث في حزب المؤتمر الوطني في العام 1999 بأنه كان منظماً، وكان تابعاً للدكتور حسن الترابى. وقد قال في لقاء بينه وبين المشاركين في الملتقى الثاني للإعلاميين السودانيين العاملين بالخارج في الخرطوم، رداً على سؤال عن دور الترابي في جمع الحكومة بحركة العدل والمساواة وحل مشكلة دارفور: "الترابي نحن أكثر ناس بنعرفو.. كنا حيرانو يمين يمين شمال شمال، وكنا بنحترمو، وكنا منضبطين في تنفيذ التعليمات". وهذا الإعتراف الصريح هو إثبات لكذبه. وبما أن الكذب من فساد الأخلاق، فإن ذلك يسقط حقه في الترشيح لمنصب رئاسة الجمهورية.
(2) المشير م. عمر حسن أحمد البشير سجل إعترافا شفهيا في لقائه مع الإعلاميين السودانيين العاملين في الخارج بتاريخ 13/5/2009 بوجود المعتقلات السرية التي تسمى بيوت الأشباح، كما وعد بانتهاء عهدها. وقد تم توثيق هذا الإعتراف بواسطة الصحفي فتح الرحمن شبارقة في صحيفة الرأي العام 14/5/2009 ،والصحفي طلحة جبريل في الشرق الأوسط 13/8/2009 ،والأستاذ فتحي الضو في صحيفة الأحداث 28/5/2009 . هذا التصريح الخطير سوف يحمل المشير م. عمر البشير المسؤولية القانونية عن الممارسات الغير إنسانية التي جرت في هذه المعتقلات السرية، وتم سكوته عنها. وللتدليل على ذلك يمكن الرجوع إلى خطاب الدكتور فاروق محمد إبراهيم الأستاذ بجامعة الخرطوم بتاريخ 13/11/2000 إلى الرئيس عمر البشير، عن تعذيبه وآخرين في تلك المعتقلات. ولأن المرشح المشير م. عمر البشير لم يرد الظلم عن أولئك المواطنين الذين تضررروا من التعذيب في المعتقلات السرية المسماة ببيوت الأشباح، والتي كانت تدار بواسطة جهاز الأمن الذي كان يتبع لسلطته العليا، فهو قد عجز عن نصرة المظلومين وسكت عن إحقاق الحق مما يجعله غير مؤهل للترشيح لمنصب رئيس الجمهورية.
(3) المشير م. عمر حسن أحمد البشير، بصفته رئيساً لحكومة الإنقاذ الوطني، مسؤول عما حدث من فصل تعسفي وتشريد للعاملين بالدولة بدون الرجوع لمجالس المحاسبة وديوان العاملين بالدولة. ويمكن التدليل على مشاركته المباشرة في هذا الفعل المنتهك لحقوق الإنسان بذكر فصل العالمين الوطنيين المخلصين: بروفسور سمير إبراهيم غبريال والبروفسور محمد الأمين التوم، واللذين كانا يعملان بجامعة الخرطوم حتى عام 1992 . وقد تم توثيق إعترافه بأن الإجراءات المطلوبة للفصل العام قد تم تجاوزها في حالات سابقة في صحيفة الصحافة بتاريخ 21/5/2000 . المرشح المشير م. عمر البشير قد أمر بفصل المذكورين أعلاه وآخرين مثلهما بصورة تدل على عدم الحياد والإستغلال للسلطة للتخلص من المعارضين. ولذلك فإنه غير مؤهل للترشيح لمنصب رئيس الجمهورية.
(4) المشير م. عمر حسن أحمد البشير كان رئيساً لمجلس قيادة ثورة الإنقاذ عندما تم إعدام ثماني وعشرين ضابطا من القوات المسلحة، بتهمة الإنقلاب على نظام إنقلابى، ولم توفر لهم المحاكمات العادلة، إذ لم تستغرق المحاكمات غير ساعات من يوم واحد. وكذلك لم يتم الوفاء بالعهود التي قطعت لهم بواسطة المتفاوضين. ويمكن أن نذكر هنا التفاوض الذي جري مع الشهيد الضابط حسين الكدرو، والذين تفاوضوا معه أحياء يرزقون. المرشح المشير م.عمر البشير هو المسؤول الأول عن نقض تلك العهود، وعن إجراء تلك المحاكمات المتهورة. ولذلك فإنه غير مؤهل للترشيح لمنصب رئيس الجمهورية.
(5) المشير م. عمر حسن أحمد البشير كان رئيساً لمجلس قيادة ثورة الإنقاذ عندما تم إعدام مواطنين سودانيين، لامتلاكهم أو متاجرتهم في العملة الصعبة. وبعد ذلك تراجعت حكومة الإنقاذ عن إجراءاتها التعسفية، وسمحت بالتعامل العلني في العملة الصعبة. وراح نتيجة هذا الفعل الأخرق أبرياء ما زالت أرواحهم تنادي بالمحاسبة والقصاص. وتحديداً يمكن الرجوع إلى واقعة إعدام المواطن المرحوم مجدي محجوب محمد أحمد، الذي أدين لوجود عملة صعبة في خزانة المرحوم والده بمنزل الأسرة. المرشح المشير م. عمر البشير هو المسؤول الأول عن استغلال السلطة والتطرف في العقوبة التي وصلت إلى حد سلب مواطنين أرواحهم بما لايتناسب مع أفعالهم، مما يعد إجراء مفرطا في القسوة وبعيدا عن الحكمة ومجافيا للأخلاق. ولذلك فإنه غير مؤهل للترشيح لمنصب رئيس الجمهورية.
(6) المشير م. عمر حسن أحمد البشير نسبت إليه إتهامات بالضلوع في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وقعت في إقليم دارفور بواسطة المحكمة الجنائية الدولية في 4 مارس 2009 ، وأصدرت في حقه مذكرة دولية لإعتقاله. ومنذ ذلك التاريخ أصبحت مشاركاته بصفته الممثل الأول للسودان في المحافل الدولية محسوبة العواقب. وقد جاء في صحيفة أجراس الحرية بتاريخ 30/9/2009 أن مستشاره الدكتور غازي صلاح الدين أقر " بأن مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة قوضت خطط الرئيس للسفر وأرغمته على دراسة مسار أي رحلة ينوي القيام بها إلى خارج البلاد". المرشح المشير م. عمر البشير تراجع عن زيارة أربع دول هي جنوب أفريقيا وفنزويلا وبوغندا والولايات المتحدة ولم يحضر إجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الأخيرة في نيويورك. ولذلك فإنه مقيد الحركة، وسيظل كذلك لأن أمر إعتقاله حسب قوانين المحكمة الجنائية الدولية لايسقط بالتقادم وهو الآن في نظر المحكمة يعتبر هاربا من العدالة. ولأن هذا المرشح يمر بهذه الحالة الحرجة، التي سوف تتضرر منها سمعة البلاد ومصالحها، فإنه لذلك يصير غير مؤهل للترشيح لمنصب رئيس الجمهورية.
وبناء على ما تقدم ذكره من إعتراضات على ترشيح المشير م. عمر حسن أحمد البشير لمنصب رئيس الجمهورية في الإنتخابات المقبلة في أبريل 2010، فإني أطلب من لجنتكم الموقرة سحب ترشيحه من الكشف النهائي للمرشحين لهذا المنصب.
د. معتصم عبدالله محمود
أستاذ |
جامعي بالمعاش ، جامعة الخرطوم
| |
|
|
|
|
|
|
|