فى طقوس قراءة عبدالغنى كرم الله .

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-09-2024, 00:54 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-04-2011, 09:59 AM

مركز الخاتم عدلان
<aمركز الخاتم عدلان
تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 3485

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
فى طقوس قراءة عبدالغنى كرم الله .

    SAM_1534.JPG Hosting at Sudaneseonline.com

    المبدع عبدالغنى كرم الله يتحدث فى الأمسية
    *
    SAM_1535.JPG Hosting at Sudaneseonline.com

    الأستاذ نادر السمانى ادارة وفتح منافذ للحوار فى الأمسية .
    *
    كانت أمسية الاحد 3 يوليو 2011 , هى الموعد الشهرى الراتب لنشاط الصالون الادبي بمركز الخاتم عدلان , هذه المرة كان الضيف هو المبدع عبدالغنى كرم الله , وكان المحور عن طقوس القراءة , طقوس قراءة عبدالغنى بالذات , لكنها فتحت شهية الحوار , عن معنى القراءة , عن اكتساب المعرفة بعيداً عن القراءة , عن متعة القراءة فى حد ذاتها , عن هل المثقف الموسوعى ضرورة فى هذا الزمن , زمن التخصص فى فروع العلم المختلفة .
    للقراءة طقوس خاصة , هكذا اخبرنا المبدع عبدالغنى , انغماس صوفى مع الصفحات , تقمص للشخصيات والأحداث , شخصيات اصبحت تسير على قدمين , يُحبها ويتبادل الحديث معها .
    للقراءة طقوس ويا لها من طقوس .
                  

07-04-2011, 10:47 AM

مركز الخاتم عدلان
<aمركز الخاتم عدلان
تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 3485

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فى طقوس قراءة عبدالغنى كرم الله . (Re: مركز الخاتم عدلان)

    SAM_3.JPG Hosting at Sudaneseonline.com

    يقول المبدع عبدالغنى عن طقوسه :-
    غريبة هي القراءة
    فحين أرى حبوبتي ، وهي تتصفح أي كتاب (وهي ترى حروف ملتوية تتخذ أشكالاً سريالية غريبة، أ، ش، ظ، ن، ي، a، b، w، وتلتصق هذه الحروف لتكون كلمات، هي أكثر غرابة أيضاً)، تمرر نظرها، لهذه الخربشة، ولا تثير في ذهنها أي شئ، سوى تصور (سبحان من يضع سره في أضعف خلقه)، وهي تراني طوال اليوم، أكاد أحشر رأسي بين ضفتي الكتاب، دون كلل أو ملل، ولسانها حالها يتساءل (ياربي الخربشة والرسومات دي، فيها شنو، تخلى الجنى ده الفطور ينساهو، وأطرش تب، صوت الرعد مايسمعو).
    ما أعجب ذلك، ماذا تخفي الحروف، بأشكالها التي تختلف من أمة، وأخرى؟ معان واحدة، في عدة لبوس؟ وماذا تعني لحبوبتي الأمية، سوى أشكال، ورسومات ، مثل خربشة الأطفال ، هذه الديدان السوداء (س، ب، ع، و، ر)، ماذا تضمر في صمتها العجيب، حتى الرعد والبراكين، وصوت الوتر، تخبئه في رحمها الساكن، وتغني في سكينتها، لذاتها، وهي تهمس (حتى التواراة، والإنجيل، وبوح قيس ، وإرتباك سقراط الذكي ، وسعي ابن بطوطة ، بين جوانحي ، مبان ، ومعان) ، ما أغربها من حاو، لا يدرك مافي جرابه ملاك الموت، فرقة ليلى، لاتزال تورد خدها في شعر قيس .
    وللحق هي أضعف الخلق، وأفتكهم، كم أعجب للغة الهندية، والسيرلانكية، حين أرى أحد الهنود وهو يقرأ وبإمعان في أحد المقاهي، هذه الجرائد، حروف صامتة، سوداء، تتلوى، وتنثني، كما أراد لها الإرث الهندي، وعبقريته، وفنه، وتفرده، وسكب كل خمره فيها، وأنا أرها (كحبوبتي)، ديدان سوداء، تتلوى، وتنثني، وتنام بشكل أفقي على سرير الصفحة!!..
    غريبة فعلاً.. هي القراءة !
    مجرد حروف سوداء تتلاصق مع بعضها، فتصرخ، وتغرد، وترعد، دون أن تفتح فمها، «سبحان الله»، تقع العين على هذه الصفحات. ثم يصيغ العقل عوالم لا حد لها، أثارتها هذه الحروب النائمة، كالقبور، على سرير الصفحة، وبهدوء تام..
    (أهناك حياة في القبور، إذن!!)، في صمتها، كالحروف. وهي الأخرى، تنام على سرير الأرض الحنون؟، القراءة هي عمل خاص، ذاتي، هي الاستغراق مع الخيال والذكرى معاً وفي وقت واحد، لا شأن للقراءة بالعوالم الخارجية، هي شأن ذاتي، كالتعري، كالخواطر، لا يسمعها سواك، هي الإكسير، قد تنسب لليالي العباسية، وأساطير اليونان، قد تبرد أطرافك في عز الصيف، وتتجول في مدينة اندثرت، سوى في كتاب (عجائب الأمصار، وتحفة النظار)،. لإبن بطوطة!!.. كم لهذه الحروف من ذاكرة حديدية، حكايات كانتر بري، كتاب الانجيل، قصائد أبوالعتاهية، تحفظها على ظهر قلب، تحفظها في صمتها الأبدي، في تلكم الحروف الجميلة الأشكال (أ، ب، ي F, V,، ي، س، ش) .
    مالك بتبكي ؟ .. (هكذا تسألني أمي، وأنا صبي صغير، كنت أقرأ في جين اير ، وأتصفح صور الممرضة المتفانية، في صالوننا الطيني) ! .. أجي ، بتضحك براك ، جنيت (تصيح نادية بنت أخيو وأنا أقرأ دون كيشوت ، في صالون معلقة عليه صورة أبي، وآية الكرسي، بامتداد ناصر) !
    أتذكرون أو خجل أصابكم ؟.
    (نجيب محفوظ قليل أدب)، هكذا قلت لنفسي، وأنا أقرأ في صالون طيني بسيط (زقاق المدق)، كأني أتعرى في ميدان المولد، وأنا الفتى الصغير، المؤدب، وكنت كمن يتلصص على غنج عجيب، في ذلك الزقاق السهير، وأسمع وشوشة خلخال تلكم المغناج الساحرة، وخواطري تجري هنا، وهناك (ياربي نجيب ده ماعندو بنات) ، كنت أشعر وكأن أختي علوية تراني ، فما أغرب طقوس القراءة، تتداخل بيئة العالم المقروء ، مع بيئتك ، مثل بخور ونسيم ، فيتشابه الأمر عليك .

    وبتأثير نجيب محفوظ ، شعرت النفس القارئة , أن الأدب ، يعني بتصوير المجمتع ، كماهو ، وليس كما نريد، وتعلمنا، أن نمكر، في تسيطر الإنشاء المدرسية، وأن نمكر، ونقول ما نريد، عبر أقنعة، هي شخوص قصصك (لا أدري لم امتعض الناس من اولاد حارتنا "فقط" فقصة نجيب النوفيلا "رحلة ابن فطومة"’ أشد سخرية من هوس العقائد، وعبر شخوصها، قال مالذ وطب، وهو بعيد عن سيف "الردة" الشهيرة، في أدبنا المنكوب .
    وثاني خجل ، أعترى القلب ، كان بسبب المسلسلات المصرية ، حين يمد العاشق يديه ، ويداعب يد حبيته، فوق الفوطة الحمراء، كنت أنظر لبنات قريتي ، المتقرفصات حول التلفزيون الوحيد ، فأجدهن أجمعين ، نظرن للأرض ، وتلاعبت أ ناملهم بالتراب، وارتسم أرق خجل في الكون على وجوههن، فكان هو الأخر، مسلسل واقعي، ألطف، وأعمق، وارق، من خجل الممثلة المفتعلة في الشاشة البيضاء والسوداء .
    هل بكيتم بحرقة على مدام بوفاري، وقد خدعها حبيبها، في مزحة، وقال لها بأنه سافر، حين هرعت لغرفته، ولم يفتح الباب، ووجدت رسالته "لقد سافرت"، في يوم مطير، وجلست تبكي عند عتبة الباب، مع السماء، والحبيب يراقبها من عل، في أروع وصف للإخلاص، وكانت اساريرها، وهي تبكي، تفوح بمحبة، لو بثت على الخلائق، لرعت الذئاب مع الحملان، ولعب الأطفال مع الحيات، ولا يبزها في السحر ، سواء تلكم الفتيات ، أمام التلفاز ، في قريتي ، والأنامل التي داعبت بعضها، في شعاع شاعري، يبرق حين تتلامس الأنامل الولهى ، في الواقع ، أو الخيال .
    SAM_4.JPG Hosting at Sudaneseonline.com
                  

07-04-2011, 11:04 AM

مركز الخاتم عدلان
<aمركز الخاتم عدلان
تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 3485

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فى طقوس قراءة عبدالغنى كرم الله . (Re: مركز الخاتم عدلان)

    SAM_1539.JPG Hosting at Sudaneseonline.com

    يا للقراءة واحوالها عند عبدالغنى كرم الله :-
    ما أعجبك أيتها القراءة .
    بساط سحري ، يسافر بك، للأمس ، للأمس البعيد ، وللغد الأبعد ، ولبلدان بعيدة عنك ، وعن إرثك ، وعاداتك ، (حين ماتت زوجة السندباد، شرع الناس في دفنه معها، مغامرة أن تندس في أديم ثقافي غريب) ، وحين جاع أيضاً، في تلكم الجزيرة الصغيرة، أشعل السندباد النار ، فتحركت الجزيرة به ، وغاصت ، لأنها لم تكن سوى حوت ضخم ، آذته نار الحطب ، التي أشعلها السندباد الجائع!
    حين أشرع في القراءة ، أعد أدواتي ، أدوات العمل ، فلاح محب ، وحقل حلوب ، (قلم رصاص، وقلم فسفوري، وكراس) ، كي أدون الفقرات التي تسحرني ، وكي ألون الصفحات التي تشدني باللون الفسفوري ، كي أرجع إليها في حزني القادم، أحياناً أتكاسل للوصول لنهاية الكتاب ، كي لا أخرج من دفتي الجنة ، حب التسكع بمهل فيه ، إن كان شيقاً، كتاب (الرجل الذي مات مرتين)، لجورج أمادو قرأته في أسبوع ، وهو لا يتجاوز الثمانين صفحة صغيرة ، مجرد ساعة تكفي لالتهامه، ولكن حلاوته ونشوته ، تستحق الإبطاء، بل التوقف، تحت شجرته الوارفة، كي أستجير من وعثاء السفر ، وهجير الحياة الماثلة ، والمادية ، البغيضة ، كنت آوي للكتاب (كعش، كمحراب ، كصدر حنون، كحضن، كقبر) !
    المسافة بين بيت أختي فاطمة (امتداد ناصر، مربع 6)، ومكتبة (الموعد)، ببري ، مسافة أكثر من كيلو ونصف الكيلو، ونحن أطفال، نشد الرحال ، ومعي جماع ابن أختي ، في رمضاء وحر، كي نشتري الألغاز، ونلعب القرعة في من يقرأه أولاً ، ويقسم من يقرأه أولاً أن لا يخبرني بشئ ، من حل اللغز ، بيد المهندس تختخ الولد السمين المحبوب ، أو عاطف ونوسة ، والشاويش علي.. ومع هذا كنا نرى الطاحونة بعيدة ، حين نرسل لها، وهي لا تبعد سوى شارعين من البيت (لو تعلق قلب رجل بالثريا لنالها)، داخلنا معجزة ، حين نعشق ، أو نرغب ، إنه الحج بعينه ، لكل زمان ، ببراق القراءة الأصيلة.
    أسبوع كامل لم أخرج من البيت، لم أكن مصاباً بالملاريا، ولا بالحمى، ولكنها (الثلاثية)، بين القصرين والسكرية وقصر الشوق، لا شئ يحبسني في البيت سوى المرض، والقراءة.. أو إذا جاءت فتاة جميلة، لزيارة أخواتي !
    كم قبلت شفاه بعيدة عني ، قبلت زهرة في بنسيون ميرامار ، وأحببت جين اير ، ومريديس ، وامتعض قلبي لمأساة (الغريب ، السيد ميرسو)، بل للبير كامو نفسه، فكل إناء بما فيه ينضح.. لقد أحسست بالبير كامو حين كان يكتب، هو وليس بطله المسكين، المنزوي (من عالم مادي بغيض) ، بل رأيت كافكا وميرسو وكامو، شخصاً واحداً ، الكارما الهندي ، تؤكد هذا، أن للشخص حيوات عدة (تقمص)، وعودة أبدية.
    أحياناً، أحس بظمأ لقراءة (خيري شلبي)، خيري شلبي فقط , أحس بشوق لعوالمه فقط ، كما تحس بشوق لصديق معين، في وقت معين، لن يجدي معه أي صديق سواه، (بابا شلبي، وبس)، طيبته، أبطاله الفقراء المديونون ، ووصفه الوئيد ، السلسل للبيوت والروائح ، فأبحث في مكتبتي عن كتبه ، أقلب الرفوف ، يقابلني كتاب (الألف) لبورخيس ، فأزيحه ، والطيب صالح ، وببرود أزيحهم، حتى أعثر على(وكالة عطية) ، ثم أمضي للسرير ، وكأنني خبأت المصباح السحري في جيبي حين أغرق في عوالمه، أجزم وأقسم متعصباً بأنه: أعظم روائي !
    ثم يدور فلك مزاجي ، ليتغير الطالع ، والسعد والفرح ، وينتقل مزاجي لفصل آخر من فصول العشق ، فاشتهي قراءة كتب الرحلات، مثل امرأة حامل تحن للطين ، من يرفض طلبها؟ (تحفة النظار في عجائب الأمصار) ، كتاب ضخم ، أجده بيسر في المكتبة.
    ثم استلقي بدفء، وقد خرجت من هذا العالم وخرائطه وشعوبه ومدنه، وذهبت (ببراق القراءة)، لعوالم ابن بطوطة، وأقسم صادقاً حينه ، بأنه أعظم كتاب، «أعظم أدب هو أدب الرحلات» .
    القصة كلام فارغ، فالمسرح هو الأصل، الحوار والجدل هو أصل الإنسان، منذ سقراط وإلى (توفيق الحكيم، وجوته، وتيشكوف، وبريخت،) .
    لم تعد القراءة للتسلية ، صارت أسئلة في الذات ... حمى شك ، ويقين، وإرتباك داخلي لذيذ.
    أين الماضي، والمستقبل، هل الحياة هي هذه اللحظة الحاضرة، الرقيقة، الصغيرة، فقط ؟.
    وكينونة الحلم تفسد أي تصور للحتمية، فالحياة قد تكون حلماً، كابوساً، طويلاً، نصحو كما يقول بورخيس (فراشة حلمت بأنها إنسان، أم إنسان حلم بأنه فراشة).. من أنت ؟ قد تصحوين إنساناً سوياً (أيتها الفراشة الحالمة).
    هناك كتاب أغبطهم على صدقهم، على شجاعتهم، يطرحون حديث الخواطر، أصلهم، فصلهم، سيرتهم، «خبزهم الحافي»، جرأة محببة، وطفولية، وصادقة، يزيلون الأقنعة الكاذبة، يتوغلون أكثر في المكون النفسي، والثقافي للإنسان، لذا تم تجريمهم، وشنقهم، وإقصاءهم، هم رسل،. رسل القلم والعقل والقلب... يغوصون أكثر في الأشياء، كالضوء، كالتنويم المغناطيسي، كالشعر، كالخمر، يحركون الموتى، وينشرون السحب في الحقول الجدباء، يصنعون الإكسير، ويضيئون الفانوس السحري بكل النفوس، يزخرفون الحياة بألوان ساحرة، وكأن هناك عشرات الحيوات في هذه الحياة، نظرهم أقوى من أشعة إكس، ومن جاما، ومن.. ومن.. وكأنهم خلقوا من مادة الخيال، تلك المادة الرخوة، والهشة، والسريعة، أسرع من الضوء، أسرع من الفكر، تجوب العالم في لمحة عين، بل تجوب الماضي والمستقبل كله في لمح العين، ترى عوالم لم تأت بعد، وتتذكر حيوات قديمة، قبل خلق اللغة، والعادات والأديان، ولأنه هيناً، ليناً، كطين أسطوري، بمقدورك أن تخلق منها نعجةً، أو دجاجةً، أو قارةً، أو نهداً...
    أحياناً، استسلم للكتاب، وللقصة ولوقائعها، بدون اعتراض، أعمى يقوده مؤلف، لمرامي يريدها هو، ولكن حين يكون عقلي نشطاً، وخيالي محلقاً، واخترع نهايات ومسالك للقصة لا علاقة لها بمجريات القصة أمامي، بيدي، لا بيد المؤلف (ألم يمت المؤلف)، ويظل المتلقي هو المبدع الأخير، ويخضع النص لتأويلاته، بل أغراضه، الدنيئة، والإنسان رخيصة، والثمينة.
    أشهى الكتب وأعمقها معروضة في تراب وارصفة الجامع الكبير، بعد أن طردتها الرقابة من رفوف المكتبات وأفسحت لمجلات سيدتي، سيد قطب وفتاوي باهتة الباب والمشراع والتلفاز.
    ياله من معراج، ببراق القراءة !
    كم غليظ حجاب القارئ حين يتأمل النص، بدل أن يذوب فيه، فثمة نص ، ثمة حياة ، متخيلة ، واقعية فقط ، تجري أمامي كنهر، أنت ميرسو، أنت دون كيشوت ، أنت لحلاج، «يمكنك أن تتذوق تمثله للتجلي، وما يخفق فيه قلبه العظيم من محبة، وبصيرته، من صفاء»، لا.. إنها ليست قراءة.. إنها قبلة.. (لا يسعني ملك مقرب، أو نبي مرسل)،. إنها قراءة الكتاب الأعظم، هذا الوجود المترامي الشاعرية، والغموض، والدقة.. تحس بالنص ، كما تحس الأنامل بالماء الدافئ ، البارد، العذب.. أبعد قليلاً عن حجاب النور، حجاب الوعي الذاتي، الانسجام مع جزئيات النص، مع روح النص، سلوك طريق النص، إنه يمضي لهناك، وأنت معه، ريشة في مهب الريح، أن النص يدلكك، تشعر بقشعريرة، تنويم في حيواته، فناء، فيه، وفيك، معاً.. (متفرج محايد)!! الانسجام مع النص، لا شئ حولي، سوى دنيا النص ، محوت كل شئ ، حتى الليل الذي يلفني ، تحول لنهار، بل شارع معين، وضيق، (صياديون في شارع ضيق)، لجبرا، أتصبب عرقاً، وقد تعجب النسيم العليل، ومعه تعجب القمر، من «شمس في عتمة الليل»، فأنا لست قارئاً، أنا بطل النص، انفعالات البطل تخرج من جوارحي، حقيقة من لحم ودم، تقوم القراءة على التقمص، تقمص الشخصيات (كم أرثي لمن يقرأ «الأبلة»، ثم يمضي لداره، ولم تحط الفراشات والطيور على كتفه)، لقد فشل في القراءة، في التعدد، والإطلاق..
    عصارة الكاتب، كل شهده تمصه بصيرتك، تتآخي العقول، وحدة وجود فكرية، عقل هنا، وعقل هناك، خلف حجاب المكان، خلف حجاب الزمان، القراءة هي تكاثر، في ذرات الأثير كلها.، فالطبيعة تكره الفراغ، تكره الموت..
    اللغة إشارات ، كالشمس، كالعشق ، تؤمي لشيء بعيد، ذات غريبة، تسوق خراف الوجود، عصية الفهم، يلفها غموض غريب، شهي، عصى، تأوى كاللغة، بل أنضر، وأعمق.. الكثير من الانفعال والفعل والصفة، تتكيء او قل ترقد أو تقف، بلا شكل...
    بكى ماركيز (ساعتين)، لموت بطله، القدر الدرامي للكتابة ينتصر على قدر الكاتب، للخيال سلطة، كالرؤية تأتي بنفسها، تختار الوقت هي، وشكلها، وجنونها، الاحلام هي التي تختار الوقت، والشكل والروح، والجمال أو القبح، قد تصحو وانفاسك متقطعة، أوتصحو وانت امير، وبطل.. كالاحلام هي الكتابة.. يتدفق الإلهام منك، تنثال الخواطر كأطفال من رحمك، ذهنك، وقلبك معاً، فتتخذ الكتابة شكل جسر بين العاطفة، والفكر أنت الآن، ليست قبيل ان تدخل الكتاب، هناك شخص آخر، ولد داخلك، لن تعبر النهر مرتين، شخوص وحكايات سارت جزء من سيرتك الذاتية، فالقراءة فعل، وحياة وليست تسلية، ويتردد صداها في فعلك الواعي، وغير الواعي ، شئت أم أبيت .. أنها سطوة الحروف الصامتة .
    حياة الكتاب اكثر غرابة، أكثر صدقاً، مع جنون الحياة وعبقريتها، اقرب للخيال، الكائن الجميل، واقرب للرغبات والاشتهاءات القتيلة ، وهي اقرب للصدق ، يعني اقرب للطفولة، حيث الحياة منفوخة في كل شيء، فالجبل يخجل، والبحر يقشعر، والبقرة ترسم السحب بذيلها الجميل، وتملأ ضرعها بعصير البرتقال، واللبن، والحنان .
    القراءة طقس فردي كالحمام، تبكي ، تنفعل ، تنتصب ، تشبق ، تضل ، تنتشي ، مع تلاقح وعيك ووعي الكتاب ، مع وحدة وجود بريئة، صامتة، حرة، يتداخل الخيال في ارض واقعك، عم شلبي، شيخ السرد الماهل، الصبور، ساقني معه، لزيارة الوكالة، ومعنا محروس، وشودافي، وفي صحن الوكالة رأيت العجب العجاب ، روائح الولاية والمجنون ، عم شلبي يحب شودافي، يرسمه بمهل، يبل ريشته ثم يصف حناياه ، يصف صوته، نعرته ، هفواته ، عم شلبي يحب الهفوات ، يعشف اندلاق الحياة كجدول وقف عليه حمار بطل (نخلة على الجدول) ، والحمار الشبق ينهق غير آبه بمناخ القصة الحزين ، عم شلبي صبور في الكتابة ، يحب الكتابة، روايته طويلة، ممعنة في التفاصيل، أكثر من صفحة كي يصف المخدة، المحشوة، وكرفستها، ويتكيء عليها محروس، والرائحة التي تتضوع من الغرفة، إنه يكتب من قلب الحدث، إنه يستمتع بالكتابة ، ما أسعدك يا عم، تستمتع بها، لأنها واقعك الحقيقي، تجسد في خيالك وذاكرتك الندية عوالم مص ر، وخاصة فقرها، ومجونها .


    SAM_1531.JPG Hosting at Sudaneseonline.com
                  

07-04-2011, 11:54 AM

مركز الخاتم عدلان
<aمركز الخاتم عدلان
تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 3485

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فى طقوس قراءة عبدالغنى كرم الله . (Re: مركز الخاتم عدلان)

    SAM_6.JPG Hosting at Sudaneseonline.com

    ويختتم ود كرم الله عزفه المنفرد على قيثارة القراءة وعوالمها السحرية العجيبة :-
    - عبد العظيم .
    - عبد العظيييييييييييييييييييم ! .
    - أجي، ما سامع صراخي ده، ، الولد ما براهو .

    هكذا تصيح أمي لأخي وهو قربها في السرير ، ولكنه لم يكن معنا، كان هناك ، في فندق ميرامار، وهو يحث الخطى لمعرفة من قتل زهرة ، أربعة روايات تتشابه، ولا تتشابه، كان نفسه محموماً، وهو يستمع لشهاداتهم، ولم يسمع صراخ أمي قربه، بمقدور أخيلة القصة أن تنتصر على الصوت الواقعي ، صوت أمي ، كان صوت زهرة ، المغناج بين السطور أقوى من صوت أمي الحقيقي ، أي عجب هذا ، أن يكون صوت الأخيلة ، أقوى من صوت الواقع .
    - بس .
    همست أمي ، ونادتني انا ، للذهاب للطاحونة ، وللحق غضبت ، ولكني لامحال ، لا أريد أن يخرج اخي من (بلاد العجائب، بلاد القراءة) ، للواقع اليومي .
    ***
    وتظل الحروف تتلوى في سرير الصفحة، صامتة مثل أوتار غافية على صدر عود، على مقعد وثير، حين رأه إبراهيم ناجي، أنشد:
    آهِ كم من وتر نامَ على
    صدرِ عودٍ نومَ غافٍ مطمئنِ
    وبهِ شتـّى لحون من أسى
    وحنينٍ وأنينٍ وتمني
    هكذا الحروف ، تنام على صدر الصفحة ، كالأوتار ، وبها شتى لحون ، وانين وتمنى .
    فتحس ، بأن هناك ملايين اللغات ، وأنا كحبوبتي ، أمي ، لا أعرف ما ترمي إليه ، وإلا كيف ربطت قاطرة الحاضر ، رسنها بالغد ، وجرت الأمس ، كذكرى ، وإثارت الغد ، كخيال ، وكيف تلف الأجرا م، حول نفسها، في لعبة طويلة ، بلغة وإشارات فوق أفق تصوري، وخيالي .

    SAM_7.JPG Hosting at Sudaneseonline.com

    SAM_8.JPG Hosting at Sudaneseonline.com

    SAM_9.JPG Hosting at Sudaneseonline.com
                  

07-04-2011, 12:27 PM

مركز الخاتم عدلان
<aمركز الخاتم عدلان
تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 3485

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فى طقوس قراءة عبدالغنى كرم الله . (Re: مركز الخاتم عدلان)

    SAM_1507.JPG Hosting at Sudaneseonline.com

    SAM_1508.JPG Hosting at Sudaneseonline.com

    SAM_1510.JPG Hosting at Sudaneseonline.com
                  

07-05-2011, 09:51 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فى طقوس قراءة عبدالغنى كرم الله . (Re: مركز الخاتم عدلان)

    تتذكر يا عبدالغنى اننى طرحت عليك فى الأمسية معضلة حكمة مشروعية القراءة , وادمان القراءة كنوع من انواع الهروب النفسى من ممارسة الحياة الحقيقية , وعن استحالة وجود وعبث المثقف الموسوعى الذى يقرأ فى جميع المجالات .
    فى نقطتى الاولى , وكما قلت فى الأمسية , ان حكمة مشروعية القراءة هى المعرفة , ولكننى من الممكن ان اجنى المعرفة دون قراءة , حيث اوردت مثال الكتاب السمعى , تضع (الهيدفون) وتستمع الى الكتاب الناطق دون حتى مشقة تعلم الحروف الابجدية , مشاهدة قناة تلفاز جادة تُغنى عن قراءة صحيفة يومية , يبدو اننا فى منتصف هذا القرن سوف نودع عهد القراءة الى الابد , لا اقصد الكتاب الورقى فهذا سوف ينتهى خلال 15 سنة او اكثر بقليل , وانما اقصد وسائل جديدة لاكتساب المعرفة .
    قلت فى ردك ان القراءة هى للمتعة وليست للمعرفة فقط , لكن ان اقول اقول ان الوسائل المسموعة والمرئية فيها من المتعة ماهو اكثر بكثير من وسيلة القراءة .
                  

07-06-2011, 09:00 AM

مركز الخاتم عدلان
<aمركز الخاتم عدلان
تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 3485

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فى طقوس قراءة عبدالغنى كرم الله . (Re: shaheen shaheen)

    SAM_10.JPG Hosting at Sudaneseonline.com


    ويكتب لنا عبدالغنى كرم الله بعد انتهاء الندوة عبر البريد الالكترونى :-
    (1)
    القراءة!!..
    حمامة أيسوب..
    في نفسي،ومنذ زمن بعيد، توق، بل واجب مباشر، أن أشكر أناس، خصبوا القلب والفؤاد، أصدقاء من هنا، ومن هناك، أقصد عصري، وعصور غابرة، في الماض البعيد، والأبعد منه، لا يعرف ملاك الموت إليهم طريقا، رغم أن المعاول الحسية دفنتهم، ولكن ظلت روحهم، وتفكراتهم، حية في متون كتبهم، ومؤلفاتهم، أعني الكتاب، بكل ألوانهم الزاهية، وأجناسهم، من شعر أو فكر، أو أدب، فشاءت الإرادة، أن يكون (منتدى السرد والنقد، ومركز الخاتم عدلان)، مأوى توقي، ومرتع شكري لهم، أجمعين، في حضرة نفر كريم، يعني بالقراءة، في كل تجالياتها العديدة..
    فمن لا يشكر الناس، لا يشكر الله، وشكر الله يقوم على استعمال النعم فيما خلقت له، ومن تلك النعم نعمة البصر، والسمع، ومن نعم البصر، التي لا تثمن، ولا تحصر، نعمة القراءة...
    جرى طرفي لطفل يتعلم الحروف الأبجدية، يمسك بحرص شديد، قلم أقصر من أصبع بنصره، فقد قضمة بلسانه، واسنانه الغضة مرات، ومرات أثناء الدرس، وشم رائحة خشب القلم كأم، وهو منكب على الصفحة، ويضغط قلمه القصير بشدة على صحفة كراس العربي، كأنه يحرث حقل، وليس صفحة، كي يكتب حرف "الألف"، في تلك المرحلة الضبابية كالشعر، في حياة كل منا، كتب الحرف العزيز، مائة مرة، ( ألف، ألف أ، أ، أ)، ملء الصفحة، من أعلاها، لأدناها، حينا يكتبها متعرجة، ومرة أخرى مستقيمة، وهو شارد الطرف، يعاني من سكرات التعلم الطويل، الشاق، الممل، وهو لا يعرف ما جدوى هدا الحرف، وما سره، وفائدته، كما يعرف جدوى صراخه، مع بقية أطفال الصف، من على كرسي خشبي بسيط، ومعه عشرات التلاميذ، وهم يرددوا مع معلم العربي: (أ.. أسد، با.. بقرة، نا.. نمر، )، وبعد حين وجد بأن "الألف"، أقوى من ألف أسد، والباء حلوب، كضرع سرب من بقر، والنون تفتك بمائة نمر، وتلك هي "اللغة"، بما تؤويه في بطنها الصموت من سحر، وشكر، ومكر، وتورية، في وصف اللغز الأكبر "الحياة"، وأقصد حياة البشر، وفي أنتظار أن تكشف بعيد حين "حياة الإنسان"، الكامن في قلب وسويداء البشر المعاصرين (ولهم صلة رحم "أي بني آدم، بالحيوان الأعجم، في طقوس الافتراس اليومية، للحيوان، والنبات، وهم في طريقهم، عبر أرجل المكان والزمان، والخيال، للحياة الأخصب، والأوفر..
    وصار الطفل يقرأ، صار حاوي، صار ملكا، على أمارة بلا أفق، أو سماء تسقفها، أو تحدها، وصارت اللغة، عشب سحري، يعالج بعصارته ملله، وغروره، واعتداده، ومحدوديته، وتفتح له، كعصى موسى، بحور من التأمل، والخجل، والسرحان، والمجد، والخوف والاسئلة، وتسكره، وتعكر مزاجه، وتوقظه.. وتربكه، وتسليه، بأطايب نفوس تكتب، وترقص، وتفكر من خلال الحروف، أو ما وراء الحروف واللغة، من طاقات اللغة الأخرة كالكناية، وأخواتها، (جمل الشيل ما بشيلوه الويكة)..
    جمع الفتى بين الواو، والطاء، والنون، من حروف، فصارت كلمات، ثم سطور، ثم صدور تخبئ معان لطاف، تسري عن ليل الطفل، وتجعله يسرح ويمرح مع حيوات من معان، تخصب سماء قريته البسيطة، وتجعله ملكا، وأميرا بتاج القراءة، وسعة عوالمها، وبركة خمرها الحلال، الطيب، وشعر بحياد اللغة، وصدقها الأصيل في نقل رسالتها، فهي رخوة بين يدي من يريد عجنها، كما يشاء قلبه، ووجدانه، وأنامله فهي تعبر عن المؤمن، والملحد، والصابئ، بحياد عبقري، دون أن تؤذي فكرة أو تنحاز لفكرة من الأفكار، لذا ظلت اللغة جسرا للكل الافكار والمتعقدات، والآداب...
    ثم شعر بأنه مقبل على عالم قريب، فصارت له طقوس وكأنه معبد، يصحو، ويحمل كتابة بلدة آسرة، ثم يخلو لوحدته، ويرقد على عنقريب خشبي بسيط، قرب نوافد الصالون الخضراء، ثم يثني مخدته، ويضع رأسه السعيد عليها، ويحمل بيده اليمنى الكتاب، ويضع اليسرى تحت رأسه، أو يقلب بها صفحات الكتاب، كي يمضي من حدث لآخر، ومن كون لكون، في رحلة بديعة، وهم لم يفارق موضعة شبرا، فما أعجب براق القراءة، وما أسرعه، وما أسحره.
    وفي القراءة المبكرة لسلسة "الألغاز"، كعادة المكتبة حينها، شغلته صور الغلاف، لتختخ السمين، ونوسه، لوزة، فقد أشعرت الطفل بإثنيات أخرى، وشعر سبيبي، وبيوت ميسورة الاثاث، وستائر من قماش جميل، وغال، وأغلب أهله لا يجدون ما يتدثر به الفلاح البسيط، فشعر بأن الحياة أكبر من قريته، ولها ألف وجه، ووجه، ففرح وحزن معا، فمساكن بني آدم، مثل أعشاش الطيور، وقواقع البحر، وجحور الفيران، تختلف من بيئة وأخرى، على ظهر البيضة الطنية "الأرض"، فأدرك أن هناك عالم، بل عوالم، وحياته، وعاداته، وملبسه ليست مقياس، أو معيار للحيوات التي يضج بها الكون حوله، وقربه، وبعيدا عنه، ولكم ضحك لمقالب الألغاز، والشاويش فرقع، ولكم كتم أنفاسه للجرائم التي تقع، حتى نهاية حبكة اللغز، وتحولات التحقيقات من متهم لآخر، حتى ينبلج الحق عن المجرم، فيشعر الفتى براحة نفسيه، عند آخر صحفة، وينام قرير العين، بعد نشر العدل لواءه في القصة، وحوله، وبين طوايا نفسه الغضة..
    وحين صار يكتب بالحبر السائل، في الصفوف الأعلى، خامسة، وسادسة، شعر بأن اللغة كائن حي، ويجب أن تخلق كبني آدم من الماء "وشاعريتها"، ولذا يظل الحبر الازرق، الذي كتب به وملأ سطور كراساته، كالنيل الازرق، هو أصل الكلمات المكتوبة "الحروف"، وهي أصل القراءة، أصل الحياة، ماء وحبر سائل..
    كان يضحك، وكان يبكي، ويدهش، من سحر الكتب، بل يساهر، رغم شغلة كفلاح صغير، في المشروع الزراعي، أسوة بكل أطفال القرية، يساهر على ضوء فانوس، يبدو ضوءه الواهن في ليل القرية النائمة، كأنه بقعة دهن، يلف أطرافها سواد الليل، وفي قلب دوامتها السحرية، طفل وخيال، ومتع الله وحده قادر على سبرها، وحصرها، وفههما، فالقراءة كالغرائز، يدرس مظهرها، ويجهل كنهها، والله وحده، أدرى بسر الحروف، والمعان، فكما نجوع، نقرأ، ونتوق، وننام، و؟..
    صارت القراءة مثل حمامة الحكاء اليوناني القديم، إيسوب، وله شكري وتقديري الكبير، إلى أن تقوم الساعة، فهو الذي قص وسرد حكايات "الغراب النبيه "الذكي"، والمرأة السحرية)، أما حمامته الطيبة، فهي التي أغلقت ورقة شجرة لنملة غريقة، استغاثت بلغة الألم والصراخ، فما أكثر اللغات في الأرض والسماء، فحملت الحمامة ورقة الشجرة، ورمتها للنملة في النهر، كقارب نجاة، حتى شاطئ الأمان..
    وهكذا القراءة، ورقة تنتشلنا من نهر الرتابة، والملل، والعادة، لبر الأمان، بر الحيرة، والدهش ومسرات التذوق، والتحليق، والتمثل للكتاب، والكتب، بل "للقلب الإنساني" فما الكتابة، سوى ظل غيب، لعوالمه، وتعبيره، بالعاطفة، والفكر، في أواني الحروف..
    وبعد حين، أي في قصة الحمامة والنملة، شعر الفتى بأهمية الحمام، ورسالته، وقلبه الطيب، وشعر بصورة أكبر بالنملة الناجية، وبوغت، بأنها مسيح صغير، هل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ فقد أنقذت النملة الحمامة من صياد، صوب بندقيته لها، وهي أمنة في الغصن، حين لدغت بسمها الطيب (سلاحها في غاب الحياة)، قدم الصائد، فطاشت الطلقة، وطارت الحمامة، حرة في بحر السماء الازرق، وهي تشكر من قلبها النملة الصديقة... فثمل قلب الفتى، بعد شعر بأن لكل مخلوق، مهما ضئل شأنه، دور، ورسالة، في الكون، ولا تقل رسالة النمل، عن رسالة الأسد، كما تقل قيمة حبة الرمل، عن قيمة الجبل..
    توحدت بينته، فالقراءة تمارين فكرية، وشعورية، وعاطفية، فالعين تقرأ، وتتفرج على الحروف والصور، والذهن يتمثل، والقلب يعرض شريط المقروء كأنه واقع، والخيال يطير، والذاكرة تشع، والجسد ينتشي كله، والغدد تبتهج، فتصير القراءة، طقس من التنسك البسيط، العظيم، وتصير عملية، حيايته، وشعورية، معقدة، رغم بساطتها، كالغرائز.
    وهكذا، طار الطفل والفتى، ببساط القراءة، لعالم مدهش، لم يألفه، أو يدرك بأنه موجود قربه، كما لم يعرف بني آدم، عبر عشرات القرون بالكهرباء، والجاذبية الأرضية، إلا بعد حين. فما أكرم قلب القراءة..
    (2)
    ثالوث مسيح القراءة..
    شعر الفتى، في المراحل المتقدمة، من الدراسة، ببركة الكتاب الكبار، وحكمتهم، فقد رآى أبطال عظام، أمثال الزين، وبلوم، وسانتياغو، وهم مجرد درويش، وفتى إعلانات، وصياد عجوز، رأى كيف قيض الله للقلوب الكبيرة، للطيب صالح، وجميس جويس، وأرنست همنجواي، أن ترى في هؤلاء البسطاء، طاقات وملاحم، فوق الوصف، وجعلوا من حياتهم البسيطة، محج للقراء عبر التاريخ، ومراتع لذة لا تسبر، فشعر الفتى، بأن كل كائن حي حوله، في قريته البسيطة، هو بطل، وكيف كيف يراه؟ ويتمثل بطولته، ويسبرها. كما سبر هؤلاء الكتاب العظام، حياة أناس بسطاء، وولجوا إلى قلوبهم النقية، ونصبوهم ملوكا، رغم ظلم بني آدم لهم، وقسوة أقدراهم، ولكن في قلوبهم السيوية، تجري حياة، جعلت كل القراء، وفي كل العالم، تحن على الزين، وتتابع مسيرة بلوم في دبلن، وتصغي لهمسات خواطر مفكر كبير، لأوجاع الحياة، مثل الصياد العجوز سنيتاغيو..
    ثم تمادت طاقات القراءة، وصارت تولد في الذهن بنات أفكر، ومخاض، وطلق ذاتي، وصارت مراجعة للحياة، وتنقيح لها، وتهذيب، بل صار معنى القراءة ملتبس على الفتى، كالحياة نفسها..
    لم نكتب، لم نقرأ؟ لم نجوع.
    تنوعت اهتماماته، من عشق كتب الادب، إلى علم النفس، إلى التصوف الانساني، إلى العلاقة بين الكاتب والمكتوب، ووحدة الفكر والقول والفعل..
    هل تكفي القراءة، لتمثل حياة الشخصيات، فلو قرأت لسقراط، هل سأصحو غدا (لو نمت مثلا، ولم تؤرقني مثله معضلة فكرية)، واطرق أبواب الناس، وبائعات الشاي، والكمسارى لأقول لهم (أنتم انسان كامل)، وفيك تكمن الحقيقة المطلقة، وهي (العلم المطلق)، وهي الجهل المطلق، ثم أصير قابلة مثله، أولد في الذهن الجماد ألف حيرة وارتباك جميل؟ أم اكتفي ببركة ومسرات القراءة السريعة، الماهلة..
    وبعد أن أطلع على أخبار الحلاج، والطواسين، هل سأمضي مثله، في الطريق والطيور ترك على كتفي، والفراشات تلهو بشعري، والغزال، تنام في حجري؟، مثله..
    وهل قهرت الحيوان فيني مثله؟ وهنا تكون القراءة، أشبه بمهماز، يفت العضد، ويستنهض الهمم، لمقام حياة أعلى، وأخصب، فتشعر بالهوان الخلاق، في طقس القراءة، وعجزك، وما كمن فيك من طاقة معطلة، وقصر مشيد..
    صارت القراءة أقرب من حوار، مع أناس لا تعرف قلوبهم النابضة دوما، هل خلق الله ملاك الموت أم لا، فهم أحياة عند رب القراءة يرزقون، سقراط، زوربا، كامو، أمادو، لوكاش، ويلسون، وسرب غيرهم، تفوح حيواتهم الباقية من خلال كتبهم، من خلال حياتهم التي تنبض من بين الحروف، من بين الصدور، كما لمح الامام علي (قيدوا العلم بالكتابة)، وليسن الكاتب قلمه، و؟... من طقوس جماليات الكتابة، والتدوين، كي تسر العين بالمظهر والجوهر، معا.. كعادة الحواس كلها، فلطب مسرات الجمال، وما الجمال؟...
    تقول آية السرد، بل حديثها القدسي (الناس نيام، فإذا حكوا انتبهوا)، فالحكايات تنبهك لنفسك، للقدرات الكامنة فيك، فمادة الكتابة هي الكون، الكون حولك، وما الفرق بينك وبين الكتاب العظام، ليس سوى تنبهم حواسهم اليقظ للحياة حولك، وحولهم، ومثابرتهم للفهم، والدرس، والتخيل.
    (3)
    طبقات ود ضيف الله.
    حين اقرأ هذه الطبقات لا أحس كما يحس به نفر من الفقهاء والنقاد، بل يتأنى قلبي وعقلي في نشوة الجسد الإنساني، الذكي، حين نعتق من أسر قيده، ويسوح كالحلم، وببراق الخيال، في اصقاع الكون، فمادة الحلم، هي اصل البدء، ولكن قعر الصلصال فينا، قيد وحبس، روحنا، في سجن النفس، وصرنا لا نتعرف على انفسنا في مرآة الكون الصدئة، حتى تجلى بنور الفكر، وضياء العاطفة، ويلم الجسد بين جوانحه مسرات الحياة كلها، كعشق في قلب، ونبض في فؤاد..
    فحكايات الكتاب، تسرح بي في عوالم الكامن فينا، وتحرضني لفهم هواني، ومحدودية طاقتي، وكمونها في قاع القلب، ويظل سؤالي، متى أصحو، من نوم اليقظة هذا، وتصير الأفعال الحسنة، والتي تتماشى مع قوانين الازل، هي منهج الصحو الذاتي، من هذا الموت الدائم، للجوارح السبع...
    (4)
    اللغة حمال هزيل..
    حين شعرت اللغة، رغم جبروتها، وحرص الشعوب على تطويرها، وإمتطاء ظهرها، للتعبير عن الحياة، عبرها، فقد شعرت هي بنقصها، وعيوبها، ورقة ظهرها في حمل معان ومباني الإنسان، ولذا، أدخلت في جسمها الطري، العبقري القوام، قمزات الكناية، والتورية، والإشارة، كأني تسند الأمر، لشئ فوق طاقتها، ومن قال لا أعلم، فقد علم، فهي ضاق صدرها، من حمل الهم الإنسان، وعجزت عن التعبير عن الحيوات التي تلفها، حتى هي نفسها، فأعترفت أمام كاهن ذاتها، بأنها لا قدرة لها، بتصوير الحياة كما هي، بل كما يتراءى، وأدخلت في نسيجها، مقامات ما بعد اللغة، وورائها، من أساليب البلاغة، والتورية، والكناية، والإشارة، وكأنها تهمس بتواضع من يعرف قدرة، لا طاقة لي به، ومطلوبكم أمامكم..
    الحياة أكبر من اللغة، والمعاني اللطيفة هي التي تخلق اللغة، كما يخلق النسيم الموج، وكما تخلق الحرارة حركة النسيم، وكما يخلق الضوء الحركة، وكما تخلق الروح الضوء، وهكذا...
    (***)
    تنمية العاطفة النبيلة
    حين يتلفت المرء، لرجل يسير في شارع عادي، ألفه الناس، وساروا عليه عقود طويلة ثم يأتي شاعر ويمر به، حاسر الطرف عند كل جمالا يستشف من كل شئا جمالا...
    مكسيم جوركي، وحبيبتها، تلك الفتاة .

    SAM_1541.JPG Hosting at Sudaneseonline.com
                  

07-06-2011, 09:01 AM

مركز الخاتم عدلان
<aمركز الخاتم عدلان
تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 3485

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فى طقوس قراءة عبدالغنى كرم الله . (Re: shaheen shaheen)

    SAM_10.JPG Hosting at Sudaneseonline.com


    ويكتب لنا عبدالغنى كرم الله بعد انتهاء الندوة عبر البريد الالكترونى :-
    (1)
    القراءة!!..
    حمامة أيسوب..
    في نفسي،ومنذ زمن بعيد، توق، بل واجب مباشر، أن أشكر أناس، خصبوا القلب والفؤاد، أصدقاء من هنا، ومن هناك، أقصد عصري، وعصور غابرة، في الماض البعيد، والأبعد منه، لا يعرف ملاك الموت إليهم طريقا، رغم أن المعاول الحسية دفنتهم، ولكن ظلت روحهم، وتفكراتهم، حية في متون كتبهم، ومؤلفاتهم، أعني الكتاب، بكل ألوانهم الزاهية، وأجناسهم، من شعر أو فكر، أو أدب، فشاءت الإرادة، أن يكون (منتدى السرد والنقد، ومركز الخاتم عدلان)، مأوى توقي، ومرتع شكري لهم، أجمعين، في حضرة نفر كريم، يعني بالقراءة، في كل تجالياتها العديدة..
    فمن لا يشكر الناس، لا يشكر الله، وشكر الله يقوم على استعمال النعم فيما خلقت له، ومن تلك النعم نعمة البصر، والسمع، ومن نعم البصر، التي لا تثمن، ولا تحصر، نعمة القراءة...
    جرى طرفي لطفل يتعلم الحروف الأبجدية، يمسك بحرص شديد، قلم أقصر من أصبع بنصره، فقد قضمة بلسانه، واسنانه الغضة مرات، ومرات أثناء الدرس، وشم رائحة خشب القلم كأم، وهو منكب على الصفحة، ويضغط قلمه القصير بشدة على صحفة كراس العربي، كأنه يحرث حقل، وليس صفحة، كي يكتب حرف "الألف"، في تلك المرحلة الضبابية كالشعر، في حياة كل منا، كتب الحرف العزيز، مائة مرة، ( ألف، ألف أ، أ، أ)، ملء الصفحة، من أعلاها، لأدناها، حينا يكتبها متعرجة، ومرة أخرى مستقيمة، وهو شارد الطرف، يعاني من سكرات التعلم الطويل، الشاق، الممل، وهو لا يعرف ما جدوى هدا الحرف، وما سره، وفائدته، كما يعرف جدوى صراخه، مع بقية أطفال الصف، من على كرسي خشبي بسيط، ومعه عشرات التلاميذ، وهم يرددوا مع معلم العربي: (أ.. أسد، با.. بقرة، نا.. نمر، )، وبعد حين وجد بأن "الألف"، أقوى من ألف أسد، والباء حلوب، كضرع سرب من بقر، والنون تفتك بمائة نمر، وتلك هي "اللغة"، بما تؤويه في بطنها الصموت من سحر، وشكر، ومكر، وتورية، في وصف اللغز الأكبر "الحياة"، وأقصد حياة البشر، وفي أنتظار أن تكشف بعيد حين "حياة الإنسان"، الكامن في قلب وسويداء البشر المعاصرين (ولهم صلة رحم "أي بني آدم، بالحيوان الأعجم، في طقوس الافتراس اليومية، للحيوان، والنبات، وهم في طريقهم، عبر أرجل المكان والزمان، والخيال، للحياة الأخصب، والأوفر..
    وصار الطفل يقرأ، صار حاوي، صار ملكا، على أمارة بلا أفق، أو سماء تسقفها، أو تحدها، وصارت اللغة، عشب سحري، يعالج بعصارته ملله، وغروره، واعتداده، ومحدوديته، وتفتح له، كعصى موسى، بحور من التأمل، والخجل، والسرحان، والمجد، والخوف والاسئلة، وتسكره، وتعكر مزاجه، وتوقظه.. وتربكه، وتسليه، بأطايب نفوس تكتب، وترقص، وتفكر من خلال الحروف، أو ما وراء الحروف واللغة، من طاقات اللغة الأخرة كالكناية، وأخواتها، (جمل الشيل ما بشيلوه الويكة)..
    جمع الفتى بين الواو، والطاء، والنون، من حروف، فصارت كلمات، ثم سطور، ثم صدور تخبئ معان لطاف، تسري عن ليل الطفل، وتجعله يسرح ويمرح مع حيوات من معان، تخصب سماء قريته البسيطة، وتجعله ملكا، وأميرا بتاج القراءة، وسعة عوالمها، وبركة خمرها الحلال، الطيب، وشعر بحياد اللغة، وصدقها الأصيل في نقل رسالتها، فهي رخوة بين يدي من يريد عجنها، كما يشاء قلبه، ووجدانه، وأنامله فهي تعبر عن المؤمن، والملحد، والصابئ، بحياد عبقري، دون أن تؤذي فكرة أو تنحاز لفكرة من الأفكار، لذا ظلت اللغة جسرا للكل الافكار والمتعقدات، والآداب...
    ثم شعر بأنه مقبل على عالم قريب، فصارت له طقوس وكأنه معبد، يصحو، ويحمل كتابة بلدة آسرة، ثم يخلو لوحدته، ويرقد على عنقريب خشبي بسيط، قرب نوافد الصالون الخضراء، ثم يثني مخدته، ويضع رأسه السعيد عليها، ويحمل بيده اليمنى الكتاب، ويضع اليسرى تحت رأسه، أو يقلب بها صفحات الكتاب، كي يمضي من حدث لآخر، ومن كون لكون، في رحلة بديعة، وهم لم يفارق موضعة شبرا، فما أعجب براق القراءة، وما أسرعه، وما أسحره.
    وفي القراءة المبكرة لسلسة "الألغاز"، كعادة المكتبة حينها، شغلته صور الغلاف، لتختخ السمين، ونوسه، لوزة، فقد أشعرت الطفل بإثنيات أخرى، وشعر سبيبي، وبيوت ميسورة الاثاث، وستائر من قماش جميل، وغال، وأغلب أهله لا يجدون ما يتدثر به الفلاح البسيط، فشعر بأن الحياة أكبر من قريته، ولها ألف وجه، ووجه، ففرح وحزن معا، فمساكن بني آدم، مثل أعشاش الطيور، وقواقع البحر، وجحور الفيران، تختلف من بيئة وأخرى، على ظهر البيضة الطنية "الأرض"، فأدرك أن هناك عالم، بل عوالم، وحياته، وعاداته، وملبسه ليست مقياس، أو معيار للحيوات التي يضج بها الكون حوله، وقربه، وبعيدا عنه، ولكم ضحك لمقالب الألغاز، والشاويش فرقع، ولكم كتم أنفاسه للجرائم التي تقع، حتى نهاية حبكة اللغز، وتحولات التحقيقات من متهم لآخر، حتى ينبلج الحق عن المجرم، فيشعر الفتى براحة نفسيه، عند آخر صحفة، وينام قرير العين، بعد نشر العدل لواءه في القصة، وحوله، وبين طوايا نفسه الغضة..
    وحين صار يكتب بالحبر السائل، في الصفوف الأعلى، خامسة، وسادسة، شعر بأن اللغة كائن حي، ويجب أن تخلق كبني آدم من الماء "وشاعريتها"، ولذا يظل الحبر الازرق، الذي كتب به وملأ سطور كراساته، كالنيل الازرق، هو أصل الكلمات المكتوبة "الحروف"، وهي أصل القراءة، أصل الحياة، ماء وحبر سائل..
    كان يضحك، وكان يبكي، ويدهش، من سحر الكتب، بل يساهر، رغم شغلة كفلاح صغير، في المشروع الزراعي، أسوة بكل أطفال القرية، يساهر على ضوء فانوس، يبدو ضوءه الواهن في ليل القرية النائمة، كأنه بقعة دهن، يلف أطرافها سواد الليل، وفي قلب دوامتها السحرية، طفل وخيال، ومتع الله وحده قادر على سبرها، وحصرها، وفههما، فالقراءة كالغرائز، يدرس مظهرها، ويجهل كنهها، والله وحده، أدرى بسر الحروف، والمعان، فكما نجوع، نقرأ، ونتوق، وننام، و؟..
    صارت القراءة مثل حمامة الحكاء اليوناني القديم، إيسوب، وله شكري وتقديري الكبير، إلى أن تقوم الساعة، فهو الذي قص وسرد حكايات "الغراب النبيه "الذكي"، والمرأة السحرية)، أما حمامته الطيبة، فهي التي أغلقت ورقة شجرة لنملة غريقة، استغاثت بلغة الألم والصراخ، فما أكثر اللغات في الأرض والسماء، فحملت الحمامة ورقة الشجرة، ورمتها للنملة في النهر، كقارب نجاة، حتى شاطئ الأمان..
    وهكذا القراءة، ورقة تنتشلنا من نهر الرتابة، والملل، والعادة، لبر الأمان، بر الحيرة، والدهش ومسرات التذوق، والتحليق، والتمثل للكتاب، والكتب، بل "للقلب الإنساني" فما الكتابة، سوى ظل غيب، لعوالمه، وتعبيره، بالعاطفة، والفكر، في أواني الحروف..
    وبعد حين، أي في قصة الحمامة والنملة، شعر الفتى بأهمية الحمام، ورسالته، وقلبه الطيب، وشعر بصورة أكبر بالنملة الناجية، وبوغت، بأنها مسيح صغير، هل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ فقد أنقذت النملة الحمامة من صياد، صوب بندقيته لها، وهي أمنة في الغصن، حين لدغت بسمها الطيب (سلاحها في غاب الحياة)، قدم الصائد، فطاشت الطلقة، وطارت الحمامة، حرة في بحر السماء الازرق، وهي تشكر من قلبها النملة الصديقة... فثمل قلب الفتى، بعد شعر بأن لكل مخلوق، مهما ضئل شأنه، دور، ورسالة، في الكون، ولا تقل رسالة النمل، عن رسالة الأسد، كما تقل قيمة حبة الرمل، عن قيمة الجبل..
    توحدت بينته، فالقراءة تمارين فكرية، وشعورية، وعاطفية، فالعين تقرأ، وتتفرج على الحروف والصور، والذهن يتمثل، والقلب يعرض شريط المقروء كأنه واقع، والخيال يطير، والذاكرة تشع، والجسد ينتشي كله، والغدد تبتهج، فتصير القراءة، طقس من التنسك البسيط، العظيم، وتصير عملية، حيايته، وشعورية، معقدة، رغم بساطتها، كالغرائز.
    وهكذا، طار الطفل والفتى، ببساط القراءة، لعالم مدهش، لم يألفه، أو يدرك بأنه موجود قربه، كما لم يعرف بني آدم، عبر عشرات القرون بالكهرباء، والجاذبية الأرضية، إلا بعد حين. فما أكرم قلب القراءة..
    (2)
    ثالوث مسيح القراءة..
    شعر الفتى، في المراحل المتقدمة، من الدراسة، ببركة الكتاب الكبار، وحكمتهم، فقد رآى أبطال عظام، أمثال الزين، وبلوم، وسانتياغو، وهم مجرد درويش، وفتى إعلانات، وصياد عجوز، رأى كيف قيض الله للقلوب الكبيرة، للطيب صالح، وجميس جويس، وأرنست همنجواي، أن ترى في هؤلاء البسطاء، طاقات وملاحم، فوق الوصف، وجعلوا من حياتهم البسيطة، محج للقراء عبر التاريخ، ومراتع لذة لا تسبر، فشعر الفتى، بأن كل كائن حي حوله، في قريته البسيطة، هو بطل، وكيف كيف يراه؟ ويتمثل بطولته، ويسبرها. كما سبر هؤلاء الكتاب العظام، حياة أناس بسطاء، وولجوا إلى قلوبهم النقية، ونصبوهم ملوكا، رغم ظلم بني آدم لهم، وقسوة أقدراهم، ولكن في قلوبهم السيوية، تجري حياة، جعلت كل القراء، وفي كل العالم، تحن على الزين، وتتابع مسيرة بلوم في دبلن، وتصغي لهمسات خواطر مفكر كبير، لأوجاع الحياة، مثل الصياد العجوز سنيتاغيو..
    ثم تمادت طاقات القراءة، وصارت تولد في الذهن بنات أفكر، ومخاض، وطلق ذاتي، وصارت مراجعة للحياة، وتنقيح لها، وتهذيب، بل صار معنى القراءة ملتبس على الفتى، كالحياة نفسها..
    لم نكتب، لم نقرأ؟ لم نجوع.
    تنوعت اهتماماته، من عشق كتب الادب، إلى علم النفس، إلى التصوف الانساني، إلى العلاقة بين الكاتب والمكتوب، ووحدة الفكر والقول والفعل..
    هل تكفي القراءة، لتمثل حياة الشخصيات، فلو قرأت لسقراط، هل سأصحو غدا (لو نمت مثلا، ولم تؤرقني مثله معضلة فكرية)، واطرق أبواب الناس، وبائعات الشاي، والكمسارى لأقول لهم (أنتم انسان كامل)، وفيك تكمن الحقيقة المطلقة، وهي (العلم المطلق)، وهي الجهل المطلق، ثم أصير قابلة مثله، أولد في الذهن الجماد ألف حيرة وارتباك جميل؟ أم اكتفي ببركة ومسرات القراءة السريعة، الماهلة..
    وبعد أن أطلع على أخبار الحلاج، والطواسين، هل سأمضي مثله، في الطريق والطيور ترك على كتفي، والفراشات تلهو بشعري، والغزال، تنام في حجري؟، مثله..
    وهل قهرت الحيوان فيني مثله؟ وهنا تكون القراءة، أشبه بمهماز، يفت العضد، ويستنهض الهمم، لمقام حياة أعلى، وأخصب، فتشعر بالهوان الخلاق، في طقس القراءة، وعجزك، وما كمن فيك من طاقة معطلة، وقصر مشيد..
    صارت القراءة أقرب من حوار، مع أناس لا تعرف قلوبهم النابضة دوما، هل خلق الله ملاك الموت أم لا، فهم أحياة عند رب القراءة يرزقون، سقراط، زوربا، كامو، أمادو، لوكاش، ويلسون، وسرب غيرهم، تفوح حيواتهم الباقية من خلال كتبهم، من خلال حياتهم التي تنبض من بين الحروف، من بين الصدور، كما لمح الامام علي (قيدوا العلم بالكتابة)، وليسن الكاتب قلمه، و؟... من طقوس جماليات الكتابة، والتدوين، كي تسر العين بالمظهر والجوهر، معا.. كعادة الحواس كلها، فلطب مسرات الجمال، وما الجمال؟...
    تقول آية السرد، بل حديثها القدسي (الناس نيام، فإذا حكوا انتبهوا)، فالحكايات تنبهك لنفسك، للقدرات الكامنة فيك، فمادة الكتابة هي الكون، الكون حولك، وما الفرق بينك وبين الكتاب العظام، ليس سوى تنبهم حواسهم اليقظ للحياة حولك، وحولهم، ومثابرتهم للفهم، والدرس، والتخيل.
    (3)
    طبقات ود ضيف الله.
    حين اقرأ هذه الطبقات لا أحس كما يحس به نفر من الفقهاء والنقاد، بل يتأنى قلبي وعقلي في نشوة الجسد الإنساني، الذكي، حين نعتق من أسر قيده، ويسوح كالحلم، وببراق الخيال، في اصقاع الكون، فمادة الحلم، هي اصل البدء، ولكن قعر الصلصال فينا، قيد وحبس، روحنا، في سجن النفس، وصرنا لا نتعرف على انفسنا في مرآة الكون الصدئة، حتى تجلى بنور الفكر، وضياء العاطفة، ويلم الجسد بين جوانحه مسرات الحياة كلها، كعشق في قلب، ونبض في فؤاد..
    فحكايات الكتاب، تسرح بي في عوالم الكامن فينا، وتحرضني لفهم هواني، ومحدودية طاقتي، وكمونها في قاع القلب، ويظل سؤالي، متى أصحو، من نوم اليقظة هذا، وتصير الأفعال الحسنة، والتي تتماشى مع قوانين الازل، هي منهج الصحو الذاتي، من هذا الموت الدائم، للجوارح السبع...
    (4)
    اللغة حمال هزيل..
    حين شعرت اللغة، رغم جبروتها، وحرص الشعوب على تطويرها، وإمتطاء ظهرها، للتعبير عن الحياة، عبرها، فقد شعرت هي بنقصها، وعيوبها، ورقة ظهرها في حمل معان ومباني الإنسان، ولذا، أدخلت في جسمها الطري، العبقري القوام، قمزات الكناية، والتورية، والإشارة، كأني تسند الأمر، لشئ فوق طاقتها، ومن قال لا أعلم، فقد علم، فهي ضاق صدرها، من حمل الهم الإنسان، وعجزت عن التعبير عن الحيوات التي تلفها، حتى هي نفسها، فأعترفت أمام كاهن ذاتها، بأنها لا قدرة لها، بتصوير الحياة كما هي، بل كما يتراءى، وأدخلت في نسيجها، مقامات ما بعد اللغة، وورائها، من أساليب البلاغة، والتورية، والكناية، والإشارة، وكأنها تهمس بتواضع من يعرف قدرة، لا طاقة لي به، ومطلوبكم أمامكم..
    الحياة أكبر من اللغة، والمعاني اللطيفة هي التي تخلق اللغة، كما يخلق النسيم الموج، وكما تخلق الحرارة حركة النسيم، وكما يخلق الضوء الحركة، وكما تخلق الروح الضوء، وهكذا...
    (***)
    تنمية العاطفة النبيلة
    حين يتلفت المرء، لرجل يسير في شارع عادي، ألفه الناس، وساروا عليه عقود طويلة ثم يأتي شاعر ويمر به، حاسر الطرف عند كل جمالا يستشف من كل شئا جمالا...
    مكسيم جوركي، وحبيبتها، تلك الفتاة .

    SAM_1541.JPG Hosting at Sudaneseonline.com
                  

07-06-2011, 11:50 AM

مركز الخاتم عدلان
<aمركز الخاتم عدلان
تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 3485

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فى طقوس قراءة عبدالغنى كرم الله . (Re: مركز الخاتم عدلان)

    SAM_1542.JPG Hosting at Sudaneseonline.com


    يقول لنا عبدالغنى كرم الله :-
    عتبه الطقوس، ونقرات بابها:
    حاولت، في طقس الندوة، دمج الكاتب وشخوصه، والقارئ "المتلقي"، في كل واحد، سمت واحد، وعلاقة تبادل، وتفاعل وجدل بينهم، في وحدة عضوية بينهم، لأنهم أجمعين خلقوا من مادة الفكر، ومادة الحلم، وليس هناك سوى اختلاف الذبذبة، بينهم، فكان مدار حديثي، وحدة الوجود، بين الكاتب، والمكتوب، والقارئ، ككيان واحد، في لحظة القراءة الخلاقة، حتى أن عين زرقاء اليمامة، تعجز عن إبصار حدود كل منهم..
    فالزين، والطيب صالح، هم كائن واحد، قد يكون "الزين" قلبه، ومصطفى سعيد، والطيب كائن واحد، قد يكون عقله، وكل اناء بما فيه ينضح، بصورة من الصور، ولا أقصد مظهر التشبيه، ولكني أعنى، النفس البشرية، حين تتوق للتعبير عن سعتها، فيما تحلم، وفيما تكره، وتنشد، وتلفت النظر، أو تهرب للظل، أو تتسامى للسماء، لقلبها الكامن، فإنها تكتب حاجتها بتورية، أو قصد، وتعبر بالمؤلفات، من أدب وموسيقى، وفكر، عن نفسها، وكي تتحس ذاتها، وسرها الغامض، المطلق..
    أضرب مثلا، هكذا تحب النفوس التجسيد، وتستل من المجرد صنما، فتعبده، لأنها لمسته، وأحست به، أكثر من معنى مجرد، واهن في الذهن، ، فمثلا الزين والطيب صالح والقارئ، أو جميس جويس وبلوم والقارئ، هم كائن واحد، أحد، تفرقت بهم طرق المعيشة، ولكنهم في المنتهى، بنات أفكار، وأخيلة، تذوب في ماء القراءة، ويجتمع شمل الانسان وتفكراته، وتذوقة معا، وبقدر احساسك ببلوم، ستشعر بجميس جويس، وتشعر بنفسك، وثراءها، وكأنك عدت لبيتك، لجسمك المترع بالمسرات الحسية، والمعنوية، وتلك هي الجنة، جنة الجسد الأبدية، بما تشعله القراءة من فوانيس بغددك وعقلك، و... قلبك (الجسد)..
    فأنامل المسيح، التي خلقت عصفورا، من صلصال، ثم أفرد العصفور جناحه وطار، كذلك أقلام الكتاب الكبار، تخلق، مثل ملذات الوصال البشري، بين آنثى وذكر، أجنة وأطفال، وأحلام، لها حياة، ونبض، وأن بدت في لبوس حلم، وسطور، ولكن الصدور الكبيرة، تجسد المعاني، كما يجسد البرد القارس، رقة الماء في ثلج أبيض، يسر الناظرين، ..
    بل قدر أرى في الزين، ومصطفى سعيد، شخص الطيب صالح نفسه، أكثر مما أراه فيه، كأنه يتوق، ويتمنى أن يكون كل أولئك، عادة النفس الغامضة في الخلود، وفي لم الإطلاق بين جوانحها، ولم يجد لذلك سوى طقس الكتابة، كمحج للتنوع، فالكتابة الأصيلة هي تجسيد لمعاني في النفس، وتلبس لشخوص، آخرين، فينا، (لو عثرت بغلة بالعراق، لكنت مسئول عنها)، فتلك شئون الكتابة، أن تذوب الحيوات كلها في كل واحدة، كالرابطة العضوية، بين تفاريق الحياة، ولأن الروايات بنات أفكار الكاتب، فهم أمهم، وأبوهم، وامشاجه، وقرينة الشبه تبدو جلية، عند إمعان الفراسة.
    فاللاشعور فينا، مجازا، كائن عضوي، يلم في قلبه الواسع، الحيوات كلها، ما كان، وما كائن، وما سيكون، ويظل هو نبع الحياة، وأحد طرائقها الكتابة، لذا تظل الشخوص الروائية المكتوبة، كأنها حنين للإطلاق المكاني، والزمان، في سيرة الانسان لسره الغريب، الكامن فيه، ويظل الكاتب يرعى شخوصه، بل نفسه، في خراف تقضم عشب خياله، وتأملاته، وخوفه، واعتداده، وجهله...

    SAM_1540.JPG Hosting at Sudaneseonline.com
                  

07-07-2011, 08:30 AM

مركز الخاتم عدلان
<aمركز الخاتم عدلان
تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 3485

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فى طقوس قراءة عبدالغنى كرم الله . (Re: مركز الخاتم عدلان)

    SAM_11.JPG Hosting at Sudaneseonline.com

    SAM_12.JPG Hosting at Sudaneseonline.com
                  

07-10-2011, 08:33 AM

مركز الخاتم عدلان
<aمركز الخاتم عدلان
تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 3485

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فى طقوس قراءة عبدالغنى كرم الله . (Re: مركز الخاتم عدلان)

    لمزيد من القراءة لهذا الامتاع الادبي الفكرى .
                  

07-10-2011, 10:47 AM

قيقراوي
<aقيقراوي
تاريخ التسجيل: 02-22-2008
مجموع المشاركات: 10380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فى طقوس قراءة عبدالغنى كرم الله . (Re: مركز الخاتم عدلان)

    استاذ شاهين

    Quote:
    تتذكر يا عبدالغنى اننى طرحت عليك فى الأمسية معضلة حكمة مشروعية القراءة , وادمان القراءة كنوع من انواع الهروب النفسى من ممارسة الحياة الحقيقية , وعن استحالة وجود وعبث المثقف الموسوعى الذى يقرأ فى جميع المجالات .
    فى نقطتى الاولى , وكما قلت فى الأمسية , ان حكمة مشروعية القراءة هى المعرفة , ولكننى من الممكن ان اجنى المعرفة دون قراءة , حيث اوردت مثال الكتاب السمعى , تضع (الهيدفون) وتستمع الى الكتاب الناطق دون حتى مشقة تعلم الحروف الابجدية , مشاهدة قناة تلفاز جادة تُغنى عن قراءة صحيفة يومية , يبدو اننا فى منتصف هذا القرن سوف نودع عهد القراءة الى الابد , لا اقصد الكتاب الورقى فهذا سوف ينتهى خلال 15 سنة او اكثر بقليل , وانما اقصد وسائل جديدة لاكتساب المعرفة .
    قلت فى ردك ان القراءة هى للمتعة وليست للمعرفة فقط , لكن ان اقول اقول ان الوسائل المسموعة والمرئية فيها من المتعة ماهو اكثر بكثير من وسيلة القراءة .



    قبل يومين شفت في التلفزيون مكينة تشبه ATM و طلمبات البنزين .. لكنها بتزودك بكتاب ..
    أي و الله كتاب .. بنظامي الشراء عدييل او ايجار ساكت!
    لغت كل تعقيدات التجارة الالكترونية ( الحديثة ) - الشكل الحديث للمكتبة - من مراسلات و شحن و سداد الكتروني ( اون لاين )!
    بما افقد كلمة ( حديثة ) دي ذاتا معناها ..
    فكرتا بشيطة جداً .. تدخل المقابل النقدي في الفتحة المناسبة .. و تتوجه لشاشة الكترونية تحدد خياراتك ..
    اها شراء و لّ ايجار يا اخينا؟ ( دا بتاع المكتبة الاكتروني بلسان زمان طبعاً )
    و بس

    الله اعلم مع الثورة المعلوماتية التكولوجية بكرة احتمال المعرفة تبقى كبسولات او حقنة بالعضل عدييل!!
    هوو نوز!؟





    ------

    التحية لمركز الخاتم عدلان . . و للخاتم في عليائه المجيدة
    و التحية لسيدي عبد الغني الاكرمنا بيهو الله
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de