|
الحاكم والمحكوم .. زهير السرّاج
|
مناظير الحاكم والمحكوم..!! زهير السراج [email protected]
* لم أر منذ مجئي إلى بريطانيا منذ حوالي أسبوعين تقريباً شرطي مرور واحد يتسكع في الشارع أو يكمن للعربات، دعك عن أفراد شرطة مدججين بالسلاح يكشرون في وجوه المارة بدون سبب، ويداهمون الأسواق بدعوى حماية النظام العام وبسط هيبة الدولة..!! * ولا يعني ذلك أن لندن وبقية المدن البريطانية «مطلوقة» بلا أمن ولا نظام..!! * الحارس هنا ليس الشرطة - السرية أو العلنية، وانما القانون، الكل يحترم القانون ويخشاه، ويرتجف رعباً أمامه، والقانون يحترم الكل، الا من لا يحترمه!! * وهنالك قانون لكل شيء.. من رمى أعقاب السجائر على الارض، الى مخالفات المرور.. وانتهاءً بجرائم القتل والإرهاب.!! * وليس هنالك كبير فوق القانون.. ابتداءً من الملكة.. وحتى شحاذ بسيط يمارس مهنة التسول بكامل اناقته وهو يعزف أروع المقطوعات الموسيقية في محطة القطار.. بدون أن يمد يده لأحد.. او يجري وراء احد!! * والقانون البريطاني تحرسه وتراقب التزام الناس به، ثمانية ملايين كاميرا تتبع لجهاز الشرطة، موزعة في جميع انحاء بريطانيا.. في الطرقات ومحطات المواصلات.. وفي مداخل ومخارج البنايات..!! * وحسب آخر الإحصائيات الرسمية، فإن تعداد السكان في بريطانيا، ثمانون مليون.. أي أن هنالك كاميرا لكل ثمانية أشخاص.!! * والكاميرات ليست سرية، وانما تراها وتراك، فبالقرب من مكان وجود الكاميرا.. توجد لافتة تشير الى وجود الكاميرا، والمكان الذي توجد فيه..!! * فالغرض من زرع الكاميرا، ليس ضبط الجناة او المخالفين للقانون.. وانما حمايتهم من ارتكاب المخالفة أو الجريمة..!! * وعلى سبيل المثال.. ففي طرقات المرور وضع نوعان من الكاميرات.. كاميرات وضعت في مكان عالٍ لرصد انسياب حركة المرور.. وكاميرات وضعت في مكان منخفض داخل صناديق صفراء اللون لضبط مخالفات السير..!! * وقبل موقع أية كاميرا بحوالي ستين متراً تقريباً، توجد لافتة تنبه السائق إلى وجود الكاميرا.. وذلك حتى يقوم بتعديل حركة سيره بما يتواءم مع قانون وضوابط السير، اذا كان مرتكباً لمخالفة سير.. لان الهدف ليس جباية الغرامات، وانما حث السائق على الالتزام بضوابط السير الصحيحة..!! * ومن ترصده الكاميرا يرتكب مخالفة سير بسيطة، يستلم في اليوم التالي مباشرة بمقر اقامته اشعاراً بمكان وزمان ارتكاب المخالفة، ونوع ورقم العربة وقيمة الغرامة.. وهي غرامة باهظة تزيد عن مائتي جنيه استرليني بقليل، أي حوالي ثمانمائة ألف جنيه سوداني تقريباً، ولا سبيل للتملص منها.. وأينما يممت شطرك ستجدها تبتسم في وجهك..!! * ومن يرتكب مخالفة سير كبيرة مثل القيادة بسرعة خطرة، او بإهمال.. تنطلق وراءه في لحظات «بدون حس أو خبر أو ونانات».. عربة شرطة المرور لتوقفه عند حده، وتقتاده الى حيث يجد الحساب.. وعلى قدر الجرم يكون العقاب..!! * ويا ويل من كان محتسياً الخمر، ووجدت نسبة الكحول في دمه أعلى من المعدل المسموح به «وهو ما يعادل زجاجتين صغيرتين من البيرة العادية»..!! فسيكون مصيره السجن، ليس أقل من عامين!! * واذا كان من الذين يعملون بمهنة ترتبط بحياة الناس وبقية الأحياء.. مثل الطب والتدريس والقيادة.. فإن مصيره بالاضافة الى السجن، الفصل من الوظيفة والحرمان النهائي من ممارسة المهنة.. لان الذي لا يحافظ على روحه، فهو ليس جديراً بالمحافظة على أرواح الآخرين..!! * يحدث ذلك بدون أن ينتهك أحد حقوق أحد.. وبدون أن يعلو أحد فوق القانون، فالقانون هو السيد.. وهو الحاكم.. وهو المحكوم.. والذي يحكم القانون.. هو من يحترم القانون..!!
|
|
|
|
|
|