دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
حتى (الطيب) رحل ما طيب لى خاطر! وداعا ضميرنا الحى الذى أخرس الناطق وأنطق الأخرس!!
|
Quote:
منحنى النيلين سمير عطا الله الخميـس 24 صفـر 1430 هـ 19 فبراير 2009 العدد 11041 جريدة الشرق الاوسط الصفحة: الــــــرأي ولد وعاش ومضى، شيئاً من النيل، دافقا مثله، كان. صاخبا هادئا حالما طافقا هدارا عارما فائضا رائقا مثله كان. بمياه النيل ومزاج النيل وطمي النيل، كتب كل حكاياته. كان حكواياً أنيقاً عميق النظر لا يفوته شيء من أحدوثات وأحاديث وحواديث الضفتين. كان يحوِّل الشجرة إلى حكاية، والموجة إلى حكاية، والصبا والشقاء والهجرة والبقاء والترعة والفلاحين والعم العجوز والعم الساخر وساحر القرية وأطفالها وفقرها ووصول الربيع وصوت الغابة وظلمتها العميقة البعيدة وحداء العرب وغناء أفريقية والتيه في عالم الرجل الأبيض وألوان المدن وأضواء المدينة وإبحار العمامة البيضاء في نوتات بيتهوفن ومؤلفات شيللي ومناحت مور، يحولها كلها إلى حكاية يأسر بها قارئيه أو مساوميه أو عارفيه. فما كانت هناك حالة وسط في الصداقة مع الطير المهاجر إلى الشمال. كان هو الآسر، كاتباً أو محدثاً، وهو الأكثر وداً، وهو الأنقى حضوراً، وهو النيل ثقافة ومودة وتواضعاً وذاكرة وملاحة وكرامة وعزة، كأنما تحت عمامته البيضاء، الكثيرة الطيات على نحو عجيب، عالم متعدد ثري غني، يعرف النيل كيف يضبطها في طياته ويتركها تنساب في النهاية تياراً واحداً وحيداً لا اسم له سوى هذا الاسم الذي بدا كأنه كنية أدبية شاعرية توائم حياة الشخص وطبعه وخصائله الجمة: الطيب صالح. لم يفلسف الطيب صالح المشاهدات. ولم يطرح القضايا، بل رسمها مثل غويا. ولم يثر المسائل بألفاظ طنانة، بل زرعها في السهول التي عبرها ببساطة وعفوية ودائماً بخصب جميل. لم يتوسل لشهرته ظلامة أفريقيا، ولم يستمهل أحداً عند بشرته ولم يستوقف أحداً. مثل النيل مضى وتركنا نتبعه، يقلده المقلدون عبثاً، فقد كان خليطاً سرياً مثل القهوة الآتية من شجرة بن لها ألف لون وألف عبق. وضع الطيب صالح السودان على خريطة الأدب العربي. تكفل بذلك محمد الفيتوري شعراً، قبل أن يلتحق بالفرع الليبي من الفياترة، مستأنساً بغلبة الحياة. ثم أطل ساحر النثر والرواية وحاوي الثقافات والقلب الأنقى من منحنى النيلين، الأبيض والأزرق.
|
اللهم أكرم وفادته وأجزل له العطاء بقدرما أكرمنا ورفع قدرنا بين الأمم وشاد لنا مجدا لن يبليه الدهر! جنى
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: حتى (الطيب) رحل ما طيب لى خاطر! وداعا ضميرنا الحى الذى أخرس الناطق وأنطق الأخرس!! (Re: jini)
|
Quote:
الطيب مر من هنا مأمون فندي الاثنيـن 28 صفـر 1430 هـ 23 فبراير 2009 العدد 11045 جريدة الشرق الاوسط الصفحة: الــــــرأي الطيب صالح مر من هنا، خفيفا جاء كالحلم ليقف في منتصف الدنيا وتسلط عليه الأضواء، كما في أحد مشاهد روايته «موسم الهجرة إلى الشمال»، حين يوقف السائقون سياراتهم في الصحراء بشكل دائري ويسلطون أضواءها مشكلين دائرة للرقص، خبا ضوء الطيب وخبا «ضو البيت». في يوم الخميس الفائت، وفي مكالمة هاتفية مع أبي القابع عند جبال الأقصر، قال لي: «لقد حزنت على صاحبك». صمت وهمهمت بشيء من القرآن، فعرف ما في القلب من وجع وغير الموضوع. كنت أقرأ له من روايات الطيب، وهو الرجل الذي لا يقرأ ولا يكتب ولا يعرف معنى الرواية الحديثة، فكان يحبها لما فيها من روح ورائحة مكان وناس يشبهونه. حكايات فيها رائحتنا، وفيها من نفسنا ونفوسنا. ذات يوم حكى لنا عجوز من قريتنا في صعيد مصر، أنه رأى سيدنا الخدر (البعض يكتبها الخضر) مارا في القرية، رآه سارحا على حصان أبيض تفوح منه رائحة الطيب والمسك، كان العجوز لتوه قد فرغ من صلاة الفجر، وفي محاولة منه لمعرفة سر هذا الرجل الغريب، اقترب منه وسأله: أين صليت الفجر؟، فأجاب الرجل بأنه قد صلاه للتو في الكوفة، فبان للعجوز أنه أمام رجل من أهل الخطوة ممن تُطْوَى لهم البيد طيا، وكان العجوز يقول لنا بأنه تأكد وقتئذ من أن هذا الرجل القادر على قطع المسافات بسرعة الضوء، يحضر ويغيب برمشة عين، هو سيدنا الخدر عليه السلام. هكذا كنت أتخيل الطيب. «زرني يوم موتي، حتى أزورك يوم موتك»، قلت له هذه العبارة ونحن في بيت صديقه الفاتح إبراهيم في ولاية فيرجينيا، وهي من قصة طويلة كتبها كارلوس فاونتيس، ذلك المكسيكي «المخربط». لقد افتتح فاونتيس تلك القصة الطويلة، في الحقيقة هي أطول من قصة، وأقصر من رواية، بقصيدة للشاعر الفلسطيني محمود درويش ومقتطفات من أقوال والتر بنجامين، خلط فاونتيس في هذه القصة معاناة اليهود بمعاناة الفلسطينيين، وكذلك معاناة الهاربين من الحروب الأهلية في كوستاريكا، والروس الهاربين من قهر ستالين. وبطلة القصة كنستانزيا إسبانية من سيفيل استقرت في بيت أميركي في مدينة تحمل ذات الاسم الإسباني، في سافانا جورجيا، امرأة هاربة من فاشية فرانكو في إسبانيا.. أزمان مختلفة، فلسطين اليوم، وإسبانيا فرانكو، والحرب العالمية، ونزوح اليهود من أوروبا، أشكال مختلفة من المعاناة، يختلط فيها الواقع بالخيال، والماضي بالحاضر والمستقبل. «زرني يوم موتي، حتى أزورك يوم موتك»، عبارة قالها الكاتب الروسي الهارب على لسان بطلة قصته كنستانزيا، قلتها للطيب؛ ففهم مغزاها وابتسم. كان وجوده يومها شفافا، وكأنه يقف على الحد الفاصل بين الحضور والغياب، كان ضيفا عابرا أشبه بذلك الغريب الأبيض أخضر العينين الذي يطلع من النهر في روايته «ضو البيت»، بندر شاه مضى كالحلم وكأنه ما كان.. ضو البيت اختفى، لا خبر ولا أثر، ذهب من حيث أتى، من الماء إلى الماء.. كأن المولى ـ عز وجل ـ أرسله إلينا ليحرك حياتنا ويمضي في حال سبيله. الطيب صالح لم يكن أبيض البشرة ولا أخضر العينين، بل كان روحا عالية تسكن ملامح رجل سوداني أسمر، روح مرت من هنا بعد أن علمتها «فاطمة بنت جبر الدار» آيات من سورة الضحى. كان الطيب صالح كبطل قصته «ضو البيت» يقدر على الحركة في الزمان والمكان، «كأن الطفل ولد عند الشروق، وتم ختانه وقت الضحى، وصار للزواج بعد صلاة العصر».. الطيب ولد روائيا في صباحنا، وغدا قامة كبرى في الضحى، واختفى في المساء. عرفت الطيب عن قرب، وعرفت زوجته جولي، تلك السيدة الإسكتلندية الراقية التي كانت تجلس إلى جوار الطيب تستمع إليه بحرص، كشاهد محب يرقب كل كلمة تخرج منه، يتحدث هو، ودائما ما كانت توافقه بحركة من رأسها، كما لو كانت تهتز في حلقة ذكر، ثنائي متكامل ومنسجم رغم اختلاف الأجناس والألوان. الطيب صالح كتب عني في مجلة «المجلة»، وكان كريما، واليوم دوري لأكتب عنه، وعن عمد أحاول تجنب الوقوع في فخ العزاء. لم أكتب عن الطيب في حياته، فإن المديح في وجه الحياة ما زال يربكني، فالدنيا عرض زائل، كسوق انتصبت ثم انفضت، سيغادرها الرابحون والخاسرون معا. كان الطيب يتحدث بفخر كبير عن ابنته الدكتورة زينب التي تدرس آداب الإنجليز للإنجليز، ولكنني لم أر الطيب أبدا في سياق رجال عاديين يتزوجون وينجبون، رأيت الطيب وكأنه غزل من الكلام يلتف حولك بيسر وسلاسة، يتحدث وكأنه يتذكر عالما قديما ولغة سرمدية ليست من هذا الزمان. كان واقفا في مركز الفوضى بيننا، شاهرا قلمه الجميل، يختفي ويبين، فكأنه على الحد الفاصل بين الحضور والغياب. الطيب صالح لم يكن روائيا مبدعا فحسب، بل كان شاعرا، أو كاد، فهو الذي يختلط عنده الحد الفاصل بين المتنبي وشكسبير، «قالوا الطيب للسودان ساير، وكل البنات البكر حلوة الضفاير»، كنت ستقول عن تلك العبارة إنها شكسبيرية بلهجة السودان، أو توجه حضاري من قبل أهل الصعيد. كان الطيب يضحك من قلبه على من يتحدثون عنه ولا يعرفونه، إذ حكى لي يوما عندما استوقفه ضابط الأمن في مطار القاهرة، يوم كان السودانيون محل شبهه، ولما تململ الطيب من طول الانتظار، قال الضابط «أنت رجل مهم، وسننهي إجراءاتك بسرعة»، وقال «مش انت الكاتب الكبير صالح الطيب مؤلف رواية الطيور المهاجرة؟». هكذا خلط الضابط اسم الكاتب واسم الرواية في الخلاط. كثيرون يتحدثون عن الطيب ويخلطون اسمه باسم الرواية، ولم يكن ذلك يزعجه في شيء. كان الطيب ذواقة ذكيا للحياة بكل تفاصيلها وأسرارها. أذكر أن الطيب قرر أن يطبخ لنا قرعا عندما كنا في بيت صديقه الفاتح، وعندما عرضنا عليه المساعدة، رفض وطلب ـ بلكنة إنجليزية ساحرة ـ ألا نتدخل في تلك اللحظة الخاصة جدا التي يعد فيها الطعام.. كان الطعام بالنسبة إليه ذائقة ودربا إلى إرضاء الروح. أذكر عندما قلت له إن الباحث الفلاني يريد أن يعد دراسة عن أعمالك بالمقارنة مع أعمال جوزيف كونرد، أجابني «يا زول خليها على الله». كان يؤمن بأن للقراء والباحثين مطلق الحرية في أن يفهموه كما وصل إليهم، ولكن دائما كانت هناك إشارات في حديثه إلى أن قليلا قد عرفوا ما يرمي إليه في أعماله. وكان يمازحني دائما «لماذا لا يكون للصعايدة توجه حضاري في بلاد الإنجليز؟». بلا شك أن الطيب كان عميقا فيما أبدع، وكان يكتب عن أمور تبدو وكأنها قراءات من سرمديات مخطوطة تظهر أمامه، فيقرأها علينا بفصاحة، ونستمع إليه مشدوهين كالأطفال. «قال جدي: أشهد أن لا إله إلا الله، وقال حمد ود حليمة: أشهد أن محمدا رسول الله».. وهكذا قلت. مضى الطيب كالحلم، وسيبقى عالقا في ذاكرة أجيال عديدة كما لو كان من رائحة الأولياء، وسيبقى حضوره مثل غيابه شفافا، كما لو كان بطل روايته الذي يطلع من الماء ويرجع إلى الماء.. وستبقى حكاية عجوز الصعيد مع الخدر تذكرني دائما بأن الطيب الصالح قد مر من هنا.
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حتى (الطيب) رحل ما طيب لى خاطر! وداعا ضميرنا الحى الذى أخرس الناطق وأنطق الأخرس!! (Re: jini)
|
Quote:
رثاء الزين حسين شبكشي الاثنيـن 28 صفـر 1430 هـ 23 فبراير 2009 العدد 11045 جريدة الشرق الاوسط الصفحة: الــــــرأي هناك شخصيات بلغت القامة والمعنى حتى أصبحت رمزا لبلادها، فلا يمكن أن يذكر لبنان دون ذكر فيروز، ولا أن تذكر أم كلثوم دون ذكر مصر، ولا نزار قباني دون ذكر سورية. والسودان كان من ضمن هذه الدول، و«رمزها» كان الروائي الراحل الكبير «الطيب صالح». رحل هذا الرجل الاستثنائي عن عالمنا منذ أيام، ولكن سيظل جزءا من الذاكرة الأدبية العربية لزمن طويل. كان رجلا بسيطا، ولكنه كان غزير المعرفة، واسع الاطلاع، كريم النفس، شديد التواضع. إنتاجه الأدبي والفكري الغزير مكن له من تأمين الانتشار المطلوب، فعرفه كل العرب عن طريق المطبوعات الصحفية المكتوبة بصحفها ومجلاتها، ولكن بقيت إصداراته الروائية هي التي علقت في ذاكرة الناس، وكانت محور حديثهم عن الكاتب الراحل. وأهمها بطبيعة الحال، هي رائعته الأشهر «موسم الهجرة للشمال»، وهي تتحدث عن العلاقة التصادمية بين الغرب والشرق بشكل مبسط وغير معقد، ولكنه مفعم بالواقعية المبهرة. كذلك تحدثت رواياته الأخرى مثل «عرس الزين» و«مريود» و«ضوء البيت» و«دومة ود حامد» و« منسي» عن علاقة التراث بالحداثة، والقبلية والمدنية، والمدينة والقرية، والأسطورة والتراث. اهتم الطيب صالح في كتاباته بمد الجسور وبناء المعرفة ما بين الاتجاهات المختلفة، فكان ينقل المعلومة ليزيل الجهل والغموض، اللذين يخيفان ويعزلان ويقوقعان المتلقي، برز ذلك بوضوح من خلال عموده الصحفي في مجلة «المجلة» الذي كان ثريا ومتنوعا. حتى حياته الإدارية عكست التنوع والثراء، الذي ميز حياته، فهو تنقل في مناصب لافتة ومهمة في كل من لندن في الـ«بي بي سي» ثم عاد للسودان وبعدها انتقل إلى قطر في وزارة الإعلام بها، وبعدها عاد إلى أوروبا، وتحديدا إلى باريس في منظمة اليونسكو. وكان التنقل المستمر بين الشرق والغرب هو الذي أكسب الطيب صالح رؤيته المتسعة الشاملة، وقدرته على الحكم على المسائل والأشخاص بحسب «الصورة الكبيرة» مع إحسان ظن كبير فيهم. التقيته مرة في مكتبة الإسكندرية بالقاهرة، خلال مؤتمر عقد هناك، ولفت نظري صمته الاعتراضي على بعض ما ذكر في إحدى الجلسات، وبعدها سألته عن رأيه في أحد المواضيع التي طرحت بالجلسة، فابتسم وقال لي: «يا حسين داير أقول أشياء كثيرة بس تعبت». لا توجد شخصيات كثيرة في العالم العربي بلغت مقام «الطيب صالح»؛ من ناحية نوعية الإنتاج ومكانة الاحترام عند القاعدة الجماهيرية في مختلف أنحاء الدول العربية، ولكنْ هناك اعتقاد كبير ومحق في أن أعمال الطيب صالح لم تلق التقدير المطلوب والجدارة المطلوبة للآن، فلم تنعكس على الشاشة الكبيرة وعلى الشاشة الصغيرة إلا في صور ضعيفة ومتواضعة للغاية. شخصية الراحل أسرت القلوب وأجبرت الكل على احترامها بأدبه وأخلاقه وفكره، حتى حكومته التي «عارضته» دون أن يعارضها وحاولت منع كتبه في السودان، إلا الشعب قال كلمته وتراجعت الحكومة عن قرارها بعد إحراج لا داعي له، وتصدر الرئيس البشير المصلين في يوم وداعه كرد اعتبار رمزي جميل لشخصية لها من اسمها النصيب الكبير. رحل الطيب والصالح، فالرحمة له بإذن الله. سنفتقدك أيها الشامخ دوما. [email protected]
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حتى (الطيب) رحل ما طيب لى خاطر! وداعا ضميرنا الحى الذى أخرس الناطق وأنطق الأخرس!! (Re: jini)
|
Quote: محمد كعوش
ليلة سمر على شط النيل!! تقييم : 4.7 من 5 (27 صوت)
22/2/2009
الزمان: قبل الفجر بقليل.
المكان: ضفة النيل الهادئ الذي يجري بصمت وروية كي لا يزعج المدينة الناعسة التي لا تنام ولا تغفو .. وعلى وجه المياه الندية تتكسر الاضواء التي تغطيها احيانا نبتة سابحة, او زهرة فرعونية بيضاء خطفت لونها من ثوب عروس النيل...
النيل يوشوش العشاق المنتشرين على ضفتيه, يحمل اليهم البهجة والحلم والامل, فهو هبة المحبين كما كان منذ الازل, فجأة اسمع وقع اقدام, ألتفت نحو الجسر فأخال او اتذكر, خطى الاديب الكبير نجيب محفوظ يعبر الجسر الى الضفة الاخرى حيث مرقده على ضفة النهر او شاطئ النيل, لان قدامى المصريين سمّوه بحر النيل...
كان نجيب محفوظ يحب المشي لاعتقاده انه يطيل العمر, ولكنه كان يؤمن ان الكلمة خالدة أبد الدهر... او انها كما النيل الذي احبه هو وابطال رواياته الذين هم من بيئة النيل ومن طبقاته الاجتماعية, لذلك ارى النيل يتدفق على وقع دقات قلوب العشاق من الفقراء, او انه يتموج في سريانه, من الجنوب من اعماق السودان مهاجراً الى الشمال, يحمل قهقهات ذلك المبدع الذي رحل, الطيب صالح, الذي عاش طفولته في النيل كما صباه, وعشق النهر حتى قلده في هجرته الى الشمال في حياته وفي اروع ابداعاته التي تحمل عنوان: موسم الهجرة الى الشمال... وهو الذي عرف المقولة الاغريقية القديمة لا يمكن عبور النهر ذاته مرتين.
الطيب صالح عاش في حوض النيل ونقل تفاصيل حياته الى رواياته, حتى انه حملهم من بيئة النيل الى العالم الارحب والاوسع ووضعهم في حوار حضاري وصل الى درجة الصراع او التصادم, الا انه آمن بالحوار والتفاعل مع التفافات دون خوف لانه يؤمن ان الثقافة هوية ولا يمكن شطبها او تزويرها في ضوء النهار, كما يرفض خلعها, تماما كما كان المهاتما غاندي الذي قال: لا اريد لبيتي ان تحيط به الاسوار من كل جوانبه, او ان تسد نوافذه, اريد ثقافة العالم كله ان تهب على بيتي بحرية تامة, لكني ارفض ان تقتلعني احداها من الارضي...
هكذا كان الطيب صالح الذي نهل من ثقافات الدنيا, ولكنه انحاز الى هويته الثقافية والى بيئته وتقاليد شعبه وتراثه فأدهش العالم بجرأته وابداعه وغوصه في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية كما غص في النيل, ذلك النهر الذي رافق الزمن وحمل ملامح الخلود والذي يصعد الى الاعلى من عمق الجنوب متراقصاً هناك حيث عاش على ضفافه الطيب صالح حتى العشق وفي الشمال حيث عاش نجيب محفوظ على ضفته في القاهرة, فكان النيل هو حبل السر والمسرة الذي يربط بين قمتين في الابداع لذلك اراه حزينا على فراق الاحبة...
وكما قلنا لنجيب محفوظ في وداعه نقول للروائي العربي السوداني في هجرته الاخيرة: وداعاً ايها الطيب...
والان, انظر من حولي فلا ارى احداً, فقد تفرق السمار قبل حلول الفجر, وبقيت القاهرة ناعسة ولكنها لا تنام, فلا تزال تستمع بشوق الى همسات النيل, فهي رفيقته الازلية...0
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حتى (الطيب) رحل ما طيب لى خاطر! وداعا ضميرنا الحى الذى أخرس الناطق وأنطق الأخرس!! (Re: jini)
|
إنا لله وإنا إليه راجعون رحم الله ( موحد ) الشعب السوداني على قبلة الجمال رحم الله من كانت حياته فخراً لأمته رحم الله من كانت كلماته بلسماً للملايين ممن نطق بالضاد ومن ترجمت له رحم الله العالم في تواضع رحم الله الغني في زهد رحم الله أستاذ الأجيال بقدرما أسعد وبقدرما علم وبقدرما أبهج رحم الله الطيب صالح وأسكنه فسيح جناته وألهم تلاميذه وأحبابه وقراءه الصبر الجميل
_______________________________
إفتقدتك يا جني وسرادق العزاء منصوبة في كل زاوية من زوايا البورد ولعلها من الإستثناءات النادرة التي أحسست فيها بجواز تكرار البوستات لنفس الموضوع فكلهم قد تناول معلمنا من زاوية ، وكلهم حاول أقصى جهده تبيان الأثر العظيم للراحل العظيم وكلهم توقف عن الكتابة وتوقف عن النواح وفي نفسه شئ من حتى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حتى (الطيب) رحل ما طيب لى خاطر! وداعا ضميرنا الحى الذى أخرس الناطق وأنطق الأخرس!! (Re: عاطف عمر)
|
Quote:
الطيب صالح.. وطوارق الحدثان أحمدو ولد المختار بزيد الخميـس 02 ربيـع الاول 1430 هـ 26 فبراير 2009 العدد 11048 جريدة الشرق الاوسط الصفحة: الــــــرأي ما هي المرة الأولى التي تفجعني فيها طوارق الحدثان بأحبة عليّ يعز على قلبي فراقهم، ولكنه قضاء الله وقدره. قبل أيام كنت أحاول الاتصال بالمرحوم الطيب صالح طيب الله ثراه لأطمئن على صحته، إذ كنت على علم بحرج حالته الصحية من خلال آخر مكالمة جرت بيننا وما كنت أظنها آخر مكالمة! واليوم وأنا في صنعاء علمت بنبأ نعيه من قناة الجزيرة. رحم الله الطيب صالح، كان بيني وإياه ودٌ وددت لو امتد زمانا..! كثيرا ما أنست به وبحديثه، وعزائي اليوم في المصاب به أنه كان دائما يشد المئزر في رمضان وفى غيره لإعداد عدة يومه هذا. ولكن مهما صفي الوداد بين الألّاف، فلا بد من يوم الزوال وذاك ديدن دارنا هذه. رحم الله الأستاذ إذا يقول: ويعلم الطيب صالح في مرقده اليوم من أعني بالأستاذ ومن صحب الدنيـــــا طويلا تقلبت على عينه حتى يرى صدقها كذبا وكيف التذاذي بالأصائل والضحى إذا لم يعــد ذاك النـــسيم الذي هبا لا أجد غضاضة في القول إن علاقتي بالطيب صالح رحمه الله كانت قبل أن تكون! وكنت أطلبها وأُغِذّ مطيي بحثا عنه قبل أن ألتقي به، وكانت الأيام كعادتها تخيب ظني في الظفر بلقائه إلى أن كان اللقاء، فتطلبته في المغرب أيام كان يرتاد الرباط وأصيلة... ولم أفلح... وفي طبعي – كما يقول أصحاب عشرتي، وكما أعرف من نفسي – جرأة، وربما عنّ لي جدٌ كدر صفو عبثي المعتاد. فقد تعاونت جرأتي الجبلّية مع الجِد الذي يرتاد طبعي لماما، وأصرا على أن أكون صديقا للطيب صالح «وما أجرأني» فاتصلت به أكثر من مرة في لندن بعد أن زودني الأخ طلحة جبريل «كاتب سيرة الطيب» بعنوانه، ولكن كالعادة ما أفلحت في ذلك، إلى أن كان مهرجان الرباط للثقافة الذي تنظمه عمالة الرباط، وجد لقاؤنا الإذن، وكما يقول القوم: «للملاقاة أوقات». كان ذلك لقاء الطيب الصالح عيانا، أما هو فقد تعرفت عليه أيام كنت مستغرقا في قراءة الروايات الأدبية، وكنت في ذلك الوقت في خلوة مع الترجمات العربية لبعض روايات غابرييل غارثيا ماركيز، فأعارني أخ لي مجموعة أعمال الطيب صالح وكانت أول قراءة لي لموسم الهجرة إلى الشمال، وأنا حين ذاك لما أبلغ العشرين. ما أحلى الأيام قبل البحث عن لقمة العيش، ورق ذمة الوظائف. تلك أيام من الأزمان الوضيئة! وجدت الطيب صالح، كما قال من سبقنا: كانت محادثة الركبان تخبرنا عن أحمد ابن فـلاح أطيب الخبر حتى التقينا فو الله ما سمـعت أذني بأحسن مما قد رأى بصري وأوقن، ويعرف كل من يعلم ضآلة زادي من المعرفة أن عطف الطيب صالح وحنوه عليّ كان فاعله ودّه القديم كما يقول بأهل موريتانيا، فهو يحبهم ونحن كذلك نحبه. لو كنت اليوم في موريتانيا لندبت صفوة القوم لتأبينه، ولكن البعد حؤول بين المآرب وطلابها فيا ليت ما بيني وبين أحبتي من البعد ما بيني وبين المصائب عرفت الطيب صالح مسلما طيبا صالحا، سلم المسلمون منه لا يغتاب أحدا ولا ينال منه والعجب الذي أعجب منه غير قليل أن الطيب صالح لا يعلم أنه مشهور، وإذا علم ذلك فأمر ليس من مطامحه ولا يغير في شأنه شيئا، الطيب صالح محبٌ، كله تدفق روحاني وتأمل في هذا الكون العجيب، قِطّه من طريق القوم عظيم، وحبه لله لله... عرفته لينا كيّسا تهواه القلوب وتألفه ويألفها، كان من الذين يمشون على الأرض هونا... كما قال هو عن منسي إنه إنسان نادر على طريقته أقول أنا: - وشتان بين القولين - إن الطيب صالح إنسان نادر في علمه وأخلاقه. كثيرا ما كان يقول إنه جنوبي المنشأ والهوى. وللجنوب رقته ولطافته. مكارم أخلاق الطيب صالح وأدبه شيء جبلي ما كان يتكلف ذلك أبدا. ويكفيك برهانا – يا رعاك الله - أنه يثني علي خيرا! ولعمري ما الثناء على مثلي من طود مثل الطيب صالح إلا من ثمار زورة الكرام! أو هو من بركات علية القوم منا أهل موريتانيا الذين عرفهم الطيب صالح، فقد كان من أحب أحبائه إليه ومن أودّ سمّاره المرحوم عبد الله ولد أربيه، فقد حدثني الطيب صالح عنه كثيرا، وقد عرفت من أخبار عبد الله ولد أربيه عن طريق الطيب صالح أكثر مما عرفته من أخباره من أهلنا في موريتانيا. يروي عنه رحمهما الله من النكت والقصص الشيء الطريف، وكيف لا؟ وهما أديبان من الطراز الأول، وحديث الطيب صالح لا يمل سماعه وله نكهة هي طابعه وبها يُماز عن غيره. للطيب صالح كذلك صلة ومعرفة وإعجاب بالمرابط محمد سالم ولد عدود، يقول رحمه الله: إنه شرح له بيت الأستاذ: لقيت بدرب القلة الفجر لقية شفت كبدي والليل فيه قتيل كان كذلك محبا للضيوف الوافدين من أدبائنا على منتديات المربد وأصيلة والجنادرية ومؤتمرات اتحاد أدباء العرب، دائما يحدثني صديقي أحمدو ولد عبد القادر بملاطفاته لهم. وقد أهدى الطيب صالح رحمه الله مقالاته حول غيلان ذي الرمة إلى روح صديقه المرحوم عبد الله ولد أربيه، وكان يقول إن بادية بوتلميت بينها وربى نجد شبه. ومن حرصه على صحبة أهل موريتانيا وحفظ آصرة الود معهم، أنه ألح عليّ رحمه الله في شهر يوليو الماضي إذ كنت أتحدث معه عبر الهاتف، أن أبلغ سلامه لمحمد محمود ولد ودادي، وقد حرصت على الوفاء له بذلك واتصلت بمحمد محمود مرات ومرات، ولكن ما كان يرد على الهاتف – لعله مشغول – وحدثني أخي الدكتور أحمدو ولد حبيب الله أنه في إحدى مؤتمرات الجنادرية، حدث أن أحد شعراء موريتانيا كان يلقي قصيدة وقد أكثر من اللحن فيها، وكان الطيب صالح يشمئز من ذلك، ولما طال الأمر وقف الطيب صالح وخاطبه قائلا: يا هذا ما هكذا يقول الشناقطة الشعر. كل ذلك وغيره يحمدُ للطيب صالح كما كان الطيب صالح يحب الناس، كان الناس يحبونه. حدثني الروائي العربي الكبير صنع الله إبراهيم أنه لما امتنع من قبول جائزة الدولة المصرية التي منحت له في مصر قبل أعوام ما كان شيء في الأمر يخلق أمامه حرجا مثل ما أحرجه أن الطيب صالح كان رئيس لجنة التحكيم! قال لي رحمه الله إن المرض أتاه على حين غرة من أمره، وعلمت أنا كذلك بمرضه دون سابق علم عندما اتصلت به أنا وزميلي الدبلوماسي السوداني محمود تميم ولم نلتق بالطيب صالح في تلك المكالمة، وقد أخبرتنا زوجته أنه بالمستشفى. وأيام ذلك الاتصال كنت أحزم أمتعتي لمغادرة دولة الإمارات للعمل في لبنان. وعندما وصلت لبنان اتصلت بالمرحوم أنا وزميلي وليد نوح، وبعد أيام اتصلت به وكان إعياء المرض واضحا من سماع صوته، وأخبرني أنه عائد قبل لحظات من المستشفى حيث كان يجري تصفية الدم وأنه يعملها في الأسبوع ثلاث مرات، وأن العجز الكلوي الذي أصيب به في مراحل متقدمة، كان مؤمنا بالله يقابل المرض بالرضا بما قضى الله. تأثرت كثيرا من ذلك الاتصال وطلب مني رحمه الله أن أتصل به الأسبوع الموالي في اليوم الذي لا يجري فيه التصفية، ويكون الاتصال التاسعة مساء بتوقيت بيروت، وقد اتصلت به وظلت اتصالاتنا مستمرة إلى أن عرفت أن كلامه معي يرهقه جدا، وكلامي معه يحزنني ضعف ذلك، وكنت في تلك الفترة أحس أن البين بينا يزداد بونا، وأن القدر ينيخ مطي الرحيل! يا سبحان الله قبل أيام في مكة المكرمة كنت ألح على الشيخ علي السماني – وهو من عباد الله الصالحين من أهل السودان – أن لا ينسى الطيب صالح من صالح دعائه، وكان يفعل ذلك. دعيني يا أم مالك، فأنت خير من يعلم أني عاجز عن تأبين الطيب صالح، وأنا على جناح سفر، وسطور هذه العجالة مبعثرة. سقى الله تلك الروح غوادي الرحمات وشآبيب الرضوان. وسلام على الجنادرية وأصيلة، وعليّ وعلى الأستاذ ألف سلام. *كاتب وباحث موريتاني
|
حبينا طارق عمر والله مشغول لكن جابنى الشديد القوى رحم الله فخرنا ومجدنا وعزنا ضميرنا الحى الطيب صالح الذى أخرس الناطق وأنطق الأخرس برحيله الفاجع!! جنى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حتى (الطيب) رحل ما طيب لى خاطر! وداعا ضميرنا الحى الذى أخرس الناطق وأنطق الأخرس!! (Re: jini)
|
Quote: رحيل الطيب صالح محمد عبده يماني الخميـس 02 ربيـع الاول 1430 هـ 26 فبراير 2009 العدد 11048 جريدة الشرق الاوسط الصفحة: الــــــرأي ورحل الأديب الفذ والرجل الصادق الأديب والروائي الرائع والرجل الذي تعدت بصماته الأدب السوداني والعربي وأوصلت أصواتنا إلى العالم الغربي والشرقي حتى قلت يوماً وأنا أتحدث إلى مجموعة من الأدباء في فندق الدوشستر في لندن إن هذا الرجل حملنا قلمه وتخطى بنا الإطار العربي حتى قرأ له بعض الأدباء في الغرب بعضاً من إنتاجه الأصيل وخاصة (موسم الهجرة إلى الشمال). ولقد جلست إلى هذا الرجل الإنسان كثيراً وفرحت بخلقه وأدبه وقدرته على العطاء وعمقه حتى شعرت في وقت من الأوقات – وقلت هذا لمجموعة من الأدباء حضروا معنا – أن الطيب صالح كان يستحق لو أننا خدمناه وروجنا لعطائه لينال جائزة نوبل للآداب التي فاز بها أديبنا المبدع الأستاذ نجيب محفوظ، فكلاهما فارس هذا الفن، ولكن الطيب صالح لم يعبر عن الرواية السودانية كما فعل الأستاذ نجيب محفوظ في إبداعه في مجال القصة والرواية المصرية، ولكنه نقل صوراً عميقة وعبر عنها في لغة أدبية سامية ومعالجة روائية بديعة أعجب بها الناس كما أعجبوا بكتابات الروائي الكبير الأستاذ نجيب محفوظ ورفاقه. لكن أحداً لا ينكر أن الطيب صالح كان هو نافذة من هذه النوافذ الواسعة والمضيئة والتي أطل بها أدبنا فيما بيننا وبين بعضنا وفيما بيننا وبين الغرب، والطيب صالح الذي ولد في كرمكول على ضفاف النيل وكانت ثقافته قرآنية ثم صار حتى درس وتخرج في كلية العلوم بجامعة الخرطوم، وعاش جوانب من قسوة الاستعمار الإنجليزي وعنفه وكانت ميوله كما يقول عنه أساتذته ومعاصروه هي ميول أدبية جريئة، وكان يتابع بكل إصرار جهوده للتعبير عن مكنونات نفسه، وعمل بالقسم العربي بالإذاعة البريطانية، وكان قد عمل بالإذاعة السودانية والتحق بهيئة اليونسكو بباريس، ولست هنا في مجال استعراض لتاريخه ولكني أوافق على أن هذا الرجل الطيب صالح كان أمة أدب وأدب أمة وكاتباً عبّر عن الأمة بصدق ورحل إلى نهاية رحلة الشمال فغادر بعد أن أدى واجبه كاملاً واحترمه كل من تعامل معه. وقد شكرت للأخ الرئيس عمر البشير ورجالات السودان عنايتهم بتكريمه ونقله ليدفن حيث كان يتوق دائماً إلى مسقط رأسه، فجزاهم الله خير الجزاء. وأحسب أن الطيب صالح بلا شك هامة من هامات أدبنا العربي ورجل مبدع حتى تم اختيار روايته (موسم الهجرة إلى الشمال) ضمن أفضل مائة عمل روائي في تاريخ الإنسانية، وكنا نستغرب ونحن نجلس إليه عدم اكتراثه بكل تلك الجوائز والمقولات فقد كان دائماً يعبر في تواضع (أنا لا أعتبر نفسي مهماً وأرجو أن لا تنظروا إلى هذا كتواضع ولكنها الحقيقة) وعندما أقول إن الطيب صالح كان نافذة مضيئة للأدب العربي على الغرب، قصدت أن نتذكر أن بعض إنتاجه وخاصة (موسم الهجرة إلى الشمال) قد ترجم إلى عشرين لغة وحتى أقدم أدباء في إسرائيل على ترجمة هذا العمل إلى اللغة العبرية وربما لا يعرف ذلك إلا قلة من الناس المتابعين لقضية انتشار الأدب العربي في العالم. وهو رجل كله خير وبركة ومن حسن حظه أن اختارت له أمه اسم الطيب فهم يتفاءلون هناك بأن هذا الاسم يعني أنه رجل بركة ووالده محمد صالح صحبه ابنه كمزارع، وقد أثّرت فيه حياته؛ حياة القرية وبيئتها، ونقل طيبته وأصالته عن أبيه. رحم الله الطيب الإنسان فقد كان يملأ قلبه وعقله هاجس الأدب وحرص في مراحله الأولى على أن يصارع لدخول كلية الآداب ولم تساعده الظروف ولم يتمكن من ذلك ولكنه عبر عن هذه الرغبة بطرق أخرى، وعندما كنت ألتقي بالحبيب الطيب صالح في لندن أشعر بعدم راحته ولا رغبته في الاستقرار بها وأنه دوماً يحن ويتوق إلى ضفاف النيل، وكنت أشعر بارتباط هذا الإنسان ببلده ووطنه وهذا الوطن العربي الكبير، وكنت كلما أجلس إليه أفاجأ بكمية القراءة التي يقرأها وبحثه الدائب عن الإنتاج الجديد في الأدب والرواية، وقد ذكر لي أنه في بداياته كان يرتبط بالمسرح. رحمه الله فقد خلف زينب وسارة وسميرة وكان الطيب قد تزوج من زوجته السيدة جولي وأنجب منها البنات. ومن ظواهر بروزه المبكر أنه كتب قصته (نخلة على الجدول) ولم ينشرها ثم كتب (حفنه تمر) و(دومة ود حامد)، وكما يقول الأستاذ طلحة جبريل في حديثه عنه أن هذه كانت بمثابة الميلاد الحقيقي لأديب عالمي، ثم (عرس الزين) التي ظهرت عام 1966م. وفعلاً اتفق مع كل الذين نظروا إلى رواية موسم الهجرة إلى الشمال بأن البطل فيه ملامح الطيب وكأنه لجأ إلى صور حقيقية عبر فيها عن التيه الذي كان يعيش فيه. ونحن هنا في السعودية كما يقول صفوة من الأدباء عن هذا الإنسان أنه كانت له عناية بالأدب والأدباء في السعودية وكان يأنس لهم وله بصمات ولقاءات جادة في الخليج في الاحتفالات الثقافية وقد ضحكت وأنا أقرأ تعابير الأخ الدكتور تركي الحمد وهو يشاغب كعادته ولكنه يقول الحق في أننا لا نكرم أدباءنا ولا مفكرينا إلا بعد أن يموتوا. وأكرر أن هذا الرجل كان ممن يستحق فعلاً أن ندفعه ونقدمه للعالم، ولا يزال في عالمنا العربي رجال يستحقون التكريم قبل فوات الأوان. رحم الله الصديق الأديب الطيب صالح وتغمده برحمته وأسكنه فسيح جناته وأنا أشهد أنه كان رجلاً يحب الله ورسوله ويحترم الناس ويحترم الحوار، وقد كانت لقاءاتي في الأشهر الأخيرة معه في لندن والتي أدركت فيها جوانب مما يعانيه وكأنّ المنية قد أنشبت فيه أظفارها، ورغم معاناته فقد كان صابراً على مرضه ومحتسباً الأجر عند الله تعالى. وختاماً فرحمك الله أيها الإنسان الطيب والأديب الطيب على كل ما قدمت من عمل طيب وأشهد أنك كنت أديباً صادقاً وروائياً فذاً، وأسال الله أن يخلفك خيراً في أهلك وبناتك وكل من تحب، وخالص تعازينا لأسرتك وبناتك زينب وسارة وسميرة، وعزاؤنا في كل ذلك أنها سُنة الله في عباده وأن كل إنسان إلى فناء وقد حدد ربنا هذا المنهج يوم علّمنا في الآية الكريمة «كل نفس ذائقة الموت».. «إنا * وزير لله وإنا إليه راجعون».الإعلام السعودي الأسبق
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حتى (الطيب) رحل ما طيب لى خاطر! وداعا ضميرنا الحى الذى أخرس الناطق وأنطق الأخرس!! (Re: jini)
|
فما كانت هناك حالة وسط في الصداقة مع الطير المهاجر إلى الشمال. كان هو الآسر، كاتباً أو محدثاً، وهو الأكثر وداً، وهو الأنقى حضوراً، وهو النيل ثقافة ومودة وتواضعاً وذاكرة وملاحة وكرامة وعزة، كأنما تحت عمامته البيضاء، الكثيرة الطيات على نحو عجيب، عالم متعدد ثري غني، يعرف النيل كيف يضبطها في طياته ويتركها تنساب في النهاية تياراً واحداً وحيداً لا اسم له سوى هذا الاسم الذي بدا كأنه كنية أدبية شاعرية توائم حياة الشخص وطبعه وخصائله الجمة: الطيب صالح. ___________________________ سمير عطا الله
هناك شخصيات بلغت القامة والمعنى حتى أصبحت رمزا لبلادها، فلا يمكن أن يذكر لبنان دون ذكر فيروز، ولا أن تذكر أم كلثوم دون ذكر مصر، ولا نزار قباني دون ذكر سورية. والسودان كان من ضمن هذه الدول، و«رمزها» كان الروائي الراحل الكبير «الطيب صالح». رحل هذا الرجل الاستثنائي عن عالمنا منذ أيام، ولكن سيظل جزءا من الذاكرة الأدبية العربية لزمن طويل. ___________________________ حسين شبكشي
هكذا كان الطيب صالح الذي نهل من ثقافات الدنيا, ولكنه انحاز الى هويته الثقافية والى بيئته وتقاليد شعبه وتراثه فأدهش العالم بجرأته وابداعه وغوصه في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية كما غص في النيل, ذلك النهر الذي رافق الزمن وحمل ملامح الخلود والذي يصعد الى الاعلى من عمق الجنوب متراقصاً هناك حيث عاش على ضفافه الطيب صالح حتى العشق وفي الشمال حيث عاش نجيب محفوظ على ضفته في القاهرة, فكان النيل هو حبل السر والمسرة الذي يربط بين قمتين في الابداع لذلك اراه حزينا على فراق الاحبة___________________________ محمد كعوش
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حتى (الطيب) رحل ما طيب لى خاطر! وداعا ضميرنا الحى الذى أخرس الناطق وأنطق الأخرس!! (Re: طارق جبريل)
|
Quote: لماذا أهمل السودان أشهر رجاله؟ عبد الرحمن الراشد السبـت 26 صفـر 1430 هـ 21 فبراير 2009 العدد 11043 جريدة الشرق الاوسط الصفحة: الــــــرأي
خلال الأشهر القليلة الماضية كنا نأمل في سماع خبرين عن الطيب صالح: أن يُجري عمليته الموعودة بنجاح، والثاني ترشيحه لجائزة نوبل للأدب العالمي. وبعد أشهر لا عملية ولا جائزة. علاجيا أمضى محاولاته بين الإمارات وبريطانيا، وكان إحساس معارفه أن الطيب يتهرب من العلاج، فقد صار مستسلما لواقعه الصحي الضعيف. أما الجائزة، ورغم ارتفاع الأصوات المختلفة التي توصي بترشيحه اعترافا بقيمته وتأثيرات أعماله، فإن الطيب نفسه كان يرفض نشاط جمهوره، ويردد شطر بيت الطيب المتنبي «أنا الغني وأموالي المواعيد»، متشككا في حصوله عليها. «في العالم عشرات الكتاب الموجودين الكبار الذين يستحقون نوبل، وفي العالم العربي كبار لم يعطوا جائزة نوبل. إذن هي كاليانصيب، ولن تأتي في الغالب».
كان التواضع شهرته الثانية بعد الأدب، فهذا الرجل الذي غزا بريطانيا مبكرا، وعمل في أهم إذاعاتها، وحقق الشهرة الروائية في منتصف الستينات، وكان ضيفا على دور النشر العالمية، واسما مهما في لوائح المنتديات المختلفة، مع هذا ظل بسيطا ومتواضعا وعاش فقط حد الكفاف. بالنسبة لي أعتز بالفترة التي عملت فيها مع الأديب الراحل الطيب لأكثر من عقد من الزمن في مجلة «المجلة»، وكانت بداياتها مع الزميل عثمان العمير. ورغم أن الشأن السياسي السوداني كان ولا يزال إلى اليوم مهما، فإن الطيب رغم موقفه الناقد لم يتحول إلى محارب حزبي، فقد عزف عن العمل السياسي مبكرا رغم أنه كان أكثر السودانيين شهرة في العالم. وعندما تجرأت السلطات السودانية على حظر بيع روايته جوبهت بنقد واسع من كل مكان، فاضطرت الحكومة إلى التراجع مدعية أنها ليس من منع الرواية. وفي إحدى المقابلات الصحفية سجل موقفه بالرد التالي: «إخواننا في السودان نفوا ذلك، ولكي أكون منصفا قالوا: (لا، لم نمنعها ولكن منع تدريسها في الجامعات). هو عذر أقبح من ذنب، لأنه إذا قلنا إن رواية (موسم الهجرة إلى الشمال) تضر القارئ غير الواعي، إذن على المستوى الجامعي ما هو الضرر؟».
والمحزن أنه احتُفي بالطيب صالح في أنحاء العالم إلا في بلده السودان، خاصة في العهد الحالي. فقد رُحّب به في كل مكان شخصا وعملا، الليبيون جعلوا من إحدى رواياته عملا دراميا، والكويتيون عملوها فيلما سينمائيا، ونقل الألمان كل أعماله الأدبية من العربية إلى اللغات العالمية، وحرص المصريون على وجوده الشخصي والأدبي، واهتم به القطريون منذ أيام فقرهم، وكان نجما دائما في «الجنادرية» السعودي، عدا أن بريطانيا كانت الحاضن الأول له مع أنه صاحب الرواية الناقدة للاستعمار الإنجليزي، وصدام الحضارات.
وليس غريبا أن يكون المبدعون منبوذين في بلدانهم، لكن الطيب لم يكن رجلا قاسيا مع خصومه، بل لم تكن له خصومات، كلنا عرفناه رجلا مسالما ومتصالحا مع نفسه ومع من حوله.
بعد مماته، كما كان يفترض في حياته، يستحق من محبيه الاحتفاء به، في مشروع أدبي أو فيلمي لتكريسه كما عرفناه، واحدا من أهم شخصيات العرب في القرن العشرين.
[email protected]
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حتى (الطيب) رحل ما طيب لى خاطر! وداعا ضميرنا الحى الذى أخرس الناطق وأنطق الأخرس!! (Re: jini)
|
Quote: أدباء وكتاب مصريون: فقدنا قيمة كبيرة في الأدب العربي القاهرة: محمد الكفراوي الخميـس 24 صفـر 1430 هـ 19 فبراير 2009 العدد 11041 جريدة الشرق الاوسط الصفحة: المنتدى الثقافي
في القاهرة تلقى الكتاب والأدباء والأوساط الثقافية نبأ رحيل الطيب صالح، بالصدمة والذهول، ووصفوا رحيل صاحب «موسم الهجرة إلى الشمال»، و«دومة ود حامد»، و«عرس الزين»، و«مريود»، وغيرها من الأعمال التي وضعت الأدب السوداني بقوة وجدارة على خريطة الأدب العالمي، بالخسارة الفادحة. لقد كانت القاهرة محطة مهمة وأساسية في مسيرة الطيب صالح، ومثلت له نافذة خصبة، تلونت بها شخوصه، وأطلت على العالم، مفعمة بسحر الأسطورة السودانية والإفريقية.
وقد ارتبط الطيب صالح بعلاقات محبة وطيدة بالعديد من الكتاب والمثقفين المصريين. وتوجت مصر محبتها له بمنحه جائزة «ملتقى القاهرة للرواية العربية» في عام 2005.
عن الطيب صالح، يقول الروائي إدوار الخراط «الطيب صالح علامة من علامات الأدب العربي والعالمي ، وإسهامه في تاريخ الرواية العربية لا يحتاج إلى تنويه أو تقييم، وبرحيله نفتقد علما من أعلام الثقافة الإنسانية». وأكد الخراط أن إنتاج الطيب الأدبي كان مؤثرا بدرجة كبيرة، ليس في الأدب العربي فقط، وإنما في الأدب والثقافة الإنسانية عموما.
أما الروائي إبراهيم أصلان، فقال «إن خبر رحيل الطيب صالح هو خبر حزين ومحزن تماما، فهذه خسارة فادحة لكاتب صاحب موهبة استثنائية ومكانة متميزة ومتفردة بين الأدباء العرب، فضلا عن أنه ـ والكلام لأصلان ـ كان صديقا دافئا، والجلوس إليه كان شيئا ممتعا إلى أقصى الحدود. إنه أحد الكتاب الذين يصعب أن يعوضوا، ولا أعرف هل كان مريضا أم لا، إلا أنه سيظل موجودا معنا طوال الوقت».
وقالت الروائية رضوى عاشور «برحيل الطيب صالح، فقدنا قيمة كبيرة في الأدب العربي الحديث. لقد قدم الطيب صالح عددا من النصوص الروائية المهمة؛ وضعت السودان على خريطة الأدب العربي الحديث بشكل واضح، وكان الطيب مثقفا كبيرا يجمع بين المعارف العصرية وموروث الأدب العربي الكلاسيكي والعالمي، إلى جانب أنه كان إنسانا متواضعا ودمثا وحلو المعشر، ومن ثم أتقدم بالعزاء لقرائه والمثقفين في السودان والعالم العربي كله».
في حين كتب الأديب سعيد الكفراوي رسالة ينعى فيها الأديب الراحل قال فيها «رحل السوداني الطيب.. يرحل الأحبة فتغيب برحيلهم ألفة الوطن.. رحل أحد المؤسسين الكبار لفن الرواية العربية الحديثة.. أذكر في أواخر الستينات حين نشر الراحل رجاء النقاش ـ كلهم رحلوا ـ رواية «موسم الهجرة إلى الشمال»، في القاهرة، كنا في ذلك الوقت نحاول الإسهام في كتابة جديدة، فصدرت الرواية ونبهتنا للقيمة الحقيقية للكتابة، وكشفت عن ثراء الواقع باعتباره المادة الأولى للفن. صحبني «مصطفى سعيد، وود مجدوب، وضو البيت، وبندر شاه، ومريود»، أهم شخصيات رواياته، وقادوني إلى اكتشاف ما يوازيهم في واقعي المصري الذي لا يختلف كثيرا عن الواقع السوداني».
ويضيف الكفراوي «إن الطيب صالح إلى جانب موهبته الفطرية الكبيرة كان إنسانا لا يُنسى، كان أحد البهاليل الذين تفتقدهم بمجرد أن يغادروك، وكانت علاقته بالدنيا وبالناس علاقة تقوم على التقدير والاحترام، بعيدا عما هو شخصي.
وكانت تربطني بالطيب صالح علاقة قوية، بالرغم من قلة لقاءاتنا، وأذكر أنني رافقته في مهرجان الجنادرية السعودي عام 1986، وارتبطنا، هو يحكي بالسوداني، وأنا أحكي بالمصري، حتى إننا نصبنا في حديقة الفندق الفخم خيمة أطلقنا عليها «المقهى الثقافي»، نلتقي بها مع الشباب الكتاب السعوديين، نطرح الأسئلة حول متغيرات الحياة والفن بغاية الصراحة والوضوح، وكان الطيب يحفظ شعر أبى تمام والمتنبي وصلاح جاهين والشعراء الشعبيين بالسودان، وأنا أرد عليه بفؤاد حداد، وكأنها حالة أشبه بسوق عكاظ الشهير».
ويضيف الكفراوي «إن الطيب صالح لم تكن لديه فروق بين الإنسان والفنان، وقد أحب وطنه السودان فأغناه الوطن بهذا الكم الذي لا ينسى من الكتابة العظيمة، التي ستقودنا دائما من حالة الضرورة إلى حالة الحرية».
أما الناقد الدكتور عبد المنعم تليمة، فيقول «إن الطيب صالح يقف في مصاف الرواد، ولابد على مؤرخي الأدب أن يقفوا طويلا أمام منجز الطيب في فن الرواية والقصة القصيرة، ذلك لأنه صاحب مدرسة بالمعنى التاريخي، فهو من مبدعي رواية ما بعد محفوظ، رغم سنه الكبيرة. ونقصد بمرحلة ما بعد محفوظ خروج الرواية العربية إلى آفاق غير مسبوقة، واتخاذها مكانا مرموقا في الإبداع الروائي العالمي، فقد استطاع أن يمزج بموهبته الأدبية بين الثقافة العربية والعمق الإفريقي والموروثات الزنجية، ومن هنا خرجت لنا كتابة الطيب صالح برؤى ملحمية، صوفية، عقيدية، ليعبر عن موهبة حقيقية فريدة في القص والحكي والسرد».
و يصف الناقد فاروق عبد القادر الروائي الطيب صالح بأنه واحد من أهم الروائيين العرب، رغم أن منجزة يتمثل في رواية واحدة جاءت على أربعة أجزاء، تنطلق جميعها من قريته «دومة ود حامد». وعلى الجانب الإنساني، يشير عبد القادر إلى علاقة الصداقة التي ربطتهما ببعض، وأن «الطيب كلما كان يحضر إلى مصر، كنا نتقابل. لقد كان الطيب إنسانا ودودا ومريحا بطبيعته، بالإضافة إلى العلاقة الخاصة التي تربط المصريين بأشقائهم السودانيين، فكلاهما يعتبران نفسيهما أبناء وطن واحد». وأكد عبد القادر في نهاية كلامه على أن الطيب صالح أدى دوره جيدا، سواء كروائي أو كصحفي.
|
| |
|
|
|
|
|
|
|