|
Re: موضوعان.. تأليف الراحل دكتور مكي سيد أحمد.. دعوة للقراءة (Re: Azhari Nurelhuda)
|
2) الدراسة:
إذا كانت الموهبة تمثل الأساس وتمثل في نفس الوقت الوعي الإعتيادي فإن الدراسة تشكل أيضا أساسا من نوع آخر يعتمد على وعي من نوع آخر أيضا وأعني به الوعي المنظم. على الوعي المنظم بإعتباره حصيلة المعارف المكتسبة عن طريق الدراسة النظرية والتطبيقية تقع مهمة صقل الموهبة أو بمعنى آخر الإنتقال بها من مرحلة ممارسة الى مرحلة ممارسة أخرى تختلف عنها نوعيا ولكن على الوعي المنظم أن يكتشف قبل ذلك وفي الوقت المناسب الوجهة التي تتخذها موهبة هذا الشخص أو ذاك فهنالك على سبيل المثال لا الحصر المجالات التالية:ـ • التأليف • العزف • الغناء • قيادة الأوركسترا • قيادة الكورال • التدريس • تأريخ الموسيقى • النقد
البحث (وخاصة في مجال الفلكلور الموسيقي)
علما بأن الموهبة قد يتوفر لها أكثر من مجال ولكن الطريف والمثير في الأمر أنه كما يصدف ويعجز الموهوب عن إظهار موهبته فقد تعجز المؤسسة التعليمية نفسها في تحديد المجال المناسب لهذه الموهبة او تلك من المواهب التي تم إكتشافها وهذا الأمر ينسحب على الموهوب الذي تمكن من الكشف عن موهبته. ليس لدي بكل أسف حل جاهز لهذه المعضلة سوى الدعوة الى المرونة مع التدقيق والتركيز حتى يتم بصورة سليمة قدر المستطاع تحديد مجال الدراسة في الوقت المناسب لما فيه مصلحة الطالب والمؤسسة التعليمية والمجتمع. إذا كان صقل الموهبة يحتاج أولا إلى وجود الموهبة نفسها ويحتاج ثانيا الى وجود من يصقلها أي هيئة التدريس فلابد وكشئ طبيعي من وجود ما يراد توصيله اي ما إتفق على تسميته بالمقرارت الدراسية كما أنه لكي توصل المقرارات بصورة جيدة فلابد أن تكون هي نفسها جيدة وأن تتولى أمرها تخطيطا وتنفيذا هيئة تدريس مؤهلة ولابد بجانب ذلك ولتحقيق ذلك من توفر المناخ الجيد من كل جوانبه. لنفرض أن كل الشروط اللازمة لمزاولة العملية التعليمية بصورة جيدة قد توفرت بالقدر المطلوب فما هو المقصود بالتحديد أو بالتقريب بما درجنا على ترديده من عبارات مثل (لابد من الدراسة لصقل الموهبة) و (الموهبة بلا دراسة قصيرة العمر) و (موهوب ولكن تنقصه الدراسة) إلخ.... ولكن قبل الرد على السؤال المطروح أود القول بأنه إذا ما ألقينا نظرة فاحصة وأمينة إلى معطيات فن الغناء والموسيقى في محيط غير الدارسين موسيقيا (بل وحتى الدراسين دراسة عادية بإستثناء قلة نادرة) لوجدنا أن إبداعات كرومة والكاشف وخليل فرح، خاصة على المستوى اللحني والذي يعبر أكثر من غيره عن فن الموسيقى كما ذكرت، تفوق عموما إبداعات الدراسين. وإزاء موقف كهذا ولأغراض أخرى تنطلق غالبيتها أساسا من موقع العداء للدراسة ولكن بصورة تعتقد أنها ذكية تنطلق عبارات مثل (العلم يفسد الموهبة) أو (الموسيقى أو الفن عموما لا يحتاج لدراسة) أو (مسكين حولته الدراسة إلى مجرد أكاديمي) أو (غالبية خريجي قسم الموسيقى بمعهد الموسيقى والمسرح يغنون ويعزفون فقط على صفحات الجرائد) إلخ .. إزاء ما تقدم يمكن القول وبموضوعية تامة أن الأفكار التي تدعو لصقل الموهبة عن طريق الدراسة وجيهة كما يمكن القول بأن الأفكار التي تدعو إلى الإكتفاء بالموهبة تبدو وجيهة ولكن أيهما أفضل وأصح والإنسان يتوق عادة للأفضل والأصح. ثم إذا كانت كفة الصراع ترجح لصالح دعاة الإكتفاء بالموهبة فلماذا إذا ظهر إلى حيز الوجود معهد الموسيقى والمسرح؟ وهل الآن قوة ما ومهما كانت حجتها تستطيع أن تلغى وجوده؟
| |
|
|
|
|
|
|
|