حوار توثيقي مهم مع الصحفي الراحل حسب الله الحاج يوسف ولدت علي ضفاف نهير سستيت بشرق السودان وامي (حمراني) من حفيدات تاجوج المرأة الرائعة الجمال.. السامقة الكبرياء... وابي (ارتقية) من سلالة اولئك العرب المتمدنة والذين هاجروا من جنوب الجزيرة العربية واختلطوا بالبجة (الهدندوة) فحملوا حرارة الدم العربية وزهد البجة (المقاتلين إذا ما أثيروا.. الوادعين إذا غنت لهم الحياة باطيابها) ونشأت في قرية ود الحلاوي.. وعندما تزوجت اختي زهراء في كسلا بعثمان سليمان، صحبتني معها (تقاله) ودخلت المدرسة بكسلا وكنت أحرز المرتبة الأولى علي التوالي في الفصول الثلاثة الأولى توفي والدي فرجعت إلى الحلاوي واخترقت السهول إلى عمق الأشياء والعفوية وهنالك نظام محسوب يرفض المزايدة وأصبحت إنساناً أعلم نفسي بنفسي لكي أعلم الآخرين واصطلي بنار الوجد وانشره في دفء وحنان فذلك هو حسب الهق الحاج يوسف، أمر كالطيف في الحياة الحاضرة ولم يلتفت إلي أحد لأني لا أطالب بصوتي ولا أملك أرضاً. وتوفيت والدتي آمنة محمد بشير فتركت منطقة الحلاوي وحزمت حقائبي تاركاً بورتسودان.. وكافر بالمصير للأسف إلى الخرطوم وتعرفت على محجوب عمر باري والذي قال مقولته التالية (حسب الله لم يجد قلباً يحن عليه ولم يسبقه صحفي ولم يستقبله صحفي). كيف بدأ قلمك يسطر على صفحات الصحف في ذلك الزمن الذي كان يصعب فيه إطلاق الكلمة؟ كانت بداية من خلال الرد الذي قمت بكتابته لمجلة الرسالة المصرية لأحمد حسن الزيات والتي منها النص الآتي (يا أخي في مصر الشقيقة وأخي في الشمال باسم كل أخي لك في الجنوب وباسم كل سوداني كريم على نفسه وكريم على وطنه يطيب لي أن اوجه إليك الحديث على صفحات الرسالة حافلاً بالإيمان زاخراً بعمق الأخوة ملتهبة بحرارة الإيمان بأن تلك القطرات الأبية والدم المسفوح على قناة السويس وفوق ثراء عطبرة والخرطوم وقد ألقت الطاقة أروع التضحية والفداء وهي سارية في العروق وفي الحياة فرددها إذا شئت فقدرنا معك من لسان وحفظناها في قرارة الوجدان واتخذناها شعاراً للأخوة التي استوجبت إنسان الأرض الطيبة على ضفاف نهر واحد وفوق سماء واحدة هذه هي أول الأسطر التي كتبتها وكانت في فترة الريئس جمال عبد الناصر في فترة الخمسينات في وقت كان الأخوة المصريون يناضلون ضد الانجليز فى تزامن معنا. ومن هنا بدأت الانطلاقة وكتابة المقالات واستمريت في فترات متباعدة ثم في جريدة صوت السودان عندما كان رئيس تحريرها محمد أحمد السلمابي ثم عملت مديراً لتحرير مجلة أكتوبر مع صالح محمود إسماعيل ثم سكرتير لمجلة القلم مع حسن نجيلة ثم محرراً للصف الثاني بجريدة الرأي العام (صور وألوان) وكان عمري 25 عاماً ثم رئيس لتحرير قسم شؤون الريف مع بشير محمد سعيد وبجريدة الأيام وكنت نقيب الصحافيين في القسم وكان الدكتورمحي الدين تيتاوي قد تخرج لتوه من كلية الإعلام وقد أوصى عليه زملاءه مجذوب عمر وبشيرمحمدسعيد فاخترت تيتاوي وجعلته معي منسق العمل في الريف وأصبحت أكتب مقالات بصورة منتظمة لمجلة الخرطوم وأخرى بصورة أسبوعية لمجلة الإذاعة وكان رئيس تحريرها كل من الشعراء جعفر حامد البشير والفيتوري إضافة إلى ذلك كنت مراسلاً داخلياً للمجلة الأدبية البيروتية وكان رئيس تحريرها الصديق سهيل إدريس وظللت أتابع نشاطي الأدبي والثقافي في السودان ومراسلاً لتونس عبر محمد المزالي ومراسلاً لمجلة الرائد العربي بالكويت. أصبحت كفيف البصر وكسر قلمك الجسور أحكي لنا عن ذلك؟ نتيجة زحمة العمل الشاق كف بصري وتوقفت عن العمل وها انذا اقطن في هذا الوجار (الجحر) وهو في بري اللاماب مربع ستة منزل رقم 139 ومساحته 300 متر مع أفراد أسرتي الكبيرة وبقدرة قادر يقطن فيه ثلاث أسر. هنالك مصائب ومخاطر واجهتك في تلك الفترة؟ بدأت حركة شبابية بأن الأحزاب تتخفى في ثياب الطائفية بقيادة فرح عبدالله (يحب بثقة الطاوؤس والصراحة) وكان ذلك أهداف للحزب اليساري فكنت قائد التمرد الصادق ومن زعمائهم ضد الاستعمار لفترة طويلة ومتابعاً للظلم وأعداء الصحافة وكان معي 42 صحفياً أخرهم حسن ساتي. علمانا انك عملت بالتدريس فماهي العلاقة التي تربط العمل الصحافي بالتعليم؟ قبل أن أصبح صحفياً كنت معلماً للغة العربية في مدرسة كمبوني الثانوية والتقيت بالادباء محمد عثمان كجراي ومصطفى سند وحسين باذرعة وآخرين وأصبحت مديراً لمدرسة كمبوني بعد الفاتح غريب الله تعويضاً عن فقدهم للأدباء وأحيينا رابطة أدباء الصفر والتي بها محمد عبد الحداد وبازرعة وقد التصق ذلك بالحركة الشعرية الحديثة فأنا لست بشاعر ولكني ناقد للشعر فقد استطعت أن أعرض شعر كل من عبد الرحمن عيون السود –عبد الوهاب البياتي ونازك الملائكة و بدر شاكر السياب.. ماذا تعني لك منطقة دورديب؟ مارست فيها مهنة التدريس في المرحلة الأولية وعملت بالتربية والتعليم فالحياة كانت هادئة ومليئة بالسكينة وظللت أتعلم وأعلم وأعبي من الثقافة وكان ذلك في اوائل الخمسينيات بمقالات متباعدة ثم اخترق قلمي الحدود في صحيفة بيروت المساء لاصاحبها سعيد فريحة وعبد الله المتفق. *زملاء في الذاكرة الصحف التي عملت بها؟ أول صحيفة سودانية هي صوت السودان والتلغراف والأنباء والأيام والمحرر.. ومن الزملاء صالح محمود إسماعيل وعلى عبد الرحمن وتوفيق صالح جبريل وحسن نجيلة و إبراهيم عبد القيوم وحسن ساتي... *موقف طريف لا ينسى في زمن حكم الريئس النميري من المعروف في صحيفة الأيام بأنها تضع صورة الرئيس النميري في الصفحة الأولى ومرفقة بخبره.. فوضعت محله خبراً آخر عن أحد زائر من دولة تشاد (فقامت القيامة على رأسي )وأصبحت مشكلة بالنسبة لإبراهيم عبد القيوم وخصم من راتبي 15 يوماً واتهمني بالخيانة للثورة. *ماذا فعلت بعد التقاعد؟ شعرا بعض الوزراء بتعاستي ومنهم وزير المالية عوض أحمد الجاز وأرسل لي ميرغني العجب 500 جنيه مرعاة لظروفي الصعبة وكذلك غازي صلاح الدين ومستشار رئيس الجمهورية مصطفى إسماعيل وأحمد جمال الدين.. مازلت أكتب خواطر ارغب في نشرها عبر صحيفة الرائد الفتية. *هل تخصص قلم حسب الله في الشأن السياسي فقط؟ طبعاً لا كتبت في كل مجالات الصحافة وفي الجانب الاجتماعي رأيت أن هنالك صعوبة في مسألة الزواج وعزوف الشباب بسبب مغالاة المهور فاستمر قلمي لمد 4 شهور أكتب في هذا الموضوع بصحيفة الرأي العام. *أول مرتب صرف لك وماهي الصحيفة التي كنت بها؟ أول مرتب هو 120 قرشاً وفي صحيفة أكتوبر وكنت أراسلهم من مدينة سنكات وبورتسودان. *سميت حزبك في تلك الفترة بالتمرد الصادق فسر لنا ذلك التمرد؟ هو حزب يعشق الوطن ويحارب الطغاة ويهم بمصلحة الوطن والتي هي فوق كل شيء وهو ليس بتنظيم وجبت به كل مديريات كسلا وبورتسودان إلى مصر ثم إلى دارفور وحتى الجنينة عبر السفر( بالطائرات والحافلات والثيران والحمير) وأحياناً راجلاً وكتبت عن أن دارفور قد وفد إليها أكثر من 200 ويدفعون النقود من أجل الماء ويرددون بأن بلادكم واسعة وبدأ الناس يغزون دارفور وعملوا على مضايقة أصحاب الإبل ومنهم الكبابيش والبقارة. *ماهي قضية الشيخ ابو نافورة الذي ظهر بمدينة القضارف في ذلك الزمان؟ نبعت بركة ماء في القضارف وظهر شخص ووصف نفسه بأنه الفكي أبو نافورة والتف الناس حوله وأصبح يشاع عنه أنه يعالج ويشفي الكسيح والمريض برشة الماء فقط عليه فجلبت علماء الجيولوجية وقمت بإغلاق البئر. نساء صحفيات في تلك الفترة ؟ منهن نفيسة أم أحمد من بورتسودان وهي الآن مديرة الإذاعة والتلفزيون هناك وبيننا الكتابات الأدبية ومنهن أمل عباس وبخيتة أمين وكانوا فتيات شجاعات جداً...
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
صلاح غريبة
Dr Salah Al Bander
د.عبد المطلب صديق
زهير عثمان حمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست