الميرغني والمهدي أيَّدا انقلاب الإنقاذ من كوبر

Quote: عضو مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني محمد الأمين خليفة يفتح خزائن أسرار الـ(30) من يونيو (2) حجم الخط: 2011/07/01 - 11:49 حوار – عبد الرحمن العاجب بقرية أرمل، ريفي النهود بكردفان، في عام 1948م كان ميلاده، تلقى تعليمه الأولي والأوسط بالطويشة والفاشر شمال دارفور، ومن ثم درس بالمعهد الفني بولاية الخرطوم، ثم إلى جامعة القاهرة فرع الخرطوم كلية الآداب قسم الاجتماع، قبل أن يحصل على دبلوم العلوم العسكرية في عام 1973م من الكلية الحربية السودانية، وكذا عدد من من الدبلومات في مجالات العسكرية المختلفة. ماجستير العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان السودانية في عام 1985م؛ كان إحدى محطات ترقيه الأكاديمي، وبعدها حصل على الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة الجزيرة في عام 2008م. عضويته في مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني التي تسنمت السلطة وانقلبت على النظام الدستوري في 30 يونيو 1989م كانت من المحطات الفارقة في حياته، حيث شغل عدداً من المناصب، بينها رئاسة المجلس الوطني الانتقالي في الفترة من عام 1992م- 1996م، وكان وزيراً لرئاسة مجلس الوزراء ورئيس دائرة السلام والعلاقات الخارجية بالمجلس، ورئيس وفد التفاوض مع الحركة الشعبية لتحرير السودان في كل من (أديس أبابا ونيروبي وأبوجا). وبعد مفاصلة الإسلاميين الشهيرة اختار ضيفنا الانحياز إلى صف (المنشية). (الأهرام اليوم) حرصت على الجلوس مع العقيد (م) محمد الأمين خليفة عضو مجلس قيادة الثورة لتقليب دفاتر (الإنقاذ) ونفض الغبار عنها. حوار على طريقة فتح (خزائن الأسرار). معاً نتابع هذه المراجعات الإنقاذية: { ماهو الدور الذي قام به محمد الأمين خليفة في انقلاب الإنقاذ، وما كانت مهامه الأساسية في ليلة الثلاثين من يونيو 1989؟ - كانت لديّ مهمتان أساسيتان، الأولى تأمين منطقة الخرطوم بحري ككل، والوحدات الموجودة فيها (سلاح الإشارة وسلاح الخدمة والمظلات التي تقع تحت كبري شمبات ومخازن المهمات والوحدات الموجودة في داخل منطقة بحري)، وهذه مهمة أساسية، والمهمة الثانية كانت الاتصالات المحلية، واتصالات القوات المسلحة فيما بينها، والاتصالات العالمية، وقد كانت لنا اتصالات وأجهزة تربط ما بين السودان وليبيا والسودان ومصر، وكان لا بد من تأمين هذه الاتصالات، بمعني إبطالها وإنشاء أخرى، وفي ذلك الوقت كنا لا نريد أي اتصالات خارجية، وفي داخل القوات المسلحة أوقفنا الاتصالات ما بين الوحدات وأنشأنا أخرى تربط بيننا نحن. { هل واجهتك صعوبات في أداء المهمة؟ - إحقاقاً للحق لم أجد صعوبة إطلاقاً في تأمين الأهداف البشرية والحيوية الأخرى، وذلك لكفاءة الأفراد والضباط الذين كانوا معي، وللرغبة العارمة في ضرورة التغيير، وللسرية التامة التي قمنا بها، وهذه العناصر جميعها قادت لإنجاح المهمة كلها. { ذكرتَ أنه كانت هناك اتصالات بليبيا ومصر، هل كان لهاتين الدولتين دور في الانقلاب؟ - لا، هذه الاتصالات كانت في زمن الأحزاب، لكن كانت تتم عبر الأجهزة الموجودة في سلاح الإشارة، ونحن كنا نعرف مكانها، وكان في عملية الانقلاب لا بد من تأمين هذه الاتصالات وتم تعطيلها لتسهيل مهمة الاعتقالات بالداخل. { محمد الأمين خليفة كان من أبناء ثورة الإنقاذ الوطني الخلص لكنه اليوم خارج تشكيلة السلطة.. ما السبب؟ - أولاً هنالك انحراف في مسيرة الثورة، وأنا لم أخالف الدستور ولم أخالف النظام الأساسي للحركة الإسلامية ولم أنكس عن العهد والميثاق، بل أولئك هم الذين خرجوا، ونحن لم نخرج إطلاقاً من جلباب الحركة الإسلامية ولا من منهجها وأطرها، لذلك عندما انحرف القطار عن غير مقصده ثبت أني على الحق وهم قد أخطأوا، وأحسب ذلك، ولذلك أني بعيد الآن عن الذي يحدث، والذين هم في المسرح ليسوا من كنا نعرفهم إلا قليلاً منهم.. والثورة تبقى بمثلها وعهودها ومواثيقها وفضائلها كي تعطي تلك الثمرة المرجوة التي كنا نريد منها، لكن عندما تخرج الثورة من مقاصدها وعندما ينحرف القطار عن مجراه فإنه لم يبلغ مقصده أبداً، لذلك ما نراه الآن في السودان هو نتيجة للانحراف الذي تم من قبل الذين لم يراعوا مقاصد الثورة الأساسية، ونحن مقصدنا ليس ذاتياً أو دنيوياً وإنما هو مقصد عام وآخروي، لتتدفق الثمار لجميع الناس، وأن نتقي الله سبحانه وتعالى في هذا الشعب، ومن أهم مميزات الثورة - كما جاءت - أنها ثورة بيضاء دون إراقة دماء، ولا نريد إطلاقاً أن تكون هنالك حروب، فمن الغايات الأساسية التي جاءت الثورة من أجلها وقف الحروب التي كانت في جنوب السودان، لذلك سارعت بالسلام، وكنا نريد لهذا السلام أن يعم الجنوب جميعه، ويعم الشرق والغرب وكل السودان، ولكن بسبب الانحراف الآن هنالك حروبات كما ترى في كل مكان، والجنوب قد انشطر وانفصل، وهنالك حروبات في داخل الجنوب نفسه في الدولة التي لم تولد بعد، وهنالك حروب في الشرق ودارفور وفي جبال النوبة، وقد تنتقل بعد قليل إلى الأنقسنا والنيل الأزرق، وقد تصل الخرطوم، وكل ذلك نتيجة للانحراف الذي حدث، لذلك فإنني بعيد من هذا الذي يحدث. { لكن التاريخ سيحملكم المسؤولية لأنكم أنتم الذين أتيتم بالثورة؟ - لا أحسب أن الله سبحانه وتعالى يسأل سيدنا نوح من خطأ ابنه.. ولهم ماكسبوا ولكم ما كسبتم، وكل نفس لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، والقضية ليست في الاشخاص، وإنما كما ذكرت من قبل هنالك انحراف كامل، وفي ظل النظام الذي أراه الآن لو وضع أي شخص آخر غير الذين نراهم بهذا النظام سيذهبون ذات المذهب، لأن ذلك هو الطريق الذي اختطوه وذهبوا فيه، وليست القضية في الأفراد بقدر ماهي قضية منهج، وهنالك اختلاف كبير جداً فيه، لذلك المشهد في المسرح الآن هو ليس المرتجى، بل هو عبارة - في واقع الأمر - عن تمثيلية طال الوقوف والنظر فيها. { ماهي الفلسفة من اختيار ثلاثة جنوبيين مسيحيين (بيويو كوان ومارتن ملوال أروب ودومنيك كاسيانو) في مجلس قيادة الثورة على الرغم من الانقلاب خلفيته إسلامية.. هل جاءت هذه الخطوة كترميز تضليلي؟ - هذا سؤال جميل.. الاختيار جاء ليس للتضليل، بل هو فلسفة للثورة الإسلامية التي تحمل معها جميع الناس ولا تفرق بينهم.. أنظر إلى الرسول (صلى الله عليه وسلم) عندما ذهب إلى المدينة المنورة.. وجد طوائف وأعراباًَ ويهوداً بطوائفهم الكثر.. ومسيحيين ولا دينيين.. وبعد كل كل ذلك استطاع الرسول وأصحابه أن يرسوا المنهج الإسلامي ووثقوا بذلك وثيقة المدينة واتبعها الناس حتى أصبحوا أمة واحدة، وهذه فلسفة الثورة، وهذا فخر لها، أن يكون هنالك «بيويو كوان» و«مارتن ملوال» المسيحيان، و«دومانيك كاسيانو» المسيحي الكاثوليكي، وجميعهم يذهبون في قطار الحركة الإسلامية وتوجهها الإسلامي، بجانب السودانيين ككل، فهناك قيادات من حزب الأمة مثل شريف التهامي وعثمان عبد القادرعبد اللطيف وآخرين، وكذلك من الاتحادي الديمقراطي أبو سبيب وغيره، وحتى محمد صالح من الشيوعيين، وهنالك من البعثيين أيضاً ومن الجمهوريين ومن اللجان الثورية.. كنا في مركب واحد، وأنا كنت رئيس مؤتمر الحوار الوطني حول قضايا السلام، والإسلاميون في هذا المؤتمر كانوا قلة والأغلبية من الآخرين.. وهذا ما كنا نريده في واقع الأمر بأن لا يُفرق بين الناس، وكل من له عطاء فليعط، فهذه البلد للكل وليس للإسلاميين فحسب أو الجنوبيين.. أو أي حزب آخر.. ولم نقُل (البلد بلدنا ونحن أسيادها)، وكان لا بد أن نحمل هذه المسؤولية ونكون على قدر ثقة الناس فينا، وهذه هي القيادة الحقيقية، وليس الاستئثار بالسلطة والعزل والإقصاء، فهذه السياسة جاءت أخيراً، وظلوا يقصون الناس إلى أن أصبحت هناك مجموعة قليلة متمسكة بالسلطة.. شطرت البلد ككل.. واندلعت الحروبات في كل مكان وسالت الدماء بسبب ذلك الانزواء والانشطار والسياسة الإقصائية. { الاقصاء الذي تحدثت عنه هل كانت فيه جوانب جهوية؟ - الذي يقصي يريد فقط أن يستأثر لنفسه ولخاصته، والناظر للتاريخ يجد أنه لم تنهار الدولة الاموية والدولة العباسية إلا بسبب الإقصاء، أما الخلافة الراشدة فكانت هي المنهج الراشد لجميع الناس، وكلما طال بقاء النظام صار فاشلا، فخلفاء الدولتين الاموية والعباسية كانوا يبقون في السلطة لعشرات السنين، لكن لم يسجل التاريخ لهم إلا كثيراً جداًَ من السوءات، وعندما نظرت إلى الخلافة الراشدة رأيت أقصر وقت في الخلافة قضاه علي ابن أبي طالب، أربع سنوات تقريباً، وعمر بن الخطاب لم يمكث أكثر من عشر سنوات، وقد يكون أطولهم عثمان بن عفان، وأبوبكر الصديق لم يمض في الخلافة أكثر من سنتين، وحتى الرسول (ص) نفسه بعد أن جاءت دولة المدينة بقي فيها عشر سنوات ثم انتقل إلى الرفيق الاعلى، ثم نجد أن عمر بن عبد العزيز بقي في السلطة سنتين وأربعة شهور.. فهؤلاء أعطوا بذلك كل المثال للإنسانية جمعاء، لكن عندما جاءت الدولة الأموية هنالك من كان والياً أو خليفة للمسلمين لـ (23) و(25) و(40) سنة، وبعدها جاءت الدولة العباسية، وانتهجت نفس النهج وكان حكامها يريدون أن يبقوا طويلاً في السلطة، والعبرة ليس في كم السنين بل في: ماذا أعطيت للإنسانية جمعاء. { حدثنا عن أدوار ومهام أعضاء مجلس قيادة الثورة الـ (15).. فرداً فرداً؟ - كانت هنالك أدوار قبل الثورة وأثناءها وبعدها.. وما كان قبل الثورة ليس في مجال سؤالك، أمّا أثناء الثورة ففيهم من كان مكلفاً في الانقلاب وفيهم من لم يكن مكلفاً في هذا اليوم.. ثم أثناء الثورة بعد أن تكون مجلس قيادتها قُسم المجلس إلى عدة دوائر، هنالك دائرة سياسية كبرى وأخرى اقتصادية وثالثة للأمن والعمليات وهناك الدائرة الخدمية ودائرة الإعلام، وانتدب لكل دائرة من الدوائر عضو أو عضوان من مجلس قيادة الثورة، فمثلاً دائرة الأمن والعمليات كانت من مسؤولية نائب الرئيس الزبير محمد صالح ومعه ضباط آخرون مثل إبراهيم شمس الدين، والدائرة الاقتصادية كان مسؤولاً منها صلاح كرار، ودائرة الإعلام كانت من مسؤولية الأخ سليمان محمد سليمان، والدائرة السياسية كان مسؤولاً منها عثمان أحمد الحسن وشخصي، والدائرة الخدمية كانت من مسؤولية التيجاني آدم الطاهر وفيصل مدني مختار.. وهكذا كان جميع أعضاء مجلس قيادة الثورة مشغولين في هذه الدوائر، وبعد ذلك يرفعون عملهم إلى المجلس ليبت في ذلك، وكانت هنالك دائرة خارج أعضاء مجلس قيادة الثورة، وذلك لأنها كانت الدائرة العدلية، وكان وزيراً للعدل هو الذي يقوم بمسؤولية بهذه الدائرة لأنه كانت هنالك قضايا كثيرة جداً في ذلك الوقت وعندما جاءت ثورة الإنقاذ أرادت أن تضع لها حلولاً.. والدائرة العدلية كان يقودها شخص مدني وليس عضواً في مجلس قيادة الثورة، وكان وزيراً للعدل في بداية الثورة. { رئيس مجلس قيادة الثورة العميد وقتها عمر حسن أحمد البشير.. ما هي أبرز المهام التي كان يقوم بها؟ - كان مشرفاً على جميع هذه الدوائر وعلى البلد كلها.. وشأنه شأن الرؤساء كانت أمامه قضايا كثيرة جداً فهو رئيس مجلس قيادة الثورة والقائد العام للقوات المسلحة ومشرف على كل السلطات السيادية مثل استقبال السفراء واعتمادهم وإصدار المراسيم الجمهورية، ويقوم بأعباء مجلس الوزراء فهو أيضاً كان رئيساً لمجلس الوزراء وهكذا. { هنالك حديث عن أنه قبل 30 يونيو البشير كان خارج الخرطوم وتحرك من المجلد إلى كادقلي ومن ثم إلى الخرطوم.. ما مدى صحة هذه المعلومات.. وكيف كان تحرك الرئيس قبل الانقلاب؟ - صحيح أن الرئيس كان خارج العاصمة، لكن أتى خصيصاً لهذا الأمر، وكان تحت تغطية، ففي ذلك الوقت جاءت دورة دراسية عليا في القاهرة واستُخدم هذا الانتداب من القيادة العامة كغطاء لعمله الانقلابي، وحضر الانقلاب وقام بقيادته. { من هو الشخص الذي كتب بيان الإنقاذ الأول ومن أين جاءت فكرة الثورة؟ - كتبته مجموعة مدنية، وليس عمر البشير، وهذا للأمانة والتاريخ، وكما ذكرت نحن ثمرة وجزء أو فرع من الأصل، شجرة الحركة الإسلامية، والبيان الأول قام بكتابته الإخوان المدنيون بقيادة الأخ الدكتور حسن عبدالله الترابي ومجموعة أخرى، هم الذين صاغوا البيان وكتبوه ليتلوه رئيس مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني. { من هم أبرز المسؤولين تحديداً عن صياغة وكتابة البيان؟ - البيان عمل كبير قامت بكتابته لجنة بقيادة الدكتور حسن عبدالله الترابي وعلي عثمان محمد طه، وأكيد أنهم استشاروا آخرين أمثال عوض الجاز وعلي الحاج وإبراهيم السنوسي، وقيادات الحركة الإسلامية هم الذين انكبوا لكتابة البيان، وهم الذين صاغوه، لأن هنالك أبعاداً سياسية كثيرة جدا يعرفونها أكثر من العسكريين. { مَنْ كان مع الانقلاب ومن كان ضدّه.. فهناك حديث عن أن هناك إسلاميين كانوا ضد فكرة الانقلاب، مثل بروفيسور الطيب زين العابدين وآخرين؟ - سمعت بذلك أخيراً في كتاباتهم، ولكن ما كانت لي صلة مباشرة بهؤلاء حينها، وكانت الأمر في قمة السرية ولم نسمع رأياً معارضاً أو مؤيداً، لأن الحركة الإسلامية فوضت القيادة، والقيادة هي التي قامت بهذا الترتيب، ولم نسمع أي همس في ذلك الوقت بأن هذا ضد الانقلاب وهذا معه، فالقضية ما كانت مطروحة على عموم الأعضاء، وإلا لفشلت الثورة.. لكن بعد ذلك بزمن كنت أقرأ في كتاباتهم في الصحف أن هناك من كان يعارض الانقلاب.. لكن متى كانت هذه المعارضة؟ فهم لم يعلموا قبلاً أنه كان هنالك انقلاب.. فكيف يعارضون؟ لكن لعل ذلك كان بعد قيام الثورة وظهور بعض المثالب، أو لأنهم لم يُخطروا رغم مكانتهم الرمزية في الجبهة الإسلامية القومية، وفي ذلك الوقت لم يكن هنالك صراع، والانقلاب ذاته جاء بتمويه وباسم القوات المسلحة، ولم تكن هنالك معارضة من القوات المسلحة ولا معارضة من رموز الحركة الإسلامية، وحتى في داخل السجن عندما تمت الترتيبات.. القيادات أمثال محمد عثمان الميرغني والصادق المهدي جاءوا بتأييد من داخل السجن، ومنهم من قال: فلنعطهم الفرصة، ومنهم من اعترف بأنه كانت فعلاً هناك أزمة بالبلاد ولعل من قاموا بالانقلاب يضعون الأمر في نصابه. { من الذي قال فلنعطهم الفرصة؟ - الذي قال ذلك هو محمد عثمان الميرغني، وقام بتأييد الانقلاب من داخل السجن، ويمكن أن ترجع لهم، وهم لم ينكروا ذلك، ومن داخل السجن منهم من قال فلنعطهم الفرصة.. ومنهم من قال هنالك إخفاق في واقع الأمر. { بالتحديد ولدقة المعلومة يمكن أن نقول هو محمد عثمان الميرغني؟ - نعم محمد عثمان الميرغني قال (فلنعطهم الفرصة). { هنالك حديث عن هروب بعض الضباط المشاركين في الانقلاب في اللحظات الأخيرة.. إذا صحَّ فمن هم هؤلاء الضباط؟ - كلمة (هروب) قاسية ولا أستطيع أن أقول هناك ضابط هارب، وإنما يمكن أن نقول غائب ولم يأت لتنفيذ المهمة في وقتها، وليس هروباً، فهذه صفة لا أسندها لضابط عظيم يريد أن يقوم بانقلاب، لكنه غاب، ولعل له عذراً، ولعله الآن غير نادم بالنظر إلى ما آلت إليه الأحوال الآن. { هل بإمكانك أن تذكر لنا أسماء هؤلاء الضباط الذين تخلفوا في ليلة الانقلاب؟ - ضحك بشدة ثم قال: لا، أعفني من هذا الأمر. { هنالك حديث يقول إن الشهيد الزبير محمد صالح من الشخصيات الوفاقية في مجلس قيادة الثورة.. حدثنا عن بعض مواقفه الايجابية؟ - نعم، الشهيد الزبير محمد صالح عليه رحمة الله، كان وفاقيا، وكثير من المواقف كان يأخذ فيها الموقف الوسط والسهل، وما كان متشدداً إطلاقاً، وليس كآخرين تنكروا لفضل الحركة الإسلامية، بل هو قال: نحن أبناء الحركة الإسلامية ونحن ضباط تنفيذيون (يقولوا لينا اتحركوا يمين نتحرك يمين.. ويقولوا لينا اتحركوا شمال نتحرك شمال.. ويقولوا لينا خلف دور بنعمل خلف دور)، بهذه العبارات وبهذه البساطة، وهذا يعني أنه كان رجلاً تنفيذياً، وكنت أستعين به كثيراً جداً عندما أختلف مع وزير المالية وقتئذ عبد الوهاب عثمان، وخاصة في مسألة تنزيل اتفاقية الخرطوم للسلام، في الوقت الذي كان يخاف فيه وزير المالية في ذلك الوقت من التضخم وكان حريصاً جداً على المال العام، وأنا كنت في نظرتي السياسية أرى أنه إن لم يأت السلام فلن نخرج من هذا المرض والداء، وإن كنا في السابق نصرف على الحرب فعلينا أن ندفع للسلام، وهي (فاتورة) أقل بكثير جداً من الذي كنا ندفعه في الحرب، وكنت أستعين بالراحل الزبير لتيسير تنفيذ اتفاقية الخرطوم للسلام، ولم أختلف معه، وقد اختلفت مع الترابي واختلفت مع البشير، لكن لم أختلف إطلاقا مع الأخ الشهيد الزبير طيلة عملنا في مجلس قيادة الثورة. { ماهي أبرز مواقف الزبير الإيجابية التي يمكن أن تسجل له في مجلس قيادة الثورة؟ - مواقفه الإيجابية كثيرة، وكما ذكرت هو رجل وفاقي وأكثر شخص فقده هو المشير عمر البشير نفسه، لأنه كان يقوم بكثير من المهام، ومن إيجابياته أنه كان وراء ثورة التعليم العالي، وكان منكباً جداً على العمل الداخلي في السودان وفي ديوان الحكم الاتحادي والولايات، ومن إيجابياته أن كان يذهب إلى البسطاء في كل مكان ويحدثهم باللغة البسيطة والمفهومة. { حدثنا عن الشهيد إبراهيم شمس الدين وأبرز الأدوار التي كان يقوم بها ومواقفه؟ - إبراهيم شمس الدين كان منهمكاً ومشغولاً بقضية الحرب في الجنوب، وعليه رحمة الله كان صارماً، ولا أذيع لك سراً فهو الذي حدّد يوم الثلاثين من يونيو ليكون يوم الانقلاب.. وحتى الأخ الفريق عمر نفسه ما كان مع هذا اليوم، بل كان يريد أن يرجئ الانقلاب إلى يوم آخر بعد الثلاثين من يونيو لأننا كنا في حالة استعداد، وأنا كنت أقف مع التاريخ الذي حدده إبراهيم شمس الدين، لكن لم أكن متشدداً في الواقع، والأخ عمر كانت دفوعاته بأن القوات المسلحة في حالة استعداد وهذا التاريخ غير مناسب لنقوم بانقلاب، وكان الاستعداد 100%، ولكن إبراهيم شمس الدين حسم هذا الأمر حسماً شديداً وقال إن لم تقوموا بالانقلاب في هذا التاريخ فأنا ومعي مجموعة أخرى سنقوم به، وحسم الأمر.