|
هكذا بعض الرجال ... موتهم يُفقر المكان .. صلاح حمدالله .. مثالاً ...!!!
|
نزلنا يومها قرب ... حديقة القرشي .... بيت كبير .... ناصيته المقابلة للحديقة ...
عليها لافتة .... ( معهد الصفوة ) .... وكان البيت أيضاً ....( بيت صفوة )....
جرني صديقي ...ودفع باب المنزل بيمناه ...ودخل .. وأنا من خلفه ...
وأنا أساله
ياخوي .... إنت جنيت ولا شنو .... مدخلنا بيت الناس .... كده .. توووش ... لا إحم ولا دستور ......
لم يجبني .... إستمر ... في جري .... ودفع باب الديوان ....
قال بعد أن جلس وخلع حذاءه :
ياخوي .... أمشي بره في حبشية بتبيع شاي جيب لينا منها قهوة وتعال أفهمك ...
رددت :
والله ده الفضل .... أطلع وأخش في بيت الناس .... وكمان أجيب قهوة ....
دي مصيبة شنو ... دي ؟؟؟؟
تنهد ونهض ولم يرد ... ذهب ... بنفسه على ما يبدو .... لإحضار القهوة ...
تلفت ... حولي ... جدران الديوان الكبير .... تملأها صور ... شاب وسيم ..
بلباس القوات المسلحة ... على كتفه ... نسر ... يشير إلى أنه ... برتية .. (رائد)
أتى صديقي بعده ... دون ... أن يحمل ... في يده شيئاً ....
سألته :
وين القهوة ... يا أبو عرام ؟؟؟؟
أجابني وهو يستلقي على السرير :
سميرة بتجيبا ... أسي ...
أجبته : ياخوي ... إنت ده بيت أبوك ...
لم أكمل جملتي ... فقد دخل ... علينا ... رجل ... طويل ... عريض ... في
جلباب ... أبيض ....
نهض صديقي ... وأحتضنه ... وقدمني له .......
وقال مخاطباً لي :
ده أخونا صلاح حمدالله ....
سرعان ... ما أنست للرجل ... فقد ...كان ... قمة ... في الزوق ... والرقي
هادئاً .... حين يحدثك ... جميلاً ... حين يبسم ... في وجهك ....
سألته
من الرائد صاحب الصورة ....
فأجابني ... في شئ يشبه الفخر
هذا شقيقي ... المرحوم ... الرائد فاروق حمد الله ... إنت ماسوداني ولا شنو ؟؟؟
بعدها .... وبسرعة .... صرت أحد أفراد ... هذا المنزل
ما أن تراني ... سميرة ... مقبلاً .... حتى ... تلحقني ... بالقهوة .... والشاي ....
أصدقاء صلاح .... كثيرون ....خاصةً... بعد أن صار سكرتيراً ... لنادي النيل ..
بيته مساءً ... ترى .... شرف الدين أحمد موسى .... لاعب المريخ السابق ....
ودالشريف .... صاحب الدبابيس ...و صديقه اللدود .... محمد الصادق .... بعد أن رأس
القسم الرياضي بصحيفة الخرطوم .... أبوعبيدة البقاري ... د محمد عبدالحليم محمد.... مازدا ... إسماعيل عطا المنان...
وغيرهم من نجوم المجتمع ....
أهله وعشيرته ....
كبر إبنه فاروق .... أمام أعيننا .... إبنه الوحيد ..... أسماه ...تيمناً .... بشقيقه ..
فأنعم ....
فجأة .... ككل ... عظيم .... إختطفه الموت ....
مات صلاح حمدالله .... وترك وحيده فاروق ..... وتركنا ... جميعاً .... خلف فراغاً
لا يملأه ... بعده أحد ....
رحلت سميرة ...تطلب عيشها بعيداً عن المكان ....حتى السوبرماركت القريب تأثرت
مبيعاته برحيله .... لولا مواصلات الصحافة شرق التي تمر أمام المنزل ... لحسبت
أن ... نمرة تلاتة .... ليست نمرة تلاتة ....
هكذا ... بعض الناس .... موتهم يفقر المكان .
|
|
|
|
|
|