|
Re: الطيب صالح رحلة الابداع .. ندوة معرض الرياض للكتاب .. ( صور + فيديو ) .. (Re: humida)
|
Quote: بعد ذلك تحدث عبده خال عن الجوانب الانسانية والشخصية للطيب صالح بقوله حضرت للطيب صالح الكثير من المحاضرات والندوات فشخصية الطيب صالح ودودة لطيفة يشعرك بشيء من الاخوة والمودة والصداقة قلما تراه ضاحكا ولكنه يضحكك في بعض اعماله، محب للحياة، وحول توقف الطيب صالح بعد رواية موسم الهجرة الى الشمال ذكر خال بأن هذه الرواية حققت نجاحا كبيرا فخشي أن تحترق جذوة اهتمام الناس به فيما تبقى له من الابداع، وربما ان يكون خشية ان النجاح المهول في موسم الهجرة الى الشمال جعل المبدع داخل الطيب لا يستطيع تجاوز هذه الرواية |
أعتقد أن في قول ذلك فيه عدم إنصاف للطيب صالح ، أو أنه بعيد عن الحقيقة ، إذ أن عبده خال سقط في ما نسقط فيه جميعنا من تخيل ان ما يخيفنا هو بالضبط ما يخيف غيرنا وان طريقة تفكيرنا وتجربتنا هي الأمثل وهي المفتاح لفهم الشخصية التي نود تحليلها!! ومع أحترامي العميق لاراء عبدة ومن يعتدون برأيه الا أن رأيه ذلك أيضاً ينبني علي عدم عمق قراءة للطيب صالح.... و الذي نجا بحرفيته عن تلك السقطه عند تحليل شخصياته الروائية وهو ما صنع منه الطيب صالح الروائي المتفرد، فالملاحظ عند الطيب صالح في رسم شخصياته الروائية هو عمق التجربة والاقتراب من الشخصية لدرجة ان ما يقوله "محيميد" هو ما يقوله "محيميد" وليس أي شخص اخر من شخصياته الروائية. وتلك المقدرة علي نفاذ الخيال الي الجزء المعتم من الاشخاص يمتلكها كثير من الدراميين المحترفين وربما لتلك المقدرة علاقة بعمله الطويل في مجال الدراما إذ أن في الأمر حرفية بالغه او كما أسماها الطيب صالح بـ "الفن المتعمد" والذي عرفه بقوله:
Quote: - الفن المتعمد..أي الدفع بالشخصية إلى أقصى مدى ممكن, وأقصى حدود تتحمَّلها.
وهذا التعبير أي (الفن المتعمد) والدفع بالشخصية لأقصى درجات تحملها أول من قاله (بلزاك) الفرنسي, وأنا أحب بلزاك جدًا, ولي بعض الجهد الإبداعي في هذاالصدد.
|
وأفتقارنا لموهبة الفن المتعمد هو ما يدفعنا كلنا عادة لان نحلل الشخصيات والتجارب متأثرين بعمق بنفسيتناوتجاربنا الشخصية وبعيداً عن التكوين النفسي للشخصية التي نتعهدها بالتحليل... وهذا ما نفتقر اليه في العاده وما يجب أن يمتلكه الحرفي.
أما نفس الامر الذي تحدث فيه عبده وهو أن الطيب صالح كان مقلاًً فكان بالنسبة للطيب صالح أمراً مختلفاً تماماً.. بل كان توجهاً فكرياً!!!
Quote: أنا واضح جدًا في طريقتي في الكتابة, ولست كاتبًا شديد الإحساس بالقارئ أو الناقد, ولا أنتج إبداعي بهدف الاستمرار في السوق أو من أجل النقاد لا.. لا.. أنا أكتب كما يحلو لي, وبحرية كاملة. لا.. أرفض هذا التفسير نهائيا.. فإذا وجد ما أكتبه هوى لدى القراء.. فهذا يرجع للقارئ, وإذا لم يجد هذا الهوى فقد يأتي زمان آخر ويجد!
|
- الطيب صالح - العربي الجمعة 1 يوليو 1994 23/1/1415هـ / العدد 428
وفي لقاء اخر له بالعربي أيضاً أوضح رؤيته الخاصة في حجم وعدد أجزاء العمل الأدبي وأكد أن الامر يتوقف علي ما تريد قوله وليس شيئاً اخر:
Quote: - هذا الأمر رهن بما يريد الكاتب قوله، في هذه الأعمال- المطولات- فإذا كان ما يقوله جديرا بأن يفرد له ثلاثة أجزاء أو أربعة أو خمسة، فإنه لن يقع في مطب الثرثرة والاستغراق في تفاصيل لا قيمة لها. إن رواية "البحث عن الزمن الضائع" لبروست- مثلا- لا يمكن أن تكتب بأقل مما كتبت فيه من أجزاء، وكذلك عمل جيمس جويس العظيم "يوليسيز" ما كان له أن يكتمل بغير هذا الحجم الضخم الذي ظهر فيه، إذن فالإطالة والاقتضاب إنما يحددهما المحتوى ولا يمكن أن يتدخل "مزاج" قراء عصر ما في شكل الرواية وحجمها، ومثال "تولستوي" الذي ضربته- قبل قليل - يثير عندي الحديث حول نقطتين: الأولى أن تولستوي لم يكن يهمه أن تروج رواية "الحرب والسلام "- مثلا- بين الناس، فالمهم- عنده- أن هذا العمل العظيم قد ظهر إلى الوجود وأصبح حقيقة قائمة بذاتها وقابلة للاستمرار في الحياة، وقد تمر سنوات طوال على بعض الأعمال وهي غارقة في الإهمال، ثم تعود فجأة إلى الظهور ويتخاطفها الناس وكأنها بنت يومها، والسبب أنها لم تغادر يوما حالة الوجود، وظلت طاقة محبوسة كالمارد في القمقم.. حمل إمكان انطلاقها في ذاتها عاجلا أم آجلا ما دامت ذات قيمة عظيمة.
أما النقطة الثانية فهي أن الأعمال العظيمة لا تخلو- دائما- من أشياء مملة.. ومن العبث أن تتوقع من كل عمل عظيم أن يكون عظيما في كل جملة من جمله وكل تفصيلة من دقائقه، إنه عظيم في وجوده الكلي فحسب، وفي هذا المجال أحب أن أذكر مقدمة شرح "البرقوقي" لديوان المتنبي، فقد رد هذا الناقد الكبير ردا جميلا على من قال إن في شعر المتنبي الكثير من الغث الرديء، رد البرقوقي على هؤلاء بقوله: "إن الغث في شعر المتنبي مثل دخان النار، إنه جزء من النار، ولولاه لما كانت النار.." .. وفي قوله هذا إيضاح كاف لهذه المسألة- كما أعتقد.
|
-الطيب صال - العربي الجمعة 1 يوليو 1994 23/1/1415هـ / العدد 428
إذا الامر عند الطيب صالح موهبة أصيلة وتجربة خاصة جدا تختلط بالفكر وبالحرفية تكسب نتاجه تلك النكهة السودانية المتميزة التي تشبه رائحة الطين أو كما قال هو ملخصاً لذلك:
"وعلى أية حال فإن تجربتي ليست كتجارب غيري من الناس، فالشيء عندي يستمر معي مدة طويلة جداً أحداثاً وأفكاراً وافتراضات أحياناً، ثم يجتمع بعضها إلى بعض، ولكني أحاول أن أنتظر إلى أن تتحول الأحداث إلى مما يشبه الأحلام، ولذلك أنا دائماً أقول: إنني لا أصور الواقع ولا أعرف ما هو الواقع، لأن الواقع معقد إلى درجة أن الإنسان حتى من الناحية الحسابية البحتة يستطيع أن يهمله. " - الطيب صالح
مع خالص شكري لمجهودكم الكبير جميعا...
(عدل بواسطة مدثر محمد عمر on 03-11-2009, 03:28 PM) (عدل بواسطة مدثر محمد عمر on 03-11-2009, 04:57 PM) (عدل بواسطة مدثر محمد عمر on 03-12-2009, 08:17 PM)
| |
|
|
|
|