|
كيف سيطبق هولاء الديمقراطية
|
كيف سيطبق هؤلاء الديمقراطية؟ تاريخ النشر: السبت 26 نوفمبر 2011 بقلم على ابوالريش جريدة الاتحاد الاماراتية
بعد عقود من الزمن، والعمل تحت الأرض، وبعيداً عن الأنظار، والاختباء بجلابيب مختلفة ومتنوعة، وجد الإخوان المسلمون ضالتهم في الخروج والتصريح علناً بأنهم موجودون وفاعلون ومؤثرون، ويحظون بشريحة واسعة تنتمي إليهم أو تتعاطف معهم أو تقبلهم على مضض، ولأن الإخوان كانوا يعانون من كبوتات الأنظمة العسكرية، والأحادية فإنهم اليوم وجدوا في الربيع العربي المنطقة الخضراء التي هطلت عليها الأمطار فجأة، وبقدرة قادر، وصارت البلاد العربية كلها تلهج باسم الديمقراطية والتي كانت في السابق من المحرمات، بل أشبه بتحريم المخدرات. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن نقول لا بأس، ذهب الديكتاتوريون وجاءت الحسناء رافعة سترها، كاشفة عن المحاسن والمفاتن، لعل وعسى أن يتقبلها من اعتاد لمدة قرون على الكبت والحسرة والإحباط والتسبيح باسم سيادة الرئيس، وفخامة المهيب، وملك الملوك الواهب، المحاسب. ذهب هولاء وانطلقت الحناجر ملبية باسم الديمقراطية، بعد أن تعطلت كل الخدمات والمدارس والجامعات لأجل عيون ديمقراطية ينتظر أن تأتي من غير أحزاب محنطة، وتحالفات ميتة سريرياً، وأجندات في غرفة العناية المركزة، وأيديولوجيات تعاني من أنيميا، وبعضها من جلطات دماغية. ما نريد أن نقوله إنه لو فاز الإخوان، وبعضهم فازوا في بلاد أخرى، كيف سيطبق هؤلاء الديمقراطية التي تغنوا بها، وبكوا من غيرها، ففي أدبيات هؤلاء وحقائبهم العقائدية، لم نسمع على مر التاريخ أن أجريت انتخابات وخسر مثلاً الإخوان، وفاز على سبيل المثال علمانيون أو ليبراليون، أو يساريون، أو قوميون، أو غيرهم من الأطياف والأرياف. كيف سيقبل هؤلاء بغيرهم يجلسون معهم تحت قبة برلمانية واحدة، وعلى مقاعد متجاورة وهم في الأساس يقسمون العالم إلى فسطاطين، أحدهم من الملة، والآخر خارج من الملة! ولكن سيرد مدعٍ قائلاً: هذا الكلام مغالط فيه لأن الإخوان غيروا الأجندة، ويعرفون أن يعيشوا في عالم متغير ومتطور ولذلك فهم طوروا من سياستهم تجاه الآخر، وسوف يقيمون حكماً ديمقراطياً شفافاً يأخذ إلهامه من الشريعة. لا نختلف مع أحد إلى حد الجزم، فكل شيء جائز ولكن ما نخبره من تجارب الآخرين، والذين سلكوا سلوكاً أقرب إلى الإخوان فإنهم لم يشطروا الناس إلى فسطاطين، بل بتروا الأوطان إلى دولتين، ما حير فيهم الفطين، وجعل الناس يترحمون على حاكم ظالم، لكنه حافظ على السيادة ووحدة العلم. لا خشية من الدين في السياسة، لأنه دين السماحة والفضيلة، والعدالة الإنسانية، ولكن الخشية كل الخشية من إلباس السياسة ثوب الدين كحيلة ووسيلة للانقضاض وتحقيق مآرب أجندات تتعارض مع الدين. فعندما يصبح الدين مركباً وسط أمواج الطموحات الفجة، تنتهي المجتمعات إلى غابة الغاية تبرر الوسيلة
|
|
|
|
|
|