|
جدلية من سيحكم وكيف سيحكم .. هل الثورة لازالة النظام أم لإرساء نظام
|
يظل السؤال الملح القابع في مؤخرة عقول الشعوب المغيبة هو (من سيحكم؟؟) دون محاولة فك شفرة (كيف سيحكم؟؟) والكيفية ليس المقصود بها هنا الممارسة السياسية اليومية أو البرنامج الانتخابي لمن سيحكم ومدى التزام هذا الطرف أو ذاك بتنفيذ برنامجه
الولايات المتحدة كمثال، يُحكم الحاكم فيها بموجهات عامة وسياسة مدروسة، سواء كان الحاكم جمهوري أو ديمقراطي تظل الخطوط الرئيسية مرسومة بدقة، لكن الاختلاف يكمن في تفاصيل يعطي النظام للشعب الحق في اختيارها .. أما الخطوط الرئيسية فقد تم تأسيسها بواسطة نخبة اعتبرهم الشعب تاريخيا القادة الحقيقيين للأمة الأمريكية (الآباء المؤسسين) ومجدهم باعتبارهم بناة الدولة الأمريكية الحالية .. لم يكن القصد هنا اعتبار الولايات المتحدة نموذجا يحتذى به، بقدر ما هو توضيح لماهية سؤال (كيف سيحكم؟؟)
صناعة هذا النظام في الولايات المتحدة -كنموذج لا كقدوة- احتاج عقودا من الزمان وعدة تعديلات، كانت بالتأكيد يتم تمريرها أو اقرارها عبر وسائل ديمقراطية، فأخذ الدستور الأمريكي بتعديلاته ما يقارب المائة وخمسين سنة ليخرج بشكله الحالي الذي عدل لآخر مرة في خمسينيات القرن المنصرم، لمنح المزيد من الحريات للمواطنين ضد تغول السلطة، خلال هذه العقود الخمسة عشر تمكن فلاسفة ومقننو الدستور سواء كانوا متفقين مع أجزاءه أو مختلفين، تمكنوا من إيصال أصواتهم للمواطن، وحيث أنه لم تكن هناك ولائات دينية أو جهوية أو قبلية، بحكم النظام الأساسي، لم يكن هناك أي تأثير عاطفي، فكانت الخيارات متروكة للمواطنين بحسب ما اقتنعوا به .. ثم أن حرص النظام السياسي على تمكين كل طرف من إيصال صوته دون نقص أو اقصاء، ضمن أن تكون التعديلات بنيت على رغبة الشعب. بني كل ذلك على أن للشعب السلطة المطلقة فبدأ الدستور الأمريكي بعبارة (نحن شعب الولايات المتحدة، من أجل تشكيل اتحاد أكثر كمالا ، وإقامة العدل ، وضمان الاستقرار الداخلي، وتوفير سبل الدفاع المشترك، وتعزيز الرفاه العام، وتأمين نعم الحرية لأنفسنا وأجيالنا القادمة، نرسي و نضع هذا الدستور للولايات المتحدة الأمريكية.)
طبعا استمد الآباء المؤسسون نواة هذا الدستور من العقد الاجتماعي لهوبز ومن رأي جون لوك في وظيفة الدولة تجاه المواطن والتي قال أنها تتمثل في صيانة حريته وثروته وأمن على حق الشعب في تغيير حكومته كما أن روسو الذي ظل يؤكد على قيمة الفرد والأجيال القادمة إضافة إلى مساهمته في العقد الاجتماعي أيضا كان له دور بارز في في وضع نواة هذا الدستور (رغم اشتراكيته) إضافة إلى أفكار العديد من الفلاسفة والمفكرين والسياسيين الآخرين، ساهم ذلك في وضع اللبنة الأساسية للنظام السياسي الأمريكي القائم على قبول الشعب بالعقد السياسي على أساس منطقيته (لا تلائمه مع عواطف الشعب) إضافة لتمشايه مع مصالحه الذاتية والمشتركة.
سنظل نحن نقبع في المؤخرة ما دمنا نتصارع حول (من سيحكم؟؟) متجاهلين أهم قواعد الدولة (العقد الاجتماعي) .. فدولتنا التي بنيت على عجل (تحرير تحرير لا تعمير) نسي أباؤها المؤسسون أن يرسموا هدفا لوضعها، فكان إنشاء الدولة هو الهدف والغاية، نشأت الدولة، دون أهداف سوى مجموعة من الشعارات التي لم يفلح المؤسسون في ترجمة مضامينها على شكل أسس مبنية على توالي منطقي لا لأحداث بل توالي منطقي لمفاهيم وقناعات ...فكانت دولة مشوهة متخبطة، يثب على عرشها كل بضعة أحيان شخص أو أشخاص يريدون أن يرسموا أهدافهم الخاصة ومفاهيمهم كمفاهيم وأهداف لهذه الدولة، فتسقط أهدافهم لأنها لم تقم على أساس عقد اجتماعي يرتضيه الشعب.
التحية والتجلة والحب للأزهري ومبارك زروق وأحمد خير المحامي ومحجوب محمد أحمد وقبلهم عبيد حاج الأمين وعبدالفضيل الماظ وعلي عبداللطيف وعشرات الآباء المؤسسين في عليائهم
لكنني بكل أسف، أقول لهم .. أخطأتم
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: جدلية من سيحكم وكيف سيحكم .. هل الثورة لازالة النظام أم لإرساء نظام (Re: Hani Abuelgasim)
|
Quote: التحية والتجلة والحب للأزهري ومبارك زروق وأحمد خير المحامي ومحجوب محمد أحمد وقبلهم عبيد حاج الأمين وعبدالفضيل الماظ وعلي عبداللطيف وعشرات الآباء المؤسسين في عليائهم! لكنني بكل أسف، أقول لهم .. أخطأتم! |
بيد أنّهم حقّقوا الكثير، لما نقيسهم بمقاييس واقعهم، وشروط الإبداع والعطاء فيه! من يستحقّ اللوم حقيقة، هو الجيل التالي، الّذي لم يستطع أن يواصل السير في ذات المضمار! ولكن ثمة استثناءات قليلة، ويخطر لي منها خاصّة محمد أبو القاسم حاج حمد، في كتابه (المأزق التاريخي) حيث شرع في أول دراسة علمية لتركيبتنا الوطنية.... تسعى لتأسيس وجودنا الحضاريّ! الأخ هاني السلام عليكم وشكراً جزيلاً! نحن بحاجة ماسّة لهذا الخطاب الوطني الواعي!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: جدلية من سيحكم وكيف سيحكم .. هل الثورة لازالة النظام أم لإرساء نظام (Re: Hani Abuelgasim)
|
أخي الفاضل هاني .. تحية عطرة .. وصباح الخير ومساء الخير ...
لن أكذب عليك ؛ فإنني لم أقراً ما كتبت ، ولا ما كتب المتداخلون ، ولكنني أود أن تسمح لي بمداخلة سريعة إرتكازاً على عنوان البوست ، وإعدك بأنني سوف أجد الوقت لأقرأ كل مل كتب ...
إنني لا أرى أن هنالك جدل بين من سيحكم وكيف سيحكم ، عندما نؤسس لدولة ومجتمع ديمقراطي .... فأصل المسألة في السياسة الناضجة هي : كيف تحكم الدولة ؟
أما الإستفهام عن ؛ هل الثورة لإزالة النظام أم إرساء نظام ؟
فإجابتي بإختصار : الإثنان معاً ، فالثورة تنتطلق لإزالة نظام قديم وإرساء نظام جديد وحديث .... !
تحياتي وتقديري .. وأرجو أن لا أكون قد قللت من شأن البوست .. وأنا على وعدي بقراءة كل ما كتب بتأني وتركيز ...
كل الود
أبوفواز
| |
|
|
|
|
|
|
Re: جدلية من سيحكم وكيف سيحكم .. هل الثورة لازالة النظام أم لإرساء نظام (Re: Hani Abuelgasim)
|
Quote: السؤال المهم الآن إذا اتفقت معي فيما سبق، هو من أين يجب أن نبدأ لننهي ما بدأه ذلك الجيل صحيحا ثم انحرف عن مساره، مستصحبين كل التغييرات في الفكر العالمي والممارسة السياسية الداخلية والخارجية .. |
مرحباً أخي هاني، حقيقةً أتفق معك تماماً، خاصّة وجيل الآباء المؤسسين، كان أكثر وعياً وثقافةً من الأجيال التالية، بيد أنّهم لم يصمدوا طويلاً في مواجهة المد التقليدي، وQuote: استعجلوا البناء الظاهري (للدولة) على البناء الحقيقي (للأمة) السودانية |
فعلاً هذه العبارة في نظري تلخّص أزمة الحركة الوطنية السودانية، والتي نلمس بعض مظاهرها الآن، سواء في جانب الحكومة، أو في جانب المعارضة. تمنيت لو أنّ عندي فراغاً، يُتيح لي العكوف مجدداً على كتاب محمد أبو القاسم، ذي الأهمية الفائقة، خاصةً في واقعنا الراهن، حيث تواجه تركيبتنا الاجتماعية أخطر المهددات! وعموماً، نقد الآباء المؤسسين نقد ضروري، وهو في الحقيقة نقدٌ لنا، نقد للشخصية السودانية، كما تتمثل فينا جميعاً، بمكوّناتها الأساسيّة، ولذا فإنه بإذن الله نقد إيجابي! يُرجى أن يُعيننا على تجاوز دوائر الفشل والخيبة، فنستجيش كلّ ما نملك من غنى وتنوّع، لنحقق به الانتصار على أنفسنا أولاً! عموماً، هذا الموضوع مهم جداً، وأرجو أن تهوي إليه أفئدة الناس في هذا المنبر! معليش نسيت سؤالك الهام: سأعود بإذن الله!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: جدلية من سيحكم وكيف سيحكم .. هل الثورة لازالة النظام أم لإرساء نظام (Re: Hani Abuelgasim)
|
أ. صلاح، في انتظارك ... :) أ. صديق، أيضا في انتظارك
Quote: أما الإستفهام عن ؛ هل الثورة لإزالة النظام أم إرساء نظام ؟
فإجابتي بإختصار : الإثنان معاً ، فالثورة تنتطلق لإزالة نظام قديم وإرساء نظام جديد وحديث .... ! |
لن أستعجل نقاشك قبل أن تتفضل بقراءة ما كتب، لكن دعني أقول أن إرساء نظام (جديد وحديث) في هذا الوقت الذي ما زال فيه ((سليل آل بربون)) يسعى لإصلاح سطحي على قشرة البنية السياسية (للدولة) السودانية (وهذا فقط نموذج للتخبط السياسي الذي يموج فيه قادة هذه الأيام)، يعد ضربا من البروبونية والدوران في حلقة مفرغة
لدي قناعة كبيرة أن ثورة قادمة في الطريق وأنها أيضا ستضع نظاما جديدا وحديثا، لكنه سرعان ما سيتهاوى إذا ما ...... ((تفضل بقراءة المقال))
| |
|
|
|
|
|
|
Re: جدلية من سيحكم وكيف سيحكم .. هل الثورة لازالة النظام أم لإرساء نظام (Re: Hani Abuelgasim)
|
الأخ هاني.. موضوع تنويري جيد ومطلوب .. ولكن الآباء في حقيقة الأمر لم ينشؤا دولة .. بل سودنوا دولة انشأهاالمستعمر.. ولعل قطاع واسع من المثقفين والساسة انتبه لهذا الخلل .. فاطلقوا دعواتهم بضرورة قيام مؤتمر جامع أو مؤتمر دستوري .. يُمثل فيه كافة قطاعات الشعب السوداني .. ليتم الاتفاق فيه على: 1/الشكل الذي يرتضونه لدولتهم / اتحادية / فردية مركزية / كنفدراليه.. 2/المبادئ العليا الرئيسة التى يجب أن يؤسس عليها دستورهم.. 3/ النظام السياسي الذي يرتضونه/ جمهورية رئاسية / برلمانية.. والآلية التي يرتضونها ديموقراطية تعددية/ ديموقراطية شمولية.. ويمكن قبل انعقاد المؤتمر تكليف تيم من العلماء والخبراء.. يقدمون للمؤتمرين سلبيات وايجابيات كل فقرة من فقرات كل بند من البنود المذكورة.. ليأتي قرار المؤتمرين على معرفة وبينة بايحابيات وسلبيات خياراتهم.. كما يمكن ان يقدم تيم آخر من العلماء خلاصة دراستهم لأفضل نظام حكم محلي وإقليمي .. يتناسب مع تركيبتنا الاجتماعية والجغرافية .. ويتسق مع سبل كسبنا للعيش .. ويضع في الاعتبار مقدراتنا الاقتصادية وبيئتنا السودانية.. ليتبنى المؤتمرون أفضلها.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: جدلية من سيحكم وكيف سيحكم .. هل الثورة لازالة النظام أم لإرساء نظام (Re: محمد على طه الملك)
|
Quote: ليتم الاتفاق فيه على: 1/الشكل الذي يرتضونه لدولتهم / اتحادية / فردية مركزية / كنفدراليه.. 2/المبادئ العليا الرئيسة التى يجب أن يؤسس عليها دستورهم.. 3/ النظام السياسي الذي يرتضونه/ جمهورية رئاسية / برلمانية.. والآلية التي يرتضونها ديموقراطية تعددية/ ديموقراطية شمولية.. ويمكن قبل انعقاد المؤتمر تكليف تيم من العلماء والخبراء.. يقدمون للمؤتمرين سلبيات وايجابيات كل فقرة من فقرات كل بند من البنود المذكورة.. ليأتي قرار المؤتمرين على معرفة وبينة بايحابيات وسلبيات خياراتهم.. كما يمكن ان يقدم تيم آخر من العلماء خلاصة دراستهم لأفضل نظام حكم محلي وإقليمي .. يتناسب مع تركيبتنا الاجتماعية والجغرافية .. ويتسق مع سبل كسبنا للعيش .. ويضع في الاعتبار مقدراتنا الاقتصادية وبيئتنا السودانية.. ليتبنى المؤتمرون أفضلها. |
هذه هي الثورة التي يجب أن تندلع في البلد لا ثورة تزيح نظاما عقيما لتنجب أعقم منه
| |
|
|
|
|
|
|
Re: جدلية من سيحكم وكيف سيحكم .. هل الثورة لازالة النظام أم لإرساء نظام (Re: Hani Abuelgasim)
|
أخي الفاضل هاني ... أرجو أن تسامحني على الإنقطاع ... وإنني أعتذر لك بشدة عن غيابي من هذا البوست الهام ... وحقيقة لقد إنشغلت بصورة لا يمكن أن تتصورها ، فأنا منهمك في جبهات كثيرة ، منها السياسي ومنها الثقافي ومنها المهني ... ,آخرها الأسري الخاص ... !! على كل حال لك ... ولكل الأعزاء المشاركين العتبى حتى ترضون ... وما زلت عند وعدي ... وحأجيك برواقة إنشاء الله ...
أسعد الله مساءكم بكل خير ،،،،،
| |
|
|
|
|
|
|
|