|
بدونها يقرعون الارض، مازالوا
|
Short Story بدونها يقرعون الارض، مازالوا
أراهم يتنزلون هناك في لجج السراب الرعشة. تتكسر قاماتهم رويدآ رويدآ حتى أكاد لا أميز بشر هم أم محض خيال ملتبس. كانت بعض تفاصيلهم تنزلق لتطفو بعيدآ عنهم فأظن أنهم قضوا في السراب، ثم لايلبثوا أن يدركوها، تلك التفاصيل الحاسمة، فيستوون على سمتهم وينجلي قرع أحذيتهم في فضاء بلا ضفاف. و كنت قد أقصيت! أقصيت لأحتطب بعيدآ عن كل النداءات، مستشرفآ شتاءآ طويلآ و قارسآ بدونها و بلا سبيل لإندياح عكسي. ــــــــــــــ الأشياء تنحو و أنا أتفرج! المسارات يستثيرها صمتي و سواء على كل التفاصيل إندهشت أم لم أندهش! علي أن أتذكر أن ما تم كان سيتم! كل السياقات كانت ستكتمل بغض النظر عن إنبثاقي في فضاء فعلها فما حاجتي بي إذن؟
لكنك لا تصل لهذه النتائج البدهية إلا عند نهايات الدروب الشائكة، حيث لا بعد، حيث ينجلي لك في حساب أخير و صارم أن الأشياء التي كنت تنافحها هي أقوى من كفاحك و كفاحك ذاته هو، قبل أن يتفتت، العامل المشترك الأعظم في جميع الحالات التي تقمصت فيها أدوار ناكرة و ماحقة. يمكنك حتى الوصول إلى أن حياتك النشطة كانت كلها قائمة على الأثرة. تأمل كم هو فادح أن يكون الأمر كذلك ! فالسوس لا يعنيه حجم الخسائر المترتبة على إنسواسه! لكنهم هم و الوقائع و التبدلات لا تروقهم هذه الملاحظة و مدى جاهزيتك لهزيمة خصومك لا يهم هؤلاء الخصوم إذا ماهم عكسوا الآية. تمسك بأي سياق يطرأ على بالك، تجد أن اللامبالاة هي الشعار الذي ترفعه الوقائع في وجه تدخلك في مصائرها! ماذا تظن؟ هل أنت أكبر من وطن؟ هم و الوقائع و التبدلات رفعوا أكثر من هذا في وجه البواسق، حراس القيم الاشاوس و إنثلمت بفعلهم آنية ندماء التغيير فتدافعوا يبغون الثمالات. فماذا يمكنهم أن يفعلوا بك؟ ـــــــــــــــــــ يصدعك زواجها من حارس المرمى كإحدى الوقائع اللاذعة و أنا لا إعتراض لي على ضلوع لاعب في فضاء الاسئلة الكبيرة و إجاباتها الحارق كما إن هنالك ما يحسب لهذا الرجل فألبير كامو كان حارس مرمى . تستطيع أن تتأكد من ذلك إذا تأملت وجهه المتطاول، (ألبير كامو و ليس غريمك ! ) فالفلسفة وحدها لا تفعل هذا في الوجوه وبإستثناء ألبير كامو فقد تمر عشرات السنين دون أن تعرف شيئا ذا بال فعله حارس مرمى عقب اعتزاله! لكن هل زوجها كذلك؟ أم تراه إستوعب طروحاتها بل و تجاوزها؟ أو أوجد زواجها المباغت منه حالة من التخفف من الاطروحات بإسقاطها تحت مظلة الزوجية ــــــــــــــــــــــ كانت قد طرحت جانبآ جاذبيتها كأنثى فاتنة في سبيل إعلاء صورتها كمثقفة و لم تكن أنت متضايقآ من ذلك. أن تستبقيها كان همك. كنت تحس أن ثمة تلهف و شبق يمكن إرجاؤه و البناء عليه من طينةالوعد. يا إلهي..... إذن هي ذهبت مع حارس المرمى بسبب..... دعني أرى صورته. كم وددت أن لا يعبث أحد بهذا الالبوم هاهو ذا ! هذه صورة له قصصتها من الصحيفةالرياضية عشية زواجهما. التعليق المرفق بالصورة يشرح مسئوليته عن هزيمة نكراء لفريقه. خذ عندك! كان يبدو متمتعآ بقوة جسمانية ملفتة أكثر من تلك التي تتوقعها من رياضي! إذن هي صارت إليه مصيرآ لا توافق أنت عليه لكنك تفهم طبعآ أن البنات يتزوجن لاسباب لا يكون لك شأن بها و أحيانآ بلاأسباب ظاهرة! ــــــــــــــــــــــــ تزوجته فأخذها من بيئتها الباعثة للثقافة إلى بيئة طرفية مفعمة بتجليات ما تحت الكفاف حيث تتبرعم المشاعر المربكة. حبلت منه مبكرآ و أسقطت رغبتها ـ المزعومة سلفآ ـ في الإجهاض، ضمن عشرات الرغبات المسقطة إحتفظت في أحشائها بجنين حائر، غالبآ. و ارتدت ذلك الثوب الغرائبي حتى يمكنها التوقف نهائيآ عن البث. لم تعد عودتها لحياة المتربول ممكنة و لم تعد للكتاب و المطبوعة تنظر إلا في ذهول. أتظن أن حديثك معها بما يذكرها بأيام الفعالية سيعيدها سيرتها الاولى؟ أتظن أن جلوسك إليها أنت و الرجال المنتعلين في واحدة من توظيفات الوسائل البروقراطية سيعيدها؟ أبدآ يا سيد! إنس سيرتها. فالفجيعة ليست فيها و إنما فيك أنت ! مشتط دائمآ في نبوءاتك الصغيرة. ـــــــــــــــــــــــ كانت تقول الكلام الغريب من على مساطب متحركة في المقهى الطلابي. و كنت رغم علمك بأهمية ما تقول، تهتبل فرصة إنفعالها لتتأملها هي و ليس حديثها. كانت أجمل أحوالها الجسدية تتبدى في غمار إنفعالها. تعمدت أن تريك أن العالم يسير بنفس الطريقة التي ظننت أنت أنه لا يسير بها. لم تكن تقصد إحراجك بهذه المقولة. كان مصير الاشياء عندها غاية في البساطة و بلا مفاجآت. الحكايات و الحواديت ـ في رأيها ـ تتحوصل متعتها في سنن المباشرة و تقاليد الحكي. كانت تهتف بك : لم يحدث أن حكى شخص بمثل ما حكى برخت أو كافكا و سلكت أموره. و يعلو صوتها في المقهى بينما جسدها المؤجلة فيه نداءات الغريزة (أو هي مطغي عليها ) يغالط عين هذا الوصف. و يعلو صوتها : إنهم أنبياء العادية هؤلاء الذين يفعلون كذ ا و كذا وفق التصاريف و المجريات . ثم تقول لك خذ مثلآ، كثيرآ ماتقول هكذا : خذ كيف دخل الغرباء دارنا. إنهاقصة! إخترقوا كبرياء العشائر الذي إستغرق بناؤه عشرات السنين. أتدري كيف؟ تصمت لأنك " ملاوز " ألا تكون درايتك في هذا الامر كدرايتها هي. فيعلو صوتها : هل أتوا بالسكة الحديد كي يندلق أقرباؤك الريفيون في أزقة امدرمان؟ هل تعرف أي إجابات قاطعة؟ تسرح أنت و ترسم تعبيرآ مصطنعآ على وجهك كأنك تعرف. فتقول لك : أيوه هكذا بالضبط و هل كنت تتوقع إجابات ملتوية مثل تلك التي يتشدق بها المصانعون. دعك منهم. المصانعة ترضى بأنصاف الحقائق أو ما دون ذلك. الحقيقة أننا أصبنا في مقتل. هؤلاء الغرباء كسروا شيئآ كان مكنونآ و جوهره الكنون. إنها قصة بسيطة و مؤلمة. لكنك لظنك أنها تتطرف قليلآ في القول كنت تؤثر مراقبتها و هي ترافع ضد المعلوم وجوبآ في هذا الامر بعاطفة تشعل في استعارها عواطف و هيئات اخر تعنيك أكثر. لم يعنيك ذلك الجرح. على أي حال نظرية الإنكسار هذه لم تعن أحدآ و لا يشوش وجودها حتى أدنى حالات الإعتداد بالنفس. لم يكن هناك ما هو أدعى لتلون وجهها بألوان الشجب من تلك اللازمة الصغيرة التي لا تني تقولها : حتى بعد أن خرجوا لم نستطع نحن شيئآ. لم يجد إنكار الفضيحة إلا في تدريبنا على مزيد من الإنكار فاندفعنا في دروب التيه مسلحين بالمكابرة التي ما هي إلا تخابث الافكار. إنه واقع عصابي مابعد ـ كلونيالي! يا دين النبي! جمعوا فيها العقل و الجسد و هنا الغرو و العجب! ــــــــــــــــــ ظل زهاء ثلاثين عامآ لا يكاد يعي إلا من خلل فروج في خباء العادية القابع فيه، حتى تبين أنه موهوب تمامآ حتى في إستحداث مناهج دحض العادية. حدث له هذا التبين فجأة ذات صباح و هو يعبر الطريق العام. إنه الآن ينتعل أحد الأحذية التي تقرع الارض في طلابي. و هو أيضآ منشبح في مدارات راعفة، يقلب مواهبه بين راحتيه و ينفخ فيها حذر إنطفائها. إنتقالها هي كان عكس ذلك. كانت العادية عندها محورآ تفهمه، ارجوحة لهدهدة المغروس فيها. تتكأ عليها أحيانآ و تتجاوزها غالبآ ثم كان أن 'حتلت ' فيها و لم يعد ممكنآ إطلاقها من ربقتها ـ لا تحاول معها. لن يفيد. ـ ...... ـ لن ينفع. إنها قربة مقدودة. ـ ...... ـ إنك تناطح الصخر. دعك من تميزها فدونك مصادر هذا التميز. ـ ...... ـ خليها و لا تبك. ...هل تبكي فعلآ؟ لو بكيت ـ ....... ـ هل جننت؟ أقول لك لا تبك. حسنآ. إهدأ قليلآ. ـ ........... ـ خليك عاقل يا زول ما للدرجة دي . ما ... لن تعود دا إيه دا ياخي دا؟! ــــــــــــــــــــ
إنتحيت قليلآ لأبصق ( سفتي) فألفيتهم ـ لازالوا ـ يقرعون الارض بأحذيتهم وبعض تفاصيلهم تنزلق لتطفو بعيدآ عنهم حتى لأظن......
إنتهت
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: بدونها يقرعون الارض، مازالوا (Re: mustafa mudathir)
|
عزيزي مصطفى تثير الأعجاب وأنت تتنقل بين شخوصك لترسم خطا روائيا غير مسبوق .. ما هذا الجمال وما هذه الروعة أنتظرنا حتى نفيق من سكرة " رؤى لا تطرف لها عين" حتى تتحفنا بهذا الشراب المختلف ألوانه. لفتت نظري ذكاء هذا التعبير ( و ارتدت ذلك الثوب الغرائبي حتى يمكنها التوقف نهائياً عن البث) هذه العبارة ذكرتني بعبارة د.عبد الله على إبراهيم ( يتناسب غباء البنت طرديا مع عدد لفات ثوبها ) أم القائل هو د. بشرى الفاضل لا أذكر لكن المهم أنه قالها صراحة قبل حوالي الثلاثين عاما ولم يقام عليه الحد ولا يحزنون ، وأنت قلتها من " خلف حجاب " مما يدلل على تردي حقوق الكاتب في التعبير ، ولكن عفارم عليك لأنك برضو قلتها .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بدونها يقرعون الارض، مازالوا (Re: mustadam)
|
عاطف و مستدام ليس أمتع من عباراتكم الدافئة. العبارة التي أشرت اليها وردت أيضا و بشكل آخر في احدى قصصي الاولى (المنحدر) بمعنى عندما أشتد الغيب تحجبت! والعلاقة طردية في كل الاحوال!! مستدام عارف فكرة السفة دي ألهمني ليها صلاح الزين صاحب أشيك سفة في أواخر التسعينات!!! مصطفى مدثر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بدونها يقرعون الارض، مازالوا (Re: mustafa mudathir)
|
عزيزي أبو طارق قصدت من وراء حجاب أن أستخدم كلمة حجاب لا أكثر ، لكن الحقيقة لله أنت طرحتها بطريقة جميلة ومثيرة وممتعة وذكية وعلى كل حال هذه الأشياء ليست غريبة عليك بعد رؤى .........كل شئ أصبح ممكنا بالمناسبة أعد في دراسة حول رؤى بعنوان طبوغرافيا المكان والزمان في رؤى لاتطرف لها عين ستصيبك بالدهشة حال أكتمالها، توقعها عن قريب
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بدونها يقرعون الارض، مازالوا (Re: mustafa mudathir)
|
الكاتب الاديب مصطفي قرأتها اكثر من مرة اسفار بين الاسطر بين الاتكاء علي ابداع اللغة وسرعة ياقع اللهاث خلف كل المواقف.استطعت ان تروي بعض من الظمأ الي قلمك الذي لا زلنا فريسة طراده ايها الابداع
كل الو والتقدير عبدالله جعفر
| |
|
|
|
|
|
|
|