حيرة الطيب صالح.. بين الشمال والجنوب!!!!!!!!!بقلم :د. جلال أمين

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-13-2024, 03:02 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة الراحل المقيم الطيب صالح
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-15-2009, 07:55 PM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 30720

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حيرة الطيب صالح.. بين الشمال والجنوب!!!!!!!!!بقلم :د. جلال أمين

    Quote:
    حيرة الطيب صالح.. بين الشمال والجنوب
    بقلم :د. جلال أمين


    لم يكن مدهشا أبدا أن تهتم وسائل الإعلام في مختلف البلاد العربية، كل هذا الاهتمام، بخبر وفاة الكاتب السوداني الكبير الطيب صالح في مساء الثلاثاء ؟؟ فبراير ؟؟؟؟. كان الطيب صالح مشهورا في العالم العربي، ومن أكثر الكتّاب العرب شهرة في خارج العالم العربي، كما كان رجلا محبوبا جدا من كل من عرفه عن قرب، وقد كنت سعيد الحظ بأن أكون واحدا من هؤلاء.

    قد يبدو مدهشا لأول وهلة أن الطيب صالح حقق هذه الدرجة العالية من النجاح مع أنه لم يكتب إلا عددا قليلا جدا من الكتب. لقد كتب خمس روايات قصيرة لا أكثر، لا يزيد حجم أي منها على مئة وخمسين صفحة من الحجم الصغير، وعددا قليلا جدا من القصص القصيرة نشرت في كتاب آخر صغير (دومة ود حامد). وإذا كان الناشر اللبناني رياض الريّس قد نشر في السنوات الأخيرة سلسلة من الكتب بعنوان (مختارات الطيب صالح)، احتوى أحدها على آخر رواية له (منسي)، فإن بقية الكتب تضم مقالات كتبها في موضوعات مختلفة، وهى وإن كانت مهمة لكل دارسٍ لأدب الطيب صالح وشخصه، فإنها قطعا ليست من أسباب شهرته.

    كان السبب الأساسي لشهرة الطيب صالح، في بلادنا وخارجها، هو بلا شك روايته البديعة «موسم الهجرة إلى الشمال» التي نشرت قبل ما يقرب من خمسين عاما. نشرت أولا في بيروت، فاسترعت على الفور انتباه النقاد (كان أولهم الناقد المصري المعروف رجاء النقاش الذي كان مما يذكر له دائما بالفضل هذا الانتباه والتنويه برواية الطيب صالح، وكان هذا هو أيضا ما بدأ علاقة حميمة وطويلة بين الرجلين).

    ما إن انتبه النقاد لهذه الرواية حتى شاع ذكرها بين الناس، ومنذ ذلك الحين لم ينقطع الثناء عليها ومحاولات تفسيرها وتقليبها على وجوهها، وكذلك ترجمتها إلى لغة بعد أخرى، فإذا بها تحظى بنجاح مماثل، ثم حولت إلى مسرحية مثلت على مسارح لندن، حتى اعتبرت واحدة من أهم مئة رواية نشرت في القرن العشرين على نطاق العالم بأسره.

    لقد قرأت هذه الرواية أكثر من مرة، وإذ كانت مقررة على طلبة الجامعة الأميركية بالقاهرة، لفترة ما، كجزء من برنامج يضم نحو خمسة عشر كتابا مختارا من بين كل ما أنتجته البشرية في مختلف العصور، ابتداء من رواية جلجامش من حضارة ما بين النهرين إلى الأدب الحديث، فقد اخترت أن تكون هي موضوع محاضرتي في هذا البرنامج سنة بعد أخرى، وكنت دائما أعود إلى قراءة الرواية بسرور، وإذا بي في كل مرة أكتشف فيها جديدا يثير الفكر ويحتاج إلى تنويه. ما سر هذه الرواية المدهشة ؟

    لقد كتبت عنها أيضا أكثر من مرة، ولكنى إذ أعيد التفكير فيها الآن بمناسبة وفاة مؤلفها، يلفت نظري وجه الشبه بين القضية المحورية التي تدور حولها القصة، وحياة الطيب صالح نفسه منذ بدأ وعيه بالعالم من حوله.

    الرواية تدور حول التقاء الشرق بالغرب، أو بين الحضارة ( أو الثقافة) العربية، والحضارة الغربية، وما يثيره هذا الالتقاء من مشكلات عويصة، سياسية مرة، وحضارية واجتماعية مرة، ونفسية ووجودية دائما.

    فبطل الرواية (مصطفى سعيد) نشأ في قرية صغيرة في السودان، أثناء الاحتلال الانجليزي، ولفت نظره وهو طفل صغير منظر ضابط بريطاني يمتطي حصانا عظيما وتغطي رأسه قبعة عظيمة أيضا. فكان الخاطر الذي مّر بذهن هذا الطفل بأنه «يريد عندما يكبر أن تكون له قبعة كهذه».

    وهكذا ظلت هذه الرغبة الملحة في «أن تكون له قبعة عظيمة كهذه» هي محور حياة الطفل، ثم الفتى والشاب والرجل، طوال إقامته بالسودان أولا، ثم بانجلترا، ثم بعد عودته إلى قريته في السودان، وحتى مات في حادث يمكن أن يكون غرقا ويمكن أن يكون انتحارا، وكأنه وهو يغرق أو وهو يتخذ القرار بالانتحار، يدور برأسه الخاطر التالي، وهو أنه «لم يحلّ بعد مشكلة الحصول على هذه القبعة الكبيرة».

    إني بالطبع أعني بالحصول على هذه القبعة الكبيرة، الحصول على اعتراف الحضارة الغربية به وبحضارته، أي أن يقبله الغربيون كواحد منهم، وهو ما لم يستطع تحقيقه في انجلترا. وإذ عاد إلى بلده ليحاول التخلص من هذا الهدف تماما، وأن «يعود إلى جذوره»، أصيب أيضا بالفشل، إذ كانت جرثومة القبعة الكبيرة (أو الحضارة الغربية)، قد دخلت في جسمه ولا يمكن التخلص منها. فإذا به ينتحر أو يموت غرقا.

    لقد عرفت الطيب صالح شخصيا لفترة تقرب من نصف قرن، وإن كنت لم أجلس إليه وأبادله الحديث إلا خلال العشرين سنة الماضية، وعلى فترات متباعدة ولكني كنت في كل مرة أراه أو أستمع إليه، أجد لديه نفس حيرة «مصطفى سعيد» بين الحضارتين، وأعتقد أنه مات دون أن يصل إلى حل للمشكلة.

    بعد سنوات قليلة من وصوله إلى لندن، حصل الطيب صالح على وظيفة محترمة ومتفقة مع ميوله الأدبية وتهيئ له حياة مادية مريحة وكان قد أتقن اللغة الانجليزية وقرأ عيون الآداب الغربية. ولكنه جلس ليكتب قصصا قصيرة باللغة العربية الفصحى عن الحياة في قرية سودانية عندما قرر بعد ذلك أن يكتب رواية كانت قصتها تدور أيضا، كما رأينا، حول طفل سوداني ذكي، جذبته أضواء الحضارة الغربية الخلاّبة إلى لندن. تزوج الطيب صالح من انجليزية، وأنجب منها بنات نجيبات صارت إحداهن مدرسة للأدب في جامعة أكسفورد. ولكن الطيب صالح أخذ يأتي إلى مصر في كل عام ليقضي بها مدة قد تطول إلى ثلاثة أشهر، يجالس فيها أصدقاءه المصريين والسودانيين، وكأنه لا يجد الراحة النفسية إلا في بيئة عربية.

    ولكن حيرة الطيب صالح بين الشمال والجنوب لا تنتهي قطعا عند هذا الترحال المستمر بين لندن والقاهرة ، ولا عند هذا الجمع بين العمل في هيئة الإذاعة البريطانية وكتابة قصص وروايات عن السودان باللغة العربية. إنها حيرة أعمق، وتكاد تكون مشكلتنا جميعا، وليست مشكلة الطيب صالح وحده. ولكن هذا يحتاج إلى تفصيل.

    كاتب مصري

    [email protected]
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de