|
كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
|
 Re: منتدى الحروف وافلام المخرج وجدي كامل .. (Re: محمد سنى دفع الله)
|
قبل بداية العرض وزعت ورقة عن المخرج وجدي كامل كتبها المخرج والناقد السينمائي
عبدالرحمن نجدي
والفنان نجدي احياء لذكرى نادي السينما في السودان ولطرق تقديم عروض الافلام قدم ورقته لتساعد المتفرج في المشاهدة وهو تقليد جديد سوف ندرج عليه في عروضنا القادمة ..
ولا ننسى ان السينما مر عليها مائة عام في السودان والان يحتفلون في وطني
بموئية السينما في السودان
الى ورقة المخرج ـ نجدي
اليد الفقيرة لا تقوي علي حمل الكاميرا
في تقليد جميل يحتفي " منتدي الحروف – نسخة الدوحة " بالمبدعين السودانيين من كل التخصصات ، وقد كلفني الأخ الفنان عادل التجاني بالمشاركة في هذا الاحتفاء الجميل بواحد من أبرز السينمائيين السودانيين الذين تركوا بصمتهم في هذا المشروع السينمائي السوداني المثير للجدل ،
ينتمي وجدي كامل إلي الجيل الثاني من السينمائيين السودانيين الذين تعلموا فنون وتقنيات السينما بالخارج بغية تحقيق سينما سودانية مؤثرة و حقيقية مرتبطة بحياة الناس ومتصلة بالمجتمع وهموم الوطن ، كان أكثرنا طموحا وحماسا لتحقيق أفلام ترفع من قيمة السينما السودانية ، كان وجدي وسيظل يطمح في تحقيق أفلام متميزة مفتوحة علي العالم فالسينما في آخر هي حياته كلها ،
وعندما عاد وجدي للسودان بعد إكمال دراسته بمعهد الدولة في منتصف ثمانينات القرن المنصرم كان يحمل معه أحلاما كبيرة كبر بلده السودان آنذاك ، ولم يخطر في باله أو بال غيره من السينمائيين إن السودان لم يكن أصلا مهيأ لتحقيق الأفلام و لا يملك إستراتيجية أورؤية واضحة لدعم برامج الفنون والثقافة ،
ببساطة السينما كانت تحتاج لمناخ صحي يعيشه و يعايشه المبدع ، ولحسن الحظ أكتشف مبكرا وجدي مأزق السينما الذي وضع نفسه فيه :
( مأزق السينما في السودان هو مأزق من مآزق السودان والدولة ، مأزق الفنون و الثقافات الوطنية التي كان من المؤمل أن تلعب السينما دورا مهما في الإبلاغ عنها ، و بالتالي الكشف عن السياسات الاجتماعية و التاريخية و هموم وقضايا الواقع السوداني والتراث الثقافي القائم علي مساحة المليون ميل مربع ..... ( وجدي كامل - جريدة الخرطوم 30 نوفمبر 1995 )
وأكتشف وجدي أنه من المستحيل العيش من ( عرق السينما ) وحدها فأمضي نصف حياته في الترحال بين مدن عربية واوربية فذهب إلي ليبيا وعمل بجامعة قار يونس ، وحاول العمل بابوظبي ثم قطر و رجع مرة أخري إلي موسكو ( 1990 – 1993 ) وأكمل دراساته العليا ونال الدكتوراة " في علوم الآداب و الفنون وكان موضوع أطروحته حول جماليات السينما الأفريقية جنوب الصحراء ويبحث فيها عن الجذور و العلاقات الثقافية لعدد كبير من المخرجين الأفارقة ، وأستقر به الحال كعضو هيئة تدريس بقسم الأعلام بجامعة الخرطوم ،
وبعدها أصبحت السينما مجرد هواية عند وجدي كامل من منظور سبل كسب العيش الحلال رغم احترافيته العالية التي مكنته من تحقيق 14 فيلما وثائقيا في فترة عقد من الزمان نال عن بعضها جوائز عالمية وتقدير النقاد وجمهوره المحدود
سينما وجدي كامل تنتمي إلي عالم المهمشين والغلابة حققها بكثير من الحميمية و الصدق الذي لا يخفي رؤيته الشخصية لما يدور في بلده السودان ، وكانت قناعاته النظرية مماثلة لقناعاته العملية فقدم أيضا الكثير من الأوراق عن دور الفيلم التسجيلي في تعزيز قضايا السلام الثقافي ( إن الصورة المتحركة إن وجدت التوظيفات الخلاقة تستطيع العمل بأنساق نشطة لا مثيل لها في تعميق قيم أحترام التنوع وثقافة الآخر و معتقده )
وسعي وجدي مثله مثل أستاذه ( بريخت ) وملهمه ( قرنق ) أن يقتلع جذور المشكلة و الخروج من النفق المظلم ، ذلك الذي تعيشه السينما السودانية في ظل غياب تقاليد إنتاج سينمائي وعدم توفر البنية التحتية فأقترح قيام ميثاق شرف بين السينمائيين السودانيين و الحكومات السودانية المتعاقبة فيما يتعلق بتعامل الحكومات مع السينما رغم ثبات موقفه الفكري والتقدمي غير القابل للنقاش ،
كان وجدي يهدف بذلك إلي فتح الأبواب له و لغيره من السينمائيين السودانيين لإنتاج أفلام تنحاز إلي الشارع ، كان علي علم بأمراض السينما السودانية ، وايضاً الحلول ، ولكن ذهبت كل مقترحاته و أحلامه سدي في ظل نظام جاء يحمل معه مشروعه الخاص به وكوادره المدربة ،
ولكن من تجارب التاريخ البعيدة و القريبة نعرف أن ( الديكتاتوريات ) تفرض علي المبدعين أوهاماً كاذبة و خيارات لا مستقبل لها ، وهذا ما فرض علي وجدي كامل خروجا رابعا من وطنه السودان وربما يمتد هذه المرة لسنوات ،
أختار وجدي أربعة أفلام لعرضها في هذه الأمسية ، ربما بسبب أنها الوحيدة المتوفرة لديه في الوقت الحاضر رغم تحقيقه لأفلام هامة أخري مثل العقرب ، الكمبلا ، الفكي علي الميراوي ، البرداب ، الخطو علي الريح ، وغيرها ، وهي علي كل حال تجسد الخطاب السينمائي لوجدي كامل وتكشف عن بعض ملامح ومفردات السينما التي حققها وهي سينما في إعتقادي جوهرها التعايش و التنوع الثقافي ،،
ونشاهد اليوم :
مر المحارب من هنا
المصارع الأعمي
أرجوحة و زيت
الجمعة في حمدالنيل
كما سنلاحظ تكمن القيمة الحقيقية لهذه الأفلام في أنها ترصد الواقع الحياتي الذي يعيشه الناس ، لقد خرجت الجماهير بصورة غير مسبوقة في التاريخ السوداني الحديث لاستقبال الزعيم المرحوم جون قرنق ( مر المحارب من هنا ) بعفوية دافعها المحبة والسلام ، شكلت لجانها ، و نظمت نفسها وراياتها ، وصرخت بصوت واحد للسلام والمحبة ، لحظات مؤثرة في التاريخ السوداني المعاصر ، ونجد وجدي هنا يتعامل بعفوية مع صدق حاسة الجمهور و كان يمكن لوجدي أن يستعمل الصورة البطيئة ليعطي الفيلم بعدا أعمق ،
في فيلم أرجوحة و زيت أستطاع وجدي أن يقدم قصيدة سينمائية رائعة يتعانق فيها شريطي الصوت و الصورة في جدل خلاق، ويستخدم فيه أسلوبا بصريا قريبا من التجريد، أعتمد فيه علي المزج بين الذات و الواقع المعاش ، كان يمكن في إعتقادي الربط بين الحالات الثلاثة علي مستوي إكتشاف هذا العالم المجهول عن طريق القطع المتوازي لمقارنة الفروق الثقافية بين عوالم مختلفة ،
أما فيلم الجمعة في حمد النيل فنحن أمام موضوع تقليدي خال من التحليل أستخدم فيه وجدي أسلوب ( التعليق الحكومي ) العقيم وأنقذته براعته في الاستخدام الموحي للموسيقي والتوازن الدقيق في المونتاج عبر عدد من الانتقالات الحيوية لعشاق حمدالنيل من الحزن إلي الفرح ومن الصمت الكثيف إلي الصراخ إلي الغوص في أعماق اللاوعي ، ولا اعرف ما الذي جذب مخرج تتميز أفلامه بطابعها الفريد إلي تلك الحكاية التقليدية ،
ونأتي أخيرا إلي فيلم المصارع الأعمى وهو تحفة حقيقية من تحف السينما التسجيلية ، حيث تصبح زوايا الكاميرا مثقلة باحتمالات كثيرة مع لقطات تشد الانتباه ،تتقاطع فيه مع الشخصيات الرئيسية المتحاربة نماذج أخري فرعية ، ينقصه أيضا في تصوري ً موقف المخرج غير المبرر من تركيب التعليق أو كتابة الخطوط لتوصيل الفكرة خاصة للمشاهد الأجنبي ، ولعله موقف أستمده المخرج من إنتماءه للمدرسة الكلاسيكيكية عند
أساتذته فيرتوف و إيزنستين وبودفكين حيث ترتدي الصورة دائما معني الرموز المقدسة رغم إن السينما التسجيلية المعاصرة عند مايكل مور مثلا باتت أقرب إلي الروائية في طريقة السرد
وطرح الفكرة ، فالمصارعة هنا نموذج للتبادل الثقافي السلمي و التعايش بين الناس وتندرج في باب الممارسات المحفلية ( باتريسا موسي ) وهي أيضا أثر باق من حياة القتال و الحرب التي كابدتها أعراق المنطقة في زمان غابر ( الصادق سليمان ) وكلها معلومات ينبغي أن تظهر بوضوح في السينما التسجيلية ،
مازال لوجدي الكثير من المشاريع المعلقة وقد أكتفي كما يقول من السينما التسجيلية ويأمل في خوض غمار السينما الروائية ،
( وكم يحلو لوجدي كثيرا من ترديد مقولة عثمان سامبين المخرج السنغالي الأشهر : السينمائيون الأفارقة بمقدورهم أن يصنعوا سينما عظيمة عندما يكف السياسيون الأفارقة عن صناعة الأفلام الرديئة )
وأختتم حديثي بجملة من حوار فريد مع صديقي الطيب مهدي بجريدة الميدان بتاريخ 30 يونيو 1989 لم ير النور بالطبع يقول فيه :
( أنا حزين أن شهد جيلنا كل هذا العسف الذي أصاب السينما في مقتل )
عبدالرحمن نجدي
[email protected]
| |
  
|
|
|
|
|
| |
محمد سنى دفع الله
شكرى سليمان ماطوس
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست