دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
لا ترغب أن يحدث لك ما حدث لسعيد وسعيدة.
|
أميل كثيرا إلى مجالسة كبار السن ومحادثهم والاستماع إلى قصصهم, لا تنخدع فتحسب إني باحث لديهم عن الحكمة والعبر فوالله لم أجد لدى أكثرهم حكمة ولا يحزنون, بل وجدت حماقات كبيرة وأخطاء تاريخية قاتلة ووجدت أكثرهم باكيا نادبا حظه العاثر على فرصة ضاعت كان من الممكن أن تغير مسار حياته. والواقع إن أسباب مجالستي لهؤلاء بجانب محبتي لهم هو محاولة التنبؤ بما سيكون عليه حالي إذا عشت إلى أرذل العمر. من ناحية الشكل العام الذي سأبدو عليه فليست لدي مشكلة فلدي صورة واضحة عن ذلك استقيتها من ملامح جدي وجدتي رحمهما الله بعد أن قضيت وقتا طويلا أتفرس في ملامح وجهيهما وأحاول رسم صورة تتشكل عناصرها بالمناصفة بينهما. أصبح من شبه المؤكد بالنسبة لي إنني سأصاب بالعمى الجزئي وربما التام بعد الستين تماما كجدتي,, ومن المؤكد أيضا إن أخاديد طولية وعرضية وكرمشة ستحل بطلتي البهية تماما كما حدث لجدي,, ومما لا شك فيه إنني سأقضي سنواتي الأخيرة برفقة عكاز يحفظ توازني بعد التقوس الحاد الذي سيحل بظهري تماما كما حدث لجدتي,, ومن شبه المؤكد إنني سأموت صارخا متأوها وأنبوب (قسطره) محشور في مكان لا يجب أن يكون فيه تماما كما حدث لجدي, ومن الراجح إن خدودي اليانعة ستصبح أرضا خصبة لبضع (نخلات) كتلك التي نمت على ما كان يوما من الأيام خدود جدتي. كما أسلفت فلدي تصور كامل عن هيئتي العامة في شيخوختي والأحداث والتحولات العظيمة التي ستحل بي فسيولوجيا. ما ليس لدي عنه أدني فكرة حتى الآن هو أين سأقضي شيخوختي؟ ومن سيعتني بي ؟ وهل سيفعل ذلك كما يجب أم إن رمية سودة تنتظرني؟ ستظل هذه الأسئلة معلقة على مدى السنوات القريبة القادمة فلم أقرر بعد ماذا سأفعل بحياتي, فأمامي خياران لا زلت اقلبهما وهما أما أن اجمع قدر من المال واقضي سنواتي الأخيرة في دار هادئة للعجزة, وأما أن أخلف عيلا أو أكثر ليقوم بهذه المهمة.
على أية حال هذا شأن معقد ويحتاج لعمل كبير وترتيب جيد فالشيخوخة وأرذل العمر من الأمور المزعجة جدا, وبالنسبة لي قريبا ستبدأ إجابات هذه الأسئلة في التبلور وسأقرر مبكرا أين وكيف سأقضي أيامي الأخيرة. ولكن دعنا نعود إلى شأن سعيد وسعيدة.
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: لا ترغب أن يحدث لك ما حدث لسعيد وسعيدة. (Re: معاذ حسن)
|
فبعد اطلاعي عن كثب لما حدث لهما قررت إلا يحدث لي ذلك مهما كلف الأمر. كان العم سعيد يوما شابا من الطبقة الوسطى تزوج سعيدة وهي أيضا شابة من ذات الطبقة, كان يعمل موظفا متوسطا في مصلحة حكومية ,إبتني العم سعيد منزلا لطيفا على مساحة خمسمائة متر في (حي الصحافة) وغرس فيه من الأشجار الظليلة الشيء الكثير وأنشأ تعريشه من الحصير واللبلاب في الركن الشمالي من المنزل كان يخطط أن يقضى تحتها سنوات شيخوخته يستمتع بالصباحات الشتوية في دفئها, ويقضي أوقات القيلولة صيفا تحتها بعد أن يرش أرضيتها ويغسل فروع اللبلاب بالخرطوش, ليستمتع بعد ذلك بطقوس قهوة رفيقة دربه الحاجة سعيده . مرت الأيام وشاخ العم سعيد بسرعة لم يتوقعها وكبر العيال الخمسة (أربعة أولاد وبنت واحدة), والمؤسف إنه ولا أحد من العيال استطاع أن يخرج من ربقة الطبقة الوسطي , وليت شباب الطبقة الوسطى هذه الأيام كأيام العم سعيد فلم يتمكن أحد من عياله من شراء شبر في هذه المدينة التي أصبحت تباع الأرض فيها بالمتر. تزوج الابن الأكبر ومن بين أركان هذه الدنيا الواسعة لم يجد ركنا يبني فيه عش زوجيته إلا الركن الشمالي من منزل العم سعيد ,وهكذا غادر العم سعيد التعريشة واختار من بين أشجاره التي كبرت معه شجرة نيم ظليلة بجوار الباب الرئيسي قال العم سعيد يومها في نفسه : لا بأس فعلى الأقل سأتسلى من مجلسي هنا برؤية الداخل والخارج. بعد سنتين وذات ظهيرة والعم سعيد جالس تحت نيمته الأثيرة يتصفح جريدة اليوم جاء ابنيه خالد ونزار وفي عيونهما نظرة يعرفها جيدا منذ أيام بابا عايزين حلاوة. تنحنح خالد : يا حج عايزين نأخذ رأيك في موضوع. - خير يا ولادي - يا حج والله عايزين نعمل سيفون في البيت الحمامات البلدية دي ما بتنفع. - خير مافي مشكلة ربنا يساعدكم. - أمبارح جبنا صاحبها مهندس وقال أنسب حته نحفر فيها البير هو الحتة دي يعني لازم نقطع النيمة دي ونحفر البير في محلها. - يا ولادي شوفو ليكم حتة تانية الشجرة دي اكتر حتة برتاح فيها في البيت دا بعد شلتو التعريشة. - يا حج والله ما في طريقة لازم نشيل الشجرة دي. كان نزار يكتفي بمتابعة الحوار الدائر بين العم سعيد وخالد وفي عينيه نظرة مؤيدة بقوة لكل ما قاله خالد.التقط نزار طرف الحوار متداخلا برعونة ومرارة مغلفة بهزار سخيف. - يا أبوي أنت ما ضيعتنا!!. بهت العم سعيد كليا - كيف ياولدي؟. - البلد دي زمان ما كانت رخصية هسي عمي إبراهيم دا مش كان زميلك في المصلحة هسي عندو تلاتة بيوت وزعها لاولادو!! . عشرات الاجابات المقنعة تقافزت في ذهن العم سعيد ولكنه لم يختر واحدة منها اكتفي بصمت حزين. - يا اولادي خير مافي عوجه اقطعوا الشجرة واحفروا البير. لم يعترض العم سعيد بعد هذا الحوار على قطع بقية أشجاره عند زواج نزار وطلال ...ولم يبق له من أشجاره إلا تلك المغروسة خارج المنزل بمحاذاة الجدار. وهكذا تحول المنزل الهاديء الذي كان يحلم به العم سعيد إلى نزل يأوى بضع وعشرون نفسا وتبخرت أحلام العم سعيد بقضاء شيخوخة هادئة مع هذا التكدس, فلا يكاد يفرغ من لعب وإزعاج وصريخ عيال عياله حتى يبدأ صريخ نساء عياله والذي يمتد حتى صريخ مؤذني الحي أن حيا على الفلاح فيحمل العم سعيد سنواته على ظهره ليبدأ دوامة جديدة من الصخب.
لا تفسد أبدا أحلام رجل مسن مهما بدت لك ساذجة فربما انفق عمرا يبني هذه الاحلام البسيطة وربما لا يتسنى له الوقت ليحلم من جديد.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لا ترغب أن يحدث لك ما حدث لسعيد وسعيدة. (Re: معاذ حسن)
|
Quote: لا ترغب أن يحدث لك ما حدث لسعيد وسعيدة |
لعلي أفاجئك صديقي معاذ إن قلت لك أن عمنا سعيد وخالتنا سعيدة سعداء بحق وحقيقة ، ذلك أن الله تعالى قد أكرمهم كرماً بالغاً ، فما أجمل أن يعيش هذا ( السعيد ) أيامه الأخيرة وسط ( بضع وعشرون نفسا ) من لحمه ودمه حتى صار ( لا يكاد يفرغ من لعب وإزعاج وصريخ عيال عياله حتى يبدأ صريخ نساء عياله والذي يمتد حتى صريخ مؤذني الحي أن حيا على الفلاح ). ذلك هو المعنى الحقيقي لاتصال الحياة حتى وإن شابها شتارة ورعونة مثل شتارة ورعونة نزار . عشت تجربة نقيضة لتجربة عمنا سعيد ، بطلها أحد أصدقاؤنا المغتربون ، منذ أن إجتمعنا في غربتنا وهو مهموم ببناء منزل يتكون من فيلا في الطابق أرضي وطابقين علويين ، كل طابق يحتوي على شقتين ليكون حسب تخطيطه الطابق الأرضي بمثابة البيت الكبير له ولرفيقة عمره والشقق الأربع بعدد أنجاله . لم يكن للرجل هم أو ( ونسة ) إلا عن البنيان وأسعار الأسمنت والحديد والأبواب والشبابيك مما جعله مصدراً ( Up to date ) لأسعار مواد البناء . أكمل الرجل بناء منزله على النحو الذي أراده وعندما آن أوان الرجوع وجد نفسه وزوجه وحيدين فأنجاله الذين درسوا وتخرجوا في جامعات غير الجامعات السودانية قد تزوج بعضهم لكنهم إختاروا طريقاً آخر فتوزعوا بين المنافي المنتشرة بعرض الكرة الأرضية . لم تجد محاولاته المستميتة معهم للعودة للعيش معه في السودان ( يا حاج هو الناس العاشت عمرها كلو في السودان هجت وطلعت منو . دايرنا نحنا الكنا بنجيهو إجازات بس نتأقلم على الحياة فيهو .؟؟؟ ) . لم يجد بداً من تأجير الشقق لا ليبحث عن عائد مادي إضافي فقط بل ليشعر ( بالحياة ) من حوله . وتحولت شيخوخته التي أرادها هادئة يجتمع عنده أنجاله وأحفاده أيام الجمع والأعياد على مائدة واحدة إلى ترحال مستمر بين القارات لتفقد أحوالهم .
فأيهم كان الأسعد بشيخوخته .؟؟؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لا ترغب أن يحدث لك ما حدث لسعيد وسعيدة. (Re: عاطف عمر)
|
((لعلي أفاجئك صديقي معاذ إن قلت لك أن عمنا سعيد وخالتنا سعيدة سعداء بحق وحقيقة ، ذلك أن الله تعالى قد أكرمهم كرماً بالغاً ، فما أجمل أن يعيش هذا ( السعيد ) أيامه الأخيرة وسط ( بضع وعشرون نفسا ) من لحمه ودمه))
عزيزي عاطف عمر اولا اصدقك لقد تأثرت جدا باحلام صديقكم بطل قصتكم والتي وئدت رغم اخلافها كليا عن احلام العم سعيد. اختلاف طبقتي بطلينا في تقديري أفرز التبابن في الاحلام لو كان صديقكم من طبقة عمي سعيد وعاش التكدس والازعاج الذي عاشه العم سعيد ربما لفرح بنجوع العيال. أمر مشترك يجمع بينهماوهو الاحلام التي تظل تبنيها سنوات وسنوات فتدوس عليها الاقدام الصغيرة . تحية وسلام وأشكرك .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لا ترغب أن يحدث لك ما حدث لسعيد وسعيدة. (Re: عاطف عمر)
|
Quote: الحوار الدائر بين العم سعيد وخالد |
والله الكلام ده لو كان في عطبرة .. كنته قلته قاصدني عديل كده ..
تحياتي لك أخي معاز تعرف كان لدى عمتي بالسودان مرآة غريبة ما أن تجلس أمامها حتى تضحك على نفسك .. فهي أشبه بغرفة المرايا في مدن الملاهي التي كنا نسمع عنها .. حيث تظهر لك خلاف شكلك الحقيقي .. فتظهر صورة الذي يقف أمامها مختلة النسب .. أجزاء كبيرة وأجزاء صغيرة .. فكل من ينظر إليها لايرضى عن صورته .. لذلك لم تكن تصلح للهندام .. ولا للقياس .. هكذا هو حال السودان وحالنا نحن في بلاد الغربة .. فمن يبني بيتاً ثم ينظر إلى مرآة السودان يجد أن الصورة ملخبطة وغير متناسبة .. ومن يجلس بالسودان .. يجد الصورة أيضاً غير متناسبة .. يظهر أن المرايات جنـــــــة عديل كـــده .. المهم .. تحياتي ليك .. وأحذر المرايات في مثل هذه الأوقات . أخوك/ خالد سعيد الأرباب
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لا ترغب أن يحدث لك ما حدث لسعيد وسعيدة. (Re: Khalid Saeed)
|
معاذ حسن ........ بيني وبين نفسي قلت نوقف نياحتي, بقفشة لطيفة من الوجيه معاذ, مبررا لنفسي ان بيوت البكاء لا تخلو ايضا من خفشات لزوم فك التكشير ومقابلة المعزيني تقوم تخليني ابكي نفسي قبل يوم .... بكلامك ده
Quote: عاديستظل هذه الأسئلة معلقة على مدى السنوات القريبة القادمة فلم أقرر بعد ماذا سأفعل بحياتي, فأمامي خياران لا زلت اقلبهما وهما أما أن اجمع قدر من المال واقضي سنواتي الأخيرة في دار هادئة للعجزة, وأما أن أخلف عيلا أو أكثر ليقوم بهذه المهمة |
وشلة هم الحتة دي بس لاني ما بقدر اوفر مليما احمر الداخل ياه بنسلم لسيد الدكان الذي لم يتعلم جملة البيع نقدا او بالاصح لم يجد من يكتب له الدين ممنوع والزعل مرفوع حتى الان وان شاء ما يلقى اليكتب ليه لان الضحك بشرطنا... وبيت عشان نزرع لينا شجرة يجو الاولاد يقطعوها مافي, يعني والان شيلتني هم دار العجرة الداير لي لم قروش ده..
اما الحته دي
Quote: عادي- البلد دي زمان ما كانت رخصية هسي عمي إبراهيم دا مش كان زميلك في المصلحة هسي عندو تلاتة بيوت وزعها لاولادو!! . عشرات الاجابات المقنعة تقافزت في ذهن العم سعيد ولكنه لم يختر واحدة منها اكتفي بصمت حزين. - يا اولادي خير مافي عوجه اقطعوا الشجرة واحفروا البير. |
فعم سعيد لقى مخارجه بقطع الشجرة ,, لكن انا البخارجني شنو ,, شوف لي حلل قبل ما اقوليهم بيعوني اسبيرات بشرية دى اذا بقت فيني اسبيرات نافعه مع اكل الفول الكل قشر ولا الدكوة,,,,,
مشى كان اخير لي اقعد في برش البكاء حتى لو طنشتو من الكشف...
| |
|
|
|
|
|
|
|