الطيب صالح :"إنسان نادر على طريقته" - نُطق الجرح . . . وإنفصاد نوار التمر - ابراهيم حسين موسي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-14-2024, 07:18 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة الراحل المقيم الطيب صالح
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-12-2009, 06:40 AM

بكري الخير
<aبكري الخير
تاريخ التسجيل: 02-12-2008
مجموع المشاركات: 1779

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الطيب صالح :"إنسان نادر على طريقته" - نُطق الجرح . . . وإنفصاد نوار التمر - ابراهيم حسين موسي

    الطيب صالح :"إنسان نادر على طريقته"
    - نُطق الجرح . . . وإنفصاد نوار التمر -


    هاجر الطيّب صالح منسيّآ . . ها هي الخرطوم تنام حزينة . . إنك شمسٌ تغيِّر طعم فاكهة الوطن عند كل المواسم . . إنفصد الكبدُ واتّشح القلم سواداً . . الوريقات الناصعة كأسنان الأطفال صارت مهترئةً تناجيك , التميرات بشمال الوادي كساها الحزن لوناً أرجوانياً . . كانت كل أنواع البلح من (بركاوي) و (بت تمودة) وغيرها والتي تفاخر بها في جلساتك حضوراً عند المأتم .. صارت "دومة ود حامد" سوداء اللون على غير العادة تذرف دمعاً أبيضاً وتشكّل حزنك لوحةً . مافات على هؤلاء وأولئك عندما كانت الخرطوم تنام هادئةً كعروسٍ في ليلة دُخلتها بوعيٍّ جنسيٍّ زائد . . إنّك في الغربة تصارع المرض ويرعاك أهلُ الغرب دون أهلك يتمتّعون بضحكتك التي تحاكي رنين الفضّة . . إني رأيتك في عيني "حسنة بت محمود" طبقاً من دموع ولسان حالها يقول : هذه الليلة الأولى بدونك ونحن نشتمُّ الهجرة اللاتجاه في بلد لايعرف قيمة إنسانه إلا بعد مواراة الثرى .

    "إيلين" الأعجمية تردِّد الآن أغنيةً بلحن الطمبور المثالي (" زول سَمِه مات ") الحروف تأتأت وهي تخرج من فمها مثل حبِّ التسالي كطفلة شقيّة لا تأبهُ بمخارج حروفها . . جاءنا صوتك الجهوري و أنت تكمل الثمانين بذاتِ ربطة العنق الأصيلة سفيراً للكلمة العربية في بلدٍ تتقاسم هويته هويّتان : عربيّة وزنجيّة . "بندر شاه" صاح بهستيريةٍ واضحة: إنّك "المريود" لست "منسيآ" ياصالح , إسمك يزيل عنا مسحة اللاهوية.
    لفحني الحزن مرة , إزداد اللفح كثيرآ تخضب الحرف بناناً أحمراً يشابه العنّاب يكسوه بعضاً من خدوش سوداء غطت ملامح ذكراك الهنيّة يامن تشابه فاكهة الشتاء الآن سقط تمر الشمال مخادعاً الذكرى الطريّة , وشتّان مابين الأنواع . . (الجاوا) أسقط الدمع جفافاً . (الرّطبُ) تعتصر عتاقها وشاحاً أسوداً . الخرطوم تصحو على أنغام ثكلى مثلما فعلت عندما جاءها الغاصبون يوماً ما . . " بت محمود " تنادي : هل من مجيب ؟ أقولُ لهؤلاء إنّي رأيتُ الفِرنجة يعظِّمون نوابغهم , فهل يأتي يومٌ يُكتب فيه : هنا كان يسكن الطيب صالح ( 1929-2009 ) ؟ وأنت من قلت : "السودان به حضارة عمرها على الأقل خمسة آلاف سنة .. كيف لشخصٍ أن يصيغ هؤلاء الذين هم نتاجٌ لهذه الحضارة؟".

    جاء " مصطفى سعيد " ذلك الغائب على حافة البحر الجميل يحاور الحسناء "جين" التي لاتدري ما العويل . . إنّها تقطّع شعرها المعقوص مثل ذيل الحصان وهي تقول: ( أووب أليّ ) بلكنة الفِرنجة . . يالها من أيامٍ صار الدمعُ عصيّآ . إنّي أقف حائراً كما المعزة لا أدري ما الإتجاه أسأل عن "عطيل الأسود" أتكون "الهجرة إلى الشمال" موسماً يتوسمه الخير بعد فوات الأوان ..؟ كنت مهاجراً في بلد الضباب "منسيّاً تأكلك الذكرى بين الحين والآخر ودّعت الحياة على أنغام الصقيع اللندني وزمهريره الجاف لماذا لم نفكر في إستقرارك في وطن (الدانقة) و(المردوم) و(الكيتة) و(الطّمبور) و(الرّبابة) .. يالها من صيحاتٍ تتعالى بين الجموع المحتشدة : " ضو البيت " و" محمد" و " الطاهر ود بلال " . . أين "الزين؟ " الآن صار العرس مأتماً . وذكر" جبر الدار" أن "منسي له خصلتان حبه للبسطاء وحفاظه على الود" .

    إعتراك الذبول في "بلادٍ تموت من البرد حيتانها " وأخرى "تعيش عصافيرها في الصيف القائط " ، تفتقد زقزقة طير الجنة و(عشوشة) و(أبو خريطة) - الذي يوماً ما غشّاه الثعلب المكار- عندما تأتيه الرياح من كل الجوانب . يامن تركت إرثاُ أدبيّاً لا ينكره إلا الجاحدون . يا أيّها التربال القادم من منحنى النيل إلى دول الإسكندناف تلبس السروال المرقوع وتقف على الجدول في " يومٍ مباركٍ على شاطئ أم باب " كم أشتاق أن يلامس جسدك من (مروج) النيل الاسود عطناً للذكرى التي تنهشك على الدوام وهنا عرفت لماذا تأكل المرأة السودانية طين البحر عند الوحم منك يانيل !
    إحترقت اليوم الرواية العربية بموتك.. الآن قل لي كيف تسير الأشياء خلف الاستواء؟ .. يا" محيميد " لماذا تريد أن " تروِّح وتأخذ حقك من الحياه عنوةً؟".. والطيب يقول : " لا أتمنى جائزة نوبل لأن العرب متطفلون عليها " يامن كنت مختبئاً بين سراديب الضباب .. أنظر إلى النخلة إنها ليست بخير :"لكنّني مخلوقٌ مثل النخلة له أصلٌ وجذورٌ وله هدف " .. يامن تطلّ برأسك متحدياً: " الحياة مافيها غير حاجتين – الصداقة والمحبة " .

    لقد تركت جرحاً أخضراً لايتماثل إلى الشفاء البتّة .. إنّ فجوة الحرف التي تركتها من الصعب أن تُملأ بغيرك ونحن نشتمُّ سطورك ونكرفها مثلما النسيم السيّار على منحنى النيل العجوز ، إنّي لا أوافقك الرأي حينما قلت :" العشق ليس ضرورة لأنّه يفقدني التوازن " ها نحن نفقد التوازن لأنّنا أدمنا عشقك إذاً كيف تصير المعادله الأن أيها " المنسي "؟ . ستظلُّ أنت بين الضلوع الكبيرة حرفاً وقلماً يئنُّ ويتألم طوال الوقت ينزف العبرة والتعبير . أيّها القروي القادم من أعماق النيل الشامخ أنت تعرف السودان أكثر من الذين يعيشون فيه في العمق وعلى الهامش . تزحزح أبو الطيب المتنبئ في قبره مستضيفاً لك وسيرة إبن هشام تشتاق الراوي منذ الآن .


    إبراهيــــم حســين موســـي
    سيبرجــايا – مالــــيزيا
    مــــارس – 2009 م
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de