|
شُلت يد الكتابة - التجاني الطيب بابكر ليس إلا مشيت وين ياخ (خضر حسين)
|
قطفوا الزهرة
..قالت : من ورائي برعم سوف يثور
قطعوا البرعم قالت .. غيره ينبض في رحم الجذور
قلعوا الجذر من التربه .
قالت .
إنني من أجل هذا اليوم خبأت البذور . كامن ثأري بأعماق الثرى
... وغداً سوف يرى كل الورى ..
كيف تأتي صرخة الميلاد من صمت القبور
تبرد الشمس
ولا تبرد ثارات الزهور 23/نوفمبر2011 23/نوفمبر 1953 الثالث والعشرون من نوفمبر من كل عام هو يوم للإنتصار ـ إنتصار للقيم والمبادئ ـ نصر للتاريخ والزمان ـ أهيئ نفسي فيه للإحتفاء بشكل خاص بالذكري السنوية لتأسيس الجبهة الديمقراطية ـ إحتفال قوامه القراءة والكتابة وقضاء النصف الأخير من اليوم في التأمل في هذه السيرة العطرة .
في مثل هذا التاريخ قبل عشرات السنين نشط الطلاب الشيوعيين والديمقراطيين في تأسيس تحالفهم الإستراتيجي الراسخ لإنجاذ مهام الثورة الوطنية الديمقراطية ـ وهو ما عرف لاحقاً ( ببرنامج مرحلة الثورة الوطنية ) وهي ثورة لها ما لها من اماني الشعب وأحلامه وتطلعاته . لا أدري كم كان عددهم في الثالث والعشرون من نوفمبر والعام ألف وتسعمائة وثلاثة وخمسون . غير أنني أعرف تمام العرفة كيف كانت أحلامهم ورؤاهم وأمانيهم وكم كان مقدار حبهم لهذا الوطن سفيح الأحلام . إنهم شيوعيه وديمقراطي هادي البلاد ليس إلا :
تتشقق الأرض ونبت الحكايا يخرج . الحكاية التي بدأت منذ عشرات السنين لتمنح الأرض آلاف الورود ـ يورقون تماماً كغصون الزرع ـ لتتفتح الأزاهير ... يتسلقون جداران الوطن وهمومه جداراً إثر جدار كما اللبلاب . وليعطروا سماوات وطننا كورود الأقحوان والياسمين . ليخرج من كل سنبلة قمح ألف شيوعي نبيل وفكرة ومن سكك الحديد آلاف الصناديد ومن دروب الأرض ملايين النساء السامقات .
في الثالث والعشرون من نوفمبر شُلت يد الكتابة ... توقف الزمن فجأةً ليعلن الناعي عن رحيل رجل كان وسيظل واحداً من أجمل الذين أتو الوطن بقلب . قالت الخرطوم : مات التجاني الطيب بابكر أيها الناس سليم .
رحلت الرئة التي لطالما تنفس بها البسطاء والفقراء والكادحين وأبناء السبيل ـ رحل العم التجاني الطيب بابكر والبلاد كأحوج ما تكون لفكره وثقافته ومبدئيته وعفته وإبتسامته وأدبه الجم ـ رحل العم (الطيب) التجاني الطيب والبلاد تستعد في الدخول لمعركة جديدة بين قوي الشر كله والخير كله . مضي الرجل بعد أن غرس في وجدان قرائه ورفاقه أجمل غرس يمكن لإنسان أن يغرسه . مضي دون أن يري الكادحين والفقراء يرفلون في رفاهيتهم التي نشدها لما يقارب الثمانون حولاً أو تزيد .
مضي الرجل الفكرة والإبتسامة الحرة مضي صاحب اليد النظيفة مضي بعد أن أضاء الطريق للملايين ـ مضي بجسد أنهكه الإعتقال والتشريد والمنفي بجسد لم يتركوا فيه قتلاً لقاتل ـ مضي بجسد ظل يهبه علي الدوام لمشروع وطني قوامه الحرية وخبزه العدالة الإجتماعية . مضي التجاني كأجمل عريس تزفه دموع الرفاق وأنات الموجوعيين وأماني الغلابة والكادحين . برحيله يفتقد الوطن لرجل نادر (إسمه الحركي شاكر) ـ ولتفتقد البلاد واحداً من أجمل العصي التي لطالما توكأت عليها .
كان العم التجاني رجلاً فذاً تحمل ما تحمل لأجل أن يمضي بفكرته الحرة ـ ظل متسقاً للدرجة التي كان من الصعب للغاية أن تفرز فيها بين التجاني كـ عم والتجاني كوالد والتجاني كرفيق درب يقاسمك الأماني قبل الأحلام .
حاملاً عصاته وإبتسامته الصادقة يرحل التجاني الطيب بابكر بهدوء ودون ضوضاء ـ يرحل الرجل الذي أفلت من الموت آلاف التجارب والمحكات بالثبات علي مبادئه كأجمل ما يكون الرحيل ـ يرحل معلناً رفضه لرحيل البلاد ، ومتمسكاً بمشروعه الوطني الذي لم يكن علي الإطلاق من شروطه تمزيق الوطن .
سيظل العم التجاني واحداً من ألطف العباد الذين مروا بهذا الوطن وواحداً من أنجب النجباء الذين لم يرهنوا قناعاتهم سوي لخدمة قضايا شعبهم . سيبقي التجاني الطيب بابكر كما بقي المحجوب وشكاك وهاشم والنور خالداً في الأولين خالداً في الآخرين .
سيظل الأستاذ التجاني خالداً في كلمة الميدان وفي انتصارات رفاق الميدان ـ وفي صفوف الجماهير كأجمل مايكون النشيد ـ وسيظل واحداً من أجمل الذين أحبو هذا الوطن بصدق . وداعاُ العم التجاني الطيب بابكر وداعاً يازميل ياترس وداعاً أيتها الإبتسامة الساحرة وداعاً أيها القلب الكبير .
لن ننساك
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: شُلت يد الكتابة - التجاني الطيب بابكر ليس إلا مشيت وين ياخ (خضر ح (Re: محمد المرتضى حامد)
|
عماد وخضر وطلال ومحمد المرتضي
استاذ تجاني
هكذا كنت ادعوه خلافاً للجميع في سني من شيوعيين وغيرهم ممن اجتمعوا في اسمرا معارضتئذ. ما أسرني فيه هو ابتسامته الوضئية وكان ان تعارفنا وتكلمنا في كل شئ ما عدا السياسة.
عرفت التجمع عن قرب، كمقيم في العاصمة الارترية، وعرفته عن عمق كعضو في احد تنظيماته، صحوت ذات اجتماعٍ لهيئة قيادته فوجدتني أكتب ما يقوله اولئك القادة كلمةً كلمة، وحتى استطيع إنجاز مهمتى الكتابية كعضو في السكرتارية كان على أن اصدق كل ما يقولونه عن مواعيد الاجتماعات، وكانت نتيجة التزامي بهذه المواعيد أن أجد نفسي في رفقة استاذ تجاني.
كان التنافس في أيام التجمع تلك بين السيدين على أوجه وكان يتخذ شكلاً (طفولياً في بعض الأحيان)، كان كلا الزعيمين لا يحب أن يأتي قبل الآخر ربما (للأهميات وكده)، كان الزعيم الراحل جون قرنق يأتي في الموعد ويجلس في غرفة في الفندق بإنتظار الآخرين.
على العموم كنا أنا واستاذ تجاني (نتونس لقطع الوقت)، كان الحديث يأخذنا لمناحي شتى، الأدب الغناء مصطلحات الشباب، أرتريا والأرتريين، لا أعرف هل انا الذي كنت اتجنب الحديث عن السياسة أم هو، ولكننا لم نتحدث في السياسة قط. وفي يوم سالني عن أبي فقلت له أن أبي كان شيوعياً وخرج من الحزب في الإنقسام الأول، وأنه بدأ حياته العملية في عطبرة فحدثني عن عطبرة حديثاً شجياً ليس عطبرة السياسية ولكن عطبرة الناس والثقافة والإنتماء.
قابلته آخر مرة عندما سافرت إلى السودان في ابريل 2009 كان يتكلم في ندوة أقامتها جريدة أجراس الحرية عن قانون الصحافة والمطبوعات، بعد الندوة قدمني إليه محمد المعتصم حاكم(وأظنه كان لا يعرف أن الأستاذ يعرفني) قائلاً (عم تجاني دا الصادق اسماعيل كان في التحالف في اسمرا) سلمت عليه بالأحضان، وألتفت بعدها لمحمد المعتصم قائلاً (يا محمد المعتصم أنا ما كبرت لدرجة أنسي ود اسماعيل الابوهو خلانا ومشي مع الإنقساميين) ضحكنا أنا وهو، وقال لي ( وينك ووين بلدك) اخبرته عن حالي مآلي، وودعته قائلاً (والله يا استاذ تجاني كلما اتذكر اسمرا واتذكر التجمع بتذكر جلساتنا ديك).
اول ما قرأت النعي، ترحمت عليه، لم أجد في نفسي حزناً على موته بقدر ما وجدت شعوراً بأني محظوظ لأني تعرفت على استاذ تجاني واتاح لي الزمن أن اجلس معه واستمتع بأحاديث ملأتنى بالفرح يومئذ.
شكراً استاذ تجاني على هذا العطاء ونم قرير العين فما زرعته سيثمر وأراه الآ ن في الذين كتبت هذا الرد لهم. ربما كان خضر وطلال هما الشيوعيان ولكن ما ناضلت من اجله أنار الطريق لعماد عبد الله ومحمد المرتضى (لا اعرف انتماءهما) ولي ولآخرين ان نرى مقعدنا ونتبوأه بين جماهيرنا وليس في صفوف الجلادين.
ربما نلتقى هناك ويكون لنا وقت أطول وحتماً حينها سنتكلم عن السياسة.
| |
|
|
|
|
|
|
|