الطيب صالح... المثقف بين جدل السلطة والحقيقة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-15-2024, 11:19 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة الراحل المقيم الطيب صالح
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-25-2009, 09:59 PM

emadblake
<aemadblake
تاريخ التسجيل: 05-26-2003
مجموع المشاركات: 791

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الطيب صالح... المثقف بين جدل السلطة والحقيقة



    نشرت الاربعاء 25 فبراير - جريدة عمان - سلطنة عمان

    http://omandaily.com/malaheq/thaqfi/shurfat3.htm

    الطيب صالح... المثقف بين جدل السلطة والحقيقة

    عماد البليك


    إذا كان لأي مراقب للحياة السودانية خلال قرن كامل، أن يتوقف عند رموز بعينها في مجالات مختلفة. فسوف يتوقف عند حسن الترابي في العمل السياسي رغم أن الرجل أُغلق بابه من قِبل تلامذته الذين مشوا على نهجه في سياسة الإقصاء فأقصوه عن السلطة. وفي الفكر الديني وتطويره سوف يتوقف المراقب عند محمود محمد طه الذي يجهله الكثيرون خارج السودان، رغم أن الكثير من الدراسات الأكاديمية في الغرب سطرت حول دعوته التجديدية للدين الإسلامي والتي عرّفها بشكل رئيسي في كتابه المسمى "الرسالة الثانية من الإسلام" والذي أثار اللغط في الربع الثالث من القرن العشرين وأدى به إلى حبل المشنقة على يد سلطة جعفر النميري.
    كلاهما الترابي ومحمود طه، عاشا في السودان ولم يغادراه إلا لظروف استثنائية، الترابي للدراسة في لندن وباريس، أما محمود فندر أن غادره أصلا ـ على حد علمي ـ وقد كان للرجلين تأثيرهما الواضح في صياغة الحياة السودانية الجديدة، بغض النظر عن تقييم شكل هذه الصياغة. هل هي مرضية أم لا؟ فذلك أمر تتفاوت حوله الرؤى.
    لا يكتمل المثلث.. إلا بالرأس؛ الضلع الثالث أو الزاوية الثالثة التي يشغلها بجدارة الطيب صالح، بتأثير شعبي أقوى، رغم أنه لم يعش في السودان سوى سنوات حياته الأولى إلى سن الثانية والعشرين حيث غادر بلده مبكرا في مطلع الخمسينات، إلى لندن ليعمل في هيئة الإذاعة البريطانية. كان ذلك بعد أن قرر أن يقطع دراسته في كلية العلوم بجامعة الخرطوم التي تصنف بوصفها أعرق مؤسسة أكاديمية في السودان الحديث، حيث كان تسمى كلية غردون التذكارية على القائد الإنجليزي الذي اغتالته سلطة المجدد الديني محمد أحمد المهدي في سنة 1885 عندما حررت السودان وأخيرا الخرطوم من الحكم التركي الذي جسم على صدر السودان لحوالي ثلاثة أرباع القرن التاسع عشر الميلادي.
    هذه السياقات ضرورية لكي نفهم أن الطيب صالح اتخذ القرار المبكر بالهجرة في زمن لم يكون فيه الاغتراب المكاني مطروحا على السودانيين بخلاف الذين يذهبون في الغالب إلى بريطانيا بوجه خاص، لإكمال الدراسات العليا على نفقة الدولة. فقد هاجر الطيب لأسباب خاصة كان يدركها هو لم تتكشف بعد، وهو يترك أهم مؤسسة أكاديمية تؤهله ليكون رجل خدمة مدنية مميزا على نمط الأجيال الأولى من السودانيين الذين تخرجوا في جامعة الخرطوم لكي يعتلوا أعلى المناصب في الدولة، ويتسلق أغلبهم سلم السياسة ليصعد إلى دفة السلطة في بلد ظل فقيرا رغم موارده الكبيرة.
    قد كان بإمكان الطيب صالح أن يكون رجل دولة من طراز فريد؛ أو سياسيا محنكا في فترة الشحّ والفرص المفروشة على قارعة الطريق قبيل الاستقلال لمن كان لهم حظ معايشة تلك السنوات بظروف معينة يطول شرحها هنا. لكن الطيب شاء أو شاء له القدر أمرا مختلفا. أن يعيش حياة طابعها التأسيس لتاريخ مقبل على الحياة السودانية. حياة الاغتراب المكاني المفتوح والنزوح عن الوطن بحثا عن الفكر لا لقمة العيش، والتي كم كانت يسيرة في تلك الآونة.
    مرة عاب الطيب صالح على الترابي أنه أخطأ المسار في الحياة، وأنه رغم ضلوعه في القانون، تركه جانبا وهجر منصبه كعميد لكلية القانون بجامعة الخرطوم ليشتغل بالسياسة ويتزوج من شقيقة الصادق المهدي، حفيد الإمام المهدي الأكبر محرر الخرطوم، في إشارة ضمنية إلى الرغبة في السلطة.
    كان الطيب يريد أن يقول إن الترابي لم يفد بلده، ولو كان قانونيا لكانت ثمة إفادة. قد يختلف المرء مع الطيب ـ رحمه الله ـ في هذه المسألة، لأن الترابي ومن خلال السياسة أسس لفقه جديد في الحياة السودانية حتى لو أنه عُرِّف لدى البعض بفقه الضرورات التي تبيح المحظورات أو ما أطلق عليه بعضهم "التجارة بالدين".
    لكن ما يدور بذهني وربما أذهان الكثير من السودانيين: هل كان الطيب مختلفا عن الترابي؟ وما هي الأسباب التي دعت الطيب لنقد الترابي ومحاولة تقويض نظام الإنقاذ الذي تولى السلطة في 1989 إلى درجة أنه أطلق مقولة مشهورة "من أين جاء هؤلاء؟!" ـ وهي سؤال استنكاري ـ باتت محفوظة عن ظهر قلب في السودان.
    بتحليل بسيط، يبدو الطيب كمن هو غير راغب في السلطة، والسياسة. لكنه على العكس من ذلك تماما، من خلال التحليل الموضوعي. لأن الرجل أسس لفقه سياسي تنظيري في مشروعه الروائي رغم أنه لم يكتب سوى أربع روايات ومجموعة قصصية واحدة. وقد سمعت الطيب وهو يتحدث في ندوة بالدوحة في أواخر عام 2005 نافيا عن نفسه "تهمة" النزعة السياسية، دعك عن الرغبة في السلطة.
    الطيب ومن خلال تتبع مسار حياته؛ إضافة إلى تحليل أعماله، كانت له رؤية سياسية واضحة بخصوص الشأن السوداني ودول العالم الثالث بشكل عام. وإن كانت الرواية الأشهر له "موسم الهجرة إلى الشمال" لم تُقرأ بهذا المستوى في الغالب، حيث ركّز نقدها في عمومياته على قضايا كصراع الشرق والغرب، موضوعات الجنس، الهوية الخ.. إلا أن وراء هذا النص عمقا سياسيا يتجلى في فشل المثقف.. وهو مشروع يوازي ما حدث في الكثير من البلدان العربية وفي الدول النامية التي آثر فيه المثقف أن ينتصر لنفسه على حساب المجتمع.
    والمعني هنا بالمثقف نوعية محددة. هي "المثقف الكولونيالي" على هيئة (إدوارد سعيد)، مع الفارق بينه وبين (مصطفى سعيد) بطل رواية "موسم الهجرة إلى الشمال". فالأول اندمج في المجتمع الغربي وأسس مشروعا فكريا نقد الغرب من الداخل في جذور منظومته الفكرية في نظرته للشرق. أما "سعيد الثاني" فقد مارس النقد بطريقة "مهرجلة" كان عمادها الجنس بوصفه "قوة جبارة قادرة على محو الأمس وبناء مستقبل الشعوب".
    بيد أن ما وراء أسطورة "سعيد الثاني"، مناظيم ثقافية وسوسيولوجية وأبنية ابستمولوجية ذات سياقات متشابكة بدرجة معقدة؛ لاسيما أن مصطفى سعيد بطل "موسم الهجرة" كان "كائنا" أكاديميا، مثقفا، ذكيا، له قدرة على اختراق الآخر. لكنه في الخلاصة فشل في مشروعه الاستعماري للغرب، بالأحرى مشروع علاقته مع الذات. ليُعطي دلالة فشل علاقة الذات الشرقية مع نفسها في المقام الأول ومن ثم مع "الآخر" بتعبير مجازي.
    عودة إلى سيرة الطيب، والتي راح البعض يراها على أنها نسخة لسيرة مصطفى سعيد. وهو تفسير غير دقيق، اعتمد على قراءات شكلانية، مثل وحدة المكان الذي عاش فيه سعيد. أي لندن. وعاش فيه الطيب أيضا. أو أن الطيب تزوج من بريطانية وكذلك مصطفى سعيد. الخ..
    بهذه العودة الاستعجالية سنفهم أن "موسم الهجرة" كانت كأنما هي سياق مستقبلي لشاب كان يحاول تلمس طريقه في بلد جاءه غريبا متوحشا.
    وإذا كان بطل "موسم الهجرة" قرر (الخروج). أي العودة إلى بلده السودان والعيش كإنسان عادي "منسي" ينتهي مصيره بشكل درامي ملغز. غرقٌ في النهر، موتٌ أم انتحار!! حيث يترك الطيب النهايات مفتوحة. فإن الطيب ـ على العكس ـ كان شجاعا بأن يبقى في بريطانيا وأن يستمر في "النضال" ضد سلطة الأمس بمشروعه الروائي، السياسي.
    ومن الواضح أن الطيب الذي لم يزر بلده إلا نادرا، كان بعيدا عن الخطاب السياسي المعلن، إلا مع مطلع التسعينات من القرن الماضي، ساعة جاءت سلطة الإنقاذ. وهو أمر قد يؤخذ بأكثر من احتمال تقريبي، لكن ثمة احتمال يمكن استشفافه وهو أن الرجل بعد أن انتهى مشروعه الروائي في التنظير السياسي آثر أن ينتقل لمرحلة جديدة، وإن جاء ذلك في سن متأخرة.
    لكن هذا التفسير لا يُغلِق الباب. لأن العقدين الآخرين من حياة الطيب شهدا تقلبات عديدة في حياة الرجل ـ بتقديري ـ في المعنى والمضمون الكامن خلف سر وجود الإنسان في العالم. ماذا يريد بالضبط!..
    وإذا كانت رواية "بندر شاه ـ ضو البيت" للطيب تدور حول هذا السؤال: "الرحلة الكونية للكائن البشري"!. فقد كانت الإجابة أن الإنسان في ذات الرواية: إن الإنسان إما يبحث عن حقيقة أو يبحث عن سلطة.
    كان الطيب مزيجا من هذين البحثين. وهذا ما أعطاه طابعه الفريد في المخيال الشعبي السوداني، وجعله سلطة حقيقية غير قابلة للمساءلة إلا من قبل رافضيه الذين عاد أغلبهم لملاطفته بعد أن خفض النقد ضدهم.
    هذا يعني أن صورة الطيب صالح كانت عبارة عن صورة منسوجة في ذهن الشارع العام من خلال نولٌ سياسي لا يمت للأدب والإبداع بصلة. وحتى أن كثيرا من المثقفين كانوا يجترون الحديث عنه وعن أعماله من قبيل انصياع لمسار عام "سلطوي" لم يكونوا قادرين على الفكاك منه. ولكي ندرك بعد هذه المسألة، فسوف نرى بشكل واضح أن أغلب من يتحدثون عن الطيب من العوام لم يقرأوا له حتى ولو سطرا واحدا.
    على أية حال. فإن الطيب بهذه التداعيات التي رميت بها دون أدنى ترتيب ذهني. كان ذلك الضلع الثالث لمثلث صياغة الحياة السودانية في القرن العشرين. وكان ذلك الضلع الذي أوجد تأثيره بـ "الريموت كنترول" وهي قوة "خارقة" على أية حال لم تعتمد سوى؛ على مشروع أدبي. مشروع تجاوز ـ رغم صغره كمّا ـ حدود ما يمكن أن يطرأ على الذهن مباشرة من تفسيرات ومبررات للطريقة التي تُنسج بها "السلطة".. تحديدا سلطة المثقف في العالم النامي. وهو الأمر الذي يحتاج إلى قراءة أكثر جدلا من مجرد مقال عابر، أي بحث مضن عن ذلك السر الذي جعل مجرد شاب ترك الدراسة ومستقبله المشرق في بلده، وخرج على نظم المجتمع وتقاليده، أن ينجح في إعادة تركيب وعي هذا المجتمع، وفي ظرف وجيز في تاريخ الشعوب، وبجهد "المقل".
    شخصيا أحلم ذات يوم بتفكيك هذه "الشخصية" على نحو يتيح ليس فهم الطيب صالح، بل الطريقة التي تعمل بها أنظمة سلطة المثقف. فإدوارد سعيد كان مثقفا له سلطته لكنها سلطة تأتت في أطر أكاديمية ووفق سياقات معرفية محددة وهي تظل سلطة مغلقة على دوائر "متخصصة" بعينها؛ حتى لو أن سعيد شن حربا على التخصصية في نظريته المسماة بالنقد الدنيوي. أما الطيب فقد تجاوز هذا "الروتين".. كيف؟... هذا ما سيشغلني إلى أن أنجزه، إذا وفقني الله لذلك.



                  

02-26-2009, 05:53 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الطيب صالح... المثقف بين جدل السلطة والحقيقة (Re: emadblake)

    Quote: الأكرم عماد

    تحية لك يحتاج الطيب الباهر صالح للنقش في هوامش ذكرياته ،
    ولمساته المنحوتة بالعربية في كل مكان .

    شكراً لك
                  

03-06-2009, 08:45 PM

Seif Elyazal Burae

تاريخ التسجيل: 01-14-2008
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الطيب صالح... المثقف بين جدل السلطة والحقيقة (Re: عبدالله الشقليني)
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de