حالة الطبقة العاملة في الصين الشعبية// مجدي الجزولي

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-11-2024, 09:36 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة صبرى الشريف(Sabri Elshareef)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-15-2007, 02:19 AM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حالة الطبقة العاملة في الصين الشعبية// مجدي الجزولي

    الشمس تغرب
    والأفق أحمر
    ها هو دينغ شاوبنغ قادم
    للموسرين خير خادم
    أما لغيرهم فقوله: لا يتدخل أحدكم في ما لا يعنيه!!

    الأبيات القليلة أعلاه مقطع من أهزوجة شعبية راجت بين العمال الصينين في السنين التي أعقبت التوجه الصيني (بناء الاشتراكية بوسائل رأسمالية)، والذي أعلنه الرئيس دينغ شاوبنغ في العام 1979م، ثم تطور وتوطد لاحقاً عبر عدة مراحل أهمها السياسات التي أقرها المؤتمر الخامس عشر للحزب الشيوعي الصيني في سبتمبر 1997م. بفضل هذه السياسات حققت الصين معدلات نمو من رقمين لكل عام خلال العقدين الماضيين. هذا بحساب الأرقام الباردة؛ أما بحساب الواقع الذي يطرح إجابة السؤال المكروه "لصالح من؟" فقد حققت الصين (بناء الرأسمالية باستغلال الاشتراكية)، وفي ذلك أجادت وأفرطت، حتى تأبد زورها في ألحان الطبقة العاملة الصينية.

    مناسبة هذا الانتباه إلى النمط الصيني للتنمية هي الجولة الإفريقية للرئيس هو جنتاو والتي اختار فيها بلادنا محطة فنزل ضيفاً مكرماً، ولا تثريب. لكن بخلاف مسار العلاقات الصينية السودانية منذ الاستقلال أخذت العلاقة تحت حكم النظام الحالي أبعاداً لا يمكن التغافل عنها عند اعتبار شأننا الداخلي، فالصين هي الحليف الأكثر بأساً للنظام، هي في حساب مصلحته المصدر الأول للسلاح والتكنولوجيا ورأس المال والقروض الميسرة والهبات، وآخرها سخرية ربما نية الرئيس الصيني بناء قصر رئاسي لرصيفه السوداني! بالإضافة إلى المصالح المعلومة تنضح نبرة المسؤولين السودانيين بالنشوة والانبهار كلما جاء ذكر المثال الصيني. ومثار الدهشة بالطبع ما حققته الصين من (قفزة) تنموية خلال العقود الأخيرة. ليس غرض هذه الكتابة إفساد الحبور بالصين هكذا دون تعليل، فذلك مما يؤلم، آخذين في الاعتبار أن الصين كانت حتى عهد ليس ببعيد رمزاً من رموز التحرر الوطني والاستقلال في العالم الثالث، ومناراً لطريق مستجد في النهضة الوطنية، هذا رغم تعقيدات الوضع الداخلي في الصين شداً وجذباً بين مواقع القوى داخل جهاز الحكم على حساب الشعب وباستغلاله. بتعبير بسيط: في عصر التنمية الصينية قفزت أقلية إلى الأعلى بينما كان نصيب الأغلبية السقوط إلى حضيض من البطالة والاستغلال والخراب البيئي والتلوث المهلك. ليس هذا وحسب وإنما كان نصيب الصينين تراكب البطش باسم الاشتراكية (أم دق) والاستغلال تحت رايات التنمية الرأسمالية، حتى عادت صورة الرئيس ماو تعلو قناة المظاهرات العمالية كونه أصبح أسطورة للزهد والنقاء الثوريين. والداعي أنه بالمقارنة مع كبائر الليبرالية الجديدة تبدو أهوال (القفزة العظيمة إلى الأمام) و(الثورة الثقافية) مجرد لمم يسهو عنه الوعي.

    "لي سيلينغ عاملة مهاجرة تبلغ من العمر 37 عام، واحدة من 130 مليون تركوا مجتمعاتهم الريفية للعمل في المدن المزدهرة شرقي الصين. عادة ما تعمل اليوم كله وكذلك جل الليل حتى الساعات الأولى من الصباح. تشكل تحويلات هؤلاء العمال المهاجرين إلى الأرياف أكثر من 50% من دخل الفلاحين والعمال الريفيين في الأقاليم الصينية. غادرت سيلينغ بلدتها في محافظة أنهوي بالقرب من شنغهاي وهي بعد مراهقة في الخامسة عشر من العمر، ذلك بعد وفاة والدها مباشرة. في البدء وجدت عملاً في مطعم براتب قدره 12 دولار أميركي في الشهر بينما كان أقرانها من سكان المدينة يتلقون خمسة أضعاف هذا المبلغ لذات العمل. بعد ذلك أصبحت بائعة في محل للملابس نظير 42 دولار في الشهر، لا تقارن مع مبلغ 900 دولار التي يحصل عليها زملاؤها من سكان المدينة" (نيو إنترناشيوناليست، سبتمبر 2004م). تتطلب إضاءة هذا التقرير النظر في بعض السياسات التي اختطها ماو لدفع "تصنيع" الصين، ومن ثم أصبحت جزءاً من الترسانة الإدارية التي تضبط بها السلطات الصينية الحراك الاجتماعي في البلاد لما يصب في تخفيض سعر العمل قسراً وخارج أطر السوق. مباشرة بعد الثورة في 1949م أصدر قادة الحزب قراراً بإغلاق المدن في وجه المهاجرين من الأرياف بدافع الحفاظ على الأمن وتقييد حركة السكان، وبالدرجة الأولى الحيلولة دون انفجار المدن سكانياً بالنظر إلى ما يصحب ذلك من صعوبات في الإدارة وتوفير الخدمات. في منتصف الخمسينات من القرن الماضي ازداد هذا التقييد صرامة بهدف المحافظة على تقسيم العمل بين المدن والأرياف بحيث يبقى الفلاحون في مزارعهم لضمان الإنتاج الغذائي، ويمكن هندسة سكان المدن في اتجاه التحول الصناعي بتركيز الاستثمارات الحكومية. لذا تضمنت سياسات التصنيع القسري التي أعلنها ماو زيدونغ تحت شعار (القفزة العظيمة إلى الأمام) أوامر بإعادة الفلاحين الذي تسللوا بطريقة أو أخرى داخل المناطق الحضرية إلى قراهم طبقت بحرفية تامة. لاحقاً أخذ هذا النظام طابع "الآبارثايد" وذلك بتدشين جهاز إداري للتسجيل السكني (نظام هوكو) في أول الستينات. تبعاً لهذا النظام فرضت السلطات على سكان الأرياف البقاء في الأقاليم التي ولدوا فيها، بحيث يواجهون بالحرمان من حقوق السكن والتعليم والعمل والمعاش، وكذلك الحصص التموينية، وبالطبع حق التصويت والترشيح، إذا خاطروا بالهجرة إلى المدن (زولينغر، 2004م). بالطبع ما كان لهذه القبضة الحديدية إلا أن ترتخي في إطار سياسات الرسملة التي إتبعها دينغ شاوبنغ، إذ انهارت (الكومونات) الفلاحية التي كانت عماد نظام (الهوكو)، لكن تبقت الإجراءات الإدارية التي تحاصر حراك السكان فاعلة. لذا فإن على لي سيلينغ أن تدفع رسماً نظير الحصول على إذن مؤقت للسكن في المدينة يخضع للتجديد الدوري، وليس لأطفالها الحق في تعليم مجاني، ولا تحق لها المشاركة السياسية، فهي عملياً مواطنة من الدرجة الثانية. كما تتعرض كغيرها من المهاجرين للتحرش والابتزاز المنتظم من قبل البوليس ورجال الأمن.

    إن الوضع القانوني لهذه الفئة من العمالة يجعلها عرضة لأقسى أشكال الاستغلال الرأسمالي، فهؤلاء العمال إما غير قانونيين أو يتكسبون في لحظة غفلة قانونية متعمدة. بجانب الحرمان من حقوق السكن والمعاش والرعاية الصحية غالباً ما يتم توظيفهم دون عقود ملزمة. وتتراوح أجورهم على أفضل حال ما بين 60 و125 دولار في الشهر لساعات عمل تبلغ 12 ساعة في اليوم وعلى مدار 6 أو 7 أيام في الاسبوع. وفي حالات أخرى لا تزيد أجورهم على دولار لليوم الواحد يدفعون جلها لتغطية تكاليف السكن والإعاشة وأذونات السكن والعمل. كما يرزحون تحت ظروف سكن تماثل الاعتقال أو تكاد، عادة ما يتشاطرون سقف مجمع مغلق موزعين عشرين أو يزيد على عنابر بمساحة 20 متر مربع. لا يسمح لهم بمغادرة مجمعات السكن هذه إلا بإذن مكتوب. بحكم أن هؤلاء العمال لا يمكنهم قانوناً الانتظام في نقابة تمثلهم فلا سبيل لديهم للاحتجاج إلا اللجوء إلى محاكم تثقل كاهلهم بالرسوم، أو العنف. إذا تجاهل المرء هذه الأوضاع فإن مظلمتهم البارزة هي عزوف مخدميهم عن دفع أجورهم لشهور تمتد إلى عام كامل. في العادة يتلقى العمال من هذه الفئة جزءاً فقط من أجرهم السنوي مرة في العام، وذلك في موسم (مهرجان الربيع) عندما يعودون إلى قراهم للاحتفال بالأعياد. تقدر مسوحات رسمية أن 70% من العمال المهاجرين في الصين، أغلبهم في قطاع البناء، لديهم مستحقات أجور متأخرة على مخدميهم تبلغ في مجموعها الكلي 15 مليار دولار. علاقة عمل كهذه لا تعريف لها سوى (العبودية)، فهؤلاء العمال يكدحون ويكدون نظير سقف يأويهم ووجبات تسد رمقهم لا غير. بهذا المعنى فإن اقتصاد الازدهار الصيني يقوم في جانب عظيم منه على أكتاف 10 ملايين من (الرقيق) بحسب تقدير متواضع (غلوب آند ميل، 22/10/04م).

    في بحثها الذي اعتمدنا عليه آنفاً قدرت دوروثي زولينغر أستاذة العلوم السياسية بجامعتي كولومبيا وكاليفورنيا أن الطبقة المسحوقة الجديدة في الصين تتكون من ثلاث فئات رئيسة: العمال العاطلين عن العمل والذين تم الاستغناء عنهم؛ والعمال المهاجرين من الأرياف إلى المدينة؛ وفقراء المدن. ثلاثتها كانت إما غير موجودة على الإطلاق أو تضاعف حجمها بمعدلات مهولة منذ الانقلاب الرأسمالي في 1978م. هذه الفئات ليست كماً ساكناً وإنما هي كتلة سياسية يخشى الحزب الحاكم في الصين أن تخرج عن الطوق. مثال ذلك ما سجلته الإحصاءات الصينية الرسمية عام 2003م من حوادث احتجاج وتظاهر علني بلغت 58 ألف وشارك فيها ما يزيد على ثلاثة ملايين من العاطلين والمفصولين والفلاحين. في الوقت الحالي يقدر عدد العاطلين عن العمل في الصين بستين مليون شخص، أما عدد العمال المهاجرين فيقدر ما بين 100 و200 مليون. جدير بالذكر أن مكتب الإحصاء المركزي الصيني أصدر تقريراً جاء فيه أن ما بين 20 إلى 30 مليون من سكان المدن قد انحدروا إلى مستوى الفقر في السنين الأخيرة. بحساب أفراد أسرهم يصل العدد الكلي إلى 40 أو 50 مليون، مع ضرورة الانتباه إلى أن هذه التقديرات لا تشمل المهاجرين إلى المدينة من أهل الأرياف (زولينغر، 2004م). في الواقع تتسق هذه الإحصاءات تمام الاتساق مع السياسة الرسمية التي ابتدرها دينغ شاوبنغ عام 1992م في جولته جنوبي الصين ثم أثبتها المؤتمر الخامس عشر (1997م) بإعلانه الجهير أن 35 مليون من العمال لا ضرورة لهم في الحقيقة، ويجب التخلص منهم في الحال غرض تعميق الإصلاحات الاقتصادية. في ذات المؤتمر أعلن الحزب الشيوعي الصيني أن قراراً قد صدر بإلغاء السكن المدعوم وطرح الإسكان الحكومي للتعامل التجاري. حمى التجارة لحقت حتى بالجيش الصيني الذي أصبح يضغط بشدة في إتجاه إلغاء حقوق المجندين في التأمين الصحي والمعاش. كما تناقصت لذات السبب نسبة طلاب الجامعات من أصول عمالية وفلاحية لتبلغ 1% فقط بالمقارنة مع 20% في عهد مضى.

    كما تذبح الصين عمالها قرباناً لمعجزات التنمية كذلك تفعل مع البيئة الطبيعية، فبين أكثر 10 مدن في العالم مصابة بالتلوث الجوي تفخر الصين بسبعة أبرزها شانغهاي التي تتفوق على نيويورك من ناحية تركيز الجزيئات الملوِّثة أربعة عشر ضعفاً. أما المخزون المائي فقد تجاوز بتلوثه سقف السلامة، إذ لا تحظى النفايات الكيمائية ولا الفضلات البشرية بأية معالجة قبل أن أن تصب في أنهار الصين، هذا ما عدا نسبة لا تتجاوز 20%. لهذا السبب لا يمكن في أي موقع في الصين الشرب مباشرة من شبكة المياه، باستثناء بضع فنادق مخملية مزودة بنظم خاصة للتنقية. بالإضافة إلى أن الصين قد فقدت تقريباً كل غطائها الغابي إلا 3%.

    أكثر المعلومات إيلاماً في صدد القفزة الصينية وردت في دراسة أعدتها منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع جامعة هارفارد: تنتحر أربعة ملايين من النساء الصينيات كل عام، أي 57% من نسبة الانتحار وسط النساء على مستوى العالم، مع الإشارة إلى أن مواطنات الصين لا يزدن على 21% من ساكنات العالم.

    يتبع
    فبراير 2007م


    المصادر
    (1) Chris Richards: To Whose Voices is the Chinese Communist Party Listening – the Capitalists or the Workers? The New Internationalist, September 2004.
    (2) Dorothy Solinger: The Creation of a New Underclass in China and its Implications; Paper prepared for POSRI International Forum on China’s Development: “Key Challenges for China’s Sustained Growth”, Seoul – Korea, 10 – 11 November, 2004.
    (3) Geoffrey York: China’s Slave Workers, Globe and Mail, 22/10/2004.



    http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=88726
                  

02-15-2007, 02:22 AM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حالة الطبقة العاملة في الصين الشعبية// مجدي الجزولي (Re: Sabri Elshareef)

    الان الرئيس الصيني احتل المرتبة الرابعة كاسوا دكتاتوريين في العالم

    الجدير ان البشير احتفظ بدرجة السوء يعني شطارة في السوء وعدم الاخلاق
                  

02-15-2007, 09:04 AM

ابو خالد

تاريخ التسجيل: 02-11-2007
مجموع المشاركات: 217

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حالة الطبقة العاملة في الصين الشعبية// مجدي الجزولي (Re: Sabri Elshareef)

    الأخ / صبري

    تحية طيبة

    سعدت بقراءة تحليل الأخ / مجدي الجزولي أعلاه وهو يضع النقاط فوق الكثير من الحروف فيضيئها كما عهدناه في مقالات سابقة.لي صديق صيني يعمل معنا بنفس المكتب إستفسرت منه عن ما جاء بمقال الأخ مجدي فأمن على الكثير مما جاء فيه.فأفادني مثلا بأن كل شخص في الصين له تأمين من الدولة والدولة فعلا تحدد إقامة كل مواطن في موطنه الأصلي منذ إنتصار الثورة في 1948 وكان ذلك أساسا لمنع الهجرة الكثيفة من الأرياف للمدن بدعوى الخوف من هجر المزارعين لمناطق زراعتهم فيختل الأمن الغذائي في البلد لكن كما أفاد الأستاذ مجدي بعد إنقلاب بينغ في 1978 سمح للريفيين بدخول المدن لكن بدون أن يستصحبوا معهم التأمينات الإجتماعية.لهذا السبب يصير القادم من الأرياف براتب أقل من ساكن المدينة الأصلي فإذا كان محتاجا,وهذا حال الأغلبية فسوف يقبل بهذا الوضع خوفا من الرجوع للريف بخفي حنين.هنا يصبح عرضة سهلة للرأسمالية الجديدة التي تزدهر بشدة في الصين.
    لكننا هنا نستعير كلام الأخ مجدي لنطرح سؤالا مهما هل فعلا لا بد من وجود ضحايا ثمنا للتنمية السريعة والإزدهار الإقتصادي...؟؟ لعلمنا أيضا بأن العمال في أوربا الغربية وأمريكا قد مروا بتجارب مماثلة في عشرينيات وثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي
    وأظننا أيضا في عالم "ما" تحت الثالث نعاني أيضا من أمراض مماثلة إذا بدأت بوادر التنمية... الفساد,النزاعات المسلحة,الفقر الشديدوسوء توزيع الثروات و......الخ
    أنا أعتقد بأن الموضوع الصيني أكبر من إضفاء كلمة ديكتاتور على رئيسها.
    تخيل مثلا بأن أتيحت لك الفرصة لكي تصبح رئيسا لدولة كالصين وأمامك مليار و200 مليون فوه يحتاج الأكل والديموقراطية و........فماذا أنت فاعل...؟؟
                  

02-15-2007, 12:47 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حالة الطبقة العاملة في الصين الشعبية// مجدي الجزولي (Re: Sabri Elshareef)

    شكرا ابو خالد علي الاضافة الجيدة وسوف اجيك راجع

    تجربة الصين مهم عكس الايجابيات والسلبيات واريد ان استكتب صدقي كبلو وصديق عبد الهادي حول الموضوع الاقتصادي والاخرين اصحاب الاهتمام الاقتصادي اشتراكي او راسمالي

    شكرا جزيلا
                  

02-17-2007, 06:09 AM

ابو خالد

تاريخ التسجيل: 02-11-2007
مجموع المشاركات: 217

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حالة الطبقة العاملة في الصين الشعبية// مجدي الجزولي (Re: Sabri Elshareef)

    أخونا صبري

    سعدت جدا بنيتك إستكتاب الأخوة كبلو وعبد الهادي لما لهم من باع ومساهمات ثرة في المجال الإقتصادي.ويا حبذا لو تمكنت أيضا من جر الأخ مجدي للمشاركة.
    نتمنى أن لا يقتصر التحليل على الصين الشعبية بل ينطلق من المعطيات التي أفرزتها التجربة الصينية في التنمية الى المساس والنفاذ لآفاق تنمية العالم الثالث ككل وإمكانية إستيعاب الخلاصة في تطوير رؤانا لمستقبل التنمية في السودان.
    ودمتم
                  

02-18-2007, 01:47 PM

ابو خالد

تاريخ التسجيل: 02-11-2007
مجموع المشاركات: 217

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حالة الطبقة العاملة في الصين الشعبية// مجدي الجزولي (Re: Sabri Elshareef)

    التحية مجددا

    المقال التالي نقلا عن كتاب بلا حدود آمل أن يثري النقاش حول الموضوع بالرغم من الإنطباعية التي تطغى على بعض جوانبه.


    ماذا يحدث في الصين الجديدة بعد أفول نجم ماو تسي تونغ ؟
    كُتّاب بلا حدود - د.محمد عبد الرحمن يونس *

    بعدوفاة الرئيس الصيني ماو تسي تونغ عام (1976م) ، استلم مقاليد السلطة الرجل القوي في الحزب الشيوعي الصيني ( دنغ شياو بينغ ) ، وبدأ يغيّر خارطة الصين السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية ، وعمل جادا على نشر إيديولوجيته المعرفية المعادية لسياسة ماو تسي تونغ، وكرّس جميع توجهات الدولة في الصين لأن تسير وفق نسق معرفي مغاير تماما لما كان سائدا أيام ماو ، فأعلن رغبته العميقة بالانفتاح صوب أمريكا بمختلف علاقاتها الرأسمالية, وأطلق على برنامجه السياسي اسم : (( سياسة الإصلاح والانفتاح )) ، وفي ظلّ هذه السياسة تدنّت منزلة طبقة العمال والفلاحين في السلم الاجتماعي والسياسي, وارتفعت منزلة التجار وأصحاب الأموال والرأسماليين ، والملاك الجدد , وبدأت سياسة الدولة تنحدر تدريجياً لتتشبع بمفاهيم اقتصاد السوق وعلاقات شركاته التجارية والاستثمارية , و توفي دنغ شياو بنغ في عام ( 1995م ) ، وأتى بعده الرئيس جيانغ تسه مين , وانتهج سياسة سلفه دنغ شياو بنغ, وزادت طبقة العمال والفلاحين ـ التي كانت هي الطبقة الأولى المأمول منها أن تطوّر الصين صناعيا وحضاريا ـ فقراً وتهميشاً واستلاباً ، وأُبعدت تدريجياً عن بؤرة الأحداث والسياسة ومقاليد الحكم؛ وقد حدّثني صديق صيني مفكّر ومعروف في الوسط العلمي الصيني، وبينما كنا نتجاذب أطراف الحديث حول الحبّ والزواج والسياسة في عهد ماو، وعندما سألته: هل سبق لك وأن أحببت امرأة غير زوجتك الحاليّة حبّاً رومانسياً شفيفاً وعميقاً ملأ ذاكرتك ووجدانك؟ فقال: نعم، وكان أكبر مما تتصور، إنّه أول حب في حياتي، ولكني لم أوفّق إلى الزواج بها، لأنّ طبقتها الاجتماعية كانت أعلى منزلة من طبقتي، فقد رفضني والدها، لأنه كان من طبقة العمال ، أمّا أنا فكنت محسوباً على طبقة المثقفين التي لا ترقى منزلة إلى طبقة العمال وفق رؤية نظام ماو تسي تونغ السياسي والاجتماعي. وإذا ما قارنا هذه الحادثة بما يجري اليوم في الصين المعاصرة، وتحت ظلّ سياسة الإصلاح والانفتاح، فإنّ الرجل الصيني المعاصر يطمح في أن يتزّوج من طبقة الأثرياء والملاك الجدد وأصحاب الشركات التجاريّة والمقاولين ورجال الأعمال، لا من طبقة العمال والفلاحين، لأنّ كثيراً من الأثرياء الجدد يتأففون من منظر الفلاحين القادمين إلى بكين.وقد قال لي أحد الطلاب ـ ينتمي إلى أسرة ثريّة يعمل الوالدان فيها في الشركات الخاصّة ، بكثير من الاستعلاء والطبقية ، وبينما كنّا نتجوّل في منطقة(كون جون فن) ـ : إنّ الفلاحين الكثر القادمين من الأرياف إلى بكين يخلقون مشاكل كثيرة، ويسهمون في تشكيل الفوضى والزحام والتلوّث، بالإضافة إلى أنّ مناظرهم الريفية تسيء إلى الوجه الجمالي المديني والسياحي لمدينة بكين . وقال لي صديق صيني آخر، وبينما كنّا نتجولّ وعندما شاهدنا بائع أوراق اليانصيب: إنّ الحياة حظوظ ، وهنيئا لمن يحالفه الحظّ ويربح جائزة اليانصيب. وذكر أنّ عاملاً صينياً ربح قبل عامين ثلاثين مليون يواناً صينياً، وصار الآن رجلاً مهماً ومرموقاً ومن كبار رجال الأعمال، وقال بالحرف الواحد : (( ولم يكن يساوي حتى بصلة عندما كان عاملاً)). فالعامل الذي قامت على كتفه ثورة ماو تسي تونغ، غدا لا يساوي حتى بصلة في ظلّ سياسة الإصلاح والانفتاح. ومن خلال رأي هذا الصديق الذي يعبّر عن كثير من قناعات الصينيين المعاصرين يمكن أن نلمس مدى تدني طبقة العمال في الصين المعاصرة في التراتب الطبقي مقارنة بما كانت عليه أيام ماو تسي تونغ، ومدى النزوع الشديد لدى جماهير الصين إلى الثراء الفاحش، واختزان الأموال واستثمارها، ففي عهد ماو تسي تونغ (( كان الرجل الصيني التقليدي يخجل من أن يذكر المال في حديثه، أو يبدي اهتماماً به في ظلّ المفاهيم التقليدية. ومن يبدي اهتماماً بالمال يستخفّ الناس به ويحتقرونه، أمّا الآن فقد ظهر اهتمام قوي بالكسب السريع، والتفنن في الملذّات الشخصيّة من شراب ورقص وخمور وطعام وجنس))، كما أكّد لي الأستاذ الدكتور شريف شي سي تونغ الذي كنت أعمل معه في شعبة الدراسات العليا في جامعة الدراسات الأجنبية في بكين .
    وأصبح المال في المجتمع الصيني المعاصر غاية الغايات، وإلهاً وسيداً مطاعاً، وأخذ كثير من أبناء الجيل الجديد يدخلون الجامعات لا رغبة في المعرفة والتحصيل العلمي، وتوسيع آفاق العقل وقدراته، والإسهام في بناء الصين الحديثة، وعصرنتها، بل أملاً في الحصول على الوظيفة في الشركات الخاصة التي تدرّ الأموال الكثيرة . وقد حاورت طلبتي في الجامعة وسألتهم: هل تفضّلون الحصول على الوظائف الرسمية في الدولة أم على وظائف الشركات الخاصّة، والأجنبية العاملة في الصين، فأكدوا جميعاً أنهم يفضّلون العمل في شركات القطاع الخاص، والشركات الأجنبيّة لأنّ رواتبهم تتراوح في هذه الشركات ما بين 4500 يوان إلى 8000يوان، في حين أنها لا تتجاوز 2500 يوان في شركات القطاع العام ومؤسساته. وحاولت جاهداً أن أقنع الطلبة المتفوّقين، ـ طلاب السنة الرابعة ـ والذين يتقنون اللغة العربيّة إتقاناً جيداً أن يتابعوا دراساتهم العليا في الأدب العربي ليزدادوا فهما ًله، وتذوّقاً لقيمه الجماليّة،والإنسانيّة العالية، لكني عبثاً ما حاولت ـ باستثناء طالبة واحدة أبدت رغبتها الشديدة بمتابعة دراساتها العليا، لأنّها زارت كثيراً من دول الوطن العربيّ، فوالدها ثريّ يعمل في التجارة ، وهي ليست بحاجة للدخول مبكّراً في سلك الوظيفة ـ فهؤلاء الطلاب مقتنعون تماماً كما أكّدوا لي أنّ الدراسات العليا في الأدب العربي لا جدوى منها، لأنها لا تسهم في الكسب والثراء السريع، ولا تعطي الفرد وظيفة مرموقة توصله إلى علية القوم، فالحكومة الصينية لا تولي كبير الاهتمام بخريجي أقسام اللغة العربية في الجامعات والمعاهد الصينية التي تدرّس اللغة العربية. بل تسعى في جميع توجهاتها السياسية والاقتصادية والبحثية إلى كسب المال وبأقصر الطرق ، وبشتى الوسائل , ولا يهمها إن كانت هذه الوسائل في المطاف الأخير تهدف إلى إسعاد الناس أو تعاستهم، وزيادة تحميلهم ما لا يطيقون.
    وفي هذه الأيام، وفي ظلّ سياسة الإصلاح والانفتاح, سعت الحكومة جادة لجمع المال من المواطنين الصينيين ومن السياح الأجانب،وذلك بفرض الضرائب، وفرض الرسوم الماليّة على زائري المناطق والحدائق السياحية في جميع أنحاء الصين،فليست هناك في الصين حديقة عامة واحدة يستطيع أن يدخلها أي زائر ـ سواء أكان صينيا أم أجنبيا ـ إلاّ بعد أن يدفع رسوما مالية لإدراة الحديقة، وهناك بعض الاستثناءات الطفيفة ، إذ تمنح بطاقات حمراء خاصة لأعضاء الحزب الشيوعي البارزين، يتمكنون بوساطتها من دخول هذه المعالم والحدائق السياحية. مع العلم أنّ رسوم الدخول إلى هذه الأماكن السياحية ليست قليلة مقارنة بمداخيل المواطنين الصينيين. فعلى سبيل المثال يبلغ رسم الدخول إلى القصر الصيفي في بكين (30) يواناً، وإلى حديقة بيهاي (20) يوانا، وإلى حديقة الحيوان (25) يواناُ، وإلى الجبل العطري ( 20) يواناً، وإلى سور الصين العظيم( 45) يواناً، وإلى مقرّ اتحاد الكتاب الصينيين عشرة يوانات، وهكذا. وتسهم هذه الرسوم إسهاماً كبيراً وواضحا في ثراء خزينة الحكومة، وبخاصة إذا عرفنا أنّ عدد زوار هذه المعالم كبير جداً، وأنّ هؤلاء الزوار يأتون من أنحاء الصين كافة. ومن جميع أنحاء العالم أيضا . ولا تتوانى الحكومة الصينية ـ دعما لسياسة الكسب السريع ـ في أن تفرض الضرائب حتى على العاهرات بائعات الهوى، وقد حدّثني غير شخص في بكين أنّ الدولة بين حين وآخر تشنّ حملات مداهمة ضدّ العاهرات في منازلهنّ، وفي الفنادق بمختلف درجاتها، وبخاصة في أيام الأعياد، وتقبض على عدد كبير منهنّ، وتقتادهنّ إلى السجون، وسرعان ما يفرج عنهنّ لقاء ضرائب مالية تتراوح بين (500) يوان إلى (2500) يوان.
    وأملا في زيادة الكسب السريع والكثير من عائدات السياحة المزدهرة جداً في الصين , فإنّ الحكومة الصينية ذات التوجه الميكيافيلي المعاصر لا تسمح للأجانب بالمبيت في الفنادق غير الراقية و رخيصة الأجرـ التي لا تحمل نجوما ـ ، والغاصة بالعاهرات ومروجي المخدرات, لأنّهم سينقلون ما يشاهدونه من أمراض وعيوب إلى شعوب بلدانهم، وصحافتها من جهة، ومن جهة أخرى فإنّ ما يدفعونه من أجور سيكون قليلا مقارنة بما سيدفعونه في الفنادق الراقيّة الفخمة، ـ ذوات الخمس نجوم أو الأربع ـ ولا سيما أنّ الحكومة الصينيّة حريصة كلّ الحرص على أن يبقى وجهها لامعاً نظيفاً أمام الرأي العام العالمي، وحريصة أيضاَ على أن تستدرَ أكبر قدر من الأموال إلى خزينة الدولة. وهذا لا يعني أبداُ خلو فنادق الصين الفخمة و الراقية التي تماثل أجمل فنادق العالم الأوروبي وأرقاها من بائعات الهوى، فمثل هذه الفنادق المنتشرة في جميع المدن الكبرى والسياحية غاصّة بالعواهر القادمات إليها من جميع أرجاء الصين، وهي أكثر أماناً لطالبي الجنس وبائعاته، وأقلّ تعرضا لمداهمات رجال البوليس، ورقابة رجال السلطة، إذ1 ما قارناها بالفنادق الرخيصة. ويؤمّ هذه الفنادق الراقية كبار رجال الاقتصاد والسياسة والمجتمع والتجارة والمال من صينيين وأجانب سواء أكانوا تجارا أم رجال سلك دبلوماسي عربي أو أجنبي . ليلتقوا بأجمل النساء اللواتي يتمتعنّ بمواصفات جمالية متميّزة ومثيرة, وعلى درجة عالية من الجاذبية واللطف ، والقدرة على جذب الزبائن الممتلئين ثراء ونفوذا.
    وقد حدّثني أستاذ أمريكي، ( يحمل لقب بروفيسور) ،وبينما كنّا نتجول في شوارع بكين عن انطباعاته وآرائه في المرأة الصينية المعاصرة ، وقال: أنا لا أحضر إلى الصين رغبة مني في العمل بجامعاتها، ورواتبها الهزيلة، فأنا أستاذ في جامعة عريقة في أمريكا، وأتقاضى راتباً وقدره ( 7500) دولار أمريكي، بينما في الصين لا يتجاوز راتبي الشهري ( 450) أربعمائة وخمسين دولارا أمريكيا، لكنّ ما يشدّني إلى الصين هو نساؤها العبقات الشهيّات المليئات بالجنس والشهوة، فلقد ذقت مذاق الصينيات بدءا من نساء تايوان إلى نساء هونغ كونغ إلى ضاليين إلى شانغهاي إلى كانتون إلى نانجين، وصولا إلى نساء بكين فائقات الجمال. إنّ للمرأة في الصين مذاقاً خاصاً لا يمكنك أن تنساه أبداً، فالمرأة في الصين تصبح سيّدة عظيمة عندما ينتصف الليل(gran lady). وعندما سألته: كيف استطعت أن تجذب هذا الكمّ الكبير من الصينيات؟ أكّد قائلاً: إننا نحن الأمريكيين محبوبون في الصين من النساء أكثر من العرب، ومن جميع الجنسيات الأخرى، لأننا نمثّل في نظر الصينيات الدولة العظمى، والشعب الأكثر تفوقا علميا وتكنولوجياً. وأكّد أنّ الدولار قادر على فعل العجائب في دولة فقيرة كالصين.وأنه ينفق كل شهر على نساء بكين وعلى صديقاته اللواتي يأتين خصيصا إليه في نهاية الأسبوع من شانغهاي وضاليين وكانتون جميع ما يتقاضه من الجامعة وهو ( 450) دولاراً، بالإضافة إلى ( 3500) دولار تأتيه شهرياً من أمريكا، وهي قسم من راتبه الشهري هناك، وأنّه يعمل مستشاراً في إحدى الشركات الأمريكية التجارية العاملة في الصين، وأنّ هذه الأموال الكثيرة التي تأتيه تجعله قادراً على اختيار أجمل حسناوات الصين واللواتي لا يتجاوزن ثلاثين عاما. وعندما سألته: لماذا لا تختار صديقة أمريكية في بكين ـ والنساء الأمريكيات في بكين كثيرات جداً ـ؟ . أكّد:أن المرأة الأمريكية قاسية جداً ولا تسبب للرجل إلاّ الأحزان العميقة ، وأعتقد أنّ الأحمق هو الذي يختار امرأة أمريكية طالما هو مقيم في الصين، وغارق بكلّ هذا الجمال الخرافي. وأكّد لي : أنّ المرأة في بكين أكثر جمالاً، وأنظف جسداً، وأكثر تهذيباً، وأشدّ شبقاً مقارنة بالمرأة الأمريكية، فالأمريكية باردة ومغرورة وغبيّة، وأقلّ نظافة وذكاء من الصينيّة، وهمّها الأول معاندة الرجل وإيذاؤه. وبهذا الصدد يذكر الكاتب المصري إبراهيم نافع في كتابه الموسوم بـ : (( الصين معجزة نهاية القرن العشرين))،: » أن نساء الصين لا يقنعن برجل واحد في حياتهنّ، ويفضلن تعدد العشاق(...) وأنّ شراء امرأة صينية أمر يسير جداً لا يكلف سوى 350 دولاراً. وتنتشر في الصين ظاهرة خطف السيدات وبيعهنّ وتشغيلهنّ في الأعمال المنافية للآداب«.
    غير أنّه يمكن القول إن الرجل الصيني هو الآخر لا يقتنع بامرأة واحدة , بل يطمح إلى أن يكون له عشيقة خاصة يلتقي بها بعيدا عن عيني الزوجة , وفي كثير من الأحيان تعلم الزوجة بهذه العشيقة. ونظرا لأن المرأة الصينية لا تكتفي برجل واحد في حياتها الجنسية , فقد ظهر حديثا في الصين مصطلح يطلق عليه الصينيون : ظاهرة الشخص الثالث Third person )) ، ويعنون به: ( عشيق الزوجة ) ، وهذا العشيق يعمل على تفتيت الأسر الصينية الحديثة, ويؤدي في أحيان كثيرة إلى الطلاق , بعد أن صارت المحاكم الحديثة في الصين تسمح به , وتجيز انفصال الزوجين ، مع العلم أن كثيرا من الأزواج يعرفون في معظم الأحيان أن في حياة زوجاتهم شخصا ثالثا , أو عشيقا محبوبا ومقربا , لكنّهم لا يستطيعون أن يفعلوا شيئاً , وقد أكّد لي صديق صيني واسع الخبرة والثقافة ، و قدا بدا هادئا جدا، أنه مستعد لأن يترك زوجته فورا في ما إذا أعربت له عن رغبتها باتخاذ عشيق , دون أن يحقد عليها أو يذرف عليها دمعة حزن واحدة . ويمكن القول إنّ السبب الرئيس في وجود هذه الظاهرة هو الغزو الثقافي الأمريكي، وما يتبعه من أفلا م جنسيّة ومخدّرات،وموجات التحرر الجنسي،بالإضافة إلى شبكات الإنترنت العالميّة التي تسهم في سرعة لقاء الرجال بالنساء، عن طريق غرف الدردشة والتعارف الموجودة في هذه الشبكات. لأن هذه الظاهرة لم تكن موجودة في ظل سياسة ماو تسي تونغ , بل هي وليدة سياسة الانفتاح صوب أمريكا. غير أنّه يمكن القول إنّ هذه الظاهرة ـ ظاهرة الشخص الثالث ـ ليست مقصورة على الصين وحدها، بل هي ظاهرة عالميّة موجودة في معظم المجتمعات الإنسانيّة، وقد كانت موجودة في المجتمعات الإسلاميّة: الأمويّة والعباسيّة. ومن يقرأ حكايات ألف ليلة وليلة جيداً سيلاحظ هذه الظاهرة في غير حكاية من حكاياتها. وعلى كلّ حال فإنّ الإباحيّة الجنسيّة في الصين، وظاهرة الشخص الثالث، هي أقلّ انتشاراً عمّا هي عليه في أمريكا والدول الأوروبيّة الصناعيّة، وبعض الدول الإفريقيّة والآسيويّة الأخرى، وتبقى نسبة عالية من النساء الصينيات على قدر كبير من الإخلاص لأزواجهنّ، والشرف والعفّة، والوفاء لمواثيق الزواج وقوانينه الأخلاقيّة، وربّما يعود ذلك إلى رواسب الثقافة الصينية التقليديّة، وبخاصّة الكونفوشيوسية والبوذيّة اللتين تنظران إلى الجنس الذي يحدث خارج إطار العلاقات الزوجيّة على أنّه من المحرّمات الخطيرة التي يعاقب عليها الآلهة عقاباً شديداً.
    ويسهم بعض رجال السلطة في الصين في تعهير النساء ودفعهنّ إلى طريق الرذيلة ، غير هيابين ، أملاً في كسب المزيد من المال ثمّ الوصول إلى قمّة الثروة والشهرة، إلاّ أن الحكومة الصينية في هذه الحال تكون قاسية مع هؤلاء الذين يستغلون نفوذهم الشخصي ومراكزهم الوظيفية، ومناصبهم في الحزب الشيوعي الصيني، فعلى سبيل المثال حكمت المحكمة في مدينة شنزين الصينية على 82 رجلاَ من أعضاء الحزب الشيوعي الصيني بقضاء نصف سنة في الإصلاحيات لإعادة تأهيلهم، ثمّ جردتهم من عضويتهم في الحزب الشيوعي، لأنهم أدينوا بتهمة رعاية البغاء ، وتسهيل عمل العاهرات(2).
    وفي ظلّ سياسة الإصلاح والانفتاح عادت إلى الصين موبقات كثيرة مثل الدعارة والمخدرات والمقامرة، هذه الموبقات التي كانت قد قضت عليها الثورة الشيوعية بقيادة ماو تسي تونغ، والتي تولت السلطة في عام 1949م(3).
    وفي هذه الأيام غصّت شوارع بكين بالعاهرات، وبخاصّة في الأحياء الفخمة والراقية التي يقطنها الدبلوماسيون الأجانب، والتجار، وأصحاب الشركات التجاريّة من أثرياء القوم وعليتهم. وأقدمت العاهرات من المدن الأخرى على النزوح إلى بكين محطّ الثروة والمال والتجارة والسياسة، وبأعداد كثيرة، واكترين المنازل في بكين، وأسهمنّ إلى حدّ كبير في ارتفاع أجور الكراء، هذا مع العلم أنّ هذه الأجور من أعلى الأجور في مدن العالم، إذا ما قارنّا دخل المواطن الصيني بدخل المواطن الأجنبي في هذه الدول ؛ فبكين مدينة ثريّة جداً، وبطرة وشاسعة، وأسعارها مرتفعة جداً إذا ما قارنّاها بأسعار المدن الصينية الأخرى ، ونستثني من ذلك مدينتي هونغ كونغ و شانغهاي، حيث تكثر الشركات التجاريّة ورؤوس الأموال والمستثمرون الأجانب في هاتين المدينتين.
    وقد أسهم ثراء بكين وكبرها، وكونها عاصمة سياسية ومركزاً سياحياً متميزاً بين المراكز السياحية المهمة في العالم، في جذب بائعات الهوى من مختلف المدن الصينية. وقد أسهمت طالبات الجامعات الكثيرة في بكين، إلى حدّ كبير في نشر الفساد والبغاء، فقد قدمت هؤلاء الطالبات من مدن عديدة إلى بكين للنهل من المعارف والعلوم العديدة في جامعاتها التي تعدّ أكثر عدداً من أيّ الجامعات الموجودة في أيّ عاصمة عالمية أخرى، ففي بكين وحدها( 68) جامعة، وما إنّ وصلت هاته الطالبات إلى بكين, وانخرطن في حياتها، حتى جذبتهنّ أضواء الملاهي والمراقص، والمتاجر الفاخرة، والفنادق الفخمة، والمطاعم الراقيّة، ورياح الثراء الجديدة التي هبّت قادمة مع سياسة الإصلاح والانفتاح، وغدت هذه الحياة حلماً جميلا من أحلامهنّ الكثيرة المتألقة، وما كنّ بقادرات على تحقيق هذه الأحلام، بسلوك السبل الشريفة، فاضطررن ّ صاغرات إلى سلوك طريق الدعارة، وما تدرّه عليهنّ من أموال تسهم في تحقيق بعض أحلامهنّ.
    وبالإضافة إلى انتشار ظاهرة الدعارة في بيوت عاهرات بكين السريّة ،وفنادقها, وبيوت النساء القادمات إلى بكين تسترت هذه الظاهرة تحت غطاء مهن أخرى كالحلاقة والتدليك، فنظراً لأنّ أجرة محلات الحلاقة في بكين مرتفعة جداً تفوق مداخيل الحلاقين ومعظمهم من النساء الشابات الجميلات، أضطرّ أصحاب صالونات الحلاقة ، ومعظمهم من السيدات، وحتى يغطوا أجور هذه الصالونات إلى تخصيص غرفة سريّة في كل صالون حلاقة لتدليك الزبائن ، تمهيداُ لإغوائهم جنسياً، وذلك أملاً في الكسب السريع والكثير، فعندما يتقدّم الزبون إلى الحلاّقة تستقبله بلطف كبير، وتبدأ عملها موجهة له مزيدا من العبارات الرقيقة، وعندما ينتهي تغسل له شعره، وتهمس في أذنه سائلة إن كان يريد مسّاجاً ممتازا، يزيل عنه متاعبه، وتطلب منه مقابل ذلك (500) يوان في بداية المساومة، ثمّ تنتهي المساومة، وتعلن الحلاقة: أنّ مائة يوان هي آخر الكلام.ولأنّ معظم الأجانب في الصين لا يعرفون اللغة الصينية، فإنّ بعض هاته الحلاّقات تطلب من المرافقين الصينيين لهؤلاء الأجانب أن يترجموا لهم، ويغروهم بالمغامرة، واكتشاف فن التدليك الصيني، وخبرات مدلكاته المتميّزة، غير أنّ قسماً كبيراً من هؤلاء الحلاقات تدربنّ بمهارة على إتقان فنون الغزل والمجاملة باللغة الإنكليزية، التي تساعدهن مساعدة كبيرة على إقناع الزبائن بجمال التدليك ومتعته التي لا تنسى.
    وليست حلاقات بكين هنّ اللواتي يغرين زبائنهنّ بالتدليك فقط، بل يلاحظ أنّ النساء في الشوارع الراقية يمارسن العمل نفسه. فعندما كنت أمشي بصحبة صديقي الأديب والمترجم محمد عبد الكريم الأستاذ في جامعة بكين، في أحد شوارع حي سانليتون، وهو الحي الذي تتركّز فيه معظم السفارات الأجنبيّة العاملة في الصين، وإذا بامرأتين جميلتين تتقدّمان إلينا مبتسمتين، وتسألان في ما إذا كنا نحتاج إلى مسّاج ممتاز، وعندما قلنا لهما: إننا فقراء وغرباء في بكين، ولا نملك أموالاً. قالت إحداهنّ بالإنكليزية: (( إنّه مساج جيد جداً وبمائة يوان فقط)). وقالت الأخرى: (( أنا أقبل بخمسة وسبعين يوانا)). وعندما اعتذرنا قالت الأولى : خمسون يوانا فقط , هيّا تعالوا.
    وقد أسهمت المراقص والنوادي الليلة الموجودة بكثرة في شوارع بكين الرئيسة والفرعية , إلى حدّ كبير، في الانفلات والتحرر الجنسي , فالرجال طالبو الملّذات والاستمتاع بالأجواء الحمراء , يرتادون هذه الملاهي بكثرة, حتى أن زائر الصين يلاحظ أن هذه المراقص زحفت من الشوارع الرئيسة إلى معاقل الجامعات, ففي أماسي يومي الجمعة والسبت تغص هذه المراقص بالطلبة الجامعيين وغير الطلبة أحيانا, ليشعلوا حفلات الرقص الأجنبي ويتبادلوا الأنخاب, وكثيرا ما تنتهي هذه الحفلات بالقبل والعناق , وربما الجنس , وعلى كل حال فإن الرجل الصيني والمرأة الصينية لا يجدان أي حرج من أن يلتحما ببعضهما بحرارة في الحدائق العامة والشوارع ومواقف الأوتوبيس , وداخل سيارات الأوتوبيس, ودور السينما والملاهي والمسارح والمطاعم , والبارات , دون أن يثير حفيظة أي أحد , أو استهجان أي أحد ، سواء من الناس العاديين أو من رجال الأمن والشرطة المزروعين بكثرة في شوارع بكين .
    وإذا كانت بطاقات الدخول في مراقص الجامعات وبعض أحياء الصين مقبولة نسبياً، فإنها تصبح غالية جداً في المراقص والملاهي الليلية الفخمة. ومن الملاحظ أنّ هذه المراقص الفخمة ليست أماكن للرقص والشراب فقط، بل هي فضاءات أليفة لعقد صفقات الجنس . وقد صرّح لي بذلك غير صديق في الصين، فبينما كنت أمشي مع صديق صيني يتكلّم العربية بكثير من الاعوجاج، بجوار جامعة الدراسات الأجنبية في بكين، وإذ بنا نمرّ أمام بناية فخمة، مزيّنة بأضواء برّاقة كثيرة، وبيافطة حمراء عريضة مكتوبة باللغة الصينية، وكانت هي المرّة الأولى التي أشاهد فيها هذه البناية، وسألت الصديق: هل هي شركة تجارية أم سوبر ماركت أم مطعم؟ فقال: إنّ بها ملهى ليلياً، وهو من أكبر ملاهي بكين وأفخمها، وحدّثني كيف دخله ذات ليلة بصحبة صديق له ثري جداً كان قادماً من مدينة كانتون،وأوضح لي أنّ الذين يدخلون هذا الملهى هم أثرياء الصين وتجّارها، ولا مكان فيه لأبناء الفقراء وأبناء الطبقة الوسطى لأنّ تكاليف دخوله تتراوح بين 600 يوان إلى 2500 يوان، وأحياناً تصل إلى 4000يوان صيني. وتساءلت عن سرّ هذا الاختلاف في تكاليف الدخول، فأكّد لي أنّ في الملهى نساء جميلات جداً، وعلى قدر كبير من السحر والجاذبية والأدب والظرف، وإذا ما أراد الزبون أن يختلي بواحدة منهنّ في غرفة خاصّة، فإنّ كلً الخدمات تُقدّم له من طعام وخمور ورقص وجنس. وإذا أراد أن يشرب فقط من دون أن يأكل أو يختلي بامرأة فأنّ ذلك قد يكلّفه( 600) يوان، أمّا إذا أراد أن يأكل ويشرب ويلمس جسد المرأة التي يختار مجالستها ـ ويبدو أنّ التركيب اللغوي في العربية لم يسعفه لأن يقول مثلاً : من دون أن يضاجعها أو يمارس الحبّ معها، فقال بالإنكليزيّة : ( without sex. Only touch)، فإنّ عليه في هذه الحال أن يدفع ما بين ( 1000 ) و( 1500) يوان. وعلى كلّ حال فإنّ لكل امرأة في هذا الملهى سعرا خاصا بها،وهي التي تفرضه على من يجالسها، من دون أن يتدخل مدير الملهى في تحديد هذا السعر. وذكر لي: أنّ من يريد أن يتعاطى الحشيش والأفيون في هذا الملهى يستطيع ذلك، بوساطة المرأة التي يجالسها، إذ تُحضر له جميع ما يشاء، ومن يرد أن يقامر فإنّه يستطيع أيضاً، لأنّ هناك صالة كبيرة في هذا الملهى خاصّة بلاعبي القمار من الرجال والنساء، وتغصّ هذه الصالة بالنساء الجميلات العاملات في الملهى، واللواتي يكنّ رهن إشارة المقامرين الأثرياء.
    * مدرس سابق في جامعة الدراسات الأجنبية في بكين
    عضو في كُتّاب بلا حدود
                  

02-18-2007, 03:22 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حالة الطبقة العاملة في الصين الشعبية// مجدي الجزولي (Re: Sabri Elshareef)

    شكرا جزيلا لاثراء البوست بمقال اخر وفي انتظار صديق وصدقي لرؤيتهما الاقتصادية ان في الاقتصاد الاشتراكي او الراسمالي

    ودمت اخي ابوخالد
                  

02-20-2007, 01:11 AM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حالة الطبقة العاملة في الصين الشعبية// مجدي الجزولي (Re: Sabri Elshareef)

    الصين الشعبية وديكتاتورية الطبقة الخاملة




    مجدي الجزولي







    وأنت تقرأ كلاسيكيات اليسار السياسي يهولك أحياناً شعور الثقة الذي خامر أذهان الثوريين وهم يصنعون تواريخهم، فقد ظن قبيل منهم حد الإيمان أن رحمة التاريخ لا بد حالة عليهم، وأن الانتقال إلى رحاب الاشتراكية النضرة بالضرورة قاب قوسين أوأدنى: إذا تحققت السلطة السياسية ونال "الحزب الطليعي" الصولجان. أما ما بعد هذه الخطوة القفزة فبضع قفزات شبيهة، أو حتى أقل مقداراً، ومن ثم يحمر الأفق بالوعد الاشتراكي، وفي تفاؤل أعظم الشيوعي. في الواقع تمنعت الاشتراكية على الممارسة لأنها ليست مجرد استيلاء على السلطة، لأنها ليست مجرد انتقال للملكية إلى الدولة، لأنها ليست حكم حزب واحد سيد!
    بهذا المنظور، الذي لا يجيد سوى النفي وسيلة للتعريف، ننظر مرة أخرى في مسار الظعن الصيني من شعار الاشتراكية إلى تيه الرأسمالية الكاسرة؛ لعل في دروس الصين المعاشة ما يفيدنا ونحن نعتبر جملة في مآلات المشروع الاشتراكي على الطراز السوفييتي. ومن ذلك الدرس المهم والبديهي أن كل سلطة مطلقة مفسدة مطلقة ما دام مجال الصراع هو الاجتماع البشري. كذلك أن التاريخ لا يسير كما تأمل الرغبة، ولكن كما يملي الواقع، والذي يحوي الحزب الثوري، ولا يحتويه الحزب الثوري: بمعنى أن ليس للطليعة السياسية، مهما بلغ شأوها، من حصانة تحول بينها وبين "الانحطاط" كلاً أو جزءاً في حوض الرجعية. هذا بالانتباه إلى أن التقدم خلق مستمر وإبداع متصل في الخيال السياسي الاقتصادي والاجتماعي الثقافي، قبل أن يكون أرقام تصف في تقارير النمو. من ثم فإن إمكانية الضبط الديموقراطي سياسياً واجتماعياً، بمعنى المشاركة الشعبية في صناعة القرار وإتخاذه، هي الحصن الحصين الذي يؤمل فيه أن يحول دون تضعضع المشاريع السياسية الجذرية إلى حكم قلة تظن في نفسها سمواً فوق التاريخ، وحكمة فوق المحكومين. وفقاً لهذا التصور لا تكون الاشتراكية ذات مضمون إلا إذا اتسع مشروعها لتسييس الجماهير المتصل، وانفتحت مؤسساتها لاستقبال الرأي العام المنظم والمستقل عن جهاز الدولة، وقبلت أجهزة السلطة فيها البقاء المنفصل والمستقل لتنظيمات الجماهير الديموقراطية من أحزاب ونقابات وإتحادات وغيرها، فهي من حيث التعبير المباشر عن مصالح أعضاءها تمثل "المجتمع المدني" حقاً، الذي يتوسط بين جهاز الدولة العلوي وبين الواقع الاجتماعي. كما أنها بقدرتها المستمرة على الخطاب السياسي إنما تمنح الجماهير الشعبية الصوت الذي تفقده بين اقتراع وآخر مدة سنين. عليه، فإن كل تغول للدولة "الاشتراكية" على المجتمع هو بالضرورة انتهاك للقاعدة الديموقراطية للاشتراكية، لا تبرره ضرورات تبيح محظورات.
    والعين مسلطة على واقع "المنتجين" لنا، أيضاً بالاستفادة من دروس الصين، أن ننظر في حقيقة التقسيم الطبقي في ظل ملكية الدولة لأدوات الإنتاج: ذلك الركن الركين في أدب الانتقال إلى الاشتراكية، حيث كان الظن أن أيلولة الملكية للدولة، ما دامت الدولة ذات مشروع "اشتراكي"، تدفع قدماً وقفزاً إلى واقع اجتماعي تنعدم فيه التمايزات الطبقية، وبعض الظن إثم! إذ أنه بالتعارض مع هذا التفكير الرغبوي برزت في خبرة الاشتراكيات السوفييتية وما شابهها تمايزات طبقية لا سبيل إلي إنكارها سوى بالتغافل، أي التبرير أملاً في مستقبل يصنع نفسه. بذات القدر فإن في مراجعات كهذه تجديد لدماء النظرية الثورية، والتي هي بالفعل رمادية، لا تشرئب مخضرة سوى بالتحليل الملموس للواقع الملموس. في هذا الصدد تدهش المقارنة بين التعريف السكوني للطبقة الاجتماعية عند ستالين والذي يجعلها دالة مباشرة للملكية، وبين تعريف لينين الديناميكي الوظيفي والتاريخي الذي يموضع الطبقات الاجتماعية في سياق أكثر تعقيداً. عند لينين الطبقة الاجتماعية جماعة كبرى من الناس تتميز عن سواها بحسب الموقع الذي تشغله في نظام الإنتاج الاجتماعي، وذلك ضمن المحددات التاريخية المعينة؛ وكذلك بحسب العلاقة التي تربطها بوسائل الإنتاج (في بعض الحالات علاقة يصوغها ويكرسها القانون)؛ وبحسب الدور المناط بها في التنظيم الاجتماعي للعمل؛ وبالتالي بحسب أبعاد وأنماط اكتسابها لنصيب من الثروة الاجتماعية الواقعة تحت تصرفها. إن في قرائن "الدور المعين في التنظيم الاجتماعي للعمل" و"أبعاد وأنماط اكتساب نصيب من الثروة الاجتماعية" و"العلاقة بوسائل الإنتاج" أفق يتجاوز العلاقة التبسيطية التي تجعل من ولاية الدولة على وسائل الإنتاج باب فلاح مضمون في "بناء الاشتراكية". ديالكتيك الطبقات لا يسكن عن الفعل بمحض انتقال ملكية وسائل الإنتاج إلى الدولة، بل تنفتح سياقات جديدة لإعادة رسم الخريطة الطبقية للتشكيلة الاجتماعية المعينة، لا نجد لها تشريحاً في الكراسات.
    في حالة الصين برزت إلى الوجود في ظل ملكية الدولة لوسائل الإنتاج قسمة عظمى بين طبقتين رئيستين: طبقة الكادر وطبقة العمال. تشكلت الأولى عبر أطوار من الصراع الداخلي بين فصائلها المتصارعة حتى أدركت قدراً من الاستقرار يعود في المقام الأول إلى استقرار دولة الحزب الشيوعي الصيني في الهيئة التي هي عليها الآن. فهي إذن طبقة اجتماعية تربت في كنف السلطة إذا جاز التعبير، ويعود أصلها الاجتماعي إلى تقسيم العمل بين البيروقراطية الحكومية والحزبية من جهة، أي الكادر المسؤول عن التخطيط والإدارة، والمتحكم في توجيه الموارد وتوزيع الفائض، وبين المنتجين فعلاً من العمال من جهة أخرى. هؤلاء لا حظوة لهم يعتد بها في (دولتهم) لمجرد أنهم عمال، وإنما تتحقق (ديكتاتوريتهم) المأمولة عبر تحكمهم (الافتراضي) في (ممثليهم) الذين يتولون واقعاً إدارة جهاز الدولة وآلة الاقتصاد. متى ما تراخى هذا التحكم تنفرط سلطة العمال، وتصبح الدولة رهناً في يد طبقة من الكادر. على هذا الأساس فإن من ضرورات المجتمع الاشتراكي أن يؤسس لنظام ديموقراطي يسمح بالتحكم في من يتحكمون بالموارد الاقتصادية والسلطة السياسية (وانغ، 1992م). بما أن لطبقة الكادر موقعاً في التشكيلة الاجتماعية يمكنها من السيطرة على الموارد العامة فإن ذلك يتيح لها فرصة للاستئثار بنصيب أعظم من الثروة الاجتماعية يتجاوز نصيبها المفترض، كما أنها وبحكم سيطرتها المباشرة على جهاز الحكم قادرة على إخضاع المنتجين بما يضمن مصالحها. فهي إذن تحقق محددات تعريف لينين من حيث الدور الذي تتولاه بحسب تقسيم العمل الاجتماعي، ومن حيث العلاقة مع وسائل الإنتاج، وميكانيزمات اكتساب قسط من الثروة الاجتماعية. بالتالي فهي من ناحية وظيفية تشكل طبقة متميزة رغم عدم تملكها لوسائل الإنتاج بصورة حرفية. من ناحية أخرى توازي طبقة الكادر البرجوازية الرأسمالية بتقنينها تقاليد لانتقال النفوذ من الآباء إلى الأبناء يماثل انتقال الملكية الخاصة من جيل إلى جيل. مثلاً أصبح دينغ زيفانغ، الإبن الأصغر للرئيس الأسبق دينغ شاوبنغ، خلال التسعينات رجلاً ثرياً جداً عن طريق تجارة الأثاث والعقارات والمضاربات المالية، كما اشتهر جيانغ ميانهنغ صاحب الثروة الهائلة، الإبن الأكبر للرئيس السابق جيانغ زيمين، بلقب "ملك تكنولوجيا المعلومات" في شانغهاي (مجلة 1917، العدد 26، 2004م).
    في حاضر الدولة الصينية لا أثر معتبر للتقسيم السابق داخل طبقة الكادر بين الكادر السياسي والكادر المهني، والذي انزاح تدريجياً منذ بداية "الإصلاحات" الاقتصادية والسياسية في 1978م، حتى توطدت وحدة هذه الطبقة واكتسبت تماسكاً داخلياً جعلها في تناقض مباشر مع الطبقة العمالية، ما لبث أن أشاح بوجهه جلياً بقرار الحزب الشيوعي الصيني أواخر التسعينات قبول الرأسماليين الجدد علناً في صفوف الطبقة الحاكمة. يعود تاريخ هذا التناقض بين العمال الصينين والحزب الحاكم إلى المراحل الأولى لنشوء الدولة الصينية حيث اتضح الصراع باكراً داخل صفوف الاتحاد العمالي الذي أنشأه الحزب تحت إسم "إتحاد نقابات عموم الصين" بعيد الثورة (1949م) مباشرة. والداعي أن توقعات العمال من دولتهم كانت فوق طاقة الحزب على الوفاء، حيث تراجع الحزب في خطته الخمسية الأولى (1953 – 1957م) عن وعده إنفاذ قدر من الديموقراطية داخل المصانع وإشراك العمال في اتخاذ القرار مفضلاً الصرامة الإدارية عبر تحديد أهداف إنتاجية واجبة التحقيق. حتى ذلك التاريخ كان الاتحاد متمسكاً ما يزال بوسائله الاحتجاجية المجربة وعلى رأسها الإضراب، ووجد نفسه بالتالي في صراع ضد الحزب مرده إلى تبني الاتحاد لمطالب قاعدته العمالية بخصوص تحسين الأجور وتقليص ساعات العمل وديموقراطية الإدارة وما إلى ذلك. رداً على هذا التمرد نظم الحزب حملة للسيطرة على الاتحاد، أولها كان دعاية مكثفة الرسالة الأساس فيها أن على العمال الابتعاد عن الشأن السياسي والانكباب على زيادة الإنتاج ليس إلا، جاء تتويجها بعزل الحزب لرئيس الاتحاد الراديكالي لي ليسان في ديسمبر 1951م وتنصيب لاي رويو بديلاً له والذي كان رأيه أن على النقابات الانصياع لإرادة الحزب على كل المستويات، وأن مصالح العمال لا يجوز أن تنحرف عن مصالح الدولة. جاءت خاتمة هذه الحملة في النقد الذي كاله الاتحاد للنقابات متهماً إياها بالاهتمام الزائد بمطالب العمال المبالغ فيها، وذلك في مقررات مؤتمره السابع في مايو 1953م. في ذات المؤتمر أقر الاتحاد بسلطة الحزب المطلقة عليه، حتى أن الصحيفة الناطقة باسم الاتحاد، "يومية العمال"، كتبت تقريراً تشير فيه إلى إحباط قطاع من العمال مما أسموه فقدان الاتحاد لأنيابه بعد المؤتمر السابع (جاينا ليبر بولتن، 2000م).
    دون سرد تاريخي نقفز مباشرة إلى محطة ركيزة في حاضر المعارضة العمالية للنظام الحاكم في الصين. في العام 1989م خرجت الحركة العمالية الصينية تساند الانتفاضة الطلابية لكن تحت رايات مختلفة. بينما كان طلاب الجامعات يطالبون بالانفتاح السياسي صب العمال جام غضبهم على "الإصلاحات" الاقتصادية التي تنخر في ما اكتسبوه من حقوق خلال تاريخ ممتد من الصراع. في أبريل 1989م انضمت لجان عمالية من مصانع بكين إلى المتظاهرين في ميدان تيانامين. شرعت هذه اللجان في تنظيم "اتحاد عمال بكين المستقل"، ما أكسب الاحتجاجات الطلابية خطورة مضاعفة دعت الدولة آخر الأمر إلى الضرب بيد من حديد. محاور عمل الاتحاد الوليد كانت زيادة الأجور، تحسين مستوى المعيشة، تقليص الفروقات في الدخل بين الكادر الإداري والعمال، والديموقراطية في مواقع العمل. في 18 مايو 1989م تظاهر ما يزيد على المليون من العمال في ميدان تيانامين، بهذا أصبح التهديد مباشراً لا ريب فيه، خاصة وقد كون العمال لجنة تحضيرية لتأسيس اتحاد عمالي قومي بديل للاتحاد الحكومي بإسم "اتحاد لجان العمال". بعد أيام من هذا التاريخ تدخلت وحدات الجيش لقمع المتظاهرين مخلفة مئات من القتلى. كذلك قذف النظام بالآلاف من العمال في غياهب السجون، أو دفع بهم إلى منصات الإعدام بتهمة الاشتراك في تنظيم اللجان المستقلة. بذات الاسلوب واجه النظام ثلاث محاولات أخرى لتكوين نقابات عمالية مستقلة، وذلك بين العامين 1990م و1994م (مجلة 1917، مصدر سابق). لم ينقطع كفاح العمال ضد السلطة في الصين بعد الضربة التى تلقتها حركتهم في 1989م، وإنما اتصل ولكن بأشكال أكثر لا مركزية. سجلت السلطات الصينية في العام 2003م ما يزيد على 30 ألف واقعة احتجاج عمالي ضمت أكثر من ثلاثة ملايين، أكثرها لفتاً للنظر كانت مظاهرات عمال المؤسسات المملوكة للدولة اعتراضاً على مشاريع الخصخصة وتقليص العمالة. على سبيل المثال، خرج كافة عمال مصفاة داكينغ، عددهم 30 ألف، إلى الشارع متظاهرين في مارس 2002م احتجاجاً على قرار يقضي بتخفيض حجم العمالة في المصفاة، ومطالبين بالحق في تكوين نقابة مستقلة تمثل مصالحهم. في واقعة أخرى شبيهة تظاهر عمال مجمع لياويانغ للحديد والصلب بإزاء إفلاس المجمع نتيجة نهبه من قبل الإدارة والمسؤولين المحليين. السلطة من جانبها أصابها الفزع جراء محاولة العمال الاتصال برفاقهم في المصانع المجاورة لتنظيم عمل جماعي مضاد لمشاريع الخصخصة، عليه قامت باعتقال قادة التحرك وحكمت عليهم بالحبس لآماد تتراوح ما بين أربعة وسبعة أعوام. أصابت عدوى الاحتجاج كذلك العمال في (مناطق إنتاج الصادرات) جنوبي الصين، حيث شهد العام 2005م مظاهرات ضمت 300 ألف عامل وذلك في مدينة شينزن وحدها الواقعة بالقرب من هونغ كونغ. كذلك كان الحال في إقليم غوانغدونغ حيث سجلت السلطات أكثر من عشرة إضرابات في عام 2005 (وركرز سوليداريتي، 23/02/2006م).
    بالمقارنة مع حجم القوة العاملة في الصين البالغ 200 مليون فرد تبدو هذه التحركات كشرر متفرق، لكنها شاهد على أن للحق دولة، وأن الانقلاب الرأسمالي، أو التجديف الاشتراكي، لا يلغي حيوية المطلب الماثل في عدالة توزيع الإنتاج الاجتماعي، ولا يهتك وحدة الطبقة العاملة تحت شروط الضرورة التاريخية. والدرس المقدم أن ما للدولة للدولة وما للمجتمع للمجتمع!
    المصادر
    (1) Shaoguang Wang: Deng Xiaoping s Reform and the Chinese Workers Participation in the Protest Movement of 1989; in Paul Zarembka (ed.): Research in Political Economy; Vol. 13 (1992), pp. 163 – 197.
    (2) Capitalism in a Deformed Workers State; 1917, No 26, 2004.
    (3) Worker Passivity in China: A Maoist Myth: China Labour Bulletin, 2000.
    (4) Wong Kam Yan, Second Wave of China Labour Unrest, Workers Solidarity, 23/02/2006.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de