دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
إسرائيل تكشف عن وثائق «حرب أكتوبر» بعد 33 سنة من السرية
|
إسرائيل تكشف عن وثائق «حرب أكتوبر» بعد 33 سنة من السرية
تقرير «لجنة أغرانات» بات في متناول الباحثين
القدس: أسامة العيسة
في الوقت الذي كانت تجري فيه الاستعدادات في مصر وسورية، للاحتفال بالذكرى الثالثة والثلاثين لحرب أكتوبر، التي تشمل عادة إلقاء خطب، وإعادة عرض أفلام، كان الأمر مختلفا في إسرائيل، بعد أن حققت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، سبقا مهما، لن تكون هي فقط من سيستفيد منه. فقد أدت جهودها إلى إجبار وزارة الدفاع الإسرائيلية على فتح ملفات «لجنة اغرانات» التي حققت في تلك الحرب أمام الجمهور، للمرة الأولى، مما يعني أن عددا لا يعرف حجمه من الباحثين والصحافيين، من إسرائيل والعالم، سينشغلون في تقديم رواية جديدة لما حدث في تلك الحرب.
لم تشهد أي حرب بين العرب وإسرائيل، الاختلاف على التسمية الذي لحق بحرب أكتوبر 1973، فهي حرب تشرين، وحرب أكتوبر، وحرب يوم الغفران، وحرب يوم كيبور، وحرب المفاجأة الكبرى، وحرب سقوط الأوهام، وحرب العبور، والحرب التحريكية..الخ، ولكن المؤكد أن الخلاف الأبرز بين الطرفين هو على من الذي خرج منتصرا من تلك الحرب. وتفرج إسرائيل اليوم، عن تقرير «لجنة أغرانات» التي حققت في الحرب وانهت عملها في الأول من أبريل «نيسان» 1974، بعد سنوات طويلة، لم يلح خلالها الرأي العام العربي على صانعي القرار لفتح ملفاتهم، أو تقديم رواية لما جرى في تلك الحرب. وكانت إسرائيل، وتحت ضغوط الرأي العام شكلت لجنة للتحقيق، في أسباب المفاجأة الكبيرة التي أحدثها العرب، في بداية الحرب، رغم توفر معلومات لدى القيادة الإسرائيلية من أطراف عربية، عن موعد الهجوم الذي قررته مصر وسورية، وكان من مهام اللجنة فحص أداء المستويين العسكري والسياسي في الحرب. وقدمت لجنة اغرانات تقريرها في الأول من أبريل 1973، ومن بين ما توصلت إليه اتهامات للقيادتين السياسية والعسكرية، بأنها لم تقدر حتى ساعات الصباح الباكر من يوم الحرب، أن حربا شاملة على وشك الوقوع، وانه عندما أعلن رئيس المخابرات الحربية الإسرائيلية أن مصر وسورية تزمعان شن حرب على الجبهتين الشمالية والجنوبية، لم يمكن ذلك الإنذار القصير المدى أجهزة التعبئة الإسرائيلية من حشد قوات الاحتياط بصورة منظمة. وحددت اللجنة ثلاثة أسباب جوهرية لما اعتبرته فشلا إسرائيليا جسيما، في عدم الاستعداد للحرب وهي التقديرات أن مصر لن تشن حربا على إسرائيل، إلا بعد أن تضمن لنفسها القدرة الجوية على مهاجمتها، وان سورية لن تشن هجوما شاملا على إسرائيل إلا في وقت واحد مع مصر، والثقة المفرطة لدى جهاز المخابرات في قدرته على إعطاء إنذار مسبق يمكن الجيش من التعبئة في الوقت المناسب. وما نشر من تقرير لجنة اغرانات مليء بالتفاصيل حول اوجه القصور، واورد التقرير أسماء من القيادتين السياسية والعسكرية، متهمة بالتقصير، ونتج عن ذلك تقديم رئيس هيئة الأركان دافيد اليعازر استقالته، وكذلك فعل قائد المنطقة الجنوبية اللواء شموئيل جونين، ورئيس هيئة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي ايلي زائيرا، ومساعده العميد أرييه شيلو، وربما ابرز المستقيلين كانت غولدا مائير، رئيسة وزراء إسرائيل في أثناء الحرب، منهية بذلك سنوات طويلة من العمل السياسي. واثار نشر مقتطفات من تقرير لجنة اغرانات، ضجة كبيرة، مما غيب عن أذهان الكثيرين من المتابعين، أن ما نشر لم يكن إلا جزءا بسيطا من التحقيق، وان اللجنة نفسها، ولدواع أمنية، أوصت بنشر كامل التقرير بعد 30 عاما. ومنذ أن صمتت المدافع في تلك الحرب، صدرت عشرات الكتب، إن لم يكن مئات عنها، ولا يكاد يمضي عام دون أن يصدر جديد عنها إسرائيليا وعالميا. وجهد باحثون وصحافيون، في البحث عن الحقيقة، مع تعطش الصحف ودور النشر العالمية لأي جديد عن تلك الحرب، فنزل هؤلاء إلى الميدان لاعداد تحقيقات استقصائية، واجروا مقابلات مع من قبل الحديث من الذين اشتركوا في القتال، ولكن كل ذلك لم يكشف عن كل خبايا وأسرار الحرب. وإزاء الضغط المتزايد الذي كان يمارسه الرأي العام الإسرائيلي، قدمت الحكومة الإسرائيلية عام 1995، ما اعتبر «رشوة» للرأي العام، بسماحها الكشف عن بعض فصول تقرير لجنة اغرانات. وما كان ما كشف عنه ليكمل قصة تلك الحرب، رغم وصفه بأنه احتوى على تفاصيل صاعقة، خصوصا ان بعض من شاركوا فيها، أرادوا أن يقولوا كلمتهم للتاريخ، ومن بينهم الجنرال ايلي زائيرا، رئيس المخابرات العسكرية في أثناء الحرب، الذي لحقه العار الذي يخجل منه أي عسكري يحترم نفسه، عندما اتهمته لجنة اغرانات بالتقصير. وتحول زائيرا، إلى كبش فداء لتلك الحرب، رغم انه تسلم مهمته كرئيس للاستخبارات العسكرية في الأول من أكتوبر، بينما نشبت الحرب بعد ذلك بستة أيام. وانتظر زائيرا على أحر من الجمر ثلاثين عاما، حتى يستفيد من القانون الإسرائيلي الذي يسمح بالإفراج عن الوثائق، كي يقدم دفاعه عن نفسه، وهو ما فعله في تقرير مثير قدمه إلى الكنيست، وقليلون من العالم العربي من الباحثين والصحافيين من انتبهوا إلى تقرير زائيرا. واهتمت الصحف الإسرائيلية بتقرير زائيرا، وحاول بعض الكتاب والصحافيين إنصافه مثل الصحافي أمير ارون، الذي كتب بان زائيرا لم يكن المخطئ الوحيد أو الأكبر في تلك الحرب، محملا مسؤولية الإخفاق الكبير فيها إلى غولدا مائير ووزير دفاعها موشي ديان. ولا يوجد ما يؤكد ان تقرير رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وقت الحرب، المطعون في كرامته العسكرية، قد تم الاهتمام به من مؤسسات الدراسات الكثيرة في العالم العربي، أو تمت ترجمته، مع إنه يصدر بين الوقت والآخر عن إسرائيل ومؤسساتها ما يشبه الكتب المدرسية قليلة الدسم والمعلومات، تحت شعار «اعرف عدوك» وتمضي السنون، ويسود اعتقاد بان العرب لم يعرفوا عدوهم بعد. ورغم ثراء المعلومات التي قدمها زائيرا، فانه نظر إليها، في النهاية كتعبير عن عسكري اضطر لمغادرة ارض القتال، بسبب تقصيره، وبقيت قصة تلك الحرب غير كاملة، والكثير من جوانبها يكتنفه الغموض. ولم تلتزم الحكومة الإسرائيلية بقانون الكشف عن الوثائق، ولا بتوصية لجنة اغرانات نفسها، فلم تنشر تقرير اللجنة كاملا، وفيما اعتبر «رشوة» أخرى للرأي العام سمحت الحكومة الإسرائيلية في عام 2004، بنشر رؤية الجيش الإسرائيلي التاريخية الرسمية للحرب، والتي أعدها د. إلحنان أورن. وكان هذا التأريخ الرسمي للحرب أنجزه د. اورن عام 1990، ولكنه لم يسمح بنشره آنذاك، ولم يسمح لاحد بالاطلاع عليه. ولكن ماذا عن تقرير لجنة اغرانات عن الحرب، الذي تسوف الحكومة في نشره واطلاع الجمهور عليه؟ في عام 2005، اضطرت صحيفة معاريف، إلى رفع الموضوع إلى المحكمة الإسرائيلية العليا، التي قررت تشكيل لجنة عامة تمثل قطاعات جماهيرية ورسمية، للبحث إذا ما كان هناك أسباب موجبة للإفراج عن التقرير، أو إطالة امد الحظر، أو تغيير القيود المفروضة على نشر محتوياته. وأخيرا زفت «معاريف» لقرائها في نهاية شهر سبتمبر 2006، خبر السماح بنشر غالبية التقرير، في حين بقيت أجزاء صغيرة محفوظة إلى امد آخر. وتبين ان تقرير اللجنة العتيدة يحوي 2200 صفحة، تقع في 6 مجلدات، أما محاضر اللجنة فتحوي 9000 صفحة، تقع في 43 مجلداً. وبإمكان الان أي إسرائيلي مهتم، أن يذهب إلى مبنى ارشيف وزارة الدفاع الإسرائيلية، ويطلب الاطلاع على فحوى التقرير ليعرف الحقيقة، حتى لو تأخرت 33 عاما، وعلى الجانب الآخر، بإمكان المواطن العربي إذا رغب أو أراد، أن يشاهد عبر شاشات التلفزة الاحتفالات والخطب الرنانة في ذكرى الحرب.
|
|
|
|
|
|
|
|
|