|
|
 حالة من القلق تعتري آلاف الاسر السودانية جدودها ينتموا لقبائل جنوبية
|
الخرطوم: عبد المنعم أبوإدريس :
ذهبت الزينة عبد الهادي محمد إبراهيم قبل شهر من الآن لاستخراج جنسية وعندما قيدت في خانة القبيلة أنها من الدينكا رد اليها الموظف المسؤول أوراقها وقال لها اذهبي واستخرجي جنسيتك من جنوب السودان وما جرى للزينة يرويه خالها الهادي إبراهيم موسى لـ(الأحداث) وهو يضيف صحيح نحن جدودنا من الدينكا ولكن متى جاءوا لشمال السودان وانقطعت صلتهم بالجنوب فوالدي رحمه الله مولود في منطقة بري عام 1914م.
أما سميرة عيسى فتقول أنا جدي جاء للخرطوم وعمره سبع سنوات ووقتها اهله دخلوا الخرطوم مع المهدي يوم أن حرر الخرطوم ومنزلي الذي اقيم فيه ورثته من أجدادي ولا اعرف شيئاً عن الجنوب وأنا أقدم من كل الذين جاءوا للخرطوم لاحقا.
وحتى ان امي عندما بدأ الناس في التقديم لنيل قطع الأراضي في الثورة وكان اسمها المهدية وكنا نسكن في العباسية رفضت التقديم بحجة انها تسكن في وسط البلد كيف تذهب للثورة.
أما إبراهيم مرحوم فيقول والغضب بادٍ عليه أنا جدي عبد الله السوداني كان يعمل في سلاح الأسلحة ومنزله المسجل باسمه في بري المحس سجل عام 1928م، صحيح جذوره لقبيلة جنوبية ولكن لك ان تنظر انه سنة 28 امتلك منزلاً في بري المحس فكيف بالله تقول لأحفاده أنتم جنوبيون ونحن في الجنوب لا نعرف مناطق جدودنا الأصلية ولا إن سئلنا عن من يكون ناظر قبيلتنا أو العمدة لا نعرف شيئاً فكل ما نعرفه أننا عشنا هنا.
الصورة الماثلة الآن
حالة من القلق تعتري آلاف الاسر السودانية جدودها ينتمون لقبائل من جنوب السودان ولكنهم قدموا للشمال منذ أكثر من مائة عام واندمجوا في مجتمعه وأسهموا في الحياة العامة ولكنهم بعد تعديل قانون الجنسية السودانية الأخير والفقرة التي أسقطت الجنسية السودانية عن كل من تعود أصوله لجنوب السودان.
وبعضهم بدأت ضده إجراءات كما في حالة الصحفي محمد يوسف محمد الشيخ الذي يعمل في تلفزيون السودان ومنزل أسرته موجود في حي العباسية وأوقف عن العمل بتاريخ ثلاثين يونيو الماضي بحجة أن أصوله تعود إلى قبيلة من جنوب السودان.
وغير محمد يوسف كثر ففي حي بري أبو حشيش يقول المهندس إبراهيم أحمد مرسال ان تعدادهم في هذا الحي 2600 نسمة كلهم جذروهم من قبائل جنوبية بل إن الحي نفسه مؤسسه مرسال أبوحشيش ومنه أخذ الحي الاسم ينتمي لقبيلة الدينكا وكان موجوداً هنا منذ المهدية وعقب استيلاء المهدي على الخرطوم عينه عمدة وكان اول عمدة للخرطوم, ومن بعد إبان الحكم الإنجليزي. كان يعمل مقاولاً وهو الذي جلب العمال الذين بنوا مبنى وزارة المالية الحالي ومبنى البوستة الخرطوم بل ان عماله ذهبوا الى بورتسودان عند بداية بناء الميناء مطلع القرن العشرين وأعطته السلطات الأرض التي فيها حي بري أبو حشيش الآن وفي بورتسودان أعطته أرض ديم أبو حشيش المعروف في البر الشرقي ببورتسودان.
كما إن بعض الذين سكنوا في حي بري أبو حشيش ساهوا في ثورة عام 1924م والتي قادها ضباط أصولهم من قبائل الجنوب فمن جدودنا في بري أبو حشيش الذين سجنوا على إثر أحداث ثورة اللواء الابيض في عام 24 عبد الله ريحان ومحمد جمعة.
ويلتقط الحديث حفيد مرسال أبو حشيش وجده أحمد مرسال عمل عم 1927م في موسيقا الجيش السوداني (انظر الصورة) نحن أولاً نرفض ان تبنى الحقوق والواجبات على أساس عرقي فالتعديل الذي حدث في القانون اسقط حقنا وصرنا بدون جنسية ونحن نتحدث عن جدودنا الذين قدموا للمجتمع السوداني وحتى عندما جاء التصويت للاستفتاء لم يكن لنا حق المشاركة لأن القانون تحدث عن الجنوبيين الذي جاءوا للشمال قبل عام 1956م بأن يصوتوا عندما يسجلوا في مناطقهم الأصلية في السودان, ولكن عندما أصبح الانفصال أمراً واقعاً أصابنا ضرره.
ونحن شريحة كبيرة في مختلف مدن شمال السودان ونطالب بأي واحد منا حدث له ضرر سواء فصل من الخدمة المدنية أو العسكرية.
ويمضي المهندس أحمد إبراهيم مرسال قائلاً فقط ان تحدثنا عن جذور إسهام اهلي هذه المنطقة فالجد خيرو واجد كان كاتباً للامير محمود ود أحمد عامل بربر ومن بعد أصبح كاتباً في قصر الحاكم العام حتى تقاعد للمعاش عام 1930م وهذا يتسق مع ان محمد علي باشا عندما غزا السودان كان يبحث عن الرجال والحق هؤلاء الزنوج في جيشه وهذا هو السبب الرئيس الذي جاء بهم لشمال السودان أي انهم قدموا الى هنا قبل اكثر من مائة وثمانين عاما. وهؤلاء القوم قدموا ابناء وأحفاداً أسهموا في إثراء الوجدان السوداني، فمن هذا الحي الذي نقيم فيه بري أبو حشيش خرجت الفنانة منى الخير وسياسياً عدد من ثوار 1924م على سبيل المثال عبد الله ريحان ومحمد جمعة وثابت عبد الرحيم.
وفي الرياضة قبل نادي بري أبو حشيش الذي سجل عام 1929م كان لسكان الحي فريق كرة قدم يسمى دوبي تأسس عام 1899م وكان يلاعب فرق الجيش الإنجليزي وبعد أن جاء نادي أبو حشيش قدمنا لكرة القدم السودانية عثمان نيكولا ومحمد فرج الله كوشيب الذي احترف في الاتحاد السعودي في الخمسينيات والتاج حسن لاعب المنتخب السوداني ونادي المريخ.
ومن حي بري ابو حشيش خرج علم من اعلام الطب السوداني ومن اشهر جراحي العظام في العالم الدكتور عامر مرسال رحمه الله.
والآن بإزاء التطور الجديد بعد تعديل قانون الجنسية فإن اصحاب هذه القضية من الذين تعود أصولهم لقبائل من جنوب السودان يعدون للتقدم بطعن اداري في مواجهة قانون الجنسية السودانية المعدل عام 2011م والذي اسقط عنهم جنسيتهم كما إنهم يدفعون لجهات الاختصاص بمذكرة يطلبون تعويضاً لكل من لحق به ضرر من الذين ينتمون لقبائل من جنوب السودان، ولكن جدودهم قدموا قبل سنوات طويلة واستوطنوا في شمال السودان وأصبحوا نسيجاً منه وإن مضى القانون يطبق عليهم فإن آلاف الأسر التي جرت جذور شجرتها في المجتمع السوداني موعودة بفقدان حقوقها ومواجهة أوضاع غريبة فهي منذ اكثر من مائة عام أو اكثر انقطعت صلتها بأرض الأجداد وصارت ثقافتها ثقافة مجتمع آخر وتداخلت اجتماعياً مع مكونات المجتمع السوداني الأخرى.
الاحداث عدد 6\08\2011
|
|
 
|
|
|
|
abdelrahim abayazid
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست