دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
ضد الكذب .. عن (أيام) حسن ساتي . هاشم كرار يدخل وآخرون على الباب .
|
(*)
يعزيني، فيك.. الكثير.. ولا، ولا عزا: العبرة، لسه.. لسه، تطعن في الحلق، الجوف مستَّف بالبكا، ولا، ولا... أصنقع، أشحد المولى، أدنقر، أدنقر، كان.. كان دمعه، تنزل.. ولا، ولا... ليش يا حسن؟ ليش، تحرمني في موتك، فشة خلق: لا جعَّيرة، لا فرجيخة ، في نص الدرب، ليش، ليش يا حسن ؟ ، ، ، اّه..
اّّه.. ياحسن.
(2) أريتك، أريتك، لو كنت في فدْ يوم، غلّتا عليْ! كان ذلك، صوت امرأة، تثكل زوجا. كان صوتها يخرج - هكذا - مجروحا جدا، بين كل عبرة وعبرة، بين كل نخجة، ونخجة.. بين كل حيْ.. حيّ.. و.. ووب، ليهرد كبد الدنيا.. ويهرد كبد العالمين. كان الباب، متاكا، رائحة الأوضة، حنوط، وكان أهل السُترة، في الداخل، يؤدون الواجب، والمرحوم يتقلَّب بين أيديهم، مثل الثوب، بين يدي الغاسل، يتقلّب - لا حول ولا قوة- ذات اليمين، وذات اليسار، وعلى البطن.. والقفا.. ولا إله إلا الله، على قفا من يشيل! الفاتحة ، الفاتحة ، الفاتحة.. كان ذلك، في رفاعة.. ربما في الأربيعينات، أو الخمسينات، وكان الراوي، في بيت الجالوص، في أم درمان، الأستاذ محمود محمد طه. يقول: كان صوتها، يخبُّ علينا، يدخل من الباب المتاكا، يقطِّع القلب: أريتك.. أريتك، في فدْ يوم، كان غلَّتا عليْ! يصمت الأستاذ، لوقت، يصمت، ليزيح عبرة، بقايا عبرة، كانت لاتزال عالقة، في صوته من (يوم أريتك، والباب متاكا) ويجيء صوته، فيه رعشة دمعة: دمعة، ربما هي من... من فيض دموع «ناشئة الليل»: - كانت تلك، أصدق، وأوجع، وأحرَّ مناحة، من امرأة، على الاطلاق! يصمت، لوقت.. يصمت، والتلاميذ، سكوت. كانوا يطرقون الأُذن. في ملامحهم دمعة، وفكر، وتفكُّر ، وثمة أشياء أخرى، من بينها الفطنة. يجيئهم صوته: - كانت المسكينة، تمنح.. وكانت مناحتها أمنية، كانت تتمنى.. ولو كان غلَّتاْ عليها، في فدْ يوم، لكان ذلك قد خفف عليها: خفف عليها، وجع الفراق المامنو رجعة! يطاطئ التلاميذ، رؤوسهم.. أكثر. يشبك بعضهم، أياديه، ويجيئهم صوته: - الشاهد، قوموا.. قوموا أمشوا بين الناس، بـ «لا إله إلا الله»، امشوا، وما تغلتوا على أي زول!
(3) الشاهد. الشاهد، يا كمال الزين: أريتو، أريتو، أستاذ حسن، لو كان.... (4)
سيبني أنا، سل زملاءه.. أولاد دفعتو والقبلو، وسل بقية تلاميذه في «الأيام» يوم يوم، والأيام دول: سل مرتضى الغالي، ونجيب نور الدين، وتيتاوي، والبلال، وأسامة سيد عبدالعزيز، والنحاس، ومحمد لطيف، وأبو العزائم، وصباح، وانعام، ونجوى حسين، وأبوشنب، وسمساعة، وود الشريف، وإبراهيم عبدالقيوم، وكمال مصطفى، وسامية عبدالرحمن، وعثمان عابدين، وود إبراهيم، وحسن الرضي، و.. فائزة شوكت، وعمرابي، وعلي ياسين، وصلاح حبيب، وكيجاب، و.. و.. سل ناس الإدارة، وسل «الغفرا»، والسواقين، وسل ناس التصوير، وناس الجمع: حاج عبدالوهاب، وأبوالروس، والطيب بيِّن، وبقية الرعيل الأول من الطبيعين الذين (قدّد الرصاص عيونم)، وسل أولاد الجمع (الما من دق): أولاد «الريسمتار» والكمبيوتر.. سل كل أولئك يا كمال... ولو واحد قال لك: «حسن غلّت عليْ» لومني! (5) كانْ،،،، انظر: (حتى من الأفعال، ما هو ناقص)! كان،،، كان أستاذ حسن ساتي (من الأوادم)، وما بين القوسين، هو من حكي صبيات شارع الحمرا، في بيروت. لم يكن، قطَّاعاً، ولا همَّازاً.. ولا نسناس. ولم... كان شغال للناس، وليس بالناس. شغال لأي زول.. ولم.. ولم يكن شغال بي زول، إلاّ... إلاّ حسن ساتي! كان صاحب مروءة. وكان لماحاً: كان لماحاً، على المستوى المهني.. والمستوى الإنساني: هاك: الذين كانوا في «الأيام»، حين كانت «الأيام» في العمارة التي فيها الآن، مصلحة الارصاد، جوار «رويال» القديم، و«أبو العباس» الفوَّال، يذكرون جيدا «سيّد»: كان نحيفاً، جداً، مكلوج، ومخلقن. شريب، ورجَّاف. عيناه الاثنتان، زائغتان إلى فوق، و(الريالة) تسيل. كان دائماً، يخفي( خلقتو)، في عراقي (شربان)، وسروال (شربان). كنت تراه، حين تراه، إمّا يغسل، في واحدة من عربات (ناس الأيام)، أو مفرجخ في الجابرة، في الضُل الصباحي المقابل، يقرأ.. يقرأ في (الأيام) وهو يحاول أن يثبت الجريدة، بيديه المرتجفتين، ويثبت - في الوقت ذاته - عينيه المُصنقعتين، إلى أسفل! كان، قارئاً، بامتياز. كان يُفلفل (الأيام)، يوم، ورا يوم. كان بيته، ضُل الحيطة.. الحيطين: حيطة عمارة الأيام، والحيطة المقابلة. وكان أثاث بيته، كرتونة، يمُّدها (على قدر رجليه المكلوجتين)، وكان مطبخه، ثلاث طوبات. تأخذ شكل المثلث. وقوده، شوية عويش (دخاخينو) بي جاي.. وبي جاي.. ولي فوق.. الحلة مغطيها السكن.. والصحن.. صحن المونيوم (لل.. ما عارف)! كان ذلك «سيد». وكان هو هكذا: يقرأ، أو يغسل ويفوَّط في سيارة، أو يشد في حلتو.. أو.. كنت تراه - حين تراه- وتشفق عليه، في الوقت ذاته، وهو يجر رجليه المكلوجتين، يقف طويلاً على جانب شارع السيد علي، يتلفت ذات اليمين، وذات اليسار، قبل أن يقطع الشارع، إلى (أبو العباس)، أو (رويال) ليعود بساندويتش فول، أو (أبوكديس)! ذلك هو، سيد. يُقال عنه، إنه كان (بنا) شاطر، ووقع من ميضنة. رقد في (الاستبالية) زمن، ومرق (يا الله.. يا الله) بالحالة الانت شايفا عليهو دي، و... أدمن! لو قلت ليك، بتكلّم.. كضاب. كانت مجرد أصوات، نحيفة جدا، تسيل مع (الريالة).. أصوات ليست بينها علاقة على الاطلاق. سألته ذات يوم، طقطق جوفه بالكلام. انزردت حباله الصوتية، نفرت عروق رقبتو.. عرق، عرق.. سالت (الريالة)، جنبا إلى جنب، مع خروج روح الأصوات المتنافرة، النحيلة. قال بتكلم.. قال.. لكن - أنا في الحقيقة- ما فهمت شي، خُلقو ضاقت، (سبَّ دين الاستبالية والأميركان). أشَّر على جيبي وكفه اليمين، ثلاثة أصابع مقبوضة، والابهام والسبابة في حالة عناق.. والكف تمشي جاي.. وجاي. ناولته القلم من الجيب، كتب بخط مكلوج: دا كلو صحي، يا أستاذ هاشم كرار! قلت له: رقدت كم سنة، يا سيد؟ كتب... و... قرأت الخط المكلوج، المطمّس بالريالة:سنين ودنين! ذلك هو سيد. سيد اللي، لو لقيتو في الشارع، يمكن يلفتك، ويمكن لا... وما تديهوا السلام. - ازيك يا سيد هكذا، كان يسلم عليه، الأستاذ حسن ساتي، في الصباح، وهو طالع، أو داخل، نص اليوم.. أو في الليل: (مع السلامة يا سيد)! - لكن، دا شغل شنو، يا سيد.. ما فوّطها ياخي.. دي عربية حسن ساتي يا سيد.. لكن خُد.. هاك، هاك.. بس أعمل حسابك وانت بتقطع الشارع، تجيب (نُصك)! هكذا، كان يداعبه.. وهكذا كان (يبهلها عليهو) الأستاذ حسن ساتي، وهو مارق مع (تيتاوي وعلي ياسين) بعد عشرة، بالليل! ، ، ، ذات صباح: تعال يا سيد.. تعال.. ودخل يتكلوج، هو شربان، والعراقي شربان، والسروال شربان، والريالة سايلة.. دخل ورا حسن. خرج... ركب سيارة الأيام، إلى الخرطوم، بحري، حيث حسن البدوي، مدير شؤون العاملين. دخل.. وخرج.. وفي يده خطاب تعيينه خفيراً في مكتب تحرير الأيام، في الخرطوم! في نُص، ذلك اليوم، شهدت حسن ساتي، كما لم أشاهده من قبل. في نص ذلك اليوم، شاهدت لأول مرة، في حياتي، الفرح، كما هو، والفرح حالة.. شاهدته وقبضته قبضاً، مجسدا في زول، اسمه حسن ساتي. - سيد بقى زيكم يا هاشم: ليهو مرتب، وليهو علاوات.. وليهو بدل لبس.. وليهو اجازة سنوية وتصاريح.. وكل آخر شهر، يمكن تلقاهو قدامك، في الصف.. صف الصراف عبدالغفار.. ضحك: وقطع شك، ح يقول ليهو، يا سيد عندك باقي، لكن ما في فكة! ضحكت. أزحت سريعا، الصراف عبدالغفار، بعينيه المتوثبتين، و(المكسورتين) في الوقت ذاته، من خيالي، ورحت أنظر بعيني الخيال، إلى سيد، وعبدالغفار يقول له ما يقول.. رحت أنظر إليه، أيضا، وهو «يقبض»، والريالة تسيل.. رحت أنظر إليه، في (رويال) وأتخيله يفرش لـ (الشري) بـ (أبوجمل) با آ آ آ آردة.. رحت انظر إلى حلته تبجبج بـ (لحم الضان الما خمج).. رحت أنظر إلى ذلك كله، بعين خيالي.. وبلسان مقالي، أقول بيني وبين نفسي: سبحان مغيّر الأحوال، من حال إلى حال! لم أقل له.. لكن، حسن ساتي، الذي راح عني، بخطوات، التفت .. - تعرف يا هاشم، أنا عينتو ليه؟ لم ينتظرني، لأقول له (بعرف)، أو (ما بعرف)، جاءني صوته، وهو يتحدث بيديه، أيضا: - أنا عينتو عشان هو بقرا.. بفلفل الأيام فلفلة.. وعينتو، عشان ما بنوم.. وإذا نام نومو خفيف جدا.. ودي حالة الناس المدمنين.. لكن قبل دا كلو، أنا عينتو عشان هو زول عفيف جدا.. مشى خطوتين، ثلاثة.. والتفت: - هل حصل شفتو يا هاشم، مدَّ يدو لي زول؟ لم ينتظرني لأقول له: اطلاقا، انحشرت حالة الفرح التي شاهدتها لأول مرة في حياتي، في زول، انحشرت وراء الدركسون، ودارت العجلات! ، ، ، كان خفيرا، هُماما: يفتح، ويغفل. . وكان، (صاحي): نجيئه بالليل (وكنا أنا والنحاس وعثمان عابدين نخت رؤوسنا في مكاتب الأيام)، ندق الباب، دقة واحدة.. أو (نكورك) له يا سيد.. سرعان ما نسمع كلوجته، و.. يفتح! ظل هكذا، بالليل غفير.. وبالنهار (في عيادته الخاصة)، يغسل، ويُفوِّط عربات ناس الأيام، ويجلس في كرسي، قريبا من الباب، يثبت يديه الراعشتين، وعينه، في (الأيام)، يقرأ.. والريالة تسيل، في العراقي، والسروال، اللذين لم يعد أي منهما شربان (الشربة الياها) التي حدثتكم عنها! ظل هكذا، حتى تاني اليوم، الذي كسَّر فيه النميري، زجاجة الويسكي (الليها يد) في شارع النيل، وخفّج، وكسّر وهرس فيها البلدوزر، آلاف الكراتين: كراتين الويسكي، والشري، والبيرة، والكونياك، والفودكا، والشمبانيا، والنبيذ، و... و... مسك السمك في صباح اليوم التالي الـ (هانغ اوفر) و(وجع الفقر)! في ثان يوم لاعدام الخمور، جئت الأيام، كالمعتاد.. في الصباح البدري.. كان سيد فاردا (الأيام): الصفحة الأولى، صورة نميري يكسٍر في (جان ووكر)، وهو في تمام زيه العسكري: البوريه، والنياشين.. وكان مكفكف.. والصورة الثانية، الكراتين مهروسة، بجنازير البلدوزر.. والناس تكبر.. أول ما رآني، نطق.. كانت تلك هي المرة الأولى، التي تداخلت فيها أصواته النحيلة، مع بعضها البعض، لتكون جملة مفهومة. دا شنو يا هاشم كرار.. دا شنو ؟ كانت ريالته سايلة، كالعادة.. عروق رقبته، نافرة.. وكان وجهه في تلك اللحظة، متوترا جدا.. وكان كله، متشنجا، تشنجا لا أول له، ولا آخر. دا شنو، يا هاشم كرار دا شنو؟ و.. لم ينتظرني. كرفس (الأيام)، وسالت ريالته، هذه المرة، في شكل تُف.. تف.. تفْ! في ذلك اليوم، كتب سيد، بخطه المكلوج، استقالته، من (الأيام). وفي (الأيام) التالية، كنت تراه، يقف على جانب شارع السيد علي، يرنو إلى (رويال) في أسى، وهو يستعيد في ذاكرته الأيام الخوالي.. في الأيام التالية، كنت تراه، دائما (ينكرش) و(ينكرش).. وفي ذات يوم، بعد أن صرف في اليوم الذي قبله مستحقاته من (الأيام)، وطلَّع (تصريح السفر)، كتب لي بخطه الذي ازداد كلوجة، وهو (ينكرش) من وقت لآخر: - يا هاشم كرار، أنا ما قاعد.. الخرطوم دي خليتها لنميري .. بُكره بسافر بالقطر! بكره (لميت بعضي على بعضي)، ورحت لأدوعه، في المحطة.. و.. كانت المفاجأة.. نزل من سيارة حسن ساتي (يا الله، يا الله)، وهو يحمل ترافلنغ باق صغيرة. في الرصيف قالدناه، ودعناه، وراح يتكلوج.. ركب.. الريالة سايلة، وهو (ينكرش) صفر القطار.. قطار الأبيض و... ، ، ، ترى.. أين أنت، يا سيد؟ تُرى أين أنت.. أين، أين أنت الآن، لأضمك، وأضمك.. أجعِّر، وتجعِّر.. و... نستغفر الله.
الفاتحة
الفاتحة، يا سيد!
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ضد الكذب .. عن (أيام) حسن ساتي . هاشم كرار يدخل وآخرون على الباب . (Re: كمال علي الزين)
|
لم اكن اعلم عن الفاتحة سوي الايات التي تبداء من الحمدلله رب العالمين وتنتهي بكلمة آمين (الملقنة )، كنت ادخل بيوت البكيات ارفع يدي واقول الفاتحة واعصر ذهني لاتذكرها فأفشل فاهمهم بكلمات لا تمت لأي كتاب سماوي بصلة كنت لا اعرف سبب للرهبة التي تصيبني حين رقع اليد للفاتحة لم اكن اعلم ان الفاتحة هي فاتحة اليقين بالموت وموت من نحب.
كتابة هاشم كرار اثارت لدي ذكريات الموت البغيضة ابعده الله عن كل من بقي من من نحب ....
الفاتحة يا كمال وهاشم وسيد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ضد الكذب .. عن (أيام) حسن ساتي . هاشم كرار يدخل وآخرون على الباب . (Re: ريهان الريح الشاذلي)
|
Quote: لم اكن اعلم عن الفاتحة سوي الايات التي تبداء من الحمدلله رب العالمين وتنتهي بكلمة آمين (الملقنة )، كنت ادخل بيوت البكيات ارفع يدي واقول الفاتحة واعصر ذهني لاتذكرها فأفشل فاهمهم بكلمات لا تمت لأي كتاب سماوي بصلة كنت لا اعرف سبب للرهبة التي تصيبني حين رقع اليد للفاتحة لم اكن اعلم ان الفاتحة هي فاتحة اليقين بالموت وموت من نحب.
كتابة هاشم كرار اثارت لدي ذكريات الموت البغيضة ابعده الله عن كل من بقي من من نحب ....
الفاتحة يا كمال وهاشم وسيد |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ضد الكذب .. عن (أيام) حسن ساتي . هاشم كرار يدخل وآخرون على الباب . (Re: كمال علي الزين)
|
(*)
سلام يا(ريهان) ..(بت خالتي الجديدة) ..
الفاتحة هكذا .. كلمة لم أعرف أنها تقال كمسكن لأوجاع الفراق , الفقد , الرحيل وكمصدات للدموع حين تتغلب علينا شجاعة التناسي ,.. والتفكير بعالم آخر ذهب إليه أحد أحبابنا .. حتى ننسى أن هذا العالم بدونه قد لايبدو كما كان .. كثيرون أظن رحليهم غير عوالمي ... لا زلت أذكر أنه بهم كان أفضل ..
لست أدري أن كان طول الجرح يغري بالتناسي .. أم أن المحبة وشماً تزيله الأيام ..
محبتي ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ضد الكذب .. عن (أيام) حسن ساتي . هاشم كرار يدخل وآخرون على الباب . (Re: عبد الله الشيخ)
|
عدت للتو من دار الوثاثق .. وجدت اسم حسن ساتى شطب من الترويسة .. بتارخ الاربعاء 20 مارس 1985، العدد 11519 الترويسة على اليمين مكتوب عليها التالى .. رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير بالانابة ابراهيم عبد القيوم هاتف74312 ...... الاربعاء 9 يناير ص2 العنوان الرئيسى على الصفحة :المهلاوى : المتهمون يدعون فهماً جديداً للاسلام . مانشيت الايام فى 8يناير : نميرى عفا عن غبوش وبقية المتهمين ص2خطاب غبوش بخط يده .. الخطاب الذى يقول فيه ( باسم الاسلام وسماحتهنطلب العفو ) ـــــــــــــــــ اما كلمة الايام بتاريخ 15 يناير 1985، الموافق23ربيع ثانى 1405 ، العدد 11457 فقد جاءت بعنوان : وتبقى راية الحوار والتسامح والعفو عالية .. عزيزى كمال ، وعزيزى هاشم .. ساكتب نص الكلمة .. لكن بعد قليل.. والتحية لكل المؤمنين بالحرية ، لنا ولسوانا ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ضد الكذب .. عن (أيام) حسن ساتي . هاشم كرار يدخل وآخرون على الباب . (Re: كمال علي الزين)
|
هاشم وكمال،
المرحوم. لحق بنا في السعودية حيث عمل رئيسا لقسم الأخبار الأجنبية في جريدة "المدينة" في جدة - كان أول أجنبي يعين رئيسا لقسم في جريدة سعودية- وهناك كان يعمل قبله ود عابدين. وكان هناك الدكتور بشرى الفاضل. ودون أن نخطط وجدنا أنفسنا مرة اخرى شلة حول حسن ساتي. وكما كان في السودان باشر مهامه القديمة في حل مشاكلنا وتسهيل حياتنا. أقنع أصحاب الجردية بتعييني مراسلا لها في لندن قبل أن أغادر جده وزدني بالخطابات اللازمة. وكما كان العهد به في السودان استمر يسمينا "الفنانين المتعبين"
إرحم حسن ساتي يا الله بقدر نبله وحبه للناس.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ضد الكذب .. عن (أيام) حسن ساتي . هاشم كرار يدخل وآخرون على الباب . (Re: حامد بدوي بشير)
|
Quote: هاشم وكمال،
المرحوم. لحق بنا في السعودية حيث عمل رئيسا لقسم الأخبار الأجنبية في جريدة "المدينة" في جدة - كان أول أجنبي يعين رئيسا لقسم في جريدة سعودية- وهناك كان يعمل قبله ود عابدين. وكان هناك الدكتور بشرى الفاضل. ودون أن نخطط وجدنا أنفسنا مرة اخرى شلة حول حسن ساتي. وكما كان في السودان باشر مهامه القديمة في حل مشاكلنا وتسهيل حياتنا. أقنع أصحاب الجردية بتعييني مراسلا لها في لندن قبل أن أغادر جده وزدني بالخطابات اللازمة. وكما كان العهد به في السودان استمر يسمينا "الفنانين المتعبين"
إرحم حسن ساتي يا الله بقدر نبله وحبه للناس. |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ضد الكذب .. عن (أيام) حسن ساتي . هاشم كرار يدخل وآخرون على الباب . (Re: عبد الله الشيخ)
|
تصور يا كمال .. اننى رجعت مرة اخرى الى البوست .. وحارجع ليهو تانى .. ويبدو اننى( حأخت راسى فى الجريدة) كما كان يفعل هاشم والنحاس .. ثم انى وجدت هذه السطور .. التى كتبها نجيب نور الدين .. وتمنيت الغربة لاكون بينهما.. هل تعرف ياكمال انك اختطفت اغلى ما عندى ؟.. .. اانا الآن اهديك بعض حروف نجيب ..
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
الصورة القلمية التي كتبها هاشم في وصف (سيد) تعجز أي (كاميرا) في هذا الوجود أن تبين هذه الصورة الدقيقة لسيد خاصة أن هاشم صور (سيد) من الداخل بدون كلمات رغم أن الصورة الخارجية مقززة للكثيرين ولا أحد يأبه بها ولكنك لا تملك إلا أن تحب هذا (السيد) .
نجيب نورالدين الدوحة _ هذا اليوم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ضد الكذب .. عن (أيام) حسن ساتي . هاشم كرار يدخل وآخرون على الباب . (Re: عبد الله الشيخ)
|
Quote: الزول ماتخليه يمرق من هنا "ساى كده" اعصره فيسكرك ادبا |
ود عكر، والله مشتاقين، ومكانك شاغر، حقيقة ومجازا.
لاكين إتو كان بتعصروا دخلوا لينا ود كرار في عضوية سودانيزأونلاين. الرجل مخزن من الفن النقي. وأكسل بشري في الدنيا. هل تذكرون أحاديثه التي أوردها عبدالكريم الأمين عن مؤامرة إغتيال الأستاذ محمود. أي أدب رفيع!!
يا بورداب الدوحة، واجبكم (جر) هذا الهاشم للكتابة في هذا المنبر. وسوف ترون اي فتى هو.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ضد الكذب .. عن (أيام) حسن ساتي . هاشم كرار يدخل وآخرون على الباب . (Re: حامد بدوي بشير)
|
كان، قارئاً، بامتياز. كان يُفلفل (الأيام)، يوم، ورا يوم. كان بيته، ضُل الحيطة.. الحيطين: حيطة عمارة الأيام، والحيطة المقابلة. وكان أثاث بيته، كرتونة، يمُّدها (على قدر رجليه المكلوجتين)، وكان مطبخه، ثلاث طوبات. تأخذ شكل المثلث. وقوده، شوية عويش (دخاخينو) بي جاي.. وبي جاي.. ولي فوق.. الحلة مغطيها السكن.. والصحن.. صحن المونيوم (لل.. ما عارف)! LLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLL KKKKKKKKKKKKKKKKKKKKKKKKKKKKKKKKKKKKKKKK انا على يقين ان هاشم كرار لايترك فرصة للتعقيب.. الكلمة وغتاية الكلمة !.. ودى طريقتو معاى منذ ان عرفته .. ( دموع ناشئة الليل)!؟..مافى زول سبقك عليها!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ضد الكذب .. عن (أيام) حسن ساتي . هاشم كرار يدخل وآخرون على الباب . (Re: كمال علي الزين)
|
يا سلام يا هاشم كرار.. يا سلام
مرثية (مدغلبة). كان سيد خفيرآ همامآ يفتح (ويغفل)! يا الله.
هل هذه مرثية أم احتفاء بحياة حسن ساتى وسيد وغيرهما. هل الموت نهاية حياة أم بداية احتفاء بالحياة.؟
هذه ملحمة. هذه غنائية سودانية ورواية لزمن ماضى وزمن جايى وزمن لسه.
فلنستعد للموت بالانغماس فى الحياة. سأموت وأعود لأكتب عنى. هاشم كرار ليس قلمآ مأجورآ. كما إنه قد يموت قبلى. هذا مع العلم أننى لا أعرف هاشم كرار شخصيآ ولكننى اشتهيت موتآ يرثينى بعده قلمه. يا الله
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ضد الكذب .. عن (أيام) حسن ساتي . هاشم كرار يدخل وآخرون على الباب . (Re: د.أسامة عبدالحليم)
|
بقية مقال البطل
و بحكم وجودى فى صقع طارف، بمفازة من الوطن، فأنه لا علم لى بمقدار ما نشرته الصحافة المحلية، نصا أو شبيها، من المواد التى إطلعت عليها فى المساطب الإلكترونية. وبعض من قرأت لهم صحفيون وكتاب ومشتغلون بالهم العام، وكثير منهم يكتبون فتتناثر عصارات أفكارهم وآرائهم فى المنابر الداخلية والمهجرية فى آن معا. وقد كان أكثر ما أهمّنى وأنا أطالع إسهامات بعض النعاة، من الطائفة الاولى، ذلك الميل الباعث على الحيرة الى نسبة بعض المواقف للراحل ونفى أخرى عنه، وتجميع وتصنيع وقائع وحادثات يُفترض أنها أخذت مكانها فى المجرى العام لحياة الفقيد، الحافلة الممتدة عبر عقود وحقب من تاريخ السودان المعاش، وتقديمها سائغة لمستهلكى الكلمة المكتوبة فى أطباق وعلب تاريخية جديدة. ولا شك عندى أن هؤلاء الذين إنتدبوا أنفسهم لمهمة إعادة إنتاج بعض مواقف الراحل إنما يصدرون عن حب عميق له، ورغبة مستعرة فى الوفاء بأستحقاقات ذلك الحب، وهم بلا ريب يحسبون أنهم يُحسنون صنعا. ولكننى زعيمٌ بأن هؤلاء المحبين الأوفياء، الذين أرادوا لخويصات ذواتهم الفانية ان تقوم مقام الخالق عز وجل فى تعظيم الحسنات وإطراح السيئات، عوضا عن إخلاص العبودية لله، كما يفعل غيرهم من الخلق حين يبتليهم الدهر بفقد عزيز فيصدعون بالدعاء: ( اللهم ضاعف فى الميزان حسناته وتجاوز يوم الحساب عن سيئاته)، إنما يُسيئون فى المكان الاول الى صورة الرجل وسيرته، من حيث أرادوا التعزير والتوقير، ويشغبون على غرسه وإرثه فيضرون ولا ينفعون. ولكن الله لطيف بعباده، فلا يؤاخذ موتانا بعمل السفهاء منا ( وكل إنسان ألزمناه طائره فى عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا).
وكنت قد كتبت فى يوليو الماضى، معقبا على شبيه ما تقدم من صنيع المتزيّدين والمتكثرين فى مواقف العزاء والرثاء، مقالا بعنوان: (معزون أم مهرجون؟)، جاء فى مقدمته: ( ما هذه الأمة التي لا تعرف كيف تنعي موتاها، فتقول في مقام الموت ما لا يقال، و تسئ الي الراحلين من حيث يُبتغي الاحسان، ولا تصبر الا ريثما يُسجّي الجثمان في لحده، حتي تسارع الي فتح الصحائف التي أغلقها الموتي في حيواتهم فتجاوزوها وطمحوا الي جديد من دنياهم ). وقد نعيت فى ذلك المقال على بعض نعاة الوزير السابق الدكتور بهاء الدين محمد إدريس، الذى كان قد رحل عند دنيانا عن عمر ناهز السبعين، لجوءهم للتكذب وتزوير الحقائق التاريخية الثابتة والموثقة فى سياق رثائهم للرجل، على ظن من الوهم أنهم بذلك يميطون الأذى عن ثوبه ويطرحون الواغش عن صفحته. ولم يكن ليخطر ببالى أن أجد نفسى أعود فأتناول ذات الموضوع ولمّا تمض على ذلك المقال أشهر معدودات.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ضد الكذب .. عن (أيام) حسن ساتي . هاشم كرار يدخل وآخرون على الباب . (Re: د.أسامة عبدالحليم)
|
لم أجد بأسا فى زعم أحد شباب الصحافيين أن الاستاذ حسن ساتى كان يمثل نصف الصحافة السودانية وأن نصفها الثانى لا شئ! فمثل ذلك معهود فى مواقف الموت والحزن والرثاء. و لو كان لنا أن نحاكم الصحافى الشاب على مقولته لكان علينا، حتى يكون الجميع سواسية أمام القانون، أن نضع معه فى قفص الاتهام جميع شعراء يعرُب، منذ أصبحت العربية لغة تنطق بلسان. ولكن البأس، كل البأس، يستكمن كما الطفيل البكتيرى فى ثنايا الحوارات التى إستولدتها تلك المقولة. فقد خرج من بين الصفوف الالكترونية من قال للفتى المقروح ويلك، كيف ذاك، و بين ظهرانينا صحفيون أفذاذ فى قامة الاستاذ محجوب محمد صالح؟ فرد صاحبنا بأن محجوب يشكل رقما صعبا فى كتاب الصحافة السودانية المحلية، إلا أن ساتى تجاوزه من المحلية الى العالمية، أو كما قال! ثم لما لم يقع هذا القول الموقع الحسن عند المعترضين فجادلوا وقارعوا، تصدى لهم الشاب ونصراؤه بزعم غريب، وهو أن الاستاذ محجوب محمد صالح كان رئيسا للجنة التى قامت بتأميم ومصادرة الصحف عام 1970. ثم إستعلى الصوت: " تقولون أن ساتى مايوى، وصاحبكم هو الذى أمم الصحف وصادرها و كسر الاقلام و دمرها؟ ". وما ان يقترب من حلقة الحوار أحد حتى تزلزل الجماعة كيانه بالسؤال الصلد المخيف الذى قدّ من صخر البازلت: ( ألم يكن محجوبكم رئيسا للجنة التأميم والمصادرة؟ أليست هذه هى الحقيقة التى يعرفها طلاب السنة الاولى فى كليات الصحافة )؟ فإستخذت الجماعة المعترضة وإنكمشت، وقال قائلهم بصوت منكسر خفيض: ( نعم هو ذاك. و نحن لا ننكر التاريخ )! فتأمل أيها القارئ الأكرم، كيف ينمحق بدر الحق أمام صولة الباطل، وكيف يقود الحزن المتزيّد و المتكثر هؤلاء القوم الفضلاء الى مثل هذا المنحدر الوعر؟ الحقيقة الساطعة المبرأة من كل عيب – والشهود حضور والوثائق شاخصة- هى أن الاستاذ محجوب محمد صالح لم يكن قط رئيسا للجنة " تأميم ومصادرة الصحف"، وذلك لسبب هين ويسير وهو أنه لم تكن هناك أصلا لجنة بهذا المسمى فى العهد المايوى. فالصحف السودانية لم تؤممها فى العام 1970 لجنة، وإنما أممها بمرسوم جمهورى مجلس قيادة الثورة. والذى سطره التاريخ هو أنه بعد أن صدرت قرارات التأميم، و تعطلت جميع الصحف عن الصدور، وأصبح التأميم واقعا ماثلا، فكرت القيادة السياسية فى خطوة تالية تعيد بها الحياة الى الصحافة، وإن فى ثوب جديد. تشاورت الحكومة المايوية مع كبار المشتغلين بمهنة الصحافة وانتهت المشاورت الى تشكيل لجنة تقوم بمهمة إنشاء دور جديدة للصحف وتوفيق أوضاع مئات الصحافيين الذين كانوا قد باتوا بغير مهنة ولا مدخول، وقد أطلق على تلك اللجنة إسم: ( لجنة تنظيم الصحافة )، وهى اللجنة التى أختير لرئاستها الاستاذ محجوب محمد صالح،وانتهت أعمال تلك اللجنة بتولى المرحوم الاستاذ جمال محمد احمد رئاسة دار "الرأى العام" التى صدرت عنها صحيفة ( الصحافة ) اليومية، وتولى المرحوم الاستاذ موسى المبارك رئاسة دار الأيام، ومن ثم توزيع عشرات الصحفيين على هذين الدارين. وفارق، كفارق النهار والليل، بين ( تنظيم الصحافة ) على يد محترفيها وممثليها، بعد أن أصبح التأميم واقعا أليما وأحوال الصحافيين همّا مقيما، و بين لجنة وهمية من صنع الخيال أنيط بها ( تأميم ومصادرة الصحف )، كما زعم الزاعمون، ثم وضعوا محجوب على رأسها عنوة وإقتدارا، إفتئاتا على الرجل وتعديا على سيرته، وكل ذلك تحت مظلة الحزن على الراحل ساتى والوفاء له! فأنظر يا رعاك الله، كيف يعمى الحزن المتفلت من عقال المسئولية الأخلاقية البصر والبصيرة، وكيف يصبح الدجل والتلفيق والتزوير زاد القافلة وغناء حُدائها!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ضد الكذب .. عن (أيام) حسن ساتي . هاشم كرار يدخل وآخرون على الباب . (Re: د.أسامة عبدالحليم)
|
و حيرتنى، حتى صرت أضرب كفا بكف، مقولات فرّقها البعض ذات اليمين وذات اليسار، فى مقالات منشورة تخاطفتها المنابر، ومنهم مبدعون ذوو سهم مقدّر فى مضامير العطاء المعرفى، فحسبها القارئون من كثرة الاستعادة والاستزادة من قبيل العُمُد الثوابت. كتب بعضهم يزعمون أن الراحل الكبير حسن ساتى كانت له مواقف تعبر عن شجاعة نادرة لم تتوفر لغيره ممن كانوا حول الرئيس السابق جعفر نميرى، وساقوا مثالا لذلك ما وصفوه بأنه موقف مشهود ومشهور ضد قرار إعدام الشهيد الاستاذ محمود محمد طه، إذ إنبرى وحده – أى الراحل ساتى - دون غيره، فكتب سلسلة مقالات يفترض أنها تعبر عن الرفض والمعارضة لمخطط تصفية الأستاذ. ثم أضافوا بأن الراحل الكبير تحمل عبء هذه المواقف اذ تم إبعاده عن موقعه الصحفى فى أواخر عمر النظام المايوى. و قد تكاثف ترديد هاتين المقولتين، بحيث أصبح بعض نعاة الراحل، يوردونها فى صياغات لغوية مما يستخدم فى أصعدة الرثاء التقليدى، من شاكلة قولهم: " لو لم يكن للراحل فى حياته كلها سوى هذا الموقف البطولى لكفاه "! بل أن هناك من أتى برواية شديدة الغرابة، فى مورد التنويه ببطولات الراحل والاشادة بشجاعته، و متن الرواية أن الرئيس السابق نميرى أرسل رسالة إلى الراحل ( يطلب ) منه فيها أن يستخدم عبارات مثل ( الكافر والزنديق المرتد) فى وصف الاستاذ محمود ولكن الراحل رفض طلب الرئيس!!
والذين عاشوا فى السودان فى النصف الأول من الثمانينات، وهى الصندوق الزمنى الذى يُفترض أن المواقف والوقائع المذكورة دارت فى جوفه، - سواء كانوا فى دوائر المعايشة والمراقبة العامة، أو كانوا قريبين من حلقات السلطة ومحافلها، سياسيا مثل كثيرين، وتنفيذيا مثل كاتب هذه الكلمات، يُجهدون أذهانهم ويقدحونها - حتى يكاد يشتعل الحريق فى اليافوخ – فى سعى مثابر لإستحضار مثل هذه المواقف والوقائع المنسوبة للراحل واستذكارها فلا يسعفهم اليافوخ، ولا تؤاتهم الذاكرة بمثل هذا الذى يسمعون ويقرأون! الذى عاصرناه وعايشناه وخبرناه أن المدى الزمنى بين صدور حكم الاعدام على الشهيد الاستاذ محمود، وإجازته من قبل المحكمة الأعلى ثم التصديق عليه من قبل رئيس الجمهورية السابق لم يتعد أياما قلائل. وواقع الأمر أن كثيرا من السودانيين لم يروا فى صدور الحكم فى التاسع من يناير 1985 ما يسوغ قلقا جديا، فقد كان الظن أن الأمر لا يجاوز المناورة والتهويش، وأن الحكم سينتهى لا محالة الى التعديل والاستبدال. و استنام الكثيرون الى هذا التصور حتى فوجئ الجميع بقرار محكمة الاستئناف فى الخامس عشر من يناير، وهو التاريخ الذى بدأت فيه المخاوف الحقيقية فى التنامى. وما هى الا ثمانية وأربعين ساعة، تنقص ولا تزيد، الا وكان الرئيس السابق يعلن الشعب من خلال جهازى الإذاعة والتلفاز أنه قد صادق على الحكم وان تنفيذه سيتم صباح اليوم التالى. ولم يحدث أن نشرت صحيفة ( الأيام ) " سلسلة مقالات " للراحل حسن ساتى خلال هذه الحقبة الزمنية الشديدة القصر يعارض فيها الرئيس المستبد سواء بصورة مباشرة او غير مباشرة. و جميع الاصدارات موجودة - فى الحفظ والصون - فى أضابير دار الوثائق القومية. والحقيقة الاكثر ثباتا هى أن جميع قيادات النظام السياسية والتنفيذية والاعلامية، بمن فيهم أقرب الأقربين للرئيس السابق، كانوا أشباحا واجمة واجفة ومرتجفة، وما كان أحدهم ليجرؤء على أن يصدع ببنت شفه، اللهم إلا من وراء الأبواب الموصدة. فقد رأى الجميع كيف كانت الرؤوس تطير عند أول همهمة. فعندما تطرقت الى إذن الرئيس وشاية بأن أحد وزراءه بدر منه، همسا، ما يدل على عدم الارتياح لخطة الاعدام، عزله لفوره و لم يكن قد قضى فى وزارته الجديدة ألا أياما معدودات. وما كان المعزول وزيرا هامشيا تتقحمه العين، بل كان من حراس النظام الغلاظ الأشداء، وهو اللواء كمال حسن أحمد، نائب رئيس جهاز أمن الدولة الأخطبوطى وقوميسار الأمن العام الداخلى، الذى كان قد صدر قرار جمهورى بتعيينه وزيرا للشئون الداخلية قبل خمسة أيام من عزله، وهو العزل الذى أذيع مرسومه على الناس ليلا، بعد ساعتين من إذاعة بيان المصادقة على حكم الاعدام. فأين المرحوم ساتى من اللواء كمال حسن أحمد محترف العِساسة والبِصاصة، ورجل النظام القوى الأمين؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ضد الكذب .. عن (أيام) حسن ساتي . هاشم كرار يدخل وآخرون على الباب . (Re: د.أسامة عبدالحليم)
|
الذى يعرفه المراقبون والمتابعون المدققون من معاصرى مأساة إعدام الاستاذ محمود محمد طه أن الحكم الذى صدر ضد الاستاذ وبعض تلاميذه كانت له آثاره النفسية السالبة بوجه خاص على كادرات جريدة ( الصحافة )، التى كان يرأس تحريرها الاستاذ فضل الله محمد، فتداعت له بالسهر والحمى. فقد كان أحد الجمهوريين الذين صدرت بحقهم أحكام الإعدام هو الاستاذ عبد اللطيف عمر حسب الله المصحح بالصحيفة، وهى شخصية كانت تحاط بإحترام بالغ وحب شديد فى أوساط العاملين بالدار. ومن واقع الروح العامة التى سرت بضرورة التضامن مع زميلهم المحكوم كتب الاستاذ فضل الله محمد كلمة قصيرة فى الصفحة الأولى، وكان جوهر الكلمة التمنى على الحاكمين إعلاء روح العفو والإرتقاء به فوق منطق العقاب. وكادت رأس الاستاذ فضل الله محمد تطير صبيحة صدور ذلك العدد من على نطع السلطان لولا رحمة الله. أما صحيفة ( الأيام ) فلم تتعد دورها الذى استقامت عليه كلسان لحال النظام الحاكم، قبيل الاعدام وغداة يومه وما تلاه، ولم تشهد صفحاتها غير التسبيح بحمد النظام والتغنى بحكمة قائده وحنكته وموجبات إمامته للمسلمين. أما أن المواقف البطولية للراحل الكبير قد بلغت بالسلطة الحاكمة مبلغ إقالته من منصبه كرئيس لمجلس إدارة دار الايام و رئيس لتحرير الصحيفة قبل فترة قصيرة من سقوط النظام، فزعم ليس له من الحق نصيب، إذ كان الراحل يشغل منصبه بدرجة وزير دولة، ولم يصدر مرسوم بإعفائه وظل يمارس صلاحياته حتى يوم خروج عدد الصحيفة الصادر فى يوم السادس من ابريل ١٩٨٥ نفسه! ولو كان لقائد النظام ذرة شك فى ولاء الراحل لما تردد فى عزله دون أن يطرف له جفن، فما كان النميرى وقد صار يومها أميرا للمؤمنين يختلف فى كثير او قليل عن أمير المؤمنين ذاك فى العصر العباسى الذى كان يعزل على الهوى والمزاج، حتى أنه عزل قاضيا عادلا بمدينة قم، من أعمال فارس، إثر سجعة عَرَضت له إذ قال: (أيها القاضى بقم / قد عزلناك فقم). ذلك هو التاريخ وتلك هى الطروس، فبأى آلاء ربكما تكذبان؟
ولا أبتغى أن أستطرد فأطيل فى أمثلة الأقاويل الشاطحة المجاوزة للعقل، وقد ضجت بها الساحات و المحافل التى تناولت سيرة الراحل العزيز، ولكننى أسرع الى السؤال الذى يلح علىّ وعليك أيها العزيز الاكرم: فيم كانت حاجة هؤلاء وأولئك للتلفيق والتخليط؟ أيعقل أن هؤلاء القوم شق عليهم موت حبيبهم فلم يهتدوا الى سبيل لرثائه والتنويه بمناقبه بغير انتحال المواقف والاحتيال على الوقائع ومزج الحقائق بالأوهام، ثم بالتعدى على الآخرين الذين كان الراحل نفسه يقدرهم فى حياته، حق قدرهم، فيبخسونهم أشياءهم ويلطخون ثيابهم بالأوحال؟ بئس الأحبّاء هم إذن وبئس النعاة! شغبوا وغلسوا على حبيبهم بغير حق، فحمّلوه من الأمر ما لا يطيق – وهو فى رحاب الرحمن– وألقوا على قبره العوسج والغرقد والسحنون، ودونهم الورد والريحان و سعف النخيل. عاش الراحل الكبير حياة مديدة ذات محيط وسيع تسلسلت فى فضائه مجرة متصلة الأجرام، تشد حلقاتها طاقات جبارة شديدة الحيوية، وقد تفجرت هذه الطاقات فى مسار حياته المتداخلة وتدفقت وتدافعت، ترفد ساحات الفن والرياضة والسياسة والثقافة والصحافة والعطاء الأنسانى كيفما أتفق، فقد كان الراحل منفقا من علمه وقدراته ومهاراته ومواهبه بغير حساب. وأزعم أن الغالب الأوفى من طاقات الراحل المتدفقة كانت طاقات إيجابية بانية. وأزعم، الى ذلك، أنه وأن إختار أن يمشى بين الورى المشية العُمرية، الا إنه ابتغى من حياته، وسيلة وغاية، أن يكون أنفع الناس للناس، وأن يكون أنفع الناس لنفسه، فأصاب وأخطأ، وأحسن وأساء، وما ظلم، وكلنا ذلك الرجل. فأما أن الراحل كان من سدنة النظام المايوى ورموزه، فذلك ما لا مراء فيه، ولكن مايو لم تأت شجرتها مقطوعة منبتة الجذور، ولم تكن كلها حصرما وزقوما. لا يقول بذلك الا منافق، فلقد والله أتى علينا حين من الدهر رأينا فيه جموع الشعب تسد عين الشمس وهديرها يصم الأذان: أنت يا مايو الخلاص!
ما كان للناعين المكلومين أذن من حاجة لركوب المركب الصعب، فيتوسلون الوسائل غير المشروعة فى طلب غاية مشروعة، هى أقرب اليهم من حبل الوريد، وقد كان بلوغها متاحا للطالبين بإنعام النظر فى كتاب سيرة الراحل وتصويب الضوء على صفحاتها المشرقة، ولو فعلوا ما أعيتهم الصفحات المشرقات، شأن ثلة من الآخرين، من خيرة رفقاء الراحل، بكوه فأحسنوا البكاء، ورثوه فأخلصوا الرثاء. ما تكذبوا ليرفعوا منه، بروايات مردودة، ضِعة متوهمة. ولا تجاوزوا فإنتقصوا من غيره ليكملوا منه نقيصة متقحمة. ما كان ضر الأولين لو أنهم إتبعوا سبيل زمرة الخير هذه. أو لعلهم صبروا فكانت لهم الأسوة فى خدن ساتى الشفيف الأستاذ هاشم كرار الذى طرّز فى وداع رفيق دربه منمنمة من أبلغ وأصدق ما دلق المداد فى بكاء باقٍ على راحل، فأهدى قومه لوحة قلمية موشّاة تضج ألقا وبهاءً وحيوية عن بؤر غائرة بديعة من شخصية الفقيد، وتصاوير باهرة ونادرة من قسَمَات ملامحه الإنسانية.
اللهم يا ذا الجلال والإكرام، إغفر لساتى وأرحمه، رحمة تطمئن بها نفسه وتقر بها عينه، وعافه وإعف عنه، ولقه الأمن والبشرى، والكرامة والزلفى، وأجزه عن الإحسان إحسانا، وعن الإساءة غفرانا. وأحشره اللهم فى زمرة المقربين، إنك سميع قريب مجيب الدعاء، وإنك على كل شئ قدير، وبالاستجابة جدير.
عن صحيفة ( الاحداث )
انتهى مقال البطل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ضد الكذب .. عن (أيام) حسن ساتي . هاشم كرار يدخل وآخرون على الباب . (Re: كمال علي الزين)
|
غايتو يا كمال مقال البطل دا ودّر ليك حسن ســاتى دا شمار فى مرقة
و عمك محجوب الرجل المحترم البهتوه ساى دا طالبكم اعتذار. خاصة الزول بتاع اولى صحافة داك، و هو اظنو صحفى او شئ من هذا القبيل. قصة محجوب رئيس لجنة تأميم الصحف المتوهمة دى فرية اطلاقها التعيس محمد طه محمد احمد و هو رجل كان يُشهد له بالقدرة على الفبركة و الاثارة الغوغائية.
___________________ كريسماس مجيد و عام سعيد.
تحياتى.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ضد الكذب .. عن (أيام) حسن ساتي . هاشم كرار يدخل وآخرون على الباب . (Re: abubakr salih)
|
Quote: غايتو يا كمال مقال البطل دا ودّر ليك حسن ســاتى دا شمار فى مرقة
|
بكري بالمناسبة أجدع لي تلفونك ضاع مني وخلاني مقصر معاك ..
بعدين أنا مابدافع عن حسن ساتي وبنزه فيه عن الغلط .. أنا كنت بتكلم عن (حسن ) كصحافي مميز جداً .. دي واحد ..
أستاذنا الجليل / محجوب محمد صالح شارك زيو زي غيروا من الشعب السوداني في دفع عجلة (مايو الخلاص) وهو اللي أشرف على اللجنة بتاعة التأميم و(إسم لجنة تنظيم مهنة الصحافة) دي إسم داروا بين طياته (سبة الشمولية) .. وللمعلومية أنا برى إنو تأميم الصحافة كفكرة (في بداية) مايو ساهم في خلق مؤسسات صحفية محترمة وقد يرى غيري غير ما أرى ..
لكن هذا لايمنع أن ملاك الأيام الشركاء : الأستاذ/ محجوب هو الذي (أشرف على هذا المشروع) وشريكه الأستاذ/ محجوب عثمان كان وزيراً للإعلام .. يعني الإتنين أسهموا في الأمر .. ولو انهما كانا ضده لما شاركا به .. ولا أعتب عليهما ولا ألومهما فمايو أستوعبت كل السودان وليس منا من هو برئ منها ..
وأختلف مع الراحل ساتي كثيراً .. بخصوص (آخر لحظة) تحديداً ..
وكتبت عنه هنا :
(آخر لحطات) حسن ساتي .. وما تنبئت بوفاته ولكني تنئت بنهايته كصحافي ومحلل سياسي متميز وموضوعي وشجاع فلي قناعة أن الإنقاذ لا بد أن تجتث من جذورها .. (نيفاشا) أو أي حل آخر .. لم تقنعني ولن تقنعني .. وهو رأي متطرف , أعلم ذلك ... ولكني أعتقد أن الإتفاق مع (الشيطان) لا يجدي ..
محبتي ..
حتى آتيك تفصيلاً ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ضد الكذب .. عن (أيام) حسن ساتي . هاشم كرار يدخل وآخرون على الباب . (Re: abubakr salih)
|
Quote: عمك محجوب الرجل المحترم البهتوه ساى دا طالبكم اعتذار. |
تعرف يابكري .. الجدل البيزنطي ده نهايتو عن (عمك محجوب زاتو) .. المصيبة إنو عمك (محجوب) أطال الله عمره لا يستطيع إنكار الأمر .. ولا أظنه ينزه نفسه عن الخطأ كما تحاولون تنزيهه .. وكان كلامنا ده أعوج (عمك محجوب حي يرزق) .. أسألوهو ..
Quote: خاصة الزول بتاع اولى صحافة داك، و هو اظنو صحفى او شئ من هذا القبيل. |
الزول ده كان قصدك (فيصل الزبير) فلم أعهدك هكذا ياصديقي .. (فيصل الزبير) إن لم تكن تعرف فهو صحافي منذ مطلع الثمانينيات .. ويعمل الآن بصحيفة الشرق القطرية .. بعد أن أنتقل إليها من (الوطن القطرية) زي اللاعب المحترف وكده ..
Quote: قصة محجوب رئيس لجنة تأميم الصحف المتوهمة دى فرية اطلاقها التعيس محمد طه محمد احمد و هو رجل كان يُشهد له بالقدرة على الفبركة و الاثارة الغوغائية.
|
تعرف كمان ياصديقي .. قصة التلاعب بالمسميات ده (محيرة) .. (لجنة تنظيم مهنة الصحافة) والتي نسميها (لجنة تأميم ومصادرة الصحف ) عاملة زي (لجنة الإحالة للصالح العام) .. كلاهما مسمى (جميل) .. يعني على كده لجنة الصالح العام دي اللي أنا بسميها (لجنة قطع الأرزاق ومحاصرة والتضييق على اليساريين) حا تجي يوم تكون لجنة نزيهة ومحترمة .. لمجرد أن إسمها : (لجنة الإحالة للصالح العام) .. وما أنبل البحث عن الصالح العام .. وما أنبله من غرض حين تتكون لجنة تحت مسمى (تنظيم مهنة الصحافة) يعني الصالح العام بسكتنا .. وتنظيم المهنة برضو بسكتنا ..!!
الله يحيينا ونشوف بعدين لجنة الصالح العام دي حا تقولوا عليها شنو ؟؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ضد الكذب .. عن (أيام) حسن ساتي . هاشم كرار يدخل وآخرون على الباب . (Re: كمال علي الزين)
|
(*)
الأخ / الدكتور / أسامة وعبره للأخ الأستاذ/ ناصر البطل ..
(لكي لا تأسو على مافاتكم ولا تفرحوا بما أتاكم) .. هذا أولاص عنوان كلمة الأيام التي كتبها الأستاذ / حسن ساتي بعدد الخميس الذي سبق الجمعة العظيمة (جمعة إستشهاد الأستاذ / محمود) والكلمة طويل بعنوان :
ولتبقى رايات التسامح والحوار عالية ..!!
(ويمكنك الرجع إلى دار الوثائق المركزية ورحم الله الدكتور / أبوسليم)
وللمعلومية هذه الكلمة كتبت في إجتماع (سري) ليلاً بمكتب الأيام بحضور الأساتذة :
مرتضي الغالي هاشم كرار نجيب نورالدين والمرحوم عبدالقادر حافظ
(يمكنك الرجوع إلى هؤلاء الشهود الأحياء إن إستعصت عليك طرقات دار الوثائق)
وكانت أيضاً حضورة حقيبة الأستاذ/ حسن ساتي .. (جاهزة للسجن) ..
رحمه الله ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ضد الكذب .. عن (أيام) حسن ساتي . هاشم كرار يدخل وآخرون على الباب . (Re: كمال علي الزين)
|
(*)
خاص للأستاذ / البطل ..
رغم كل مادار من حوار وجدل حول (المقال) أعلاه .. إلا أنني أشهد أنه (مقال رصين , قوي , ناصع العبارة) .. وحيث أنني لا أعلم مدى خبرتك الصحافية أو سنك .. فأرجو أن يقرأك الكثير (من عواجيز وشباب الصحافة) .. لأنك تمتلك (قلماً نادراً) ..
والكتابة حول أمور تأريخة قد يشوبها الدقة لا يغبطك حقك ..
(وأرجو أن أرى لك رداً آخر فقد أشجاني وأسعدني ماقرأته )
وللأسف هنالك فرق كبير بين ما كتبته أنت وبين الكذب الذي عنيته .. فأنت لم تنسب إلى نفسك فضلاً لست أهله .. وأتمنى أن تأتي مكذباً لي بعد الرجع لدار الوثائق أو للشهود الأحياء .. وثق أنني سأتقبل الأمر من باب إحقاق الحق وتصحيح ماهو خطأ ..
محبتي وبإنتظارك ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ضد الكذب .. عن (أيام) حسن ساتي . هاشم كرار يدخل وآخرون على الباب . (Re: كمال علي الزين)
|
اشارات رفعت عنها السرية من ذاكرة غير خربة كلام زول مجمع ونص يكتبها : هاشم كرار والشهود الاحياء لايمتنعون (3)
(فات) العصر ، (ولى المسا) .. وعادة في مثل هذا التوقيت ، من كل يوم ، يصبح مكتب تحرير الايام ، في الخرطوم ، (غير) . يصبح الى غير ماهو عليه في اي نهار .لو جئت الى (الايام) في ذلك التوقيت ، لقلت إن (الايام) تحتويها رعشة البكاء ، تلك الرعشة ، التي هي (لزمة) من (لزمات) الغنا السمح في خشم ،،، خشم سيد خليفة ! في ذلك التوقيت، لاصحفيين (كتار) ، ولا (موت.. والله موت!) ": لاصباح ، ولا انعام ، ولا نجوى حسين، ولا عواطف ،ولا.. ولا فائزة شوكت تحوم .. تحوم في خاطرها (خاطرا الغالي) دعابة حلوة ، او قفشة مشاغبة ، او طرفة مليحة ! قي ذلك التوقيت ، (تصن) المكاتب : ليس من صوت ، إلاصوت صرير اقلام عمك عمر عبد التام ، وابوشنب ، ومصطفى عالم في مكتب الرياضة .. وليس من صوت إلا صرير اقلام (ناس الاخبار) ، في المكتب ( الفوق ) الفاتح على مكتب حسن ساتي .. وليس من ضحكة (تحت) إلا ضحكة احمد البلال الطيب ضحكته في مكتب التحقيقات ، على التلفون، مع وزير - بالطبع - او مدير .. ضحكته تلك العالية الشهيرة التي تخرج ها ها،،ها ها ،، هكذا بالقطاعي ، من بين لهاته وجيوبه الانفية ، ويقطعها هو - فجأة- ل(يخش) في حديث اخر ! ذلك الوقت ، في الايام ، هو وقت (الزنقة) : الوقت الذي تكون فيه المطبعة ، في بحر (فاتحة خشما) ، لاخر الصفحات : الرياضة والاولى كانت في ذلك الوقت ، تلفونات الاخبار ، ترن من وقت لاخر :
- صحي ، محكمة المكاشفي أيدت اعدام الاستاذ محمود ؟! كان ذلك هو السؤال ، بين كل رنة تلفون ، ورنة تلفون ، وكان السائل - على الجانب الاخر على الخط - هو كل من (فاتته) نشرة الساعة تلاته ، ونشرة خمسة ، وسمع بالخبر ( من جاي اوجاي) ، واراد ان يتأكد . كان الخبر (الذي كان عندنا من بدري) ، واصر المكاشفي طه الكباشي ، ان يجئ به الى الايام بنفسه ، (ناهرا اليها ) دبل قبينة موديل 85 براند نيو ، في ذلكم النهار الذي حدثتكم عنه . كان الخبر الذي سلمه هو ، لابو العزائم .. كان لايزال في جيبي ، وكنت اعرف انه ، لن ينشر ! - (افتكر إننا لاننشره) كان ذلك ( إفتكار) ، بل قرار استاذ حسن ، اول ما جاء بالخبر (كداري) مندوب الايام ، من محكمة الاستئناف طوارئ ، في الخرطوم نمرة 2 . قرار الاستاذ حسن ، كان قد قال به (تحت تحت) ، لحلقة ضيقة جدا ، كنت فيها ، ولم يكن فيها البلال ، ولم يكن فيها الاستاذ تيتاوي ، نائب رئيس التحرير! كان (فهم) استاذ حسن ، الذي اتفقت معه فيه الحلقة الضيقة (مرتضى الغالي ، وعبد القادر حافظ ، ونجيب نور الدين ، وشخصي) إن في نشر الخبر محاصرة لرئيس الجمهورية ، في (الزاوية الضيقة) ، ذلك لان الحكم بالاعدام الذي سترفعه للرئاسة ، محكمة الاستئناف العليا طوارئ ، هو حكم (حدي) ، ولايجوز (حتى للنبي الكريم ،ان يبطل حكما حديا ، ناهيكم عن جعفر نميري دا!) كان (فهمه) ألا (نزنق) نميري بالنشر .. أن (نعطيه هامش حركة) .. ان (نخليه يتصرف دون احراج ، يضع الحكم في درجو ، او يلغيه ، او يلقيه في سلة المهملات !) لو انني - ( الاصلو ) عمري كلو (ما حا افهم) ، كنت قد فهمت ، من زمن ، جملة الاستاذة بدرية ، تلك التي قلت لكم انها كانت قد (فكتها) لي ، امام الباب (الفتحتو، وقلت سوري، وسديتو) - لكنت اذن ، قد قلت لاستاذ حسن ، في تلك اللحظة التي كان يفهمنا فيها (فهمو) لعدم النشر : -يا استاذ حسن ..يا أخ ... درج شنو ، وسلة مهملات شنو .. لقد قضي الامر الذي فيه تستفيان ! تخيلته ، في تلك اللحظة ، كان سينهجم ، تخيلت نفسي ، اقول ايضا بأسف : - يا استاذ حسن ، يا استاذ .. لقد رفعت الاقلام ، وجفت الصحف ! تخيلته : طان سيلتقط شيئا ، بفطنته التي اعرفها فيه ، غير انه كان سيسألني اولا ، بعينيه الذكيتين اللتين (اكلهما نمتي العفاض ) كما قال عنهما ذات توصيف جميل صديقي نجيب نور الدين ، قبل ان يسألني بصوته (التلفزيوني) : -انت يا هاشم عنك حاجة ؟ اتصور (في الحته دي) عنك حاجة دايرتقوله ! في (الحتة ديك) كنت سأقول له ، ان نميري الذي تريد ألا (نزنقو) بالنشر ، و ( نخلي ليهو هامش حركة) هو نفسه النميري الذي صدق على الحكم من زماآآن .. من قبل ان يصدر الجمهوريون ( هذا أو الطوفان) ، وقبل ، قبل اعتقال الاستاذ محمود والاربعة .. وقبل محكمة المهلاوي .. وقبل محكمة المكاشفي ، وحاج ماجد ، وحاج نور ! تخيلته كان سيقول : دا كلام شنو دا؟! تخيلته : ]اخذ بيدي - دون ان يستأذن من الثلاثة الاخرين ، في الحلقة الضيقة (تعال تعال ) ويطلع بي ، فوق ... الى مكتبه ! اخذتني ، من ( خيالاتي) - وكنت فوق في مكتب الاخبار - ضحكة من ضحكات البلال الشهيرة ، في مكتبه (التحت) انتبهت انقطعت الضحكة انتبهت اكثر : كانت ثمة خطوات لاهثة ، (تربرب) رب رب رب، في درجات السلم الخشبي ، المغطاة بموكيت احمر قديم . كانت تلك هي (ربربة) خطوات الخفير عبدالله الغرباوي. كانت تلك هي خطواته ، باستمرا ، في مثل هذا الوقت - تقريبا - وفي هذا المكان ، كل يوم . كانت خطواته عادة تلهث ، الى فوق ، وفي يده مفاتيح، ليفتح باب مكتب رئيس التحرير ، اول ما يظهر هذا الاخير . ظهر ، رأيته بانفي اولا ، قبل ان اراه ، بعد ثانيتين ثلاثة بعيني الاثنتين (هاتين) : كانت قد سبقته الى فوق (ريحتو) المفضلة في تلك الايام، والتي كنت اظن انها ، ما كان يمكن ، ان تروق له اطلاقا ، لولا ان اسمها كان يداعب اعتدادا بنفسه هو : اعتدادا يراه الاخرون ، غرورا فيه .. في حسن ساتي . كانت الريحة ريحة (ون مان شو) ! (مساني بالخير) ، ومسيتو . - ايه الجديد عندكم ، في ..في الاخبار! كان الخبر ... الخبر الذي جاء به للايام ، المكاشفي - بنفسه - لايزال (مرميا في جيبي) . - لا جديد ، لولا ان المكاشفي ، جاء بالخبر بنفسه ، الى الايام ، وقال .. . قاطعني استاذ حسن ، بعد ان التفت ، وكان تلك اللحظة ، قاب خطوتين ، او ادنى، من كرسيه . - قلت المكاشفي قال .. قال شنو ؟ - طبعا ، قال يدوك ليهو ، للنشر ! - للمشر ؟!(رمى حسن ساتي هذا السؤال - هكذا - استنكاريا ) قبل ان يبتسم هزوءا، او في مرارة ، وهو يقول - كلام غريب والله .. هم كمان دايرين يبقوا رؤساء تحرير .. وفي رؤساء التحرير ، دايرين يبقوا رئيس تحرير الايام ؟! قال ما قال ، و(تحكر) في كرسيه ، فيما ملأت المكتب كله ، في تلك اللحظة ، ريحة ( ون مان شو) ! عجبني ، ولوكنت انت ، انا ، في تلك اللحظة ، لكان قد عجبك ، ايضا ! ذلك هو - حسن ساتي- رئيس التحرير الذي يعجب .. والذي كان ليعجبك كثيرا جدا، لو كنت انت ، واحدا في (فريقه)، واحدا في (كتيبة)الايام . في تلك اللحظة ، دخل عبد القادر حافظ ، الذي كان يدير الاخبار ، في تلك الايام ، سلم و... - طبعا يا استاذ ، اظنك عرفت الحصل ! - آي .. كلمني هاشم .. دي حاجة .. حاجة تقرف والله ! - ننزلو؟! - ننزل شنو ! دي جريدة دي ياعبد القادر حافظ .. دي جريدة الايام ، الرئيس تحريرها حسن ساتي ، وليس المكاشفي ..جريدة شغالين فيها انتو يا عبد القادر ، ويا هاشم ، ويا ... وصمت للحظة ،و.. - لا ..ما ينشر ، للاعتبارات ال..............قبيل قلناها ! و...... و...... حمل محرر السهرة - كالعادة - في تلك الليلة ، اخبار وخطوط ومانشيت الصفحة الاولى ، الى بحري حيث المطبعة ( الفاتحة خشما) ولم يكن من بين الاخبار ، الخبر .. الخبر الذي حمله للايام -بنفسه- المكاشفي ، واذاعته الاذاعة ثلاث مرات ، وتصدر نشرة التلفزيون ، في التاسعة ! في صبيحة اليوم التالي ، خرجت الصحافة تحمل الخبر ، وكذا خرجت جريدة القوات المسلحة ، فيما كانت ، الصفحة الاولى ، في الايام سوداء ، من غير سوء ! تخيلت (حالة) المكاشفي ، في ذلك الصباح .. و.. اترك لكم ، ان تتخيلوها انتم ، وهو يقلب الايام ، رأسا على عقب ، يفتش .. يفتش عن الخبر ، حتى بين اخبار الوفيات ، ولا .. خبر ..الخبر الذي (نهر) به ، الى الايام التايوتا السنينة ، الدبل قبينة .. التايوتا البراند نيو ! ا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ضد الكذب .. عن (أيام) حسن ساتي . هاشم كرار يدخل وآخرون على الباب . (Re: كمال علي الزين)
|
كلام زول مجمع ونُص! حلقة «4» (ب) ، ، ، و.. (فاتت) حافلة الصحافات والديم والديوم وأركويت، بناس ليلى وزهيرة، والجنايني عيد، وابا يزيد. كانت فايزة شوكت، داخل الحافلة (ما ياها): لا ضحكة في العينين، لا قفشة، ولا نكتة، ولا طرفة، تحوم. . كان الخاطر، خاطرا الغالي كان.. كان مكسور! حافلة (ناس أم در) - كالعادة - كنتكت (ورا وقدام) راجعة تيت، تيت، تيت.. وكالعادة أداها حسن حسين كسرة، دقَّ شريطاً في دركسونو وحشرو في الريكوردر السنين. في تلك المرة، لم يخرج صوت الفرجوني، ليزاحم المارة، والغبار، واكياس النايلون الطايرة ورائحة الأدوية، والجبنة المعتِّتة، في الشارع الضيق. في تلك اللحظة، خرجت مناحة.. خرجت مناحة، لمغنٍ (مقطوع طاري).. مناحة كانت تمنِّح بها - في تلك الأيام- هنا أم درمان، وتمنِّح بها البكاسي، والحافلات.. وتمنِّح بها أسواق ليبيا، والشعبي، وسعد قشرة، والسوق العربي.. وتمنح بها تشاشات العيش، وأكشاك الليمون. كان السودان كله، في تلك الأيام في مناحة، كان كله يُمنِّح: الوليد الضيف غرقتنو كيف؟! هل كانت مجرد مصادفة، ان يفتح حسن حسين (سواق ناس أم در) ريكوردرو السنين إلى الآخر، بهذه المناحة.. أم أنه كان قد (شاف) هو الآخر: شاف قبلي البلد، شايل.. شايل مطر الحزن؟ شغَّل المنشفة، والـ (هازارد) كان شغال، فتح للصينية الصغيرة، في شارع البلدية.. أدى المركز الصحي شمالو، وسرق الشارع! سمساعة، في اللحظة التي سرق فيها حسن حسين الشارع، ولفَّ.. كان - بالطبع - ما ياهو، ولا أنا، ولا النحاس، ولا عمر اسماعيل، الفي أضانو، الما بزيل بلم، ولا النيل القبيل، القبيل.. يا هو! سييك.. سيكّت - في تلك اللحظة - فرامل سيارة المحامي (النحرير) عادل عبدالغني. كان هو الآخر، ما ياهو. لم يطل بنا الوقوف، إلا مسافة أن نشيل منه شوية ونديهو، عن الحاصل شنو. فتح النحاس باب، وفتحت باب، وانطلق بنا عادل إلى.. إلى كوبر: كانت تلك، هي المرة الثانية، التي نزور فيها - نحن الثلاثة - الأستاذ محمود بعد اعتقاله هو والأربعة: المرة الأولى كانت في حراسات محافظة أم درمان، التي كان قد نقل إليها، مع تلاميذه الأربعة، بعد حكم المهلاوي بالاعدام: نادوا عليه: يا محمود.. يا محمود (هكذا، لم تلي يا النداء كلمة استاذ، ولم تليها حتى كلمة عم، أو خال)! لم يسمح له الشاويش، أن يخرج إلينا. وقف الأستاذ يمسك بقضبان الباب الصغير، الذي يفتح على (كاونتر التحري).
كان هو متلفحا ثوبه، وهو في عراقيه، وسرواله، ومركوبه الأبيض. طايبناه، وطايبنا.. وكان هو، في تلك اللحظة، يزح مرة- مرة ليمرر مخموراً (دفره) عسكري إلى الداخل.. أو يزح، ليفسح مجال الخروج، لمعتقل أو معتقلة، (كورك) لها الشاويش، أوأحد العساكر. زحْ.. زحْ كدا، يا أبو توب انت! كانت حراسات، محافظة أم درمان، في أيام (اسلام الطوارىء تلك)، متكدسة بناس (الكشات): رجال مخمورين، وبائعات خمور بلدية، بأطفالهن.. ونشالين.. و(جواكر)، و.. و.. كانت تفوح منها - بالطبع - رائحة نتنة جداً - كده، زح كده شوية، يا.. أبوي! كانت تلك امرأة، يبدو انها قبضت في (كشة) مريسة أو عرقي. كانت تحمل طفلا، يصرخ، وكان آخر يمسك بطرف ثوبها، وكان العسكري (الفراّق) يدفرها دفراً، لـ (تخش): خشي.. خشي خشاك بلا يخمك! (زح) لها الاستاذ، وهو يمسح بيده، على رأس الطفل الذي كان قد ارتفع (عياطه) ويبوس يده.. (خشت) تطنطن: انتو، ما احترمتو أبونا الكبير دا، دايرين تحترمونا نحن، ولا تحترموا جُهالنا! اصابت، تلك (المكشوشة)، وكانت قبلها، قد اصابت امرأة، وأخطأ «الفاروق» عمر. لم يكن، منظر الأستاذ محمود في تلك «الوقفة» يجسّد (عدم احترام) فحسب.. كان يجسد (اهانة)، ليس فقط اهانة لـ (الكبير) - والماعندو كبير يكوسلو كبير - وانما يجسد اهانة لـ (الفكر)، والعلم، والأدب، والمحبة.. ويجسد إهانة للمعارضين.. كان منظر الأستاذ محمود، وهو في تلك الوقفة، يجسد حالة أمة بحالها - كما قال الأستاذ عادل عبدالغني بعد خروجنا- أمة تحت الإذلال! كان المنظر، مؤذيا جدا.. وكريهاً، ومستفزاً، ومثيرا لأقصى درجات الغضب، على (ثوة مايو) تلك التي كان يلغلغ (قرقوشا الفي الخرطوم) في تلك الايام بما كان يسميه بدولة العلم، والايمان.. والعدالة الناجزة. أذكر أنني.. وفي غمرة شعوري بالقيء والغضب، قلت له: - يا أستاذ محمود.. يا أستاذ، أهذه هي ثورة مايو التي كنت تدافع عنها؟ توقفك أخيرا، مثل هذه الوقفة؟ لم يفاجئه السؤال. ابتسم ابتسامة مقتضبة وحزينة جدا، قبل أن يقول: - نحن - الجمهوريين - كنا في الحقيقة بندافع عن مايو، لمن مايو كانت ضد الهوس الديني.. لكن مايو لمن اصبحت هي جزء من الهوس الديني.. بل لمن أصبحت هي الهوس الديني، وقفنا ضدها.. ومافي وقفة - أصلو- بلا تمن.. زحّ لسكران (مدفور)، (صلّح) ثوبه، وواصل حديثه: - في الحقيقة أصلو مافي وقفة بلا تمن.. ونحن الجمهوريين، في سبيل وقفتنا ضد الهوس الديني، ما يهمنا تمن. في الحقيقة التمن ما بهمنا.. وفي الحقيقة نحن مستعدين لندفع ثمن اكبر.. اكبر بكتير من الثمن الشايفنو انتو الآن قال النحاس، شيئا، وقال عادل عبدالغني أشياء، عن المحاكمة و.. قبل ان (يكورك) لنا الشاويش: يا جماعة.. يا جماعة انتو الواقفين مع محمود كفاية..كفاية اطلعوا بره - سألت الاستاذ: - والآن.. بعد دا كلو.. بعد الهوس دا كلو.. انت شايف مستقبل مايو شنو؟! - مايو انتهت. يكفي انها طلعت من قلوب الناس! (دفر) عسكري امرأة أخرى.. دفر أحد السكارى إلى.. الى الباب، وهو يسب ويلعن، ويقول للأستاذ: «محمود.. خلاص.. خلاص خُش.. خُش جوه و.. و.. خَشَّ.. و.. خشينا، نحن الثلاثة، كوبر: أماام بوابة السجن، بمسافة، كان قد انتشر ثمة عساكر، يبعدون جمهوريين وجمهوريات، بعيداً عن المدخل لم يكن مثل هذا، يحدث، في الأيام التي سبقت تأييد محكمة الاستئناف طوارىء، لقرار الاعدام. أذكر اننا ونحن (خاشين) رأينا الاستاذة الجمهورية بتول مختار، تتكلم وقد ارتفعت يدها أيضا، مع أحد العساكر. كانت تمسك في يدها اليسرى بـ (عمود).. وكان العسكري يتكلم بيديه المرتفعتين أيضا، وهو يؤشر -فيما معناه - من وقت لآخر ان تمشي «تمشي بعيد من هنا»! أبرزنا انا والنحاس - بطاقيتنا لشلة عساكر في البوابة. - انتو الثلاثة، صحفيين. - نحن الثلاثة (وكنا الثلاثة كاذبين) خشينا، وخشينا مكتب المدير.. مدير السجن، كان هو، وثمة ضباط، عرفّناه بهوياتنا، واستأذناه، ان نسلّم على الأستاذ لدقيقة واحدة.. دقيقة واحدة وبسْ! كان المدير، رجلا سمحا.. اعتذر بلطف: لو جيئتم في غير هذا اليوم لكان يمكن ان تقابلوا الأستاذ. لكن اليوم.. للأسف.. لا يمكن! سألته: ولماذا (يا سعادتك) لا يمكن في هذا اليوم، وكان يمكن في الأيام الفائتة؟ - لأنه.. صدرت تعليمات عليا، بمنع أي مقابلة لمحمود.. والأربعة! - تعليمات من مدير عام السجون.. من وزير الداخلية؟ من منو؟ (هكذا سأله النحاس) - تعليمات عليا و.. بسْ (قالها وهو يبتسم) - من رئيس الجمهورية مثلا؟ (هكذا سألته). - مثلا.. لكني لا استطيع ان اقول لكل من مَنْ.. والله انتو يالصحفيين منكم خوف! - طيب يا سعادتو.. ممكن تدخلوا ليهو مذكرة.. مذكرة بسيطة (هكذا طلب الأستاذ عادل عبدالغني) و.. قبل ان يقرر سعادتو قراره، أردفت بحملة الأستاذ عادل: بسْ يا سعادتو ورقة صغيرة، ومن ثلاثة سطور.. بسْ ثلاثة سطور! ابتسم الرجل الطيب، يقول: - بالرغم من إنو دي ذاتها ممنوعة.. لكن.. لكن عشان خاطركم.. وخاطر الأيام! قطعت سريعا جدا، جزءا من ورقة في جيبي، وكتبت عليها: الأستاذ محمود.. أكرمك الله. تحياتنا للأربعة، وذيلّت اسمي، واسم عادل، والنحاس قرأها المدير: «ح ندخلا عليهو.. بعد شوية، ان شاء الله». و.. دخلت الورقة. هذا ا فهمته من الأستاذ عبداللطيف عمر.. أحد الأربعة.. حين التقيته، بعد شهور من الاعدام، في مكاتب «الصحافة». قال عبداللطيف: في الحقيقة يا هاشم، الأستاذ اجتمع بينا قبل التنفيذ بي يومين، وقال لينا - من ضمن ما قالوا- انك والنحاس وعادل عبدالغني جيتو تزورونا، لكن منعوكم من المقابلة، و.. وراّنا الورقة!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ضد الكذب .. عن (أيام) حسن ساتي . هاشم كرار يدخل وآخرون على الباب . (Re: كمال علي الزين)
|
ا
كلام زول مجمع ونُص الحلقة (4) (ج) الزمان: الأربعاء، 16 يناير، الساعة 9 (شارب). المكان: مكتب الأستاذ حسن ساتي. تحرير الأيام، الخرطوم. المناسبة: الاجتماع السري للغاية. كان أستاذ حسن (متهللا)، برغم ان المكتب لم تكن تفوح منه (ريحتو) هو: ريحة (ون مان شو)! دردش شوية، ونادى على المراسلة، ان يكب لنا شاي: - الشاي دا يا هاشم كرار مُش شاي الرشيد المتخلف بتاعكم.. دا شاي من نقابة المحامين، خصيصا! (كانت نقابة المحامين جوار مركز الأمم المتحدة للاعلام.. وبينهما وبين الأيام فركة كعب). عطست. كانت قد داعبت أنفي في تلك اللحظة، الريحة.. (ريحتو) هو، تلكم التي قلت لكم، انه ما كان يمكن أن تروق له، لولا أن اسمها كان يداعب فيه هو شخصيا، اعتداداً بنفسه.. اعتداداً لا يراه الآخرون إلا نوعا من النرجسية، فيه هو.. حسن (ذاتي)! كانت عيناه اللتان (أكلهما نمتِّي العفاض)، تحومان في تلك اللحظة، في وجهي، ابتسمت، زادت ابتسامتي بمقدار سنتمرٍ واحد، أو سنتمترين، وأنا أنظر إلى صديقي، نجيب نور الدين: كان هو في تلك اللحظة، على فمه مشروع ابتسامة، وعيناه تحومان في عيني حسن ساتي! فاحت رائحة الشاي (الأفوكاتو)!) - بعد دا يا محمد فضل (وكان ذلك اسم المراسلة) نادي لينا محمد، من مكتب ليلى. جاء، وكان محمد الذي يعنيه حسن ساتي، أحد الجميّعين الممتازين، في دار الأيام بالخرطوم بحري. - سلِّم.. سلّم على الشباب.. طبعا، طبعا بتعرفهم، وبعرفوك. سلّم علينا محمد، و.. وأشار عليه حسن ساتي، بيده أن يتفضل (اتفضل يا محمد، في المكتب التاني، وأقفل معاك الباب، لو سمحت!). الباب انغفل.. استعدل حسن ساتي، في جلسته: - نبدأ.. جاهزين؟! وزع عينيه، على عيوننا الثمانية، ودخل في الحديث: - انني أعرف موقفكم، من الذي يجري الآن في هذا السودان المنكوب. أعرف موقفكم من كل الذي يجري الآن باسم الدين.. قضية محمود أعرف موقفكم منها.. الآن، حان الوقت لنسجل في (الأيام) موقفنا للأيام، وللتاريخ.. مستعدين؟ لم ينتظرنا لنقول (مستعدين) بصوت رجل واحد. كان حريصا جدا، ان يرى، ويسمع- في ذات الوقت - موقف أي واحد منا، نحن الأربعة: - ها.. مرتضى؟ - هاشم؟؟ - عبدالقادر؟! نجيب؟ هكذا،راح يسأل كل واحد منا، على حده، حتى اذا ما قال أي منا انه (مستعد) راح يلقي بالسؤال، وعينيه الاثنتين معا، في وجه الآخر. - دا كلام جميل، شوفوا: الوقت يجري بسرعة، والوضع يبدو انه خطير جدا، لذلك لابد أن تطلع (الأيام) بكرة بكلمة للأيام، والتاريخ.. عشان كدا.. وعشان (اقضوا حوائجكم بالكتمان) أنا جبت الطبيع السلّم عليكم دا، قبل شوية، من بحري، ومعاه ماكينة (ريمستار)، على أساس نجمع كلمة الأيام هنا، ونصححها هنا، كلنا مع بعض، ويشيلا محرر السهرة إلى بحري، وينزلها في الصفحة الأولى، في اللحظة الأخيرة، ويشيل الصفحة بنفسو إلى التصوير! ماكينة الـ (ريمستار)، تلك التي تحدث عنها حسن ساتي، ماكينة صغيرة، كانت الأيام قد دخلت بها عصر ما بعد (الجمع الرصاصي) ذلك النوع من الجمع الذي (قدد) عيون الجنود المجهولين في تلك المهنة: الطبيعّين، من أمثال الطيب بين، وابو الروس، وابراهيم، وغيرهم من الطبيعين الأفذاذ. هذا النوع من الماكينات (أدخلها) للأيام حسن ساتي (رئيس مجلس الإدارة، ورئيس التحرير)، في اطار مشروع تطويري كبير للدار.. وهو المشروع الذي انتهى بإدخال نظام الجمع بالكمبيوتر، في أول مؤسسة صحفية في السودان. تلك ايضا، واحدة من حسنات ذلك الـ (حسن) حسن ساتي، على الصحافة السودانية. كانت الـ (ريمستار)، في تلك الأيام أيام الجمع بالكمبيوتر- قد أحيلت على المعاش (بالغاء الوظيفة)، غير انها كانت تعمل (بالمشاهرة) في الدار- من وقت لآخر، حين يصيب الكمبيوترات عطل مفاجىء، أو يضربها فيروس، أو حين يكون الجمع أكبر.. أكبر من طاقة الشباب الجميعين على الكمبيوتر، فتح عبدالقادر حافظ، فمه ليقول شيئا، غير انه (قفله) سريعا، حين رن التلفون السري، التقط استاذ حسن السماعة، و... - الو.. - أهلا، أهلا - يا أستاذ - كيفك؟ - .... - المكاشفي زعلان؟ زعلان من «الأيام».. زعلان في شنو؟! -.... - طبعا.. ما نشرناه! - .... - يا أستاذ.. يا استاذ علي.. هذا الحكم حكم حدي، وانت عارف انه لا يجوز حتى للنبي ابطال حد.. حتى ولو كان على فاطمة، و... - .... - دي تقديراتنا.. تقديراتنا انو ما ينشر.. في نشر الخبر محاضرة للنميري.. تقديراتنا.. نديهو.. نديهو هامش حركة! - .... - معليش.. معليش يا أستاذ.. (الأيام) ليست هي الصحافة، ولا «القوات المسلحة».. ولا هي التليفزيون، ولا الإذاعة..! -.... - لا، لا.. لا... ما تقول لي الصحافة نشرتو.. ولا القوات المسلحة.. الصحافة خليك منها.. القوات المسلحة دي جريدة التعلمجية ما بقروها.. أنا بتكلم عن الأيام.. الأيام يا أستاذ علي، البتخاطفوها الناس من «7» صباحا، والبتوزع مائة الف نسخة، ولا راجع! - .... - الاذاعة؟ الاذاعة دا كلام وبشيلو الهواء.. التليفزيون؟ وين مع الكهرتباء القاطعة دي.. لكن دي جريدة.. الزول يكون ماسكا في ايدو.. دي جريدة.. جريدة.. وفي الجرايد.. جريدة الأيام! -.... - أوكي! و.. رمى حسن ساتي، السماعة بعصبية، خمّ! نفسا، و(ختّاه)، مسح وجهه، ابتسم يقول: - طبعا.. طبعا عرفتوه! لم ينتظرنا، ريثما نقول له (بلحيل)، هزّ رأسه، وخت نفسا آخر، ابتسم ابتسامة ساخرة، وقال: -) دا علي شمو.. جاء ليعلمنا أمور (أيامنا! - أخيرا.. فهمو شنو؟( هكذا مشي صوت نجيب نور الدين، في المسافة التي كانت بينه وبيننا نحن الأربعة، ومشت في المكتب كله). - قال ح يتصل ثاني، بعد شوية.. نشوف. وياما في الدنيا ما ح نشوف..! ابتسم، و.. استمر: - ما عليكم، نستمر في اجتماعنا.. ها.. مرتضى نسمع منك! و.. تكلم مرتضى، بعينيه الذكيتين - ايضا - وهما تحومان هنا وهنا.. وهناك: - المضمون.. مضمون الكلمة حقو ما تكون فيها (ملاواة) ولا تكون هتافية.. تكون كلمة حكيمة، ورصينة، فيها قيم.. قيم (ادرأوا الحدود) و.. و.. قطع حديث مرتضى، رنين التليفون السري، (خمش) حسن ساتي السماعة: - آلو.. -.... - اوكي! و.. رمى هو السماعة، بعصبية اكثر: - او.. ووف.. دا علي شمو قال.. قال انشروا الخبر! عاينا نحن الأربعة، لبعضنا، وعاينا له هو.. حسن ساتي، الذي كان يوزع عينيه، على عيوننا.. مرة أخرى ابتسم: - سيبكم منو, نشر الخبر دي قضية ثانية.. المهم، لازم نخرج (بما هو للتاريخ).. ها عبدالقادر.. أظن عندك كلام! و.. تكلم عبدالقادر حافظ: - افتكر يا حسن، انك تتصل بالأخ فضل الله محمد، في الصحافة.. تكلمو.. يكون في الصورة.. يعرف نحن طالعين بكرة بكلمة.. عشان باكر، باكر ما يقول ما كلمتوني ليه، عشان الصحافة برضو تكتب! - والله دي فكرة.. موافقين يا شباب؟ ها.. هاشم.. مرتضى، نجيب، و... ضرب حسن ساتي التليفون السري: -.... - فضل الله.. ازيك.. معاك حسن ساتي.. انت جاهز؟! - .... - شوف.. انا جاهز علي الطلاق.. شنطتي يا هادي (ودنقر، يرفع ترافلنغ باك صغيرة، من من تحت التربيزة).. يا هادي والله، جاهزة للسجن.. كوبر، شالا.. سجن ام درمان.. المهم جعفرنميري فضّى السجون من المجرمين، وداير يملاها بالمفكرين، والبقولوا ليه لا.. والناس البكتبو، والناس الأحرار! - .... - شوف يا فضل الله.. أنا معاي الآن الشباب: نجيب ومرتضى وهاشم كرار وعبدالقادر حافظ.. وقررنا نكتب في قضية محمود.. الاقتراح نوريك.. بتكتب يا فضل الله وللاّ (بتتفنس)؟!!!! -.... - ها.. ها.. ها.. والله دي ياها المحرية فيك.. شكرا.. شكرا يا فضل الله.. شكرا و.. قفل الخط - فضل الله قال ح يكتب! ابتسم عبدالقادر حافظ، (ارتاح) مرتضى الغالي، رجعنا أنا ونجيب - في وقت واحد - بظهرينا الى الوراء، و.. قبل ان ندخل في موضوع الكلمة مرة أخرى، رن الجرس: -.... - أوكي! خت حسن السماعة، ابتسم.. فاحت منه ريحة (ون مان شو) قبل ان يقول: - دا علي شمو.. قال ما ينشروا الخبر.. عالم عجيبة ياخي.. عالم تفهم بعد طلوع روح! تكلمت قلت شيئا.. وقلت: «طبعا، لا داعي لاحراج محمود قلندر رئيس تحرير القوات المسلحة بمكالمة شبيهة بكالمة فضل الله، ذلك لأن موقف قلندر حساس شوية. قال نجيب شيئا، وقبل ان يستكمل حديثه رنَّ التليفون: - حسن.. انشروا الخبر! - اوكي! و.. قبل ان يفتح، أيّ منا، فمه مرة أخرى رن الجرس: - حسن ما تنشروا! بعد، اقل من دقيقة، من نهاية (الألف) وعلاقة التعجب رنّ الجرس: - حسن.. أنشروا! في تلك اللحظة - بالتحديد - (انفتح) الباب، ودخل العميد (م) محجوب برير، وهو في لبسته السفاري (البيج)، هو هكذا - دائما- محجوب في لبسته (البيج) تلك، حين يأتي (الأيام) من وقت لآخر، حاملا موضوعا للنشر! كان في تلك الأيام من كتاب المقالات، في الأيام.. كعادته سلّم هو على حسن ساتي وحده، وهو يخطو باتجاه تربيزيته. - يا محجوب عن اذنك.. عندنا اجتماع! لم يتراجع، ولم يعتذر، وصل.. ناول حسن، (موضوعا) استلمه الأخير، رمى به فوق التربيزة، وهو يقول له (خلاص شكرا.. وصل) ويؤشر عليه بيديه الاثنتين معا، ان اخرج! - هو تعرف يا أستاذ حسن، الموضوع دا قراه جعفر نميري! - أوكي.. عندنا اجتماع يا محجوب.. لو سمحت! - تعرف (الريس) اتكيف جدا، من الموضوع دا، وقال لي طوالي يا محجوب أديهو حسن عشان ينشروا بكره! (تلك كانت عادة محجوب برير: كل موضوع له قرأه النميري أولا- كما يقول - وكل موضوع له، هو للنشر (يا حسن) كما يقول جعفر نميري)! كان حسن ساتي متعودا مثل ذلك الحديث من محجوب برير، ما أن يأتي إليه، كل يومين ثلاثة.. أو أسبوع، وهو في السفاري البيج، حاملا موضوع.. كان حسن يضحك بينه وبين نفسه، في كل مرة، على طريقة برير الساذجة في تمرير مقالاته.. ويضحك.. في كل مرة على برير، اذ هو يتذكر كيف ان جعفر نميري - كما يشاع- (حبسه) مع بائع لبن، فجر 25 مايو 1969: (اللبّاني) المسكين يقال انه (شاف) الدبابات تتحرك من خور عمر، (فجر الجمعة الأغر)، يقال انه (نطط) عينيه، ونهر حماره عرْ.. عرْ عرْ، وهو يتلفت يعاين للدبابات التي أزت ورزت.. يقال ان النميري أمر عريفا: ألحق (اللبّاني) الحقوه، واعتقلوه، هنا مع محجوب برير! الحكاية طويلة، لكن باختصار: كان محجوب برير ضمن (أولاد خور عمر) لكن قبل التحرك بيوم، يقال ان نميري قال (احبسوه): برير دا خشمو خفيف! و.. حبسوه، وحبسوا (اللباني)! لو كان العميد (م) محجوب برير قد دخل على حسن ساتي، في غير ذلك التوقيت، لكان بالتأكيد الموقف (غير). لو لم يكن التوقيت مشحونا بالتوتر، لكان قد ضحك حسن بينه وبين نفسه، ولكن قد ضاحك سيادة العميد، وهو يضحك عليه: (بالله يا برير سلّم على الريس!).. كان يمكن ان يحدث هذا، لكن.. لكن لأن التوقيت كان (غير)، فقد حدث ما أذهل برير، ربما إلى يوم الناس هذا: - (خمش) حسن ساتي الموضوع - سريعا جدا من تربيزته، و... (فو) (فننو) باتجاه سيادة العميد برير: - (انعل..... انت، و.. نميري ذاتو؟) أمشي لي نميري بتاعك دا، قول ليهو حسن ساتي قال ليك.. قال ليك ما بنشرو.. وقول ليهو حسن ساتي قال ليَّ، تاني ما ح ينشر لي أي موضوع تاني، بعد كدا!
(نطط) محجوب برير عينيه االاثنتين معا، بهت لثانية، أو ثانتين، ثم، (دنقر).. دنقر يلملم موضوعه، ذلك الذي كان قد تطاير جملة.. جملة، وراء كرسي عبدالقادر حافظ، و.. خرج، ولمْ.. لم يقل حتى مع السلامة.. لم يقلها حتي لحسن ساتي..
حسن ساتي و.. بسْ! و.. شقّ بطن سكون تلك اللحظة، رنين التليفون السري، خمش حسن ساتي السماعة وكان نفسه لا يزال (مخموما): - أيوه.. حسن! -.... - يا علي، يا علي شمو (هكذا بدون استاذ) أيه الحاصل دا.. مرة انشروا الخبر، مرة ما تنشروه.. ياخي، اذا انت بتتعامل كدة مع الاذاعة، والتليفزيون ما تتعامل كدا مع (الأيام).. دي جريدة دي يا علي.. جريـــــدة.. جريدة عندها زمن محدد.. انت داير (الأيام) بجلالة قدرها كلو، تطلع الساعة عشرة صباحا وللاّ شنو؟! -.... - اوكي.. اوكي يا علي! و.. خت السماعة، لم يتحرك لسان... كان الكلام، في تلك اللحظة (كلام زعل).. وكان يمشي فقط بين عشرة عيون، حين رن جرس التليفون السجم، بعد أقل من دقيقة ونُص: -....؟ - دا كلام نهائي؟ نهائي يا علي؟! - .... - اوكي! وخت السماعة ليقول لنا: علي شمو قال انشروا الخبر، لكن.. لكن أكتلوه! (اكتلوه) كانت تعني، ألا ينشر في مكان بارز، في الصحيفة. و.. نشرناه (مكتولا): ظهر خبر تأييد محكمة المكاشفي لاعدام الاستاذ محمود في عمود صغير جدا في الجانب اليسار أسفل الصفحة الأولى، من الأيام. كان ذلك بتاريخ 17 يناير 1985! بعد شهر، أو أقل من الانتفاضة، (شلت أنفاسي وطلعت) لمكتب الأستاذ علي شمو.. مكتبه التجاري، في الطابق الثالث، عمارة الأخوة، في الخرطوم: - تعرف يا هاشم (وانتو في اجتماعكم) في الليلة ديك.. طبعا لاحظتم انني كنت اتصل كثيرا بحسن ساتي.. كنت بين كل اتصال واتصال أحاول الاتصال بجعفر نميري، دون جدوى: تلفوناتو السرية لا ترد.. كنت ابحث عنه في القصر، وفي القاعة، وفي القيادة.. حتى .. تلفونو الفي البيت كان ما برد.. تقديراتكم حول عدم النشر كانت في محلها تماما.. غير كده كنت أحاول الاتصال به لأنو كانت هنالك رسائل تأتيني من بره.. وكان هنالك وفد أو وفدين يطلبان لقاءه.. وكان هنالك سفراء زي ما فهمت من الخارجية.. لكن جعفر نميري كان في ذلك الوقت معزولا تماما.. كان معزولا حتى عن وزير اعلامو! صدقني، لو كنت لقيت نميري في اليوم داك.. وفي تلك الليلة، كنت سأوضح له الصورة تماما.. كنت سأقول ليهو قتل الأستاذ محمود خطأ.. خطأ كبير جدا جدا!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ضد الكذب .. عن (أيام) حسن ساتي . هاشم كرار يدخل وآخرون على الباب . (Re: كمال علي الزين)
|
كلام زول مجمع ونُص
الحلقة (4)(د(
.... وأخرج الأستاذ حسن ساتي، ورقة من جيبه، وراح يقرأ فيها، علينا نحن الأربعة. كانت كلمة، (قال) انه قد كتبها، مستبقا بها هذا الاجتماع، ليسترشد بها هذا الاجتماع، ويقول رأيه فيها: ـ نمررها، أو نعدل فيها كلُنا مع بعض، أو نكتب غيرها و.. غايتو شوفوا! الكلمة، كان يمكن ان (نمررها) كما هي، لولا أنه كان فيها (هتاف)، ولولا أنها كانت تفوح منها رائحة (ملاواة) ظاهرة.. والاثنان الهتاف والملاواة، كان قد دعا إلى تجنبهما بقدر الامكان، (حكيمنا) مرتضى الغالي، حين كان قد ابتدره استاذ حسن في أول الاجتماع، بجملة، ها.. مرتضى ، نسمع منك! التقط أستاذ حسن «الاشارات»، وفجأة..فتح (درجو) واخرج كتابا: ـ ما عارف، لكن.. هذا مستوى آخر من الدين.. فهم آخر.. فهم لاعمال الفكر.. ونحن نتحدث هنا عن الفكر.. وعن مفكر.. وعن حد، و.. المهم قد نستفيد .. ويمكن إذا رأيتم أن نشير إليها في كلمتنا.. ممكن نسمع؟ وراح يوزع عينيه علينا نحن الاربعة. فتح صفحة من الكتاب: كتاب «علي إمام المتقين» للشرقاوي، وراح يقرأ منه علينا. الرواية «مذهلة» تلك التي أوردها الشرقاوي في كتابه عن «باب مدينة العلم»: الإمام علي وهي - إجمالا - تحكي عن الاجتهاد» وبابه الذي لا ينبغي أن يقفل الى يوم الدين .. اجتهاد العقل «الإسلامي» والعقل ..لئن كان كريما عند الله, فهو ينبغي أن يكون كريما عند خلقه.. ولله في خلقه شؤون! تحكي رواية «العقل والاجتهاد». جيء برجل الى أمير المؤمنين، علي بن ابي طالب كرم الله وجهه ,كانت في يده اليمنى سكين تقطر بالدم.. هذا الرجل يا أمير المؤمنين - قتل رجلا في «خربة» وأمسكنا به.. السكين في يده ودم القتيل كان لا يزال حارا! نظر اليه الإمام علي ورمى عليه بالسؤال: { هل أنت قتلت؟ - نعم، نعم يا امير المؤمنين! { اذن.. اقيموا عليه، الحد! تقول الرواية: احتشد الناس، ورفع السياق، السيف... و .. حين همَّ ان يضرب، اندفع من بين الحشد، رجل يكبر ويهتف اوقفوا الحد... اني انا القاتل! ظل السيف مرفوعا . و.. جيء الى الامام بالرجلين.. ذلك الذي هتف انا القاتل.. وذلك الذي كانت عنقه على مرمى ضربة سيف سأل علي.. اولا.. ذلك الذي كان قد اعترف بأنه القاتل: { هل انت القاتل؟ - لا، يا امير المؤمنين! { ولماذا، قلت بذلك اولا.. احكي قصتك. وراح يحكي: انا رجل قصاب يا امير المؤمنين. ذبحت شاة و... خرجت الى «خربة» لافرغ مثانتي من البول، و.. فجأة وجدت نفسي فيها امام رجل قتيل وكان دمه لا يزال يتدفق حارا! استجمع الرجل انفاسه قبل ان يواصل الحديث: فجأة وكنت لا ازال امام ما هو امامي والسكين التي ذبحت بها الشاة كانت لا تزال في يدي تقطر دما، التف حولي العسس. كانت السكين في يدي. والقتيل امامي. و-حين سألني العسس: أأنت القاتل قلت لهم بمثل ما قلته لك - يا امير المؤمنين .. وتركت امري لله.. هو حسبي ونعم الوكيل!. الله .. الله! و.. التفت الامام علي كرم الله وجهه, الى الرجل الذي اندفع من بين الحشود, يملأ فمه بالتكبير وان اوقفوا الحد انني انا القاتل: - وما قصتك انت يا رجل؟ - القتيل يا أمير المؤمنين. ظل يماطلني في دين لي عليه حتى امتلأ صدري بالغل.. وظللت اترصده حتى اذا ما دخل «الخربة» لحقته وافرغت غلي, بطعنه حتى الموت! - الآن قل: بعد ان نجوت من الحد .. لماذا جئت في يوم التنفيذ بمثل ما جئت عليه: اوقفوا الحد انني انا القاتل؟ لم يتردد الرجل، في الإجابة، ولم يتلجلج.. قال في صوت واثق من نفسه، إلا انه حزين جدا: ـ لقد خفت ـ يا أمير المؤمنين ـ بدلا من أن أكون قد قتلت نفسا واحدة.. أكون قد قتلت نفسين! الله، الله! تقول الرواية، ان الإمام علي، كرم الله وجهه ـ اغمض عينيه، وراح يجتهد في الرأي. تقول الرواية، انه فتح عينيه، وقال افرجوا عن الرجلين. ذلك الذي لم يقتل، وهذا الذي قتل.. وقال عن الأخير: ـ هذا الرجل، لئن كان قد قتل نفسا، فهو قد أحيا نفسا، والله يقول في كتابه الكريم «من قتل نفسا فكأنما قتل الناس جميعا.. ومن أحياها فكأنما........» . تقول الرواية، ان أمير المؤمنين، امر بأن تدفع دية القتيل، لأولياء الدم، من بيت مال المسلمين! الله، الله!! ذلك عقل، واجتهاد، ومستوى من الدين، اين منه أولئك الذين يأتون،في الثلث الأخير من ليل الوقت، بفهم هزيل للدين ليقيموا الحد، على رجل يقول «تعلموا كيف تصلون، رجل يقول (الله) و«الله نور السموات والأرض»، رجل محب للنبي، وآل بيته، واصحابه، متأسيا به حتى في كفاف قوت يومه، وقوت يوم آل محمد الكفاف، رجل يريد ان يبعث الدين، في مستوى السنة (حتى تعود لا إله إلا الله) (قوية) (خلاقة) مثلما كانت، في صدور الرجال والنساء، في القرن السابع! تأدب الاجتماع السري(اجتماعنا)، بأدب هذا الاجتهاد، وبأدب (ادرأوا الحدود بالشبهات).. وبأدب «يا أيها الذين آمنوا، ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة، فتصبحوا على ما فعلتم نادمين»، تأدبنا بكل ذلك، وتركنا، للاستاذ حسن ساتي، ان يكتب هو الكلمة، متضمنة الاشارات العظيمة، في اجتهادات باب مدينة العلم، تلك التي قالت بها تلك الراوية، ومتضمنة في ذات الوقت، كل معاني التسامح التي أوردها استاذ حسن، في كلمته الأولى، تسامح (الثورة) مع فيليب عباس غبوش. أمسك استاذ حسن القلم، وراح يكتب تحت عنوان وتبقى رايات التسامح والحوار عالية: كتب فيما معناه ان الثورة التي رفعت راية الحوار والتسامح حتى مع فيليب عباس غبوش الذي خطط لحمل السلاح، لهي مطالبة بأن تظل قابضة على تلك الراية، خاصة مع الذين لم يرفعوا بندقية او يشهروا السلاح. وكتب ,ونحن نتكلم عن دولة العلم والايمان ,لا بد ان يظل للعقل مكان، ولابد ان يظل باب الاجتهاد مفتوحا، معيدا التذكير، باجتهاد الإمام علي، وإعماله العقل، في رواية الرجال الثلاثة: القتيل، والبريء، وذلك الذي قتل نفسا، وأحيا نفسا. وكتب عن حكمة درء الحدود بالشبهات، وكيف اننا لئن نخطئ في العفو، خير لنا من أن نخطئ في العقوبة. كتب عن كل ذلك، وكان، كلما كتب صفحة، (مررها) علينا لنقرأها بالعين الثالثة، أولا، ثم ندفع بها إلى محمد في مكتب ليلى، حيث ماكينة (الريمستار)، حتى إذا ما انتهى من جمع تلك الصفحة، رحنا معا نصحح الأخطاء الطباعية. انتهينا - اللية، محرر السهرة منو؟ قال له عبدالقادر حافظ، انه (فلان)، وهو الآن منتظر تحت! - أنا افتكر، يا عبدالقادر تساهر إنت الليلة.. قول ليهويمشي، يساهر بكره و.. و.. التفت إلى نجيب نور الدين (نجيب، إيه رأيك تساهر الليلة مع عبدالقادر حافظ؟). - أصلو، أنا، ما عندي مشكلة، بس بعدين يوصلوني الثورة... أولا! و... (طبق) عبدالقادر حافظ، أخبار الصفحة الأولى، هو ونجيب إلى بحري، حيث المطبعة (الفاتحا خشما) و(دوّر) حسن ساتي، إلى المنشية. و(جدعني معاهو ) مرتضى الغالي، في شارع الأربعين، وهو في طريقه إلى (ودونوباوي)!
، ، ، ابقوا معنا: الحلقة (4) (هـ) عما قريب جدا..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ضد الكذب .. عن (أيام) حسن ساتي . هاشم كرار يدخل وآخرون على الباب . (Re: كمال علي الزين)
|
كلام زول مجمع ونُص
الحلقة الخامسة(أ)
وطني الحبيب، صباح الخير!
قالتا، بلا خجلة، ودورت مزيكا، هنا.. (هنا أم درمان). الوطن (قنت)، وقبّل.. قبّل غادي، ما.. ما ردَّ، ولا رديت. طنطنت، وما رديت.. ما رديت على (روجيتا): صباح النور! شويتين: «شمس الصباح، والصباح رباح.. شمسك، يا وطني!» هكذا، دخل الكابلي - بعد المزيكا - يرفع من شأو صوته - مرة - بـ (ألف) الصباح.. ومرة، بـ «ألف» رباح، ثم لا يلبث أن ينزّله متخولنا، كسيرا، مكسورا جدا بـ «ياء»، يا وطني! تفيت، تفيت على الخولنة، وتفيت، تفيت - تاني - على روحي، وتفيت، تفيت - تاني من تاني - تفيت على شمس الوطن، شمس الوطن الما بقت شمسين! في تلك اللحظة - بالتحديد - كان الاستاذ حسن ساتي، يبتسم هازئا، وهو اذّاك، كان - بالضبط - فوق (سنام) كبرى القوات المسلحة، كان - على غير عادته - في الطريق، إلى «دار الأيام»، في المنطقة الصناعية، في بحري، حيث مكتبه كرئيس لمجلس الإدارة. - يا.. كابلي.. يا كابلي! هكذا، حتى إذا ما ظن أن كابلي، داخل راديو السيارة، قد سمع النداء، ألقى عليه الاستاذ حسن بالسؤال الاستنكاري. ياتو وطن؟ ياتو وطن؟! كررها، هكذا، مرتين، وكان يهم بأن يكررها ثلاثا، لولا أنه تذكر - فجأة - محمد الحسن سالم حميد: ياتو وطن، يا الزين ود حامد.. ياتو وطن، دام للانجاس؟ ياتو وطن ياتو... اختفى حميد، سريعا جدا، و.. فجأة تذكر ساتي - في تمام اللحظة (دنيا دبنقا)، وتذكر المذيع محمد سليمان بـ «لجنتو»، وضحكتو.. ابتسم وهو يتذكر النكتة الشهيرة: - من هو الزعيم الافريقي الشاعر، والمثقف جدا، الذي.... كان محمد سليمان، وهو يلقي بالسؤال، يعني ليوبولد سنغور. - السادات! - لا، لا..مش هو! - القذافي! - أقعد.. برضو غلطان! و.. وقف يفرقع اصبعين بالحاح عجيب: استاذ محمد، استاذ محمد.. وكان غيره ايضا وقوفا وقعودا يفرقعون الأصابع. - أيوه.. انت! و...وقف احدهم.. لا، لا، مُش انت.. انت.. انت ياللابس تحرمني منك! - جعفر نميري! - ها ها ها، يا راجل.. حرام عليك! يذكر، حسن ساتي، انه في مكانه ذاك - فوق (حدبة) كوبري القوات المسلحة - ضحك، بينه وبين نفسه للنكته، ربما للمرة الثالثة، أو العاشرة، أو... يذكر انه استعار سريعا - في سره صوت محمد سليمان وبقايا من ضحكته الشهيرة، ليقول للكابلي «يا راجل.. حرام عليك!، قبل ان يغير الموجة، إلى حيث دقات (بغ بن)، و.. (هنا لندن، هيئة الإذاعة البريطانية!) هذا ما يذكره - تماما - حسن ساتي. ما يتذكره، انه لم (ينقش) شيئا، من موجز (البي.بي.سي). مالا يتذكره، انه في تمام تلك اللحظة، وهو فوق (الحدبة) كان يعاين شمالا، حيث يمكن للناظر، أن يطل بعينيه، من عل، على ملامح سجن كوبر.. ملامحه الخشنة، والمهيبة، والمخيفة أيضا! كانت (معاينة) لا ارادية. لو قيض الله لك، ان تتسلل إلى داخل جمجمة الاستاذ ساتي، وهو في معاينته تلك، لكنت - إذن - قد رأيت، ما رأيت أنا فيها - وانا كنت لا أزال فوق سريري (مغمض عين ومفتح عين)، والشمس.. شمس الوطن الما بقت شمسين، كانت - يا دوب - في قامة (نوباوي)، أو في قامة (بني عامر)! كان بندول تفكيره، يمشي جاي، ويمشي جاي، بسرعة غريبة. تلقى جسده اشارة أن ارتعد، فارتعد..الا قليلا. هذا ما رأيته، أولا. تلقت ذاكرته، اشارة سريعة، ان تذكري، فتذكّر: «فضل الله، ازيّك.. انت جاهز؟ أنا على الطلاق، شنطتيي جاهزة ياهادي، للسجن!». تلقت رقبته اشارة ان تلتفت، فالتفت سريعا جدا، إلى المقعد الخلفي، ليتأكد من وجود شنطته.. شنطته (الترفلنغ باك)، تلك التي كان قد همّ، ان (يورّيها) للاستاذ فضل الله محمد، حين دنقر اسفل مكتبه، ليرفعها بيد، وكانت يده الأخرى، تمسك بسماعة التليفون، وفضل الله على الجانب الآخر، من الخط! تلقت عينيه اشارة، أن (شوفي) فشافت جريدة الأيام، عدد الخميس، تلك التي اشتراها، من كشك في بري، ونظر فيها - سريعا جدا - في صفحتها الأولى - وختاها فوق (الطبلون). تلقى خياله اشارة ان تخيّل، فتخيّل جعفر نميري، في هذا الصباح، يقرأ بعينين عكرتين في كلمة الأيام، تواترت الاشارات: (تخيّل.. تخيّل.. تخيّل) فتخيّل المكاشفي، وتخيّل حاج نور، وحاج ماجد (محمد سر الختم ماجد).. هذا، ما رأيته أنا، داخل جمجمة الاستاذ ساتي، وهو (يعاين) شمالا من مكانه ذاك، فوق (سنام) كوبري القوات المسلحة. ما رأيته أيضا، داخل جمجمته، انه لم ير إلى جانب وجوه نميري والمكاشفي، وحاج ماجد وحاج نور، وجوها أخرى..وجوها رأيتها انا.. وجوها كثيرة جدا، وجوها عليها غبرة، ترهقها قترة! ما رأيته أخيرا، انه لم يتلق اشارة من مخيخه، اذ هو في تمام لحظة التخيل، ان يرفع صوته، في سره، تماما مثلما تلقيت الاشارة أنا، في تلك اللحظة ان ارفع صوتي في سري.. (رفعتو) وكنت لاازال (مغمض عينا ومفتح عين): هؤلاء ، هم القتلة.. الفجرة! .
. . . تيت! و.. لم يصبر، تيت، تيت، تي يـ يـ يـ ت! و.. خبّ الخفير، من مكان ما، باتجاه الباب، وحين رأى سيارة رئيس مجلس الادارة، نهر رجليه، وهو لا يخفي استغرابا، للمرة الثانية. كانت المرة الأولى، حين زعق بوري، مدير شؤون الموظفين، حسن البدوي، في ذلك الصباح البدري، أمام دار الأيام. لم يكن عاديا، أن يأتي الدار، في مثل هذا الوقت من الصباح، أيّ من العاملين، أو الموظفين، فكيف اذن ان يأتي، مدير شؤون الموظفين، ويأتي (كمان) رئيس مجلس الإدارة؟ - قطع شك، الليلة في مسعلة ليها ضل! قالها الخفير الهمام، بينه وبين نفسه، وهو يسرع في فتح الطبلة، وفكفكة الجنازير. كان الـ(حسنين) على موعد. كان حسن ساتي، قد (تلفن) للبدري: - يا حسن، بكرة 7 صباحا، في مكتبي.. معاكم هناك في بحري.. ومعاك كل فايلات ناس التحرير. دخل الاستاذ حسن مكتبه في بحري، ووراءه حسن البدوي، وكان مكتبه في الخرطوم، في تلك الحظة، يضج برنين التليفونات، من وقت لآخر. كان ذلك - أيضا - شيئا غريبا، في مثل هذا الوقت من الصباح. طنطن الخفير محمد صالح، بينه وبين نفسه، بصوت مرتفع، وهو ينزل الدرج: - والله الليلة، لو ترنّو لحدث الساعة 9 ما في زولا بعبّركم.. انتو قايلين سكرتيرات استاذ حسن شغالات في النسيج.. وللاقايلين استاذ حسن شغال في الغيط، وماسك مويه؟ كان استاذ حسن، في تلك اللحظة، يمسك (فايلا)، ينظر للاسم، و(يختّو).. يمسك آخر، ينظر إليه من الداخل، ويمسك القلم ليكتب مذكرة، و.. و.. هكذا، حتى إذا ما انتهى خاطب مدير شؤون الموظفين: - كل هذه القرارات، تطبع اليوم، وبالتاريخ الأنا حددتو، و.. تديني تليفون! كانت قرارات بـ (أثر رجعي). قرارات شملت ترقية محررين، استحقوا الترقية من وقت طويل.. وشملت تعيين محررين ومحررات كانوا تحت التدريب.. وشملت التصديق بسلفيات و.. و.. لملم استاذ حسن، أشياءه الشخصية من المكتب، ألقى عليه نظرة أخيرة، قبل ان يقفله و.. يسلم المفاتيح للخفير الهمام. في تلك اللحظة، لملمت سكرتيرته ليلى، في مكتب الخرطوم، انفاسها، تلك التي بعثرها طلوع الدرج، وردت: - والله، استاذ حسن لسع ما وصل! - ...... - لمّن يجي، أقول ليهو منو....؟ - جعفر! (وخت السماعة). شالت ليلى الطويلة، نفسا، قبل ان تجلس، وشالت زهيرة المليانة، التي كانت (يا دوب) قد لحقت بليلى، بعد طلوع من النوع الثقيل للدرج- شالت نفسين، ثلاثة، و.. - جعفر؟! جعفر منو يا ربي؟! شبَّ السؤال - هكذا - في ذهن ليلى، و.. حين لم تأتيها الاجابة، بعد لحظة.. لحظتين، (اتمحّنت). - الصوت دا ما غريب عليَّ! هكذا، حدثت ليلى نفسها، بصوت عال، - هوي، يا ليلى هوي.. قولي بسم الله، صوت شنو كمان؟ لم تقل ليلى بسم الله، ولم ترد على زهيرة، ذلك لأنها - وكانت لا تزال متمحنة - لم تدرك أن زهيرة دخلت وراءها بعد خطوات.. وذلك لأنها لم تسمع - بالتالي - صوتها على الاطلاق.. صوتها الذي لم يكن منسجما اطلاقا مع رائحة (الكبرتة)، تلك التي كان يضج بها جسدها كله! - يا ربي جعفر؟ جعفر منو؟! لم تنتظر اجابة من الرب، راحت تمرر الصوت (الماغريب عليها)، على (عدسة) أذنها الخارجية، وأذنها الوسطى، وأذنها الداخلية، وتستدعي.. تستدعي إلى ذهنها - في الوقت ذاته - كل الجعافر الذين يمكن أن يعرفهم حسن ساتي، ويمكن - بالتالي - لأي منهم أن يتصل عليه، في مثل هذا الوقت من الصباح. - يا ربي يكون جعفر حسين؟ لا، لا ما أظن! جعفر قاقرين.؟!لا..لأ استاذ حسن هلالابي, لو قلنا علي قاقرين كان معليش!! - جعفر الريابي.. لا، لا.. ريابي شنو كمان! - جعفر شيخ ادريس. دا أنا سامعا بيهو سمع... وأصلو ما سمعت صوتو! -جعفر عبدالرحمن؟! لوكان هو كان سلم علي,وكان قال داير تيتاوي!! - جعفر؟ جعفر.. جعفر؟ جع.. و.. فجأة (نط ) ذهنها. انتبهت بأنفها أيضا - في تمام اللحظة - الي رائحة (الكبرته) التي كانت تملأ المكتب، فادركت_ في التو_ ان زهيرة قد طلعت آخر درجة من السلم، ووصلت تربيزتها كمان: - كرُ.. كرُ عليَّ الليلة يا زهيرة..أنا ما ودّرتو! بالطبع، لم تلتقط زهيرة (الواو الضكر)، في (ودرتو)، شبَّ صوتها، ولم يكن مكبرتا على الاطلاق: - هوى يا ليلى هوى.. قولي بسم الله.. ودرتي منو؟! راحت زهيرة تعاين إلى ليلى الطويلة، من تحت، وتصنقع لتعاين إليها من فوق، بعينين مكبرتتين، قبل ان يثقب صوت ليلى النحيل، المسافة التي بينها وبينها. - ودّرت صوتو! - هوي يا ليلى هوي.. أنا زمان كنت قايلة ماسكك مرض حامد وبس.. الليلة جابت ليها كمان اندراوة؟! حكت ليلي لزهيرة، ما حكت؟! أنا... عارف! ما أعرفه أيضا، أن زهيرة التي دقت سريعا جد صدرها، قالت لليلى: كان كدا، والله الليلة ووو.. ب عليك يا ليلى! مع «الووو.. ب»، كانت جزمة ليلى تطرقع في الدرج .... طرق رع، في طرقعات متواترة، سريعة، إلى تحت. كنا اثنين، في المكتب. وكان بيني وبين صديقي عبد المنعم عوض الريح، الذي كان يعمل في مكتب الأمم المتحدة للاعلام (القريب جدا من مكتبنا)، كانت بيننا دخان سجارتين، ورائحة جبنة الرشيد المعتّتة. كان يقرأ في كلمة الأيام. وكانت (البرنجاية) تترمّد بين اصبعين من اصابع يده، الخمسة. وكان - مرة مرة - يقطع القراءة، ليقول: - والله دي شتلة سمحة سماحة! يطلق ضحكة، ويقرأ. ثم، يمص نفسا: - والله انتو يا شكاشيك.. مرات مرات عندكم شكشكة في (الأيام) دي نجيضة نجاضة! ذلك هو صديقي، عبدالمنعم شتلي، كان له قاموسه, مفرداته الخاصة: الكرافتة مثلا عنده (ظمباجة)، والظمباجة تعني عنده أيضا (القزازة)، والظمبجة قد تأخذ في كل مرة معنى آخر. - شوف ياشكشوك، الليلة لو ما ظمبجوكم انتو الأربعة، وحسن ساتي، تب تاني ما بتتظمبجوا! يطلق ضحكة من ضحكاته الشهيرة.. يمص نفسا، ويروح يقرأ، ثم.. - والله دي شتلة ما فيها أي اتنين تلاتة... شتلة امها بت عم ابوها.. قت لي كتبتوها حداشر بالليل، وكنتوا واعين كدا ؟! و.. الكتابة الفنانة عند شتلي, هي شكشكة ,الشكشكوك عنده , هو الذي يتشكشك في الكتابة! ذلك هو شتلي.. «الكتابة» في مفرداته الخاصة..ايضا.. (شتله): والله انت الليلة شتلت ليك شتلة جهبوذة.. أو: دقائق النشتل الشتلة دي، ونقوم نجيب الظمباجة! هكذا هو.. نشتل.. شتلة، وشتلتها.. حتى.. حتى اطلق عليه احدنا (عبد المنعم شتلي).. وذاع اللقب.. وظلت تمشي به حتى ألسنة «الامميين» في (اليو اند بي).. وظلت تمشي به حتى يوم الناس هذا، ألسنة «الأمميين» في نيويورك.. حيث هو الآن صديقي (شتلي)، في مبنى الأمم المتحدة... كما كان في الخرطوم.. اتخيله: ليس خانقا نفسو بـ (ظمباجة)، وأغبـ....آش.. (أغبش زي الفول المدمس!).
- شوف يا شيخنا .. ما كان ممكن تشتلوها الا بالطريقة دي.. صحي.. صحي فيها شوية جغمسة.. لكن كمان ما نحن بنعرف برضو .. ما كان عندكم أي طريقة يا شكاشيك غير انكم تجغمسوا .. والجغمسة - ما انت عارف وانت شكشوك كبير - بتكون في مرات كتيرة ضرورية عشان التولا دي.. لكن أي زول لابس نضارة زي نضارتي دي بعرف .. بعرف انكم كتبتوا كلاما نجيض و.. «اطلق ضحكة» ويغطس حجركم! و.. طبقّ شتلي الجريدة، شالا.. - اسمع الصحافة .. الصحافة ما جاتكم؟ و.. حين قلت له «لسه» لفح شتلي- سريعا جدا- رجليه الاثنتين، اطلق واحدة من ضحكاته المشاغبة جدا: - بلقاها ..بلقاها في مكتبي .. كدي النجري نحصل، ونشوف فضل الله ركز وللأ اتفنس في الدربُكة دي! هو طالع، لافح كرعيه.. وهي لافحة كرعيها، نازلة، أوشك كل منهما، أن يصطدم بالآخر، قريبا جدا من المدخل الداخلي، لمكاتب الأيام: - قُت ليك يا عبد المنعم شتلي، ما شفت ليّ استاذ حسن ساتي؟ توقف عن اللفح، صنقع ليها من فوق النضارة: - يا ليلي.. يا ليلي، انت متين قبل كدا قلتي لي؟ ثم .. حتى لو قلتي لي، بتفتكريني يا العشا البي اللبن - إنو أنا مركّب الظمباجة دي في عيوني ديل عشان أشوف ليكي بيهاحسن ساتي ؟! لم ينتظرها تقول «آي» وللا «لا»، اطلق ضحكة، ولفح.. ولم تضحك هي. كانت تتاوق، تتاوق ليست كأم العروس، كان ريقها ناشف، وفي اذنها اسم واحد فقط: «جعفر» ..وفي مكان ما في فمها جملة ،واحدة، تريد أن تتخلص منها في أول »شوفة» وترتاح ! - يا استاذ حسن جعفر نميري ضرب.. ضرب كايس ليك!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ضد الكذب .. عن (أيام) حسن ساتي . هاشم كرار يدخل وآخرون على الباب . (Re: كمال علي الزين)
|
كلام زول مجمع ونص
الحلقة 5_ب
(لقاهو): - Yes.. معاك حسن ساتي! -... و... لم أكن ثالث اثنين، إذ هما على الخط السري.. ولم تكن ليلى الطويلة- بالطبع - (تتاوق)، تتاوق بأذنها.. ولم يكن فمها، بصوته النحيل، في أذني، بعد تلك المكالمة في ذلك اليوم أو في أي يوم آخر على الإطلاق، لكن.. لكن أبوعلي حدثني عن جعفر (المنصور): -يا حسن، ما معقول أولادك يكتبوا في قضية محمود محمد طه، والقضية حتى الآن أمام القضاء.. وأمام رئيس الجمهورية.. أمامي أنا. وأنا عاكف عليها هسع.. أدرس فيها من كل الجوانب! لم أكن في المكتب الذي كانت تفوح منه - في تلك اللحظة - رائحة سمك البربري، لأقرأ في ملامح وجه حسن، رد الفعل على كلام (جعفر)، ولم أكن في حضرة (جعفر)، لأقرأ في (وشو)، ما كان يدور في (مخو)، وهو يقول ما يقول.. لم يحدثني.. لم يحدثني - بالطبع - جعفر، عن أبوعلي، لكن.. لكن الأخير حدثني فقال: قُتْ ليهو.. - قت ليهو شنو؟ -قت ليهو.. معليش.. معليش يا ريس.. بسْ المكتوب الليلة في الأيام، لم يكتبه أولادي.. وانما كتبته أنا! - وقال ليك شنو؟ - شكرا يا حسن، و...! - و.. و.. شنو؟! - و.. خت السماعة! رنّ الجرس، ولم يكن ذلك، أول جرس يرن.. كانت الأجراس تتخابط، منذ ان (لفح) عبدالمنعم شتلي، كرعيه الغُبُّش- بعد ان قال لليلى الطويلة ما قال- ليمشي يشوف - كما قال - (فضل الله ركز وللاّ اتفنس في الدربُكة دي)! - أيّوه.. (الأيام). - يا ناس الأيام عافي منكم.. عافي منكم! كان ناس الأيام، في ذلك الوقت من الصباح (مدنقسين) ولا.. (ولا بغمْ) يقرأون في الصفحة الأولى، أفضل ما كتبته (الريمستار)، في تاريخ (الأيام): أبو العزائم، كانت عيناه الكبيرتان، تكبران وراء نظارته الطبية السميكة، بين كل سطر وسطر.. صباح (غرقانة)، ولا يمكن - اطلاقا- انتشالها من تلك (الدنقسة)، حتى.. حتى بمتاوقة من دكتور مضوي، أو (متاوقتين).. عمر اسماعيل، كان يتلّمس من وقت لآخر (المغزوز في اضانو)، البزيل بلم.. فايزة شوكت، تلملم مع كل جملة جزءا عزيزا من خاطرها: خاطرا اللي كان انكسر.. سمساعة، كان يرفع رأسه من الجريدة، ويعاين.. يعاين لانعام.. (علاّ.. علاّ) انعام ما رفعت رأسها، ليقول لها: (الكلام دا كلام عديل.. علاّ، علاّ بجيب من الناس الفوق الكلام اللعوج..بجيب الضقلها يكركب!).. النحاس، يجبّد في (شعرو) المفلفل، الخشم متربس بالتمباك، ولسان الذي.. محمد لطيف، صدرو اتنفشْ، وطيّر الزرارة الزرّرا يوم المكاشفي جا.. نجوى حسين، نفيسة، عواطف، الزين الشين، واسامة.. اسامة سيد عبدالعزيز (مدنقس) يقرأ.. يقرأ بدون ان يأكل أي (را)، يقرأ - لأول مرة - بلسان عربي مبين، وليس بلسانه ذاك (الفيهو لجنة).. والبلال.. البلال في (مكتبو)! بلا (ها.. ها.. ها)، تلك التي تخرج متقطّعة، هكذا، من بين لهاته وجيوبه الأنفية، قبل ان يقطعها- فجأة- و(يخش) في موضوع آخر! - أيوه.. ايوه الأيام.. معاي منو؟! لم أعرف صوته. - يا ود الكرار.. ازيك! هكذا، عرف هو صوتي، برغم إنني التقيته، وكلمته، في هذه الدنيا، مرة واحدة وبسْ - تحديداً قبل أقل من أربعة أشهر- حين استوقفني، في نص السوق العربي، ليقول لي: (هاشم كرار؟! عافي منك دنيا واخرى!) كنت في ذلك اليوم (عشرين اكتوبر)، في ذلك الوقت في بوكسي السكرتارية السجم، المكتوب عليه (بالجنبتين) (الايام) بخط أحمر، أوشكت الأيام ان تسهك حمرته سهكا. قدرت - بالطبع - انه ربط بين بوكسي (الأيام)، وصورتي المنشورة في ذلك اليوم، قبل أن يقول ما قال.. ولم يقل ما قال، الا لأن (الأيام)، في ذلك اليوم، كسرت محرّماً من المحرمات: الحديث عن ثورة اكتوبر، بنشرها حوارا مطولا لي، مع سر الختم الخليفة، رئيس وزراء حكومة اكتوبر، في صفحتي النُص، تحت عنوان (حوار الخطر)، في (الأيام الأسبوعي). - أظنك ما.. ما عرفتني! لم ينتظرني ريثما (أحك راسي)، وأضع صوته - من جديد - تحت عدسة أذني، لأزيل غشاوة من عيني الذاكرة - ذاكرتي - واشوفو بـ (خضرتو السودانية العريقة) و(شلوخو المطارق)، كما (شفتو) لأول مرة، وجها لوجه في ذلك اليوم، من أيام السوق العربي. لا. لم ينتظرني، لأقول له: (واللّه لو ما بخاف الكضب أقول معاي.....)، أردف هو سريعا جدا: - معاك الحاج عبدالرحمن! - بل معاي.. عطبرة! ابتسم في أسى. هذا ما تخيلته، وقد جاءني صوته موجوعاً بالحنين: - يا حليل عطبرة يا ولدي، يا حليلا، ويا حليل أبرولاتا وعجلاتا واضراباتا.. يا حليلا، ويا حليل حديدا ونارا! - ويا حليل قطارا.. قطر واقف.. وقطر ماشي! - و.. (عمي الزين محكّر في قطار الهم).. يا هو دا بسْ.. عمي الزين محكّر.. ونحن محكرين فيهو.. في قطر الهم دا.. القطر المافيهو مفتش، ولا فيهو كمساري، ولا فيهو عطشجي، ولا فيهو فانوساً يضوي.. ولا فيهو لمبة.. ولا ليهو تابلت! - والمحطة؟ آخر محطة وين يا حاج؟! - المحطة؟! (قالها) وزفر.. زفر نفساً حارا. استذكر تاريخاً من المحطات، واستذكر قطر النضال الولىّ، قبل ان يملأني كلي- أولي وآخري- صوتو المشلخ تلاتة: بذكّرك.. محطة، محطة.. وبذكرّ مناديلك الحمرا، ما صدفة.. وبذكرّ سؤالك ليْ، متين.. متين، جرح البلد، يشفى.. ومتين.. متين تضحك، سما الخرطوم، حبيبتنا.. ومتين، متين تصفى! ذلك هو الحاج عبدالرحمن،الرجل التاريخ, كما عرفته في يوم (الريمستار) ذاك: رجلاً موجوعا جدا، ومحكّر.. محكّر- متلي متلك ومتل أي سوداني آخر صميم الفؤاد- محكّر متل عمي الزين، في (قطار الهم)! - ودعتك الله! لا أذكر، ما إذا كنت أنا- من جانبي - قد ودعته الله، أم لا، كل ما أذكره انني شعرت بوحشة.. كل ما أذكره انني شعرت بفرح غريب.. كل ما أذكره انني قلت بيني وبين نفسي، وأنا أضع السماعة، ان هذا الرجل (الأبرولي) الذي (نكَتْ) من المسرح- , وليس من السكة الحديد، (قطار الهم) ليوصل فكرته بمثل كل هذا الترميز- كان يمكن ان (ينكُتْ) من ذات المسرح (العمة الواقعة) و(اللسان المقطوع) (ونحن نفعل هذا أتدرون لماذا؟)ليّجيرّاسماء هذه المسرحيات,علي مسرح الدم هذا, وما (العَّمة الواقعة) التي ترمز الى الفضيحة، في مسرحية حمدنا الله عبدالقادر إلاّ عمة أي سوداني.. وما (اللسان المقطوع) إلاّ (لسانو).. وما الضمير في مسرحية (نحن نفعل هذا أتدرون لماذا؟).. ضمير المتكلم، إلاّ ضمير القتلة.. وما الاجابة على السؤال، في المسرحية التي كان يلعب فيها، بفنيات عالية عثمان جمال الدين، وصفوان عثمان، واحمد اسماعيل، وعيسى تيراب، وغيرهم من العقد المسرحي الفريد - إلاّ «لا» ذلك لأن الضُلَّمة التي تكل عليها السودانيون عكاكيزهم وتحكّروا في قطار الهم - ما تركت في البلد الحدادي مدادي من زولا سمع.. ولا تركت فيه من زولاً شاف!
ا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ضد الكذب .. عن (أيام) حسن ساتي . هاشم كرار يدخل وآخرون على الباب . (Re: عبد الله الشيخ)
|
(*)
طالع تكملة الرأى بالصفحة الاخيرة من الايام.. /////////////////////////////// عدت للتو من دار الوثاثق .. وجدت اسم حسن ساتى شطب من الترويسة .. بتارخ الاربعاء 20 مارس 1985، العدد 11519 الترويسة على اليمين مكتوب عليها التالى .. رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير بالانابة ابراهيم عبد القيوم هاتف74312 ...... الاربعاء 9 يناير ص2 العنوان الرئيسى على الصفحة :المهلاوى : المتهمون يدعون فهماً جديداً للاسلام . مانشيت الايام فى 8يناير : نميرى عفا عن غبوش وبقية المتهمين ص2خطاب غبوش بخط يده .. الخطاب الذى يقول فيه ( باسم الاسلام وسماحتهنطلب العفو ) ـــــــــــــــــ اما كلمة الايام بتاريخ 15 يناير 1985، الموافق23ربيع ثانى 1405 ، العدد 11457 فقد جاءت بعنوان : وتبقى راية الحوار والتسامح والعفو عالية .. عزيزى كمال ، وعزيزى هاشم .. ساكتب نص الكلمة .. لكن بعد قليل.. والتحية لكل المؤمنين بالحرية ، لنا ولسوانا
شكراً يا(عبدالله الشيخ) في إنتظار النص كاملاً .. وكمان ياريت كلمة الصحافة ..
عشان (البطل) يجهز لينا بي رد طالما أقحم نفسو بحجة المصداقية ..
محبتي ..
| |
|
|
|
|
|
|
|