Last Update Thursday, 11 December 2008 1041 AM
الاستاذ عبد الواحد محمد نور، قائد حركة تحرير السودان لـ"سودانايل": "3-5"
علي عثمان محمد طه هو الشخص الوحيد الذي اجريت معه حوارا جادا ومؤسسا .. ولم يعرض علينا مغريات مادية
المسؤول السياسي لحركة تحرير السودان من شندي .. وينتمي إلى قبيلة الجعليين
90 % من القبائل العربية التي لديها حواكير لم تحاربنا ورفضت أن تقف بجانب الحكومة
الحديث عن أصول عربية للفور يعتبر تزييف ثقافي
اكن للأستاذ احمد ابراهيم دريج كل تقدير واحترام وهو رمز تاريخي
صراع "أولاد البحر مع أولاد الغرب" قصد به تفتيت الشعب السوداني
عبد الواحد
قال الاستاذ عبد الواحد محمد نورقائد حركة تحريرالسودان لـ"سودانايل" في الجزء الثالث من الحوار إن "الشخص الوحيد الذي اجريت معه حوارا جادا ومؤسسا هو علي عثمان محمد طه النائب الأول للرئيس السوداني" مشيرا أن الضغوط التي وجدها علي عثمان في الخرطوم جعلته يتخلى عن كل الإتفاقات التي تمخض عنها ذلك الحوار.
وقال عبد الواحد إن مشكلة الاتحاد الافريقي هي ان "كل مندوبيه رؤساء ولا يختلفوا عن عمر البشير كثيرا وعادة الديكتاتوريين أنهم يرسلون مناديبهم من أجل أن يخدموا مصالح نادي الرؤساء وليس المواطن الأفريقي.."
حاوره في واشنطن: صلاح شعيب
تحدث لنا عن علاقتك بالمرحوم مجذوب الخليفة؟
مشكلتي مع مجذوب الخليفة هي أنه كان دائما أنني أفاوضه لوحدي وليس إنطلاقا مما تقره مؤسسات الحركة وكان بيننا فرق كبير في التفكير... جلست معه بحضور اوبسانجو ومع عدد من الرؤساء من اجل التفاوض وجه لوجه.. ولكن كان تفكيره دائماً انه يأتي ليعرض "لينا قروش ومناصب ودي كل استراتيجيتو.. وكنت اقول ليهو انا محامي وقادر ألقي قروش وانا ما عايز منصب وما ممكن اضحي بالملايين من الناس ديل عشان يكونوا اصل بتضحياتهم للمناصب.."
وماذا عن علي عثمان محمد طه..وكما نعرف أنك تحاورت معه؟
الشخص الوحيد الذي اجريت معه حوارا جادا ومؤسسا هو النائب الأول علي عثمان محمد طه.. وانا متأكد انه ندمان بأنه لم يستمع لكلامنا.. "كنا بنتكلم جادين إنو السودان إما يكون فيه سلام حقيقي او مافي سلام نهائي..سلام يبدأ بتوفير الأمن للناس ثم بعد داك نضع خارطة طريق لتكون هناك ديمقراطية حقيقية في البلد..لكن في تقديري إنو في الوقت داك كان علي عثمان في موقف سياسي ضعيف.. المهم إنو علي عثمان أداني احساس بالجدية وأقول صادقا بأنه الوحيد الما عرض علينا قروش أو مناصب.. ونحنعلي الاقل أجرينا معاهو حوار موضوعي وجاد..ولكن بعد الضغوط التي وجدها في الخرطوم أخل علي عثمان بكل الإتفاقات ولكن للصراحة أقول إنه الوحيد الحاورنا حوار ود بلد مع ود بلد.. ولو كان قد عرض علينا أي عرض مادي لكان قد نسف أجواء الحوار لما اتفقنا معه في تلك الاتفاقيات التي أخلى بها..."
ما هو انطباعك عن الاتحاد الأفريقي؟
مشكلة الاتحاد الافريقي ان كل مندوبيه رؤساء ولا يختلفوا عن عمر البشير كثيرا وعادة الديكتاتوريين أنهم يرسلوا مندوبيهم من أجل أن يخدموا مصالح نادي الرؤساء وليس المواطن الأفريقي..وأتذكر أن سالم أحمد سالم ممثل الاتحاد الافريقي قال لي انه ذهب إلى دارفور مرات ومرات قبل التفاوض وبعده.. مشي لكل النازحين وسألني عن لماذا "كل الناس في دارفور بيقولو عبد الواحد عبد الواحد واقف مع عبد الواحد".ورديت عليه بالقول "بس لأني كنت لسان حالهم وانا الوحيد الكنت بدافع عنهم وقلت له: ياخي دي مسؤولية اخلاقية لأني أنا مناصر للنازحين وما ممكن اخونهم ومهمتي في الاول توفير الأمن عبر التفاوض عشان الناس يمشوا قراهم" و"عندما رفضنا نوقع سالم طردنا من الفندق وده اكتر وقت احنا اتعرضنا فيهو لضغوط.. نعم سالم أمر بطردنا من فندق شيدا بابوجا.. انا ود. أحمد وكل كادرنا..شنطنا موجودة للآن في الفندق.. ورفضوا يدفعوا القروش كنوع من الضغوط النفسية عشان نوقع علي الاتفاقية.. وكنا بنوم في شوارع أبوجا وتم تزوير وثائق تؤكد بأننا طالبنا بسقف مادي..سالم هذا قام بجولة حول العالم وكان بيقولو عبد الواحد رفض يوقع وطالب بمنصب نائب رئيس الجمهورية.. وكانت تلك فرية عجيبة بالنسبة لي فأنا اولاً ما مؤمن بثورة الانقاذ عشان هي تديني سلطة فالسلطة حق لنا كلنا.. وهي لا تملك هذا الحق عشان تصرف للناس السلطة وإذا كنت عايز اكون رئيس السودان فهو حق شرعي ولكن لا أتحصل علي ذلك بالديكتاتورية.. ولكن بسلطة الشعب وعبر التصويت في نظام ديمقراطي.
شاهدنا صورة لك مع الرئيس ابوسانجو في أبوجا.. كيف صارت علاقتك بالرئيس أوباسانجو أثناء المفاوضات؟
كانت لدي علاقة شخصية معه وتطورت إلى صداقة.. كنت أزوره في بيته وفي مكتبه.. المهم أن ابوسانجو كان يحاول يقنعني في تلك اللحظات حتى اوقع.. وكان يضغط علي عاطفياً بحكم علاقتي به.. لكن المهم الذي يجب ان يعرفه الناس ان الجانب العاطفي بعيد في اشياء "زي دي سواء كان الضغط من امي او ابي أو اي شخص أخر لأننا ناس واقعيين.. لأن هذا مصير ناس وليس امرا يخصني شخصيا وأنا لا تؤثر فيني لا ضغوط ولا اغراءات.."
في أي حالة يمكن أن توقع سلاما مع الحكومة؟
في كل الحالات أستطيع التوقيع إلا في حالة واحدة.
وماهي هذه الحالة؟
في حالة عدم نزع سلاح الجنجويد..
ألا ترى بعض صعوبة في تحقق هذه الحالة؟.
لا تهمني الصعوبة بقدرما يهمني " إنو دي وسيلة السلام..."
ألا يمكن أن يتحقق هذا الشرط بعد السلام....؟
طبعاً تجربتنا مع الانقاذ كانت صعبة وطويلة جدا وانا شخصياً خبرت الانقاذيين جدا.. وكنت دائماً اقول ان كل الاتفاقيات التي وقعتها الانقاذ مع الناس عبارة عن حبر في ورق، ومع ذلك أرجو من الله ان تفي الانقاذ بوعدها سواء الذي قطعته في إتفاقية نيفاشا أو ابوجا أو اتفاقية الشرق أو القاهرة .."احنا مشكلتنا مع الحكومة عدم الثقة..ثقتنا فيها صفر لأننا فاهمنهم تماماً. إحنا اكتر ناس فاهمين ناس الانقاذ ديل عشان كدا ما قدروا يخدعونا ابداً.."
ماهو المطلب الآخر بعد نزع سلاح الجنجويد.. هل هو منصب نائب الرئيس؟
ابداً.. توفير الامن ونزع سلاح الجنجويد وتعويض المواطنين فردياً وجماعيا وإرجاعهم إلى قراهم هذه هي كل مطالبناا..إضافة الي التعويض النفسي وذلك بمحاكمة القتلة "عشان الناس يقدروا تاني يعيشوا مع بعض"..وفكرتنا المركزية ان نضع مبادئ لتمكين السلام.. ولا يهمنا بعدها منصب نائب رئيس أو حتي رئيس جمهورية.."
اولكن كان هناك إصرار في أبوجا على منصب نائب الرئيس؟
كان ذلك جزء من المطالب على الورق ولكن لم يكن شرطا لتوقيع الاتفاق ولم نهتم به كثيراً...
نعود مرة اخري الي جانب النشأة..انت عشت في منطقة تداخل بين العرب والفور هل هناك تداخل في اسرتكم كتداخل دم ونسب وثقافات؟
طبعاً كان أصدقاء أبي منذ الصغر من العرب.. "كان عند ابي مخزن كبير وكعادة القبائل العربية دائما لديها رحلات الشتاء والصيف وكانوا دايما يمرو بينا ويختوا ممتلكاتهم في مخزن ابي سواء كانوا ماشين للجنوب او للصيد وكانت زالنجي في خط سير هؤلاء المراحيل.. ومنذ ان كنت صغيرا كنت أعرف عادات كتيرة عن العرب لأني كنت دايما اقعد مع ضيوف ابي وكانوا يهدونني الجلاليب وابي كذلك بديهم العسل."
هل تصاهرتم معهم، خصوصا وإنه نشر أن أصول عبد الواحد عربية؟
عمي شقيق ابي زوجته عربية وامها كذلك..."اجدادنا كتير جداً اتزوجوا عرب.. حبوبتي ام امي امها عربية يعني الجيل الرابع من قبيلة عربية..لا اذكر اي قبيلة لكن كانوا بيقولوا هوارة.. لكن الوالد فوراوي.."
هناك أقاويل بأن الفور يتحدرون من أصول عربية؟
لا.. لا.. ده تزييف ثقافي..هل ضروري عشان تكون سوداني لازم ترتبط بالعرب..؟ تار يخ السودان لا يبدأ بدخول العرب للسودان.. هذه الإدعاءات جزء من استلاب ثقافي وانا ارفضه بشدة "لأنك ما ممكن تكون سوداني إلا تكون اصولك عريبة.. عشان كدا بيقولوا ان الفور اصلهم عرب استناداً علي إنو تاريخ الفور بيبدأ بسليمان سولونق ومعني سولونق هو العربي.. لكن ده غلط انا عندي ود عمي اسمه ادم سولونق عشان لونو احمر مش لأنو عربي.." مثلاً الامريكي ممكن يكون ابيض واصفر واسود.. وابن عمي سموهو سولونق مش لانو عربي..بس لأنه لونو احمر وهو مربوط بالعروبة.. المشكلة إنو ناس الانقاذ دايماً بيحاولوا يسلبوا الزول إنتماءاته ويختوه في الانتماء العربي..يعني مثلاً انا عندي لهجة دارفور.. وداير اتكلم بلهجتي دي هناك في الخرطوم.. بس عندهم ما مقبوله وبيعتبروني متخلف.. ده اصلاً سبب الصراع في السودان لما يسلبوا هويتك ويدوك هوية جديدة ويعتبروا هويتك الاصلية دي شينة وحقيرة يجب التخلص منها دا البخلينا نحارب..في فهمي إنو اي زول في السودان متساوي للآخر ولكل زول هويته..انتا كونك عربي وكونك افريقي وكونك مسلم وكونك مسيحي وكونك لا ديني فهذا شئ يخصك..المهم إنو السودان هو حقنا وهو مكونا الذي نعتز به كلنا بالتساوي ولا احتاج انك تسلبني هويتي وتديني هوية جديدة عشان تديني الجنسية السودانية.. ده مرفوض عندي تماما واحاربه بشدة وهذه هي السلفية السياسية التي احاربها وبرضو يقولوا ليك ديل صليحاب.. إيه يعني هم أصلا برقو وهم افارقة ونعتز بيهم جدا وايضاً يقولوا ليك الفور اصولهم عربية نسبة لسليمان سولونق ما الفور تاريخهم يبدأ قبل سليمان سولونق ده أها كان اصلهم شنو.. انا اعتبر انو حالياً في وعي سياسي في السودان بس الناس بنكرو ده وأنا اعتبر نفسي ابن لهذا الوعي.. وانا اعتبر رد أصول الناس للعروبة اختزال لهوية الناس وتلبيسهم هوية جديدة وده بتعارض مع القيم والاخلاق الانسانية بانك تنزع هوية الانسان وتديهو انتماء جديد..وبالمقابل في ناس بقولوا العرب ديل كلهم اجانب ما سودانيين.. انا ارفض هذا أيضا..
يقال ان عدد القبائل العربية في دارفور اكثر من القبائل الأخري..؟
اعتبر ده غير حقيقي كل الدارفوريين اي زول بقبيلته.. السودانيين كلهم بقبائلهم.. لكن ولا اعرف ان كان العرب اكثر او الافارقة..المهم هم دارفوريين وسودانين....إنني أعتبر أن الصراع لا علاقة له بواقع كثرة عدد العرب أو الأفارقة في دارفور وما كان سبب المشكلة في دارفور وإنما سبب الصراع يكمن في الخرطوم.. أهل السلطة دائما بتعمل علي حث النعرة العنصرية بين أهل السودان واهل دارفور لشغلهم بذاتهم بينما هم يواصلون استمراريتهم في السلطة وهي ما نسعي نحن في الحركة لغيقافها بكل ما أوتينا من جسارة وقوة.. وسنسعي لتوحيد اهل السوان كجسم واحد وواعي على أن يلتفتوا لقضاياهم الاصلية المتعلقة بتنميتهم ووجودهم كشعب في الارض..نحن لا نهتم بما يقال بأن عدد العرب أكثر أو الأفارقة ما نعول عليه أن كل أبناء دارفور جسم واحد كما هم أبناء السودان..صحيح أن هناك قبائل وعشائر ولكننا في الحركة لا نحملها المسؤولية في الفشل فالذين يجب أن يكونوا محل المساءلة هم النخبة التي تأخذ نصيب الاسد من الحكومة ثم توزع الناس إلى عرب وأفارقة..نحن سوانيون ويجب أن ندير صراعاتنا وفق هذه الهوية وبذلك نستطيع أن نبني وطنا يسع لكل القبائل والعشائر، وكما قلت مرارا أن هذه هي مكوناتنا العرقية..فكيف يستطيع المرء أن يثور ضدها بينما أن السلطة هي المخرب الأول لهذا المكون..
اذن نستطيع القول انو مافي صراع أبناء الغرب وابناء البحر تاريخياً؟
ما يسمونه بصراع أولاد الغرب وأولاد البحر غير حادث وهذه التسمية جاءت لتفتيت الشعب السوداني..الذين يريدون أن يسيطروا على السودان والمحافظة على مصالحهم يقسمون الناس بطريقة "نحن وهم" كما أشرت إلى ذلك.
ولكنك هنا كأنك تريد نفي مقولات تشير أنه يوجد صراع داخل المكون السوداني..هل تؤمن بأن هناك صراع بين مجموعة من الناس الذين إستولوا علي السلطة تاريخيا؟
نعم...فالحكومات تحاول تحويلنا إلى أعراق محتربة "ويقولو جلابة ويقصدون الشايقية والجعلية والدناقلة.. ولكن نجد اصلاً الشايقي شالو نخلو والجعلي ممكن يكون اتشرد وشالوهو للصالح العام او طردوه او قتلوا لأنه ما اسلامي ولو كنت دنقلاوي من الممكن يعتقلوك من بيتك ولا يعرف أي زول مصيرك..نعم يمكن الاغلبية من صفوتنا يكونوا من الشمال لأسباب تاريخية انت بتعرفها زي التعليم وغيره..لكن احنا بنقول ان الصفوة ديل ما عندهم قبيلة..انا عندي قريبي اسمه احمد يوسف حسي بقي مع الحكومة وهناك عمل لينا مركز تاني في دارفور..وحتى لو قلنا الخرطوم مركز..لكن المركز فيهو كم هامش وشوف ناس الحاج يوسف وأمبده والدخينات وغيرو.. في المنشية مثلاً في كم هامش.. تلقى زول ساكن مثقف ومتعلم وعندو قروش لكنو محروم من اتخاذ أي قرار في البلد لأنو ما بنتمي للحركة الاسلامية ولا يستطيع يتخذ قرار اقتصادي او سياسي او اجتماعي للبلد ولو اتكلم يقولوا ليهو انتا عميل اسرائيلي خاين ويودوهو السجن.. ودي سياسة المؤتمر الوطني والتي حاولت أن تشق الطرق الصوفية برضو ويخلوا الناس المتدينين داخل طريقة واحدة منقسمين.. لاحظ كل المشردين والناس الجو امريكا فيهم الفوراوي والجعلي والشايقي والجنوبي والمسيري ولو كان السودان بستوعبهم ما كان جو اصلاً لأنهم وجدوا هناك اضطهاد عرقي او سياسي او ديني او ما لقو سبل تعليم او عمل وكسودانيين صفوة عليهم أن يحاربوا والنظام القاعد مرتاح هناك وقسمهم جلابه ودارفورين و جنوبيين ومسلمين ومسيحيين يتقاتلوا فيما بينهم. نحن امامنا عمل هائل ولا بد أن نخلي السوداني سوداني بانتمائه ومكونه الإتولد بيهو وانا مؤمن بالله أقول إنو لو كان ممكن ربنا يخلقنا كلنا عرب أو افارقة لإستطاع بس هو دايرنا كدا عشان نكون سودانيين.
ومن هم الجنجويد في تعريفك؟
الاغلبية الساحقة منهم عبارة عن القبائل العربية الرحل التي ليست لهم حواكير والبعض أتوا بهم من الدول الاخري لأجل أن يحاربو لصالح الحكومة ضد القبائل الافريقية التي سموها بالزرقة.. لانو الحكومة في فهمها اني انا عبد الواحد ومني من قبائل افريقية ومفروض يحاربونا.. وكان في اتفاق بينهم مع الحكومة ويقول الإتفاق لهم "بأن تقتلوا الناس ديل وتحرقوهم وتشردوهم وكل ممتلكاتنا هي عبارة عن غنائم وتستولوا على اراضيهم وتسكنوا فيها" ولقد قاتلوا بضراوه لجهلهم انهم ينفذون سياسة فرق تسد.. والآن اغلب الجنجويد عرفوا الحقيقة إلا الزول العندو مصلحة لأننا قعدنا معاهم وشرحنا ليهم اهدافنا والآن جزء منهم انضم للحركة وبعضهم عملوا حركات بيحاربوا ضد الحكومة.. وده كان عمل شاق وجهد قمنا بيهو لإقناع من حاورناهم..
وهل يعني هذا أن الجنجويد لا يمثلون القبائل العربية في دارفور أو أن القبائل العربية تنظر إليهم بأنهم لا يمثلونها ؟
هناك الكثير من الخلط حول هذا الجانب وأوضح أن 90 % من القبائل العربية التي لديهم حواكير لم تحارب ورفضت أن تقف بجانب الحكومة وانا لا أريد أن اذكرهم بالتحديد.. حتي بعض مشايخهم قاوموا كلموا الناس بالمايكرفون قبل ما الحكومة تجي تعمل التعبئة بتاعتها وتحرضم علي الحرب وبعملوا تعبئة مضادة واصطدموا مع ناس الحكومة.. ويعني هذا ان الكثير من القبائل العربية ما عندهم علاقة بالجنجويد.. وفي بعض منهم في الحركة كقيادات وبقوموا بعمل سياسي كبير ولا يمكن ان اذكر اسماءهم تحديداً حفاظاً على سلامتهم.
وهل نستطيع القول أنه لا يوجد هناك صراع بين الحركات المسلحة والقبائل العربية؟
انا لا أمثل كل الحركات المسلحة ولكن اقول أن حركتنا التي أقودها..نحن ليس لدينا أي علاقة بصراع ديني أو عرقي ونحترم مكوناتنا ونعتز بها مكوناتنا وظللت مرارا وتكرارا أؤكد هذا..
وهل المكتب السياسي للحركة يضم قيادات عربية؟
بأعداد هائلة.. والحكومة فشلت في ان تعمل تعبئة في القبائل العربية مثلما هو حادث في الأول لأننا ساهمنا في توعيتهم وهم عرفوا الواقع واعتقد اننا بذلنا جهدا سياسيا هائلا في هذا الجانب لذلك..وأكشف لك سرا أن المسؤول الاستراتيجي لحركة تحرير السودان ومن المؤسسين هو حافظ يوسف وهو من اصول عربية وقبيلته عربية ومن القبائل النشطة جداً.. انا وأعضاء الحركة ما مؤمنين بفلان عربي وما عربي.. قلت لك من قبل أن الحركة لكل السودانيين بكل مكوناتهم وثقافاتهم واعراقهم.
* وهل لديكم بعض القادة من الوسط النيلي؟
نعم وبأعداد كبيرة..المسؤول السياسي لحركة تحرير السودان في دارفور هو من شمال السودان وتحديداً من شندي.. من الجعليين وموجود داخل السودان وكل الناس بتلقوا التعليمات منه وبنزلها ليهم وما في زول حس مجرد احساس انه في مشكلة.. الشخص بكفاءته وليس بقبيلته.
الإعلام الحكومي خلق تخوفا من الحركات المسلحة..كيف ترى اسباب هذا التخوف التي يستند إليها هذا الإعلام؟
نعم.. تقسيم الناس الي نيليين وشماليين ودارفوريين لم يتم عبر حركة تحرير السودان والأجهزة الإعلامية للحكومة هي التي تقول ديل ناس دارفور دايرين يجو يستلموا السلطة في النيل والسلطة كما نعلم هي ملك وحق للشعب السوداني سواء كان جذوره منت النيلي او الشرق او الغرب او الجنوب وحركتنا تتكون من كل هذه الجهات.. وعندما نقول حق المواطنة نقصد بها مكوناتها هذه فكلها متساوية تماما في الدولة.. نقول للناس في المنطقة المسماة بالوسط النيلي أننا ليست لدينا قضية ضد المواطنين هناك، ولهذا ليس هناك من سبب للتخوف من نضالنا وأؤكد أن هذا الوهم والخوف صنعته الانقاذ وهي دائما ما تنمي ثقافة الخوف لدى الشعب. وتشهد أنني في كل ما ذكرت في هذا الحوار لم أتفوه بكلمة أو تعبير ضد السوداني العربي أو الافريقي او ضد الاسلام او ضد المسيحية أو اي شئ يدل علي العنصرية... حتى ننهض بالسودان لابد أن نقر بأن كل مكونات السودان على "العين والراس والكلام ده بصدر من اعماقنا ومجرب في سلوكنا".. نحن في الحركة ليس لدينا اي إحساس أو غبن ضد ما يسموه بالوسط النيلي وثورتنا لم تأت ضد قبائل أو مناطقنا وعدونا جميعا هو الفكر السلفي السياسي الذي يقسم الناس إلى مناطقهم الجغرافية وقبائلهم..وكل زول يعتز بقبيلته لن نغير إعتزازه وسيكون كما هو وسيكون كما يشاء وأي شخص يريد أن يقلب هذه الحقائق سنحاربه...إسم حركتنا هو حركة تحرير السودان وليست هي قامت لتكون ضد أفراد..أو قبائل.
يعتبر دريج من السياسيين القدامي الذين إهتموا بقضايا دارفور ولكن ألا ترى أن الحركات المسلحة لم تعطه أي دور أثناء التفاوض مع الحكومة والمجتمع الدولي؟
اولاً اكن للأستاذ أحمد ابراهيم دريج كل تقدير واحترام وهو رمز له الكثير من الادوار التاريخية في التنبيه لقضايا دارفور منذ تكوينه لجبهة نهضة دارفور في الستينات ونحن في حركة تحرير السودان جينا بفكر وطرح الدولة العلمانية الليبرالية الديمقراطية التي تفصل الدين عن الدولة وقدر دريج ان لديه تنظيمه والمبدأ السياسي الذي يؤمن به.. لكن ما عندنا معاهو مشكلة وحرية تنظيمه جزء من مبادئ الحركة...
وهل تحاورت معه فيما يخص المشكلة الدارفورية وإذا كنت ترى أنه رمز سياسي هل استفدتم في التنسيق بينكم وبينه؟
التنسيق مع السيد ابراهيم دريج يحتاج إلى كلام طويل ومشكلتنا مع دريج أنه يوجد فارق اجيال.. يعني نحنا جينا بفكرة محددة ونؤمن بها بشدة وهي النافذة الوحيدة لخلق سودان موحد وننتهي من الصراعات الدموية منذ الاستقلال لليوم، وهو ما نؤمن به ايمانا عميقا وهناكالبعض الذي يؤمن بما نؤمن به ولكنه غير قادر على إعلان هذا الرأي.. لأنهم بفترضوا أن هناك اضطهاد اعلامي وحصل ليهم حاجة سيكولوجية.. نحن استفدنا من اخطاء الآخرين واعلنا ان فصل الدين عن الدولة بعد ما هيأنا المواطن.... وإذا كان دريج يؤمن بهذا الخط فنحن يمكننا أن نتحاور معه وننسق لمصلحة البلد.
نترك السياسية جانبا ونعود إلى جوانب من الذكريات...فأنت قلت إنهم كانوا ينادونك في المدرسة بالشاعر ابن زيدون..هل كتبت أي شعر باللغة الفوراوية؟
"ابداً باللغة الفوراوية ما كتبت شعر.. لكن اصحابي كانوا بكتبوا باللغة الفوراوية.. والآن اللغة الفوراوية أصبحت تكتب وهناك معاهد بتدرس اللغة في مايو والحاج يوسف.... كتابتي كانت باللغة العربية.. ولقد كتبت شعرا كتيراً وربما أنشره يوما.."
* في اي مجال كنت تكتب.. في الحبيبة أم في الوطن..؟
طبعاً في فترة المراهقة دايما الشعر بكون في الحبيبة...
وهل تذكر لنا مطلع شعري من ذلك الزمان؟
مثلاً كتبت وقلت في المتوسطة:
اذا سألت العصفور اين قاصد...
لأجاب أحمل تحيات لعبد الواحد..
ودي من القصائد المشهورة وكان زملائي في المتوسطة بيطلبوا مني اقراها ليهم وكان اساتذتي يشجعوني للمضي قدما في الكتابة الشعرية.
*************************************
ملحوظة:
تلبية لرغبة القراء الكرام نعيد فيما يلي الأجزاء السابقة من الحوار مع عبد الواحد
الجزء الأول من الحوار:
الاستاذ عبد الواحد محمد نور، رئيس حركة تحرير السودان، في حوار خاص لـ"سودانايل" : "1ــ5"
وجود البشير في السلطة لا يحقق السلام للسودان ودارفور
وصفوني بإني "قطاع طرق".. وعميل سي آي ايه.. وشيوعي وحركة شعبية و"بتاع موساد"..!!
********
أنا حافظ للقرآن الكريم ولا أرى تعارضا بينه والعلمانية
نستطيع التوحد عبر جسم سياسي وليس لدي أي خلاف مع مناوي..ونختلف مع إسلاموية د.خليل
رافعت في قضايا جنائية بالخرطوم ودارفور
ليس لدي أي احساس بالحقد تجاه أي احد..وأطالب فقط بتقسيم عادل لموارد البلد
60% من أفكارنا مستمدة من الدكتور جون قرنق علي وجه التحديد..
هذا الرجل هو الذي عبأني سياسيا..!!
حاوره في واشنطن: صلاح شعيب
قال الاستاذ عبد الواحد محمد نور رئيس حركة تحرير السودان في حوار أجرته معه سودانايل إنه لا يمكن تحقيق السلام بينما الرئيس عمر البشير في السلطة، مضيفا "واذا ظل البشير موجودا في السلطة فإنه يصعب الحفاظ على السودان بوضعه الحالي، كما أننا نرى أن وجوده لا يسهم في حل المشاكل العالقة في الجنوب والخرطوم وشندي وكردفان وكجبار..نحن موقفنا واضح في الحركة بخصوص التفاوض وقلنا إنه لابد من توفر اسس الامن ونزع سلاح الجنجويد ووجود قوة في الارض لحماية المواطنين واستعادة اراضي الذين تشردوا وارجاعها إليهم.."
وأشار عبد الواحد بقوله في الحوار الخاص لـ"سودانايل" والذي ينشر اليوم لأول مرة، على مدى خمس حلقات "ثقتنا صفر في الحكومة الحالية والتجربة الماثلة أكدت لنا هذا..لا بد من إيقاف الموت والاغتصاب وطرد الذين أتت بهم الحكومة من النيجر ومالي للتوطين في اراضي المهجرين، ولا بد من تحرير السودان من السلفية السياسية وهي مسؤولة من استدامة القتل والفشاد. وبقية المشاكل الأخرى..".
وقال في الحوار الذي أجري معه إبان زيارته الأخيرة لواشنطن إنه "إذا توافرت هذه الشروط الضرورية فإننا بعدها سنأتي للتفاوض اولا حول مفهومنا لتحرير السودان من الظلم وخلق دولة سيادة قانون حتى لا ياتي رئيس آخر ليفتك بالاخرين لمجرد أنهم عرب أو مسلمين وحتى لا يأتي آخرون لنهب اقتصاد السودان..وحتما سيكون من السهل بعدها حل مشكلة دارفور.."
*بداية أرجو أن تعطينا نبذة عن الاسرة والظروف التي صاحبت النشأة؟
ـ انا عبد الواحد محمد احمد النور...ولدت بمدينة زالنجي ـ غرب دارفور في عام 1968..أصول ابي وامي من منطقة "طرة" بجبل مرة، والتي كانت عاصمة دارفور عندما كانت سلطنة...درست المرحلة التعليمية الابتدائية بمدرسة (دال) ) والمتوسطة في زالنجي الجنوبية المتوسطة "يمكن تكون تغيرت حسب ما يطلق المشروع الحضاري حالياً من اسماء ويغير أخرى قائمة" ثم درست بزالنجي الثانوي سنة اولي ثم دارفور الثانوية "سنتين" ثم مدني الثانوية ثم جامعة الخرطوم ـ كلية القانون..
*وماذا تتذكر من زمن الطفولة؟
بالتأكيد لكل فرد منا ذكريات في حياته واذكر بشدة دائماً دور والداي في تربيتي وإحسانهما لي.. أولى أزماتي في الحياة بدأت عندما عانيت من ظرف صحي وكان عمري حينها 8 سنوات وظل معي هذا الظرف لأكثر من اربع سنوات...وظللت اعاني من هذا الظرف الذي أثر على رئتي اليمني.. وكان ذلك في منتصف السبعينيات تقريبا..
*وكيف تعاملت مع هذا الطارئ..؟
دخلت المدرسة وعمري 5 سنوات كمستمع وواجهت موقفا طريفة.. أولا تم تشخيص مرضي كونه ملاريا بمستشفى الفاشر وذلك بسبب الامكانيات المتواضعة حينها وعدم وجود اختصاصي للصدر.. فذهبت للخرطوم إلى دكتور عابدين شرف على ما اذكر ومكثت لشهر برفقة جدي زين العابدين عبد اللطيف وهو عم أبي والذي كان قد تعرض لحادث حركة بزالنجي أدى الى إصابته بشلل، فجيئ بنا سويا الى الخرطوم لإجراء العلاج اللازم..مكثنا لأربعة شهور بالمستشفى حسب طلب الطبيب لمواصلة علاجي.. ولكن لم تكن هناك امكانية لبقائنا في الخرطوم كل هذه الفترة وذلك لسببين، الأول هو عدم وجود مرافق معنا بالمستشفى، والثاني كان هو ان العلاج يحتاج الى استمرارية، اضافة الى التكاليف المادية. في تلك الفترة (عام 77) صاحبت وجودنا بالخرطوم احداث المرتزقة والاقاويل التي تتحدث عن ان "ناس الصادق جابو المرتزقة من دارفور".
في عام 83 عدنا مرة اخرى للخرطوم وتم اجراء عملية جراحية لي علي يد طبيب أكن له كل احترام وتقدير وأتمني من الله ان يطول في عمره وهو الجراح "ميرغني....." اختصاصي الصدر والجراحة العامة.. وتم اجراء العملية بنجاح.. *ما هو تأثير هذا الحدث عليك آنذاك؟
صراحة هذا الأمر ترك في نفسي آثارا عدة..اولاً عانيت بسبب الرحلة الطويلة بالسيارة عبر طريق نيالا- كاس- زالنجي في عام 76 وكانت الرحلة تستغرق ما بين ساعتين الي ساعتين ونصف الساعة في الظروف العادية..ولكن في الخريف حين سافرنا استغرقت الرحلة اربعة ايام حتى وصلنا نيالا..بعدها ركبنا "قطر الهم" وأقصد به قطار نيالا، والذي أوصلنا إلى الخرطوم في اسبوع وتلك كانت الرحلة الاولي للخرطوم.
وفي الرحلة الثانية جئت بنفس الطريقة ولكن هذه المرة بعد سفلتة طريق (نيالا- كاس- زالنجي) وهو الطريق المسفلت الوحيد في دارفور في ذلك الوقت، ثم استقلينا القطار الي الخرطوم. المهم هو أن الرحلتين اثبتتا لي أن السودان قارة و"شُفت" الفرق الهائل في التنمية في مناطق السودان.. مثلا ان تجئ من زالنجي الي نيالا ومن نيالا الي الخرطوم فإن المسافة كانت عبارة عن قارة تقطعها بصعوبة بالغة.. وتبين لي عدم وجود اي عدالة في توزيع الخدمات..وانا شخصياً كنت ضحية لعدم توزيع العدالة بين اقاليم السودان، مثلاً، الدولة هي التي تصرف في المستشفى فالعنبر كان به شماليين وجنوبيين وكل ألوان طيف السودان كانوا معاي واذكر كان هناك أحد المرضى من الجنوبيين واسمه ريتشارد وأجريت له عملية في الصدر.. وعبد الله من شمال السودان ... والدولة هي التي تعين الدكتور وتصرف عليه والسكان الموجودين في دارفور هم أكثر بكثير من اي اقليم آخر في السودان ولكن ما كان هناك مجال للدولة لتعيين اختصاصي للصدر في كل ربوع دارفور..أو اي اختصاصات اخري "غريبة جدا"!
*وهل خلق هذا غبنا في داخلك؟
لا..لا..ذلك لم يخلق لدي أي احساس بالحقد تجاه اي احد ولكن خلق لدي احساس بعدم التقسيم العادل لموارد البلد.ففي المستشفى زارني أناس من دارفور ومن كل أقاليم السودان الذين ارتبطنا معهم وإرتبط أهلي بهم.. ولم أشعر بغربة.
*وكم كان عمرك آنذاك؟
كان عمري حينها ما بين 13 الي 14 سنة..والمهم أننا كمرضى كنا نتناقش انا وعبد الله من أقصى الشمال وريتشارد واضافة الى آخر يدعى حسن أوهاج من شرق السودان وكذلك محمد علي وهو شخص كان كبير في السن مقارنة بنا وهو من منطقة شندي وكنا في عنبر به 8 سراير وعبد الله كان يعاني من السرطان وتوفي بعد ذلك "رحمه الله".. كنا نتناقش حول حالنا وأوضاع أقاليمنا، خصوصا وأننا بقينا سويا في مستشفى الشعب أربعة اشهر..وبرغم صغر سني لم اشعر بفارق في العمر بيني والذين يكبروني من المرضى والذين يمثلون كل بقاع السودان..الأهم في كل نقاشاتنا المميزة كان كل واحد منا يحكي عن منطقته وكنا نقر جميعا بأن هناك شئ غير طبيعي وكل واحد يحكي عن مرارات منطقته.. كنت اسأل محمد علي وأقول له "انت بتجي من شندي في كم يوم"..وكان يقول إن الزمن قصير مقارنة بنا.. ويقول ان اهله اغلبهم في الخرطوم وبحكم ذلك كان يواجه بكثير الزيارات..
*وهل كنت تحس بغربة وسط زملائك المرضى؟
لم احس بغربة..وذلك لأني كنت اصغرهم سناً، فكل شخص يزور أحدنا يحن علي ويسلم علي وشعرت ان السودانيين كشعب ليس بينهم اية فوارق.. ولكن السلطة الحاكمة في البلد هي التي تأتي بالفساد والعقلية التي تحكم تسبب الفوارق وليس الشعب.. فالعنصرية موجودة في كل العالم. لكن في السودان غير موجودة في وسط الشعب وأعتقد أن الطريقة التي تحكم بها البلد وتوجد عدم توزيع الخدمات هي التي تولد المشاكل وهذا ما رسخ في ذهني تماما حينها..وأقسمت منذ صغري ان استميت علي تحقيق العدالة.. "فأنا كان ممكن أن أجد العلاج الكافي واوفر الكثير من الزمن لي ولأهلي لو توفرت الخدمات الضرورية في دارفور وتم علاجي في وقتها رغم ايماني التام بقضاء الله وأجله فايماني ويقيني بالله كامل والحمد لله.." وأفترض كذلك أنه مثلاً لو كانت هناك عدالة في توزيع الخدمات الضرورية لتم تشخيصي حالتي ومعالجتي الفورية.
الرحلة من زالنجي "ورتني" عندما أمر ببعض الاقاليم سواء بالليل أو النهار والكم الهائل من المساحات وكل تلك المدن تشعر انك جاي من العصور الوسطى وفي مناطق اخري تجدها متقدمة ومتحضرة ولا شئ ناقص.. وكل ذلك في بلد واحد وعندما ترى معاناة الناس تحس بألم كبير... فمثلاً عندما تذهب حاليا الي الحاج يوسف تجد كل اهل السودان الشمالي والغرباوي ومن الشرق والجنوب والحاج يوسف منطقة جامعة ولكن بلا خدمات ضرورية..بعقلي البسيط كل تلك الأشياء تركت في نفسي أثراً.. بأنه يجب ان يحدث تغيير في السودان "..لأنه ما ماشي بطريقة صحيحة.."
*وهل إنعكس هذا التفكير المبكر على مراحل تعليمك..؟
كان كل اهتماماتي بعد مرضي هو التساؤل عن كيف اقرأ وكيف اعمل. وكان لدي أحساس بأن طريقنا طويل ويحتاج الي تغيير. أتذكر أن أبي وأخي عامر قررا بعد نجاح العملية أن نسافر ولكن الطبيب طلب منهما أن يحضروني بعد ثلاثة شهور اضافة الى عدم تعريضي للغبار خلال الرحلة الى البلد.. فما كان منهم أن ذهبوا بي الي خالي احمد سليمان في مدني والذي أكن له كل الحب والاحترام.. وكما يقولون في المثل "الخال والد" فقد غمرني بحبه ومازال..
من خلال سردك يحس المرء أن مرحلة الوعي الكامل بالمظالم تشكلت في المستشفي، ولكن يتشكل وعي أغلب الشباب في المرحلة الثانوية..ألا يعني هذا بعض مفارقة وهل كانت لديك في مرحلة الجامعة اي انتماءات سياسية؟
نعم ما قلته صحيح حول تشكل الوعي في المرحلة الثانوية تقريبا.. ودعني أكون صريحا معك..فخالي الذي كنت معه في مدني كان يعمل في الري وهو من المحبين للجدل السياسي..ويملك كثيرا من الكتب وكنت اقرأ بعضها وكان يحكي لي هو نفسه عن السياسة وهو الذي ساهم في تشكيل وعيي.. وفي ذلك الوقت كان الرئيس نميري قد طبق قوانين سبتمبر ورأيت من قطعت يديه وأثرت تلك المناظر في نفسيتي تجاه السلطة التي تحاكم الناس قبل أن توفر لهم ما يبعدهم عن السرقة وأشياء من هذا القبيل. وشعرت ان كل الناس الذين تمت محاكمتهم وفق قوانين سبتمبر كانوا نتاج لغياب العدالة وهذا ركز في ذهني ان معظم التنظيمات وانا في مقتبل عمري في المتوسطة عبارة عن وهم..وهم سبب ازمة السودان.."عشان كده طول عمري ما انتميت لأي تنظيم سياسي ولا اقتنعت انو في تنظيم عنده برنامج ممكن يحل لينا مشكلة البلد.."
*هذا يعني انك في الجامعة كنت محايدا؟
في الجامعة كان كل تفكيرنا واقعيا بشكل مطلق..
*وماذا كنت تفعل في الاجازات؟
كنت أدرس في البلد في العطلات الصيفية وننشئي فصول التقوية وهي عادة طلاب الجامعة هناك..يفعلون هذا الصنيع من أجل رفع المستوي الاكاديمي للطلاب في المنطقة نسبة لشح المعلمين في دارفور.. وفي تلك الفترة وجدت أحد الطلاب ويدعى أحمد عبد الله "الاستاذ" وكان يملك كثير من التفكير المتقدم حول القضايا العامة..واستغربت "اني القي زول في الثانوية بهذا المستوي من التفكير وعندو خط واضح.... "
* اي تفكير تقصد؟.
يعني نفس افكاري الحالية... تماما...
*ألم تفكر عندما كنت في الجامعة في الانتماء إلى أي تنظيم او تكون على مقربة من اتجاه سياسي ما وتراه يحقق أفكارك خاصة وأن الحركة الشعبية في تلك الفترة تنادي بمثل الافكار التي تحملها؟
انا دخلت الجامعة سنة 90 ونعم الحركة الشعبية كانت فعلا تناضل في تلك الفترة.. صراحة ما فوق ال60% من أفكارنا مستمدة من الحركة الشعبية ومن الدكتور جون قرنق علي وجه التحديد.. ولكن كنت أشعر ان افكار الحركة جيدة لكن تحتاج اضافة..
ماذا تقصد بالاضافة؟
لأكن معك صريحا احنا فكرنا مع شباب كتيرين اصحابنا قعدنا معاهم.. من الجامعة ومن خارج الجامعة.. الليلة منهم 17 من مؤسسي الحركة لا استطيع اذكر اسماءهم نهائي الآن. الكلام ده سنة 92 ومعانا اربعة بنات والبقية شباب من شمال السودان اقصد الشمال الجغرافي..اعني الشمالية وناس من الوسط وناس من الجنوب وناس من جبال النوبة وناس من دارفور انا من ضمنهم وناس من الخرطوم ايضا.. كننا نتناقش.. ولكن في الأيام ديك كان مجرد التفكير في تكوين تنظيم هو فكرة خطرة جدا.. عشان نتناقش كان مشكلة.. والناس عارفين كان في شنو ..كان في صيف العبور.. وبيوت الأشباح وكان في موت في دارفور..بعد ذلك تناقشنا عن كل المشاكل والمرارات التي تحدث فالشرق بدأت فيه ارهاصات التمرد ظهرت والنيل الازرق ايضا وجبال النوبة اضافة الى مشاكل الصالح العام..البلد تحولت الي حقل الغام وزالت كل مقومات الأمان في السودان.
لم اشعر وقتها ويوماً ان السودان ملك لأحد ولا فرق عندي بين رئيس الجمهورية ولا الغفير ولم اشعر انو في زول عندو حق في السودان اكتر مني ولم اشعر اني افضل ا من زول.. نقاشاتنا كانت عفوية.. عن الدين والعرق.. وعن كل شئ وبدأت النقاشات تتبلور.. وبقينا ما بنخاف..
و90% من قيادات الحركة موجودين في السودان وده طبعاً نجاح لاننا عملنا تعبئة سياسية لعشر سنوات عشان كدا الفكرة نجحت لأن في ذلك الوقت كان ناس المؤتمر الوطني والاسلاميين اي زول بعارض يقولوا ليهو علماني وكفرة ضد الدين وذلك لاغتيال المعارض اعلامياً ولذلك نجحنا في تجاوزهم بسبب التعبئة العملناها من عشر سنين..جهزنا مواطننا في دارفور واي مكان في السودان والليلة لو مشيت الجامعات والمجتمع المدني ستج لنا تاثير وفكرتنا كانت تغيير المتجتمع وعقل المجتمع لوطن واحد فيهو مسيحي ومسلم فيهو عربي وافريقي فيهو ابيض وأحمر لذلك الامر كان صعباً جداً لكن اعتقد اننا قدرنا نتخطى الصعوبات..
*لنأتي إلى مرحلة الحياة العملية..مع من تدربت على المحاماة؟
تدربت مع محام يدعى بريمة وكذلك الاستاذ صالح محمود.. بريمة دا كان في الشمالية.. لا استطيع ان اذكر اسمه بالكامل..احتمال يكون خايف..هناك كثر سألوني عنه لكن هو احتمال يكون ما بسمح لي اذكر عنه شيء..المهم هو اول من تدربت عنده.. ومارست المحاماة وترافعت في قضايا في زالنجي ومن القضايا المهمة..
*اي نوع من القضايا وهل ترافعت في قضايا بالخرطوم؟
رافعت في قضايا جنائية وقضايا مدنية..ولم اشتغل في الخرطوم كتيرا ولكن كانت معظم مرافعاتي في محكمة زالنجي..وأحيانا اذهب إلى الخرطوم من اجل القضايا التي اعمل فيها..
*هل أحسست ان مجال المحاكم يمتاز بتحقيق العدالة؟
كان في قضايا مؤلمة بالنسبة لي كمحام، فالفساد كان موجود في كل الجسم القانوني.. لا اقصد الجهاز القضائي تحديداً ولكن الفساد كان في الشرطة والنيابة..وأذكر من القضايا أنه حدثت جريمة نهب وقتل فيها شخص وتم الاستيلاء على الثروة الحيوانية لإحدى القرى ولم يتم القبض علي السارقين بواسطة الشرطة..وحدث بعدها تجاوزات في القبض على أفراد أبرياء وعايشت كيف أن بعض الرجال "يحلفون بالزور" في هذه القضية..هذه كانت من الاشياء التي تؤلمني جدا وجعلتني احس بعدم بوجود اي عدالة إذ أن كل القانون الذي قرأته لا يمكن تطبيقه في الممارسة ولا يمكن لدولة القانون ان تنتهك القانون.. فلماذا امارس القانون والمحاماة اذن...؟
*لكن يا استاذ هل كنت عضوا بنقابة المحامين من أجل أن تجيز لك العضوية بعض الصلاحيات وتساعدك في ممارسة المهنة؟
لم يكن وقتها توجد نقابة للمحامين بل اتحاد المحامين ولم اعترف به ولم اكن به عضوا.
*وماذا عن علاقتك الاجتماعية مع الزملاء المحامين والمحامين الكبار؟
اعرف مجموعة من المحامين الكبار... استاذ "..." ما بتعرفوا؟؟ كيف ماتعرفوا دا استاذ مشهور جداً.. وتاني في استاذ عبد الله وهو المحامين الممتازين في تقديري ومكتبه في ام درمان جوار موقف مواصلات الهجرة.. شخص ممتاز وانا شخصياً معجب بيهو جداً. ولي زملاء في زالنجي منهم اسماعيل ابو نوبة ولدي صديق أسمه عبد الرحمن كرتي في نيالا واكن ليهم احتراما شديدا..
*دعني أسال عن الاسرة وهل أنت حفيد لأي من سلاطين الفور؟
انا لست حفيد سلاطين ولكن كل أجدادي كانوا حفظة قرآن ولا يزالوا الى اليوم وكانوا أيضا ائمة للمساجد. فانا عبد الواحد محمد احمد النور عبد اللطيف عثمان صالح وكل هؤلاء من قبلي أئمة مساجد وحفظة للقرآن ولقد حفظت القرآن ووصلت هذه المرحلة بصعوبة وكان ممكن في ستة شهور يكون عندي "اللسان" وهو مصطلح في الحفظ المتقدم و"لكن ما قدرت بسبب الجامعة.."
*هل لعب حفظ القران دورا في حياتك؟
اعتقد أن بالقران الكثير من القيم والاخلاق.. وكل ما يمارس بإسمه الان هو امر "ما عندو علاقة بالاسلام كل الاخذوهو من الدين كان عشان غرضهم السياسي.. بينما هم تركوا الدين الاسلامي كمعني انساني سامي وشامل.."وأعتقد أن القرآن يلعب دورا عظيما في حياة أي مسلم. وأهلنا يقولون إن "الما حافظ يعتبر "ودر"
"*وبأي القراءات كنتم تحفظون القرآن؟
كنا نقرأ بالعمري... ويتم الحفظ علي مراحل الي ان تصل الي مرحلة تسميع القران
*بإعتبارك حافظ للقرآن الكريم ما هو رأيك في العلمانية هل وجدت تعارضا بينها والدين؟
العلمانية هي الحل الشامل.. ولا تتعارض مع الدين اطلاقاً فبعض الاسلاميين شوهوا معني العلمانية وهي لا تعني إلا فصل الدين عن الدولة.."الدين هو القيم بتاعتنا احنا... انا اكون مسلم واعتقد اعتقاد تام في الله ولكن ده في نفسي ولا اجبر اي شخص علي الاسلام او دين اخر.. دي العلمانية الانا مؤمن بيها ودي القيم الاحنا بنعمل بيها.."
وما هو إمكانية تطبيقها في السودان والبلدان المسلمة؟
"السودان ما عندو اي حل غير ده.. وريني دولة فيها زول مسيحي وفيها زول مسلم وفيها زول ياكل بقرة وفيها زول بعبد بقرة وفي زول ما عندو دين ولكن ديل كلهم عندهم الحق انهم يعيشوا في البلد ده متساوين لانو مافي زول مخاوق عشان يكون اقل من زول.."
*لكن مسألة العلمانية تحتاج إلى وعي بقيمتها ونشر الافكار حولها ولا بد أن نهيئ الناس فكريا حتى يقبلوا العلمانية؟
عشان كده انا قلت ليك احنا عملنا تعبئة سياسية لعشر سنوات قبل ما نعمل الجناح العسكري.. تعلمنا من الايام..
وهل يمكن فرض العلمانية رغم صعوبة الخطوة وهل ترى فرضها من خلال حكومة قومية؟
الخطوة تتم بعد توفير الأمن وحق المواطنة المتساوية بين الشعب السوداني كله والحكومة القومية وحكومة الوحدة الوطنية الانت بتقولها دي ما تكون شكليات نحن يا سيدي الشكليات دي ما شغالين بيها .. مهمتنا اول حاجة ان حكومة الوحدة الوطنية توفر الأمن لكل اهل السودان ومواطنو دارفور يرجعوا لقراهم وتتم مساواتهم مع باقي الناس كلهم ..وأن تكون عناك اسس الديمقراطية وهي توفير الامن وحرية التعبير وحرية النشر وحرية التعبئة وحرية التنظيم وحرية الاعتقاد والانتماء لتوصلنا في النهاية الي الانتخابات الحرة والنزيهة ودا في ظل الحكومة اللي توجهها اسلامي وعروبي وتقتل الناس في الاتجاه ده وبتقسم الشعب السوداني بالطريقة دي ما ممكن.
*هل يوجد تنسيق بينكم والاحزاب الأخرى مثل الامة والاتحادي والشيوعي.. ؟
نحن ما عايزين نكرر تجربة التجمع الوطني وهي قد فشلت لانها اضداد افكار اجبرت للتجمع وفشلوا لانه اي واحد اعتقد انو التجمع هو الطريقة التكتيكية لتكسير الاخر ولما جو في المحك الحقيقي الحركة الشعبية تفاوض في CPA والباقي فاوضوا في القاهرة وفي القاهرة انتهي كل شئ.. نحن نقول ننتمي مع الناس في الفكرة اولاً.. في زول بقول عايز يعمل دولة مدنية ايه يعني دولة مدنية.. نحن نتمني طرح واضح بفصل الدين عن الدولة ودولة المواطنة يكون الناس فيها متساوين القوة البتؤمن بالا فكار دي ممكن نتفاوض معها..
• يعني زي الشيوعيين؟
•
يمكن لنا أن نتحاور مع الشيوعيين حول العلمانية وحول الدين أيضا بغعتباره من قيم الشعوب ومكوناتها ومعتقداتها.
*هناك تصنيفات تقول أنك شيوعي..؟
والله... قالوا همباتي.. وقالوا قطاع طرق.. وعملاء سي اي ايه.. وشيوعيين وحركة شعبية واحنا موساد.. ولكل شخص الحق أن يقول كما يشاء..وستبقى الحقيقة..
*ماذا اذا توحدت كل الجبهات والفصائل في دارفور.... هل هناك امكانية لتعملوا من خلال جسم سياسي واحد؟
انا عايز كلامي تنشروا للتاريخ..اولاً في السودان في اخلاق وثقافة سياسية مثيرة للجدل وبعض الناس قالوا ان معنى التنظيم السياسي هو وسيلة للكسب السريع وحصد القروش والعمارات والشركات وبعضهم يرى أن التنظيم هو وسيلة للوصول للسلطة..تبقي وزير..سفير.. أي حاجة بينما نحن في حركة تحرير السودان نرى أن التنظيم هو وسيلة لخدمة الشعب السوداني وبالطرح اللي ذكرناه وهو ان نخلق دولة علمانية ليبرالية موحدة ونبني دولة المواطنة.. والتاريخي السوداني قبل الاستقلال يحدثنا أنه كان هناك جسم اسمه مؤتمر الخريجين والذي كانت معمته أن يحارب الاستعمار البريطاني.. ولكن قبل الاستقلال اختلف الخريجون فيما بينهم وانقسموا الي اثنين..ومعظمهم إرتموا في أحضان السيدين الدينيين.. اما كانوا ختمية مع الوحدويين مع مصر أو حزب الامة والكان هدفهم انو السودان يتحول لمملكة المهدية وبعدها إنقسم ناس الميرغني فيما بينهم.. لقد كان الصراع من اجل السلطة او الثروة..ثم هناك نرى ناس المهدي حيث بقي الصراع بين جناح الصادق والامام وتطور هذا الصراع الآن اليوم بين مبارك الفاضل والصادق المهدي..أما قادة الحكومة الحالية فقد كانوا هم الاخوان المسلمين فإنشق الترابي وعمل الجبهة الاسلامية ثم عمل انقلاب وإختلف الأخوان المسلمون وتحولا إلى مؤتمر وطني وشعبي مؤتمر وطني الحكومة القائمة اليوم فيها كم حكومة جوه فيها جناح عمر البشير وجناح علي عثمان وبقية الأجنحة المعروفة.. اذن دي اخلاق وثقافة سياسية فاشلة ولتفادي هذا كله كله اعلنا طرحنا وملكناه للشعب.. ونحن نرى أنه من أجل وجود سلام لابد من يكون في امن على مستوى البلد ومساواة وعدل وعشان نتوحد انا وانت اولاً لابد نتفق في الرؤيا والسلام ده بيجي كيف؟.. فمثلاً انا طارح دولة علمانية وفي واحد عايز دولة اسلامية وبجي الشيوعي بطرحوا.وحتى تتفق معنا الجبهات الفصائل في دارفور فإننا نحتاج إلى توافق في الطرح حول المشكلة السودانية في المبتدأ ومن ثم يسهل الاتفاق حول موضوع دارفور.
*ومن أجل تحقيق هذا الطرح لماذا لا يقوم الاستاذ عبد الواحد بمبادرة لتوحيد الحركات المسلحة في الساحة الدارفورية وأن يتوحد دريج وخليل ومناوي وشريف حرير حتى تستطيعوا محاورة الحكومة متحدين .؟
هذا التوحد من الممكن جداً .. وليس لدي كبير خلاف مع مني أركوي فهو قد انشق عنا والباب مفتوح أمامه ، وليس لدينا مشكلة مع دريج..دعيه يؤمن بأفكارنا وليس لدينا اي اعتراض نحوه ولكن مشكلتنا مع خليل هي أننا ندعو إلى دولة علمانية.. "خليهو الليله يقول عايز دولة علمانية وما في مشكلة..ولكن في تقديرنا هو قال داير يعمل دولة اسلامية.. لكن المشكلة توجد في الدعوة إلى الدولة الاسلامية..وهي التي أوصلتنا إلى هذا الدرك.."
وماذا عن علاقتكم بالحركة الشعبية؟
نحن والحركة الشعبية على تقارب كبير..فالحركة تقول ان السودان الجديد مبني علي دولة بنظامين.. والانفصاليين نقدرهم ونحترمهم لكني ما مع الانفصال انا مع وحدة السودان والناس البيؤمنو بوحدة السودان والسودان الجديد نحن معاهم جداً..في قوي اخري ناس كجبار وقوى اخري كتيرة نحن ماشين معاها وحنغير البلد..
هل من الممكن أن تكون هناك فرصة لتحقيق السلام في ظل وجود الحكومة الحالية في السلطة؟
طبعاً لا.. في فهمي وقناعاتي المطلقة.. ما في دارفور بس واذا البشير موجود في السلطة فإننا سنفقد الجنوب فالبشير عندو مليشيات يقتل بها الناس وبقاءه في السلطة مبني علي دماء الآخرين.. واذا البشير في السلطة ما ممكن يكون في سلام في دارفور أو في الجنوب أو في الخرطوم أو في شندي ولا بورتسودان ولا في نيمولي ولا حلفا الجديدة ولا في كردفان ما ممكن.. نحن في حركة تحرير السودان التفاوض عندنا ليه اسس يكون في امن اولاً للناس كما قلت.. ولن نوقع اي اتفاقية ما لم يتحقق الأمن للمواطنين..رفضنا التفاوض لأننا نريد امن حقيقي وثقتنا في الحكومة صفر أو معدومة تماما والتجارب موجودة والناس الوقعوا هم وكل الاتفاقيات يركون هذا.. يجب ان ينزع سلاح الجنجويد ويوقف الاغتصاب ويقوم الناس الاستقبلوهم في اراضي الناس في عملية التعريب الجابوهم من النيجر ثم نأتي الي تحرير السودان.. تحريره من السلفية "السلبية" السياسية الوصلت البلد لحد هنا وهي مسؤولة لما وصل اليه السودان ونحرر السودان من العقلية التي تعتقد انها خلقت لحكم الناس..نخلص السودان من القسموهو الي شماليين وجنوبيين والي عرب وزرقة ومسلمين ومسيحيين وعشان نحرر السودان لابد ان نخلق دولة سيادة القانون حتى لا يكون هناك زول اعلي من القانون.. وين.
•في تصورك هل ممكن تكون هناك حكومة انتقالية في الخرطوم.. وإذا جاءت حكومة قومية وان كان البشير فيها هل ممكن تتفاوضوا معها؟
نحن نتفاوض بعض توفير الأمن للناس وتحقيق المواطنة المتساوية بين الشعب السوداني كله والحكومة القومية وحكومة الوحدة الوطنية الانت بتقولها دي ما تكون شكليات نحن يا سيدي الشكليات دي ما شغالين بيها .. مهمتنا اول حاجة ان حكومة الوحدة الوطنية إذا تم اقتراحها توفر الأمن لكل اهل السودان ومواطني دارفور ونأتي من ثم لخلق اسس الديمقراطية وهي توفير الامن وحرية التعبير وحرية النشر وحرية التعبئة وحرية التنظيم وحرية الاعتقاد والانتماء لتوصلنا في النهاية الي الانتخابات الحرة والنزيهة ودا في ظل الحكومة اللي توجهها اسلامي وعروبي وتقتل الناس في الاتجاه ده وبتقسم الشعب السوداني بالطريقة دي ما ممكن.
************************************************** ****
الجزء الثاني من الحوار
الاستاذ عبد الواحد محمد نور، قائد حركة تحرير السودان، في حوار خاص لـ"سودانايل": " 2 - 5 "
الحكومة والدول الأخرى عرضت علينا "مليارات الدولارات" كإغراءات للتوقيع في أبوجا ورفضناها
انا من أتيت بمني أركوي في فترة التعبئة العسكرية..ولا خيار له غير العودة لنا
منذ نشاتي كنت من المعجبين جدا بالفنان النور الجيلاني..ومحمد وردي..
لا نستخدم مفهوم "الزرقة والعرب" حتى نقع في فخ النظام
أكد الاستاذ عبد الواحد محمد نور قائد حركة تحرير السودان لـ"سودانايل" أن سجلهم في حقوق الإنسان هو "الأنظف من حيث معاملة الأسرى وأنهم لم يرتكبوا جرائم تتعلق بحقوق الإنسان، مشيرا أن منظمات حقوقية عالمية زارت مواقع الحركة "أكثر من مرة وأنجزوا تقاريرهم." وقال "اهم شئ لنا في الحركة هو حقوق الانسان..."
وأشار عبد الواحد في الجزء الثاني من الحوار " أنه رفض التوقيع على إتفاق ابوجا برغم مساومات مادية تتجاوز "المليارات من الدولارات" سواء كانت من قبل الحكومة أو من دول وذلك عن طريق رؤساء او مبعوثين لرؤساء.." ورفض تسمية هذه الدول أو مبعوثيها.
الاستاذ عبد الواحد محمد نور، رئيس حركة تحرير السودان، في حوار خاص لـ"سودانايل": " 2 ــ 5 "
الحكومة والدول الأخرى عرضت علينا المليارات كإغراءات للتوقيع في أبوجا ورفضناها
منذ نشاتي كنت من المعجبين جدا بالفنان النور الجيلاني..ومحمد وردي..
انا من أتيت بمني أركوي في فترة التعبئة العسكرية..ولا خيار له غير العودة لنا
لا نستخدم مفهوم "الزرقة والعرب" حتى نقع في فخ النظام
نحن الحركة الوحيدة التي ستجد أن سجلها نظيف في المنظمات الحقوقية العالمية
لا نتعامل مع المكون العربي بعقلية "هم ونحن" ونحن ضد إستخدام عبارة جلابة في مقابل الآخرين
حاوره في واشنطن: صلاح شعيب
هناك إتهامات من المحكمة الجنائية وجهت ضد بعض قادة الحركات المسلحة والسؤال هو هل قام أفراد من حركتكم بإنتهاك حقوق الانسان وإذا كان الجواب بنعم فهل قمت بمحاكمتهم؟
قبل أن أكون رئيس للحركة كنت محاميا واعرف حقوق الإنسان جيدا.. نحن قاتلنا من أجل المواطن السوداني ولو كنا اصلاً نمارس اي شئ يتعارض مع حقوق الانسان اذن فلا فرق بيننا والانقاذ.. نحن هدفنا توفير حقوق الانسان لكل المواطنين ونؤمن بان جيشنا المقاتل هو لحماية المواطن ولا يمكن أن نستخدمه كوسيلة لإنتهاك حقوق المواطن نفسه.. لدينا في الحركة جناح قانوني واخر انساني، فمهمة القانوني محاسبة اي شخص خرج عن لوائح الحركة والتي من اهم بنودها هو عدم انتهاك حقوق الانسان، فنحن نؤمن أن أي فرد لديه الحرية في الانتماء والاعتقاد والتفكير..وعقدنا محاكمات كتيرة وادعوا الصحفيين أن يذهبوا إلى الميدان ليبحثوا حول الاجراءات القضائية والجنائية التي نتبعها...
وهل وفرتم للذين قمتم بمحاكمتهم محامين وخلافه؟
طبعاً.."ما ممكن تحاكم زول بدون ما تجيب ليهو محامي.. أولاً لدينا قضاة بتأهيل عال وعلي درجة من الكفاءة.. وكذلك لدينا محامين مؤهلين ولكل شخص متهم له الحرية في ان يحدد المحامي بالطريقة التي يراها.. ولا اريد ان اذكر أن هناك محامين أتوا إلى الميدان وترافعوا وحضروا محاكمنا وعادوا من حيث أتوا.. وسيأتي اليوم الذي ننشر سجلنا في هذا الجانب...
وماذا عن سجلكم لدى منظمات الحقوقية العالمية؟
نحن الحركة الوحيدة التي ستجد أن سجلها نظيف من حيث معاملة الأسرى وقد زارتنا منظمات حقوقية عالمية أكثر من مرة وأنجزوا تقاريرهم.. اهم شئ لنا في الحركة هو حقوق الانسان.. وهناك حركات انفصلت عنا وكان سبب الخلاف بيننا وبينهم حدوث انتهاكات لحقوق المواطن..هؤلاء الذين إنفصلوا عنا كانوا يهاجمون المواطنين ويسلبونهم وفي ذلك لا يوجد فرق بينهم والجنجويد.. كان في العقل الباطني لهؤلاء هو أن الإنتماء للتنظيم السياسي يتم من اجل الهيمنة ..أؤكد لك أن كل شخص ينتمي إلينا وقام بعمل فردي فيه انتهاك لحقوق آخرين أتينا به وحاكمناه حتى نصلحه.
ما هو سبب الخلاف بينكم ومني اركوي والذي حال دون توقيعك في إتفاق أبوجا؟
مني هو صديق واحترمه جداً واختلف معه في اشياء..وانا من أتيت به من دار زغاوة في فترة التعبئة العسكرية عام 2001 بجبل مرة وهو رجل متقدم ومؤمن بفكرة النضال..المشكلة ان مني تحول إلى مهووس بالسلطة اكتر مما يجب و الـmilitary "اداهو" قوة وصراحة تحول الي قبلي والحركة هي للناس كلهم.. ورأيتم الذي حدث في حسكنيته فالحركة ليست للعسكريين إنما هي عبارة عن جسم كبير والجناح العسكري جزء بسيط من جسم الحركة، والذي يشمل قطاعات اخري مثل السياسيين والاطباء والمرأة والمهنيين والعمال وآلاف شرائح المجتمع المدني..ومازال مكان مني موجودا في الحركة لأن الحركة هي مفتوحة لكل الشعب ومن يؤمن بأفكارها وفكرها يستوعب كل الشعب السوداني وليس مني فقط..
ولكنكم حين شاركتما في مفاوضات أبوجا كنتم تمثلون أنت ومناوي جسم الحركة؟
نعم حتي أبوجا السادسة كنا نمثل جسما واحدا ولكن مني ظن أنني ربما أوقع قبله إتفاقا مع الحكومة وكان معظم الذين حوله انتهازيين واستغلوا الحركة لتحقيق اغراضهم واوعزوا له بضرورة التوقيع وقادوه للتوقيع حتى يجدوا المناصب والقروش.. وفي تقديري ان مني كان مؤمنا بصلابة بالقضية أثناء فترة النضال.. والآن إكتشف مدى انتهازية من حوله..وفي تقديري ان مني وغيره سيعودون للحركة بدون شك.. ولا خيار آخر لهم..
ولكن نشر حديث بأنه كان من المفترض انك توقع مع الحكومة في ابوجا قبل مني..؟
الناس الذين كانوا حول مني هم الذين اذاعوا ذلك ولهذا ضغطوا عليه من أجل التوقيع وأوعزوا له بأن يقود جناح المؤمنين بالتوقيع.. أؤكد أنهم قالوا له أن عبد الواحد سيوقع وسيفوز بالثروة والسلطة ولذلك أصبح هو مهووسا بالثروة والسلطة..ومع ذلك كنت أذهب إليه في غرفته لأنني كنت أسمع هذه الأقاويل وقلت له "يا مني مافي أي نية لكي اوقع.." وفي تقديري ان مني استثمار كبير للحركة ومن الخطر ان يستثمره الاخرين و"عشان كدا كنت أصر على ان اكون دائما في اتصال معه حتي بعد أن وقع في أبوجا.." وما حدث علي الاقل درس حتى يعرف مني أنه لم يأت للميدان من أجل نزهة صغيرة وانما جاء لتحقيق اهداف وفي تقديري اننا في الوقت الحالي اكثر صلابة في الحركة وما اقوله ليس شماتة في مني ولكن دائماً ما يخطئ الانسان... المهم أنا حافظت على المبادئ..
هل واجهت أي مساومات مادية لترغيبك من أجل التوقيع في اتفاقية أبوجا؟
نعم كانت هناك مساومات كتيرة جداً وبكميات هائلة من المليارات سواء كان من الحكومة أو من دول لا اود ذكرها وذلك عن طريق رؤساء او مبعوثين لرؤساء.. وكنت أقول انه لا يمكن ان ابدل طرحي بقروش الدنيا كلها... كان صعبا علي أن أبدل أمن وحقوق المواطنين بأي قروش..
هل يمكن أن تحدثنا عن المساومات الحكومية وباي شكل كانت؟
كانت في شكل اغراء وعيد وتهديد.. التهديد بطريقة انكم مفروض توقعوا واذا لم توقعوا لن يكون لديكم وجود..والاغراء كان ماديا وفي شكل مناصب.. وكانوا يقولون لي "انتو وقعوا إحنا بنديكم اي حاجة" وكانوا يقدمون مغريات سخية جداً..
لا بد أن لديك اصدقاء شاركوا معك لحظات الفرح في مرحلة الطفولة، هل تذكر بعضهم؟
في منطقتنا تتلازم الاشياء وتتعايش..وحينما كنا أطفالا ذهبنا إلى الخلوة وحفظنا اغاني كتيرة بلغة أهلي الفور وبذات الطريقة حفظت الكثير من أغاني أهلنا العرب، وكنت أذهب مع صديقي داؤود حمدان لمنطقة "ام زعيفة" اثناء الصبا..نذهب هناك لنرقص على أنغام "السنجك" وهي أهزوجة عربية وداؤود موجود حاليا في السعودية وينتمي إلى أحد القبائل العربية..والحقيقة أن الغناء عندنا في دارفور تعبير عن ذات الناس وسواء كنت من العرب او الفور فلا بد أنك رقصت على أنغام إيقاعات قبائل الفور والعرب والمساليت أو القبائل الأخرى.. واذكر من اصدقائي في مرحلة الطفولة الدكتور عبد الحفيظ وهو من قبيلة الدناقلة واسرته موجودة إلى اليوم في زالنجي.. مع عبد الحفيظ نشأنا سويا وربطتنا علاقات عائلية متينة مع أسرته... وهناك ايضاً الاخ حافظ يوسف وهو صديق من الفاشر وأهله من قبيلة عربية اسمها المغاربة وكذلك دكتور جعفر عبد الرحمن وهو صديق طفولة من قبيلة الفور والاخ بكري اسماعيل..هؤلاء جميعاً اصدقاء طفولتي وكان اهلي يبحثون عني دائماً في بيوتهم...
في هذا الجو الطفولي ألم تحس بمفارقات في التكوين الثقافي للبيئة، وما هو دور المدرسة في التاثير الفكري على عبد الواحد؟
لم اكن اري ان إختلاف التكوين الثقافي مشكلة في حد ذاته..المشكلة تكمن في سيادة ثقافة ضد ثقافات اخري وفي بلد متعدد الثقافات والاعراف..لم أكن شخصا منعزلا ليتخذ موقفا غيجابيا من ثقافة ما، فمثلا إنني كنت شاعرا وكانوا ينادوني بإبن زيدون وكنت احفظ اغلب المعلقات وانا في المتوسطة وكان استاذي محمد سعيد، وهو الآن وكيل نيابة، يساعدنا في حفظ القصائد ويساعدنا أيضا في كتابة الانشاء وكذلك كان هناك استاذي بري عبد الرحمن وهو مدير المدرسة وكذلك استاذ بكري كان يحدثنا عن الصدق في زمن شقاوتنا.. وفي يوم صادفنا المدير بري ووجدنا نغني في الشارع وأحس اننا نقوم بإزعاج الناس وعندما سألني عن ما نحن فيه قلت له إنني أرنم بأغنية أعجبتني ولذلك بقيت أرددها..ولم يتضايق بل قال إن ذلك نوع من الثقافة المحلية ولم يتشدد أكثر من ذلك..وكان لدينا في المرحلة الابتدائية استاذ يدعى نصر الدين كنقور وكان اهم شيء يحثنا عليه هو الإهتمام بمكوننا المحلي والثقافي وكان يقولنا لنا يجب ان تكون "انت أنت وبس" ولا شئ آخر..لذلك انا مؤمن تماماً بأن المكون الثقافي السوداني مكون جيد جدا..
وكيف ترد عن ما يقال عن صراع ثقافات في السودان؟
السودان ليس فيه صراع ثقافات..الواقع ينم في جوهره عن صراعات في السلطة وهي التي تريد ان تفرض ثقافة معينة وهي الثقافة العروبية..هذا الإصرار السلطوي صنع لدى الآخرين مجالا لمواجهة الصراع من أجل البقاء..
معنى هذا أن الصراع ليس بين الثقافة العربية والثقافات الأخرى؟
لم تكن الثقافة العربية مشكلة في دارفور..فاذا رجعنا الي سلطنة دارفور التي كانت في يوم ما اسلامية فإن المجلس القيادي في السلطنة يضم الرزيقات والدناقلة والتعايشة والزغاوة وكل القبائل موجودة حتى لغة التخاطب الدارفورية إنما عربية ودراسة القران بالعربي أيضا..مرة ثانية أقول لم تكن هناك مشكلة مع الثقافة العربية لكونها كذلك.. فقط المشكلة تنجم من محاولة فرض اشياء اخري علي حساب الثقافة المحلية. فاذا نظرنا اليوم للتلفزيون القومي مثلاً نجد أن لغة التلفزيون تعبر عن لهجة أهل الوسط العربية..ولكن هل يمكن أن يقبل اهل التلفزيون أن أقدم برنامجا واللهجة التي استخدمها هي لهجة دارفور العربية التي تختلف عن عربي شندي؟ وقس المسألة على بقية اقاليم السودان ..إذن كل قبيلة لها لهجتها في التحدث بالعربية بغير لهجتها الأساسية، بمعنى أن هناك قبائل لديها لغتها الخاصة بها وليست هي العربية.. في كل دول العالم المتقدم لا تهمل اللغة المحلية في الدراسة الابتدائية علي الأقل...ولكننا في السودان لا نعطي أدنى إعتبار لها.. وأذكر وأنا عمري خمس سنوات أدخلوني المدرسة مع اخي وصديقي عامر.. وعندما سألوني في اول يوم عن اسمي قلت لهم إنني عبد الواحد محمد النور عبد اللطيف عثمان صالح.. لجنة القبول اندهشت لأني أحفظ اسمي بهذه الصورة فقبلوني كمستمع وفي الامتحان النهائي أحرزت مرتبة الثاني في الامتحان.. ولولا امتحان التربية الاسلامية لصرت الأول.. كان الامتحان شفهيا فسألوني عن زواج الرسول صلي الله عليه وسلم من السيدة خديجة.. فكانت المشكلة في الترجمة الحرفية حسب فهمي لكلمة زواج وعندما اردت ان اقول تزوج الرسول الكريم السيدة خديجة قلت إن الرسول "أخد" السيدة خديجة.. وحينها لم اسمع اطلاقاً بكلمة زواج العربية فلا يوجد احد من أهلي قد حدثني عن معناه أو تداولها أثناء الحديث بل ولم تأت مناسبة ليقول لي أبي معني كلمة زواج وكان هذا هو الخطأ الوحيد الذي ارتكبته بسبب اللهجة المحلية وبسببه أحرزت المركز الثاني.. فقد كنت افهم المعني جيداً لكن لا استطيع التعبير عنه بالعربية. والي اليوم اشعر انني كنت مظلوما.
لو كان الاستاذ "صالح" وهو من منطقتنا موجودا في الامتحان لعرف ما كنت اريد ان اقول.. لذلك نحن نرى في الحركة ان الثقافات المحلية والافريقية غنية ولها تاريخها ولا بد أن توظف في مراحل التدريس الأولية حتى لانظلم القبائل التي لا تتحدث العربية.. ومع ذلك أضيف هنا أيضا أنه ليست هناك أسباب بألا تكون العربية هي اللغة الرسمية في السودان..اللغة العربية إطلاقا لم تكن هي المشكلة بل هي أصبحت واقع في السودان ودليلنا للمخاطبة بدليل أن هناك عربي جوبا وعربي الشمال وعربي دارفور.. وأيضا لا يمنع أن تكون اللغة الانجليزية هي اللغة الثانية..
وماذا عن فنانك المفضل؟
منذ أن نشات كنت من المعجبين جدا بالفنان النور الجيلاني وكذلك الفنان محمد وردي..
وهل هناك بعض الفنانين في دارفور أعجبت بهم؟
كانت هناك فنانة اسمها مريم مابو وهي تغني بلهجة الفور وهي مشهورة جدا ولكن لأنها تغني بالرطانة واجهت مضايقات من الحكومة وإنضمت للحركة وهي الان بنيروبي بعد أن صعب عليها العيش في دارفور.. الحكومة لم تستطيع ان تتحمل جزء من هذا المكون السوداني فحولت هذه المغنية مباشرة الي معارضة لها.. لذلك لا بد لنا من مقاومة سيطرة الثقافة الاحادية واستعلاءها وتميزها علي بقية الثقافات..وهذا يعني أن السلطة تتسبب في جعل الثقافات متصارعة بدلا من تعايشها ولو كانت الثقافات الاخري قد وجدت الاهتمام بالتساوي لما شعر شخص باستعلاء ثقافة علي اخري وإذا أحس أمرئ أن اللغة العربية مفروضة عليه وكذلك الدين الاسلامي فإن الحروبات ستأتي لا محالة.. نحن لا نشعر أن الثقافات السودانية معزولة عن بعضها البعض فكل ثقافة تأخذ من الأخرى. أهل السلطة يقولون إن "ناس عبد الواحد ديل عايزين سلطة شان يستأصلوا اللغة العربية ويقولو إننا لو إستلمنا السلطة حنبيد الكتب العربية والدين..".. بالعكس نحن نعتقد ان الثقافة العربية جزء من مكون الثقافة السودانية ولا تستطيع قوة في الارض القضاء عليهما.. وما حدث في دارفور أنه تم التأثير علي أفراد من بعض القبائل العربية لمقاومتنا بتلك الأسباب الواهية ولكن نحن مؤمنون بمكونهم العربي ولا نتعامل مع المكون العربي بعقلية "هم ونحن" ونحن في الحركة ضد إستخدام عبارة جلابة في مقابل الآخرين..أو العكس..نحن ضد هذه التمييز العرقي بشدة لأنه يرجعنا الي عبارة "نحن وهم" وهذه من لب سياسة الانقاذ.. نحن نقول اننا كلنا سودانيين بمختلف ثقافاتنا وانتماءاتنا الدينية والعرقية واهم شيء ان الفرد منا يجب أن يناضل حتى يجد ذاته وفرصة للتعبير عن مكونه وموروثه وأن يجد حظوظه متساوية مع الآخرين..
ما هو رأيك مفهوم زرقة وعرب؟
هذه هي سياسة الانقاذ، فهي تفرق الناس إلى زرقة وعرب.. انا ضد هذه الفكرة بكل ما املك من القوة وما اعنيه بعبارة نحن وهم هو أن حكومة الحركة الاسلامية في السودان تضع الناس متقابلين كأثنيتين وبالتالي تستطيع أن تتشبث بالسلطة عبر الاحتراب العرقي الذي تقود الناس إليه.. الاسلاميون أعتبروا دارفور منطقة مقفولة لحزب الامة ولذلك سعوا لتحطيم هذه المنطقة ولذلك ضخوا في نفوس الناس مفهوم الزرقة والعرب حتى يقتتل الناس وتتم الابادة العرقية..نحن لا نستخدم مفهوم "الزرقة والعرب" حتى نقع في فخ النظام.. نحن ضد أن تتطاحن القبائل بسبب العرق..الحكومة تقسم الناس جغرافيا او دينيا وقبليا حتى يكونوا بحاجة إليها وبالتالي تضمن البقاء في السلطة... لذلك يجب ان نحارب مفهوم "نحن وهم" ونبقي فقط نحن السودانيين الذين نناضل جميعا من أجل إرجاع حقوقنا التي إستلبها النظام..
•هل هذا يعني أن تكوينكم داخل الحركة لا يستخدم مفهوم عرب زرقة وهل أن كل المنضويين في القيادة والقاعدةه يمثلون كل ألوان الطيف في دارفور مثلا؟.
"خليهم يمشوا الميدان عشان يشوفوا.." سبق أن قلت ان مؤسسي الحركة من كل اقاليم السودان..هناك 17 شخص من المؤسسين، كان بعضهم من الجنوب والشمالية بما فيها منطقة شندي..تكويننا في الحركة ليس له علاقة بالقبلية..نحن عندما كونا الحركة والجناح العسكري ذهبنا إلى كل القبائل في دارفور ولأن الظرف العسكري يتطلب منطقة مؤمنة اخترنا جبل مرة باعتبارها معروفة بالنسبة لنا من اجل الحماية..وفي البداية كنا نهاجم ونأتي إلى جبل مرة لندافع. الآن كل قادة الحركة ينتمون إلى كل القبائل في السودان والافراد المقاتلين كذلك لكن من الطبيعي ان الحكومة القادرة بإمكانياتها على تقسيم الناس تستطيع أن تعكس غير ذلك لأهل السودان وللدبلوماسيين الغربيين.. ولقد حاربنا في الحركة بشدة وقلنا بأن قضيتنا هو إنسان السودان ونجحنا الآن في تعميم هذا المفهوم لدي العالم..وتم هذا بعد جهد هائل والواقع اننا نحاول ان نخلق إلفة بين الناس وذهبنا للمسعكرات وساهمنا في التوعية واحيانا تجد في معسكر واحد اكثر من 56 قبيلة بين عرب وزرقة وجلسنا معهم وأعلمناهم أن المشكلة لم تكن بين عرب وزرقة مثلما تقول الحكومة واقنعنا قواعدنا على التعايش في سلام وبلا تمييز..