|
محاكم النظام العام من جديد
|
محاكم النظام العام من جديد
إبراهيم ميرغني
خلال الاحتفال بافتتاح مجمع إسلامي بالخرطوم يوم الجمعة الماضي دعا رئيس الجمهورية إلى بسط سلطة شرطة أمن المجتمع وتقوية محاكم النظام العام لحماية الأخلاق والمجتمع كما وجه برصد كل الظواهر المخلة وإدارة حوار مع جماعات التعصب الديني.
فالمعروف عن محاكم النظام العام أنها محاكم إيجازية لا تتوافر فيها شروط المحكمة العادلة وتصدر أحكاماً لا تتفق مع دستور البلاد لعام 2005، واتفاقية السلام الشامل. ومن خلال تجارب الإنقاذ في بداياتها وفي فترة تطبيق قوانين سبتمبر في العهد المايوي ثبت وجود ثغرات قانونية وعيوب كثيرة في تطبيق هذه الأحكام والتي تخضع في أغلب الأحيان لتقدير رجل الشرطة العادي أو قاضي المحكمة التي تقدم إليها البلاغات مما يفتح الباب واسعاً للبلاغات الكيدية وأن يأخذ البعض القانون في أيديهم. ثم أن الحديث المبهم عن الأخلاق وحماية المجتمع من العادات والسلوك الضار لا يتأتى بتقوية محاكم النظام العام أنما بوسائل أخرى تخص تربية النشء وتوعية الأسر وأولياء الأمور بالإضافة إلى دور المؤسسات التعليمية والتربوية في المجتمع السوداني الذي يعاني من أزمات عميقة اقتصادية وسياسية ولعل أهمها الآن قضية الاستفتاء على مصير جنوب السودان، هذا إذا علمنا أن الحكومة كانت قد ألغت هذه المحاكم عند التوقيع على اتفاق السلام الشامل في نيفاشا وقامت مفوضية لحقوق غير المسلمين في العاصمة رغم تعثر مجهوداتها إلا أنها أسهمت نوعاً ما في غل يد سلطات النظام العام في التعامل مع المواطنين من معتنقي الديانات الأخرى. إن عودة محاكم النظام العام بالشكل الذي اقترحه رئيس الجمهورية يعني العودة مجدداً لتطبيق القوانين الشمولية والدينية على غير المسلمين وخلق حالة من الرعب والفزع في المجتمع في وقت نحتاج فيه لرص الصفوف لجعل خيار الوحدة ممكناً وأن التعايش بين الثقافات والأديان والأعراق ممكن في وطن يسع الجميع. فالدعوة هنا للعودة لمحاكم النظام العام تعني ردة سياسية بكل ما تحمل الكلمة من معنى هدفها إرهاب الخصوم وإيجاد مسوغات قانونية لكثير من التجاوزات التي تتم من تكسير وهدم للأحياء السكنية الطرفية والكشات للباعة المتجولين وخلافه. سلطة القضاء التي يحكمها قانون الهيئة القضائية قادرة على حفظ النظام دون محاكم إيجازية.
|
|
|
|
|
|