هَدْم

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 06:33 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-25-2011, 06:56 AM

طه جعفر
<aطه جعفر
تاريخ التسجيل: 09-14-2009
مجموع المشاركات: 7328

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
هَدْم



    تفتحت عيناه علي الدنيا ليشاهد سقف البيت البلاستيكي. السقف كيس بلاستيكي من النوع المستخدم في تغطية الأغراض التي يتم ترحيلها جويا. يمتد السقف بلونه الأزرق علي شبكة ضعيفة كونتها عوارض القنا المربوطة بخيوط الجامايكا. لمغالبة الريح العدوانية وضعت( أكيج) إطارات سيارات قديمة لتثبت السقف. البيت عبارة عن غرفة ملتصقة بحائط الجيران الشرقي، الفضاء الذي يشغله البيت هو ما كونته حوائط بيوت الجيران من الجهات الشمالية و الغربية و الشرقية، ليس هناك حائط جنوبي. هو مجرد قطعة لم يتذكر صاحبها أن يبنيها.
    الجيران من النواحي الثلاث يسكنون عمارات أقلّها علوا تتكون من ثلاث طوابق و هم في هذه العشة. اكيج نازحة من الجنوب هي مركز البيت و عموده الفقري، من هذه العشة في وسط الحي الراقي يخرج بعض الأولاد صباحا إلي المدرسة و البعض الآخر مساءا إلي مدارس الكنائس المسائية اكبر الأطفال سنا في الرابعة عشرة من العمر، في المنزل الصغير أكثر من أمهات ثلاث اثنان منهن أخواتها و الثالثة أخت زوجها جميعهن بأزواج غائبين يعملن خدما في البيوت و يصرفن ما يكسبنه علي أولادهن . الرجال من أهل اكيج أو أهل زوجها الغائب الرجال الذين ينامون أحيانا في البيت يفترشون العراء العريض، حتى أوان المطر و يكون غطاءهم كيس بلاستيكي. أكيج في عقدها الثالث هادئة الملامح و صابرة، تخرج للكنيسة بالتوب السوداني ملتفا علي جسدها. ابنها كور صغير أنجبته في هذا المكان، تعلم المشي و الكلام في هذه البقعة التي بنتها حوائط الجيران و أيادي الفقر و الحرمان. عندما بلغ كور الرابعة من العمر كان طفلا نشطا يلعب في فضاء البيت و علي الطريق الترابي إلي الجنوب منه، يكون كور نائما عندما يأتي زوار المساء الذين يبحثون عن العرقي و هم جمع من أناس قليلي الحيلة ما يطلبونه عند أكيج هو العرقي، يكون شراؤهم مستعجلا و خائفا من مداهمة الشرطة، اكيج تتضايق من ذلك النوع من المتبطلين الذين يطلبون كرسيا و طاولة للجلوس و شرب حصتهم بالمكان و تتضايق أكثر من طلاب هذه الخدمة نهارا لكنها لا ترفض لأنها تحتاج إلي المال. كور يحس بمشاعر أمه و يعرفها فهو لا يحب هذه الزيارات غير المرغوب فيها، مرة رآها تحفر حفرة صغيرة لتدفن فيها كريستالات العرقي فسألها لماذا تحفرين يا أمي فردت عليه بابتسامة قائلة لأجلب لك لعباً من تحت الأرض! ظل كور منتظرا و لا يخرج الا التراب و لا يزداد إلا عمق الحفرة، أرسلته لإحضار ماء من الجركانة داخل الغرفة فذهب، تناولت اكيج من سقف البيت بقايا لعبة مكسرة وجدها الصغار و هم يجمعون زجاجات الماء و المشروبات البلاستيكية من أكوام الزبالة لتعبئتها بالعرقي ، رجع كور ليجد اللعبة في يد أمه ففرح كثيرا و انصرف ليلعب بها . أكملت اكيج مهمتها مخفية كريستالات العرقي في بطن الحفرة وتمنت أن تبيعهن جميعا في هذا المساء دون مداهمة من الشرطة.
    جاءوا نهار ذلك اليوم علي ظهر دفار و معهم سيارة ميتسوبيشي زرقاء انزلوا عدتهم و هي عبارة عن حفارات و جواريف، بحثوا في المنزل لم يجدوا شيئاً كانت علي الجدار الشرقي صورة تضم السيدة العذراء و السيد المسيح في حجرها يظلاهما جناح الروح القدس .
    لم يهتموا بمناقشتها و شرعوا في الهدم، انشغلت أكيج و من معها من اليافعين في أخراج الأغراض التي سوف يتلفها هذا الهدم، كور في طرف الفضاء الجنوبي الشرقي للبيت يراقب السيارتين و الرجال في زيهم الموحد و يتطلع إلي أمه باكيا يسأل ما الذي يريدونه منا؟ رمي لعبته القديمة علي الأرض ثم اندفع إلي أمه التي حملته، بللت رأسه دمعات انهمرت من عينيها تطلع إلي وجهها و بكي بصوت عال، كانوا منهمكين في الهدم، أزالوا الغرفة تماما و سووها بالأرض، كوموا أعواد القنا و كيس السقف و قاموا بإحراقها مع مجموعة أوعية بلاستيكية، اهتم كور بمتابعة عمود الدخان ذو اللون الرمادي و هو يتصاعد نحو سماء تملاها أشعة الشمس بالحر و الضوء الباهر. لم يتحدث أحد مع الرجال المنهمكين في الهدم. انتهي الهدم و الإحراق فطلبوا من أكيج مرافقتهم إلي القسم ، تمشي أكيج معهم و تركب علي ظهر الدفار لا يعطونها فرصة أن تلف جسدها بالتوب، كور يمسك بإطراف فستانها تمسكه أخته محاولة تخليص أمها من أيادي كور الصغيرة التي جعلها الخوف و الحزن أكثر قوة في الإمساك بفستان أمه ، يصرخ كور و يبكي بجنون و لا أحد ممن هدموا البيت أو المتطفلين من المارة يهتم بالحزن المتلوي في صرخات كور المبحوحة من التعب لا أحد يهتم غير أخواته اللائي شاركنه دمعا بدمع، حزنا بحزن، غضبا بغضب .
    أدار الدفار ماكينته بصوتها المتبجح. تطلع الجيران من نوافذ غرفهم و بلوكوناتهم المطلة علي بيت اكيج، فقط تطلعوا، قليل منهم كان غاضبا و أغلبيتهم لا يهتمون بغير رائحة الحريق التي امتصتها المكيفات لتزعج نهارهم. توقف كور عن البكاء بعد أخبرته أخواته بأن أمه لن تغيب طويلا. مضي جميع من في الفضاء الناتج عن الحريق لياليهم التالية في العراء المحض فقط هي قطعة الأرض الفارغة التي نسي صاحبها أمر بناء عمارة فيها.
    وجد كور شبها شديد بين السماء و سقف بيتهم المهدوم عدا أن للسماء شمسا بالنهار و قمرا بالليل و ليس في سقف بيته المهدوم ضوء. فعلا قضت أمه فترة الحبس بسجن النساء في امدرمان، بناتها يعرفن أنها قد جُلِدت و طُلِبت منها غرامة مالية هي لا تستطيع دفعها و بالتالي يتوجب عليها قضاء فترة إضافية في الحبس. الحبس في سجن النساء تكفل بجراح الجلد البدنية لكنها عمق جراحه النفسية باهظة العذاب. خلال غيابها استبدلن العشة بأخرى أسوأ منها، لم يتوقف بيع العرقي، أشرفت عليه بناتها، الرجل الذي يجلب المقدار من العرقي الذي يتم تقسيمه في الكريستالات لم يتوقف، استمر البيع لان قليلي الحيلة من الشاربين ما زالوا يرغبون في الشرب و حاجة اكيج للمال لن تنتهي.
    لم يمر أكثر من ستة أشهر استمتع فيها كور بعشتهم الجديدة، زارهم خريف كشفت أمطاره عورات البناء الذي يحتاج إصلاحا بعد كل هبة ريح عاتية أو زخات مطر غاضبة. جاء الدفار ثانية و معه البوكس الميتسوبيشي الأزرق، انزل الرجال أصحاب الزى الموحد الحفارات و الجواريف و كرروا نفس الإجراءات لهدم العشة الجديدة، كور لم يبك هذه المرة، لم يزرف دمعة واحدة، ضحكت أخواته و اندهشت أمه، كور وقف صامتا، انشغل هذه المرة بملابس الرجال ذات اللون المهادن بين الأزرق البين و الرمادي الجسور، يقف لون زيهم في هذه المسافة الباهتة، لم يجد كور علاقة للون زيهم بلون السماء المحدد أو لون الرماد الصريح، كره كور لون زيهم، كرههم و أحس بأن ما يفعلونه هو عمل غير ذي معني فلم يبك حتى يعطي عملهم قيمة لا يستحقها.
    انتهي الهدم و طلب الرجال في الأزياء ذات اللون المهادن من اكيج مرافقتهم، ففعلت، غابت ثم عادت مستعدة لهدم جديد و مستعدة لسماء جديدة.
    كور كان يكبر، أمه تزداد صبرا مع كل هدم، تعّوَد جسمها علي الجلد و تعّوَد عُمرها علي تمديد فترة الحبس نتيجة لعدم دفعها للغرامة، اعتادت علي كل ذلك.
    يرتاد كور مدرسة مجاورة، كبر قليلا و تعلم الكثير، أحب كور أمه عندما عرف أنها تبيع العرقي لتربيهم و تكفل لهم العيش بمعاناتها عبر جسدها و روحها. عندما بلغ كور سن العاشرة تعلم غسل السيارات كان يعطي ما يكسبه لأمه التي تفرح بعطيته لها، يعود أحيانا من مشاوير غسيل السيارات فلا يجدها و يجد البيت مهدوما فلا يسأل ، يصمت كور و يقضي الليل منتظرا أن يتوقف الشاربون عن المجيء لترتاح أخته. أصبح كور قويا و عرف من أين يمكنه أن يتحصل علي مواد بناء جديدة، يغيب اليوم التالي للهدم عن المدرسة لينجز بناء العشة من جديد.
    تمضي الأيام و أحيانا الشهور بين هدم و هدم جديد، قبلهما هدم قديم.
    كور يكبر و إحساسه بالمسئولية يتعاظم، رصيده من المعرفة يكبر و الشقة بينهم و بين المكان و الجيران تزيد و حوائط التمييز و التهميش تعلو، كور قرر شيئا.
    انتظرهم كور، جاء الدفار و معهم الميتسوبيشي الزرقاء، علي صفحتها عبارة "أمن المجتمع" عرف كور أنه ليس من المجتمع الذي تحميه هذه السيارة برجالها أصحاب الزى الموحد ذو اللون المهادن الذي لا يشبه لون السماء أو لون الرماد.
    عندما أتموا الهدم و اتجهوا إلي أمه ليقودوها إلي القسم، أوقفهم كور قائلا" انا من يبيع العرقي في هذا البيت و ليس أمي". لم يتركوا أمه أخذوها معه إلي القسم ربما بحكم العادة!. جلدوه كما جلدوها و حكموا عليه بالغرامة كما فعلوا معها، مدوا فترة حبسه كما مدوا فترة حبسها لعدم سداد الغرامة.
    عرف كور مرارة الجلد و قسوة السجن، عرف أن بالسجن أناس كثيرون من قبيلته و أناس كثيرون من الجنوب. أفرج عن كور، عاد إلي البيت فوجد أمه، كان مشتاقا إليها و مشتاقا إلي أخواته.
    أعدت أخته طعاما أكله كور و حكي لهن عن مرارة الجلد و قسوة السجن، سمعنه بتركيز و أحببنه أكثر و جميعهم ازداد حبهم لأمهم. حمل كور عدة غسله للسيارات. و في صباح اليوم التالي احضر مواد بناء و عدل هيئة العشة في انتظار هدم جديد، جلد جديد و سجن قديم يتجدد
    .



    طه جعفر

    (عدل بواسطة طه جعفر on 04-25-2011, 07:54 PM)

                  

04-25-2011, 08:02 PM

طه جعفر
<aطه جعفر
تاريخ التسجيل: 09-14-2009
مجموع المشاركات: 7328

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هَدْم (Re: طه جعفر)

    و تستمر
                  

04-26-2011, 07:58 PM

طه جعفر
<aطه جعفر
تاريخ التسجيل: 09-14-2009
مجموع المشاركات: 7328

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هَدْم (Re: طه جعفر)

    و تستمر بصورة اكثر مرارة
    جلد
    سجن
    غرامة و في حالة عدم الدفع
    سجن لمدة أطول
                  

04-27-2011, 03:51 AM

طه جعفر
<aطه جعفر
تاريخ التسجيل: 09-14-2009
مجموع المشاركات: 7328

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هَدْم (Re: طه جعفر)

    و تستمر
                  

04-27-2011, 05:22 AM

mustafa mudathir
<amustafa mudathir
تاريخ التسجيل: 10-11-2002
مجموع المشاركات: 3553

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هَدْم (Re: طه جعفر)

    يا طه
    يا سلام عليك ياخ!
    نص جميل!
    لغة مدهشة، رشيقة ومقتصدة.
    توصيف صاعق ومختصر...
    انسانوية مجيدة.
    ألف تحية لك فلقد أعطيتني مبرراً لسهرة في غير يوم سهر!
                  

04-27-2011, 08:56 PM

طه جعفر
<aطه جعفر
تاريخ التسجيل: 09-14-2009
مجموع المشاركات: 7328

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هَدْم (Re: mustafa mudathir)

    يا طه
    يا سلام عليك ياخ!
    نص جميل!
    لغة مدهشة، رشيقة ومقتصدة.
    توصيف صاعق ومختصر...
    انسانوية مجيدة.
    ألف تحية لك فلقد أعطيتني مبرراً لسهرة في غير يوم سهر
    !


    شكر جزيلا عزيزي

    mustafa mudathir

    شكرا علي هذا التشجيع و شكرا علي قراءتكم للنص
    تكتسب الكتابة قيمتها منكم و من حبكم لها
    ارجو ان اكون دوما عند حسن ظنكم

    طه جعفر
                  

04-28-2011, 00:51 AM

mustafa mudathir
<amustafa mudathir
تاريخ التسجيل: 10-11-2002
مجموع المشاركات: 3553

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هَدْم (Re: طه جعفر)

    بعدين خيطك دا اسمه صغيروني خلاس!
    لكن لا تبتئس فهناك من سيجدون صيداً مثل هذا
    ولو في ثنايا فقرة صلاح قوش وأمثاله من الجتت!
                  

04-28-2011, 04:51 AM

طه جعفر
<aطه جعفر
تاريخ التسجيل: 09-14-2009
مجموع المشاركات: 7328

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هَدْم (Re: mustafa mudathir)

    Quote: بعدين خيطك دا اسمه صغيروني خلاس!
    لكن لا تبتئس فهناك من سيجدون صيداً مثل هذا
    ولو في ثنايا فقرة صلاح قوش وأمثاله من الجتت!


    الغالي مصطفي مدثر
    شكرا علي الاهتمام
    لن يكون هناك إبتآس، حقيقة انها لا اهتم كثيرا بالمداخلات خاصة اذا كانت الكتابة من جنس السرد، اهتم اكثر بالقراءة انا غاوي كتابة لدرجة انني عضو في اتحاد الكتاب السودانيين و الكتابة غواية مكلفة جدا لكنها عزيزة. لي في هذا المنبر بالضبط سبعة اعوام كنت خلالها منشغلا بالسياسة و الثقافة و التاريخ. بلطف من الله اصبحت من ضمن طبيعات المنبر المتقلبة المتعددة أنه مكان تواصل اجتماعي مثله مثل تويتر و فيسبوك اصبح مكانا لاجتماعيات ارجو من الله ان تكون مفيدة كما كان فيسبوك ذخرا لمصر و ثورتها الظافرة المنتصرة و ذخرا لليمن و لسوريا و لليبيا. أحتفي كثيرا بزيارة اناس امثالكم لمثل هذا البوست لان هذه الكتابة هي نوع من حقن الملاريا
    او كما قال سيجمان سابقا" بوستات طه جعفر تماما مثل حمام الشتاء او الدش في الشتاء" كنت سعيدا جدا بتعليق سيجمان هذا لانني اعتقد أن برودة الجو لا تزيل من ادران الجسد الانساني شيئا، الطريف أن الاخ سيجمان عندما قال هذا الكلام قاله كنوع من الذم و لكني اجد تقريظا ليس بعده تقريظ أجده حكمة كبيرة و بعد نظر أجراه القلم علي يد سيجمان.
    انا عادة افتتح البوست و يصل عدد قراءه الي اكثر من الالف و لا تكون هناك مداخلات من اعضاء البورد الا من تسوقهم أقدام المجاملة" التي ارحب بها" لكنها لا تفيدني كثيرا او قليل من المهتميين بالموضوع و يسهمون فيه بما يفيدني و يفيد غيري من القراء.
    ليس هناك ابتآس و لن يكون سأظل هنا وفيا لفكرتي و وفيا للمكان و لكن ليس في دنيته.

    بالمناسبة عدندي رواية فازت بجائزة الطيب صالح للموسم الفائت و هي الان محتجزة عند لجنة المصنفات و سأقوم بمقاضاتهم كتبت منها اجزاء و كان خيطها هنا اصغر من هذا الخيط و عندي رواية و مجموعة قصص قصيرة تحت النشر و اعكف علي كتابة رواية الان و احتفظ بمشروع كتابة آخر سيكون له صداه.
    اشكرك كثيرا علي هذا الاهتمام و لكن ارجو الا تبتئس انت من متابعتي .
    أخوك


    طه جعفر الخليفة طه



                  

04-28-2011, 05:16 PM

طه جعفر
<aطه جعفر
تاريخ التسجيل: 09-14-2009
مجموع المشاركات: 7328

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هَدْم (Re: طه جعفر)

    شرطة أمن المجتمع
    هل هي شرطة أمن المسلمين ضمن المجتمع السوداني العريض؟
    مجرد سؤال؟
    أرجو ان يكون مشروعا


    طه جعفر
                  

04-28-2011, 06:11 PM

محمد الفاتح خالد حسون
<aمحمد الفاتح خالد حسون
تاريخ التسجيل: 03-12-2008
مجموع المشاركات: 591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هَدْم (Re: طه جعفر)

    الاخ طه جعفر

    السلام

    انت في الشورت لست بتاعت الكٌتاب البفتش ليهم ولي كتابتهم لي درجة أمتع نفسي بالدهشة كما قال عليه الرحمة الدوش فما بتحتاج لي .....

    Quote: و في صباح اليوم التالي احضر مواد بناء و عدل هيئة العشة في انتظار هدم جديد، جلد جديد و سجن قديم يتجدد.



    طه جعفر


    ودي ما عرفتها دموع شنو ؟


    او حين تختزل الفكرة في - الكلمة - كلما لم ينهمر من دموع البهجة والافراح لي وطن ما زالت تنمو فيه - برغم هذا البؤس - من قاع الجراح خلاياء الانتماء ... وتتمدد لتتمرد من جديد

    محمد الفاتح خالد
                  

04-28-2011, 06:31 PM

أمين محمد سليمان
<aأمين محمد سليمان
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 8437

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هَدْم (Re: محمد الفاتح خالد حسون)

    الأخ طه ، سلام
    ياخي ده سرد جميل و لغة أجمل و إذا تكرمت برابط لبعض كتاباتك أكن لك من الشاكرين
                  

04-28-2011, 08:35 PM

طه جعفر
<aطه جعفر
تاريخ التسجيل: 09-14-2009
مجموع المشاركات: 7328

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هَدْم (Re: أمين محمد سليمان)

    Quote: الأخ طه ، سلام
    ياخي ده سرد جميل و لغة أجمل و إذا تكرمت برابط لبعض كتاباتك أكن لك من الشاكرين




    الاستاذأمين محمد سليمان
    اكون شاكرا لكم بالاكثر خاصة عندما تتحملون معي عبء ما اكتب بالقراءة

    اكون شاكرا لكم اذا ارسلتم لي عنوانكم البريد و سأكون مجيبا لهذا الطلب الذي اراه فضلا منكم عليّ



    طه جعفر
                  

04-28-2011, 08:21 PM

طه جعفر
<aطه جعفر
تاريخ التسجيل: 09-14-2009
مجموع المشاركات: 7328

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هَدْم (Re: محمد الفاتح خالد حسون)

    الاستاذ محمد الفاتح خالد حسون
    شكرا علي الكتابة الرقيقة.
    اتشرف حقيقة بامدادكم بما كتبت
    عندي الان نص روائي محتجز عند لجنة المصنفات و هو رواية اسمها "فركة"
    و عندي مع الناشر رواية اسمها " حدث لاولاد الاعيسر" و مجوعة قصص قصيرة كنت قد نشرت معظمها هنا في سودانيز اولاين ثم في الميدان ، الاحداث ثم في اجراس الحرية (الترتيب فقط لضبط تواريخ النشر) هنالك نص منشور في ebooksudan.com
    استطيع بكل سهولة ارسال عدد من النصوص اليكم بالايميل فارجو منكم شاكرا امدادي بايميلكم عبر المسنجر و سيكون الامر سهلا جدا و الكتابات ستكون بطرفكم الاغر.
    اهتم في كتابتي باستلهام اشارات التاريخ المحكي و المكتوب الدالة بكثافة علي اللحظة الراهنة من تاريخ الوطن الجريح، اهتم بايفاد الاشارات الكثيفة من الثقافات غير العربية بالسودان لجعلها في اتصال تآلفي و منسجم مع المحيط العروبي الضاغط و ذلك بايراد الصلات العميقة بين الثقافة العربية في السودان باصلها الافريقي الصريح. هي مني محاولة لتفكيك و اعادة بناء اللحظة الراهنة علي اسس القبول بالاخر و التسامح مع اختلافه. استطيع ان اقول انني في جهد دؤوب لبناء مشروع كتابة يجادل قضايا الحرب، الهدر العميق للنسيج الاجتماعي الناجم عن العنف الذي تبرره الثقافة السائدة
    .

    طه جعفر

    (عدل بواسطة طه جعفر on 04-28-2011, 08:38 PM)

                  

04-28-2011, 08:54 PM

طه جعفر
<aطه جعفر
تاريخ التسجيل: 09-14-2009
مجموع المشاركات: 7328

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هَدْم (Re: طه جعفر)

    المكتوب ادناه جزء من عمل اعكف علي كتابته منذ حوالي الثلاثة اعوام و هو عمل مضن يتطلب بحثا دؤوبا في التاريخ و يعود ذلك لغرائبية النص ، النص الي الان اسمه (الحواتي) و لا اعرف حقيقة اي اسم سيحمل عند نهاية السرد.



    (( الحواتي

    معظم من في مشرع (ابروف) يعتقدون انه من العبيد، صمته و نزوعه المستمر للابتعاد عن ضجيج الصيادين و المراكبية اضفتا علي غموضه غموض. في مجيئه الي المشرع ارتبط عند الصيادين و المراكبية بحاج يعقوب، ارتباط سيرته بسيرة حاج يعقوب التي ملأت ضفاف النهر جعلت الجميع يثقون في مهارته، فالحواتي لا تأتيه الا المهام الصعبة فيما يتعلق بالمراكب، صناعتها ، اصلاحها او الشباك او في امر مغالبة النهرايام الدميرة.
    كان متوسط الطول، لا تخدد صفحتي وجهه الشلوخ، في عيونه نوع من الحزن لا تدركه الا اذا عاينت وجهه حين يكون غارقاً في العمل، لم يره احد بغطاء للراس، فالحواتي لم يكن يلبس العمامة و لا يضع علي رأسه طاقية، شعره اكرت و قصير و الشعر دائما بنفس الطول، اسنانه شديدة البياض مدهشة لانها لا تري كثيراً لان شفاهه حازمة بين الامتلاء و الدقة، و جهه بين استدارة معتدلة و طول قليل، شاربه خفيف و ليست له لحية. لم يكن شديد السواد ،هذه الملامح مجتمعة تجعل مهمة ادراك عمره عصية و صعبة.
    يقال ان حاج يعقوب قد حكي عن الحواتي قائلاً: عندما جاءني للعمل معي في اول مرة، خرج مبتلا من جهة النهر، خرج من الماء و جلس علي جزء عالٍ من قيفة النهر الي ان جفت ملابسه، كان يرتدي سرولا قصيرًا و (عراقي) بالكاد ينزل الي علو ركبته، كلاهما مصنوع من نسيج قطن يدوي سميك، وقف يراقبني مبتعدا بنظراته صوب شمبات كلما التقت نظراتنا . كان الوقت حينها قريبا من وقت وجوب صلاة العصر. نزل من هناك و سَلّم عَلَي و قال لي ( اعجبتني طريقتك في نجر الخشب، كنت اراقب استخدامك للقَدَّوم ، انا اريد ان اتعلم منك ذلك) و يقول حاج يعقوب" فسألته ما هي صنعتك؟ اجابني و لكني نسيت رده! و سألته من اين انت؟ اجابني و لقد نسيت رده ايضا! ، ثم سألته عن اسمه فاجابني و حاولت ترديد الاسم في ذهني حتي لا انساه و اظنني نسيت الاسم لذلك الان اناديه باسمه الذي تعرفون هو الحواتي".
    يروي هذه الحكاية كل من عمل في المشرع بحياة الحاج يعقوب الذي توفي قبل عشرة او خمسة عشرة سنة قبل بناء خزان مكوار.
    الحاج يعقوب حضر المهدية و يتذكر دخول الانجليز الي امدرمان و هدم قبة الامام. كان والد الحاج يعقوب من المهاجرية الذين انضموا لجيوش الخليفة. الحاج يعقوب يتكلم بصوت منخفض و غليظ في ملامحه الكثير من الثقة فهو متوسط الطول و نحيف، وجهه دقيق و ملامحه محددة و طيبة.
    عادة ما تُحكي رواية الحاج يعقوب عندما يحتدم النقاش حول الحواتي فينقسم الحضور الي مجموعات كل فريق يورد الاسانيد و البراهين لاثبات روايته، هناك من يعتقد أن الحواتي سَحَّار خرج من النهر، البعض يعتقد انه عبد تم تحريره ايام الانجليز ، و هناك من يعتقد انه مجرم او قاتل هارب قد تاب و قليل من الصيادين و المراكبية يعتقدون في صلاحه و لحقان يده و قدرته العجيبة علي اجتراح المعجزات ، هذا النفر القليل من المراكبية و الصيادين ينسحب من المجالس التي تخوض في سيرة الحواتي ربما لخوف ما او سرٍ آخر.
    من يعتقدون ان الحواتي سَحّار يحاولون اثبات ذلك بالقول ان الحواتي جاء الي هذا المكان سابحا في النهر او خارجا كما يخرج التمساح. و يقولون ان الحواتي يعرف كل لهجات من يجيئون الي المشرع من الباعة و المشترين و الصيادين ، لم تعجزه لغة قط. من يعتقدون انه عبد تم تحريره ايام الانجليز يؤكدون روايتهم بالقول لو كان له حسب او نسب لقاله و لو كان له اهل او ارحام لزاروه هنا في المشرع ، هو عبد لا اصل له و لا جذور. اولئك الذين يزعمون ان الحواتي مجرم او قاتل هارب وصل الي المشرع ليعمل بالحلال يستندون الي حكايات مثل حكاية ذلك الرجل الذي جاء الي المشرع ووصف رجلا ادرك الجميع انه الحواتي و قال للمراكبية ان هذا الرجل قد سرق ابقارنا و قتل ابن عمنا و نحن نريد ان نأخذ بثأرنا منه، هؤلاء لا يذكرون بقية القصة و مفادها ان الحواتي كان غائبا و عندما رجع نادي الناس علي الرجل الذي جاء سائلا و قالوا له هل هذا هو الرجل؟ فقال: لا .. باضطكراب خالطه الكثير من الخجل ثم انصرف الزائر تاركا وراءه الجميع باسئلتهم ، لم يسال الحواتي حتي عما كان يريده الرجل. الفريق الذي يعتقد ان الحواتي من الصالحين اهل الكرامات المعجزة يزعمون ان ( ايدو لاحقة) و يروون حكايات كثيرة مثل ايجاده للمسروق اذا سئل، و قوله لاحد الناس امشي البيت الليلة جابوا ليك بنية فيرجع ذلك الرجل و يعود غدا لتأكيد كلام الحواتي فيهنئه الناس بميلاد البنية، او قول الحواتي لمن في المشرع ودعوا صاحبكم فانه سيغيب و لن يعود فيتم ذلك و يغيب الموت رفيقهم.
    ابراهيم هو احد تلاميذ الحاج يعقوب، و هو فلاح من السروراب يعمل في الصيد و بناء المراكب علي حسب المواسم فهو لا يزرع الا اب سبعين او الفتريتة، ابراهيم قصير نسبيا ، ممتليء الجسم عيونه واسعة و ذكية، في خديه شلوخ تشبه حرف (تِي) الانجليزي، ابراهيم يقول" ان الحواتي يحب الطرب و المريسة و كنت ألتقيه احيانا في (الخدير) او( سيرو ) في الانادي و ايام اللعبات التي يحيها الصيع باغانيهم او الطنبارة بترديداتهم اللحنية ".
    و ما يحب ان يؤكده ابراهيم باستمرار ان الحواتي لا تغير المريسة ملامح وجهه او سلوكه و انه عندما يحضر حفلات الصيع يبتسم وجهه دون ان تبدوا اسنانه ، و يقول ان الحواتي ينصرف عن المكان قبل انتهاء الحفل دون ان ينتبه لانسحابه احد. كما يقول ابراهيم " أن الحاج يعقوب قال لي إن الحواتي قد قال له في احد المرات " ان طريقتك في بناء المراكب هي نفس طريقة (العنج) التي ورثوها عن المِرَيَس ".


    كنت لا احب الخوض في سيرته ، اتضايق عندما يتحدث الناس عنه بما ليس هو حقيقي ،لم اعترض يوما علي احد او اصححه ، ساقول الان كل ما اعرفه عن الحواتي.
    عملت أمي السرة بت التهامي في المشرع بائعة للطعام ، كنت اتي معها و كان الحواتي بالنسبة اليّ احد العاملين في المشرع صياداً كان ، ريس مركب، اوسطي ، تلميذ او بائع متجول او مشترٍ. كان عاديا بينهم لولا ملابسه، العراقي القصير و السروال الذي لا يصل الي منتصف الساق، ملابسه لا تبلي و لا يتغير لونها، كلاهما العراقي و السروال مصنوعان من قطن اغبش و سميك لا يشبه نسيج هذه الايام ، بهما درجة ثابتة من الاتساخ المعقول. يأتي لياكل بصمت. اثناء جلوسه للاكل، اجد فرصة لمعاينة ملامحه شاربه خفيف، و عيونه شديدة السواد و بياضها ناصع لا يشوبه اصفرار او حمرة، جسمه ذو سمت معتدل و متناسق، دقة ملامحه و جلاءها تعطي احساسا بالمجد ، دائما ما احس انه يخبيء شيئا عن الناس او كالذي لا يريد ان يفصح عما في داخله، ليس هو كما يبدو هو كانسان تملأه الاسرار و بفه غموض قاهر .
    انتهار الكبار لي بالقول (يا ولد ما تجيب موية) علمني ان اراقبهم وهم يأكلون و احمل الماء اليهم اذا خلصوا من الاكل لاصب الماء فيغسلوا ايديهم ، في ايام الحر ربما غسلوا وجوههم ناثرين الرذاذ في قدمي و ملابسي. في احد حوماتي علي الناس بابريق الماء وقفت امامه و انا غير مكترث لاي من الناس اصب الماء فيغسل فقال الحواتي :
    ( امك امراة صالحة لذلك تزوجها ابوك، كان يعلم انه سيموت و سيترككم صغاراً، يعلم انها ستقوم بكفالتكم و تربيتكم علي اكمل وجه، انت مثل ابيك!). رنت هذه الكلمات في اذني لدرجة انني اذكر انه حينما كان يتكلم لم اكن اسمع غير صوته. بعد كلماته غادر المكان و لم يستجب لنداء احد و لا الي معاكسة احد. في الايام التالية لهذه الحادثة اصبحت اراقبه باهتمام نتجية لاحساي بأنه يعرف عن ابي و امي ما لم يقله لي الآخرون هنا في المشرع.
    لم يكن من الامور المريحة لامي أن اتبادل الحديث مع من في المشرع لذلك تجبنت فكرة ان أساله عن ابي. كنت وقتها يافعا و كان عمري لا يتجاوز الاثنتي عشرة سنة.
    لا اتذكر الكثير عن حياة ابي و لكني اتذكر زحمة الناس و عويل النساء و الضجيج يوم وفاته، و اتذكر وجوه بعض الرجال هنا ممن جاءوا بجسد ابي محمولا علي ظهر" الكارو" التي يجرها حصان و اتذكر ان البكاء عليه كان قد ابتدأ قبل وصول جثمانه.
    كان ابي غليظ الصوت ، ضخماً يهتز جسده عند الضحك. لم يكن ينتهرني ، لا أحس بوجوده في البيت و عندما أدرك أنه بالبيت اتوقف عن الضجيج و اصبح هاديءً و اقلل من حركتي في الانحاء القريبة من غرفته، عادة ما ينادي علي عندما يصحو و بقول كيف كان يومك يا أسد؟ فاحكي لأبي ما لا يعحبني في يومي، يسمعني باهتمام ثم يقول احكي لي أولاً ما يعجبك! كنت دائما احكي له ما لا يعجبني ابتداءً. اشتقت إلي أبي و انا اتذكر تلك التفاصيل و عندما التفت كان الحواتي من استقبل بعينيه التفاتتي طارحا ابتسامة علي وجهه، هي ابتسامة من يعرف ما يدور بخواطرك.

    سألت أمي و نحن في طريق العودة إلي البيت و قلت" لها من ذلك الرجل الذي لا يتكلم كثيراَ و يلبس دائما العراقي الأغبش؟ ردت بهدوء : هو الحواتي! . و كنت اعرف انه الحواتي ! لكني اريد ان اعرف من هو؟ استقر الصمت بيننا إلي أن وصلنا إلي البيت.
    في اليوم التالي بعد انزال العدة و الطعام بينما كنت أنا ابحث عن أغراض عادة ما نتركها هنا في المشرع التفت و كان الحواتي هو من استقبل بعينيه التفاتتي بنفس الابتسامة ، ثم انصرف بعيدا. واصلت عملي و فعلت ما افعله كل يوم، عدلت موقع اللدايات، مسحت الدوكة التي يجلل صفو سطحها الاسود حمرة الحزف المفرهدة بفتور علي الحواف الصابرة، جلبت المنقد، ثم ذهبت بابريق النحاس الي النهر لجلب ماء الشاي و القهوة، رجعت لغسل الشرقرق و الاهتمام بامر ليفة الجبنة التي استمتع بنفض حترب البن الوديع عن خدودها الجميلة، كاسات القرع و الفناجين كانت مختبئة في القفة التي تغطيها خرقة . غاب الحواتي عن المشرع لم أصادفه بعدها لمدة طويلة.
    لا اعرف عن أبي إلا اسمه هو (مبارك الفاضلابي) و ذكريات اسكنتها في ذهني تفاصيل غير كافية لايام لا اعرف عددها بيني و بين ابي الذي غيبه الموت و انا بعد صغير.
    بعد كلام الحواتي عن أبي اشتدت بذهني الأسئلة أردت أن اعرف عن أبي أكثر مما قالته لي أمي عنه. و كنت أيضا أريد أن اعرف عن الحواتي لأنه الرجل الوحيد الذي قال لي شيئا عن أبي في هذا المكان و ليس عندي من اسأله غير امي. جدتي تقول عن أبي انه قد نزح بنا من الجيلي إلي هذا المكان بعد انقضاء المهدية و كانت لابيك مركبا في هذا المشرع، لم أجد من يقوم بأمره فبعته، لانك اعمامك عليهم رحمة الله كانوا فلاحين لا كبير شأن لهم بالمراكب. و تقول جدتي ان ابوك كان يقول" الحمد لله اننا لم نأت الي امدرمان الا بعد ذهاب الخليفة عبد الله عنها". عندما سألت امي عن الحواتي للمرة الثانية قالت: هو من حكي لي كيف مات ابوك. هو من اخبرني عن حادث الوفاة
    ثم قالت: " خرج ابوك مع جماعته من المشرع و كان ذلك ايام نزول البحر بعد الدميرة. ذهبوا لنقل الذرة من حجر العسل الي امدرمان. في السبلوقة يغطي الطمي الصخور البازرة فتبدو كاليابسة، كان الرجال ينقلون الذرة من احد المزارع علي ظهر المركب، انزلق ابوك بين فرجات الصخور، تلك الفتحات التي يغطيها الطين الجاف ، صعد به الماء فارتطم رأسه بالصخور و لم يستطع الرجال انقاذه لان النهر قد اخذه بعيدا و لم يدركوه الا جسدا ميتا و نازفاً، عادوا به الي امدرمان و جهزوه هنا في بيت عمك ابراهيم و دفناه في الخُدَير".
    بعد ايام عاد الحواتي، عاد بعدما ابتدأت امي بيع الطعام في صباح احد ايام الشتاء الذي تعصف بلحظاته زخات الغبار المعاودة بلا كلل، كان الحواتي كالخارج تواً من الحمام كانسان لا يلتصق الغبار بملابسه او بجسده. ذهبت لاسلم عليه، رد علي بكلمات لم اتبينها من انخفاض صوته ، وضع يده علي كتفي و مضي معي الي امي فحياها راداً علي اسئلتها بكلمات مثل .. الحمد لله .. بخير .. كيف الاولاد؟.
    أحسست انه لا يريد ان يتكلم كثيراً بالرغم من ملامح الرضي و السكينة التي خيمت عليه. امضي الحواتي بقية نهاره في نفس الهدوء غارقا في العمل.
    ضج بعد ذلك المكان بمقدم (كافي) الذي يأتي المشرع في نهاية اليوم ليبيع النيفة و الكوارع لاولئك الذين يحملون مؤونة ليلهم الي بيوتهم من الطعام اللازم لشرب العرقي.
    (كافي) يلبس ملابس افرنجية، رداء كاكي محزز بحزام جلدي غليظ، يعطي الرداء بالكاد ركبتيه و يلبس قميص كاكي بجيبين مستطيلين علي الصدر، واحد باليمين و الاخر باليسار كلاهما بغطاء مثلث في وسطه زرارة باربعة فتحات ، للقميص ياقة مكوية بعناية، يعتمر( كافي) قبعة من سعف النخيل تزينها ريشات سوداء ناعمة ، ينتعل حذاء جلدي بسيور جلدية غليظة و متخالفة، ليس بالحذاء ابزيم معدني وكعبه طبقات من الجلد من ذلك النوع المثبت بمسامير النقلة. الجميع في المشرع يلبسون العراقي و السروال و عند نهاية اليوم يبدلون ملابسهم و يعتمرون العمامات البيضاء عدا الحواتي الذي لا يغير ملابسه العراقي نفسه و نفس السروال من ذلك النسيج غير المعتاد.
    كان الحواتي اكثر من تكلم مع (كافي) بكلام النوبا لم افهم من كلامهم شيئاً لكنني ادركت أن بين الرجلين الكثير من الشؤون المشتركة، ضحك الحواتي و اسهب في الكلام و ضحك (كافي) كثيرا.
    في تلك الاثناء كانت امي مهتمة بتجميع اغراضها و غسلها، حزمت مالها في صرة مثلثة هي نهاية ثوبها المتلدية من كتفها ثم شرعنا في الرحيل، لم ارد ان امضي الي البيت باسئلتي عن الحواتي اردت ان اتلكم معه و اساله عن ابي، لكن الحواتي كان منشغلا مع (كافي).
    مشيت مع امي بصمت، كنا نسابق المساء حتي نصل الي البيت مباشرة عند المغيب، تذكرت ان غداً هو الجمعة فقلت لامي "غدا سأحضر الي المشرع و ساذهب الي سوق الجمعة في وسط البلد" استقبلت امي اقتراحي بفتور، هي لا تحب مثل هذه المغامرات، نظرت الي و قالت: مع من ستذهب؟
    فاجبتها قائلاً " وحدي...". صمتنا و كنت لا اسمع الا وقع خطواتنا علي الطريق.
    بالبيت اغتسل و اغير ملابسي و اجلس مع جدتي و قليل من ابناء الجيران ممن ياتون في المساء للاستماع الي جدتي عندما (تحجينا) و تختبرنا (بالغلوتيات) او للعشاء معنا ثم يذهبون.
    في ذلك المساء كنت أترقب الصباح حتي آتي الي المشرع و أجد زمنا لا سئلتي مع الحواتي ثم امضي الي سوق الجمعة، فكرت في أن اكلم امي بشأن الحمار حتي استطيع ادراك المشرع و السوق بلا تعب و بسرعة ، نمت نوما متقطعا، كنت اصحو للحظات محاولا تذكر الحلم الذي ايقظني . رايت نفسي في مكان مسور بحائط عالٍ مبني من الحجر الرملي الملون، قطع الحجر كبيرة، مقطوعة بعناية كمكعبات، يعلو الحائط بطول رجلين، الاحجار اعلي الباب مثبتة علي اعواد عنيدة كانها قطع من السنط او الحراز او جزوع دوم ، الباب الخشبي بضرفتين، كل ضرفة صف من اعواد دائرية محزومة بحبال و قطع حديدية، للباب مزلاج خشبي ( الكشر)، بداخل السور غرفتين من الحجر ابوابها و نوافذها خشبية مصنعة بنفس طريقة باب السور، رايت داخل الغرف دون ان ادخلها، الاسقف محمولة علي اعواد السنط، السقف نفسه نسيج من السعف كانه (برش) في وسط الغرفة ينتصب عمود حجري مزين برسومات دقيقة، يحمل وسط السقف فيمنع انبعاجه، ارض الغرفة مغطاة برمل ابيض، ليس فيهما اثاث كثير بأي من الغرفتين مقاعد كبيرة بحجم العنقريب، ليس فيها وسائد، هي كتل حجرية عليها قطع من قماش سميك ، تنتشر رسومات ملونة لوجوه ودودة و حيوانات منها النسر و التمساح و الكبش و الثيران و الاسودبعضها علي اجساد بشرية. الضوء المنسرب من الطاقات القريبة من السقف يتدفق علي الرسوم فينيرها بنور هاديء، رايته هناك جالساً بخشوع امام احد التماثيل، بنفس لباسه الذي اراه فيه هنا في المشرع، كان منجذبا نحو رسوماته باستقراق و خشوع، وجدت نفسي في بطن الغرفة و قد امتلأت انفي برائحة بخور اللبان ، القرض و اعشاب اخري زكية الرائحة لم اكن مشوشاً او خائفا، كنت مطمئنأ و هاديء البال، كان الجالس هناك هو الحواتي و المنحوت علي الصخر هو الحواتي نفسه. صحوت و قد غمر ضياء الصباح عيني بالنورو انتشر السكون و السلام في نفسي لدرجة انني احسست بفرح او ربما طرب، استرجعت الحلم فجأني كأنه حقيقة.
    تحركت فرحا من فراشي لانني قد استرجعت الحلم الذي ظللت الوانه صباحي النشيط، شربت شايا بالحليب و تذوقت لقيمات الجمعة و مسحت غباش الشتاء بزيت اللقيمات الدافيء.
    شددت الحمار و كربت السرج ثم تحركت، كان الحمار طيعا و كريما و مضي بي طاويا المسافة تحت خطواته النشطة التي رافقنها ضرطات الشبع في احيان قصيرة.
    ادركت المشرع في صباح الجمعة الكسول، قليل من الصناع يتمون مهاماً ضرورية لاكمال عمل لا ينتظر. كان الحواتي منتحيا في جانب المكان الاقرب الي ضفة النهر امامه الفأس و بيده القدوم يهم بمعالجة قطعة من خشب الحراز بعناية فائقة و تركيز شديد، استغراقه في العمل منعني من مقاطعته حتي بالسلام، التفت صوبي و قال: كيف اصبحت؟ كيف بت التهامي؟ رددت بالقول:" الحمد لله".
    عاد الي انشغاله بعد نظرة عميقة الي بطن النهر. ترك القدوم ثم وضع قطعة خشب الحراز بهدوء كانه يُودع طفلا في فراشه لينام بهدوء ثم قال " بينك و ابيك شبه كبير و فيك من بت التهامي الهدوء و العزم." سمعت منه هذه الكلمات و لم اعلق، ثم قلت" كيف كان ابي؟". قال الحواتي:
    "كان ابوك مثل أي من الرجال هنا، ما يأتي به الي المكان هو العمل، كان ايضا يختلف عنهم كما يختلفون عنه، لكل رجل هنا قصته و همومه، احببت فيه انصرافه لشئونه و تركه لما لا يعنيه. كنت اعلم بما يقولون عني و كنت اعلم كيف كان يرد عليهم عندما يتجاوز الكلام الحدود . كان ابوك مهتما بمعاش أولاده و ستر حالهم ، كان جسورا في مغالبة الصعاب و كان صابراً. موته هنا بالنسبة إلي يعني الكثير. جاء في صباح ذلك اليوم كما كان يجيء كل يوم. غادر المشرع في مركبه في الصباح ليعود اليه ميتا في منتصف النهار، جاءه ميتا، محمولا علي اكف و اكتاف رجال عملوا معه و عمل معهم ، عرفهم و عرفوه، صانعهم و صانعوه، جاء مشواره الاخير الي هذا المكان ماشيا علي اقدامهم. تَعَوَد ابوك علي مثل هذه الرحلات و سافر في النهر نحو الصعيد و نزل الي السافل، نقل الناس و تجارتهم، مالم يكن معتادا في ذلك اليوم هو جفاف سطح كتل الطمي العالقة بين فرجات الصخور، تلك الكتل بعد الدميرة تستوجب الحذر لان منظرها يشبه اليابسة و لا تعطي أي احساس باحتمال انخسافها تحت اقادم الرجال، يعتقد الجميع ان النهر قد تعود الغدر، هم مخطئون النهر يعطي بلا كلل و يغضب احيانا فيتضرر الناس."
    صمت الحواتي بعدها لزمن، ابتسم ثم قال" مشي ابوك معي الي المكان الذي رأيته اليوم، مشي معي و دخل بيت اهلي هناك" لم افهم ما يقصد و كنت قد نسيت امر الحلم الذي ايقظني صباح اليوم . فقلت له لم اري مكانا غير بيتنا و منظر الطريق من البيت الي مشرع ابروف. ابتسم الحواتي و قال" الم تجد رسما علي الجدران و لم تراني امامه و تخيلت ان الرسم علي الجدران هو لوجهي".
    انتفضت من هول المفاجأة و فزعت، بان الاضطراب و الفزع علي وجهي، و شممت رائحة انفاسي و هممت بالذهاب، لولا أن قال" لا تخف.. الامور ليست كما تبدو لك دائما".
    سمعت ذلك الكلام و بعد ان ادركت معني تلك العبارة زاد خوفي و اضطرابي، شرعت فعلا في المشي و المغادرة ، نسيت امر الحمار و مشيت ثم بخطو اثتر الغبار و دفع بالهواء بين ساقي. التفتت عندما ناداني و قال " ألن تأخذ معك الحمار؟" عدت ادراجي و ثائرة الغبار لم تهدأ، اسرجت الحمار باستعجال ، انهمكت في ربط السرج و تثبيت الرسن، علوت ظهر الحمار تم التفتت، لم يكن الحواتي بالمكان.. لم يكن له من اثر غير القدوم والفأس و قطعة خشب الحراز غير المخلقة .
    غادرت المشرع الي سوق الجمعة، كنت كلما خطا الحمار الي الامام التفت الي الوراء متمنيا ان المح الحواتي فاوقف الحمار، لكن ذلك لم يحدث و لم اتوقف عن التفات الي الوراء.
    لم انتبه طوال المشوار الي تفاصيل الدرب الي السوق، الحمار يعرف الي اين اذهب، هو يعرف خاطرتي و يعلم ما اريد، الحمار وحده اخذني الي فراندة دكان( العم سورج) في طرف السوق الشرقي حيث تستقر في الهواء رائحة بعر الحمير مختلطة بغبار التمباك و رائحة الاحذية الجلدية.
    لم ادرك ما يتم علي سبيل التحقق، مازلت في ازيز تلك اللحظات التي هزت كياني كما لم يحدث من قبل .. كيف للحواتي ان يعرف عن طائف زار منامي؟ كيف له ان يعرف عن حلم لم أحدِّثه عنه؟.
    وقف الحمار بالقرب من جرار الماء ، اكوام اب سبعين و ربطات البرسيم المفرودة كاحتمالات خضراء. نزلت عن الحمار و ربطت رسنه علي عارضة الفراندة الخشبية التي اصبحت ملساء كمعدن، ثار غبار خفيف حول قدمي التصق بالحذاء ، كان غبارا ناعما ذو لون بني مخضر مسكونا برائحة المكان. يقوم علي امر الدواب رجل قصير القامة و نشيط اكبر ما في وجهه هو فم مبتسم.
    لا يستلم الرجل سعرا محددا نظير الخدمة ، يقبل ما يعطي له مليم، تعريفة، قرش او فريني .
    تحركت صوب سوق النسوان، فكرت في امي و جدتي، تذكرتهما، احببت ان اشتري لهن ما يفرحهن، كانت البروش مفروشة بالوانها الفرحه ، القنقليس ، النبق و الدوم ، بينما افكر فيما يفرحهن وقف الي جواري ، جاءت معه رائحة ابي التي هي خليط من رائحة التبروقة، المسبحة، الفرش و المركوب و رائحة عراريق الدمور مختلطة بتعرقه زكي العطر. قال: لا تجفل، ستذهب هذه الاغراض الي البيت، ستعود قبل الغداء لكن يجب ان تمضي معي اللآن الي مكان زاره معي ابوك هو المكان الذي رأيته في منامك ليلة امس. غادرت مع الحواتي تهتف بنفسي الهواتف و تموج في خاطري المخاوف ، وقفنا عند مربط الحمار، مس الحواتي عنق الحمار، رفع الحمار اذنه بانتصاب مترقب ، تكلم الحواتي الينا معا الحمار و انا فهمت ان علينا الذهاب الآن، فانصرف المكان.
    من الحواتي يجيء الصوت كأنه يخرج من أذنيه لا من فمه و يقول:
    كانت امرأة ملكية الدماء و في جسدها يسكن الآلهة، كانت كمالا، جمالا، علوا و مجد. عندما مات أبوها تقبلت العزاء من زعماء العشائر، الأثرياء و الفرسان كما يستقبل الإله عباده يوم يحشرون. وجد الجميع في قربها جمال القرب من الكمال. اختارها كرام الناس مليكة لهم و قبل الكهنة الاختيار و فتحوا دروب الآلهة علي مجلسها فاستنارت زواياه بأنوارهم الباهرة، أمون ملأ المكان بأطيب ما عنده من هواء ونشر بالمكان حبيبات الندي المنيرة كبلورات و باركها و اسماها بنتي المستقيمة ذات الأصل النبيل و المجد الرفيع اسماها اماني شخيتي. اختارت الملكة لنفسها إلهة حارسة يحوم النسر حول رأسها فاردا جناح العز و الرهبة و العلو، اختارت آمسيمي إلهة و حارسة. الإلهة آمسيمي زوجة ابيدماك الإله الذي تقعي أمام جلال فحولته الإناث النبيلات، هي أحبت في الإلهة آمسِّيمي أنوثتها و عشقت عبر هذا الحب جلال الإله قدرا محتوما بشفرات السنان الحديدية، الإله ابيدماك الجبار الذي يجلب الموت للعدو و يحنو علي شعبه حنو الأمهات. تخذت اماني شيختو من العشاق من أرادت له المجد، لجمال جسده و فتوته التي لا تلين، فأنجبت اماني توري الملكة التي كلمها اله الأغيار و أرسل في طلبها الرسل. تعذبت اماني شيختو من الحمل و أرهقها و شغلها عن ملكها فلم ترد تكراره، فعمدت إلي الكهنة ليوقفوا خصوبتها حتى لا يعذبها الحمل و يشغلها عن ملكها، طفق الكهنة يعدون الأشربة و البخور و ينادون الآلهة ليفعلوا ففعلوا و ارتاحت الملكة من عناء الإنجاب و اكتفي الناس بأميرتهم اماني توري التي خلفتها كنداكة اختارها اله الاغيار حامية لرسالته التي اضطهد الرومان أتباعها. أحبت اماني توري نتكاماني و تزوجته.
    صمت الحواتي و نحن نقترب من (ود بانقا) حيث المدفن العظيم ، صمت و كنت اسمع خفيف الرمل المحمر بألوان الغروب تحت خطو الحواتي الخفيف، كان المدفن مهيبا كأنه ينبت في الرمل كشجرة خالدة. قلت للحواتي كيف كان حال الناس تحت حكمها؟ توقف و نظر إلي كأنه يراني لأول مرة، سرت ارتعاده خوف و برد في جسدي المترقب، زفر الحواتي زفرات متعددة و هادئة و قال:
    كان أهل الشرق يزرعون في البطانة العيش لأكلهم و عليقة قطعانهم بالمطر ، أهل الغرب يزرعون عيشهم بنفس طريقة أهل الشرق، ضحك الحواتي و قال " شايف جري الجمال في السرابات و التيراب يشخب من خرم الجراب منغرسا في التقانت" الرجال يتبعون الجمال يدفنون التواريب لان المطر لا ينتظر، من أراد الظفر بالمسور الكريم عليه العمل بجد. في أيام السنة الأخرى ينصب اهتمامهم بالقطعان و رعايتها، الملكة لا تأخذ الإتاوات، الناس يدفعون قدر ما يريدون للكهنة في المعبد قرابين للالهة فتحفظم من غائلة الدهر و جور الزمان، أهل الصعيد ينشطون في صيد الفيل،التيتل، الفهد ، الغزلان، الزراف و النعام. يقومون بصيد الفيل بالحبال حتى يجلب إلي مروي حيث يروضه الفرسان فيكون فيلا مقاتلا، من يمت من الأفيال ينزعون عن العاج فيبعونه، لحم الفيل و جلده يذهبان للمعبد، في المدن و القرى تجد الصناع و أهل الحرف يجهزون أواني الفخار، الأوعية المعدنية ، الحلي، الأثاث، البناءون من أهل الحجر أو القش و الحطب يسكنون حول المعابد لان بيت الإنسان فيه يكون الرب. الملكة و أهلها و كرام الناس يتاجرون مع بلدان الاغيار و لا يحتاجون لمال الناس، يعطون الناس من فائض تجارتهم إذا جاءت الحاجة بالناس إلي عتبات الدور و القصور. سألته.إلي من تأخذني الآن ؟ قال "إلي صاحبة البَنِّية، إلي من تسكن ذلك المدفن المهيب، إلي زوجتي و حبيبة جسدي و روحي سيدة الأزمان و ربة المكان الملكة أمّاني شخيتي."
    و قال الحواتي هي تهتم بجسدها و تزينه و تلبسه أحسن الأثواب و الحلي لان جسدها قد اختارته الآلهة مدخرا لسر الملك و مجد الآلهة، كانت تزيل الشعر عن جسدها بشمع عسل النحل مصهورا مع الصمغ، و لها شفرات زجاجية ملونة لإزالة الشعر العنيد، تستحم بالماء الدافي الذي يضاف اليه عصير اوراق السدر و تدهن جسمها بخليط من زيت الزيتون و عصارة الكافور، تعطر ابطيها بخليط المسك و الصندل المطحون، تغمرك العطور و أنت بجوارها كأنك في قلب زهرة جبلية تباهي بأريجها الفواح كل عطور العالم، تجمل جسدها بالحلي العظيمة كان لها عقد يشبه الدرع، فيه أصداف، لؤلؤ، أحجار كريمة، منظمومة بسلك ذهبي يغطي هذه الكردان الملكي صدرا نافرا ، عامرا بالحب و النعومة، تبلس أسورة و حجولا من ذهب مطهم باليواقيت ذوات الألوان الهادئة ، اثوابها من نسيج الكتان الناعم باللونين الازرق و الاصفر خفيفة و ناعمة ترتاح علي جسدها الذي تحبه خيوط ملابسها، شعر رأسها ممشط تعلوه غلالة من دهن معطر لا تراها و لا تحسها عند اللمس ، دهنا لا يزعج اناقة و دلال شعرها فاحم السواد. كانت عندما تأتي إلي الفراش، أكون في انتظارها، يتراقص ظلها مع ضوء الفتيلة التي يتضوع عنها العطر، كنت اعاين جسدها بجماله المكتمل فتشتد بي الاربة حتي تنتهرني، فانتظر بفحولة فاقدة للصبر، انتظر دفء جسدها المهيب الذي يكلله العطر،المجد و الجلال. و يقول الحواتي سألتها انا فارس من جند المملكة ما الذي يعجبك فيّ فتقول " انا احب في الرجال جمال اجسادهم و ملامحهم و اتساقها، و اشتهي فيهم رجولة لا تلين فتنكسر، رجولة تنتظر اشباعي حتي يسيل للهاثها داخلي بالفيض المحبب الدفاق، فتنطلق خيول شهواتي الجامحة الي منتهي الطريق نحو ذاتي الراغبة، و احب فيك مرافقتك للملك العظيم بعانخي سيد الارض الاله.
    كان الملك العظيم بعانخي إذا أراد مخاطبة الجيش نظر إلي الأرض أمامه و عندما يبدأ في إرسال تلك النظرات يبتعد قادة الجند و المرافقين عنه ، يكون فضاء جول الملك ، قادة الجند و المرافقين يولونه ظهورهم و لا يلتفتون الا عندما يبدأ بالكلام ، أثناء التفاتهم تلك تكون الأرض قد تحدبت و علت شامخة تحت أقدامه بذلك يكون الملك مرئيا لآخر جندي في الجيش ، كل الجيش يراه الآن عاليا أمامهم، فيجلس المشاة و ينزل الراكبون علي صهوات الخيول و ظهور الجمال فيخاطبهم الملك. في ذلك اليوم قال الملك للجند " علينا الذهاب إلي ضفة النهر الأخرى لنودع الجبل المقدس، جبل الإله و نطلب من ساكنه الخفي العلي نطلب منه مباركتنا و نصرتنا في غزونا هذا " ثم قال الملك العظيم بعانخي " سيكون لي ابناً و سيقوم هذا الابن ببناء معبد لإلهنا في جوف الجبل و سيزين هذا الابن واجهة المعبد بصورة للإله و سيكون مجدا علي كل المكان الذي سينظر الإله إليه بعيونه الحانية الحافظة ". ثم قال الحواتي: سمعت ذلك الحديث، ذهبت مع الجند الي ضفة النهر الاخري ، وفقت مع رفاقي جوار الجبل ، حمل كل واحد منا حصاة من حواليّ الجبل و ربط طرف ردائه عليها، صلينا للإله ليحفظنا. و قال الحواتي : لم اكتف بذلك فاخترت مكانا يسهل منه الصعود إلي قمة جبل الإله و صعدت كانت تدفعني إلي ذلك الفعل قوة جبارة دفعتني إلي ذلك العلو الشاهق، كانت تهتف في داخلي الهواتف بالقول:
    ستحوز مجدا
    لن يكون لغيرك
    صعدت إلي قمة الجبل التي تشبه سطحاً مستوياً، هناك بين صخرتين كانت في انتظاري ، هي بذاتها نبتة خضراء لم تر عيني خضرة كخضرتها ، لم تشم انفي أريجا كفواح عطرها ، لم أحس نداوة كالتي وجدت و أنا بجوارها ، طالعتني أفْرُعِها السبع بعيونها الحانية فتدفق الضوء و الألق حواليّ حتى بهرتني الأنوار و أصاب الطشاش عينيّ من فرط النور و الإضاءة ، عندما زالت تلك الغشاوة عن عيني تحسست سيفي فتحول عندما لمسته الي سيف من ذهب فتحسست رأس رمحي فتحول إلي رأس مصقول و حاد من ذهب و كذلك السهام تحولت رؤوسها إلي سنان من ذهب. مشيت بعد ذلك نازلا لأدرك الجيش الذي انصرف عن المكان متجها إلي الشمال ، عندما لامست قدمي ارض السفح المباركة بجلال الإله انتقل جسدي إلي حيث أريد برفقة مجموعتي بين الجند، حل السرور في داخلي و امتلأت نفسي بالحكمة و الجمال و أصبحت أري بعيني هاتين كل كنز مخبوء في حجر، رمل، شجر ، حيوان أو بشر أصبحت أري الكنوز المخبوءة في الناس و الأشياء جلية من غير تغبيش ، تطلعت إلي الملك فرأيت جلال الانتصار في داخله و عزة الملك في أثوابه و نور الإله في قلبه. في مسيرة الجيش لم أكن أحس بالتعب و لا أحس بتبدل الأحوال و في مساء ذلك اليوم هتف في داخلي هاتف بالقول :
    لن تموت إلا عندما تريد ذلك !
    ستكون حياً هكذا إلي نهاية الزمان !
    بعد هذا الهاتف أصبحت أري "الخفي" إلهنا سيد الأرض و السماء ، كنت أراه في الماء، في الهواء و في السماء، كنت أراه ينشئ رأس الكبش علي جسده فتكون لشعبه القوة في سواعد محاربيه و الخصوبة في نسائه و رجاله، كنت أراه ينشئ علي الحية الجبارة رأس الأسد فتكون لشعبه حكمة الحيات و قوة الأسد ، كنت أري الخفي في جسدي و كنت أحسه في نفسي.))



    طه جعفر
                  

04-28-2011, 09:24 PM

طه جعفر
<aطه جعفر
تاريخ التسجيل: 09-14-2009
مجموع المشاركات: 7328

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هَدْم (Re: طه جعفر)

    هكذا
    تنصرف الامور الي منتهاها المر في اغلب الاحول
    هكذا

    طه جعفر
                  

04-28-2011, 10:01 PM

دينا خالد
<aدينا خالد
تاريخ التسجيل: 06-26-2006
مجموع المشاركات: 8736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هَدْم (Re: طه جعفر)

    Quote: أكيج في عقدها الثالث هادئة الملامح و صابرة، تخرج للكنيسة بالتوب السوداني ملتفا علي جسدها. ابنها كور صغير أنجبته في هذا المكان، تعلم المشي و الكلام في هذه البقعة التي بنتها حوائط الجيران و أيادي الفقر و الحرمان. عندما بلغ كور الرابعة من العمر كان طفلا نشطا يلعب في فضاء البيت و علي الطريق الترابي إلي الجنوب منه، يكون كور نائما عندما يأتي زوار المساء الذين يبحثون عن العرقي و هم جمع من أناس قليلي الحيلة ما يطلبونه عند أكيج هو العرقي، يكون شراؤهم مستعجلا و خائفا من مداهمة الشرطة، اكيج تتضايق من ذلك النوع من المتبطلين الذين يطلبون كرسيا و طاولة للجلوس و شرب حصتهم بالمكان و تتضايق أكثر من طلاب هذه الخدمة نهارا لكنها لا ترفض لأنها تحتاج إلي المال. كور يحس بمشاعر أمه و يعرفها فهو لا يحب هذه الزيارات غير المرغوب فيها، مرة رآها تحفر حفرة صغيرة لتدفن فيها كريستالات العرقي فسألها لماذا تحفرين يا أمي فردت عليه بابتسامة قائلة لأجلب لك لعباً من تحت الأرض! ظل كور منتظرا و لا يخرج الا التراب و لا يزداد إلا عمق الحفرة، أرسلته لإحضار ماء من الجركانة داخل الغرفة فذهب، تناولت اكيج من سقف البيت بقايا لعبة مكسرة وجدها الصغار و هم يجمعون زجاجات الماء و المشروبات البلاستيكية من أكوام الزبالة لتعبئتها بالعرقي ، رجع كور ليجد اللعبة في يد أمه ففرح كثيرا و انصرف ليلعب بها . أكملت اكيج مهمتها مخفية كريستالات العرقي في بطن الحفرة وتمنت أن تبيعهن جميعا في هذا المساء دون مداهمة من الشرطة.

    صور تقطع انياط القلب يا جعفر ..
                  

04-29-2011, 12:00 PM

طه جعفر
<aطه جعفر
تاريخ التسجيل: 09-14-2009
مجموع المشاركات: 7328

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هَدْم (Re: دينا خالد)

    شكرا جزيلا
    الاستاذة دينا خالد
    شكرا جزيلا علي القراءة و التعليق.


    طه جعفر
                  

04-28-2011, 10:21 PM

دينا خالد
<aدينا خالد
تاريخ التسجيل: 06-26-2006
مجموع المشاركات: 8736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هَدْم (Re: طه جعفر)

    وجد كور شبها شديد بين السماء و سقف بيتهم المهدوم عدا أن للسماء شمسا بالنهار و قمرا بالليل و ليس في سقف بيته المهدوم ضوء. فعلا قضت أمه فترة الحبس بسجن النساء في امدرمان، بناتها يعرفن أنها قد جُلِدت و طُلِبت منها غرامة مالية هي لا تستطيع دفعها و بالتالي يتوجب عليها قضاء فترة إضافية في الحبس. الحبس في سجن النساء تكفل بجراح الجلد البدنية لكنها عمق جراحه النفسية باهظة العذاب. خلال غيابها استبدلن العشة بأخرى أسوأ منها، لم يتوقف بيع العرقي، أشرفت عليه بناتها، الرجل الذي يجلب المقدار من العرقي الذي يتم تقسيمه في الكريستالات لم يتوقف، استمر البيع لان قليلي الحيلة من الشاربين ما زالوا يرغبون في الشرب و حاجة اكيج للمال لن تنتهي

    الفقر يا جعفر يساوى بين قيمة الانسان وبين التراب الذى
    يطأ عليه هؤلاء الاوباش ..
    ثقافه تافـــهه تفقدك الاحساس بالاخر الاسود .. ولا ترى فى عذاباته
    سوى منظر عادى .. لا يتوقف باضعف الايمان عنده ، احد ..
    ياربى ى ى ى ى
    يا له من بؤس يفقدك طعم الحياة ونكهتها رائحتها ومذاقاها ..
    يا له من قهر واذلال لا يورث غير الحقد والبغضاء ويدق اسفين
    الفراق بين شعب واحد ..











    ـــــــــــ
    ليتنا شاركنا كور وامه همومهم.. ليتنا احسسنا بشقاءهم
    عذرا ال كور فان موعدكم وطنا امنا .. يحنو عليكم ويضمد جراحاتكم
    هل نحن قادرون الان على الاعتذار بكل شجاعة ؟
    على الاعتراف بالخطأ وبالجهل وبالصلف ؟
    على الحقيقة والمصالحة ؟
    ام ترانا سنجبن مرة اخرى يااااااا جعفراه ..!!!

                  

04-29-2011, 12:09 PM

طه جعفر
<aطه جعفر
تاريخ التسجيل: 09-14-2009
مجموع المشاركات: 7328

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هَدْم (Re: دينا خالد)

    Quote: ليتنا شاركنا كور وامه همومهم.. ليتنا احسسنا بشقاءهم
    عذرا ال كور فان موعدكم وطنا امنا .. يحنو عليكم ويضمد جراحاتكم
    هل نحن قادرون الان على الاعتذار بكل شجاعة ؟
    على الاعتراف بالخطأ وبالجهل وبالصلف ؟
    على الحقيقة والمصالحة ؟
    ام ترانا سنجبن مرة اخرى يااااااا جعفراه ..!!!
    شكر جزيلا و مكرر
    استاذة دينا خالد
    شكرا


    Quote: الفقر يا جعفر يساوى بين قيمة الانسان وبين التراب الذى
    يطأ عليه هؤلاء الاوباش ..
    ثقافه تافـــهه تفقدك الاحساس بالاخر الاسود .. ولا ترى فى عذاباته
    سوى منظر عادى .. لا يتوقف باضعف الايمان عنده ، احد ..
    ياربى ى ى ى ى
    يا له من بؤس يفقدك طعم الحياة ونكهتها رائحتها ومذاقاها ..
    يا له من قهر واذلال لا يورث غير الحقد والبغضاء ويدق اسفين
    الفراق بين شعب واحد ..


    لقد افقدنا الارادة ففقدنا فرصة التعايش السلمي في وطن ديمقراطي متطور و نامي يسع بناته و ابناءه باختلاف ثقافاتهم و دياناتهم و لغاتهم، افقدنا فشل النخب السياسة ارادة التغيير و البناء قتلت الحرب و استبداد الحكام (علي شاكلة النظام الحالي) فينا الاحساس بغني هذا التنوع حينما اوقعت الثقافة جميعها في حبائل الاستقطاب الدموي علي اساس الدين و الثقافة.
    يجب ان يظل الامل باقيا حتي نهب اولادنا حلما إن لم نستطع ان نهبهم و طنا يليق بهم


    طه جعفر
                  

04-28-2011, 09:35 PM

أمين محمد سليمان
<aأمين محمد سليمان
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 8437

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هَدْم (Re: طه جعفر)

    لا حول ولا قوة إلا بالله ... يا زول إنت بتجيب الكتابه دي من وين ؟
    و بدون مجامله - و مافي سبب ليها أصلا - النصين الفي البوست ده من أجود و امتع ما قريت من زمن بعيد !!
    يا طه ياخي : سلم الله هذا القلم المغموس في مداد من الفراديس








    -----
    ايميلي [email protected]
    -----
    ياخي ده يوم سعيد جدا
                  

04-29-2011, 04:50 AM

محمد الفاتح خالد حسون
<aمحمد الفاتح خالد حسون
تاريخ التسجيل: 03-12-2008
مجموع المشاركات: 591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هَدْم (Re: أمين محمد سليمان)

    استاذ طه جعفر

    مالك .. مالك بتكرش في الجراح تاني ... تقول ما كنا نائمين في الحسكنيت

    حراً تدفق كما تشاء .... لنكون - نحن - ملك لسلطان يراعك ... يسلم لي زمن طشا ...

    وفضلنا مع الحٌزن يابا ....

    دموع الحسرة جوا العين لقت في العين عقاب قَشة

    نسايل في فرح مهزوم *** متين .. حا تفرهد الخرطوم ؟ *** متين اورامنا تتفشا

    متين يا زول حنين بكاي *** رزاز الدمعة لو نقط علي خديك *** تكفكف دمعتك بي إيديكـ *** تولع شمعة في الممشى

    فاوقد ما شيت فينا من الشموع حيثما امتد الظلام هنالكـ معركة لم تحسم بعد

    هـاك الايميل
    [email protected]

    محمد الفاتح خالد

                  

04-29-2011, 12:16 PM

طه جعفر
<aطه جعفر
تاريخ التسجيل: 09-14-2009
مجموع المشاركات: 7328

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هَدْم (Re: محمد الفاتح خالد حسون)

    الاستاذ محمد الفاتح خالد حسون
    شكرا علي التعليق الجميل
    سارسل اليكم عبر البريد الالكتروني رسائلا

    طه جعفر الخليفة
                  

04-29-2011, 12:13 PM

طه جعفر
<aطه جعفر
تاريخ التسجيل: 09-14-2009
مجموع المشاركات: 7328

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هَدْم (Re: أمين محمد سليمان)

    الاستاذ أمين محمد سليمان
    شكرا علي التعليق المشجع الجميل
    ساوافيكم برسائل عبر البريد الالكتروني


    طه جعفر
                  

04-29-2011, 10:06 PM

محمد أبوالعزائم أبوالريش
<aمحمد أبوالعزائم أبوالريش
تاريخ التسجيل: 08-30-2006
مجموع المشاركات: 14617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هَدْم (Re: طه جعفر)

    ما لقيت كلام أقولو ...

    مافي كلام أصلاً يتقال .....

    شكراً طه جعفر.

    شكراً على الكلام الطاعم ... رغم المرارة الفيهو
                  

04-29-2011, 10:54 PM

فاروق عثمان
<aفاروق عثمان
تاريخ التسجيل: 10-22-2010
مجموع المشاركات: 2017

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هَدْم (Re: محمد أبوالعزائم أبوالريش)

    استاذ طه جعفر
    للامانه
    أكون سعيد لدرجة المتعه حين اطالع كتاباتك
    ومن الجيد لنا انك اتجهت للكتابه الادبيه الواعيه بقضايا واقعنا المرير والمشرحه لاشكالاته
    فانت من خلال اسقاطك للسياسي والاجتماعي في فعلك الروائي تهبش عصب ألمنا الحي
    اكثر مما تكتب في السياسي المجرد والذي للاسف اصبح مرتعا للهتر في هذا المنبر
    ممتن انا وسعيد بان اتحت لنا قلمك الجالد لذواتنا المشوهه والاستعلائيه
    شكرا استاذنا طه جعفر
                  

04-30-2011, 04:24 AM

طه جعفر
<aطه جعفر
تاريخ التسجيل: 09-14-2009
مجموع المشاركات: 7328

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هَدْم (Re: فاروق عثمان)

    الاستاذ فاروق عثمان
    شكرا
    كلامك جميل
    و يبدو ان السياسة ام دق اصبح لها منطقها الغريب هنا


    طه جعفر
                  

04-30-2011, 04:22 AM

طه جعفر
<aطه جعفر
تاريخ التسجيل: 09-14-2009
مجموع المشاركات: 7328

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هَدْم (Re: محمد أبوالعزائم أبوالريش)

    شكر جزيل
    للاستاذ محمد ابو العزايم ابو الريش
    شكر علي الكلمات الرقيقة

    طه جعفر
                  

04-30-2011, 05:47 AM

فاروق عثمان
<aفاروق عثمان
تاريخ التسجيل: 10-22-2010
مجموع المشاركات: 2017

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هَدْم (Re: طه جعفر)

    وتستمر
    عشان الناس تقرأ
                  

04-30-2011, 09:20 PM

طه جعفر
<aطه جعفر
تاريخ التسجيل: 09-14-2009
مجموع المشاركات: 7328

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هَدْم (Re: فاروق عثمان)

    أحسست أن تشويشا وقع بايراد اجزاء من رواية (الحواتي ) ربما تعيدنا
    مكوايج يحب ميري
    الي أجواء (كور) المنتهبة بتسلط المحيط الاجمالي





    المكان يشبه كومة من الجالوص تم تشكيلها بعجل لتأوي نزوحهم، حوائط قصيرة سّنَن المطر أعلاها فبدت كنصال قديمة ، تلتصق علي أسطح الحيطان أعوادٌ صغيرة، أجزاءُ من أوراق أعلاف أب سبعين استعصي هضمها علي بطون الأبقار ، حبيبات ذرة عنيدة جميعها تلتصق بإهمال علي الحوائط،، تكفي كشطة ظفر واحدة لإزالة قدر غير قليل من تراب السطح الجاف و الهش . بيوت الطين التي تجدد مظهرها و تزيد مقاومتها للمطر مسحات الزبالة برائحتها غير المحببة كرائحة الدواء. حوْل الكرتون ينتشر الرمل و الغبار من كل جانب. عند هطول الأمطار تتحول الحفر التي تُخَلِفها إطارات البصات الكبيرة إلي مسابح من الماء المختلط بالطين. لا يجد الصغار بدا من التمتع بهذا الماء ال###### سابحين.
    المدخل إلي الحي هو محطة 2 في الطريق إلي سوق 6 علي الشارع الرملي الذي ينفث الغبار الكثيف مهددا جهد النساء الدءوب في التزين. فقط هي الأرقام لتدل علي الأماكن كأن السلطات أرادت تسهيل مهمة الكشات و أعمال الهدم ، أليس هو الكرتون؟. (انجلينا) ولدته في هذا المكان بمساعدة قابلة تدربت مع الخواجيات بمستشفي الراهبات.
    كانت (انجلينا) تشتغل بدوام يومي كعاملة نظافة بمدرسة الراهبات الكاثوليك إلي الشرق من وزارة الخارجية، تغادر صباحا بيتها علي صوته يخرج من الراديو في امدرمان يتوعد أهلها بالموت و كل من حالفهم من الشماليين بالموت و خراب البيوت بلغة غليظة عصية علي الفهم ، تعود و نفس الكلام يتردد من راديو البص المزدحم ، النباح من الراديو خلق إيقاعا لخروجها و عودتها، إيقاع مسموع يرافقه الغضب لان سائقي البصات يصرون علي تشغيل الراديو في تلك الايام التي أنهكها الترقب. كانت تنزل عند قيادة المنطقة العسكرية الوسطي في باكر صباحات الخرطوم علي شارع المك نمر لتمشي إلي مدرسة الراهبات و تعود بعد نهاية العمل علي نفس الطريق مشيا و في انفها خليط من رائحة التراب و الطباشير لتغالب حر الطريق ، رماده ، سجم عودام السيارات و بقية الأبنية الأنيقة. ليست في ذاكرتها في هذا المشوار من الابتسامات إلا مشاكسات السيدات( بيانكا)، (فلومينا) و (كامليا) بألبستهن البيضاء التي يعلوها (تابارد) رمادي مكويُ كأقمصة الجند و علي رؤوسهن ربطات الرأس المميزة للراهبات في خدمة الكنيسة الكاثوليكية. و تحيات المدرسات المملوءة بالحنين.

    انجلينا في منتصف العقد الثالث عيونها وادعة إتخذ سوادهما حدودا صارمة من بياض العينيين الرائق المضياف. وجهها بلونه الأبنوسي الغني الذي لم ينجح الشقاء و لا الكرتون في سرقة نورته المشرقة. في مشوارها بين مدرسة الراهبات و المكان المجاور لقيادة المنطقة العسكرية الوسطي كانت تمر كأجمل امرأة حامل ، يعود ذلك الجمال لاتساق الحمل بانتفاخ بطنه مع تفاصيل جسدها المشدود كشجرة دليب باذخة. (انجلينا ) فارعة الطول و بهيجة الملامح.
    جاءها المخاض ذات مساء فهرعت الجارات يستدعين القابلة. هكذا ولد مكوايج بين خالاته و عماته من نساء الجيران فتيً خرطوميا من أطراف المدينة. أبوه من قبيلة الدينكا ، اسمه قلواك انشغل في حروب الجنوب مع جيش المركز فتبددت حياته الأسرية لتنزح( انجلينا) زوجته ببناتهما الي الخرطوم برفقة أهلها. هكذا ولد مكوايج في غياب والده.
    انفراج هموم الحمل و يسر الولادة لم يعكر صفوهما عند (انجلينا) الا غياب زوجها في دروب الحرب و انقطاع أخباره. كانت تحس وحشة في المكان لغيابه الطويل و البعيد.
    نشأ مكوايج علي أطراف الحاج يوسف الشرقية في كرتون كسلا ، حوله الفقر و الحرمان من كل جانب. منظر البصات الكبيرة بخطوطها العريضة الزرقاء الفاتحة و البيضاء. هو المنظر المديني الوحيد الذي لامس براءة نظراته .
    الغبار، عفونة مياه الأمطار في فصل الخريف، حر الصيف اللاهب، برد الشتاء بكتاحاته المعاودة التي لا تفتر، كارو الحمار لنقل الماء برميلين ملتصقين، الأزيار، جركانات الماء. يباع الماء بالجوز جركانتين لثمن واحد ، بائع الماء و حماره يتبدلان و الازيار هي الازيار و كذلك البراميل. في الشارع و هو زقاق ضيق بين حوائط جالوص، زقاق متعرج كارو الحمار (الطبلية) و ما يجره من ناس او اغراض ، إنتصابات أعضاء الحمير متدلية و كبيرة و ما تجلبه من ضحكات الأطفال الأشقياء، يضحكون اكثر عندما يجر الحمار عضوه الي اعلي ليلتصق ببطنه و ينزله مهتزا بحزم. حوارات الأطفال عن مغامراتهم في بحري و الخرطوم كانت اشد ما يخيف في هذه الأزقة الضيقة التي لا تسع كل هذا العدد من الصغار الذين سُرٍق مستقبلهم و بدد العذاب أحلام آبائهم.
    عملت (انجلينا) جاهدة حتي يكمل مكوايج تعليمه، الكرتون و تعاساته ، الكشات ، ضجيج السكاري و الشجارات التي يخرج في أولها السلاح و أحيانا قبل ان تبديء، كل هذه الأمور لم تلن لها قناة في إصرارها علي إكمال مكوايج لتعليمه . دفعت به إلي اقرب مدرسة في مربعات الحاج يوسف،المكان خطر و لا يحتمل إرساله الي مدرسة اخري. قلقت عليه و خافت من إغراءات الصغار الآخرين من أولاد الكرتون الذين لا يفوتون فرصة لركوب البص الي الخرطوم او الي بحري، ليعودوا بقطع الموز التالف ثم يختلقون الحكاوي عن عوالم بحري و الخرطوم الوردية بمغامراتها الكبيرة في أعين الصغار. كانت( انجلينا) تسمع أحاديثهم و تخاف أكثر . كلفت (انجلينا) أختها لترافقه الي المدرسة رائحا و غادٍ. أكمل مدرسة الأساس و انتقلت به البصات إلي أماكن بعيدة ليكمل الثانوي ، ازداد خوفها عليه. تغير شكل المكان حول الكرتون و لم يتغير شيء في واقع الخدمات البؤس في مكانه لا يبارح و لا يغيب حمار كارو الماء و كارو المواصلات . عندما كان صغيرا يسأله الأطفال عن بيتهم فيقول "انهنا بيتنا في الكرتون" يضحكون و مكوايج لا يعرف السبب وراء الضحك. يمضي بيومه المدرسي، كل ما عرفه مكوايج إن الامتحانات سهلة و هو يستطيع انجازها بنجاح باهر و يتنقل من عام إلي عام كطالب متفوق. خافت (انجلينا) علي ضمير ابنها الديني عندما جاءها يوما لتسمع منه آيات القرآن التي حفظها فهي ضرورية لامتحان الغد ، أخذته إلي جارهم من المساليت فأنجز لها الواجب و طمأنها بالقول" معرفته بالإسلام لن تغير شيئاً من واقع الحال " . تحدثت (انجلينا) لاحد زميلاتها بالمدرسة عن قصة سورة القرآن فقالت لها" ربما إذا ذهبت إلي مدير المدرسة لتقولي لهم إن مكوايج مسيحي سيرفتونه"
    خافت فلم تذهب معه إلي المدرسة، فأكمل مكوايج مدرسته مغالبا كل الهموم من الطلاب و المدرسين دون أن يزور احد أقربائه المدرسة. معرفته للغة العربية جعلته مفيدا جدا لأهل الكرتون فكان يقرأ لهم أوامر سلطات الإسكان بالهدم و الإزالة ، ربما يتحاور مع المسئولين إذا وقفت اللغة حاجزا بين أهل الكرتون و السلطات. كان جميع من في كرتون كسلا يعلمون أن الهدم هو ليس الحل فيَتَحزّمون لمقاومة قرارات الهدم و الإزالة لما يعرف عند السلطات البلدية ، الإسكان ، المحلية، المحافظة ، الولاية و السلطة الحاكمة بالسكن العشوائي. تعلم مكوايج اللغة العربية جعله يعرف لماذا يسمي المكان كرتون كسلا ربما يكون ذلك لأنه يقع في نهاية شارع كسلا.
    أكمل مكوايج المرحلة الثانوية بنجاح باهر، أنوار هذا النجاح ملأت عيون أمه بالدمع، تلك العيون الجميلة التي عذبها خليط الغبار و الطباشير. التحق مكوايج بالجامعة و أكملها ثم تخرج فيها محاميا.

    ميري من فتيات دينكا ،تسكن في احد البيوت غير المكتملة إلي جوار مقابر بري اللاماب أمها زميلة أمه و صديقتها. مكوايج يلتقي بها في كل المناسبات و المواسم، أحيانا يمضي مع أمه إلي زيارة بيت ميري التي اكملت المرحلة الثانوية بمدرسة الراهبات. و أزهر الشباب في محاياها كبدرٍ خجول تغازله الغيوم فيبزغ في المساء مائة مرة.


    مكوايج الآن يتدرب في احد المكاتب بالخرطوم مع احد المحامين الكبار، تطاولت عليه النهارات و المشاوير بين المحاكم بلحظات فراغ ممتدة منتظرا الإجراءات او المواصلات وحيدا في مشاويره يغالب مدينة لاتنهزم شرورها. يتذكر في تلك اللحظات بالأسئلة لماذا لم يرتبط بعلاقة صداقة حميمة مع احد الشماليين ممن التقي بهم في المدارس او الجامعة؟
    لماذا لم يرتبط بعلاقة حب مع احد الفتيات الشماليات.؟
    الأمور في ذهن مكوايج واضحة ليس فيها لبس او شكوك الحرب هي الحرب، الاستعلاء هو الاستعلاء ، التهميش هو التهميش ، حائط اللغة و العرق هو نفسه. الأمور واضحة جدا في ذهن مكوايج و كل الالتباسات لن تعجز تفكيره و لن تمتحن ذكاءه الوقاد. تذكر مكوايج ان زملاء دراسته من الشماليين لم يكونوا سييء الطباع ، لم يبادروه يوما بأي تعابير او ممارسات عنصرية و لا حتى حادث عرضي، لا يوجد في ذاكرته شيء من هذا القبيل ، كانوا فقط لا يهتمون، لا يهتمون بقصته أو قصة أمه التي تملأه بالفخر أو قصة أبيه الذي غيبته الحروب و هو لا يعرف عنه شيئا لانقطاع اخباره و لا يعرف حتى ملامحه إلا ما يجده في وجه الأعمام و العشيرة. أليست هذه أمور كبيرة و مهمة جدا؟ كفاح أمه لكفالته مع أخواته و همها ليكمل تعليمه و خروج أبيه محاربا في شأن عام أليست أموراً تسترعي الاهتمام ؟؟ لكنهم لا يهتمون كانوا لا يهتمون! كان مجرد جنوبي أمامهم هو فقط واحد جنوبي. لا تتم زيارته عند الأفراح و المآتم أو المناسبات الأخرى ، لم يزره احد زملائه أبدا لم يدخل زملاء دراسته بيتهم أبدا !!. فقط كانوا لا يهتمون تقف الأمور معهم في حدود السلام و الأسئلة المكرورة و المجاملات السمجة . كل حواراته التي يضحك فيها بعمق او يحزن خلالها بأسي كانت تتم في المسافة بين حوش كمبوني و موقف الحاج يوسف فقط في ذلك المكان أو إلي ميدان ابو جنزير برفقة إما اهله أو أقرباء جاءت بهم هجرات النزوح من أولاد و بنات الجنوب.
    هكذا اعتصر الألم قلبه جراء عدم الاهتمام . هب مكوايج وافقا و قال بصوت عال ليسمعه فراغ المكان الي جواره "أنا أحب ميري ، هي ستكون فتاتي التي سأبث إليها أحزاني و هي الفتاة التي سأفرح معها إلي آخر الزمان
    "

    أه

    كنت قد ارسلتها الي عدد من الصحف فلم يتم نشرها فنشرتها هنا في المنبر
    و كان أن صححني فيها زملاء المنبر فاثبت تصويباتهم فيما يتعلق بثقافة السودانيين من الجنوب


    طه جعفر

    (عدل بواسطة طه جعفر on 04-30-2011, 09:35 PM)

                  

04-30-2011, 09:46 PM

طه جعفر
<aطه جعفر
تاريخ التسجيل: 09-14-2009
مجموع المشاركات: 7328

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هَدْم (Re: طه جعفر)

    و تستمر
                  

05-01-2011, 08:52 AM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هَدْم (Re: طه جعفر)

    لا تنفك تناكفني
    (هدم)
    رغم أنها لم تهدم عجزي
    في تركيب عبارات مستحقة
    لتبلغك إعجابي
    بما ناولت

    أتمنى أن أعبر كثيراً من هنا
    وألقى كل يوم لك مثل هذا


    تحياتي ومحبتي واحترامي وامتناني
                  

05-01-2011, 08:01 PM

طه جعفر
<aطه جعفر
تاريخ التسجيل: 09-14-2009
مجموع المشاركات: 7328

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هَدْم (Re: بله محمد الفاضل)

    Quote: لا تنفك تناكفني
    (هدم)
    رغم أنها لم تهدم عجزي
    في تركيب عبارات مستحقة
    لتبلغك إعجابي
    بما ناولت

    أتمنى أن أعبر كثيراً من هنا
    وألقى كل يوم لك مثل هذا


    تحياتي ومحبتي واحترامي وامتناني


    استاذ بله محمد الفاضل
    شكرا

    أخجل هذا الكلام الرقيق حالي الرقيق في الكتابة
    و لست سوي مصور بائس لواقع حزين، انا انقل صورا تعذبكم ربما قبلي لحسن تدبركم للامور
    انا اتعذب بهاو امعانا في البؤس لا افعل سوي الكتابة عنها
    هذه قصص و حكاوي الاصدقاء و الجيران و زملاء العمل من ابناء الجنوب في خرطوم ادريس
    رغم الحزن الناتج صراحة عن الانفصال لكنني كنت معهم و اتفهم رغبتهم في الانفصال
    لقد كانت الثقافة التي اليها انتمي و لقد كان العرق الذي اليه انتمي و لقد كان الدين الذي اليه انتمي كانوا جميعا عونا مجرما علي عذابهم، تهميشهم، قهرهم ، قتلهم و طردهم في النهاية
    يملؤني الخجل
    و يلطخ وجه تاريخ الوطن



    طه جعفر
                  

05-02-2011, 10:13 PM

طه جعفر
<aطه جعفر
تاريخ التسجيل: 09-14-2009
مجموع المشاركات: 7328

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هَدْم (Re: طه جعفر)

    و تستمر
                  

05-03-2011, 06:00 AM

حامد بدوي بشير
<aحامد بدوي بشير
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 3669

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هَدْم (Re: طه جعفر)

    الصديق طه جعفر،

    أخيرا أشتعلت فيك شمعة التواصل فأخذت تشعل فينا بروق الإندهاش.

    هل عثرت على المعادلة؟ أنت قمين بذلك.

    هل تبدت لك الفروق بين النظر إلى الذات بحسرة من الخارج وتحسسها باليد والقلب عن قرب؟

    أرى الحياة تشتعل في جذورك.

    هذا طبيعي، وحدث معي.

    أتذكر روايتي الأولى، "مدينة النهر الميتة". حسنا، لقد ظللت أحاول كتابتها على مدى عشر سنوات في الغربة ولم استطع أن أكمل الفصل الأول. وحين عدت للبلاد عام 1994، كتبتها خلال عام واحد.

    هذه هي المعادلة يا صديقي. أنت الآن على الدرب الصحيح، تسير حافيا وتستمتع بتشقق قدميك.

    هذا هو الإبداع.

    واصل وننتظر منك الكثير.

    فقط أتمنى أن تعدل عن التفكير في الهجرة الكبرى ....... حرام.
                  

05-03-2011, 09:00 PM

طه جعفر
<aطه جعفر
تاريخ التسجيل: 09-14-2009
مجموع المشاركات: 7328

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هَدْم (Re: حامد بدوي بشير)

    Quote: الصديق طه جعفر،

    أخيرا أشتعلت فيك شمعة التواصل فأخذت تشعل فينا بروق الإندهاش.

    هل عثرت على المعادلة؟ أنت قمين بذلك.

    هل تبدت لك الفروق بين النظر إلى الذات بحسرة من الخارج وتحسسها باليد والقلب عن قرب؟

    أرى الحياة تشتعل في جذورك.

    هذا طبيعي، وحدث معي.

    أتذكر روايتي الأولى، "مدينة النهر الميتة". حسنا، لقد ظللت أحاول كتابتها على مدى عشر سنوات في الغربة ولم استطع أن أكمل الفصل الأول. وحين عدت للبلاد عام 1994، كتبتها خلال عام واحد.

    هذه هي المعادلة يا صديقي. أنت الآن على الدرب الصحيح، تسير حافيا وتستمتع بتشقق قدميك.

    هذا هو الإبداع.

    واصل وننتظر منك الكثير.



    شكرا حامد بدوي
    الف شكر
    معا نحو كتابة جديدة


    طه جعفر
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de