البــــــــــقـــــــــــــــــــارة (مرة أخرى) يلقنون الحركة درس عصر فى السياسة .. هل فهم !

Quote: الولاءات السياسية في جنوب كردفان قذافي عبدالمطلب: الصحافة ظلت خارطة الولاءات السياسية التقليدية للأحزاب التاريخية في السودان ثابتة المعالم والتضاريس حتى انتخابات العام 1986م، فمناطق النفوذ التاريخي لحزب الأمة كانت تتركز في غرب السودان بشكل عام وولاية النيل الابيض وهي مناطق تدين بالولاء الطائفي لبيت المهدي وبالتالي سياسيا لحزب الامة أما الحزب الآخر الاتحادي الديمقراطي فتتمدد دوائر سيطرتها شرق السودان خاصة ولايات كسلا و البحر الاحمر و تقريبا كل شمال السودان حيث يتركز الولاء لطائفة الختمية. بالاضافة إلى ذلك ظل الحزبان يتقاسمان دوائر الوسط مع القوى الحديثة اليمينية واليسارية الأمر الذي يعني انتشار قواعد الحزبين في معظم انحاء البلاد غير أن المراقبين يقولون إن هذه الخارطة طرأ عليها الكثير من التغيير ويذهبون إلى أن نفوذ الاحزاب التقليدية تآكل مع تمدد الحركات والتنظيمات الاقليمية والجهوية والإثنية سواء أكانت تنظيمات قديمة أو حركات حديثة. من الولايات التي تغيرت فيها خارطة الولاءات التقليدية حسبما يشير الكثير من المراقبين جنوب كردفان وهذا ما يؤكده رئيس حزب العدالة الاصل الاستاذ مكي على بلايل الذي قال إن الولاءات السياسية في كل السودان متغيرة و الامر نفسه ينطبق على جنوب كردفان، لكنه أكد أن الحديث عن أن التحول جاء لصالح حزبي المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية حديث انطباعي ولا يعبر عن حقيقة الواقع ويقر أن الحركة الشعبية كسبت شعبية كبيرة في كل أنحاء السودان عند عودتها للبلاد نتيجة للزخم السياسي لكن نتيجة لادائها في السلطة تراجعت شعبيتها. و رفض أيضا التحليلات التي تشير إلى تمدد حزب المؤتمر في اوساط القبائل العربية على حساب حزب الامة ووصف ذلك مجددا بانه لا يمت للواقع بصلة وقال إن الخلافات التي صاحبت عمليات اختيار مرشحي الحزب في الانتخابات أكدت عدم صحتها و اكدت أن المصالح هي التي تربط الناس بالحزب، ورفض الحديث عن القوى السياسية التي حدثت لصالحها التحولات قائلا إن شهادته ستكون مجروحة لأن الحزب الذي ينتمي إليه سينافس في الانتخابات القادمة. المتحدث الرسمي باسم الحزب القومي السوداني المتحد الاستاذ ميرغني ادريس جابر قال تاريخيا القبائل العربية كانت تدين بالولاء لحزب الامة و في المقابل كان الاتحادي الديمقراطي يحظى بنفوذ مقدر في اوساط القبائل النوبية غير أن انتخابات 1965م أظهرت تمدد نفوذ اتحاد أبناء جبال النوبة الذي حاز على (8) دوائر من أصل (10) في الاقليم. ميرغني اصر على أن الاتحاد تحول إلى تنظيم قومي لكنه كان يصنف على الاقل في تلك الفترة ضمن القوى الاقليمية و فوزه بهذا العدد من المقاعد كان مؤشرا على أن القوى الاقليمية ستشكل تهديدا على قواعد الحزبين الكبيرين وتأكيد على عدم ثبات الولاءات وهذا ما ذهب عدد كبير من ابناء منطقة جنوب كردفان الذين استطلعناهم و منهم عمر آدم (خريج) الذي قال إن عهد التبعية العمياء ولى بعد انتشار الوعي والتعليم خلال العقود الماضية ويستدل بالنجاح الكبير الذي اصابه حزب الاب فليب عباس غبوش في دوائر جبال النوبة وهذا النجاح يوضح ويكشف عن أن السكان هناك كانوا قد بدأوا فعلا في تجاوز التبعية لأن غبوش طرح برنامجا انتخابيا ارضى طموحاتهم وبالتالي يمكننا القول بعد كل هذه الأعوام مضافا اليها ما أشرنا له من وعي وانتشار التعليم أن الخارطة السياسية التقليدية التي سألت عنها لم تعد موجودة. واعتقد الناخب في جنوب كردفان سواء كان في منطقة القبائل النوبية أو العربية سيتمعن في البرنامج الانتخابي جيدا قبل أن يحدد من الذي يستحق أن يدلي له بصوته، قد تكون هناك بعض الانتماءات الطائفية لكنها محصورة خاصة في اوساط كبار السن من جيل الاربعينيات فما دون لكنها بالتأكيد لن تؤثر في نتيجة الانتخابات. المتحدث الرسمي باسم الحزب القومي ميرغني ادريس جاء حديثه موافقا في الكثير من الاجزاء لما ذهب اليه عمر ويقول إن الحزب الاتحادي كان يتمتع بشعبية وسط القبائل النوبية لكنه فرط فيها وتحولت إلى اتحاد ابناء جبال النوبة الذي تحول إلى الحزب القومي المتحد الذي يغيب عن ساحة التنافس في الانتخابات القادمة بسبب اشكالات تتعلق بالتسجيل وفقا لحمزة الذي رد على سؤالنا حول أي من القوى السياسية هي الاقرب لاستمالة قواعد حزبهم فقطع بأن الحركة الشعبية هي التي ستحظى بتأييد القبائل النوبية لتشابه برنامجها مع برنامج الحزب القومي الذي وجد القبول عند الناخب النوبي. وأكد ميرغني أنهم سيوجهون جماهيرهم ليساندوا الحركة الشعبية معتبرا ذلك هو التحول الجديد الذي سيحدث في الانتخابات القادمة وقلل ميرغني من حظوظ المؤتمر الوطني وقال إن وجوده ضعيف في جبال النوبة ومضخم اعلاميا وأضاف ربما يكون لهم حظوظ في اوساط القبائل العربية لكن تلك ايضا مناطق عرفت بانتمائها لحزب الامة واعتقد أن الانصار في ساعة الجد سيستعيدون إن لم يكن كل فجل نفوذهم. إلى اتجاه مغاير ذهب ياسر محمد ابكر الذي أكد أن الخارطة تغيرت بكل تفاصيلها بعد اتفاقية السلام الشامل و المعركة الاساسية التي انخرط فيها الجميع هناك واصبحت فوق كل الانتماءات هي التنافس بين طرح السودان الجديد الذي يدعو إلى الافريقانية الذي تحمل لواءه الحركة الشعبية و السودان العربي الاسلامي الذي يحمل لواءه المؤتمر الوطني، لذا اعتقد أن حزبي الحركة والمؤتمر الوطني هما الاكثر شعبية هناك وهما صاحبا الحظ الاوفر وهذان الطرحان هما البرنامجان المسيطران على الساحة وهما بالتأكيد ليسا مجرد برنامج انتخابي تقليدي بل يمثلان مشكلة هوية لذا فإن هذه القضية تكاد تغيب اطروحات الاحزاب الاخرى غير الواضحة اصلا. ويشير إلى قضية أخرى يقول إنها حساسة بذات القدر وهي قضية الوحدة و الانفصال وفي هذا الشأن بدا واضحا أن الحركة الشعبية تسعى للانفصال و المؤتمر الوطني على الاقل حسب ما يصدرعنه من تصريحات يفضل الوحدة وبالرغم من أنه غير واضح للقواعد هناك ما إذا كان فوز الحركة في الولاية سيمكنها من فصل جبال النوبة من الشمال وضمها إلى الجنوب، إلا أن الذين يفضلون الوحدة بالتأكيد سيدلون بأصواتهم للمؤتمر الوطني الذي يبدو كما أسلفنا ميالا للوحدة لذا أنا عتقد أن المؤتمر الوطني إذا ما اضفنا مع ما سبق ما قام به الوالي مولانا أحمد هارون من انجازات ملموسة على صعيد التنمية و الخدمات هو الحزب الاوفر حظا في انتخابات ابريل القادم. نعم هناك تحولات كبيرة طرأت على الوجود الحزبي في جنوب كردفان هكذا بدأ عبد الله أحمد سليمان حديثه الذي أكد فيه أن المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ورثا قواعد كل الاحزاب في جنوب كردفان غير أنه قال إن الحركة تقودها كوادر هي اصلا شيوعية أو من طيف اليسار السياسي بينما يقود حراك المؤتمر الوطني بعض الشباب الذين نشأوا في عهد الانقاذ وبعض الشيوخ الذين انضموا للتيار الاسلامي لاحقا ،مشيرا إلى أن الحزبين فرضا وجودهما اولا بالحرب والسلطة ومن ثم بمكتسبات اتفاقية السلام التي سلمتهما زمام الامور في المنطقة ،مع هذه المستجدات أخرجت أحزاب تاريخية كبيرة في الولاية من على مسرح الوجود والنفوذ السياسي كحزب الامة و الحزب القومي وغيرها من القوى التي كانت لها قواعد وحظوة كبيرة. ومن العوامل المؤثرة الاخرى التي ذكرها عبدالله وقال إنها ستؤثر في اتجاهات الناخبين هي القبلية وقال إن الاستقطاب السياسي للقبائل جعلها جزءا من اللعبة السياسية و اكد عبد الله أن الثقل القبلي سيكون عاملا حاسما في ترجيح كفة المتنافسين. و في قراءته لترتيب القوى السياسية الاكثر شعبية وضع عبدالله الحركة الشعبية على رأس القائمة لوجودها المكثف في اوساط القبائل النوبية التي انجذبت لطرحها للأفريقانية وتمددها إلى مناطق القبائل العربية و يستشهد بمؤتمرات الصلح في تقلي وغيرها من مواقع القبائل العربية التي دعمتها الحركة ووفرت لها التمويل كما أن اعداداً كبيرة من ابناء تلك القبائل انضمت إلى الحركة وهذه كلها شواهد على تمدد الحركة وتفوقها على غيرها من القوى السياسية، ثم وضع المؤتمر الوطني في المرتبة الثانية فالاتحادي الديمقراطي ثم المؤتمر الشعبي وفي ذيل القائمة حزب الامة الذي قلل عبد الله من وجوده حتى في اوساط القبائل العربية حيث نفوذه التاريخي. وهذا ما رفضه حمد محمد الذي بدا واثقا من فوز حزب الامة بكل دوائره في اوساط القبائل العربية متى ما اجريت انتخابات حقيقية مبرأة من عيوب التزوير و التلاعب ،وقال إن وجود الحركة الشعبية و المؤتمر الوطني وجود غير حقيقي يشبه إلى حد كبير وجود الاتحاد الاشتراكي بمعنى أنه مرتبط بالوضع الراهن الذي يسيطر فيه الحزبان على الحكم و عندما قلنا له يعني (حياكلوا التور و يدو زولهم) قال ضاحكا تماما. الكاتب الصحفي واللصيق بالولاية الاستاذ محمد موسى حريكة يعود بنا إلى انتخابات عام 1968م ويقول إن مرشح الاتحادي الديمقراطي موسى فرج الله احدث مفاجأة داوية عندما فاز في دائرة لقاوة التي كانت محتكرة ضمن خمس دوائر أخرى لحزب الامة مشيرا إلى أنه اورد هذه الحادثة اولا ليؤكد أن الولاء السياسي لم يكن ثابتا بشكل مطلق حتى تاريخيا في المنطقة التي لم يكن بها وجود للقوى الحديثة سواء الاسلامية او الاشتراكية .وفي انتخابات 1986م حاولت الجبهة الاسلامية ايجاد موطئ قدم لها لكنها فشلت لكنها لم تيأس فعملت في بعض مواسم الجفاف التي ضربت المنطقة وقدمت الاغاثة عبر الآليات الاسلامية و أنشأت بعض المدارس ونحوها واستطاعت تكسب بعض المؤيدين أيضا تمدد الحرب الاهلية إلى الولاية أيضا كان له تأثير كبير حيث وجد مشروع الحركة الشعبية السياسي الكثير من المؤيدين في اوساط القبائل الافريقية و بدرجة أقل في مناطق العرب، وكان المشروع النقيض لمشروع الحركة مشروع المؤتمر الوطني الذي انحاز له غالبية عرب الولاية وبعض من الافارقة و استمر الامر بعد توقيع سلام نيفاشا غير أن عوامل كثيرة غيرت الاوضاع من جديد كالخلافات والانشقاقات التي حدثت في الحركة الشعبية وعدم قبول البعض بأداء الشريكين و في جانب المؤتمر الوطني أخذ البعض على الحزب طريقة اختياره لمرشحيه لمنصب الوالي و الممارسات التي تمت في مجالس الشورى والآن الاربعة أشخاص الذين تجاوزهم المركز عند اختياره للولاة ذهبوا يبحثون عن قبائلهم ومناصريهم لخوض الانتخابات كمستقلين، وهذا يؤكد أن الحزب في المنطقة لا يقوم على الفكر. كل هذه الاخفاقات من الطرفين بالتأكيد تصب في صالح القوى الاخرى التي بدا أنها فقدت أراضيها تماما لتعود وتنافس من جديد على جماهير المنطقة وزيارة زعيم الانصار الصادق المهدي للولاية في العام الماضي أكدت أن الحزب لازال له تأثير كبير و كلما سبق يؤكد أن الانتماءات السياسية في الولاية متحركة على مدار الساعة تدفعها معطيات الواقع وتحولاته. ويؤكد المحللون أن الفترة ما بعد نيفاشا التي تشارك فيها المؤتمر الوطني والحركة الشعبية في الحكم أفقدت الحزبين الكثير من المكاسب الشعبية التي حظيا بها عند بداية اتفاقية السلام وقبلها التي اصطفت فيها القبائل التي تعرضت إلى استقطاب سياسي حاد خلف الحزبين بسبب تعارض برنامجهما و وجودهما كقوتين وحيدتين في الساحة. ويرجع المحللون تراجع شعبية الحزبين إلى أسباب في حالة الحركة الشعبية إلى احساس بعدم الرضا على الحركة لاحساسهم بأنهم لم يحصلوا على مايعادل جهدهم في الحرب من اتفاقية السلام و الامر الذي حدا بالكثيرين من أبناء النوبة باتهام الحركة علنا بالتخلي عنهم و الامر نفسه ينطبق على حلفاء المؤتمر الوطني من القبائل العربية أيضا الذين وصل بهم الحال إلى تشكيل حركات مسلحة في وجه حلفاء الامس كما أن المسيرية ابدوا كثيرا تزمرهم من طريقة تعامل المؤتمر الوطني في ملف منطقتهم أبيي المتنازع عليها بين الجنوب والشمال. كل هذه العوامل جعلت من الولاءات السياسية خارطة قابلة للتشكيل من جديد لكن يبدو أن قواعد اللعبة قد تغيرت أيضا بدورها فهذا الحراك يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الخارطة مرتبطة بالبرامج ومدى استجابتها لأشواق مواطني الولاية ولم يعد انتماءً عاطفياً أو دينياً يتوارثه الناس أبا عن جد.