متوحد في أشيائي

أغرق في صفائي..... أصفو في غرقى...
أصحب غيمات صداي إلى بهو الصحو فأمطر قبلات
وحضن يثقله الشوق...
المضيفة التي تبسم لكل شيء تخرجه بسؤالها إن كان يرغب
فى شيء.. هزّ رأسه ضاحكا فلا هي ولا حتى قائد هذه الطائرة
يستطيع أن يمنحه مايريد.... حتى وإن أوصله مشارف عشقه...
بعد كل هذا العمر يعود ... دليله الملامح الطرية الحضور...ضبط
نفسه وهو يبتسم لكل من تعانقه أعينه...
أيقظه من صحوه صوت ارتطام إطارات الطائرة بأرض المطار..

تقافزت المقاطع والوجيب.....

أخيرا...

(.. وطئت ترابك ياشرفات مناي

وكنت أراك نهارا مدل الحواشي

وحولا بعيد الحلول....

ببابك؟؟ كيف أصدق إني

عبرت بحار المحال وفتّح
بين جفوني زهو الفصول)؟؟؟

مدّ جوازه الأجنبي لضابط المطار الذي نظر إليه بتهكم
ثم التفت إلى زميله وهو يصيح::
عالم ماعندها وطنيه!! ...... ناس تبيع أوطانها بأرخص الأثمان....
للحظه فكر أن يشرح له سبب حصوله على جوازه الأجنبي وأنه تغرب
لسنين طويلة في ذاك البلد وان الجواز ضروري إن كان يريد العمل...
لكنه لم يشأ إفساد حضورها في قلبه الآن وهو بين يديها .....
فتبسم محاولا تجاوزه إلى حضنها... ظن الضابط تبسمه استفزازا فنادى
على الفور الشرطي الواقف قبالته طالبا منه أن يبقيه قيد الحبس بدعوى
الاشتباه فيه !!
مشتبه فيه؟؟؟؟ أبعد كل هذا التسكع فى المدن الغريبة؟؟.....
لأن يأتي إليها ليجد هذا الرجل يقف حائلا بينه وبينها؟.. جاهد كل سني عمره
وحين أدرك ألا طائل من المماطلة أمام تعنت الرجل استسلم لإرادة الشرطي
الذي اقتاده لحراسة المطار رهن اكتمال التحقيق المزعوم....!!

كان السجن دهاليز تفضي إلى دهاليز أخرى...كانت تضحك وكانت ضحكاتها متناغمة رغم تباينها كان....
الوقت يحاول حزم سراويله أمام بواباتها وحين أعيته الحيلة دلف قبلي بلا ملامح...كانت تصلني من فوهات
المداخل ضحكات الجرف السفيه حين يعانق الموج فيرسل صبابات النشوة المضرجة بأنداء الطين...
لدهشتي امتدت سواعد مهوله وجذبتني إلى الداخل....
وجدت نفسى فى اول دهليز فرأيت أم الناس ( الرضيه) بائعة الكسره... كانت تبسم فى هدوء والخلق يصطفون
أمامها وهى تغرف بيديها وتطعمهم .. كان النيل حاضرا وقتها يعجن الأدام ويغنى مواقيت النفير.... كانت حين
يعز الزاد تعصر ثدييها لتطعمهم وحين اكتفوا أخذوا يصلون خلف المطر.....
تركتهم ودلفت الى دهليز آخر.... استوقفنى مشهد جدّى متفيئا أحضان تبلديه مثقلة الفروع ... كان يتلو أوراده
تحتها وهى تحنو على وقاره بظلالها..... إقتربت منه وقلت:
كم صار لك فى هذا المكان ياجدى؟
قال : بضع وألف سنه...
وماذا تقتات ياجدى؟؟
عندها اهتزت التبلديه خجلا كمن فضخت عشقها.... التففت حولهما فوجدت الأرض المراهقه تفتح أفخاذها للقاح
وهى ترنو نواحى جدّى ... تبسمت وحين هممت بتقبيل جبينه ولجت الاف القمارى والحبار والسمبر الى صدره.

دخلت آخر الدهاليز فوجدت كل جدّاتى ... مريم الحميره..زينب أم سنتين.. والخليفيه وكل رهط الأغانى
والمسادير.... كن يغزلن الحكايا من خيوط الشمس ويوشين أطرافها بماء النجم.... وكان كل آبائى حضورا
وان بدوا لى ـ لدهشتى ـ أطفالا... كانوا يخفون سجائرهم وقنانيهم خلف ظهورهم وهم جلوس أمامهن يستمعون..
وكن حين يفرغن من حكاويهن ويتغشى آبائى النعاس يحملنهم الى المهود ويعدن ليشربن ماتبقى من القنانى ....
إنصرفت عنهن الى ركن آخر فوجدتها.... سيدة العوانس ـ حسان زمانهن ـ .. هى نفسها ( سلمى مكين )
وهى تجلس على منسجها منتظره ....
( تسير بالزمان للأمام مرة
ومرة تعود بالزمان القهقرى)...
ياالهى لم تهرم للحظه...رفعت نظرها الى فتبسمت... كنت فقط أود سؤالها:
لماذا كانت تبالغ فى تقبيلى وانا صغير ثم تضمنى الى نهديها بحد تلاشى أنفاسى؟؟
ولماذا كانت بين كل فينة وأخرى تدخل يدها تحت ردائى؟؟؟؟
أخرجتنى من عزمى صيحتها وهى تلعن الإبره التى غاصت فى إصبعها...
كنت أنا أفقد عضوا فى كل دهليز وحين وصلت هنا لم يتبقى منى شىء سوى نقطة دم واحده قذفت بها
الى منسجها فلونت طواقى انتظارها...
وحين عاد الشرطى مرة أخرى باحثا عنى لم يجدنى...
كنت قد تلاشيت تماما فى أشيائى

متوحّد في أشيائي




أغرق في صفائي..... أصفو في غرقى...
أصحب غيمات صداي إلى بهو الصحو فأمطر قبلات
وحضن يثقله الشوق...
المضيفة التي تبسم لكل شيء تخرجه بسؤالها إن كان يرغب
فى شيء.. هزّ رأسه ضاحكا فلا هي ولا حتى قائد هذه الطائرة
يستطيع أن يمنحه مايريد.... حتى وإن أوصله مشارف عشقه...
بعد كل هذا العمر يعود ... دليله الملامح الطرية الحضور...ضبط
نفسه وهو يبتسم لكل من تعانقه أعينه...
أيقظه من صحوه صوت ارتطام إطارات الطائرة بأرض المطار..

تقافزت المقاطع والوجيب.....

أخيرا.(..

وطئت ترابك ياشرفات مناي

وكنت أراك نهارا مدل الحواشي

وحولا بعيد الحلول....

ببابك؟؟ كيف أصدق إني

عبرت بحار المحال وفتّح
بين جفوني زهو الفصول)؟؟؟

مدّ جوازه الأجنبي لضابط المطار الذي نظر إليه بتهكم
ثم التفت إلى زميله وهو يصيح::
عالم ماعندها وطنيه)!! ...... ناس تبيع أوطانها بأرخص الأثمان.(...
للحظه فكر أن يشرح له سبب حصوله على جوازه الأجنبي وأنه تغرب
لسنين طويلة في ذاك البلد وان الجواز ضروري إن كان يريد العمل...
لكنه لم يشأ إفساد حضورها في قلبه الآن وهو بين يديها .....
فتبسم محاولا تجاوزه إلى حضنها... ظن الضابط تبسمه استفزازا فنادى
على الفور الشرطي الواقف قبالته طالبا منه أن يبقيه قيد الحبس بدعوى
الاشتباه فيه !!
مشتبه فيه؟؟؟؟ أبعد كل هذا التسكع فى المدن الغريبة؟؟.....
لأن يأتي إليها ليجد هذا الرجل يقف حائلا بينه وبينها؟.. جاهد كل سني عمره
وحين أدرك ألا طائل من المماطلة أمام تعنت الرجل استسلم لإرادة الشرطي
الذي اقتاده لحراسة المطار رهن اكتمال التحقيق المزعوم....!!

كان السجن دهاليز تفضي إلى دهاليز أخرى...كانت تضحك وكانت ضحكاتها متناغمة رغم تباينها كان....
الوقت يحاول حزم سراويله أمام بواباتها وحين أعيته الحيلة دلف قبلي بلا ملامح...كانت تصلني من فوهات
المداخل ضحكات الجرف السفيه حين يعانق الموج فيرسل صبابات النشوة المضرجة بأنداء الطين...
لدهشتي امتدت سواعد مهوله وجذبتني إلى الداخل....
وجدت نفسى فى اول دهليز فرأيت أم الناس ( الرضيه) بائعة الكسره... كانت تبسم فى هدوء والخلق يصطفون
أمامها وهى تغرف بيديها وتطعمهم .. كان النيل حاضرا وقتها يعجن الأدام ويغنى مواقيت النفير.... كانت حين
يعز الزاد تعصر ثدييها لتطعمهم وحين اكتفوا أخذوا يصلون خلف المطر.....
تركتهم ودلفت الى دهليز آخر.... استوقفنى مشهد جدّى متفيئا أحضان تبلديه مثقلة الفروع ... كان يتلو أوراده
تحتها وهى تحنو على وقاره بظلالها..... إقتربت منه وقلت:
كم صار لك فى هذا المكان ياجدى؟
قال : بضع وألف سنه...
وماذا تقتات ياجدى؟؟
عندها اهتزت التبلديه خجلا كمن فضخت عشقها.... التففت حولهما فوجدت الأرض المراهقه تفتح أفخاذها للقاح
وهى ترنو نواحى جدّى ... تبسمت وحين هممت بتقبيل جبينه ولجت الاف القمارى والحبار والسمبر الى صدره....
دخلت آخر الدهاليز فوجدت كل جدّاتى ... مريم الحميره..زينب أم سنتين.. والخليفيه وكل رهط الأغانى
والمسادير.... كن يغزلن الحكايا من خيوط الشمس ويوشين أطرافها بماء النجم.... وكان كل آبائى حضورا
وان بدوا لى ـ لدهشتى ـ أطفالا... كانوا يخفون سجائرهم وقنانيهم خلف ظهورهم وهم جلوس أمامهن يستمعون..
وكن حين يفرغن من حكاويهن ويتغشى آبائى النعاس يحملنهم الى المهود ويعدن ليشربن ماتبقى من القنانى ....
إنصرفت عنهن الى ركن آخر فوجدتها.... سيدة العوانس ـ حسان زمانهن ـ .. هى نفسها ( سلمى مكين )
وهى تجلس على منسجها منتظره ....
( تسير بالزمان للأمام مرة
ومرة تعود بالزمان القهقرى)...
ياالهى لم تهرم للحظه...رفعت نظرها الى فتبسمت... كنت فقط أود سؤالها:
لماذا كانت تبالغ فى تقبيلى وانا صغير ثم تضمنى الى نهديها بحد تلاشى أنفاسى؟؟
ولماذا كانت بين كل فينة وأخرى تدخل يدها تحت ردائى؟؟؟؟
أخرجتنى من عزمى صيحتها وهى تلعن الإبره التى غاصت فى إصبعها...
كنت أنا أفقد عضوا فى كل دهليز وحين وصلت هنا لم يتبقى منى شىء سوى نقطة دم واحده قذفت بها
الى منسجها فلونت طواقى انتظارها...
وحين عاد الشرطى مرة أخرى باحثا عنى لم يجدنى...
كنت قد تلاشيت تماما فى أشيائى...........

ويكه للعشق

ياحاجه قلت ليك والله الويكه دى وارد الصعيد وانتى عارفانى زى أولادك
لو كنت بغش فى البضاعه ولا لا .....
هكذا خاطبها ود النيل صاحب المتجر .... نقدته ما أتفق وانسلت بكل
بطئها ميممة شطر المواصلات وهى تحمل فى قفتها الويكه وعلى محياها
المتعب ترتسم إبتاسمة من ظفر بنصف بطيخة الأمانى....
المسافه بين المنزل والسوق بعيدة جدا ومجهده استغرب أولادها وبناتها كل هذا العناء
الذى تبذله فى إحضار الويكه بنفسها بل وطحنها وتعبئتها بنفسها وكان يكفى أن تشير
مثلا لما تريد وسيحضره لها أكثر من شخص . أكثر ماكان يحيرهم أنها دأبت على جلب الويكه
بنفسها وطحنها ثم طبخها وإصرارها لهم على أكلها وكان الشيى الوحيد الذى يحجمهم
عن الوقوف بوجه عزيمتها تلك هو فرحها وسعادتها عندما كانت تنظر اليهم وهم يأكلونها
أما هى فقد كانت تجيب على وجوههم المتسائله
بابتسامه هى الوحيده التى تعرف مغزاها وكانت تقول فى نفسها : مساكين ماعارفين...
نعم ماعارفين ... كان المرحوم زوجها حاج بكرى يحب الويكه وليس أى ويكه أخرى بل ويكتها هى
وقد كان دوما يداعب فضل المولى جارهم بأن الويكه لم تخلق اصلا الاّ من أجل أن تصنعها يدا حاجه بخيته
زوجته... لا زالت تذكر هذه المقوله تماما كانت جسر يصل روحها به فتعتنق كهولتهما بصبا وجد جميل
يزامل الروح ويهدهد ضلعها المتهالك فتصيح بصوت مسموع : الله لى .................
كانت بمجرد أن ينتهى الأولاد من أكل ويكتها وغسل أيديهم تتسلل فى خفاء وتيمم شطر مدافن الحى
جيث يرقد إلفها فترفع يديها المكدودتين بالدعاء له ثم تقترب من شاهد القبر تسائل قبره فى ابتسام مردفه :
النبى ياحاج ويكتى كيف؟؟؟؟؟؟؟ وتكاد تقسم فى كل مره أن القبر كان يهتز