|
الطيب صالح: نحن بلد لا تحط به الركبان: رغم أننا كرماء
|
الطيب صالح: نحن بلد لا تحط به الركبان: رغم أننا كرماء
تسلم يوم أمس الروائي الكبير الطيب صالح جائزة ملتقى الرواية العربية فيما يشبه عملية انقاذ لهذه الجائزة التي رفض الروائي المصري صنع الله ابراهيم تسلمها في العام الماضي مقللا من شأن الحكومة التي تمنحها ومن شأن مواقف الحكومات العربية جميعا مثيرا بذلك ضجة كبيرة وجدلا مازال دائرا
من الطبيعي أن تغطي وسائل الإعلام خبر هذه الجائزة لكن ما أردت أن أشير إليه هنا هو بعض العبارات قالها الطيب عند تسلمه الجائزة لأني وجدت فيها (كلاما) وبعض الملاحظات بصفتي شاهدا على الاحتفال. (وبس)
- رغم أننا كسودانيين نقع على (طريق القوافل) بين مشرق ومغرب إلا أننا بلد لا تحط به الركبان (رغم أننا أهل كرم)
- هذه الجائزة (رزق من الله فلماذا أرفضها)
- نحن قوم مرتاحون (لا أحد يطلب منا شيء فإن قالوا العروبة قلنا نحن لسنا عربا (رغم أننا عرب) وإن قالوا أفريقيا قلنا نحن عرب فلا يطلبون منا شئ حتى جاء مؤخرا بعض الساسة بحماقاتهم (فللساسة حماقات) جاءوا ليتبنوا قضية لسنا أهلها فنحن ليس عندنا أزهر ولا مكة ولا مدينة ولا جامع اموي ولا قيروان ولا قبر لصحابي واحد فما لنا وهذا
- رفض هذه الجائزة حماقة
- أنا مقل في أعمالي ليس لأنه لا جديد لدي بل لأني (أجيد مرواغة ربات الفن)
ملحوظة أخيرة: لم بجد الطيب صالح الروائي العالمي الكبير والحاصل على الجائزة لم يجد تاكسي يقله إلى مكان اقامته (بيت صديقه) لا هو ولا الجائزة ؟؟؟؟؟؟
مارأيكم
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الطيب صالح: نحن بلد لا تحط به الركبان: رغم أننا كرماء (Re: أيمن حسين فراج)
|
نقلا عن "الحياة اللندنية":
اسمه أعاد اليها موقعها بعد «زوبعة» صنع الله ابراهيم... الطيب صالح يفوز بجائزة ملتقى القاهرة للرواية العربية عبده وازن الحياة 2005/03/3
بدا فوز الروائي السوداني الطيب صالح بجائزة «ملتقى القاهرة الثالث للابداع الروائي العربي» الذي اختتم اعماله مساء امس، في القاهرة، اشبه بالرد غير المباشر على بادرة الروائي المصري صنع الله ابراهيم الذي كان رفض الجائزة نفسها العام الفائت مثيراً زوبعة من المواقف المتناقضة مصرياً وعربياً، بين مؤيدين له ورافضين، وكانت ذريعته ان الجائزة تمنحها «حكومة لا تملك صدقية منحها». إلا ان الجائزة هذه استعادت عبر فوز الطيب صالح بها موقعها الخاص وصداها الطيب، وهي اصلاً جائزة معنوية أكثر مما هي مادية (تبلغ قيمتها ما يوازي 17 ألف دولار اميركي) كونها تمنح في أهم مؤتمر للرواية العربية (ينظمه المجلس الاعلى للثقافة، برئاسة الدكتور جابر عصفور) وتشرف على منحها لجنة غير رسمية تضم دوماً اسماء معروفة بصدقيتها وكفايتها. وتم هذا العام تداول اسماء عدة للفوز بالجائزة وآخر اسمين تنافسا عليها بشدة الطيب صالح وابراهيم الكوني.
الطيب صالح. لم تتوج الجائزة فقط نتاج الطيب صالح، هذا الروائي السوداني الحاضر بشدة في المشهد الروائي العربي المعاصر، بل توجت ايضاً الادب السوداني، الذي لا يزال شبه مجهول عربياً، وقد جاءت مترافقة مع اعلان الخرطوم عاصمة للثقافة العربية للسنة 2005، ما اضفى عليها طابعاً احتفالياً. ولئن كان صالح هو الأبرز والأشهر عربياً بين ادباء السودان، وان كان أدبه الروائي والقصصي بمثابة الجسر بين الداخل السوداني والخارج العربي والعالمي، فهو لم يدّعِ يوماً انفصاله عن الادب السوداني، ولا انقطاعه عن الهموم السودانية، وكانت سنوات «غربته» البريطانية زادته حنيناً الى ارضه وشعبه، فهو كتب رائعته «موسم الهجرة الى الشمال» في لندن حيث كان يقيم بدءاً من العام 1953. وعندما نشرت هذه الرواية في بيروت العام 1966 كانت بمثابة الحدث الروائي الذي كان منتظراً، لكنه عوض ان يأتي من القاهرة او بغداد او بيروت جاء من السودان. استطاع الطيب صالح في هذه الرواية الفريدة ان يقدم مشروعاً روائياً جديداً يحمل الكثير من علامات التحديث، شكلاً وتقنية وأحداثاً وشخصيات. وقد عالج في هذه الرواية قضية اشكالية هي الصراع بين الشرق والغرب او بين الجنوب والشمال من خلال علاقة مأسوية بين مصطفى سعيد و«زوجته» البريطانية. ومنذ ان صدرت الرواية اصبح اسم هذا البطل (مصطفى سعيد) في شهرة بعض ابطال نجيب محفوظ ولا سيما احمد عبدالجواد في «الثلاثية».
واذا كانت «موسم الهجرة الى الشمال» ذروة اعمال الطيب صالح، وأكثرها شهرة ورواجاً، فإن اعماله الاخرى، الروائية والقصصية لا تخلو من الفرادة والخصوصية، سواء في لغتها السردية ام في تقنياتها وأشكالها. ومن تلك الاعمال رواية «عرس الزين» التي ترصد اسطورة الشخص القروي الغريب الاطوار الذي يدعى «الزين» في علاقته بالفتاة نعمة، وكذلك رواية «بندر شاه» في جزئيها: «ضوّ البيت» و«مريود»، وتمثل هذه الرواية الصدام البيئي والحضاري بين القديم والحديث. ومن اعماله القصصية البديعة «دومة ود حامد» وهي تدور حول الصراع بين الحكومة وأهل قرية «ودّ حامد» التي تقع على الضفة الشرقية من النيل، الحكومة تريد تحديث القرية واقتلاع شجرة الدوم التي هي رمز القرية والأهل يصرون على تقاليدهم. وهذه القرية السودانية «ودّ حامد» تحضر كثيراً في نصوص الطيب صالح رمزاً لعالم الطفولة والبراءة المتجذر في شمال السودان.
سمّي الطيب صالح «زوربا السوداني»، فهو لم يكتب إلا عن السودان مستخدماً في أحيان اللغة العامية ترسيخاً لارتباطه بأرضه الأم التي هجرها جسداً وليس روحاً ولا قلباً. وقد تكون اعماله مرآة حقيقية تنعكس فيها صورة الحياة السودانية، بمآسيها الصغيرة وأفراحها وتقاليدها المتوارثة جيلاً تلو جيل.
يبلغ الطيب صالح الآن السادسة والسبعين، لكنه لا يؤثر الاستراحة فهو يعكف على إصدار اعمال جديدة، مدركاً في الحين عينه، ان روايته «موسم الهجرة الى الشمال» هي اشبه بالعبء الثقيل، كما عبر مرة، من شدة ما تختزن من جماليات وأبعاد ومعانٍ، وتخطيها ليس بالعمل السهل والبسيط
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الطيب صالح: نحن بلد لا تحط به الركبان: رغم أننا كرماء (Re: عبد الحميد البرنس)
|
يا برنس أشتاق اليك يا (أخي) ليتك كنت هنا بالأمس كنت احتاج لتعليقاتك ففي مهرجان تكريم أمثال الطيب لا بد أن يكون مثيرا (عذرا على عدم الكتابة) فأنا افتقد كمبيوتراتي وافقد شيئا من الصحة والمرح (قول يا لطيف)
علق أحد النقاد مخاطبا (الطيب) "نحن حاولنا أن نحجب عنك الجائزة عن طريق وضعك كرئيس للجنة التحكيم لكننا لم نستطع هذه المرة فأنت أحق بها"
هل تعتقد أن الطيب جاء لأنقاذ المهرجان قال الطيب ضمن كلماته (أن العرب لا يتذكروننا إلا عند الأزمات) ما رأيك؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الطيب صالح: نحن بلد لا تحط به الركبان: رغم أننا كرماء (Re: أيمن حسين فراج)
|
نقلا عن "القدس العربي":
ندوات ملتقي الرواية في القاهرة اكثر من عدد الحاضرين:شهادات الروائيين كانت أكثر حيوية من أوراق النقاد الاكاديميين الجامدة 2005/03/02 محمود قرني القاهرة ـ القدس العربي : تواصلت فعاليات الملتقي الثالث للرواية العربية بالمجلس الأعلي للثقافة بالقاهرة تحت عنوان الرواية والتاريخ بحضور حوالي مئتي كاتب وكاتبة من العالم العربي ومثلهم من مصر ، ورغم ذلك فإن معظم قاعات الندوات والمحاور اليومية خالية إلا من القليل من الحضور معظمهم من الصحافيين. وربما ساهم هذا الأمر في انعقاد ما يربو علي العشر ندوات بشكل يومي وعادة ما تكون فعليات معظم الندوات متزامنة وهو ما يحول دون استفادة أعداد أكبر من هذه الفعاليات ويساهم في تفتيت الحضور، وقد عبر كثيرون عن اعتقادهم بوجود فائض مبالغ فيه في عدد الفعاليات المصاحبة فضلاً عن امتداد هذه الفعاليات علي مدار خمسة أيام وهو ما يزيد من ثقل هذه الفعاليات بالركون إلي اختلاق محاور قديمة ومستهلكة أو محاور اخري لا تحتمل المناقشة. وقد شهد اليومان الماضيان عدداً من الفعاليات حول استخدام المادة التاريخية في الدراما، التاريخ بين الفيلم والرواية في العالم العربي، التاريخ بوصفه مقولة سردية، تقنيات السرد في رواية التاريخ المضاد، الرواية الجديدة ما بعد التاريخ، وظيفة اللغة في تحويل التاريخ إلي رؤية روائية، التحولات الاجتماعية والتاريخية في روايات نجيب محفوظ، التاريخ الرمادي وحكايات القهر وكثير من مثل هذه العناوين اللافتة بالإضافة إلي بعض جلسات الشهادات.
هدي بركات حارثة المياه
كانت جلسة الشهادات التي ادلي فيها أربعة من الكتاب والكاتبات العربيات المنعقدة مساء الاثنين بالقاعة العامة للمجلس الأعلي للثقافة بين أفضل الندوات التي شهدها اليومان الماضيان، فقد حفلت بشهادات أقرب إلي البوح الإنساني الخالص المغلف وقد ظهر ذلك جلياًَ ـ بشكل خاص ـ في شهادة الكاتبة اللبنانية هدي بركات في شهادتها حول تجربتها في رواية حارث المياه . بدأت الندوة بشهادة للروائي الأردني إلياس فركوح تحت عنوان الرواية والتاريخ نص وتكوين حيث تناول الكاتب في الشهادة العلاقة العميقة والمركبة بين وعيه التاريخي ووعيه الإبداعي. قال فركوح: أقف حيال التاريخ كمفردة تعرت من بديهية تعريفاتها الأولي، فهل التاريخ مجموعة أحداث جرت فعلاً في الماضي البعيد أو القريب، هل التاريخ حزم من الأحداث والشخصيات ام أنه فعل معاكس يتمثل في ضرورة الوجود فيه، وليس الفرد سوي مجموع الإرث الجمعي وقد تقطر في حاضر يجوز قراءته. التاريخ يعيش معاصراً كلما سرنا وأينما سرنا، وأدرك أنها سلسلة متشابكة لا تنتهي و حول فكرة أن الرواية أصبحت ديوان العرب الحديث قال فركوح أنني لا احبذ مثل هذه التسمية لأسباب عديدة لأنني أمام هذه المقولة أحيل إلي ديوان له صفة الشفاهية والحفظ، لذلك فأنا أفضل أن أطلق علي الرواية صفة المدونة لأن المدونة تحيل إلي الواقع المقروء أو المدون، وبالتالي نفعها لا يقع إلا بكتابتها. واختتم فركوح شهادته بالقول: إن التاريخ كاذب وبشع لذلك فهو فعل تزييف وهو بذلك فضيحة نفسه، أما الرواية فهي عكس ذلك، لذلك كان انحراف الروائي باتجاه تاريخه الخاص يعني إعلاء صوت الكائن. أما النصوص المعاينة من قبلنا ومن قبل القراء والكتاب، فهي في اللب من مجموعة أوراق تسعي إلي التناص مع العالم، أي نص علي ورق يسعي للتحاور مع نص العالم وانا ليست شكلية في تاريخ لن يتوقف لحظة واحدة. أما الكاتب والأكاديمي المغربي الميلودي شغموم الذي أصدر حوالي عشر روايات ومجموعتين قصصيتين وبعض الكتب النقدية فقد تحدث في شهادته الكتابة الروائية بحثاً عن الأصول حول تجربة شديدة الخصوصية حول تاريخ عائلته وهجرتها المتصلة وغير المضبوطة تاريخياً بين أسبانيا والمغرب وتحدث بشكل مستفيض عن تأثير امه عليه وهو ما يراه دوراً عظيماً أثر كثيراً في توجهاته العامة، فهي سيدة خرجت إلي الأسواق في وقت مبكر لممارسة التجارة وسط الرجال، لقــــد جربت التجارة لمدة خمسين عاماً وكان ذلك في تجارة الدجاج، وأنا اعتبرها إحدي رائدات التحرر النسائي في المغرب ، وأشار شغموم إلي تأثـــره بداية برواية سارة لعباس محمود العقاد وهي رواية كان قد حصـــــل عليها كهدية تفوق إبان تعليمه الأولي، كذلك أشار إلي تأثره برواية الطاعون لألبير كامو، وكذلك بسيمون دي بوفوار. وأضاف شغموم أن الرواية والأدب عموماً معنيان بالشرط الإنساني باعتباره شرطاً تاريخياً، وأردف إن العصامية قد تحررني من ثقل تاريخ القبيلة، أما الرواية فهي تعريجة الضحك والبكاء، وربما الآن أكتب ـ ربما ـ بدافع وحيد أنني لا أعرف عملاً آخر اجيده سوي الكتابة، ورغم الألم االذي يصاحب الكتابة أعود ـ في كل مرة ـ إليها . أما الروائية المصرية المقيمة بلندن أهداف سويف فقد تحدثت دون أوراق معدة سلفاً ودار حديثها حول تجربتها الخاصة بين الحياة في الغرب وثقافتها المشرقية وانطلقت إلي ذلك عبر حديث مؤثر حول الفيلسوف الألماني اليهودي بيتر بنجامين الذي قالت إنه واجه لحظة دماره الشخصي عام 1940 عندما هرب من ألمانيا ورفض دائماً الذهاب إلي اسرائيل وعندما حاول العودة إلي ألمانيا لم يتمكن من ذلك فاضطر في النهاية إلي الانتحار. وكانت تريد أهداف من هذا المدخل الربط بين ازمات الهوية المتفاقمة في المنافي الاختيارية والاجبارية علي السواء في لحظة تختلط فيها أفكار شتي حول تفكيك المركزيات والقوميات. وأشارت اهداف إلي توجهها للكتابة في الصحف البريطانية خاصة حول القضية الفلسطينية وطرحت عدداُ من الحقائق المرة التي تواجهها في الغرب حول الموقف المتصاعد من العرب والمسلمين باعتبارهم ـ وحدهم ـ رموز وبذرة الإرهاب في العالم، وأشارت إلي أن صيدلياً مصرياً اتجه إلي التمثيل حديثاً استطاع أن يؤدي في فترة وجيزة حوالي مئتي دور لرجل إرهابي في العديد من المسلسلات والأفلام. وأشارت اهداف سويف إلي أن السيرة الذاتية إذا كانت هي قصة إنسان، فإن التاريخ هو قصة البشرية والرواية تجمع كلا العنصرين معاً، وقالت إن الروائي المشغول بالتاريخ لابد أن يكون مشغولاً بمشكلة الوعي، لذلك فإن التفكير في الهوية من منظور تاريخي يجب أن يكون في بؤرة التاريخ، فنحن لا نهتم بالماضي سوي من أجل المستقبل والسير فيه. وأضافت أهداف: الرواية تحتاج إلي الانصهار والتخمر والوجدان حتي تصل إلي مستوي العمل الروائي، والتاريخ يتشكل أمامنا الآن بسرعة بالغة حيث الكم الهائل من المعلومات يتواتر عبر كافة الوسائل. أما الكاتبة هدي بركات فقد تناولت جزءاً حميماً من سيرتها الذاتية تناولت خلاله روايتها المهمة حارث المياه لاسيما وأنها رواية تقع في اسر نوستالجيا خاصة بمكانها الأول، وتحيل في الاجمال إلي موقف تاريخي يحمل درجة من الخصوصية، قالت بركات: حاولت أن أمشي بمحاذاة المدن المحيطة مدفوعة بفكرة التاريخ، واضافت: إن كُتَّاب التاريخ لدينا هم كتاب خرافة علي الأرجح وليس لي أي مأخذ علي كُتَّاب الخرافة، ولكن علي الا يكون ذلك تاريخاً، واشارت بركات هنا إلي أن كتاب الخرافة هؤلاء كانوا احد الأسباب الرئيسية للحرب الأهلية اللبنانية، كما أنهم - علي الأرجح ـ سيكونون سبباً في نفس الحرب في بلاد تبدو فيها هذه الحرب قائمة، ولكن بشكل مكتوم، وهي علي الأرجح علي شفير الحدوث. و تحدثت هدي بركات عن شخصية جدتها في الرواية التي كان يثير اسم عبد الناصر لديها ضجيجاً كبيراً كما كان يحدث في لبنان كلها رغم أنها لا تعرف سبباً مباشراً لهذا الأمر. وقالت بركات إن مدخلها الوحيد إلي عالم المانيا هو روايات اسماعيل كاداريه وقالت: أدعي أنني اقرأ في كتابات روبرت موزيل دراما سقوط الإمبراطورية في فوضي انهيارات العالم المتتابعة، حيث تتفتت خلايا الأوطان المكروهة، إن المحيطات كاملة تكمن في تركيبة نقطة ماء واحدة .
المادة التاريخية والدراما
أيضاً كانت هناك ندوة استقبلتها قاعة الندوات الرئيسية قدم فيها الدكتور محمد حمدي إبراهيم بحثاً مهماً حول استخدام المادة التاريخية في دراما القرن التاسع عشر حيث تناول الفرق بين التاريخ الذي يستند إلي حقائق واقعية لا سبيل إلي تغييرها وبين الأدب ومنه الشعر وقال: يخبرنا الفيلسوف ارسطو أن التاريخ يتناول الخاص بينما الأدب يتناول العام وأن الخاص محدود ضيق بينما العام رحب متسع، ومن اجل هذا يذهب أرسطو إلي أن الشعر أكثر فلسفة واكثر تأثيراً من التاريخ. ثم أنه من بعد ذلك يمضي فيوضح لنا أن ما يصنع الأدب ليس هو النظم الشعري، حيث اننا لو ألفنا التاريخ شعراً لما تحول إلي أدب ولظل تاريخاً رغم الإطار الشعري. ويضيف إبراهيم: لاحظت أنه في نطاق المذهب الرومانسي سواء في فرنسا أو ألمانيا اتجه كثير من كتاب الدراما إلي أن يستمدوا موضوعات مسرحياتهم من التاريخ، بعد أن يطبقوا عليها منهج أرسطو في تحويل الخاص إلي العام مع الحفاظ علي الوقائع التاريخية الرئيسية ما وسعهم الأمر ذلك، ثم يقومون بتغيير الأحداث الفرعية وفق متطلبات فنهم الدرامي، مع التوسع في تفصيل الأسباب وعرض كيفية وقوع الأحداث وفقاً لوجهات نظرهم الشخصية. ويضيف إبراهيم: لاحظت أيضاً أن معظم هؤلاء الكتاب وقفوا موقفاً رافضاً لفكرة العنف والقسوة التي تمخضت عنها أحداث الثورة الفرنسية، رغم أنهم لم يخفوا إعجابهم بالمبادئ الثورية التي كانت وراء نشوب هذه الثورة التي غزت اوروبا بأسرها وسرت فيها مسري النار في الهشيم. فلم نجد كاتباً واحداً من كتاب اوروبا المعجبين بالثورة الفرنسية يمتدح رجال الثورة الفرنسية أو يتغاضي عن مثالبهم، أو يجعل من مسرحياته بوق دعاية لأفكارهم، أو يزايد عليهم في السلوك والأقوال، ويشير الكاتب هنا إلي الكاتب الفريد دي موسيه الذي استمد مادة مسرحيته لورنزاتشيو من عدد من الوثائق التاريخية التي عثر عليها في المكتبات ووجد أنها تتلعق بحياة ألكسندر دي ميدتشي دوق فلورنسا الطاغية، الذي تم اغتياله بسبب استبداده وجبروته علي يد شخص مغمور يدعي لورنزو كانوا يطلقون عليه لورانزاتشيو تهكماً عليه واستهزاء وسخرية من ضعف شخصيته وقلة حيلته. ولكن ألفريد دي موسيه عالج هذه المادة الوثائقية التاريخية بطريقة فذة فريدة وأكسب شخصيته المحورية لورانزاتشيو صفة العمومية، وبعد بها عن نطاق الخصوصية التاريخية وفقاً لوجهة نظر ارسطو. يذكر ان الندوة شهدت بعض الأوراق الأخري لكل من سلمي مبارك حول جدل اليومي والتاريخي في سينما إيليا سليمان، والتاريخ والفيلم والرواية في العالم العربي لمحمود قاسم، والسرد المكتنز، التاريخ المكتنز لأيمن بكر.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الطيب صالح: نحن بلد لا تحط به الركبان: رغم أننا كرماء (Re: عبد الحميد البرنس)
|
نقلا عن "السفير":
جائزة الرواية العربية للطيب صالح: قدرنا أن نحب مصر عناية جابر
في ختام ملتقى الرواية الثالث الذي انعقد في القاهرة، جرى مساء أمس الأربعاء الاعلان عن صاحب جائزة الرواية بهذا الملتقى في المسرح الصغير في دار الأوبرا في السابعة مساء، وسط حشد غصَّ فيه المسرح حيث منحت الجائزة للروائي السوداني صاحب <<موسم الهجرة الى الشمال>> الطيب صالح، صاحب الأثر الكبير في وعي القارئ العربي. استهل جابر عصفور الحفل مرحبا بالجميع لافتا الى <<اننا نصل الآن الى نهاية هذا الماراتون الثقافي الذي خضناه معا على امتداد خمسة أيام مشحونة بالنقاش الحر والتعددية والاختلاف>>، عارضا الى ان المؤتمر شهد أكثر من مئة ورقة بحثية والكثير من شهادات المبدعين والمبدعات على امتداد العالم العربي والعالم الأوروبي. عصفور شكر لجنة الإعداد لهذا المؤتمر وهم خيري شلبي وخيري دوما وقاسم عبده القاسم ومحمد عفيفي وهالة فؤاد ومنتصر القفاش ونوَّه بأن هذه الدورة من أنجح الدورات. جرى بعدها تقليد لجنة تحكيم الجائزة دروعا تكريمية من قبل الوزير فاروق حسني وجابر عصفور وهي مؤلفة من أدوارد الخراط (رئيس اللجنة) ورشيد الضعيف وصلاح فضل وعبد الله الغذامي وجمال شحيَّد ومحمود طرشونة ومحمد بدوي ومحمد برادة ومحمد شاهين وفؤاد التكرلي. أدوارد خراط قرأ قرارات اللجنة، مقترحا في البداية ان يقام الملتقى مرة في كل سنة وليس كل سنتين، وأضاف ان أسماء المستحقين للجائزة تربو على عشرة أسماء غير انها أجمعت على الطيب صالح لأنه فتح آفاقا لفن الرواية وكان له أثره في ابداع أجيال من الكتاب. الطيب صالح تسلم الجائزة من الوزير حسني وقد ضجَّت القاعة بالتصفيق تعبيرا عن الاجماع الذي يحظى به هذا الروائي الذي لا يزال أثره يزدهر رغم توقفه من عقود عن الكتابة، أي بعد صدور روايته مريود. برز الطيب صالح بقوة لدى نشر روايته الأولى <<موسم الهجرة الى الشمال>> التي ذاع صيتها في كل أرجاء العالم العربي. اثر الطيب الروائي ساهم مساهمة فعالة ايضا في تعريف العالم الغربي لروايتنا العربية، وخصوصا العالم الأنكلو ساكسوني. بدا الطيب صالح مبتهجا وسعيدا لدى تسلمه الجائزة وإلقاء كلمته التي تضمنت امتنانا كبيرا لمصر، كما اعتبر نفسه محظوظا بفوزه <<إذ ان الأشياء حين تأتي من مصر يكون لها مذاق خاص وطعم خاص، ثم ان السودان على مرمى حجر من هنا، ولكن <<قدرنا ان نحب مصر>>، وهو ضمّن كلمته موقفا سياسيا وأخلاقيا وثقافيا من مجتمعاتنا وسياساتنا وثقافاتنا. تلا حفل التسليم، حفل غنائي وحفل كوكتيل.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الطيب صالح: نحن بلد لا تحط به الركبان: رغم أننا كرماء (Re: عبد الحميد البرنس)
|
نقلا عن "البيان": 2 Mar 2005 21:27:18 GMT انقسام في القاهرة حول دور الرواية في إعادة إنتاج التاريخ
ثمة تباين كبير فى المفاهيم حول العلاقة مابين الرواية والتاريخ طغى على مناقشات مؤتمر الرواية العربية فى يوميه الأول والثاني، الأمر الذي دعا البعض للتساؤل حول «ماهية الرواية ودور التاريخ » واعتراف البعض بوجود الرواية التاريخية ونفى آخرين لها من الأساس.
الناقد المغربي بنسالم حميش يؤسس لوجود الرواية التاريحية منذ ماقبل التاريخ الاسلامى فى قصص التاريخ المروى كقصة بناء مدينة ارم وسط اليمن بامر شداد بن عاد، وبناء الإسكندرية من قبل ذى القرنين الاسكندر المقدوني، وقصة سجلماسة «النحاس» وغيرها مما تناقله المؤرخون القدامى اضافة الى ماهو معروف من قصص السير والملاحم وألف ليلة وليلة معتبرا إياها إرهاصات وتلمسات روائية قبل بروز مفهوم الرواية ورسوخها كمشروع قصدي وجنس واع بذاته وهويته.
بينما تتساءل الروائية الاردنية سميحة خريس ماهو التاريخ اصلا ؟ مشيرة الى أنه السؤال الأكثر صعوبة أو الذي لاترغب في تحمل الإجابة عنه، فضلا عن أنها لا تحبذ الوصول إلى جواب عن سؤال : ماهى الرواية اساسا؟
ومن موقعها ككاتبة روائية تشير إلى أن القضية شائكة فقد احترفت الكذب على الواقع فى سبيل التخيل الاجمل وهو الرواية متسائلة: «هل تمارس الرواية تحليلها الخاص وتتحدث بمنطق مغاير عن منطق المؤرخين ؟». مؤكدة أن الروائي ليس همه تغيير الواقع او تزييفه، ولكنه يفلح فى قراءة مغايرة، قادرة على سبر الخفايا بحيث يمكن للخيالى فى العمل الفنى ان يمنح الواقعى معنى، ويمكن للروائي ان يزهو بمشاركته المحتملة فى صياغة الذاكرة.
الناقد الاردنى د. زياد قاسم يقول «ليس هناك رواية تاريخية وغير تاريخية، هناك رواية اجتماعية وكل رواية اجتماعية تستند الى التاريخ، وللروائى الحرية فى ان يصيغ من مخيلته القدر المطلوب من التشويق والمتعة لإبراز الحقائق التى حدثت آنذاك».
مشيرا إلى أن هناك فرقا بين رواية الواقع ورواية الوقائع، والرواية الواقعية التى تأخذ من الوقائع والأحداث استمتع فيها برؤية المجتمع والناس فى تلك الفترة وفقط .
أما الناقد السعودى عالى القرشى فيرى أن هناك مفهومين يتسلطان علينا الاول مفهوم التاريخ والثانى مفهوم التخييل في الابداع، وكلما حاولنا الخروج منهما نجدهما يتسلطان علينا، وينبغي ان ندرك بانه ليس هناك ضرورة للارتباط مابين الرواية ومحدداتها الزمانية، وليس هناك مايبرر البحث عن مرجعية زمانية ومكانية، لان الرواية فى النهاية ايهامية تخييلية، وهذا لا يمنع في النهاية ان توجد فى الرواية مرجعية مكانية لها وجود موضوعى فى الحياة والواقع يرتبط بها فى التحليل النهائى .
القاهرة ـ سيد رزق:
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الطيب صالح: نحن بلد لا تحط به الركبان: رغم أننا كرماء (Re: عبد الحميد البرنس)
|
نقلا عن "الوطن":
رواد مؤتمر القاهرة الروائي يهربون من التنظير إلى شهادات المبدعين الطيب صالح يحصد جائزة مؤتمر القاهرة الثالث للإبداع الروائي
الطيب صالح القاهرة: حازم عبده حصد الروائي السوداني صاحب رواية "موسم الهجرة إلى الشمال" الطيب صالح جائزة الدورة الثالثة لمؤتمر القاهرة للإبداع الروائي التي حملت اسم الروائي الراحل عبدالرحمن منيف. وكان المؤتمر قد اختتم أعماله مساء أمس بعد 5 أيام من المناقشات حول الرواية والتاريخ. وهذه هي المرة الثانية التي تذهب جائزة المؤتمر التي تبلغ قيمتها المادية 100 ألف جنيه لروائي عربي غير مصري حيث فاز بها في الدورة الأولى عبدالرحمن منيف. وقد عبر الطيب صالح عن سعادته بهذه الجائزة التي اعتبرها تكريما لجميع الروائيين السودانيين لأن قوافل التكريم تمر بالسوادن ـ حسب قوله ـ دون أن تتوقف عنده. وحول صالح كلمته في الحفل إلى خطبة سياسية انتقد فيها حكومة بلده. من جهة أخرى كرم وزير الثقافة المصري فاروق حسني لجنة التحكيم المكونة من الدكتور محمد بدوي والدكتور صلاح فضل من مصر، والدكتور عبدالله الغذامي من السعودية، والدكتور محمد شاهين من الأردن والدكتور محمد برادة من المغرب والدكتور محمود طرشونة من تونس والدكتور رشيد الضعيف من لبنان وجمال شحيب من سوريا وفؤاد التكرلي من العراق. لم يجد رواد فعاليات الدورة الثالثة لمؤتمر القاهرة للإبداع الروائى بداً من الهروب من جلسات البحث العلمي والجدل حول الرواية و التاريخ سوى شهادات المبدعين المشاركين في المؤتمر و التي حظيت بحضور أكبر لعذوبتها وما تكشف عنه من دوافع الإبداع لدى المبدعين. وكانت بعض شهادات المبدعين نفسها بمثابة صرخة في وجه التاريخ فوقفت الروائية اللبنانية علوية صبح لتقول "كانت مادة التاريخ تضجرني وأنا على مقاعد الدراسة إذ كان علي أن أبصمها وأحفظها غيباً كي لا أرسب فيها لم يكن يعني لي أكثر من تواريخ علي حفظها، من قتل من ؟ ومن خلف من على الحكم؟ . أما الأديب العراقي عبد الرحمن مجيد الربيعي فحاول أن يظهر حالة الحيرة العالقة بين الروائي والمؤرخ وقال إن" الروائي العربي غائص في الحاضر لا من موقع الشاهد فقط بل والشهيد غالباً" وتساءل :عندما نقرأ عملاً روائياً مستمداً من التاريخ هل سيكون تعاملنا معه على مقدار ما يحققه من فنية روائية عالية ؟ أم من الصدق في الأحداث ؟. من جانبها قالت الأديبة الكويتية ليلى العثمان في شهادتها لقد فرضت علي ظروف طفولتي أن أعيش في مناطق الكويت كلها بدءاً من البحر الذي نشأت علاقتي به وتعمقت كل طقوسه بوجداني فأخذ مساحة كبيرة في رواياتي وقصصي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الطيب صالح: نحن بلد لا تحط به الركبان: رغم أننا كرماء (Re: عبد الحميد البرنس)
|
نقلا عن " الراية القطرية":
مناقشات جادة حول فضاء التاريخ في الرواية العربية المعاصرة القاهرة - الراية- زينب عيسي: أكد الفنان فاروق حسني وزير الثقافة المصري ان فن الرواية اصبح ديوانا جامعا للأدب والفكر والفلسفة والعلوم والتاريخ حيث وجد في المبدع العربي ووجد فيه المبدع العربي وسيلة يرقي بها الي آفاق الجدارة ومثلت الابداعات العربية صورة بالغة التأثير عن الثقافة العربية المعاصرة فضلا عن استحقاق بعضها للتقدير الدولي جاء ذلك في كلمته امام ملتقي القاهرة الثالث للابداع الروائي العربي الذي بدأت اعماله بالقاهرة تحت عنوان الرواية والتاريخ بمشاركة نخبة كبيرة من المبدعين والمثقفين من مصر والدول العربية.
واضاف وزير الثقافة المصري ان الملتقي ركز في دورتيه السابقتين علي موضوعين هما خصوصية الرواية العربية في دورته التي حملت اسم الأديب الكبير نجيب محفوظ.
ثم موضوع الرواية والمدينة في دورته التي حملت اسم مفكر عربي كبير هو ادوارد سعيد.
وفي الدورة الحالية التي حملت اسم الروائي الكبير عبدالرحمن منيف نجتمع حول موضوع بالغ الثراء وهو الرواية والتاريخ، اذ طالما كان للتاريخ اغراء ابداعيا لدي الكثير من الروائيين نذكر في ذلك اتجاه نجيب محفوظ عميد الرواية العربية الي غواية الصياغة الروائية بمجمل تاريخ مصر وقد أنجز في ذلك ثلاثاً من رواياته الرائدة.
وأوضح ان الملتقي سيبحث خلال فعالياته ماهية الرواية التاريخية وحدود المبدع في تناول التاريخ سردا او تأويلا وأعرب عن أمله في ان يشكل الملتقي رؤية للمبدعين للاجابة عن اسئلة يطرحها الواقع الابداعي في الرواية العربية وموقفها ازاء الابداع الروائي في العالم وبلورة افكار للرقي الي آفاق أرحب من الابداع الروائي علي مستوي الافكار وأساليب الكتابة.
وفي كلمتها عن المشاركين العرب اكدت الروائية سحر خليفة انه رغم الاختلاف الفكري بين كل مبدع الا ان الملتقيات الثقافية تعد القاسم المشترك الذي يجمع الجمهور والكتاب موضحة تأثير ذلك في ابداع الروائيين حيث يتم رصد واقع الناس واهتماماتهم من خلال لغة الرواية التي تعد رصدا للابداع والجنون في آن واحد وكذا تحتفي بفكر الآخر وتقرب المسافات بين كافة الابداعات التي تتناول قهر الفرد وعجز المساحات المنبوذة داخل الاحلام المكسورة التي تهزمها السياسة القامعة للفرد والمجتمع.
واضافت ان الرواية بنت الواقع وشاهد التاريخ من الشمال الي اقصي الجنوب موضحة ان الرواية المعاصرة تتعدي وتتجاوز الحد الفاصل بين الواقعي والمتخيل وتتصل بالماضي والتاريخ لترصد مستقبل واضح الملامح ومن هنا جاءت اهمية هذه الاحتفالية الثقافية التي تعتبر شاهد امة وتاريخ وحضارة حيث طالما ارتبطت وعبرت عن المراحل التاريخية للأدب والمجتمع العربي علي مر انجازاته وانكساراته وانتصاراته.
د. حمد السيد اشار ان الرواية العربية تلعب دورا هاما وفاعلالتعريف الاجيال الشابة بأبعاد الحضارة العربية مؤكدا ان التاريخ يشهد بسلسلة من الافلام الوثائقية عن الصليبيين والمغول وامتداد الفتوحات الاسلامية كما ان وجود البحث العلمي والادبي في مجال التاريخ يتيح الفرصة للاطلاع علي تلك الحضارة وقد رصد عدد من الكتاب أمثال توماس فإن الذي قضي 16 عاما يكتب روايته الخالدة عن التاريخ رصدوا هذه الصلة الوثيقة بين التقدم والتواصل مع التاريخ بالاضافة الي ان التعليم والبحث والوقت الكافي للكتابة هو ثالوث لتقديم ابداع متميز وهذا ما نأمل مناقشته من خلال ندوات الملتقي.
اما الكاتب والروائي يوسف القعيد القي كلمة بالانابة عن الكاتب الكبير نجيب محفوظ قائلا: التاريخ عشقي منذ البدايات الاولي وترجمت كتابي الاول عن مصر القديمة بالاضافة الي ثلاث روايات تاريخية واري ان العلاقة بين الرواية والتاريخ علاقة وطيدة فالرواية هي رصد لحياة الناس بكل رؤاها واحداثها وهذا ما يفعله التاريخ وهناك العديد من المبدعين العرب والاجانب ممن رصدوا التاريخ في اعمالهم سواء الروائية او الشعرية مثل اعمال المؤرخ الامريكي هوبكن وجورج زيدان ومحمود فريد ابوحديد وقد أوحت هذه الكتابات لي بكتابة تاريخ مصر كاملا وهو مشروع توقف حيث استغرقني الحاضر ورغم ذلك قدمت كفاح طيبة وكانت اسقاطا علي القرن الماضي وبعد عشرين عاما كتبت العائشة في الحقيقة وهي عن اخناتون صاحب فكرة التوحيد وهي رواية عبرت عن رؤي واختلافات تاريخية في فترات اليأس ثم قدمت صلاح الدين وعنتر وعبلة حيث شخوص عاشت بالماضي واستوحيت من هذا الاطار القديم عددا من رواياتي التي ما زالت في ذاكرة التاريخ الادبي لذا اوجه رجائي للقائمين علي هذا الملتقي الثقافي الهام ان تمنح جائزة للروائي العربي المصري لاعتبارات فنية حتي نفتخر ان لدينا مؤتمرا يمنح جائزة لمبدع صاحب مشروع ابداعي خاص كما اطالب الامين العام للمجلس الاعلي للثقافة د. جابر عصفور بمهرجان للشعر العربي رغم ما يؤمن به من تفوق الرواية علي الشعر الذي يعد روح الادب بيد ان المذاهب الفنية والادبية لا تقتصر علي نوع ادبي دون الآخر.
وفاجأ د. جابر عصفور الحضور بقرار وزير الثقافة الفوري باقامة مهرجان للشعر العربي اعتبارا من العام القادم وفي كلمته امام المؤتمر اكد عصفور ان التاريخ موضوع الرواية من حيث كونه عنصر جذب اساسي لا سيما وان الروائي يعجز عن القول الصريح ويعاني من كثرة المسكوت عنه فيخجل من احداث التاريخ موازيات رمزية تدل علي الحاضر ورواياته المقموعة، واضاف ان التاريخ وسيلة لدفع الواقع المتخلف بل ظل الواحة التي تفر اليها الروائية الرومانتيكية العربية باحثة عن جذور الهوية الوطنية في سعيها للاستقلال ولا سيما في تتابع حلقات جورجي زيدان التي سلمها لمحمد فريد ابو حديد وهي حلقة وصل تسلمها محفوظ في بحثه عن علاقة الحياة بالتاريخ فجاءت رادوبيس ابداعا موازيا للروح الوطنية المقترنة بالتاريخ كما عبرت تماثيل الفنان محمود مختار عن العلاقة الوثيقة بين الفن والحضارة والرواية والتاريخ واوضح عصفور ان الرواية شغلت نفسها بالواقع الذي اشتبكت معه فاستبدلت الحاضر بتاريخ قديم كما فعل سعد مكاوي في روايته السائرون نياما 1965 حيث جاءت ارهاصا ملهما لاتجاه جيل ثم كتب جمال الغيطاني الزيني بركات 1984 وهي خطوة صاعدة علي طريق سعد مكاوي وهناك عشرات غيره حلقات في سلسلة اكتسبت اشكالا جديدة مع كل تحول ابداعي يوازي التحول الاجتماعي مشيرا ان جيل الخمسينات اختلف عن جيل الستينات الذي مثله بهاء طاهر ورضوان عاشور ونبيل سليمان وغيرهم وكان ذلك رؤية مغايرة للكتابة التاريخية ودلالة علي وعي مختلف للكتابة عن التاريخ للفهم والتأمل والبحث عن امكانات معالجة العلل وهكذا غزت الرواية التاريخية تأصيلا وسلاحا لمواجهة القمع التاريخي بل اصبح التاريخ موضوعا للمسألة ورمزا لارادة التحرر ولا تزال استمرارية الروايات التاريخية علامة ايجابية من علامات ثورة الرواية العربية علي تحدي التاريخ وتعرية للاساس الواهي الذي تبني عليه مدن المال وظل الهدف الكشف عن انسانيات جديدة مثل التي توصل اليها ابوالحسن الوزان هذا بالاضافة الي افتتان السينما بالتاريخ ودخول الرواية المعاصرة في مواجهة التحديات في ارتجال الحاضر عبر مراياه وقد يأتي هذا دلالة اننا نعيه لحظة تحول تاريخي وهذا الملتقي تجسيد لرغبتنا في مجاوزة التاريخ واحتجاج علي سياسة القمع التي استبلت الحوار بالاغتيالات
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الطيب صالح: نحن بلد لا تحط به الركبان: رغم أننا كرماء (Re: Mohamed osman Deraij)
|
محمد عثمااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااان أين أنت بارجل أشتاق اليك كثيرا لقدهيجت الذكربات لأيام نواصع (أيام يداية التعب) والانطلاق سأعود اليك يا محمد حينما يتوقف شلال الذكريات هذا الذي فتحته علينا شكرا على تعليقك هل تعرف أن (أخونا الطيب) كاد أن يضيع الجائزة لكثرة ما تخطفها الناس (سودانيين وغير سودانيين)للتصوير والمشاهدة وعندما هم بالخروج قال (يا جماعة ما في زول شاف الأوسكار بتاعتي وين) (الله ليك يا طيب)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الطيب صالح: نحن بلد لا تحط به الركبان: رغم أننا كرماء (Re: أيمن حسين فراج)
|
I like this part
Quote: - نحن قوم مرتاحون (لا أحد يطلب منا شيء فإن قالوا العروبة قلنا نحن لسنا عربا (رغم أننا عرب) وإن قالوا أفريقيا قلنا نحن عرب فلا يطلبون منا شئ حتى جاء مؤخرا بعض الساسة بحماقاتهم (فللساسة حماقات) جاءوا ليتبنوا قضية لسنا أهلها فنحن ليس عندنا أزهر ولا مكة ولا مدينة ولا جامع اموي ولا قيروان ولا قبر لصحابي واحد فما لنا وهذا
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الطيب صالح: نحن بلد لا تحط به الركبان: رغم أننا كرماء (Re: أيمن حسين فراج)
|
الاستاذ ايمن حسين تحياتي لك وانت تعبر عن مدي فرحتك بالطيب صالح بهذا الاحساس الجماعي وبرغم ان سعادتي بالطيب لا يسعها وصف الا انني جد حزين لان هذا الحدث الكبير قد فاتني حضوره لبعض المشغوليات ...وعزائي انك وعكاشة وامين نقلتوه لنا عبر سودانيز ...اقول فرحتي بالطيب ولا اقول بالجائزة , لان مجرد وجود الطيب صالح في اي حيز مكاني من شأنه يشيع جواً من الشعور بالزهو والفخر وعنما ينثاب صوته الفخيم ينتابك شعور استثنائي لا تجد له مسمي , وكلماته في اخر محاضرة له بجامعة القاهرة العام الماضي ما زالت ترن في اذني ...اما الجوائز فهي كانت تاتي اليه وهي تجرر اذيالها طوال مسيرته السامقة , الا انه وبتواضع العلماء وباخلاق النبلاء كان يدير لها ظهره وهي لا تلبث ان تاتي ثانية رغم عقبات العزّال ... امد الله في ايام كاتبنا الاريب طيب صالح ومتعه بالصحة والعافية
التحية موصولة الصديق الجميل البرنس صاحب تداعيات البلاد البعيدة ...وله اقول افتقدناك كثيرا وافتقدتك القاهرة ...وسعيد جدا بانضمامك للمنبر الذي نور بمقدمك واسف علي التأخير في الترحيب بك وانت الاحق بكل احتفاء لكم جميعا كل الحب جماادريس
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الطيب صالح: نحن بلد لا تحط به الركبان: رغم أننا كرماء (Re: sumah)
|
ماذا قال احمد سعيد محمدية عن الطيب صالح؟
رايته اول مرة في بيت سفير السودان في لندن جمال محمد احمد . كان الطيب وديعا رقيقا ويكاد ان يكون حبيبا .
وأخذت أرقبه وكاني استطلع فيه صورة غريبة من صور الكون العجيب .... كم تختلج وراء هذا المظهر الهادئ براكين فنية !!!!! وكم تختفي وراء هذه البساطة عوالم جياشة .
كنت قد قرأت اعماله العملاقة القليلة والنادرة ( موسم الهجرة للشمال) ( وعرس الزين) ( وروايتيه الخالدتين- وقصتيه ( دومة ود حامد ) و ( حفنة تمر) وكنت احس ان موهبة عظيمة قد انفجرت في وطننا العربي ، وانها قد بدأت تنساب رافدا دافقا في نهر الادب العربي المعاصر ، وأن هذه الموهبة تتويج للرواية العربية ، وتصعيد لمكانتها في الفن الروائي العالمي .
وكان الضؤ قد بدأ يشع حول الطيب صالح وينير اعماله الفذة ، وكان عن تواضع جم يستغرب هذا الاحتفاء ويكاد ان ينكره . وكان الذين يرون هذا الجانب فيه يدركون ان الطيب صالح لا يرفض هذا الاحتفاء عن عدم ثقة ولكن عن اصالة وعن ايمان الفنان فيه بأن دورته الفنية لم تكتمل ، وأنه لم يعط بعد كل ما يريد .
..................................
كان يذكر المتنبي والنواس ، ويذكر شكسبير وييتس ، وكان لديه المقدرة على استخراج الؤلؤ من اعماق الادب العربي ، والجواهر من اعماق الآداب الغربية - والانجليزية منها خاصة . وكانت له المقدرة على فهم روحي الحضارتين والمقارنة الذكية بينهما
......
من هو اذن الطيب صالح؟
انه باختصار شديد ابن التمازج الحضاري والعرقي العربي الافريقي ... السودان _
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الطيب صالح: نحن بلد لا تحط به الركبان: رغم أننا كرماء (Re: الطيب شيقوق)
|
العزيز ايمن لك عصير القلب ونفس الروح وانت تعلم ياحبيبي ( دون أن يغير احد حولك من كلمة حبيبي) فنحن نحبك في الله ونحبك في شخصك البهي )
ايمن يا قيس هي هبة من الله أن تقول ليلى ويصمت قيس
Quote: وقال موجهاً حديثه الى المصريين: "دعوناكم إلى الحب ويبدو أنكم لا تصدقوننا كأننا قيس وأنتم ليلى، ولكننا مثل كل محب سنتحلى بالصبر"· |
Quote: وقال النقاش: "لا نعرف في المصادر التاريخية أن ليلى تكلمت لأن كل ما وصلنا عن قصة الحب كان من أقوال قيس". |
ولنخرج لذلك الرجل الجميل الملك اين صورته مع الطيب الناس ترسل لي الاميلات تسأل من الصور وانا محاصر بالغياب..... وهذا حديث الملك في سودانيات
http://sudaniyat.net/forum/viewtopic.php?t=71
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الطيب صالح: نحن بلد لا تحط به الركبان: رغم أننا كرماء (Re: Amin Mahmoud Zorba)
|
هذا التعقيب جاءني من الاستاذ هلال زاهر فله الشكر والتجلة تعقيب علي نحن بلد لا تحط به الركبان : رغم أننا كرماء الأستاذان : ايمن حسين فراج و عبد الحميد البرنس ان الركبان هذه المرة قد حطت في بلد الطيب صالح طائعة مختارة و ارتوت من نمير زلاله , وتزودت منه كأنه ماء زمزم هدية غالية يتبرك به ويرجي فيه الشفاء , وازعم ان السودان غني بالمبدعين من أبنائه في دنيا الأدب و الشعر , ولكن محدودية النشر و الانتشار و التواضع الطبيعي للأنسان السوداني يحول دون انتشار إنتاجهم بل معرفة الغير من العرب به , ولكن أديبنا الطيب فتحت له أبواب الأدب في ترحيب و احتفاء . الطيب طاب نفسا و معني , وأصالته السودانية القابضة علي السماحة و التواضع جعلته لا يسعي الي مجد أو سمعة و لكنها جاءته تهرول إليه , واعترف الناس به عن طواعية عن حب و تقدير صادق لادبه الراقي , ولرقي أخلاقه و سجآياه , وهو الأديب الحر الذي لم يهن قلمه ولم يدق علي أبواب الحكام تزلفا , وهو الذي وقف صامدا الي جانب شعبه أمام الطغيان و الاستبداد , وهو وجه السودان المشرق في العالم بعد ان لطخه الجبهجية فوسم السودان بالإرهاب و إيواء الإرهابيين , وفي الداخل ساموا الناس الخسف و العذاب , وهو القائل فيهم (( من أين أتى هؤلاء ؟!)) . و بالطيب شرفنا , وشرف به وطننا فحيثما ذكر الطيب ذكر السودان مقترنا بصفاته الباهرة . أسعدتني الظروف ان التقي به في النصف الأول من القرن الماضي , و تزاملنا لمدة عامين في كلية المعلمين الوسطي بالدفعة الرابعة بمعهد التربية ببخت الرضا , فقد بدأ الرجل حياته العملية معلما , ثم كنا معا وثلة من الزملاء لمدة شهر في رحلة لدراسة جبال النوبة الشرقية و كانت من أمتع الأوقات التي مرت بي , ولقد كتبت مقالا في صحيفة الأيام في شهر مايو 2000 عن بخت الرضا و أيامنا فيها , وكان ما تناولته في المقال كلمات عن الطيب جاء فيه : (( ولا أود ان انهي هذه الذكريات العذبة دون ان أشير الي واحد من دفعتنا صار له فيما بعد شأن مستحق و شرف الأدب السوداني بل السودان و الرواية العربية وهو الأخ الطيب محمد صالح , واذكر عنه انه كان كما يقول الإنجليز Gentleman , هادئ الطبع , ودود , سمح النفس , عميق الصوت في موسيقية محببة أهلته فيما بعد ليكون المع مذيع في أل B.B.C هيئة الإذاعة البريطانية , وكان متدينا في غير غلو أو رئاء , كثير الاطلاع , ولم يكن يشاركنا حماقاتنا و مشاويرنا الي الدويم . )) هذا ما عنّ لي ان اذكره عن هذا الإنسان الفذ و الأديب العالمي الطيب صالح و الذي أرغم رواحل الركبان من العرب ان تحط رحالها في السودان . والأدب لا وطن له , ولا يعرف عربي أو عجمي , ولا جنس ولا ملة , وهو كالغمام الحبلي بالماء تحمله الرياح أنى شاءت فتهطل ماء الحياة و النماء , وحسبنا أمثلة معاصرة وول سوينكا و ماركيز و نجيب محفوظ و الطيب صالح , وقديما كان هناك علي أزمان متفاوتة الجاحظ و تشيخوف و دكنز و برنارد شو و طه حسين . و أخيرا , وبالطيب حطت الركبان في السودان و تزودت من كرمه . هلال زاهر السادتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الطيب صالح: نحن بلد لا تحط به الركبان: رغم أننا كرماء (Re: عبد الحميد البرنس)
|
بهنس الرجل العظيم (الذي كان الطفل المعجزة) لقد تهيبت كثيرا يا بهنس الدخول إلى عالمك (عالمي) وانت تكتب عن بوب. لأن الكتابة عن بوب تأخذني إلى عوالم من الذكريات الجميلة التي تقاطعت مع هذا الوطن طوليا أيام كان بوب يملأ شوارع الخرطوم (بهجة وقوة وأملا وأزياءً ودخاخين وضفاير) وكنا صغارا نتعشقه ولما كبرنا قليلا مات فملأ شوارع الخرطوم (بهجة وقوة وأملا وأزياءً ودخاخين وضفاير ثم بيوت بكا) شلنا الفاتحة في صيوانات بوب (في بحري وفي أم درمان... الخ) ولما رحلنا إلى هذا الشتات حملناه في حقائبنا مع صور الأباء والأمهات والأحبة وما أن استراح في دواخلنا حتى جئت أنت لتنكأ فينا (الكرامة والقوة والبهجة.....إلخ....) ولم تكتف يا بهنس (يا طفل يا معجزة) بل جئتني أنا تحديدا دون خلق الله بصورتك أنت بوب وبهنس والبرنس والصادق الرضي وبكري خضر ولقمان عبد الله أنت الطيب عبد الله وعبد الله الطيب والطيب صالح صورتك تحيلني إلى كل ما هو طيب وجميل كتلك الأيام الرائعة التي كنت التقيك فيها ونحن نتسكع في حدائق (مايو/أبريل/الشعب) أيا كان اسمها فقد كانت فضائنا الوحيد وقتها كان الصادق الرضي يصيح بمرحة الذي تعرفه وهو يلقي بين أيدينا إسم هذا الشاب (الممسك بفرع شجرة بينما يشع ذكاءا) قائلا أعرفكم ببهنس –الطفل المعجزة اتذكرك الأن تماما يا بهنس تماما اشكرك لذكاءك ومداخلتك الموقوته فلم يكن حريا بنا أن نلتقي إلا في حضرة الطيب صالح أو بوب أو البرنس أو أو الرضي أو محمد أو مساعد أو شيقوق او زوربا أو جمال أو أي (زول وزولة) كلو واحد (انتم وطني وأحبتي فشكرا لكم لأنكم تمنحوننا الفخر والكرامة)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الطيب صالح: نحن بلد لا تحط به الركبان: رغم أننا كرماء (Re: أيمن حسين فراج)
|
مقاومة النظرية الأدبية فخري صالح الحياة 2005/03/2
ما معنى النظرية الأدبية المعاصرة، وما هي دائرة اهتماماتها وأين توجد حقول عملها، وكيف تنظر إلى نفسها بصفتها ممارسة؟ علينا أن نسأل أنفسنا هذا النوع من الأسئلة لنفهم الأسباب التي جعلت أعداء النظرية يهاجمونها بهذا القدر أو ذاك من الشراسة عادّين ممارسة النظرية شكلاً من أشكال التعبد الصنمية التي اجتاحت الممارسة الثقافية في الجامعات والمؤسسات الأكاديمية بعامة، وصولاً إلى الصحف والمجلات وحتى البرامج الإذاعية والتلفزيونية في الغرب، وكذلك في العالم العربي. فعلى رغم صعوبة هذا النوع من الكتابة، الذي أطلق عليه بصورة خرقاء اسم "النظرية الأدبية"، وتعقده ولغته المتحذلقة في أحيان كثيرة، استطاعت النظرية أن تنتشر خلال ربع القرن الأخير انتشار النار في الهشيم آخذة في طريقها أشكالاً وأساليب كانت سائدة، مهدمةً قلاع التقليد في الدراسات الأدبية وسائر العلوم الإنسانية.
النظرية الأدبية هي نوع من الكتابة العابرة لحدود التخصصات مما جعل انتشارها في المؤسسات الأكاديمية وغير الأكاديمية سريعاً وشديد التأثير، وقادراً على الحلول محل التخصصات الضيقة والمعالجات الموضعية في حقول مثل النقد الأدبي وعلم النفس وعلم الاجتماع وغيرها من العلوم الإنسانية.
في هذا السياق من تطور عدد من المعارف الجديدة، التي وضعت تحت عنوان عريض هو "النظرية الأدبية"، أخذت مظلة المصطلح تتسع لتشمل حقولاً من التحليل لا أظن أنه خطر ببال البنيويين الأوائل أنها ستنسب للبنيوية أو أنها ستكون نقيضاً لها طالعاً من داخلها. وبغض النظر عن مجال التحليل أو طبيعة الاهتمامات، أو التشديد على مفاهيم بعينها أو الرغبة في الكشف عن صيغ متباينة من الممارسة الإنسانية، فإن ما يأسر اهتمام النسل الجديد من المعارف والخطابات هو الإمكان غير المسبوق لغزو مناطق جديدة من التعبير والممارسات وصيغ الوجود الإنساني. لقد بدأنا بالنص الأدبي، ومحاولة إيجاد علم للأدب مع الشكلانيين الروس، مروراً بمحاولات البنيويين الفرنسيين والأميركيين لضبط النظام في اللغة والأدب، وانتهينا إلى تشظي المعارف وحقول التحليل التي تتراصف تحت العنوان العريض للنظرية. وهكذا فإننا عندما نتصفح أي كتاب يدور موضوعه حول النظرية الأدبية سنجد عدداً كبيراً من المدارس والتيارات والتخصصات والقراءات التي اجتمعت كلها تحت سقف "النظرية الأدبية". إن جولي ريفكين ومايكل رايان، على سبيل المثال، يضعان العناوين التالية لفصول كتابهما "النظرية الأدبية: مختارات"، والذي تزيد صفحاته على 1100 صفحة: شكلانيات، البنيوية واللسانيات، التحليل النفسي، الماركسية، ما بعد البنيوية والتفكيكية وما بعد الحداثة، النسوية، دراسات الجنس: دراسات المثلية الجنسية ونظرية الشذوذ، صيغ من التاريخانية، دراسات الأعراق وما بعد الاستعمار والدراسات الدولية، الدراسات الثقافية. وهي عناوين، كما هو واضح، تدل على انفجار ما يسمى "النظرية الأدبية" وتوزعها على موضوعات وخطابات لا تحصى. وإذا طالعنا الأسماء التي تضمها مختارات ريفكين ورايان فإنها تجمع إلى أسماء بوريس إيخنباوم وشكلوفسكي وميخائيل باختين، وكليانث بروكس ورومان ياكوبسون وكلود ليفي شتراوس وجاك لاكان وجاك دريدا وميشيل فوكو وجان فرانسوا ليوتار وهيلين سيكسو وأدريان ريتش وإدوارد سعيد وهومي بابا، أسماء أخرى مثل سيغموند فرويد وكارل ماركس وفردريك نيتشه ومارتن هايديجر وثيودور أدورنو وتوني موريسون. ومن الواضح أن جامعي هذه المختارات يقصدان الذهاب بعيداً للوصول إلى أسلاف هذا الخطاب الجديد الذي نطلق عليه "النظرية الأدبية".
لقد أصبحت النظرية الأدبية علم العلوم، كما كانت الفلسفة في غابر الزمان، وأصبح الناقد الأدبي العتيق، الذي غاب تحت ركام الخطابات المتباينة، مطالباً بتوجيه اهتماماته لا إلى النصوص الأدبية فقط بل إلى جميع مظاهر الوجود إلى الحد الذي دعا واحداً من مؤرخي البنيوية الأوائل، هو جوناثان كَلَر، إلى القول إن النظرية الأدبية ليست معنية بالدراسات الأدبية فقط بل بمجموعة من الكتابات التي تتناول كل ما تقع عليه أشعة الشمس؛ إنها تتضمن أعمالاً في الأنثروبولوجيا وتاريخ الفن والدراسات السينمائية ودراسات الجنس Gender واللسانيات والفلسفة والنظرية السياسية والتحليل النفسي، والدراسات التي تدور حول العلم ومفهومه، والدراسات التي تتناول التاريخين الثقافي والاجتماعي، وعلم الاجتماع. كما أن هذه النظرية تعيد النظر في المعايير المتداولة والمسلمات وتبحث عن بدائل لهذه المعايير والمسلمات والافتراضات التي نعتقد بصحتها، وهي ليست كذلك. إنها تضع موضع المساءلة عدداً كبيراً مما نأخذه في حياتنا اليومية وكتاباتنا على عواهنه، ومن ضمن ذلك مفاهيم مثل المعنى، والمؤلف، والقراءة، والذات، وعلاقة النصوص بشروط إنتاجها.
إن النظرية بهذا المعنى عابرة للاختصاصات، تؤثر في حقول معرفية بعيدة من الدائرة التي تعمل ضمنها. ولعل تيري إيغلتون مصيب إذ يقول في كتابه "النظرية الأدبية: مقدمة" (1983) إن النظرية الأدبية هي "كتلة من الخطابات الواهية الصلة ببعضها بعضاً نجمعها تحت عنوان موقت هو النظرية. ليس للنظرية تلك الهوية العتيقة المصونة التي تمتلكها الخطابات الأخرى، ومن ثمّ يمكن استخدامها لأغراض وغايات مختلفة".
إذا كانت النظرية لا تستقر على حال، كما أنها تعمل في عدد لا يحصى من الحقول، فمن أين تنبع مقاومتها والتحريض ضدها، والدعوة للتخلص منها والحديث عن قصورها وصنميتها؟
يبدو أن الانتشار الواسع للنظرية الأدبية، وقدرتها على الامتداد إلى حقول ومناطق جديدة كانت في السابق حكراً على بعض المعارف والعلوم الإنسانية، وكذلك معالجتها للممارسات والتعبيرات الإنسانية المختلفة بصفتها نصوصاً خالصة، قد أدى إلى ترهل النظرية وابتعادها شيئاً فشيئاً عن إدراك الشروط السياسية والاجتماعية التي تجعل من "النصوص" التي تقرأها النظرية ممكنة الوجود.
يرى إدوارد سعيد في كتابه "العالم والنص والناقد" (1983) أن " النصية Textuality فرع من فروع النظرية الأدبية غامض وملغز ومطهّر إلى حد بعيد (…) وغالباً ما تعزل النظرية الأدبية، كما تمارس في الدراسات الأكاديمية الأميركية الآن، النصية عن الظروف والأحداث والإحساسات الفيزيائية التي جعلتها ممكنة الوجود وصيرتها واضحة ومدركة بصفتها نتيجة للعمل والجهد الإنسانيين". ويختلف سعيد مع هذه الممارسة انطلاقاً من كونه يرى أن النصوص الأدبية "في أكثر أشكالها مادية منشبكة بالظرف والزمان والمكان والمجتمع. إن النصوص موجودة في العالم (الدنيا)، ومن ثمّ فإنها دنيوية". وعلى هذا الأساس فإن هدف النقد الدنيوي هو "الوصول إلى إحساس مرهف بما تستلزمه قراءة أي نص، وإنتاجه وبثه، من قيم سياسية واجتماعية وإنسانية".
انطلاقاً من هذا الفهم لوظيفة النقد يميز إدوارد سعيد بين النظرية والوعي النقدي "فالوعي النقدي هو إدراك الاختلاف بين المواقف، وإدراك الحقيقة التي مفادها أن لا نظام، أو نظرية، يمكن أن يستنفد الموقف الذي منه انبثقت أو إليه انتقلت هذه النظرية (...) إن الوعي النقدي هو إدراك مقاومة النظرية، وإدراك ردود الفعل التي تثيرها النظرية في التجارب والتأويلات الملموسة التي هي في صراع معها. وفي الحقيقة أنني أريد أن أذهب بعيداً وأقول إن عمل الناقد هو توفير مقاومة للنظرية، وفتح هذه النظرية على آفاق الواقع التاريخي، على المجتمع والحاجات والاهتمامات الإنسانية. إن عمله هو أن يحدد الشواهد الملموسة المستخلصة من الواقع اليومي الذي يكمن خارج أو بعد منطقة التأويل".
تمثل الفقرة السابقة التي اقتبسناها من إدوارد سعيد واحداً من أكثر المواقف المضادة للنظرية قوة. إن سعيد، على رغم كونه واحداً ممن أسهموا في تطوير آفاق النظرية الأدبية المعاصرة في الغرب بخاصة والعالم بعامة، يفضل النقد على النظرية، ويسعى من خلال نقده لها إلى إعادة الاعتبار للنقد والتاريخ والوعي المستند إلى الممارسة الإنسانية التي وقفت منها النظرية، بعامة وعلى الأقل في أكثر أشكالها انحيازاً للنصية، موقف عداء. وهو الأمر نفسه الذي يتنبه له تيري إيغلتون عندما يقول: "أظن أنه عندما تتجاوز النظرية الممارسة، وأنا هنا لا أتكلم بالتحديد عن النظرية الأدبية بل عن النظرية بالمعنى الواسع للكلمة، فإن ذلك يؤشر باتجاه وجود مشكلة. إنه يشير إلى وجود مشكلة في الواقع الاجتماعي العملي، وهذا بالطبع سوف يدفع النظرية إلى الالتفات إلى نفسها بأشكال قد تكون غير منتجة: وهذا يعني أن النظرية تصبح في شكل من الأشكال مكتفية بنفسها، ومولدة ذاتياً".
إن الافتتان الثقافي بالنظرية الأدبية، في أوساط المؤسسة الأكاديمية الغربية، يقابله تنبه إلى المشكلات التي تولدها والحدود التي تقيم ضمنها عبر تناسي الشروط المولدة للنصوص والممارسات، في بعض تيارات هذه النظرية. لكن نقد النظرية، بوضع تياراتها في سلة واحدة والتعامل معها بصفتها متشابهة، يغفل في الحقيقة كونها مجرد مظلة تجتمع تحتها أشكال متنافرة من الممارسات النصية والنظرية والتحليلات التي ترتكز إلى مفاهيم وتصورات مختلفة للنصوص والعالم. لكن مقاومة النظرية، سواء بأشكالها التقليدية المعادية للتجديد النظري والمعرفي أو من خلال نقدها من داخلها، كما يفعل إدوارد سعيد وتيري إيغلتون مثالاًً لا حصراً، هو نوع من الحيوية الثقافية والسياسية والاجتماعية التي ترفض أن يتحوّل الوعي النقدي للعالم إلى مجرد ممارسة نصوصية على الورق بحيث ينسحب المثقفون إلى شرنقتهم الداخلية ليمارسوا طقساً سحرياً في فصل البشر عن شرطهم التاريخي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الطيب صالح: نحن بلد لا تحط به الركبان: رغم أننا كرماء (Re: Hassan Elhassan)
|
وإليك وإليه هذا الإهداء من مركز الحوار العربي في واشنطن للقاء في حضرة الأديب الأريب الطيب صالح
الطيب صالح فى مركز الحوار العربى: الامة العربية امة قفزات .. لاأمة حسابات! الطيب الصالح: السلام عليكم ورحمة الله، وأود أن اعتذر أشد الاعتذار على هذا التأخير لأني حبستكم مدة ساعة، ولكني وضعت نفسي في أيدي هؤلاء السودانيين الضائعين فضيعوني، نحن ككل العرب، يكون الهدف قريبا، لكن نتوه عنه ونأخذ الكثير من الوقت لنصل اليه. فانا آسف جدا. كما أشكر الأخ صبحي على كلماته الجميلة ولعل هذا أجمل تقديم حظيت به. طبعاً الجهد الذي يقوم به الأخ صبحي من عدة جهود عربية في بلاد المهجر للم شمل العرب وللتفكير بقضايا الأمة العربية ومحاولة ايجاد مخارج من ما يسمى بالأزمة، ونحن ما في شك نواجه أزمة. وأنا حضرت على مدى هذه الأيام الماضية عدة مناقشات في وجوه كثيرة من قضايا الأمة العربية. أنا صحيح كثير السفر بحكم عملي في منظمة اليونسكو، ولكن الآن رغم تقاعدي من اليونسكو ما زلت أتجول كثيرا في البلاد العربية. وما يدهشني دائما ويحيرني هو كثرة الامكانات وكثرة المواهب في هذه الأمة. يعنى انتم الآن ممكن تقيموا بلد، أنا متأكد من ان الجمهور المتواجد هنا فيه اختصاصات ومعارف وناس درسوا وفكروا، ومثلكم في كل مكان، في المغرب في تونس في ليبيا في السودان في لبنان في سوريا في مصر في بلاد الخليج في المملكة العربية السعودية، ناس كثيرين عندهم طاقات وعندهم خيال وعندهم رغبة واحساس بأن هذه الأمة تستحق الوصول الى شيء أحسن. فلماذا نحن أقل مما نحن مؤهلون له؟ لذلك أي جهد في اقامة حوار وفي طرح القضايا- كالذي يقوم به مركز الحوار العربي هنا- يستحق التأييد ويستحق التشجيع. ويجب أن أعترف أني حقيقة عاشق للأمة العربية، ولعلي لست بدعة، فنحن في السودان عرب وزيادة، كما كان يقول أحد شعرائنا الكبار "رحمه الله" صلاح أحمد ابراهيم، يقول "نحن عرب وزيادة، فينا شيء آخر". ولذلك، عندنا هذا الحنين إلى مراكز التأثير العربي، بيروت كانت منطلقا مبكرا بالنسبة لنا، ففي بدايات العهد الانكليزي كانوا في السودان يرسلون بعثات الى بيروت، كانوا يستصعبوا الارسال الى بريطانيا في تلك الأيام.. بعدين غيروا سياستهم، ولم يرسلوهم الى مصر، لأنهم لا يريدون منهم أن يتأثروا بأفكار الوحدة مع مصر. فهؤلاء الناس، يعني صادف بأنهم جميعا أصبحوا من كبار رجالات الدولة في السودان، ومنهم المرحوم اسماعيل الأزهري أول رئيس للدولة في السودان، وناس كثيرين من المربيين الفضلاء الذين تعلمنا على أيديهم. ولذلك، نشأ بيننا وبين لبنان على بعد الشقة، نوع من الألفة. ثم أنا شخصيا خلال عملي في هيئة الاذاعة البريطانية كنت أقضي أوقات طويلة في بيروت في مكتب الهيئة في بيروت. وهناك، في أواخر الخمسينات والستينات، تعرفت على المناخ الثقافي في لبنان، وتعرفت على عدد كبير من الشعراء والكتّاب، ليس فقط من اللبنانيين.. بل أيضا من الفلسطينيين والسوريين والعراقيين. فبيروت كانت ملتقى لكل هذه التيارات، وتوجد معنا الآن هنا الأخت ناهدة الدجاني التي تشرفت بمعرفتها ومعرفة زوجها في تلك الأيام في بيروت. ثم بيروت كانت أول من نشر لي، فأنا أدين بالفضل للبنان، لأني أول ما نشرت، نشرت في لبنان. واللبنانيون عندهم هذه الحفاوة بالثقافة، ومن العجيب أني فهمت القضية الفلسطينية ربما أكثر خلال زياراتي للبنان. السودان كان دائما سندا للأمة العربية، نحن في شمال السودان، والشمال بمعناه الواسع، بمعناه الشمال والغرب والشرق والوسط، دائما عندنا هذا الاحساس العميق بانتمائنا للأمة العربية دماً وفكراً وديناً، كنا نظن أننا العرب الوحيدين في العالم، لأننا ما شفنا كثيرين، حتىالأربعينات، من أخواننا العرب من الشمال فكان عندنا هذا الاحساس بالعصبية العربية الشديدة، هذه العصبية طبعاً الآن أصبحت عرضة للجدل لأنه اخواننا الجنوبيين، ومعهم الحق، يريدون هوية تشملهم، وهم ليسوا عرباً، لكننا نحن عندنا هذا الاحساس العميق باننا جزء من هذه الأمة ودائما تظهر عواطفنا، لأن السودانيين لا يعبرون عن عواطفهم باندفاع وسهولة، عندهم شيء من الحياء اذا قورنا باخواننا المصريين الذين هم أقدر منا على التعبير عن عواطفهم، ولكن في أزمات الأمة العربية، دائما كان السودانيون واضحين في انتمائهم لهذه الأمة، ولست بحاجة أن أذكركم بما حدث عام 1967 اثر الهزيمة المرة التي منيت بها الأمة العربية، حيث كانت الخرطوم هي العاصمة العربية التي احتفت بزعيم الأمة المهزوم كأنه زعيم منتصر الى درجة أدهش الناس في الغرب، ما هذه الأمة، عندهم في الغرب الزعيم اذا قاد الأمة الى هزيمة خلاص انتهت القضية، فما هذه الأمة التي تحتفي بزعيم مهزوم كأنه منتصر، ثم دائما قواتنا حاربت في فلسطين في كل الحروب، وحاربنا مع اخواننا المصريين، وقواتنا شاركت في لبنان وفي الكويت. دائما وابدا كنا سندا للأمة العربية ولا نفعل ذلك منةً ولا مجاملة ولكنه الشيء الذي يجيش في قلوبنا وصدورنا لأننا نتمي حضاريا وفكريا ووجدانيا لهذه الأمة العربية. هذه بعض الأسباب التي جعلتني أرحب بدعوة الأخ صبحي، وأحضر هذا اللقاء، وبصراحة أنا جئت وما عندي أي شيء محضّر، واعتمد عليكم بأن تطرحوا الأسئلة وسأحاول أن أجيب عليها ثم تشاركون انتم في الحوار. يعني القضية أني لست أملك أي حكمة انتم لا تملكونها وتريدون أن أعطيكم اياها، ولكن لنتبادل الآراء في أي شيء تحبون طرحه.. والله الموفق.. وشكراً. وردا على سؤال: كيف يفهم الطيب صالح العلاقة بين الاسلام والعروبة والوطنية والديمقراطية، قال: هذه قضية طويلة وكبيرة.. هذه عايزة Symposium ، مش لقاء. حقيقة نحن السودانيين بنأخذ الأمور كما هي، يعني الى حد قريب ما كنا نسأل عن موضوع قضية الهوية.. هذه التي جاءتنا من بلاد الشام، ما كان عندنا أزمة الهوية: من نحن.. وايه تركيبتا.. الى أي حد نحن عرب والى أي حد نحن أفارقة، نحن عرب مسلمين هذا هو الذي نفهمه، في السودان. يقال في السودان: دا ولد عرب، والعروبة عندنا قضية مفروغ منها، مفهوم قائم بحد ذاته، لما يقال دا فلان ولد عرب، دي قيمة. بعدين يدخل في نطاق هذه العروبة كل من يتكلم اللغة العربية، عندنا في الشمال قبائل نوبية وهي أعرق قبائل في وادي النيل هؤلاء أمة ورثت الحضارة الفرعونية القديمة، وهم الآن عرب. بعدين نحن مسلمون.. الحقيقة المهمة في السودان، هو ان الاسلام دخله سلماً ولم يدخله حربا، وأنا متأكد ان العديد منكم يعرف تاريخ السودان، لكن فقط اذكركم ان دخول العرب للسودان بدأ في بداية الفتح العربي لمصر لأن بعدما دخل عمر بن العاص مصر في خلافة سيدنا عثمان بن عفان (رضي الله عنه) دخل جيش عربي بقيادة عبد الله ابن ابي الصرح، ووجد ممالك مسيحية مستقرة ومتطورة ومتحضرة جداً فصالحهم العرب، صالحوهم ولم يحاربوهم، ثم ظلت القبائل العربية تهاجر جنوباً وتدريجيا بدأ التزاوج بين العرب وبين القبائل النوبية الى أن آل الأمر الى العرب والى المسلمين وتكونت عندنا دولة عربية اسلامية هي دولة سنّار، وسنّار هذه دولة كثير من المؤرخين اعتبروها تعويضا عن ضياع الأندلس حين قامت في السودان هذه الدولة المسلمة العربية. فنشأ عندنا اسلام يتميز بروح تسامح لا حد لها. ما عندنا ابدا التشنج بأمور العقيدة، وعندنا في أم درمان، التي هي العاصمة الوطنية للسودان، حي كامل يسمونه المسالمة، لأنه لهؤلاء أصول قبطية وبعضهم دخل الاسلام وبعضهم ظل على مسيحيته، ومرات في العائلة الواحدة تجد جزءا مسلما وجزءا نصرانيا، ثم نحن في اسلامنا أخذنا كثير من التراكمات الحضارية الموجودة في وادي النيل، فالاسلام بالنسبة لي هو هذا، ولذلك ما يحدث الآن في السودان، أنا أعتبره ضد طبيعة الأرض وطبيعة الحضارة التي أنشئناها على مدى القرون، هذه الحدة في الفصل بين الأمور، انه هذا مسلم وهذا غير مسلم، وهذا كافر.. لم يكن عندنا هذا الكلام، وأظن أن المنطقة العربية كلها تميزت بهذه السماحة في المعاملة منذ صدر الاسلام، منذ عهد الرسول، وفي التاريخ طبعا تعرفوا بانه في معركة القاديسية حين اصيب المثنى بن حارث الشيباني التفت خلفه فوجد عربيا نصرانيا، فقال له: أنت لست من ملتنا ولكنك أخونا فاحمل الراية. عربي نصراني حمل راية المسلمين في معركة القاديسية. هذه القضية مهمة جدا لانه الآن في الغرب يتهموننا بأننا ناس متزمتين ومتعصبين، بينما حضارتنا كلها قائمة على فكرة التسامح وفكرة خلط الأخذ من كل شيء مفيد وجمعها في سياق واحد. في بلاد الشام فعلوا ذلك، في وادي النيل فعلنا ذلك مع اخواننا المصريين، في بلاد المغرب العربي عملنا ذلك، في أرض الرافدين.. هذا هو تراثنا. وأرجو أن تتغلب روح التسامح في نهاية الأمر على التزمت ومحاولة فرض الأشياء، وأكتفي بهذا الجزء من سؤالك ولنتحاور على شيء آخر. سؤال: من المعروف ان في تراثنا العربي الاسلامي ظهرت مجموعة من المدارس، وبرزت مدرستان، مدرسة المشرق ومدرسة المغرب. وفي الظروف الحالية الآن، هنالك سعي لاحياء التراث، هل لديك تعقيب على ذلك؟ على مشاكل احياء التراث.. وماذا نستطيع أن نأخد من التراث بحيث يتفق مع الظروف في الحاضر، ثم هل التراث شيء محدود يجب أن نأخذه كما هو أم لدينا القدرة على تعديله؟ الطيب صالح: أنا الأسبوع الماضي بالصدفة كنت في مؤتمر في برشلونه، نظمته منظمة اليونسكو للحوار في قضايا جنوب السودان، وفي الكلمة الافتتاحية التي ألقاها مدير عام اليونسكو، وهو اسباني، قال جملة لفتت نظري، يقول: "الماضي هو مثل المرآة الخلفية للسيارة تنظر اليها علشان تتأكد من طريقك الى الأمام"، التراث هو في واقع الأمر، يعني تصوري له، انه شيء عايش فينا، في ناس بتصوره وكأنه في مخزن ونفتح المخزن ونأخذ منه التراث، نحن نحمل التراث في أنفسنا.. نحن نسير والتراث يسير معنا، طبعا يكون من الجميل لو عرفنا كيف نأخذ من التراث ما نصلح فيه أمرنا في الحاضر. يعني التراث فيه أشياء طبعا لا حاجة لنا بها.. في حروب وخصومات، لكن قمم التراث، القمم المضيئة في التراث العربي الاسلامي ما تزال الى يومنا هذا تعتبر جديرة، وانت قلت بين المشرق والمغرب، هو في واقع الأمر ما فيش خلاف حقيقي، يعني حصل بطبيعة الحال بحكم الجغرافيا والمناخ في كل منطقة، الناس يؤكدوا أشياء ويقللوا من أشياء، والغريب اننا في وادي النيل، مصر والسودان، نحن مسلمون سنة في وادي النيل، كلنا، ولكننا في ولائنا لآل البيت، كأننا شيعة، خلطنا بين هذا وذاك، وما حصل عندنا أي تـناقض.. السوداني والمصري في ولائه لآل البيت، كأنه شيعي، ولكنه سني. ونحن في السودان كلنا سنة مالكية، فالتراث يجب أن يستعمل لتأكيد القيم الايجابية في الأمة وليس لتفرقة الأمة. لسؤ الحظ هناك بعض الناس، بيستعملوا التراث لتفرقة الناس، أنا عندي محك بسيط جدا: لما اسمع كلام أي زعيم أو قائد، أسأل هل هذا الكلام يفرق الناس أو يجمعهم، اذا كان يفرقهم، فمهما بلغ من الفصاحة والبيان، أنا عندي هذا الكلام لا قيمة له، اذا كان يجمعهم ويؤكد نوازع الخير والايجابية فيهم، فهذا عندي حسن. هذه قضية طويلة طبعا، قضية التراث، لانه ما أدري من أين عملنا هذا التمييز، الانكليز مثلا عندهم كلمة لقضية التراث Heritage ما عندهم شيء انه شكسبير مثلا يقول التراث، نحن عندنا بعض الناس يقول لك هذا هو التراث، يا أخي الجاهلية عايشة بيننا اليوم، المتنبي عايش بيننا اليوم، نحن عندنا شعراء في السودان، بوادي السودان كأنهم يعيشيون في زمان الجاهلية من ناحية الفصاحة، فهذا الشيء عائش بيننا.. ليس هناك هذا التفريق الذي يقولك الاصالة والمعاصرة، السفور والحجاب، هذه الثنائية في الفكر العربي الحديث لا أدري من أين جاءتنا، وكان واضح جدا في أيام تأجج ماضينا ان المفكر أوالعالم يحسن كل شيء.. ابن سينا كان يحسن في الطب والفلسفة والشعر والموسيقى.. وكل شيء، لم يكن عنده هذه التفرقة بين هذا وذاك. سؤال: أود أن اسأل عن رأيك بالنسبة للسودان وكيفية التعامل مع مشكلة الهوية التي تتحدث عنها.. وكيف يمكنها أن تحتوي الاختلافات القائمة داخل السودان ومع جنوبه؟ الطيب صالح: أنا قلت لك عن بعض الناس الذين يحددوا وجهة نظرهم بالنسبة للمستقبل، ويقولون لك: هذا هو الحل ولا تتناقش معي! أظن أول ثورة عسكرية في العالم العربي كانت انقلاب حسني الزعيم في سوريا.. يجي واحد يقولك خلاص هذا هو الحل. فالقضايا، عشان نصل الى حلول، يجب أن تطرح بحرية وبدون خوف، فلا بد من الحوار الحر الصريح، وهذا منتدى حوار الذي نحن فيه، اذن لا بد من نظام ديمقراطي. ونحن طبيعتنا في السودان أصلها طبيعة ديمقراطية. لا تصدق الذين يقولون ان الشعب غير مؤهل للديمقراطية.. مافيش شعب عربي.. مافيش شعب اطلاقا، ليس مؤهلا للديمقراطية. يا أخي تجد الرجل الأمي في العالم العربي يقوم بمسؤوليات جسام في تربية أولاده وفي اصلاح حاله واتخاذ قرارات معيشية مهمة جدا، فكيف هذا الانسان غير قادر أن يقول أن هذا يصلح وهذا لا يصلح كنائب للبرلمان؟.. كلام فارغ.. لأنهم يريدون أن يستأثروا بالسلطة ويوهمون الناس باحلام لا أساس لها من الواقع، ويحجروا الرأي.. وبعدين لا تصل الى حل. لو أن الديمقراطية استمرت في السودان بعد الاستقلال الى يومنا هذا لكنا أولا في تقديري المتواضع عملنا مثل ونموذج في منطقتنا للحكم الديمقراطي.. لأن هذا الشعب عنده استعداد ديمقراطي. ثانيا، كنا حللنا مشكلة الجنوب، كنا حللناها امّا بوحدة حقيقية أو بفصل الجنوب بالتراضي. لكن في كل مرة كان يجينا عهد حكم عسكري ويقولك نحنا سنحل مشكلة الجنوب ويدخلوا جيش نظامي في غابات واحراش ويفشلون في كل مرة. وهذا الحكم الآن أيضا فاشل. فلابد من حرية الفكر ولابد ان كل انسان يقول بأمانة كيف يرى الأشياء...عندها نصل الى حل. وأظن أن الأمة العربية ككل في حالة كهذه يمكن أن تنطلق انطلاقة كبيرة جدا. ورداَ على تعليق تضمن تشاؤما بشأن مستقبل الأمة العربية، قال الطيب صالح: فكرة ان الأمة ماتت، أنا أعتقد ان هذا تشاؤم لا مبرر له، ما في أمة تموت، هذه الأمة لو كان لها أن تموت لماتت من زمان لأنها تعرضت الى بلاوي. هذا الغرب بالمناسبة الواحد حين يقرأ تاريخ أوروبا كل الذي نراه هذا عمره أقل من قرن، كل الذي نراه كما تعلم سيدي بأوروبا عمره أقل من قرن ما في معجزة بالمناسبة نحن مرات لأنه بنشوف هذا الغرب عنده هذا الجبروت الصناعي والحربي والطيارات، بنفتكر ان الانسان الأوروبي أوالانسان الأميركي نزل من السماء. هولاء ناس ..بشر.. بالمناسبة عاديين زينا، بل لعلنا من ناحية الذكاء الفردي والقدرة على الابداع أكثر منهم ابداعا، الموضوع كله اننا طبعا تعرضنا الى تجارب مريرة.. يعني يدوب تنفسنا الصعداء بعد الحكم العثماني.. جاءنا الاستعمار الغربي .. يا دوب تحررنا من الاستعمار الغربي وما عرفنا نلقط نفسنا.. جابوا لنا اسرائيل. فنحن ووجهنا بقضايا ضخمة كونية، وما كنا مستعدين لها.. والأمة في حالة من البلبلة، لكن هذا لا يعني بأنها أمة ميتة اطلاقا، هذه أمة حيّة. أنا أظن- وهذا احساسي من مشاهداتي- حين تجد المفتاح، ممكن يحصل انطلاقة وقفزة كبيرة جدا. هذه أمة قفزات.. لأن عندك مثلا الانكليز أو الفرنساويين بيمشوا واحد اثنين ثلاثة أربعة حتى يصلوا للنتيجة، وكل واحد في مصنع بيعطوه ال Manual وماشي عليه.. نحن مش ناس بتاع Manual.. جايز نوصل للنتيجة. كنا فعلا في المدارس، ودرّسونا انكليز عن مشاكل حسابية، وكنا نوصل للحل ونكتب الحل، هو يقول لك لا، ايه الخطوات التي وصلتك الى هذا الحل. فهذه الأمة ليست أمة خطوات، هذه أمة قفزات. ويا سيدي أنت تشاؤمك في غير مكانه، وأظن تشاؤمك مصدره الافراط في الحب للأمة.. مرات المحب يصدم.
حسن الحسن
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الطيب صالح: نحن بلد لا تحط به الركبان: رغم أننا كرماء (Re: عبد الحميد البرنس)
|
رواية عربية تحاور «قلب الظلام» لجوزيف كونراد <
>فخري صالح الحياة 2005/03/9
حصل صاحب «موسم الهجرة الى الشمال» (1966) الروائي السوداني الطيب صالح، الذي توقف عن كتابة الرواية منذ فترة طويلة، على جائزة القاهرة للإبداع الروائي في دورتها الثالثة التي عقدت أخيراً (الكاتب المصري ادوار الخراط ترأس لجنة التحكيم) بعد أن كان الروائي المصري صنع الله إبراهيم قد رفض الجائزة في دورتها الثانية، مثيراً لغطاً واسعاً في الحياة الثقافة العربية بين مؤيد له ومعارض. هنا مقالة تحاول تسليط الضوء على دين الطيب صالح للروائي البولندي جوزيف كونراد
عادة ما تتناسل الروايات في اللغة نفسها، أو في لغات أخرى، فتولد من بعدها روايات تالية تكون بمثابة إعادات قراءة، أو نسج على منوال تلك الروايات، أو إعادة صوغ لجوهرها أو منطوقها. ويمكن القول إن «موسم الهجرة إلى الشمال» هي بمثابة إعادة كتابة مبدعة لرواية «قلب الظلام» للروائي البريطاني الجنسية، البولندي الأصل، جوزيف كونراد إذ يعكس الطيب صالح مسار الرحلة من الجنوب إلى الشمال ويعيد تأويل رسالة كونراد الملتبسة في روايته العظيمة التي يلتحم فيها الراوي بشخصية المروي عنه في الصفحات الأخيرة من «قلب الظلام».
إذا تأملنا «قلب الظلام» سنجد أنها مبنية بطريقة مزدوجة حيث يبرز صوت الراوي المشارك مارلو الذي يروي حكايته الشخصية ممزوجة بحكاية كيرتز، ويتوصل كونراد إلى هذا الشكل من أشكال السرد عبر عمليات التقطيع والتعليق الجانبي والتصفية وإزاحة الأحداث والمعاني بحيث يصعب على القارئ، في مواضع عدة من الرواية، أن يميز بين وجهتي نظر كيرتز ومارلو. ثمة شخص آخر يروي لكنه غفل من الاسم؛ إنه الشخص الخامس بين الجالسين على القارب «نيللي» وهو من يبدأ الحكاية، ليسلمها بعد ذلك إلى مارلو، موجهاً المعنى راسماً الحدود التي تتحرك ضمنها حكاية كيرتز التي تتصفّى من خلال صوت مارلو وتكتسب بعداً جديداً عبر امتزاجها بحكاية الأخير.
يرسم الراوي الغفل من الاسم، منذ الصفحة الأولى، الحدود والفضاءات التي تتحرك الطيب صالح. ضمنها الرواية. إن الظلام يخيم على الفضاء بعد غياب الشمس عن نهر التيمز قبل أن يبدأ مارلو سرد حكايته المجدولة بحكاية كيرتز. وهكذا يبدو القارب «نيللي» الساكن على صفحة النهر وكأنه يعيد تمثيل حكاية كيرتز في (قلب الظلام) أي في مجرى نهر الكونغو في قلب إفريقيا السوداء.
إن جوزيف كونراد يعي، وهو يكتب روايته عام 1898 واصفاً الظلام المخيم في المكان الإفريقي المنهوب، أن الحكاية ستلد ظلاماً في الموطن الذي يوجه رقصة التجارة والموت في قلب القارة الإفريقية. وهو يعمل، لتوجيه هذه الرسالة، على التمهيد لحكاية مارلو بوصف الفضاء المكاني الذي تستعاد فيه الحكاية. يخبرنا الراوي الغفل من الاسم، قبل أن يسلم حبل الحكاية لمارلو:
«غابت الشمس، وأغطش الغسق، وراحت الأضواء تظهر على طول امتداد الشاطئ، وأرسلت منارة تشابمان، ذلك البناء الثلاثي القوائم المشيد فوق سهل طيني، ضوءاً قوياً وأضواء السفن تتحرك في عرض النهر كمثل حركة من الأضواء ترتفع وتنخفض. وفي أعالي النهر غرباً كان مكان المدينة البالغة الجسامة لا يزال موسوماً بميسم الشؤم على صفحة السماء، قتامة جاثمة في أشعة الشمس ووهج قاتم تحت النجوم». ويبدأ مارلو كلامه فجأة: «وهذا أيضاً… كان واحداً من الأماكن المظلمة في العالم». تاركاً مساحة من الالتباس بما يعنيه بالأماكن المظلمة. لكن ورود أول عبارة ينطقها مارلو بعد الوصف الذي يقدمه الراوي الغفل، أي الشخص الذي يختفي وراءه صوت الكاتب، يدفع مدينة لندن، التي توصف أضواؤها البعيدة، إلى مقدمة المشهد، إلى قلب الظلام المتجه من الجنوب إلى الشمال في إشارة بليغة إلى عقابيل الاستعمار وارتداد فعل السحر على الساحر. صحيح أن كونراد يميز بين الاستعمار البلجيكي، العنيف القاسي، وبين الاستعمار البريطاني، إلا أن تقاطع كلام مارلو مع ما يرويه الراوي الغفل، وتهيئة القارئ بوصف حلول الظلام على صفحة نهر التيمز، هو بمثابة توجيه للقارئ بأن طبيعة الاستعمار واحدة. إن رقصة الموت والتجارة، التي تسم المشروع الاستعماري، لا تترك مجالاً للتمييز بين استعمار ينهب واستعمار ذي رسالة حضارية (!) لكن كونراد لا يستطيع، كما يشير إدوارد سعيد في كتابه «الثقافة والإمبريالية» أن يتخلص من قيود عصره وفضائه الإمبريالي الذي عاش وتكون ضمن حدوده. ولذلك فإنه يعانق في النهاية حكاية كيرتز بحيث تبدو وكأنها حكايته.
إن مارلو يشبه كيرتز من حيث اندراجهما في المشروع الاستعماري، كلاهما يرتحل باتجاه «قلب الظلام» على رغم اختلاف نهايتي حكايتهما. لكن عدوى حكاية كيرتز تنتقل إلى مارلو، راوي الحكاية، في إشارة رمزية إلى الطبيعة المعدية للمشروع الاستعماري برمته والذي يبلغ قمة وحشيته في فعل كيرتز الرمزي بتنصيب نفسه إلهاً أبيض في الأرض السوداء مقيماً من حوله جداراً من جماجم القتلى السود.
والآن كيف يعيد الطيب صالح كتابة «قلب الظلام»؟ تبدو «موسم الهجرة إلى الشمال» مسكونة بالرواية الكونرادية. إنها بمثابة تشخيص للوضع الاستعماري من وجهة نظر المُستعمَر. ولكن كما هي الحكاية في «قلب الظلام» مأخوذة إلى عمقها التراجيدي المتطرف والشديد التمثيل فإن حكاية مصطفى سعيد هي رد عنيف متطرف على غزو الاستعمار لجسد القارة الإفريقية. إن مواطن التشابه عدة بين الروايتين، وأول هذه التشابهات أن «موسم الهجرة إلى الشمال» تروي حكاية مصطفى سعيد من خلال الراوي المشارك» الذي يمزج حكايته الشخصية بحكاية مصطفى سعيد. إن الراوي يقوم بدور المتلقي للحكاية، أي أنه العينة الاختبارية الأولى التي يعمل الكاتب على تفحص تأثير مادته الروائية على ضوء ردود أفعالها. وبدلاً من أن يقوم الراوي بإفساح المجال لمصطفى سعيد لكي يروي حكايته فإن صوت الراوي يعمل على تقطير الحكاية وجعلها جزءاً من سياق الحكاية الشخصية للراوي.
يذكرنا هذا الأسلوب في السرد، من خلال التصاق الراوي بالمروي عنه، بعلاقة مارلو بكيرتز حيث تصل إلينا حكاية كيرتز عبر صوت مارلو ووعيه للحكاية. وتوفر هذه التقنية الأسلوبية، المستخدمة في كل من «قلب الظلام» و»موسم الهجرة إلى الشمال»، والتي تقوم بإيصال الحكاية عبر راو مشارك يقص على القارئ انعكاسات حكاية الشخصية المركزية عليه وعلى حكايته، نوعاً من التشويق واستثارة فضول القارئ. وفي «موسم الهجرة إلى الشمال» يعرض الطيب صالح، عبر استخدام هذه التقنية، رؤيتين للعالم: رؤية مصطفى سعيد لطبيعة الصراع مع الغرب، ورؤية الراوي لهذا الصراع من خلال حكاية مصطفى سعيد لا من خلال تجربته الشخصية أثناء دراسته في بريطانيا.
إن علاقة الراوي بمصطفى سعيد ترجّع صدى علاقة مارلو بكيرتز حيث تحدد علاقة الراوي بالمروي عنه كيفية تشكل العمل الروائي، وتأثيره في قارئه، وطبيعة الرسالة التي يحملها العمل. وإذا كان مارلو يقص حكايته على الأشخاص الأربعة الآخرين الجالسين على ظهر القارب نيللي، بادئاً بحكايته الشخصية، فإن الراوي في «موسم الهجرة إلى الشمال» يروي عن عودته من بريطانيا بعد انتهائه من دراسته. إنه يحكي عن تجربته في الرحيل والعودة والشوق الجارف إلى الاندراج في حياة القرية التي غاب عنها «سبعة أعوام على وجه التحديد». لكن علاقة الراوي بالقارئ ستظل ملتبسة إلى الصفحات الأخيرة من الرواية لأننا لا نصادف في رواية الراوي أية إشارة إلى أيام الدراسة، إلى الغرب وطبيعة عيشه فيه؛ وكأنه يؤثر بذلك أن يحكي حكاية مصطفى سعيد التي استطاعت أن تغيّره أكثر مما غيرته رحلة الدراسة. على رغم ذلك فإن الراوي يقدم في الصفحة الأولى من الرواية إشارة إلى نفوره من الغرب وحنينه الدائم الملح الذي كان يشده إلى العودة.
«عدت إلى أهلي يا سادتي بعد غيبة طويلة، سبعة أعوام على وجه التحديد كنت خلالها أتعلم في أوروبا. تعلمت الكثير، وغاب عني الكثير، لكن تلك قصة أخرى.»
إن جوهر الوعي الروائي في «موسم الهجرة إلى الشمال» يتمثل في تجنب أن يروي الراوي حكايته لأنه مجرد وسيط تتصفى من خلاله حكاية مصطفى سعيد، وبدلاً من أن تمتزج حكايته الشخصية بحكاية مصطفى سعيد تعمل حكاية الأخير على تغيير نظرة الراوي إلى العالم وتفجر فيه أشواقاً جارفة نحو الاندماج في حياة أبناء قريته ومحاولة معالجة الندوب التي تركها الاستعمار على جسد القارة الإفريقية. وفي هذه المحاولة تتوضح رسالة «موسم الهجرة إلى الشمال» في إعادة كتابة «قلب الظلام» من منظور محلي إفريقي، وتجاوز حكاية الاستعمار عبر إعادة رسم الحدود بين فضائل الاستعمار ورذائله. وإذا كان مصطفى سعيد يرد على الاستعمار بغزو مضاد، من خلال انتهاك أجساد النساء الإنكليزيات، وعبر الكتابة عن اقتصاد الاستعمار، فإن حل الإشكالية الاستعمارية يتمثل في لعبة التطهير التي يقوم بها الراوي بإعادته تمثيل الرحلة إلى الشمال رمزياً في الفصل الأخير من الرواية. إن كلام الراوي عن السباحة «نحو الشاطئ الشمالي» وعزمه «على بلوغ الشاطئ الشمالي»، وتلفته «يمنة ويسرة» فإذا هو «في منتصف الطريق بين الشمال والجنوب» لا يستطيع و»لن يستطيع العودة»؛ كل ذلك يعبر عن محاولة إيجاد أجوبة لأسئلة العلاقة بالغرب والهوية، وهي الأسئلة التي لم يستطع مصطفى سعيد، في رحيله إلى الشمال وعودته التراجيدية إلى الجنوب، أن يجيب عنها. ولا أظن أن راوي الفصل الأخير الملتبس قد استطاع الإجابة عنها. لقد اكتفى بحل آني سريع:
«سأحيا لأن ثمة أناساً قليلين أحب أن أبقى معهم أطول وقت ممكن ولأن عليّ واجبات يجب أن أؤديها. لا يعنيني إن كان للحياة معنى أو لم يكن لها معنى. إذا كنت لا أستطيع أن أغفر فسأحاول أن أنسى. سأحيا بالقدرة والمكر.» إنه رد على كيرتز وأفعاله في «قلب الظلام»، محاولة للتخلص من وشم الاستعمار بالمكر والنسيان. لقد حاول مصطفى سعيد من قبل أن يرد من خلال تنصيب نفسه إلهاً إفريقياً أسود على أجساد النساء الإنكليزيات فانتهى إلى القتل والتسبب في انتحار عدد من النسوة اللواتي أحببنه وأعجبن به وضحين من أجله. إن فعله في الشمال، على هذا الصعيد، يوازي فعل كيرتز على ضفة نهر الكونغو في الجنوب حيث زرع الاثنان الموت، في معركتيهما المتعاكستين، مما يجعل الراوي يختار المكر والنسيان كحل لمعضلة التخلص من ذكريات الاستعمار.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الطيب صالح: نحن بلد لا تحط به الركبان: رغم أننا كرماء (Re: أيمن حسين فراج)
|
كما ترى..
يا صديقي:
هذه المرة أماندا عادت على نحو مختلف تماما.
هي الآن.. الرابعة صباحا.. تغط في نوم عميق.. أنا اقتلعت نفسي من حلم رأيت فيه أبي يشاركني حفلا ما في القاهرة حضره بعض أصدقائي من مكتب الحياة هناك.. إذ أن علي تقديم رؤية مختلفة لما يدور في العراق غدا في الجامعة.. أنا أدرس في قسم (آليات حل الصراع)!.
هكذا..
أيها الحبيب:
ليس بوسعي الإحتفال بالطيب على نحو أفضل.
بيد أني من حال الحنين التي تغمرك منذ فترة أدرك ما يجري تماما على الجانب الآخر!.
ليك الله وعيشة السوق.. يا ولدي!!!!!!!!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الطيب صالح: نحن بلد لا تحط به الركبان: رغم أننا كرماء (Re: عبد الحميد البرنس)
|
عزيزي البرنس (الأعمار أعوام، والأعوام أيام، والأيام ساعات، والساعات ومضات. وما لم ننجزه في الومضات لن ننجزه في الساعات، وما لم ننجزه في الساعات لن ننجزه في الأيام، وما لم ننجزه في الأيام لن ننجزه في الأعوام، وما لم ننجزه في الأعوام لن ننجزه حتى لو كتب لنا أن نحيا أعماراً)
الكنز كنز ما ظل خافيا فإن ظهر فهو ذهب أو تبر إبراهيم الكوني/ نزيف الروح
كل ما يحتاجه الطيب هو أن يختار من بين ومضاته ما يحوله لنا ذهبا (فمرواغة ربات الفن أمر لا يقدر عليه المفكرون) فأمثال الطيب صالح ممن وقفوا عند (سدرة منتهى الإبداع) حيث (لا يزوغ البصر ولا يطغى) يعودون إلينا (يؤرقهم التنازع) بين رسالة الإخفاء (وهي مما يلي المبدع) ورسالة الإظهار (وهي مما يلي المفكر)
هناك وقت وتوقيت ومواقيت
فإن لم يوافق الوقت توقيتا وميقاتا فلن يحدث شئ
هل بدأت أهذي؟؟؟؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الطيب صالح: نحن بلد لا تحط به الركبان: رغم أننا كرماء (Re: أيمن حسين فراج)
|
يا أيمن:
لا..
فأنت هنا مثل الفيتوري تماما:
ترقص بلا ساق.. إذ تقول للطيب الصالح:
اركب البحر واعبر الآفاق واسترح في القلوب والأحداق أنت يا من تهف له الأشواق ثم لا تنسى أننا عشاق
أمس واليوم يا حبيبي صورة في عيون الشوارع المهجورة رفرفت فوق غصنها عصفورة ثم هامت كأنها مسحورة
ذكرتني والشوق ملء عيوني والهوى.. آية الهوى في جبيني فتوشحت بالحنين وتلاشيت في الأنين آه من رسمك الحزين
إسمك السحر في دمي يا عذابي وملهمي غرقت فيك أنجمي
ثم لا تنسى أننا عشاق.
سأعود لحديث أكثر نثرا.. يا ولدي!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الطيب صالح: نحن بلد لا تحط به الركبان: رغم أننا كرماء (Re: عبد الحميد البرنس)
|
يا أيمن:
مضى أمد من الدهر لم أتحدث إليك خلاله إلا قليلا.. وحتى زوربا صار (عابرا في حديث عابر).. لا يطل إلا لماما.. بينما المنفي الغريب يريد ونسة.
أنا عدت من محاضرة أخرى.. تحدثت إلى أماندا بعض الوقت.. ذهبت هي لتنال قسطا من الراحة.. لم يعد بوسعي فعل الشيء نفسه.. إذ أن علي مواصلة الكتابة حول اللاعنف كطريق للتغيير.. أنا اخترت نيلسون مانديلا ضمن نماذج أخرى مثل غاندي ومارتن لوثر وتولستوي.
لسبب ما بي حنين هذا المساء إلى فريدة النقاش.. ربما لأنها شرعت تعاملني كأم لفترة طويلة.. الشيء نفسه أشعر به إلى ذلك التهكم الناعم بيني وبين إبراهيم أصلان نحو أشياء مبتذلة عديدة.. إبراهيم يسخر من نفسه أحيانا.. لكن لمحمود أمين العالم وجه حان.. وجه تدرب على حب الأعداء لعقود.
لكنك.. يا أيمن.. تدرك أن المنفي الغريب بحاجة الآن إلى الكلام (العربي)ليواصل كتابة تلك الورقة!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الطيب صالح: نحن بلد لا تحط به الركبان: رغم أننا كرماء (Re: عبد الحميد البرنس)
|
اسكيمو عبد الحميد البرنس نار.... سودانيات >>> قائمة المنتديات =>> منتدى الحوار
استعرض الموضوع السابق :: استعرض الموضوع التالي مؤلف رسالة زوربا
اشترك في: 25 يونيو 2004 مشاركات: 21
ارسل: الاحد مارس 27, 2005 7:42 pm موضوع الرسالة: اسكيمو عبد الحميد البرنس نار....
-------------------------------------------------------------------------------- يا برنس هذا العنوان لا يتفق بشكل مباشر بماهو قد قلته نهار اليوم وانت في جانبي في اتوبيس رقم 926 المغادر من السابع الى بولاق الدكرور فمنذ الامس وانا احاول انتزع وجودك في داخلي نسيت أن اخبرك بان فريدة النقاش لالزالت تنسى بعض مواعيدها فتندهش من نفسها اما الذين يحقدون على ابراهيم اصلان يعتقدون او ينكتون انه يقول نكته يومياً قبل النوم الى جابر عصفور وجابر عصفور رقد الاسبوع الماضي في المستشفى الفرنسي بالقصر العيني ولا ادري اتجاه النكته سوف اواصل غربتك الغريبة بالمناسبة ادول وابوخنيجر يفتحون باب شوق عليك فيني اعمل شنو _________________ حتى تنبأني جلالاتك عن حضورك الوضاء أحتشد في مسام حضورك المترقب وأدمن الاشتياق انتقل الى الاعلى Abdullahi Gaafar
اشترك في: 04 يونيو 2004 مشاركات: 575 المكان: Finland ارسل: الاثنين مارس 28, 2005 6:02 am موضوع الرسالة:
-------------------------------------------------------------------------------- زوربا لك وللبرنس عبد الحميد الود والتقدير لكل اوجاع القاهرة سلام..اما زلت هناك...تبحث عن الاخرين فيك ...يالك من قلب!!!
سلام عبد الله جعفر _________________ ما لا تصونه الكتابة لا يصونه الحلم أبن النخيل انتقل الى الاعلى زوربا
اشترك في: 25 يونيو 2004 مشاركات: 21
ارسل: الاثنين مارس 28, 2005 9:59 am موضوع الرسالة:
-------------------------------------------------------------------------------- يا برنس مابين شحتفة الروح ومقات الصلاة يسجد بعض الانبياء ابا ذر الغفاري حاضراً والقلب من صخر صار والقاهرة تفرز اغنيتها هناك رغم حزنها المخلبس ولها اكثر من عنوان شموس الارض تقبل المقطم على فمه وفم باب البحر يعج بالزحام كانت انتصار عبد المجيد تفتح الزرار الاول من بلوزتها وتلعن العالم وتتحدث في مجلة اليسار الجديد عن خالدة زاهر انها تسنلز بطعم الإستلا ولاتخاف ابنها البكر الذي ينمو على برتين العدس هل صادفك يا عزيزي ....هناك عدس هاهو عبد الله جعفر يدخل المعمة اليوم حدثني هاتفياً ايمن حسين وتحدثنا عنك وعن عصر النهضة سودنيات يبدو أنها ترسم خطوتك في انتظار بوحك البهاء هنا او هناك.. يختلف فيه مجد اللحظة عليك أن تطلق حريتك صوتك لاتجعل حبالك الصوتية مقيدة على فمك تعرف ايمن نور يزرع باب الشعرية بقصيدة ابدية ضد الفردة والطبالة يعيرونه هل يقبل ترشيح ايمن نور لرئاسة الجمهورية يستفحل العداء بييني وبين الغيطاني ومحمود الورداني يكتب وفق الباقشيش صمتاً على الذين يقهرون القاهرة مقابر السيدة عيشة تفرز من امواتها تاريخ اللحظة القادمة لم يعد للمماليك سطوة ولا كرباجهم العنيد استبان اجساد الفقراء سنما فاتن حمامة تقدم نسها صيفاً بقميص نص كم ولكن دينا ترقص بكلوت شفاف الصيف يطل احمد ذكي بموته يرفع حرارة القاهرة والنساء يلبسن السواد لعنة على زمن القاهرة القادم _________________ حتى تنبأني جلالاتك عن حضورك الوضاء أحتشد في مسام حضورك المترقب وأدمن الاشتياق انتقل الى الاعلى Abdullahi Gaafar
اشترك في: 04 يونيو 2004 مشاركات: 575 المكان: Finland ارسل: الاثنين مارس 28, 2005 10:53 am موضوع الرسالة:
-------------------------------------------------------------------------------- زوربا تدري انها نقطة الضعف وانت هناك لعنة علي الحروف التي تقسو علي صعاليك اللغة ولعنة أخري علي الانتماء حين يأخذ الوطن شكل حقيبة وألف لعنة علي الأحذية السمراء بفترينات الأسواق واللعنة مليون علي كل أشكال الهزيمة لا ادري لماذا بقيت القاهرة بذاكرتي ك (فكروني لام كلثوم) مازلت تكتب اللغة الشهقة وتذهب إلي الدفاتر حافيا لا توجد الآن ديباجة مناسبة لكتابة القصيد فأسرج خيلك وعد بي إلي حيث البدء ربما يولد حرف بلون من نحب
لك الود أقصاه
عبد الله جعفر _________________ ما لا تصونه الكتابة لا يصونه الحلم أبن النخيل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الطيب صالح: نحن بلد لا تحط به الركبان: رغم أننا كرماء (Re: عبد الحميد البرنس)
|
يا برنس اعني مافهمته ليس الصعود في معالم اللغة بشاق على مثلكم وانت حين ترسم حرفك هنا او هناك تعرف ان الانبياء يبخلون علينا بالنبوة والملائكة حين تتملق مخلوقات الله تعيس فساداً في المعنى هكذا عرفت جبريل في غار حراء دون ثغثغة
الكتابةآه حالة صعبة ولكنها تريح بله الريح هكذا اخبرت المصرين حين سألوني عن اسمي ضحك الطيب ولكنه لم يدرك حتى اللحظة انه يتعامل مع زوربا لهذا كان غافلاً عن انساني بله الريح ولست بن بلا .. ولا الطيب بن صالح والريح من الذي استجم صرخ الكوني بعد دهشة المصرين وقال لي بفرح والله العظيم انا سوداني هي قرعيات عادل كبيدة وعشقه للبنات وفق عقد زمني انه في سلفانيا حين يعود سوف اطلب منه ان يرسم لي في قرعة( صلعة ) ايمن حسين بعض الذكريات انت لا تعرف هبة اعتقد ذلك ولكن دعنا نسكن تفاصيل عبد الله جعفر فهو دخل الغار خلسة وشذب المكان فصار حديقة مثله لا يعرف الا الحقيقة كاملة دون تفريض يودي فرض الصداقة بكل خشوع وعن الحزن المخيم في القاهرة نكنتب عن النمر الاسود زووربا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الطيب صالح: نحن بلد لا تحط به الركبان: رغم أننا كرماء (Re: عبد الحميد البرنس)
|
أتذكر جيدا ما يعنيه الأتوبيس رقم 926. رحلة الحياة الدائرية مابين بولاق الدكرور والحي السابع. أتذكر ذلك محطة محطة. صمت الركاب ساعة برد. أنفاسهم العطنة ذات نهارات لها حضور ضيف ثقيل. كيف تمر المشاهد وراء النوافذ الزجاجية. صعود الباعة الجائلين من محطات بعينها. صوت شحاذة شوهاء مؤلم يشعرك أنت دون غيرك أن عليك إصلاح ما فعلته يداك بها في أزمنة سحيقة. خاطرة مؤمن تجعله فجأة (يبوس) يده (وشا على ظهر). نظرات عامل بناء تذهب جائعة نحو مهوى النهدين الضيق العميق لراكبة شابة وجهها هي الأخرى ينز منه جوع أشد ضراوة لو لا حراس البوابات هنا وهناك. ولكأنك تنصت لراكبين على المقعد الأمامي. بائسان يتبادلان تحت سطوة قاهرة المعز أسماء لمشاهير ينتمون إلى قراهم ونجوعهم البعيدة. وما زلت أنصت إلى البشر بمحبة. لكن أماندا قالت لي منذ قليل إنها لا تحب أن تكون جارتي. سألتها: لماذا يا أماندا. أشارت ضاحكة إلى أني أرخي أذني لحوار الجيران بينما يمشون عبر الردهة الطويلة ذات الإضاءة الخافتة... يا زوربا!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الطيب صالح: نحن بلد لا تحط به الركبان: رغم أننا كرماء (Re: عبد الحميد البرنس)
|
يا زوربا:
أبوخنيجر صديقي.. لأنه إنسان يعشق ما يعمل.. ولأنه كذلك لم يسقط ككاتب من جيلنا.. أحمد أعماله أخذت طريقها إلى أكثر من لغة أجنبية.. أحمد مع ذلك لم يغادر أسوان.. ظل يكتب من هناك حتى بعد أن توالت عليه جوائز عدة منذ أن فاز بجائزة أخبار الأدب مع أمينة زيدان في بداية التسعينات.. أحمد حين يأتي إلى معرض الكتاب أو مناسبة أخرى نهرب فجأة لمتابعة كرة القدم في مكان ما.. أحمد يتعاطى السجائر مثل مدخنة.. أحمد أبوخنيجر كلما أتى إلى القاهرة يجري مكالمة غامضة مع صنع الله إبراهيم.. وحين يقتلني الفضول أحمد لا يجد على الطرف الآخر سوى زوجة صنع الله.. أحمد يقلق إذا ما غبت عن الكتابة طويلا.. خبرته في المدارس تدفعه هنا إلى أن يوبخني كطفل.. مع أن لديه دائما مقياسا شديد القسوة للكتابة.. أحمد وطارق الطيب الذي كان في زيارة إلى أسوان قبل فترة قادما من النمسا.. غاظاني عبر الهاتف كثيرا لحظة أن أخذا يتبادلان وصف الغروب المنعكس على صفحة النيل بينما كان الجليد يحيطني من كل ناحية!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الطيب صالح: نحن بلد لا تحط به الركبان: رغم أننا كرماء (Re: عبد الحميد البرنس)
|
كيف ولا..
أعرف العدس جيدا.. يا زوربا.
ذلك كان أحد أفراحنا الصغيرة الطيبة. تناولته لآخر مرة في شقتي في مدينة نصر.. ذلك السطوح المطل على الحديقة الدولية علمني تاريخ الأشجار والحشائش الصغيرة وأشياء أخرى.. وقتها دعيت أمين أخي.. فجأة في منتصف الوجبة.. أعطيته تليفوني المحمول.. وقلت له أمين أخي كلم أمك في الوطن البعيد هناك.. كانت لحظة درامية أن يسمع أمين صوت أمه بعد أكثر من عشر سنوات تجمدت خلالها معدته من الجوع في برد موسكو القاتل.. وتلك قصة أخرى.. يا زوربا!.
| |
|
|
|
|
|
|
|