|
بقعةالدم...!
|
بقعة الدّم ...
تتجّول في شوارع مدينه لا تكنّ لك أيّ مودّه في طيات قلبها المتورّم كأعين فتاة تذوقت طعم الخمر لأول مرةً ثمّ أفرغته في أقرب مرحاضٍ عام. أصوات المارّه والسيارات والباعه المتجولين, الّذين في الغالب يبيعون بضاعه مزيفه, تختلط كل هذه الاصوات برائحة البول الزرنيخيه في قاع حلقك فيعتريك شعوراً بالغثيان وتوابعه من إفراغ محتويات بطنك كُلّها في عجاله, أو تسرع من خطاك لتغادر تلك المنطقه المزدخمه بالسواح الّذين يبدوا علي وجوههم الغباء. يبحلقون في وجهك, ولون بشرتك, ومشيتك, وربما يشتهونك قطعة شوكلاتة تغطي أعالي نزوتهم البطنيه, أو ربما نساءً يبرقن بصدورهنّ رغبة تذّوق الطعم الإفريقي منك خبزاً حاراً طُبخ في شمساً إستوائيةً تأكيداً علي أنّ منشأ الإنسان هو تلك القاره السوداء تماماً كمصير كلمات الإستحسان والمجامله التي تضيع بين همس الماره وصراخهم اللعين ورائحة البيرة التي تتهادي أمام أنفك مع كل زفرة نفس ترتطم به. تتمني أن تترك محتويات بطنك مُعلّقه علي حبلٍ قبل أن تغادر منزلك, أو تقتل كل خلايا الشم التي تسكن رأسك قبل المرور بذلك الشارع الذي يطلقون عليه شارع ( إسبرنج فيلد) أو حقل الربيع, وهو والربيع قطبي نقيض برائحته الفجّه كلسان بحارٍ لا يملك إلاّ لغة المستنقعات حديثاً. ينطلق الشارع سيئ الذكر من سوق اللحم البقري النيئ متلوياً كأفعي, يمر بكل أماكن الخمر ومصانع البيره والأقمشه وبعض أماكن الرسامين وأستديوهاتهم التي يمارسون فيها الرسم والنحت والجنس وصناعة الفرح البصري. تزيّن جانبي الشارع مقاهي صغيره للمأكولات الأسويه والسكاري ومدمني المخدرات والمخخنجيه والموامس اللاتي تنحسر سراويلهن الضّيقه مُفسحه عن أجساد هرستها ضربات الجّنس المدفوع ثمنه مقدماً, وتنعكس علي وجوههن أضواء الشارع الخافته فتري كل ألوان الدنيا تغطي وجوه عادية لنساء عاديات غدرت بهن أنياب الزمن وقسوته, وجوهن ككتبٍ مفتوحه تقرأ فيها كل اّلام الليل والنهار وتري فيها الحياه بكامل عتادها القاسي وسخريتها. فلا تستطيع منها فكاكاً,, ولا تقترب منها فتلتصق بها هروباً من ذاتك إليها.! في بدايةالشارع هنالك ملصق كُتبت عليه عبارة هكذا الحياه!. شارع إسبرنج فيلد المصاب بالمغص الكلوي يتلويّ ويعوي ويصرخ ويطن ويملأك برائحه لا تغادرك حتي منطقه أطلقوا عليها وايت شابل أو( الدير الأبيض) . تستقبلك وايت شابل بذراعين مفتوحتان وكأنها تريد أن تحتويك ولا مهرب منها إلا إشعال سيجاره أو الدخول لإحدي الحانات التي تهدهد أطرافك المتعبه بالضجيج والمجون والروائح البشريه و رائحة دماء الأبقار المذبوحه حديثاً. قاليري المنطقه كان ديراً عتيقاً يصلي فيه الناس كل أحد, يتهجدون فيه بأصوات خافته, خاشعه, يصبون الماء المقدس علي رؤوس أطفالهم ويشعلون الشمع بنفس الإنتظام كل أحد ولسنين عددا. ولكنهم لم يسمعوا بأحد قد شفي من مرضٍ عضّال أو أنّ هنالك نبوءة قد تحققت!. ففقدوا ثقتهم بالكنيسه. وأصبح رواد الدير بعض العجزه وفاقدي القدره علي النطق بأهوائهم وبعض الساسه الذين يريدون الظهور بمظهر الخاشعين وهم يقبلون الأطفال أمام الدير ويَِعدون أهل المنطقه بما لم يعد به المسيح نفسه. حتي أتي يوماً قرر فيه أهل وايت شابل أن يغيروا وظيفة الدير إلي شئ أكثر تفاعلاً مع أهل المنطقه وسكانها, فأحالوا الدير إلي روضة أطفال وأُعطي راهب الدير وظيفة مُسلي للأطفال فقبل صاغراً. في الصيف يتحول الدير إلي قاليري لعرض أعمال فناني المنطقه ورساميها ومرقصاً في الأمسيات. قادتني قدماي المتعبتان إلي القاليري, هروباً من عواء الشارع ورائحته النيئه. كأنني إنتقلت إلي عالم أخر وفضاء أخر محمولاً علي رائحة إمرأة في بدايات الثلاثين من عمرها كانت تقف أمام قطعه فنيه ضخمه تكاد تغطي معظم جدران القاعه. وجهها تكسوه مسحةً هادئه, ناعمه, تصدر همهمة من يصلي أو من مرّ بتجربةٍ أصابت جسدها بخدرٍ عميق بعد إنفجارات بركانيه داخل خلايا الإحساس منها فتتمني أن لا تفيق من تلك التجربه أو يعتريها بركاناً اّخراً معبئاً جسدها بكل عنفوانه فيتركها جثةً هامدة, حامدةً ربّها بالّذه!. تلك القطعه الفنيه والتي تتكون من لونين فقط يشبهان لون الدم في كل درجاته الجارحه وتفوح منها رائحة الزيت, تتلوي أمامك وتتكور وتكاد تقطر حياةً هادئةً كنوم بحر في أحضان بحرٍ اّخر, جلس أمامها نفر من البشر في تعبدٍ صوفي تسيل من أعينهم الدموع كأنهم يواجهون القيامه. أما تلك الفتاه فقد كانت توزع علي المتفرجين مناديل حمراء لمسح دموعهم وتوصيهم علي تمام الصلاه والتعبد كأنها راهبةً لديرٍ يتعبد فيه عشاق الفن وملكوته المهيب. إهتزت الأرض قليلاً وإهتز معها الموجودين . وتمايلوا مع ميلان اللوحه كأنهم منومين مغنطيسياً أو مأخوذين بسحر من لا سحرله. تجمّعت تلك اللوحه في شكل بقعة دم .. وسالت علي الأرض. قبل أن تصعد كل الاجساد التي أمامها وتختبئ داخلهم. ( قالوا قضي صاحبها شهرين كاملين وهو يلون عليها بلونين فقط, مستعملاً فرشاه صغيره في حجم قلم رصاص! رغم مساحتها لكنه لم يمل حتي كورها بقعة دم تصاعدتنا جميعاً).
........ ........ ........
إنفتحت بوابة الغياب أمامي ..
فرأيت عبدالعظيم عبد الحي ( صانع الساعات) وهو يرسم تماماً بقلمٍ صغير .. رأيت بوابة الغياب يقف عليها عصام الخواض .. رأيت عمر كانديك... رأيت صوته المخدوش بالحياه ورأيت صاحبة سنابل الذره وهي تسحب ستارأً كثيفاً علي صوتها..
وإبراهيم محمد أحمد يرتعد حزناً
يا بوابة الغياب متي تقوي أصابعنا علي إغلاقك؟؟ متي؟؟
تلك اللوحه من أعمال مارك روثكو...
إبراهيم كوجان
(عدل بواسطة ibrahim kojan on 10-10-2008, 04:11 PM)
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: بقعةالدم...! (Re: ibrahim kojan)
|
أيها الرائع
جعلتنا نقف ونهمهم معكم بل نصلى أمام بقعة الدم
ونتحسس الوانها التى سالت على الجدران أسفلها وبلغت الأرض بل وغطت أقدامنا
لك أجمل التحايا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بقعةالدم...! (Re: rosemen osman)
|
دم .. و غياب .
..... يا صاحب .. أكثِر مِن تعاطي المساء .. فهو يعج بالأصحاب الغائبين .. و .. تعرف أن قليلهم يشفي .
ــــــــــــــــــــــ اللوحة لـ Mark Rothko
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بقعةالدم...! (Re: Emad Abdulla)
|
Quote: هروباً من عواء الشارع ورائحته النيئه |
الطرقات النيئة
و مواجهة القيامة المتجلية في دموع الصوفي، وبقع الدم تجففها الأشعاعات فوق البنفسجية ينضج التراب و الدم ، مثل خبز الحصى و رماد أجساد الذين مضوا الى حواف الغياب بقعة في طريق الجامعه ، البت الناس الى يومنا هذا ، الشعراء و الوجدانيون ، و نظرة الى مستقبل ضبابى لا تزال مرتسمة على وجه ( أحمد القرشي)ز لك مودتي الملك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بقعةالدم...! (Re: Tagelsir Elmelik)
|
Quote: يا بوابة الغياب متي تقوي أصابعنا علي إغلاقك؟؟ متي؟؟ |
oh, die Türe der Abwesenheit, wann koennen unsere Finger dich zumachen?
WANN
Koennen means can ولكنى سألت نفسى عن الفاصل بين
koennen و
sich wagen
القدرة... ام التجرؤ على اغلاقها قد نستطيع اغلاقها ولكننا لا نجرؤ ربما نستطيع.. ربما نجرؤ ولكننا لانرغب ذلك إن الغياب الوجه الآخر للحضور
-------
لون الغياب = لون حبيبى وحبيبى عليه كنوز الروح سادر فى غى الغياب
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بقعةالدم...! (Re: Tagelsir Elmelik)
|
قبلك كان طه حسين الكفيف البصير يرى دقائق الدقائق فى الأزقة التى تتلوى بمن فيها عاجة ضاجة داجة لأرزاقها وعلى الجنبات وفى الفضاء تتصاعد أبخرة الشيشه لا بل يسمع صوت قرقرتها التى تقرقر الصدور وأصوات الباعه وأهل الحاجات يسألون الناس إلحافا على أبواب الكريم ففى كتابته تسمع وترى الحقيقه لابل تشتم رائحة الشيشة من صفحات الأيام وبذات الخاصيه تفعل فى من يصحبك يرى ويسمع ويستنشق الحقيقه من روح سردك الأخاذ للأخيله والوقاف لشعر الدهشة حتى لمـطالعك الأصلع...أكتب يا عزيزى بذات المبضع الذى تضعه على مواطن الداء فى الجسد فتشفيه.............................
منصور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بقعةالدم...! (Re: munswor almophtah)
|
منصوريا صديقي البعيد في بلد الصقيع الحار..
التحايا
ربما نري بعيون مغمضه..
ربما نترك الاقلام تاخذ مكان الذاكره
ربما لا نعي ما الذي يحملنا للكتابه
مطلقا اري ما اكتب واشم رائحة الحروف ....إنها لعنة التجوال
والفراغ المحدق فينا او فقط نحن هكذا
لك السلام الطافح معزه..
ابراهيم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بقعةالدم...! (Re: Tagelsir Elmelik)
|
تاج السر الملك
قبل قليل قررت أن أبدأ تجوالي في تلك الاصقاع النيئه فقلت في سري أستأذن منك وأصحبك معي ربما
أجد جورجيا أوكيف.....
تاج السر......
أو ألوان تجمعت بشكل عبثي في وجه لامع بحمي ماأصابته من مجون ليلة أمس!
او فقط صور تتكرر داخل رحم المفاجاة ..فتعطيني زاد شهري القادم؟
ابراهيم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بقعةالدم...! (Re: rosemen osman)
|
روزمين
يا صديقة كيمياء الكتابه ..انتي هنا
انا سعيد
حكاية الوصف دي حتخليني يوم اراجع جيناتي يمكن اكون رباطابي صابئ
اتمني حضورك يوم والائله واللعينالبيلي والتجول في شوارع هذه المدينه المجنونه بغبائها البهي..
هو في غباء بهي ..
يمكن!!!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بقعةالدم...! (Re: Adil Osman)
|
عادل عثمان لك التحيه
الصوره كالعاده تاتي منك وتفوح منها رائحة الدم والغياب
للذين لا يعرفون وايت شابل هي في صورة عادلايام كانت دير
والان فيها الكلام الفوق داك
شكرا يا عادل كالعاده تعطيالكلام بعدا..بصريا
ويكتمل بما تترك لنا من اثر جميل,,,
ابراهيم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بقعةالدم...! (Re: ibrahim kojan)
|
ثم قال
يا حروف
كونى نغما وعطرا على/لدى إبراهيم
فكانت
وكنا نحن هنا، "نتكرف" أريج اللغة ملء الروح
فتقول هل من مزيد
وبقعة الدم استحالت ينبوع مداد يستقى منه القلم
ونحن ايضا
شكرا يا سمح
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بقعةالدم...! (Re: محمد سنى دفع الله)
|
Quote: دم دم دم دم دم اياغو عطيل ـ وليم شكسيبير |
يا الهي ..لماذا كل هذه الدماء في نصف نهار ..هكذا صاح عدنان...
وصاحت معه كل ارض الشام..
إنها المأساة يا ود السني
مات فرنك روثكومنتحرا..
انها المأساة
دم...........دماء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بقعةالدم...! (Re: أبوذر بابكر)
|
ابو ذر بابكر
سلام يا صاحب الحرف الانيق...
هل غادر الشعراء من متردم..
هكذا حالك.. لم تترك لناسوي أهاب اللغه ونحن نتعلق بها ...... لك إستواء الشكر أيها الحبيب
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بقعةالدم...! (Re: ibrahim kojan)
|
كوجـــان...
قرات .. وتمتعت .. وتذوقت طعم كل الاشياء في شارع سبرنج فيلد .. شممت الروائح .. تاملت الوجوه .. تلمست الجدران ...وتفحصت اللوحات ...
هكذا انت .. تاخذنا معك الى حيث انت .. فننسى من نحن واين كنت ومن اين اتينا ...
رفقا بنا .. يرحمك الله ...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بقعةالدم...! (Re: sanaa gaffer)
|
يا سلام يا كوجان ياخي والف يا سلام علي الكتابة البتشيل الزول فووووق يا كوجان وبتخليهو يتابع معاك مفردة مفردة حانة حانة وجه وجه وسروال سراول من تلكم السروايل التي اهلكها الدعك الرخيص والوجوه التي تعلن عن مافي داخلها... مسخوت يا صحبي الجميل وشيخا كبيرا تشد الي خيام كتابتك البتحرق الروح القوافل...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بقعةالدم...! (Re: عبدالكريم الامين احمد)
|
Quote: ( قالوا قضي صاحبها شهرين كاملين وهو يلون عليها بلونين فقط, مستعملاً فرشاه صغيره في حجم قلم رصاص! رغم مساحتها لكنه لم يمل حتي كورها بقعة دم تصاعدتنا جميعاً). |
وانت بقصك هذا تصاعدتنا وكنت افقنا الذى راينا بعده رايت من خلال هذه البقعة كل الذين احببتهم رايت زهاء الطاهر يتجول ثملا ويكتب الى اليزا الف قصيدة وعميرى يتوكا على لحن ازلى ورايتنى اغض الطرف واتمشى فى تلك الامكنة بحثا عن قلب ما لعله كان محشورا بين الناس لكنه مرئى على اية حال اراه الهث خلفه
انت موح يا كوجان الله على الكتابة التى تقتلنا بها
| |
|
|
|
|
|
|
|