دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
مقالات لـ : الطيب صالح – خالد المبارك – محمد إبراهيم الشوش حول دارفــور
|
أحد الأصدقاء في حاجــة ملحة لأية مقالات (في صحف، مجلات، دوريات، أو نت) لكل أو أحد الكـتـَّـاب (الطيب صالح، خالد المبارك، محمد إبراهيم الشوش) تـناولت الأوضاع في دارفور.
من خلال متابعته لم يتمكم الصديق من رصد أي مقال في هذا الشأن لأيٍ من الكـتَّـاب الثلاثة ويرجو المساعدة.
الرجاء الإشارة إلى أي مقال في هذا الصدد أو إنزال المقال أو الرابط.
مع أسمى آيات الشكر لمساعدتكم.
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مقالات لـ : الطيب صالح – خالد المبارك – محمد إبراهيم الشوش حول دارفــور (Re: إسماعيل التاج)
|
دارفور بين خواجات .. وخواجات
د. خالد المبارك
تدل بعض التعليقات الغاضبة في الصحف السودانية على ان بعضنا يضع كل الخواجات في سلة واحدة، هذا غير صحيح تاريخياً فقد عارض كثير من الانجليز سياسة بريطانيا حيال الثورة المهدية «على سبيل المثال» وفي المستعمرات كما اوضحت في مقالاتي المعنونة «الاسد البريطاني والحمائم البريطانية».
وهو غير دقيق فيما يتعلق بمأساة دارفور، هناك «خواجات الحرب الاهلية» الذين تحركهم المصالح الذاتية ومصالح اخرى معلومة «دينية» ومصالح مجهولة لا نستطيع ان نبرهنها في ساحة محكمة، هؤلاء لا يمثلون بالضرورة سياسة الدولة العظمى والدليل على ذلك انهم فشلوا حتى الآن في اجهاض مفاوضات السلام بين الحكومة والحركة كما فشلوا امس الاول في الدعوة لغزو السودان أو توقيع عقوبات عليه.
ثمة فرق بين هؤلاء الخواجات والمنظمات الكبرى العاملة في مجال الاغاثة وحقوق الانسان .. رفض مندوب «اطباء بلا حدود» ادانة الحكومة السودانية وقال ان مهمته تنحصر في انقاذ الارواح، كما قال ادريان ماكنتاير ممثل اوكسفام في شمال دارفور ان ما تحتاج اليه المنطقة ينحصر في ثلاثة اشياء عاجلة : المال والمعدات والمتطوعون، لم يطالب عبر الـ «بي بي سي» بهجوم أو احتلال.
من السذاجة ان نفترض ان خواجات الحرب الاهلية لا يحاولون اختراق منظمات حقوق الانسان الكبرى أو منظمات الاغاثة الكبرى، لكنهم ــ حتى اذا نجحوا ــ لا ينجحون إلا في المستويات الدنيا، لان القائمين بأمر هذه المنظمات ليسوا مغفلين، انهم يعلمون كيف يسير العالم ولهم خبرة في العمل النشط فيه ولهم في التراث الديمقراطي والمؤسسات الديمقراطية سند ومعين يوفر لهم الحد المطلوب من العمل بعيداً عن السيطرة المباشرة أو غير المباشرة للحكومة أو «الاصابع الخفية».
فلنغضب اذا غضبنا، وليكن غضبنا مستنيراً، فالخواجات انواع، تماماً كما ان السودانيين انواع واليهود انواع.
جريدة الراي العام السودانية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقالات لـ : الطيب صالح – خالد المبارك – محمد إبراهيم الشوش حول دارفــور (Re: أحمد أمين)
|
ندوة التدخل الاجنبي في دارفور (2) د. خالد المبارك
Email: [email protected]
استمعت ايضا في ندوة المآلات السياسية والامنية للتدخل الاجنبي في البلاد التي نظمها اتحاد طلاب ولاية الخرطوم «الاثنين 7/2 - قاعة الشارقة» الى الصحافي المناطح محمد طه محمد احمد وهو يصف سياسة امريكا في الشرق الاوسط بالغباء اذ ازاحت من الحكم نظاما علمانيا في العراق واستبدلته بنظام على رأسه الجماعات الدينية الشيعية!
اتيحت لي الفرصة فعبرت عن اتفاقي مع ما قيل من ان الاهتمام بدارفور ناشئ عن الاهتمام بالنفط لكنني ذكرت ان تقرير لجنة مولانا دفع الله الحاج يوسف ولجنة الامم المتحدة اتفقا على حدوث انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان شاركت فيها كل الاطراف.
قلت ايضا ان التدخل الاجنبي ليس ظاهرة جديدة لاننا نعيش في عصر وصف «ببعض المغالاة» بأنه «ما بعد السيادة الوطنية» وقد رضخنا لذلك منذ سنوات اقتصاديا فالمعالم الاساسية لاقتصادنا ترسم بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي وهذا ليس بالضرورة عيباً لان الدول الاكبر منا تحاول التعايش مع ظروف الدساتير «فوق الوطنية» ومثال ذلك الجدل السياسي في بريطانيا لان قوانين الاتحاد الاوربي صارت مظلة اكبر يستأنف بعض البريطانيين الاحكام اليها.
تحدثت بعد ذلك عن المنظمات الدولية غير الحكومية وقلت اننا ينبغي ان نذكر المزالق والحسنات فمنظمة مثل اطباء بلا حدود قد بذلت الكثير دون تدخل في سياساتنا اما منظمة العفو الدولية فان تقاريرها ادانت استخدام بعبع «الارهاب» للحد من الحريات الديمقراطية وانتقدت ما حدث في ابي غريب وجوانتانامو. ورغم ان رئاستها في لندن فانها قد انتقدت اللوائح الجديدة التي تبيح الاعتقال التحفظي دون تهمة او محاكمة.
وقلت ان التمويل الخارجي لمنظمات المجتمع المدني به محاذير تتصل بالاجندة المصاحبة احيانا لكننا لا ينبغي ان ننكر ان بعض القضايا التي لا توجد عزيمة اجتماعية محلية لمعالجتها تحتاج لدفعة من الخارج مثل حقوق المرأة وحماية البيئة والتسامح الديني والرأفة بالحيوان.
تحدثت ايضا عن نيفاشا وقلت ان موازنات السياسة العملية ضرورية للغاية وان اتفاق السلام نصر تاريخي لان الدوائر الاكثر غلواً وتطرفاً في الغرب كانت تريد للحرب الاهلية ان تستمر وكانت على استعداد لمواصلة تمويل وتسليح الحركة الشعبية لكن صوت المصالح والدبلوماسيين المحترفين رجح كفة السعي للسلام لذلك ارغمت الحركة على السلام.
اما التدخل العسكري الاجنبي فقد قلت عنه ان الايقاد واجهة مريحة للاطراف كافة وان القوات الافريقية واجهة مريحة للجميع. واستبعدت دخول قوات امريكية او اوربية في دارفور. وقلت ان المحافظين الجدد واجهوا مقاومة داخل المؤسسة الحاكمة وفي الخارج وان مخططاتهم الاساسية قد تتبدل او تعدل.
ثم قلت ان مناداة مسلحي دارفور بالتدخل الاجنبي وتهربهم من الحل السياسي والتفاوض موقف محزن وعارٌ ويدل على ما لا حظه كثير من المراقبين من قلة خبرتهم السياسية. فبطاقتهم الاقوى هي استمرار معاناة اهلهم النازحين، وبئس المناورة! اثنيت في الختام على تراجع الحكومة بعد انقسام الاسلاميين عن سياسات المؤتمر الشعبي العربي الاسلامي والتطرف في تطبيق القوانين.
استمعنا من الصالة لآراء كثيرة غاضبة ومتعاطفة مع حركتي التمرد ويحمد لادارة الندوة انها اتاحت فرصة كاملة للتعبير نتمنى ان تتكرر لان هذا الموضوع يحتاج لجهد اكثر وفكر اكثر.
«انتهى»
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقالات لـ : الطيب صالح – خالد المبارك – محمد إبراهيم الشوش حول دارفــور (Re: أحمد أمين)
|
تعقيب على المقالة التى كتبها الدكتور محمد ابراهيم الشوش فى عموده بجريدة الرأى العام الصادرة بتأريخ 25/4/4002,تحت عنوان (حين تمطر السماء لبنا وعسلا)متناوللا فيها قضية دارفور وتطوراتها الاخيرة. ولكن قبل أن القى الضوء على كلمات دكتور الشوش , وددت أن أشير الى بعض الاشياء تمهيدا لما يجرى من أقوال وتصريحات رجال الانقاذ حول نفس القضابا ذات الصلة بقضية دارفور. لقد قرأت مقالا كتب عن وزير الشؤون البرلمانية للانقاذ عبد الباسط سبدرات واصفا فيه لاجئى دارفور فى دولة تشاد والمشاهد الاخرى بأنه صور من رواندا أو غيرها من الدول الافريقية المجاورة, واليوم استمعت للقاء عبر الهاتف أجرته هيئة الازاعة الكندية الCBC مع سفير السودان المقيم بكندا- أوتاوا,عبد الغنى عوض الكريم , معهم على الهاتف فى نفس الوقت موظفين من المنظمات التابعة للامم المتحدة احداههم فى نيويورك والآخر فى أمستردام وكان موضوع اللقاء الهاتفى تفجر الازمة الانسانية فى دارفور بالاضافة الى أوضاع اللاجئيين الذين فروا الى دولة تشاد المجاورة من جراء القتال الدائر بين القوات الحكومية والجماعات المتمردة من جهة والهجمات التى تشنها قوات الحكومة مع مليشياتها (الجنجويد) ضد المواطنيين الابرياء العزل من جهة أخرى والتى عادة تحدث بعد غارات جوية من سلاح الجو السودانى.وذلك وفقا لشهادات الاهالى الذين فروا من جراء هذا العمل الاجرامى المتعمد. وكالمعتاد نفى سفير الانقاذ كل الذى ورد من تقارير لدرجة أشبه بتصريحات محمد سعيد الصحاف وزير الاعلام العراقى سابقا عندما كانت الدبابات الامريكية تجوب شوارع بغداد وهو ينفى تلك الوقائع والاحداث وبالمثل كذب سفير الانقاذ كل الذى ورد من سرد للوقائع فى مسألة دارفور, بل و اعتبر أن كل هذه الاحداث عبارة عن سناريو ومبالغة باعتبارها (أسلحة دمار شامل) كمبرر للتدخل فى شؤون السودان, بل وخرج هذا السفير من الموضوع المطروح وبدأ يتحدث عن مصنع الشفاء وغيره من المواضيع التى لاتمت بصلة عن الموضوع الدائر للنقاش حتى قاطعته مقدمة البرنامج موضحة له أن موضوع مصنع الشفاء تناولته كل وكالات الانباء آن ذاك باسهاب , ولكن الموضوع المطروح الآن لماذا لم تسمح حكومة السودان للمنظمات الانسانية والجهات المختصة بتفقد أحوال المواطنين فى دارفور لتحديد حجم الكارثة؟تهرب سفير الانقاذ من الاجابة وبدأ فى المراوغة حتى نفد صبر مقدمة البرنامج وطرحت سؤالها الاخير وهو لماذا يوجد لاجئيين سودانيين الآن فى تشاد؟وكان رد السفير على أن السودان بلد مفتوح وحدوده واسعة يدخله الناس ويخرجوا منه وقتما يشاؤون.هذا هو خلاصة اللقاء مع سفير الانقاذ ... ياللحسرة وسخرية الزمن... لقد أضحى كذب الانقاذ ظاهرة دولية.
نحن لا نستغرب عندما نسمع أحد رجال الانقاذ مكذبا حقيقة أم واقعة ,تزييف أو تحريف فى حيثيات قضية. ولكن عندما ينكر رجل أديب ومعلم الاجيال الدكتور محمد ابراهيم الشوش حقائق ووقائع تناقلتها وكالات الانباء العالمية فهذه فى حد ذاته الكارثة الكبرى وضربة قاضية تصييب ميئات الالاف من الاوساط السودانية المتعلمة بخيبة أمل واحباط بلا حدود.لأن رواد الفكر والادب هم الذين يعدون القادة ويصنعون حكام الغد,اذن فمن أين لنا أن نأخذ الشعلة لنضيىء بها مستقيل البلاد؟ لقد استنكر دكتور الشوش اهتمام الاسرة الدولية عنما جرى ويجرى الآن فى دارفور فى كلماته أدناه.
"مطار الفاشر يستقيل قوافل الطائرات العربية , الاسيوية , الاوروبية والامريكية تحمل أطنانا من الاغذية بعضها جاهز معلب على الطريقة الامريكية والعالم يكتشف لأول مرة أن هناك نقصا فى المواد وفجوة غذائية يلزم أن تردم فورا والا حاقت بالعالم كارثة. واذا بأخبار دارفور تتصدر النشرات الاخبارية فى الازاعات والفضائيات والاتحاد الاوربى ينتفض ويكشر عن أنيابه ويهددبالويل والثبور بعد أن أتهم بالتخفى فى حرب العراق وفاتته الغنائم والامم المتحدة تتحرك وهى التى ما حركتها مزابح فلسطين والعراق ومجلس الامن بجلالة قدره يصدر بيانا شديد الهجة يعبر فيه عن قلقه أزاء الزمة النسانية ترقية لها على كل أزمات العالم , وكوفى أنان الأمين العام المسالم لم يخف قلقه بارسال وفد لتقصى الحقائق ومنسق الامم المتحدة للاغاثة يعلن دون انتظار لنتائج تلك المبادرة من رئيسه وبالفم الملان ان هناك تطهيرا عرقيا للقبائل من أصل زنجى أفريقى.ويمضى دكتور الشوش قائلا -"ولم يعهد فى مثل المؤسسة الدولية ارسال الاتهامات جزافا ولم يتخلف الصليب الاحمر وفى معيته الهلال الاحمر وكل هيئات الاقاثة فى سياق لامثيل له لانقاذ أبناء دارفور من الفقر والغارات والتطهير العرقى وهكذا وفى لمح البصر أبدل الله حال تلك البقعة من البؤس والشقاء الى نعيم وهناء ومن خمول الذكر الى الشهرة العالمية وسبحان الله مغير الاحوال.
و أنا أسأل دكتور الشوش أليست هناك كارثة؟ وماذا تتوقع أن يحدث بعد الموت,الدمار, الحرق,السلب والنهب والاغتصاب ؟ الصمت...ومن الذى كسب شهرة عالمية من كل هذا؟ الكل يدرى أن ( الجنجويد) فرسان الانقاذ فى دارفور هم الذين اكتسبوا شهرة عالمية بعد خمول الذكر وليس اقليم دارفور الذى عرفه التأريخ منذ فجره الأول.
ليس من انسان يقف موقفا معاديا للشعوب .نحن نتضامن مع الفلسطينيين والعراقيين وسائر الشعوب التى وقع عليها الظلم بغض النظر عن أعراقهم ,أديانهم أو مواقعهم الجغرافية وأهل دارفور يستحقون تعاطف الاسرة الدولية فى نكبتهم الكبرى.اذا أمعنا البصر فيما يحدث بفلسطين والعراق وعن ما يحدث فى دارفور أمران مختلفان للغاية. قضايا فلسطين والعراق معلنة ومطروحة للعالم بأسره يعبر فيها من يشاء وتتناقلها وكالات الانباء بشكل يومى ومن رؤى وزوايا مختلفة.ولكن عندما تلقى الطائرات الحربية القنابل فوق رؤوس الابرياء وتدمر مدن بحجم الكاملين وشندى والمتمة والتى أضحت اليوم خالية من السكان اضافة الى عشرات القرى الصغيرة التى أبيدت من جراء الغارت البربرية التى تشنها قوات الانقاذ والجنجويد وتعتم عليها و تنكرها وتنفيها وتمنع الآخرين من تقصى الحقائق حولها فهذه هى الجريمة بعينها .هذه كلها حقائق ووقائع اذا كان هناك من لايصدق الامم المتحدة والهيئات التابعة لها فنحن لانكذب أهلنا الذين فروا من ديارهم بسبب الحملات الانتقامية لنظام ضدهم ثمنا لحمل أبنائهم السلاح ضد سلطتها.كما أن أعيننا وأعين العالم ترى المنازل التى أحرقت والابار التى دفنت وهياكل الموتى المتناثرة فى كل أرجاء دارفور الكبرى.ومن هنا ندعوا الدكتور محمد ابراهيم الشوش استقطاع شيئا من وقته الثمين ليقل طائرة من الخرطوم الى العاصمة التشادية انجمينا يستجم فيها قليلا ومن ثم يتوجه الى معسكرات اللاجئيين السودانيين من شعب دارفور شرقا فى الحدود التشادية السودانية ليتقصى الحقائق ويتفقد أحوال نساء وشيوخ وأطفال وشياب بلاده ومن ثم يأتنا بمقال منقول من أرض الواقع وليس من أفواه المنجميين من أهل الانقاذ حتى يضفى لونا جذابا لصحيفة الرأى العام لكى تتدرج رويدا رويدا لتصبح صوتا (للرأى العام)عندما يحل السلام والامن والديمقراطية وسلطة الشعب ربوع البلاد.
خليفة خوجلى ختيفة ادمنتون--كندا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقالات لـ : الطيب صالح – خالد المبارك – محمد إبراهيم الشوش حول دارفــور (Re: أحمد أمين)
|
الشراگة في الحگم هل تعني التوقف عن مساندة التمرد؟
محمد ابراهيم الشوش
قبل أن يدخل المحللون في كل الأطراف حلقة الرقص حول اتفاقية السلام - مؤيدين ومعارضين - لابد أن نحدد طبيعة هذا الاتفاق وصفته ومداه، كل الذين احتفلوا به لأنه أنهى حرباً أهلية شرسة استمرت أكثر من عشرين عاماً عوّقت التنمية في البلاد وتسببت في هلاك العباد، ولكن أي حرب أنهتها هذه الإتفاقية؟
الحركة الشعبية أشعلت النار في أكثر من موقع في الجنوب أصلاً ثم في الحلال المجاورة جبال النوبة، وجنوب النيل الأزرق، وأبيي، وامتدت يدها - بمساندة عناصر شمالىة - الى أرض البجا في الشرق ودارفور في الغرب . فهل يعني توقيع الحركة على اتفاقية السلام إحلال السلام في كل هذه المناطق أم إحلاله في الجنوب فقط والاستمرار في إشعالها في كل المناطق الأخرى؟ وماذا تعني المشاركة في السلطة هل تعني توقف الحركة عن النفخ في نار الفتنة في الشرق والغرب أم الجلوس مع الحكومة في القصر والجري مع المتمردين في الميدان؟ وهل تعني المشاركة الحديث بصوت واحد أم تجاذب الحديث الأخوي بين شريكين في الخرطوم، وترويج الإتهامات الخطيرة ضد الحكومة وراء الأبواب المغلقة في واشنطن ولندن وكوبنهاجن؟
الاتفاقية لا تشير الى أي من ذلك، ولا تلزم الحركة الشعبية بشيء فما الذي نتوقعه من قرنق كنائب أول وشريك في الحكم؟ هل سيكون شريكاً في المسؤولية كما هو شريك في الحكم؟ ومسؤولية الحكم الرئىسية هي حفظ الأمن والسلام في كل ربوع السودان وإخماد نار الفتنة والتمرد في كل ركن فيه، ولنضع جانباً رغبة قرنق وطموحاته هل هو حقاً في وضع يسمح له بالوقوف في وجه قوى التمرد في الشرق والغرب التي نصب نفسه لها حليفاً ونصيراً؟ إن ذلك يعني التخلي عن حلمه في بناء السودان الجديد كما يعني فقدان المبرر الأساسي لحركته والتخلي عن تطلعات الذين انضموا الىه من غير أبناء الجنوب باعتبار أنه يمثل حركة قومية لا تقصر جهودها ولا تنزع خيمتها بمجرد حل قضية الجنوب.
المصالح الأجنبية
ومن ناحية اخرى فإن قرنق لا يعمل منفرداً بل يرتبط بمصالح متشابكة مع قوى لها مصالحها وأهدافها، فأمريكا لم تقم وتقعد وترسل مناديبها وتهدد وتتوعد وتدفع مصروفات الإقامة والأكل حباً في سواد عيني قرنق وحتى ينعم السودان بقديمه العربي الاسلامي بالأمن والسلام. والىمين الكنسي المتطرف لم يشرع أسلحته ويمد أظافره وأنيابه لتظل الأغلبية المسلمة آمنة تتحكم في مصير أكبر دول افريقيا مساحة وأكثرها وعياً سياسياً وإسرائىل وحلفاؤها في الكونغرس الأمريكي لا يجتمعون وينفضون ويدبجون القوانين الصارمة لتخويف السودان من أجل أن يعم السلام ويتفرغ السودان للتنمية وأسياس أفورقي وموسيفيني لا يتركان شأنهما وينشغلان بشأن السودان رغبة في إسعاده.
هؤلاء جميعاً يعملون وفق مصالح قد تفترق في بعض التفاصيل ولكنها تجتمع في النهاية في أن يشهد السودان ولادة أفريقية لا مكان فيها للعروبة والاسلام. وقرنق مدين لهذه القوى إذا لم يكن أسيراً لها. فلولاها ما تحقق له ما حققه. ولولاها لن يستطيع أن يحقق طموحات كثيرة تتراقص أمام عينيه ليست الرحلة الى القصر الجمهوري إلا خطوة واحدة في طريق طويل.
الإخلال بالمعادلة
سيكون الإغراء عظيماً للاستفادة مما تحققه الإتفاقية ومساعدة قوى التمرد لتحقيق المخطط الأكبر وخدمة المصالح الأجنبية في نفس الوقت. وفي سبيل ذلك سيعمد قرنق الى تأويلات ومماحكات وتفسيرات لنصوص الاتفاقية تتيح له السيطرة الكاملة على الجنوب كثمن لإيقاف الحرب في الجنوب فقط محتفظاً بكامل حقوقه في الحكومة المركزية والتي تعني السلطة في الشمال مع إطلاق يده في مساندة قوى التمرد هذه المرة من موقع السلطة وخدمة مخططات الدول التي ساندته أيضاً من موضع السلطة.
وقد يبدو منطقياً لو أن قرنق قد انصرف في هذه المرحلة لبناء الجنوب بدل تشتيت قواه في مخططات قد تدمر كل شيء بما في ذلك المكاسب التي حصل علىها من هذه الاتفاقية. ولكنه في ذلك مكره لا بطل فهو يعرف أن أية خطة لا يقحم فيها الشمال ستضعه في مواجهة مع القوى المختلفة في الجنوب مما يفتح الباب لصراع جنوبي جنوبي يمكن تأجيله اذا ما انشغلت الحركة بمخططات ترمي للسيطرة على الشمال. جون قرنق يعرف أن خروج الشمال من المعادلة السياسية سيقلب الطاولة علىه وأن إزالة القش الذي يحيط بالزجاجات سيؤدي الى تحطيمها كما عبّر سياسي جنوبي من قبل.
استمرار الحرب
إن التفكير السائد في أوساط المتمردين الذين يقفون الآن في مقدمة الصفوف في دارفور والذين ينتظرون دورهم التالى في شرق السودان ان موقف الحركة الشعبية منهم لن يتغير برغم توقيعها على اتفاقية السلام وأن الذي حدث في نيفاشا ليس إلا خطوة أولى لتحقيق مزيد من الإنتصارات.
وقد أصدر مؤتمر البجا بياناً يؤكد هذه الحقيقة. يقول البيان: «نحن في مؤتمر البجا لا يسعنا إلا أن نهنيء الأخوة في الحركة الشعبية بإحرازهم مكاسب تاريخية في ظل الصراع الدائر بين المركز والقوميات المهمشة والمقصية من أطراف السودان كافة. ولكن يظل هذا الاتفاق اتفاقاً جزئىاً وثنائىاً لا يحقق الصيغة المثلى لاتفاق سلام شامل ودائم يعم كل أطراف النزاع في السودان، إننا في مؤتمر البجا بنفس القوة والحماس التي نهنيء بها الأخوة في الحركة الشعبية، وندعو لها فيها بتحقيق المزيد من الانتصارات في هذا الإتجاه نحذر نظام الخرطوم بأن محاولات تجاوز الواقع وطمس الحقائق وتزويرها لن يفضي الى تحقيق أي مكاسب حقيقية له». ويختتم البيان قوله: «إن كفاحنا ونضالنا الشعبي المسلح سوف يستمر حتى نحقق أهدافنا في الحرية والديمقراطية والعدل والمساواة من أجل سودان جديد».
موقف الحركة الشعبية
بقى أن يعرف السودان أين تقف حركة قرنق. هل تقف مع السلام الشامل الذي وقعت علىه ونالت بفضله مكاسب أم هي مع حركات التمرد الأخرى حتى تحقق أهدافها عن طريق الصراع المسلح؟
الاستاذ الدكتور حسن مكي بفطنته المعهودة وبصيرته النافذة يجيب عن هذا السؤال بأن اتفاقية السلام ليست إلا خطوة أولى في مخطط واسع المدى. يقول الدكتور حسن مكي إن الخطاب الافتتاحي للحركة الشعبية قد ركز على أن حريق الجنوب مجرد مقدمة لحريق سيمتد لمناطق أخرى. وتم تقسيم المناطق الى منطقة أولى هي الجنوب وثانية هي جبال النوبة وثالثة النيل الأزرق ورابعة دارفور وخامسة مناطق البجا حتى يتم الإطباق على المركز وتحريره من قبضة المجموعات العربية الاسلامية الحاكمة وإقامة السودان الجديد المتحالف مع النظام الدوليوإسرائىل والكنيسة العالمية.
وحقيقة الأمر ان الدكتور حسن مكي قد غلب الآخرين بصراحته. فالكل يعرف ولكنهم جميعاً يتغابون ويتعاملون مثل الضبع الذي انقض علىه الأسد وبدأ يلتهمه وهو مغمض العينين يصيح: «إن شاء الله حلم».
سياسة الردع
وبرغم ذلك قد يكسر خاطر الآلاف بل الملايين التي خرجت تعلن عن فرحها بالسلام فإن الحقيقة ان استمرار الحركة الشعبية في مساندة قوى التمرد في أية بقعة في السودان وبأية صورة من الصور في السر أو في العلن يجعل التوقيع على معاهدة السلام غرماً لا كسباً، لأن ورقة الجنوب كان يمكن أن تكون ورقة الضغط الوحيدة لدفع الحركة الشعبية لمساندة السلام الشامل والالتزام بالمشاركة الصادقة مع بقية القوى لاعداد السودان لمرحلة التحول الديموقراطي الذى يفتح الباب للتنمية ويغلق كل الثغرات والجحور التي تنفذ منها التدخلات الاجنبية بكل شرورها واهدافها ومراميها الخبيثة.
وحتى يتحقق سلام حقيقي لابد أن تكون هناك ملاحق قانونية توضح المعاني المقصودة بالسلام ووقف العدائيات وإطلاق النار بحيث يشمل ذلك كل أجزاء القطر.
والركون الى الثقة المطلقة في شخص أو حركة ليس من سمات السياسة الرشيدة التي تعتمد على أسباب موضوعية تمنع الآخر من تسديد سهم لا يرتد الى صدره. ولقد كانت سياسة الردع وخوف الدمار المشترك هو الذي انقذ البشرية من مغامرة نووية تمحو العالم من الوجود.
إن اتفاقية السلام لا تمنع الحركة صراحة أو نصاً من مساندة حركات التمرد في مناطق أخرى إن هي شاءت وسوف تشاء، ولكن أي تفسير لهذه الاتفاقية يبيح للحركة الشعبية ذلك العمل يبيح للحكومة أيضاً أن تفعل نفس الشيء في المناطق التي ستكون تحت سيطرة الحركة الشعبية، ماداما متلزمين بنفس الاتفاق. وقابلية مناطق الجنوب للإشتعال في الاستوائىة وأعالى النيل وبحر الغزال ومناطق التماس لا تقل بحال عن قابلية دارفور ودار البجا.
ومن أجل خاطر السودان وعيون أهله الطيبين في الجنوب والشمال نرجو ألا تضطر الحركة الشعبية الحكومة أو أي طرف آخر الى إنتهاج سبيل الردع والمعاملة بالمثل الذي يؤدي الى تخريب السودان كله.
جريدة الرأي العام السودانية
| |
|
|
|
|
|
|
|